للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
العيش السعيد في حدود اليوم ...
+ اليوم هو الوقت المتاح لنا للأمل والعمل والتوفيق والنجاح، أن أمس قد مضى ولن نستطيع أن نرجع عقارب الساعة الي الوراء، وغدا لم ياتي بعد ولا نملكه. لكن اليوم هو اليوم الذي نملكه نصلي ونعمل وننجح فيه. ونقدم الشكر لله عليه ولا نضيع ساعاته منا ثم نتحسر عليها. فيا ليتنا نجعل من كل يوم في حياتنا يوم مثالي. نقتدى فيه بالقديسين ونعمل على أستخدام الوقت الأستخدام الأمثل ونقوم فيه بأداء أعمالنا وضبط حواسنا وأفكارنا وعواطفنا. ونقول مع النبي مترنمين {هذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه} (مز 24:118). إننا نملك اليوم ونستطيع أن نعمل فيه وان نقدسه، فإذا عشنا اليوم كما يليق، فإن ذلك يضمن لنا تقديس العمر كله. حياتنا عبارة عن أيام وإن كانت لا تنفصل عن بعضها لكن تتكامل معاً في جعل حياتنا بالشكل الذي نريده. فقدس حاضرك ليكون مستقبلك أفضل وأبديتك سعيدة.
+ اعطي الله يومك هذا وأعلم أن هذا الوقت هو المتاح لك للحياة السعيدة التي تستطيع فيها أن ترضى الله وتحقق ذاتك وتسعد من حولك . نحن لا نعلم ما سيأتي به الغد ولكن نثق في الله الذي يدبر حياتنا حسب إرادة الصالحة والذى قاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل والذى وعد أنه سيكون معنا كل الأيام والى انقضاء الدهر، فلا تحلم بجنة الغد وتضيع اللحظات التي تقدر أن تستمتع فيها بأزهار اليوم. أن تفرح بلقمة هنية وصحبة وعلاقات طيبة مع الغير و بكلمات التشجيع والتقدير لمن حولك وبعمل صالح تقوم به ومن مجموع من تقوم به من أعمال موفقة اليوم تقدس يومك وتنعم براحة الضمير وبنوم هادئ به تستطيع أن تقوم لغد أفضل. وكما أن للحياة نفسها هدف اسمى، فإن لها أيضا أهداف مرحلية، ومع مراعاة الهدف الاسمى فى جميع المراحل، فإننا يجب أن نحيا كل مرحلة بحاضرها في توفيق وسعادة ، نَستَمتِع بالدراسة فى الوقت الذى تعتبر الدراسة فيه هدفاً مرحلياً فى حياتنا، وذلك دون أن نحزن ونكتئب ونحن ندرِس أملاً فى راحة ننتظرها بعد الدراسة. أي في مرحلة العمل، وهكذا يجب أن نفرح ونُسَرّ ونستمتِع ونحن في العمل أو الخدمة أو في الأسرة والمجتمع وفي جميع نواحي الحياة المختلفة.
الحياة ما بين الماضي والمستقبل ....
+ إن الماضي قد مضى ولن يعود فلا نقلق أو نكتئب من أجل اللبن المسكوب والذى لا يمكن جمعه مرة أخرى ولكن علينا أن نستخلص منه العبر والدروس المفيدة ونتخلص من الشعور بالذنب أو الحزن علي أخطاء الماضي بالتوبة والرجوع الي الله { فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب }(أع 3 : 19). فالله يأمر جميع الناس بالتوبة وبرحمته يتغاضى عن أزمنة الجهل { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل (أع 17 : 30).
+ الله يدعونا لعدم القلق من أجل الغد { فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره }(مت 6 : 34). وأفضل الطرق للأعداد للغد الأفضل هو القيام بواجبات اليوم كما يليق وكما علمنا الرب في الصلاة { خبزنا كفافنا أعطنا اليوم} (مت 6 : 11). نصلي أن يسدد الله احتياجاتنا في الوقت الحالي يومنا الحاضر ولا نتذمر على خبز الأمس السيئ أو نخشى من الشتاء القادم والله يهتم بنا ويدبر حياتنا حسناً وعلينا أن نثق في عناية الله الفائقة بنا لكي لا نقلق أو تضطرب من أجل الغد بالتأمل في طيور السماء وزنابق الحقل وكيف يعتني بها الله ونحن بلا شك أهم منها لدى الله { لذلك اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون وبما تشربون ولا لاجسادكم بما تلبسون اليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس. انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها. ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة. ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان. فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فإن هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره} ( مت 25:6-34).
ملكوت السماوات داخلنا...
+ أن مذاقه الحياة في ملكوت السماوات هي داخل المؤمن التي يستطيع أن يحياها في علاقته الطيبة بالله وبنفسه والناس كما قال الرب يسوع المسيح { ولما سأله الفريسيون متى ياتي ملكوت الله اجابهم و قال لا يأتي ملكوت الله بمراقبة. ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم.} (لو 20:18-19). الحياة الأبدية التى نرجوها، ونحيا هنا مستعدين لها ومتشوقين إليها، ليست حياة مستقبلية بعيدة فحسب، وإنما هى حياة نحياها هنا، فإنها حاضر ملموس ومستقبل أكيد. كما قال القديس بولس الرسول { لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس} (رو 14 : 17). ومن يحيا حياة البر والتقوى ويعيش في سلام مع الله والناس يحيا في فرح وسلام و يعاين ملكوت الله داخله ويكون الله مركز حياته ليحل المسيح بالإيمان في قلبه وكما قال أحد الأباء " ليس من اللائق فى شىء، أن نقضى الوقت فى كآبة وحزن، وأرق، فهل نكتئب اليوم فى انتظار الخير غدا؟! كلا، فاليوم أجمل وأفضل.. والذي لا يستطيع الاستمتاع باليوم، قد لا يستطيع الإستمتاع بالغد، فإن روعة الحياة وجمالها وإبداعها، يكمن في الساعات القليلة التي نحياها الآن، فإن ضاعت، فقد ضاع العمر كله".
فلليوم ولكل يوم قدم خدماتك لمن يحتاجها بدون النظر الي المقابل. واترك أثر طيب في من يقابلك ليكون أفضل حالا. وانمو في معرفة الله ومحبته واستثمر وزناتك واربح بها. لليوم أعمل على أن تهتم بجسدك وعقلك وروحك وعائلتك كوزنات معطاة لك من الله. وفى اخر اليوم قيم يومك بناء على ما زرعته من خير ومحبه لله والغير وعمل الخير، واعمل لكي يكون يومك مقدساً وستصبح حياتك مقدسة وسعيدة في الرب وتحيا مذاقة الملكوت وحياة الدهر الآتي منذ الآن.
صلاة من أجل تقديس الحياة ...
+ أيها الرب إلهنا القادر علي كل شئ والذى جبل الإنسان على غير فساد ووهبنا كل ما هو ضروري للحياة والتقوى وعلمنا طرق الخلاص، نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر أن تنعم علينا بغفران خطايانا وتهبنا حكمة ونعمة وقوة لنسلك كما يحق لأناس الله القديسين في تقوى وعفاف في حياة مقدسة ترضيك.
+ أنت هو الراعي الصالح الذي بذل ذاته من أجل خلاصنا وجاء الي عالمنا متجسدأ لتكون لنا حياة ولتكن لنا حياة أفضل. علمنا وأرشدنا لننمو في النعمة والمعرفة فنسعى في طريق الكمال ونجول نصنع خير ونبني أنفسنا على الإيمان الأقدس الذي إليه دعينا.
+ ياروح الله القدوس وأهب النعم وكنز الخيرات، هبنا حكمة من لدنك وأغرس فينا ثمارك المقدسة وأنعم علينا بالمحبة رباط الكمال ووداعة الروح فائقة الجمال، ونعمة الإفراز لنسلك كحكماء مفتدين الوقت لنثمر ثمار البر والتقوى والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب. أمين