نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الاثنين، 31 أغسطس 2020

26- القديس بولس الرسول و التوبة وأهميتها لخلاصنا


 

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

 

+ الخطية ونتائجها المرة والتوبة للخلاص ..  الخطية انهزام وعبودية لإبليس وخضوع للإنسان العتيق بشرورة وعدم ضبط للنفس وهى موجهة ضد الله  فهي كسر وتعدى على وصاياه والخطية موت أدبي وانفصال عن الله القدوس. ولان الله هو آب صالح ومحب ورحيم فهو لا يشاء هلاك أحد ويدعونا الجميع للتوبة { يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي  2 :  4). الخطية تقود للحزن والكأبة واليأس وعدم السلام وسوء العلاقات بين الناس وتجلب الأمراض وتهلك الإنسان لكن التوبة تغفر الخطايا وتخلص من الهلاك وتعطي حياة أبدية ولهذا جاء السيد المسيح يدعونا إلى التوبة وعدم العودة للخطية ونصنع البر ولهذا قال الرب {اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} (لو 13 : 3). { فاذهبوا وتعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 12:9-13). والقديس بولس الرسول عاش وأختبر محبة المسيح التي تغير الخطاة لقديسين والاشرار الي تائبين والمضطهدين الي دعاه حق ورحمة وسلام وكرازة بالتوبة  { اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ.} ( رو 8:5-9). لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية فلا يستصعب الخاطئ الخلاص والنجاة ولا نصدق إبليس وأعوانه والعالم الشرير، الذي يوحي لنا بأن الخلاص صعب، فكل شئ مستطاع للمؤمن ولقد مات المسيح عن الفجار الذين لم يسمعوا عنه من قبل ليبررهم ويخلصهم، والمسيح يهمه خلاصنا وقد بذل ذاته على الصليب حباً بنا. فنحن متبررون بدمه لنتوب ونخلص به من الغضب. ويقارن القديس بولس بين خطية وعصيان ابوينا ادم وحواء قديما والتي انتقلت آثارها للبشرية وبين الفداء الذى صنعه ربنا يسوع المسيح الذي به ننال الخلاص { ولكن ليس كالخطية هكذا أيضاً الهبة لأنه إن كان بخطية واحد مات الكثيرون فبالاولى كثيراً نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين.} (رو 15:5). عطية المسيح ونعمته فاقت بكثير آثار خطية آدم وعالجتها وفداء المسيح يهب غفراناً لكل خطايا الناس، بكل زمان، وبكل مكان لكل من يؤمن ويعتمد. وأن كانت خطية آدم  قد جلبت الأنفصال عن الله والموت، فبالإيمان بالمسيح نصير أبناء وورثة الملكوت. وبالإيمان صارت لنا نعمة الحياة مع المسيح بل وصارت حياتنا هي حياة المسيح فينا { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20) أن كانت خطية آدم قد جلبت علينا حكم بالموت، فإن التوبة والاعتراف يغفران الخطايا ودم يسوع المسيح يطهر التائب من كل خطية.

+ التوبة والرجوع الى الله....  التوبة هي عودة الإنسان الخاطئ إلى الله بعزم قلب وإرادة صادقة وإقلاع عن الخطية وعدم رجوعه إليها وتحرر من العبودية للخطية والشيطان وأعماله.  وفى اللغة العربية، ثاب أي عاد إلى ثوابه أو رشده. الدعوة إلى التوبة والإيمان بالله كانت رسالة الأنبياء في العهد القديم وكانت جوهر دعوة السيد المسيح في العهد الجديد { يقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالانجيل} (مر 1 :15). وهي دعوة الرسل على خطى مخلصهم الصالح { فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس }(اع  2 :  38). والقديس بولس يجول يكرز ويدعو للتوبة والإقلاع عن الخطية { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل} (اع 17 : 30). ولنسمع القديس بولس واقف أمام أغريباس الملك يحكي له قصه أهتدائه وتوبته ودعوة الله له { رَأَيْتُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فِي الطَّرِيقِ أَيُّهَا الْمَلِكُ نُوراً مِنَ السَّمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ لَمَعَانِ الشَّمْسِ قَدْ أَبْرَقَ حَوْلِي وَحَوْلَ الذَّاهِبِينَ مَعِي. فَلَمَّا سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ سَمِعْتُ صَوْتاً يُكَلِّمُنِي بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. وَلَكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهَذَا ظَهَرْتُ لَكَ لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ. «مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ لَمْ أَكُنْ مُعَانِداً لِلرُّؤْيَا السَّمَاوِيَّةِ بَلْ أَخْبَرْتُ أَوَّلاً الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ وَفِي أُورُشَلِيمَ حَتَّى جَمِيعِ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ ثُمَّ الأُمَمَ أَنْ يَتُوبُوا وَيَرْجِعُوا إِلَى اللهِ عَامِلِينَ أَعْمَالاً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ.} ( أع 26:13-20). كشف الله لشاول عن خطيته الجسيمة  "لماذا تضطهدني؟" موضحًا أنه يعلم ما في قلبه، فهو لا يقاوم المسيحيين من أجل جريمة ارتكبوها، وإنما من أجل اسم يسوع الذي التصقوا به. أن كل خطية أو مقاومة للمؤمنين موجة ضد يسوع المسيح نفسه. لم يكن شاول يتوقع أنه وهو يضطهد المؤمنين بالمسيح يسوع أن يراه في نوره الإلهي يعاتبه. ولم يكن هناك قوة  قادرة أن تجتذب شاول إلى شخص يسوع بكونه المسيا مثل هذا اللقاء العجيب مع المسيح شخصيًا. لقد تأكد من صدق قول تلاميذه أنه قام وصعد، وأنه في مجده الإلهي. كان في هذا الكفاية، لا ليؤمن فقط بل وأن يشهد للمسيح، خادمًا وكارزًا بما رآه وما سيراه أيضا خلال الإعلانات المتوالية. فإن الرب نفسه يدعوه أن يقوم ويقف على رجليه، ينفض عنه مما علق به من تراب خطيته (إش 52: 2). ليتعلم كيف يدعو الخطاة للتوبة ويفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور،  ومن سلطان الشيطان إلى اللَّه، حتى ينالوا بالإيمان بالمسيح غفران الخطايا، ونصيبًا مع المقدسين. ويدعونا قائلا { لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها}(اف 5 : 11).

+ التوبة والإيمان والتبرير ... كلنا خطاة ونحتاج للتوبة ومع التوبة ويعوزنا مجد الله بالإيمان بنعمة المسيح بالفداء ليصفح الله عن خطايانا السالفة ويهبنا التبرير ويقودنا فى طريق البر { إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ. مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لِيكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ.} (رو 23:3-26). الله هو الذي يبرر أي يعطي بره للإنسان، وهذا ما عمله المسيح إذ مات عنا فاستوفي العدالة الإلهية حقها عنا، فغفرت خطايانا، وقام ليقيمنا معه، معطياً لنا حياته وبره نحيا بهما، فالبر هو تجلي سمات المسيح في حياتنا. الحياة في بر مستحيلة علي الإنسان دون عمل المسيح ونعمته. التبرير ليس فقط هو غفران الخطايا، بل كون أن المؤمن يصير مزكي عند الله، من أهل بيت الله، إبنا لله، و أولاد الله يحيون ليصنعوا البر فهم علي صورة الله، وهذا لا يمكن أن يكون بقوة عمل الإنسان بل بأن يحيا المسيح الإله فينا معطياً لنا حياته. والتوبة والأعمال البارة التي يعملها المؤمن هي التي تنفعه يوم الدينونة حيث يجازي الله كل واحد حسب أعماله (رو 6:2-8). إذاً التبرير في معناه الكامل رفع غضب الله عنا وسكب الله لمحبته الأبوية علينا بكل عطاياها، وهذا كان بأن المسيح غفر خطايانا بدمه والآب صالحنا لنفسه. ولكن ليس معني أن المسيح أعطانا حياته لندخل إلي بره أن نتهاون أو يكون إيماننا لفظياً لكن الله يطلب الإيمان العامل بالمحبة (غل 6:5). ولنلاحظ أهمية الجهاد حتى يكون لنا هذا البر. ولنلاحظ الآية { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20:2) لنفهم أن شرط ان يحيا المسيح فيّ أن أقبل صلب أهوائي وشهواتي الخاطئة. وكما أن الروح القدس يبكتنا على خطية فهو يبكتنا على بر أي يبكتنا لو لم نصنع البر. فالروح يبكت أولاً علي خطية أي يقنعنا بفساد طريق الخطية ثم يعطينا معونة حتى نترك خطيتنا ثم يبكت علي بر أي يقنع الإنسان المؤمن بأن يصنع البر وحين يقتنع يعطيه المعونة ليفعل البر {فالروح يعين ضعفاتنا} (رو 26:8). فالروح القدس الذي فينا يحولنا دائماً لصورة المسيح البار (غل 19:4) نرفض الشر ونصنع البر. فالبر في سلبيته هو توقف عن عمل الشر وفي إيجابياته هو حمل سمات المسيح عاملة فينا. نجاهد بأن نعمل أعمال بر، فالروح لا يعين المتراخين.

+ التوبة تغفر الخطايا وتهب العطايا ..  التوبة هي رجوع من أعمال إبليس إلى الإيمان بالله وطاعته وبالإيمان بالمسيح ننال غفران خطايا { فليكن معلوما عندكم ايها الرجال الاخوة انه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا }(أع 13 : 38). يقدم الله العلاج للخطية للبشرية في الإيمان به وبخلاصة وبعمل روحه القدوس فينا فيبكّتنا على الخطية ويحثنا على عمل البر ويدفعنا الى الرجوع إليه بالتوبة { فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب }(أع  3 :  19). أن ليل الحياة الحاضرة يتناهى ونهار الأبدية يقترب منا، لذا لاق بنا أن نتهيأ لهذا النهار فنتوب ونحمل فينا المسيح يسوع شمس البرّ ليحطِّم فينا كل أعمال الظلمة، ويهبنا أن نعمل معه ونتسلح بأسلحة البر{ هَذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَالْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراًلِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ} (رو 11:13-14). أيامنا على الأرض قصيرة  فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ونكون أمناء ومحبّين للكل.

+ التوبة والشهادة للمسيح بتواضع قلب....   لقد عملت نعمة الله فى شاول المضطهد الكنيسة وكان ظهور السيد المسيح له وأعلانه لشخصه الإلهي سبب في تحوله وقد آمن وأعتمد بيد القديس حنانيا فى دمشق وأنفتحت عيناه وقلبه { فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ وَقَامَ وَاعْتَمَدَ.}(أع 17:9-18) وعاش ليشهد ويكرز بالمسيح بتواضع قلب { وَلِلْوَقْتِ جَعَلَ يَكْرِزُ فِي الْمَجَامِعِ بِالْمَسِيحِ «أَنْ هَذَا هُوَ ابْنُ اللهِ».} (أع 20:9). وينادي بمخلص الخطاة الذين هو أولهم فالتوبة المقبولة للشهادة لإيماننا والأنسحاق والتواضع أمام نعمة الله الغنية التي تحرر وتغير الخاطئ { صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا. لكنني لهذا رحمت ليظهر يسوع المسيح في أنا أولا كل أناة مثالا العتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية.}(1تي15:1-16 ). جاء السيد المسيح إلى العالم ليخلص الخطاة وينبغى أن يشعر كل واحد فينا أنه أول الخطاة . أن كان القديس بولس رأى نفسه بحسب الناموس بلا لوم (فى 3 : 6) ولكن في نور المسيح يسمى نفسه أول الخطاة، لقد فتح المسيح يسوع عينيه فأبصر ما لم يبصره بالناموس، لقد رأي المسيح وقارن بين بر المسيح وبينه فرأى نفسه مظلماً بجانب نور المسيح. لقد حسب نفسه غنياً لكن آمن بغني المسيح ومجد الله أبصر وأدرك فقره. لقد رحم الله بولس حتى لا ييأس أي خاطئ من نوال رحمة الله. وجاهد القديس بولس الجهاد الحسن بالايمان العامل بالمحبة حتى النفس الأخير{ فَإِنِّي انَا الآنَ اسْكَبُ سَكِيباً، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، اكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ،. وَأَخِيراًقَدْ وُضِعَ لِي اكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ ايْضاً.} ( 2تي6:4-8). ويليق بكل مؤمن أن يحيا حياة التوبة المستمرة ويجاهد الجهاد الحسن ويكمل السعي بغير كسل ويحفظ وديعة الإيمان المسلم لنا من القديسين لينال إكليل البر من الرب الديان العادل.

الأحد، 30 أغسطس 2020

شعر قصير - 105 - أفضل من عصافير





للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

-1-

" أفضل من عصافير"

الصبح شفت عصافير بتغرد على أسلاك التليفون

الكلام بيمر تحت رجليها فيه أفراح وكمان هموم

مش شايله هم واثقة أن الله يرعاها  طوال اليوم

وأنت لو حابب  تعيش في هدوء وسلامك  يدوم

ضع مخاوفك أسفل الأقدام وها تنتهي ومش هتدوم

ثق أن ربنا بيرعاك أفضل من العصافير اللي بتحوم

وعيش في حدود يومك شاكر، دا بكره له رب رحوم

 

.......

(2)

"هبنى حكمة"

يارب هبني حكمة ومحبة مثل العذارى الحكيمات

أمنحني نعمة لأعوض اللي في حياتي مضى وفات

أقلع من حياتي الزوان وأزرع حنطة وصالحات

نجاهد حسناً ونكمل السعي ونتاجر بكل الوزنات

قوينا نعبر الشدة ورسخ إيماننا ونخدمك للممات

نكون وكلاء أمناء فيما نكلف من أعمال أو خدمات

نسمع نعماً أدخل فرح سيدك ورث ملكوت السماوات

..........

(3)

"الانقياد لروح الله"

يارب خلقتني وعارف اللي داخلي مستخبئ

عارف بضعفي وتعلم أني عايز أحبك بكل قلبي

حياتي أضعها في خدمتك وطاعتك وحدك ياربي

أديني نعمة وحكمة وقل لي ما تريد وكن جنبي

أبعدني عن الشر فالبر يرفع والشر يهلك ويردئ

علمني المحبة والوداعة وصنع الخير والبر ينجي

بروح قدسك أرشدنا وعلمنا ولنا علم وأرشد وأهدى

......

-4-

" الإيمان وحياة السلام"

القلق والهم بقي مرض وسمة العصر وسريع الانتشار

ولو يذيد عن الحد يتعب ويجعل القوى يخور أو ينهار

فى الزمن الصعب خلينا حريصين لنتجنب كل الأخطار

فالصديق يرى الشر ويتوارى يطلب عون الله ويتوار

لكن إيماننا بالله يجعلنا واثقين أن بيده وحده الأعمار

نطلب منه نعمة وهدوء وصحة وفرح وإيمان وازدهار

وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظنا بحكمة واقتدار

........

-5-

" سحابة الشهود"

لنا سحابة من الشهود محيطة بنا واحنا منهم قريبين

ملائكة وشهداء ونطلب شفاعتهم لينا وعنا في كل حين

العذراء أمنا والقديسين بنحبهم وصلواتهم طالبين

ننظر لنهاية سيرتهم وإيمانهم وفي أثرهم أحنا سائرين

لرئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع قلوبنا نحوه رافعين

عشرة محبة وصداقة دائمة بين الأرضيين والسمائيين

دا هما سفرائنا في المجد وأحنا معاهم السماء وارثين

السبت، 29 أغسطس 2020

25- القديس بولس الرسول وحياة الصلاة الدائمة

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ الصلاة هي وصية ومطلب الهي.. هي وصية إنجيلية وواجب من الأبناء نحو أبيهم السماوى. وهي العلاقة التي تربط  بين الله والمؤمنين { يا سامع الصلاة إليك يأتي كل بشر } (مز 65 : 2). السيد المسيح يوصينا بالصلاة والسهر { اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة } (مت 26 : 41). وقدم لنا مثالاً وقدوة في الصلاة الي الآب وكان يقضى الليل كله فى الصلاة والحديث مع الآب في أوقات كثيرة وعلم تلاميذه القديسين الصلاة الربية كنموذج للصلاة. الصلاة بالنسبة للمؤمن هي حديث محبة بين الأبناء و أبيهم السماوى، فيها نسبح الله على أحسناته ونشكره على محبته وأبوته وعطاياه ومعاملاته الطيبة معنا ونعترف له بخطايانا طالبين الغفران وبالصلاة نتوب ونتغير ويقوي إيماننا ويزداد رجائنا وتثبت محبتنا لله. وقد طلب منا السيد المسيح أن نصلي كل حين ولا نمل { انه ينبغي ان يصلى كل حين ولا يمل}(لو 18:1). نصلي لان لنا أعداء روحيين يريدون لنا السقوط فنسهر ونصلي لكي ننجو من التجربة و ننتصر { واما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم} (مت 17 : 21). نصلي لكي تعلم طلباتنا لدى الله وننال قوة وعون في حينه.  فالصلاة هي قوة المؤمنين نعلن احتياجاتنا وحاجة من حولنا لله لا لأنه لا يعرفها بل كاب نتعلق به ونعلن محبتنا له ونطلب منه وهو القائل { أسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزاًيُعْطِيهِ حَجَراً؟. وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً يُعْطِيهِ حَيَّةً؟. فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ.} ( مت 7:7-11). والقديس بولس الرسول يوصينا أن نصلي بلا انقطاع ونشكر في كل شئ { صلوا بلا انقطاع.} (1تس 5 : 17). فما أحوجنا إلى الصلاة الدائمة، الصلاة والتسبيح هم عمل الملائكة. بالصلاة مع الشكر تتحقق غاية الله فينا في المسيح حيث تصير لنا الحياة السماوية معلنة في داخلنا وفي سلوكنا. الصلاة هي صلة وعلاقة مستمرة مع الله وإدراك وجودنا في الحضرة الإلهية بلا انقطاع، في عبادتنا كما في أثناء عملنا، وفي يقظتنا كما في أثناء جلوسنا وحتى نومنا بالصلاة الدائمة هي التهاب القلب المستمر بل والمتزايد، في حنين لا ينقطع نحو الحياة الأبدية أو السكنى مع الله وفيه إلى الأبد. هذا الحنين ينمو كلما خلع الإنسان عنه اهتمامات العالم وسلك بالروح القدس الناري في الحياة المقدسة، منطلقًا من حياة الخطية والدنس ومحبة العالم إلى الحياة الفاضلة في الرب التي تسحب الفكر والقلب نحو الإلهيات. والصلاة الدائمة تغذيها الصلوات السهمية وتساندها الصلوات اليومية للسواعي والعشرة بالقديسين. الصلاة الحقيقية هي علاقة حية نابعة من قلب وروح وفكر الإنسان { إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب}( رو 15:8). نصلي بروح البنوة والمحبة ونخاطب الله قائلين يا أبانا الذى فى السموات وهو يسمع ويستجيب { وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه} (مت 21 : 22).

+ أولوية عمل الصلاة علي كل شئ... الله يطلب منا أن نحبه من كل القلب والفكر والنفس والإرادة والمحبة يعبر عنها بالحديث مع الله وطاعته وخدمته ومعرفة أرادته فيجب ان نجعل الصلاة والحديث مع الله من أهم أولوياتنا وكما يقول الرسول بولس { لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله} (في 4 : 6). الرب هو معيننا الحقيقي، فنلجأ إليه بالصلاة والطلبة مع الشكر وهنا يربط الرسول الصلاة والطلبة والشكر بأنها تجلب السلام ولا تدع القلق يسيطر علينا "لا تهتموا بشيء" ليس معنى هذا أن نسلم أنفسنا للإهمال والكسل، ولكن نطرح عنا هموم الحياة، ولا نتحزب أو نرتبك أمام هموم الحياة والتجارب المختلفة، لأن سلام الله قادر أن يحفظ قلوبنا وفي كل مرة نصلي بإيمان نشعر إن الله قريب منا يسمعنا ويستجيب دعاءنا. وهذا ما راينا في حياة بولس الرسول حتى وهو في السجن كيف كانا يصليان ويسبحان الله وتدخل الله وأنقذهما { وَنَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللهَ وَالْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا. فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ السِّجْنِ فَانْفَتَحَتْ فِي الْحَالِ الأَبْوَابُ كُلُّهَا وَانْفَكَّتْ قُيُودُ الْجَمِيعِ. وَلَمَّا اسْتَيْقَظَ حَافِظُ السِّجْنِ وَرَأَى أَبْوَابَ السِّجْنِ مَفْتُوحَةً اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ ظَانّاً أَنَّ الْمَسْجُونِينَ قَدْ هَرَبُوا. فَنَادَى بُولُسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «لاَ تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئاً رَدِيّاً لأَنَّ جَمِيعَنَا هَهُنَا». فَطَلَبَ ضَوْءاً وَانْدَفَعَ إِلَى دَاخِلٍ وَخَرَّ لِبُولُسَ وَسِيلاَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». وَكَلَّمَاهُ وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ. فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ} ( أع 25:16-33). رغم أن بولس وسيلا كانا في السجن مقيدان الإ أنهما كانا يصليان ويسبحان الله وارتفع قلب الرسولين إلى السماء في السجن وتمتعا بالسيد المسيح الممجد، يشاركان الملائكة وتسبيحهم له، وإذا بالأرض تتزلزل تحت قدميهما كما في رعب مما يفعله الأشرار بأولاد الله. لم يجد الرسولان من يدافع عنهما، فانطلقت الطبيعة تشهد لهما. وحدثت الزلزلة العظيمة إشارة إلى حضرة الله الذي تتزلزل أمامه الجبال، انفكت القيود وشهد بولس وسيلا  لله أمام السجان والمساجين. فيا ليتنا نتعلم منهما الصلاة بالنهار والليل في كل ظروف الحياة حتى نتحرر من كل قيود وربط الخطية. وننطلق نحو السماويات كما يقول القديس بولس { ولكن التي هي بالحقيقة أرملة ووحيدة فقد ألقت رجاءها على الله، وهي تواظب الطلبات والصلوات ليلا ونهارا} (1 تي 5: 5). إن كان القديس بولس يتحدث هكذا عن الأرملة، المرأة الضعيفة، فكم بالأكثر يليق بأناس الله القديسين أن يسهروا في الصلاة التي تشمل التسبيح والسجود والشكر والطلب في كل الظروف ويجب أن تقترن صلواتنا بالشكر لله علي كل شئ حين، ويستجيب لنا بالإيجاب أو الرفض أو الانتظار حسب حكمته فالصلاة تغير الظروف للأفضل وتغيرنا لنكون حسب إرادة الله ويعمل لنا الصالح ونحيا حياة التسليم.

 + الصلاة من أجل كل البشرية... يكشف القديس بولس عن رسالة المؤمن والكنيسة بصفة عامة، وهي الصلاة من أجل كل نفس فلا نكف عن الصلاة لأجل جميع الناس ولاسيما الذين فى المنصب القيادية لتأثيرهم فى المجتمع وفي حياتنا { فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ،لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ،لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} ( 1تيم 1:2-4). نقدم الطلبات والصلوات والابتهالات والتشكرات لاجل جميع الناس فما ذكره الرسول هنا يمثل مراحل حياة الشركة مع الله، مراحل متصاعدة ومتكاملة فنبدأ بالطلبة أي السؤال عن احتياجاتنا الضرورية لنرتفع من الطلبة إلى الصلاة والالتصاق بالله والدخول معه في صلة عميقة وحب لأجل الله ذاته. خلال هذا الحب الإلهي يرتفع إلى الابتهال أو التشفع عن الآخرين، فلا نطلب ما لانفسنا بل ما هو للغير، وننسى احتياجاتنا أمام محبتنا لإخوتنا. وأخيرًا نمارس التشكرات والتسبيح بكونها الحياة الملائكية التي تقوم على أساس الشكر الدائم بلا انقطاع والتسبيح لله بغير انقطاع. وهذا ما نقوم به في الكنيسة بحق صلواتنا التي تشمل كل هذه الأنواع من الصلاة، خاصة في ليتورچيا الإفخارستيا، في القداس الإلهي فنطلب من أجل أنفسنا لنوال غفران خطاياه والتمتع بالنمو الروحي وإشباع كل احتياجاتنا وأعوازنا الروحية والنفسية والجسدية،وتمتزج الطلبات بالصلوات فيدخل المؤمن في حديث سري مع الله في ابنه الوحيد بالروح القدس. ولا تكف الكنيسة عن ممارسة الابتهالات فتتشفع عن جميع الناس، أن جوهر الإفخارستيا هو التمتع بالحياة الشاكرة لله ، خلال ثبوتنا في المسيح يسوع ربنا، القداس الإلهي يسمى سر الإفخارستيا أي "سر الشكر". نتناول بشكر وانسحاق من الأسرار المقدسة لنثبت في المسيح كما الأغصان في الكرمة ونأتي بثمر كثير ويدوم ثمرنا. أما المثل الفريد في الابتهال فهو عمل الروح كقول القديس بولس الرسول: { وَكَذَلِكَ الرُّوحُ أَيْضاً يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلَكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا. وَلَكِنَّ الَّذِي يَفْحَصُ الْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اهْتِمَامُ الرُّوحِ لأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ. }(رو ٨: ٢٦–٢٧). الشكر هو عرفان بالجميل لعطايا الله وبركاته. صلاة السيد المسيح لأبيه تقدم مثلاً فريدًا لنا إذ نحمده لأجل عطاياه التي يقدمها للبسطاء والمتواضعين { في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال}(مت ١١: ٢٥). وكما يقول القديس بولس { اني اشكر الله الذي اعبده من اجدادي بضمير طاهر كما اذكرك بلا انقطاع في طلباتي ليلا ونهارا }(2تي 1 : 3). وتبتهل الكنيسة عن الرؤساء ومن هم في مراكز قيادية لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار فصلواتنا وطلباتنا من أجل جميع الناس وطاعتنا الصادقة للمسئولين تعطي سلامًا في القلب الداخلي كأبناء يحملون سمات الله محب البشر. فعلاقتنا مع الآخرين لا تقوم على أساس نفعي مادي أو أدبي، ولا على أساس الخوف، وإنما على أساس إلهي، حيث نلتقي مع الجميع ونصلي ونعمل على راحتهم من أجل الله محب البشر لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون فإن كان الله يريد أن جميع الناس يخلصون فنصلي لكي تتحقق هذه الإرادة.

+ الصلاة سر النصرة ..

الصلاة  سر نصرة المؤمن على أعدائه الروحيين وعلي اغراءات الحياة المادية ودواماتها وبها تحصل على كل البركات الروحية والعطايا المادية وتُعلم طلباتنا لله. وكما قال القديس مار اسحق السريانى (الذى يتهاون بالصلاة ويظن أن له باب آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين) من أجل هذا يوصينا السيد المسيح بالصلاة { فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة. لانه كالفخ ياتي على جميع الجالسين على وجه كل الارض. اسهروا اذا وتضرعوا في كل حين لكي تحسبوا اهلا للنجاة من جميع هذا المزمع ان يكون وتقفوا قدام ابن الانسان}( لو 34:21-36). هكذا نحن اذ نحارب اعداء الشر الروحيين نتمسك بالصلاة القادرة أن تهبنا النصرة كما قال الرب { فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم }(مر 9 : 29). وكما يقول القديس بولس الرسول { أَخِيراًيَا إِخْوَتِي تَقَوُّوا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ،.  وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهَذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ} ( أف 10:6-18). يختم القديس بولس حديثه عن أسلحة محاربتنا الروحية بالصلاة، لا لأنها تحتل المكانة الأخيرة وإنما لكي تثبت في الذهن. فإن الأسلحة السابقة كلها هي في حقيقتها عطية إلهية لا نستطيع أن ننعم بها بدون الصلاة. حديث الله معنا هو السيف الروحي الذي به نحطم كل شر يهاجمنا في الداخل، وحديثنا معه بالصلاة هو سندنا لنوال العون الإلهي خلال جهادنا المستمر { اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون. هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح} (2كو4:10-5). علينا أن نغصب أنفسنا على الصلاة كسلاح نتسلح به للنصرة في كل الأوقات فالله ينظر الى أمانتنا فى الصلاة و يهبنا حرارة الصلاة وينصرنا فى الحرب ويقودنا في الدرب ويهبنا حكمة ونعمة وقوة لمواصلة رحلة الحياة على رجاء المجد.

اليك يارب نصلي ..

+ نشكرك يا إلهنا الرحيم على كل حال ومن أجل كل حال وفي سائر الأحوال. ونبارك عظيم محبتك نحو جنس البشر يا من يسعى دوما لخلاصنا ويطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح ، يامن دائما تعلن محبتك لنا وتبحث عنا وتغفر خطايانا وتريد أن تجمعنا تحت جناحى محبتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها . فان كنا نحن جحود لهذه المحبة ونبتعد بارادتنا عنك فانت الرحوم تصبر وتتأني وبربط المحبة تجذبنا اليك. لهذا تباركك نفوسنا وارواحنا وافكارنا ونصلي لكي يعمل روحك القدوس جاذباُ لنا بشبكة المحبة لنتحول اليك راجعين ومغفرتك طالبين وعن الخطية تائبين و إرادتك الصالحة الكاملة نكون صانعين .

+ يالله الهنا اليك نصلي في كل مكان وزمان وبالأكثر فى الضيقات والشدائد فانت خالقنا وملجأنا و صخرتنا وراعينا. يا سامع الصلاة ،اليك يأتي كل بشر فاسمع صلوات عبيدك وانظر الى تنهد ابنائك الصارخين اليك ليلاً ونهاراً، انصف يارب المظلومين وحرر المأسورين وأقم الساقطين وأعطى رجاء للبائسين وقوم الركب المنحنية والايدى المرتخية شددها ليقوى بك إيماننا وتذداد محبتنا وينمو رجائنا ونصل بك الى ميناء السلامة وبر الأمان .

 أيها الملك السمائي الحاضر فى كل مكان . كنز الصالحات وينبوع ومصدر النعم الالهية ، نصلى اليك ان تجعلنا مستقيمين فى محبتك وعمل الخير وارفع عن كنيستنا وبلادنا وعالمك الوباء والغلاء والحروب والزلازل ونجنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل وأبطل مؤامرات الشياطين واعوانهم ، ارحمنا يارب فإننا ضعفاء ومساكين وعرفنا إرادتك لنكون لها طائعين وهبنا النعمة والقوة والحكمة لنسلك فى وصاياك كل حين وعند مجئيك الثانى نسمع ذلك الصوت الحنون والممتلئ فرحاً تعالوا اليٌ يامباركى ابى رثوا الملكوت المعد لكم . أمين 

الخميس، 27 أغسطس 2020

24- القديس بولس الرسول والمسيح رجاء كل أحد

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

السيد المسيح رجاء وخلاص كل أحد ...

+ قبل ان يأتي السيد المسيح ويحلّ بيننا على الأرض كانت أنظار البشرية تتطلّع إلى مجيئه وخلاصة فهو المخلّص الموعود به لسحق رأس الحيّة (تك 15:3). وترجى إشعياء النبي مجيئه فقال اشعياء النبي { ليتك تشق السماوات وتنزل } (اش 64 : 1). ثم تنبأ عن مولده من العذراء {ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل}( إش 14:7). وتنبأ عنه أرميا النبي { لاني عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها عنكم يقول الرب أفكار سلام لا شر لاعطيكم آخرة ورجاء }(ار 29 : 11). وعندما ولد السيد المسيح تهللت الملائكة وأعلنت الملائكة تحقيق بشرى الخلاص للرعاة { وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} (لو 9:2-11). وتمت بولادته نبوة إشعياء النبي القائل { هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الأمم.} (مت 18:12-21) .

+ جال السيد المسيح يصنع خيرا ويُعلِّم الشعب ويعلن اقتراب ملكوت الله وبعدما أكمل السيد المسيح خدمته الجهارية فى العالم بسط ذراعيه على عود الصليب ليجذب اليه الكل، الامم واليهود، من كل أنحاء الارض كما قال { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب اليٌ الجميع} (يو 32:12). وقال المخلص يطمئننا ويهب الرجاء للجميع {لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} (لو 19 : 10) فمن يؤمن به ويتكل عليه لا يخزى لذلك يقول القديس بولس { فاذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} ( رو 1:5-5). عندما نحيا إيماننا الأقدس لا يعد للخطية ولا الزمن ولا ضيقات سلطان علينا ويغفر الله بالتوبة خطايا الماضي ويهبنا نعمة للسير معه فى الحاضر ويقودنا فى المستقبل. فندخل  بالإيمان إلى برّ المسيح، أن أحداث الفداء التي عبرت كتاريخٍ لا تزال حيّة وفعُالة ونتائجها قائمة فى كل زمان لخلاصنا ويصير الحاضر بالنسبة لنا مفرحًا إذ نسلك بالنعمة الإلهية متمتّعين بالسلام مع الله، ويمتد رجائنا في المستقبل للحياة مع الله في المجد. هكذا نحيا في فرح بمحبة الله في المسيح يسوع، الذي يقودنا في موكب نصرته في الحاضر لنمسك بالرجاء في الحياة الأبدية التي اليها دعينا. الإيمان بالمصلوب يفتح لنا طاقات الرجاء المتجدد بالنعمة التي نحن فيها مقيمون، نعمة البنوّة وغني ميراث القديسين بكوننا { ورثة الله، و وارثون مع المسيح }(رو 8: 17).

+ السيد المسيح رجاء الخطاة ....  السيد المسيح يعطي الخطاة رجاء ويقبلهم بالتوبة ويحررهم ويغيرهم ويطهرهم ويحولهم الي قديسين، وهو الذي يدافع عن المظلومين والمضطهدين وهكذا فعل مع القديس بولس الرسول الذى الذي كان يضطهد الكنيسة فظهر له في الطريق الي دمشق وجذبه الى الإيمان وحوّله الى مبشِّر { صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا } (1تي 1 :15). أن المسيح رجاء الخطاة والبعيدين الذين نظنهم قد هلكوا { لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص} (رو 10 : 13) ودم المسيح كفارة ليس لخطايانا بل لخطايا كل العالم { هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا } (1يو 2 : 2)

+ السيد المسيح رجاء وعزاء المحزونين .. لقد تحنّن السيد المسيح على الارملة بنايين ولمس النعش وأقام الميت ودفعه الي أمه وحول حزنها الي فرح وهو القادر أن يحول حزننا الي فرح قلب ولهذا يقول الرسول بولس { لأن كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء} (رو 15 : 4). والله يعزينا في كل ضيقة لنعزي الذين في كل ضيقة بالتعزية التي ننالها من الله { الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله} (2 كو  1 :  4).  فيفيض قلب الرسول بولس بالشكر الدائم للَّه واهب التعزيات وسط الضيقات. ويشير الرسول بولس في هذه الرسالة إلى تعزيات اللَّه الفائقة في كل الظروف. فيتحدث عن تعزية اللَّه للمتألمين ظلمًا من أجل إيمانهم بالسيد المسيح، وعن تعزيته للخطاة الراجعين إلى اللَّه بالتوبة ليتمتعوا بالشركة معه. وعلينا أن ندرك كسفراء للمسيح أننا نافعون للآخرين حتى في وسط آلامنا، فلا يقف الأمر عند تمتعنا بالتعزيات بل نفيض بها على إخوتنا المتألمين مثلنا { ليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع} (رو 15 : 5).  فقد وهب لنا لاجل المسيح لا أن نؤمن فقط بل نتألم ايضاً { لانه قد وهب لكم لاجل المسيح لا ان تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتألموا لاجله} (في 1 : 29) { فرجاؤنا من اجلكم ثابت عالمين أنكم كما أنتم شركاء في الالام كذلك في التعزية ايضا} (2كو  1 :  7)

+ السيد المسيح رجاء البعيدين والأمم .. السيد المسيح جاء رجاء للأمم في الخلاص وهو الذى شفى ابنة المرأة الكنعانية ومدح إيمانها وشفى غلام قائد المئة اليوناني مادحا ثقته وإيمانه به ودعا تلاميذه بالكرازة بالإنجيل للخليقة كلها. وكما قالت النبؤة عن الرب يسوع المسيح { وعلى اسمه يكون رجاء الأمم }(مت 12 : 21). ولقد دعا القديس بولس الرسول ليكون رسولاً للأمم { لأَنْ هَكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُوراً لِلأُمَمِ لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصاً إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذَلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ} ( أع 47:13-48) وقد أخذ القديس بولس يمين الشركة من أعمدة الكنيسة ليكون رسول للأمم { فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون انهم اعمدة اعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للامم واما هم فللختان }(غل  2 :  9). جال القديس بولس ليشهد لبشارة الإنجيل في جميع الأمم { لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين}(اع  26 :  18)

+ السيد المسيح رجائنا الابديّ.. حياتنا الأرضية مهما طالت ما هي الا بخار ماء  يظهر قليلاُ ثم يضمحل إذا قيست بالأبدية. المؤمنين عندهم رجاء  في الحياة الأخرى، في العالم الآخر وفي تحقيق وعد الرب من حيث ما لم تره عين ومالم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان.  وسيأتي السيد المسيح كما انطلق إلى السماء فى صعوده ليأخذ قديسيه معه للسماء ونحن فى كل مرة نصلّي قانون الإيمان نعلن رجاءنا قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي. إن هذا الرجاء فى الحياة الأبدية هو تعزية المؤمنين وفرحهم في ظروف الحياة الصعبة كما يقول الرسول {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق}(رو12:12)، وأيضاً {فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ} (عب 35:10-37). إن مجيء المسيح الثاني هو الرجاء الموضوع أمامنا، ويجب أن يكون نصب عيوننا المسيح ورجاء الحياة معه. إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه ليحلّ فى قلوبنا ويتمجد بنا وفينا سواء بحياة او انتقال.

كيف نقوى رجاءنا في الله ؟

+ القراءة فى الكتاب المقدس بروح الصلاة والتعلم من سير القديسين تجعلنا نستنير ونستمد من الله قوة الرجاء بمعرفتنا لصفات الله ووعوده الأمينة ومعاملاته مع قديسيه ونثق فى الله العامل في الأحداث والتاريخ من أجل خلاصنا { لأن كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء }(رو 15 : 4). القراءة فى سير رجال الله ترينا كيف قاد الله شعبه وقديسيه فى موكب نصرته عبر التاريخ ونعرف حكمة وقصد الله ونكون منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم { منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح }(تي 2 : 13). علي رجاء نحيا كما يليق بأبناء الله القديسين شاكرين في كل حين على الفداء الذي تممه الرب يسوع على الصليب، وننتظر مجيئه الثاني في رجاء اللقاء والبقاء معه كل حين.

+ الإيمان الصبر والثبات..  بالإيمان يتقوى رجائنا فيقول المؤمن {استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني }(في 4 : 13) بايماننا نغلب الشر والشيطان وتقوى فى الضعف والإيمان يعطينا صبر وثبات في المسيح. أن الاكاليل لا توضع إلا على رؤوس المنتصرين ولكي ننتصر يجب ان ندخل الحروب الروحية ونتعلّم ونتقوّى { وأما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص} (1تس 5 : 8). { الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزى } (رو 3:5-5 ). نستمر فى الجهاد الموضوع أمامنا وبالرجاء ننظر الي رئيس الايمان ومكمله الرب يسوع { لأننا لهذا نتعب ونعير لأننا قد ألقينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس ولا سيما المؤمنين }(1تي 4 : 10).

+ التطلع برجاء الى الحياة الابدية ... حتى عندما يفتقدنا الله أو يسمح بتجارب أو ضيقات  أو أنتقال أحباء لنا لان هدفنا أن نكون مع الله كل حين { ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم }(1 تس 4 : 13). بل نثق ان هذا هو تحقيق لرجائنا الابدى أن نستوطن عند الرب. أن سرّ عدم استسلامنا للحزن فهو رجاؤنا الذي يتخطى حدود هذه الحياة الزمنية ليرى المؤمن الأبدية معلنة في داخله { لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضًا معه} (1تس 14:4). يسمي الرسول الأموات بالراقدين بيسوع، فاذ نحمل السيد في داخلنا، لهذا لا يقوى الموت علينا. ففي داخلنا اله القيامة  ذاته وإن ماتنا حسب الجسد لكنهم نقوم بالمسيح الساكن فينا، القيامة ليست بغريبةٍ عنا ولا بعيدة وإنما في داخلنا، إن كنا نؤمن بالمسيح فلنؤمن بكلماته ومواعيده ولنأتِ إليه بثقة أكيدة وفرح هذا الذي به نغلب ونملك إلى الأبد.

ثمار الرجاء في حياتنا ....

 + الرجاء يهب قوة وإيجابية وقداسة  ... الذى يحيا فى الرجاء يقول مع القديس بولس الرسول { أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4 : 13). الرجاء يجعلنا ايجابيين فى الحياة نثق ان بعد ظلمة الفجر الحالكة لابد من أن يشرق لنا شمس البر والشفاء والخلاص في أجنحتها. وبالرجاء الصالح، نستعد بالقداسة والتقوى لملاقاة الله ونثق ان الله يعمل فى الوقت المناسب بالطريقة المناسبة معنا {اذاً يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب} (1تس 3:1.) نعمل ان نكون سواء كنا مستوطنون في الجسد أو متغربين عنه أن نكون مرضيين عنده. حياتنا فترة غربة قصيرة وسننطلق للحياة الأبدية {وربنا نفسه يسوع المسيح والله أبونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا ورجاء صالحا بالنعمة }(2تس 2 : 16).

 +  الفرح في كل الظروف ..  اذ نضع المسيح نصب عيوننا ويحلّ بالإيمان فينا فان الضيقات تختفي والاتعاب تزول ويثمر الرجاء فينا بالفرح { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12). الروح القدس يعطي فرح وتعزية للمؤمنين {وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس }(رو 15 : 13). فمن يتطلع إلى الله والسماء ، لابد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس السماوي {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا} (2كو 4 : 17). { لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو أمين }(عب 10 : 23). فلنتمسك إذا  بالرجاء وليكن لنا إيمان ومحبة ورجاء راسخ فى الله   

23- القديس بولس الرسول والرجاء كفضيلة روحية

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

أهمية الرجاء كفضيلة روحية ..

+ الرجاء فضيلة وقيمة روحيّة... الرجاء قيمة وفضيلة روحية هامّة فى حياتنا كقوة دافعة للنشاط والعمل لنصل لمعرفة عظم رجاء دعوتنا وميراثنا في المسيح، فالرجاء قوة دافعة للمؤمنين لنحيا الإيمان العامل بالمحبة ونجاهد بصبر للرجاء الموضوع أمامنا { متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح أمام الله وابينا} (1 تس 1 : 3). ويحول الرسول بولس أنظارنا من التفكير في الأحداث الجارية إلى التأمل في عمل نعمة الله داخلنا خلال الإيمان والرجاء والمحبة، فينشغل فكرنا في عمل الله فينا ومعنا من خلال أعمال إيماننا وتعب محبتنا وصبر رجائنا. لا من خلال مفاهيم نظرية عقلية بحتة، وإنما كما نعيشه عمليًا. الإيمان والمحبة والرجاء هذه الأمور في الحقيقة تمثل وحدة واحدة لا يمكن تقسيمها أو فصلها عن بعضها البعض، فإن كان الإيمان بكلمة الحق يدفع المؤمن للعمل لحساب الملكوت الأبدي، فإنه يفتح القلب بالحب لله والناس، فيشتهي المؤمن لا أن يعمل بل يتعب، مسرعًا بنفسه إلى الصليب عوض الراحة الزمنية، وإذ يفتح قلبه بالحب يرى السماوات كأنها مُعلنه قدامه فيترجي التمتع بكمال مجدها. فلا يئن من الضيق والتعب، بل يحمل صبر المسيح الذي { من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي} (عب ١٢: ٢).

 + الرجاء يعتمد على محبة الله ...  يعتمد الرجاء على محبة الله الآب السماوي لنا وسعيه لخلاصنا حتى دون أن نطلب كأبناء أحباء له وعلي الله كراعي صالح يسعى فى طلب الضال. فقد أتى السيد المسيح للمخلع عند بركة بيت حسدا ليشفيه دون أن يطلب، فحتي الذى ليس له إنسان يحمله يأتي إليه المسيح ويفتقده. والفداء والبذل علي الصليب تم دون أن نطلب بل من عمق المحبة الإلهية نحو البشر. أبوة الله الحانية، تدرك تمامًا ما نحتاجه وما يلزمنا، فيعطينا الرجاء الصالح ومجد ميراث القديسين. {لاَ أَزَالُ شَاكِراً لأَجْلِكُمْ، ذَاكِراً إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ} (أف 16:1-18). الله يتوق لخيرنا لذلك نثق أن الله لا يتأخر عن طالبيه ونتمسك بالرجاء حتى في عدم أمانتنا مع الله يبقى هو أمين { لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23).

+ إله التعزية والرجاء .. اليأس من أخطر الحروب الروحية التى تحارب المؤمن فهو يجعل الحياة ثقيلة بل ومستحيلة ويتسبب فى عدم التكيّف مع الوسط المحيط والفشل والإحباط والكآبة. وهنا تظهر أهمية الرجاء فى الخلاص والنجاة والتعزية من الله كحصن لكل من يتمسّك بالرجاء وسط ضيقات الحياة { ارجعوا الى الحصن يا اسرى الرجاء اليوم ايضا اصرح اني ارد عليك ضعفين} (زك 9 : 12). لهذا راينا القديس بولس يركز علي الثقة والرجاء في الله الذى يخلصنا من الضيقات واليأس { مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ. لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذَلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضاً. فَإِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمُ، الْعَامِلِ فِي احْتِمَالِ نَفْسِ الآلاَمِ الَّتِي نَتَأَلَّمُ بِهَا نَحْنُ أَيْضاً. أَوْ نَتَعَزَّى فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمْ. فَرَجَاؤُنَا مِنْ أَجْلِكُمْ ثَابِتٌ. عَالِمِينَ أَنَّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي الآلاَمِ، كَذَلِكَ فِي التَّعْزِيَةِ أَيْضاً. فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدّاً فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضاً. لَكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ، الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضاً فِيمَا بَعْدُ.} (1كو 3:1-10). الرجاء قوة دافعة لنا  للاتحاد بالله والصلاة إليه والعمل بوصاياه  للتغلب على كل مصاعب رحلة الحياة بعمل نعمته، فللخاطئ رجاء فى الله بالتوبة، وللمريض رجاء فى قدرة الله فى شفائه، والمحزون له رجاء في العزاء ، والمظلوم له رجاء فى الإنصاف و للمحتاج ثقة فى قدرة الله على إشباع احتياجاته، ولمن يعانون من المشاكل النفسية أو العائلية أو الاجتماعية رجاء فى الله ليحلّها ويخلصهم. وعلينا أن نصلي فرحين فى الرجاء { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12). وعندما يسمح اللَّه لشعبه بالدخول في الضيقات فيجب أن يدركوا عجزهم عن الخلاص بأنفسهم، علينا أن نعترف بالله كمخلصٍ قادر أن يقيمنا من الموت ويهبنا الحياة والخلاص والنجاة. وتصير لنا خبرة أبونا إبراهيم العملية، إذ آمن بالقادر أن يقيم من الأموات { فهو على خلاف الرجاء آمن على الرجاء لكي يصير أبا لأمم كثيرة كما قيل هكذا يكون نسلك} (رو 4 :  18). القديس بولس الرسول يتحدث عن الضيقة بكونها الطريق الملوكي للتمتع بالتعزيات الإلهية، وأنه طريق الحب المتبادل بين المؤمن ومسيحه المصلوب، وبينه وبين اخوته. ثم يعبر بالحديث إلى خبرة الموت حيث بلغت نفسه إلى حافة اليأس، لكن إلى حين. ليختبر أنه مدين بكل حياته الجديدة أو المقامة من الموت لمسيحه القائم من الأموات. هذه الخبرة العملية عاشها بولس الرسول في الماضي، أن الله نجاه من الموت، ويمتد لخبرة الحياة الحاضرة إذ هو ينجي، ويمتد بروح الرجاء في المستقبل إذ سينجي أيضًا.

+ الرجاء كخبرة عملية في حياة القديسين ... رجائنا في اللَّه الذي ينجي من الموت لا يقوم على فكرة مجردة، وإنما على خبرة عملية، فقد سبق فنجى قديسيه وشعبه وكنيسته من ضيقات وتجارب صعبة ، ولا يزال يفعل المعجزات ويقيم الأموات ويجول يصنع خير فلا مجال للتشكك في أنه سينجي أيضًا في المستقبل حتى النهاية. إنه يحفظنا لملكوته الذي أقامه ويقيمه في أعماقنا. ومع أن القيامة أمر يخص المستقبل إلا أن بولس يُظهر أنها تحدث كل يوم. عندما يخلص إنسان من أبواب الموت والتجارب والضيقات، فإن هذا بالحق هو نوع من القيامة. اننا نثق أن غير المستطاع لدى الناس مستطاع لديه { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لأن كل شيء مستطاع عند الله }(مر 10 : 27). إن رجاءنا في الله لأنه قادر على كل شئ وهو إله محب ومحبة الله لا تعتمد على صلاحنا بل على ابوّته وصلاحه من أجل هذا نحن نتمسك  بالرجاء لان الهنا امين وقادر ومحب وهو يريد منا أن نتمسك بالرجاء فيه لنصل الى غنى مجد ملكوته { الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الأمم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد} "كو  1 :  27" فالمسيح هو رجائنا وقائدنا للمجد الأبدي