نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الجمعة، 31 يوليو 2020

القديس بولس الرسول 6- الكرازة ببشارة ملكوت الله




للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

رسول وسفير فوق العادة ...
+ كتب القديس بولس الرسول أربعة عشر رسالة من أسفار العهد الجديد الـ 27 . ويوجد برسائل القديس بولس مائة أصحاح من ال 260 أصحاح المكون منهم العهد الجديد. وأهتم بولس الرسول بالخدمة والكرازة فى آسيا وأوربا بين الأمم من مختلف الجنسيات وفي جميع الظروف وتميزت خدمته بالحرارة الروحية والسعي لخلاص كل أحد. وعلي قدر نمو القديس بولس في الروح وفي محبة الله فانه سعي أن يكرز ويبشر بالإيمان لكل أحد فى يقين بانه مدعو من الله الذى ظهر له وكلفه برسالة ساميه نحو للأمم ليفتح عيونهم ليرجعوا وينالوا بالإيمان غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين { فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. وَلَكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهَذَا ظَهَرْتُ لَكَ لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ. مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمَ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ. لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ.} ( أع 15:26-18).
+ كان بولس سفير فوق العادة لله يجول في كل الأرض حيث لم يذهب رسول غيره وتكون الخدمة أصعب واشق ليأتي بالجميع للإيمان بالمسيح . يعظ ويطلب عن المسيح من الجميع كي يتصالحوا مع الله { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله }(2كو 5 : 20). وقد جال يبشر ببشارة الملكوت من اورشليم الي ايطاليا ورومانيا وأسبانيا { حَتَّى أَكُونَ خَادِماً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ مُبَاشِرا لاِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولاً مُقَدَّساً بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. فَلِي افْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَةِ مَا لِلَّهِ. لأَنِّي لاَ أَجْسُرُ أَنْ أَتَكَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَسِيحُ بِوَاسِطَتِي لأَجْلِ إِطَاعَةِ الأُمَمِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ. حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.} ( رو 16: 15-19). يشعر خلال محبته لله والناس أنه كاهن يقدّم حياة المخدومين الإيمانية تقدمة حب مقبولة ومقدسة لدى الله ويقدّمها لا لحساب نفسه بل لحساب المخدومين، ليتمجّد الله فيهم بقبولهم، ويقابل المخدومين محبته بالحب، فيسندوه في خدمته للأمم بإتساع قلبهم وطاعتهم للإيمان والصلاة من أجله والشهادة لله أمام الجميع. وإن كانت خدمة القديس بولس لبنيان الآخرين روحيًا في الرب فهي فخر له ومجد لعمل نعمة الله الغنية العاملة فيه ككارز إذ هو يخدم بقوة وقيادة الروح القدس. كان بولس يشعر بثقل المسؤولية الملقاة عليه كخادم لانجيل المسيح ينطلق للخدمة في غيرة بلا حدود للكرازة لا في البلاد الخاضعة لروما فحسب وإنما في كل مكان. بغيرة ممزوجة بروح التواضع؛ كان القديس ينطلق من أورشليم ليخدم في كل موضع بالإنجيل حتى الليريكون وهي مقاطعة رومانية على الشاطئ الشرقي للبحر الأدرياتيكي. وقد سميت هذه المقاطعة فيما بعد باسم دلماطية وهي الآن جزء من يوغسلافيا. ويخدم في الاماكن التي لم يذهب اليها رسول آخر لكي لا يدخل على تعب غيره وينسب الناس النجاح إليه.
الدراسة والخبرة الروحية العميقة ...
+ كانت لبولس الرسول الدراية المتسعة لخطة الله للخلاص في العهد القديم ونبوءاته عن المسيا المنتظر نراها في أقتباساته وتفسيره ورؤيته المسيحية للعهد القديم وعن خلاص الله ومعاملاته مع أناس الكتاب القديسين عبر التاريخ. وكان لبولس ايضا فكر المسيح المقدس والمتضع والقلب المحب الذي يريح المتعبين ويقيم الساقطين ويقول مع المسيح { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هين وحملي خفيف} (مت 28:11-30). وقد شكل الله القديس بولس كانية للكرامة بشخصيته القوية وثقافته المتسعة وقلبه المحب وروحه الناري وتلمذته لغملائيل أفضل معلم للناموس في عصره. ثم ظهور الرب يسوع المسيح له مرات عدة ثم انقياده للروح القدس في كلامه وخدمته ورسائله { مبنيين على اساس الرسل والانبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية }(أف 2 : 20).
+ سار القديس بولس علي خطي سيده الذى كان يجول يصنع خير ويكرز ببشارة ملكوت الله { وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ. وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ.} ( مر 14:1-15). وقد ذهب القديس بولس بإعلان من الله إلى أعمدة الكنيسة الأم فى أورشليم ليعطوه يمين الشركة { فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون انهم اعمدة اعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للامم واما هم فللختان }(غل 2 : 9). لقد ذهب لأورشليم  وعرض علي التلاميذ الرسل خدمته وكرازته لكي ياخذ يمين الشركة كرسول للأمم من المعتبرين أعمدة في كنيسة الله ولم تنحصر هذه المقابلة في عدم إضافة شيء إلى إنجيله فحسب، وإنما أخذوا قرارات خاصة بتقسيم حقل الخدمة إلى كرازة لليهود وأخرى للأمم. فصارت كرازة القديس بولس الرئيسية وسط الشتات، أي للأمم واليهود الساكنين خارج فلسطين. أما القديس بطرس ورفقاؤه فيستمرون في مزاولة عملهم الكرازي في فلسطين. وذهب لأورشليم بإعلان من الله { وإنما صعدت بموجب إعلان وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئلا أكون أسعى او قد سعيت باطلا} (غل 2 : 2).كان هدفه من عرض الإنجيل الذي يبشر به بين الأمم على المعتبرين أعمدة، ليس تشككه هو من جهة تعليمه، وإنما من أجل نفع الذين يكرز بينهم فيجد سندًا ومصداقية له من قادة الكنيسة في أورشليم أمامهم ولكي لا يضايقهم الإخوة الكذبة أو يشككوا في رسوليته.
+ القديس بولس المفرز رسول إنجيل الله...
 كان القديس بولس بولس واثق ومؤقن من إيمانه بدعوة الله له { بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولا المفرز لإنجيل الله} (رو 1 : 1). يكرز لكن ليس بسمو الحكمة الإنسانية المقنع بل بقوة الروح {لاني لست استحي بانجيل المسيح لانه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي اولا ثم لليوناني} (رو  1 :  16). كان هدفه كخادم وكاهن لله أن يقدم  الكنيسة بمؤمنيها عذراء عفيفة للمسيح { فإني أغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح} (2كو 11 : 2). ونجحت خدمة القديس بولس فى نشر رسالة الإنجيل وكان قدوة صالحة علي قدر تمثله بسيده ربنا يسوع المسيح{ ان انجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة ايضا وبالروح القدس وبيقين شديد كما تعرفون اي رجال كنا بينكم من أجلكم } (1تس 1 : 5) وكان يطلب من المؤمنين  أن يعيشوا كما يحق لإنجيل الله { فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح حتى إذا جئت ورايتكم أو كنت غائبا اسمع اموركم انكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معا بنفس واحدة لايمان الانجيل} (في 1 : 27). واستطاع القديس بولس أن ياتي بالكثيرين ليكونوا رعية وأهل بيت الله { فَلَسْتُمْ إِذاً بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ،.مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ،.الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّباً مَعاً يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّساً فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيُّونَ مَعاً، مَسْكَناً لِلَّهِ فِي الرُّوحِ} (أف 19:2-22). حقا استطاع القديس بولس نعمة الله العاملة فيه أن يجمع ويضم اليهود والأمم للسيد المسيح كاخوّة و أهْلِ بَيْتِ اللهِ لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات إذ دخلوا في بناء الكنيسة الجامعة التي أساسها الرسل والأنبياء و حجر زاويتها السيد المسيح. بمعنى آخر لم يعد أنبياء العهد القديم، ولا رسل العهد الجديد، ولا المسيح نفسه، حكرًا على أمة اليهود دون غيرهم. بل يصير كل مؤمن هو هيكل الله يسكن فينا المسيح ونصير جسده السري وهيكله الروحي ووارثي ملكوته السماوي كل واحد منا ينال أجرته علي حسب تعبه. 

الخميس، 30 يوليو 2020

5- بولس الرسول والكنيسة في أنطاكية



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
بولس والكنيسة في كنيسة أنطاكية ..
  كان نجاح برنابا في خدمته ، كان سببًا للبحث عن بولس الرسول ليخدما معا ، فالخادم الناجح يبحث دومًا عن نمو وامتداد ونجاح الخدمة كما قال رب المجد {الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده} (لو 10: 2). وخدم برنابا وبولس معا لمدة سنة في انطاكيا وتعتبر فترة طويلة بالنسبة لخدمة القديسين برنابا وبولس، ولكنهما جعلا انطاكيا مركزا للخدمة  لتكون كنقطة اطلاق وخدمة للإرشاد الروحي القوي لخدمة الأمم في آسيا وأوروبا. وارتبط الرسولين بربانا وبولس بصداقة حميمة في الرب ، فالاثنان يحملان يحمل نفس الفكر من جهة شوقهما للكرازة بين الأمم ، وعدم الاستعباد لحرفية الناموس القاتلة. وعمل الرسولين بقوة الروح القدس ونجحت الخدمة هناك ، وشعر الرسول في بانارة العالم كله بنور الروح القدس والمسيح. في حالات عديدة ، ولم تقتصر خدمة بولس في انطاكيا بل جعل مراكز  خدمة اخرى في أفسس حيث قضى ثلاث سنوات (أع 20: 31) ، وفي كورنثوس حيث قضى سنة ونصف هناك (أع 18: 11).
كانت انطاكيا تفدم الدعم والعون المادي للكنيسة الأم باورشليم. وقاعدة لنشر المسيحية ، ويتكلم ، لوقا عن دخول الإيمان إلى أنطاكية على يد الذين تشتتوا بسبب مقتل استفانوس (أع 11: 19-21). ولما سمع هذا الخبر عن الأنطاكيين الكنيسة التي في أورشليم أرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى إنطاكية. الذي لما أتى ورأى نعمة الله وعظهم ان يثبتوا في الايمان بعزم قلب ونعمة الله. وهذا دور الخدام فى كل زمان أن يعملوا علي تثبيت وتقوية إيمان المؤمنين.
المؤمنين وأطلاق المسيح عليهم ...
+ المسيحية هي اعلان لمحبة الله المعلنة في المسيح. والمسيحي يؤمن بإله واحد ، هذا الإله أعلن عن نفسه بطرف متنوعة ، من خلال الروح القدس لأشخاص أو لشعوب ، ليؤمن كل إنسان بالله ويصنع الخير ويحيد عن الشر. وقد آمن اليهود بالله بوحي الروح القدس من خلال الأباء والأنبياء وعرفت بعض الشعوب بعمل الروح القدس والتقليد المسلم من الاباء. واعلن لنا الله عن ذاته في ابنه الوحيد بتجسده في الوقت المعين ، وكما نرى القنوات الفضائية بالصورة والصوت في البث الحديث للارسال التلفزيوني ولا نحد منه في أجهزتنا فقط. جاء المسيح الاله إلى متجسداً إلى عالمنا وعاش كإنسان كامل من دون خطية ، ليفدي الإنسان من الخطية ومن عقابها الأبدي ، ليكون لكل من يؤمن بالمسيح حياة أبدية {اَللهُ ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قديما بِأََنْوَاعِ وطرق كثيرة. كلمنا في الايام الاخيرة  ابْنِهِ الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ ، الَّذِي بِهِ أَيْضِا عَمِلَ الْعَالَمِينَ.} (عب 1: 1-2). الله يبادر نحونا لأنه إله محبة ويريد أن يتصالح مع الإنسان ليحيا الإنسان في سلام مع الله ومع اخوته ومع نفسه. خطة الله هي خلاص كل إنسان بالتوبة والإيمان وحياة التقوى واالفضيلة كثمر للإيمان العامل بالمحبة كي يحيا المؤمن في سلام وفرح إلهي دائم ، ويشارك محبة الله مع غيره من البشر..
+ دُعي المؤمنين لأول مرة "مسيحيين" في إنطاكية ، وكان منهم سريان ويهود ويونانيين  واتباع فلسفات ووثنيين تخلوا عن الحادهم وتبعوا السيد المسيح. فكيف أتت هذه التسمية ومن دعاهم هكذا؟. ربما دعاهم اليهود المتعصبين كنوع من الشماتة او التمييز  . لكن أراد الأنطاكيين في صراعهم الذين من العادات اليهودية. في كل الأحوال ، حمل اللقب تمييزًا خاصا لهم  بأتباع السيد المسيح ، كمؤمنين لهم عبادتهم الخاصة وممارساتهم ، حتى وإن اختلفوا فيما بينهم من جهة الجنس والعرق أو الثقافة. وبعد ذلك صار اسماً محبباً لاتباع السيد المسيح أن يدعى اسمه القدوس علينا. 

الأربعاء، 29 يوليو 2020

القديس بولس الرسول - 4- لقاء الإيمان



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
لقاء حنانيا مع شاول ...
+ الله كأب وراعي صالح، ومحب للبشر يبادر الله بإعلان محبته لنا دائما، فقد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. هنا نرى الله يطلب من حنانيا أن يذهب ويطلب شاول الطرسوسي، ولا ينتظر كي يأتي إليه شاول. و يليق بخادم الله أن يبادر أيضا بالحب، ويبحث عن النفوس الضالة ويطلب خلاصها. كالأب الذي يركض مسرعا ليرتمي على عنق ابنه ويقبله. طلب الرب من حنانيا أن يسرع إلى شاول ليهدى من روعه ويبث فيه روح الإيمان والمحبة فقد وجد الراعي الصالح خروفه الضال وهو خائف وفاقد البصر والبصيرة وهو يبحث في غيرة لرضاء الله ولو فى تعصب وجهل مع عدم إيمان. ففى حٌلم أعلن الله لشاول الطرسوسي أن حنانيا قادمًا إليه ليضع عليه يده فيبصر قبل حضور حنانيا. كما طمأن الرب حنانيا أن شاول المضطهد للمسيحيين قد صار رجل صلاة  يترقب نعمة الله وعمله معه وهو صائم لثلاثة أيام. هكذا طمأن الله شاول الطرسوسي أنه لن يتركه في عمى بصره وبصيرته، بل يبعث إليه سفيرة ليهبه تعزيات إلهية، وينال استنارة القلب بالإيمان من خلال التوبة و الإيمان والمعمودية.
+ أعطى الله علامات واضحة لحنانيا ولشاول  فقد اختار الله شاول إناءً مختارًا ليحمل اسمه أمام أممٍ وملوكٍ وبني إسرائيل، ووهب شاول الإيمان ومعه التعب والألم كهبة { فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا». فَقَالَ: «هَأَنَذَا يَا رَبُّ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلاً طَرْسُوسِيّاً اسْمُهُ شَاوُلُ. لأَنَّهُ هُوَذَا يُصَلِّي. وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلاً اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلاً وَوَاضِعاً يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ». فَأَجَابَ حَنَانِيَّا: «يَا رَبُّ قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَهَهُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ لأَنَّ هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي». فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ وَقَامَ وَاعْتَمَدَ. وَتَنَاوَلَ طَعَاماً فَتَقَوَّى.} (أع 10:9-19). إن الكنيسة تدين لحنانيا بالفضل في قبول وعماد شاول وتلقينه مبادئ الإيمان المسيحي. كان حنانيا أسقفا للكنيسة في دمشق ومشهود له بالتقوى والإيمان من اليهود والمسيحيين على حد سواء، أنه صاحب أكبر دور في حياة أعظم رسول، الذي أحيا نفس شاول المنكسرة بعزاء كلماته وصلواته المملوء محبة ولطف، وشاول في أسوأ حالات بؤسه ينتظر تعليمات السماء فاقد البصر، صائماً عطشاناً مصلِّياً تائباً حزيناً. وبقدر ما ظهر حنانيا هكذا فجأة عظيماً متألِّقاً بدوره المميَّز، بقدر ما تواري دوره  بعد أن رافق حنانيا بولس مدة إقامته في دمشق وكان دليلا له في دخوله وخروجه وخدمته مع التلاميذ وتسامى هذا القديس في الفضائل ولا سيما الوداعة والغيرة على التبشير بالسيد المسيح وقد اجرى الله على يديه آيات كثيرة فآمن ببشارته كثيرون . فألقى ليكينيوس الوالي القبض على القديس حنانيا وعذبه بعذابات كثيرة كالحرق والجلد بأعصاب البقر وأخيرا أخرجه خارج المدينة وأمر برجمه بالحجارة حتى فاضت روحه الطاهرة ونال إكليل الشهادة.
+ يؤكد القديس بولس صدق دعوته ورسوليته فقد دعي من الله لا من الناس ولا بواسطة إنسان ما بل من المسيح يسوع ربنا { بولس رسولٌ لا من الناس ولا بإنسان، بل بيسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من الأموات }(غل 1:1)، ويعلن أنه تقبَّل الإنجيل باعلان من الله وآمن بمحبة الله الآب في أبنه بالروح القدس لاختياره حتى وهو في بطن أمّه { ولكن لمَّا سَرَّ الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيَّ لأُبشِّر به بين الأمم} (غل 1: 19). حمل شاول الصليب مبشرا بربنا يسوع المسيح المصلوب من أجل خطايانا والقائم من أجل تبريرنا وأفتخر بصليبه  { وأما من جهتي فحاشا لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم }(غل 6 : 14). واتخذ آلامه الكثيرة فرصة للافتخار فقد تألَّم لتنمو الكنيسة واضطُهِد لتمتد وعاني ليربح ويخلص علي كل حال قوماً ولمَّا وجد أن آلامه تؤال إلى مجد الكنيسة رايناه يقول { الآن أفرح في آلامي لأجلكم وأكمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة. } (كو 24:1). وعاش القديس بولس يفرح بالمسيح حتى وسط الألم ويقول { افرحوا في الرب كل حين واقول ايضا افرحوا }(في 4 : 4). { بل كما اشتركتم في الام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده ايضا مبتهجين} (1بط 4 : 13)
+  أن  السيد المسيح الذي اختار رسله أثناء خدمته على الأرض هو نفسه الذي اختار شاول رسولاً له بعد صعوده وهو أمس واليوم وإلى الأبد يختارنا لنكون قديس بلا لوم أمامه في المحبة {لستم أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم} (يو 15: 16). لقد أرسل الرب حنانيا إلى شاول، ليقدم له كل عونٍ ممكنٍ كإناء مختار وأداة للبناء في ملكوت الله علي الأرض. اعلن الرب اختياره لبولس ليكون رسولاً للأمم، يحمل في داخله كنز الإنجيل ليقدمه للكثيرين. حقا إنه إناء خزفي (2 كو 4: 7). لكن يحمل اسم أسم المسيح أمام الأمم ويعلن عن معرفة المسيح الفائقة والبشارة المفرحة للأمم الوثنية. يشهد للسيد المسيح أمام ملوك، مثل الملك اغريباس وقيصر نفسه (أع 25: 23؛ 26: 32؛ 27: 24). وأيضا أمام بني إسرائيل، فإنه حيثما ذهب يبدأ كرازته في مجامع اليهود حتى يطردوه فيذهب إلى الأمم. كما شجع الرب حنانيا، مؤكدًا له أنه سيريه ليس فقط أنه سيكف عن عداوته للكنيسة واضطهاده لها، بل يجد مسرته في قبوله الاضطهاد من أجلها بفرحٍ. وأينما حلّ القديس بولس كانت تلاحقه المتاعب والضيقات من محاكمات ومقاومة، فيجد فيها شركة مع المصلوب { لاعرفه وقوة قيامته وشركة الامه متشبها بموته} (في 3 : 10). بل ويحسب الالم هبة { لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتألموا لاجله} (في 1 : 29). حمل القديس بولس بشارة ملكوت الله أينما حل وكان خير سفيراً للسماء علي الأرض.
+ بولس الرسول المتعبد في الصحراء..
 شاول الذي المولود سنة 2 ميلادية والذي آمن واعتمد فى 35م. وتسمي باسم بولس أي الصغير، أحتاج الي ان يمكث لما يقرب من ثلاث سنوات فى الصحراء العربية ما بين 35م. الي 37م. ليعيد التأمل فى كل شئ، بعد أن سقطت القشور عن عينيه { ولا صعدت إلى أورشليم الى الرسل الذين قبلي بل انطلقت الى العربية ثم رجعت ايضا الى دمشق } (غل 1 : 17). وكانت الصحراء العربية في الشام تمتد تخومها من حول دمشق حتى خليج العقبة. لقد كان بولس محقا في خلوته الروحية في البادية ليجلس مع نفسه ويحاسبها ويعاتبها ويصحح مسيرتها. نحن نحتاج لاسيما فى المواقف الصعبة والقرارات المصيرية التي الخلوة والوجود في حضرة الرب. وهذا ما فعله القديس بولس لكي يراجع حياته برمَّتها، ويحيا إيمانه الجديد ويراجع ما تعلَّمه واستلمه وتربَّى عليه، وكما قال تغيروا عن شكلكم { تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة } (رو 12 : 2). كان لابد أن يختبر إرادة الله ويتغير حسب محبة الله الآب المعلنة في أبنه يسوع المسيح ربنا وتعاليمه ووفق نعمة الله الغنية وعمل الروح القدس وثماره ومواهبه السمائية.
+  انطلق شاول على خطى إيليا ويوحنا المعمدان صوب الصحراء ليتقوى وينمو في الروح لخدمة الطريق الطويل الذي سينتهى به شهيدا خارج روما القديمة. عمل في البادية وسط البدو في صنع الخيام من صوف الغنم ووبر المعيز وبشر وكرز بين الأنباط والقبائل التي هناك  وعلى مدى ثلاثة سنوات، قضى الأيام في البحث والتقصي والعمل والكرازة. تعامل مع أهل البادية فكان يأخذ منهم الأصواف ويغزلها ووثقوا به وكانوا يسألونه عن سر خلوته فى الصحراء فيحكي لهم خبر اهتدائه وإيمانه بالمسيح. قضى بولس الليالي ساهرا متأملاً مصلياً.  تلك الأيام التي ساهمت بقوة في تشكيل فكره العميق في قيادة الروح القدس وثقلتها بعد ذلك الخدمة والخبرة العملية في حقل الرب يوماً بعد يوم، كان يعمل ويصلي ويتعلم ويعلم ويتتلمذ علي السيد المسيح وتعاليمه { مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ،.الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّباً مَعاً يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّساً فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيُّونَ مَعاً، مَسْكَناً لِلَّهِ فِي الرُّوحِ.}( أف 20:2-22). منح الله لبولس بالروح القدس العيون المفتوحة للفهم والوعي للقراءة الصحيحة للعهد القديم في ضوء حياة وتعاليم وموت وقيامة السيد المسيح كتحقيق وتكميل لنبؤات ورموز العهد القديم و شرائعه و ذبائح العهد القديم. وكانت فترة تعبده في الصحراء فرصة ذهبية للدراسة والمعرفة، وإدراك كلمة اللّه بالبصيرة الروحية فخرج إلى العالم والتاريخ والأجيال بالكرازة النارية والرسائل الروحية الذهبية المكتوبة بوحي من الروح القدس الذى دعاه وقادة طوال ما يزيد عن ثلاثة عقود في جولات تبشيرية يؤسس فيها الكنائس و يبشر بإنجيل الخلاص.
 خدمة الإيمان في دمشق...
+ رجع شاول بعد خلوة البرية بقوة منقاداً بالروح إلى دمشق وكان يحاجج اليهود أن يسوع هو المسيح أبن الله الذي صلبتموه وقام من الأموات ونحن شهود له. صار بولس شاهداً بقيامة المسيح الذي كلَّمه من السماء عياناً { لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأَظْهَر لك به} (أع 16:26). كان للمسيح  ظهورات أخرى لشاول تعلَّم منها معرفة المسيح بتعمق ونمو مستمر، فَعَلى قَدْر نمو قامة بولس بالروح كان يُسكَب عليه المزيد من الاستعلان. لأن معرفة المسيح تزداد عند الذين يطلبونه. وها هو بولس يختط نفس الطريق ليصل إلى أن كل الكتب تحقق أن يسوع هو المسيح. هاج علي بولس اليهود وغير المؤمنين في دمشق وبلغت الأخبار إلى الحارث والي دمشق فعزم علي قتله ولكن الله  خلصه لرسالة سامية عليه أن يقوم بها لنشر الإيمان { لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين } (اع 26 : 18). والقصة رواها القديس  بولس بالتفصيل في رسالته الثانية إلى كورنثوس { في دمشق والي الحارث "أريتاس" الملك كان يحرس مدينة الدمشقيين يريد أن يمسكني، فتدلَّيت من طاقة في زنبيل من السور ونجوت من يديه.} (2كو 32:11و33) هذا الحارث الملك يُدعى أريتاس الرابع (9 ق.م - 40 م) كان يحكم بلاد النبطيين وعاصمتها بترا التي أمضى فيها بولس خلوته في البرية، وقد شق علي الوالي ومن معه تبشير بولس بالمسيح وأغضبه واتفق معه في ذلك يهود دمشق، فاتفق الوالي مع اليهود وأمر بحراسة أبواب المدينة حتى يقبض عليه. فتم تهريب بولس من أسوار دمشق من قبل الكنيسة ليواصل عمله الكرازي علي مدى ثلاثة عقود.


الثلاثاء، 28 يوليو 2020

القديس بولس الرسول - اهتداء شاول للإيمان -3



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


شمس البر ينير قلب شاول....
+ علم شاول ان الكنيسة فى دمشق نمت وكثر عدد المؤمنين فيها، فاصر في تعصبه أن يذهب لاضطهادهم هناك { اما شاول فكان لم يزل ينفث تهديدًا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم الى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناسا من الطريق رجالا او نساء يسوقهم موثقين إلى اورشليم} (أع 1:9-2). كان شاول يسعى لمقاومة المسيح وكنيسته وكان الرب يسوع المسيح يعمل لخلاص شاول وخلاص الكنيسة من شره، ولابد للمسيح الذي خرج غالبا ولكي يغلب أن يكمل خطته فى خلاص كل أحد منا. وفى الطريق الى دمشق ظهر له الرب يسوع المسيح وغير مجرى حياته ليصبح رسولا للايمان وسفيرا للمحبة وباعثا للرجاء ومدرسة للفضائل وكارز باسم المسيح ( أع 3:9-19).
+ كانت رحلة القديس بولس التي أعدَّ لها شاول كل ما في قدراته وخطته ليُسكت صوت الكنيسة في كل مكان، فنجاحه في أورشليم وسَّع دائرة طموحاته. خرج من أورشليم وهو لا يعلم أنه لن يعود إليها يهودياً فرِّيسياً مرة أخرى، بل سيتغير ويتحرر { في ذهابهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقتربَ إلى دِمِشقَ فبغتَةً أَبرقَ حولهُ نُورٌ مِنَ السماء. فسقطَ على الأرضِ وسَمِعَ صوتاً قائلاً لهُ شاولُ شاولُ لِماذا تَضطَهِدُني. فقالَ مَنْ أَنتَ يا سيِّدُ، فقالَ الربُّ أَنا يسُوعُ الذي أَنتَ تضطَهِدُه، صَعْبٌ عليكَ أَن ترفُسَ مَنَاخِسَ.}(اع 3:9-5). كان يوماً من أيام الصيف الحارة وكانت الرحلة مضنية وقد قاربت الي النهاية وبدات أسوار دمشق تلوح في الأفق، وقد انتصف النهار. ولكن كان ضمير شاول  متعب للغاية، فكان مقتل أستفانوس يلاحقه بوجهه الملائكية واعتراف استفانوس ودفاعه المسيحي وحبه الطاغي للمسيح وأمانته التي كلفته حياته دون تفريط في عبادته تحت أقسى العقوبات كمناخس تلهب  ضمير شاول المضطهد وفجأة أزاحت السماء الستار عن ناظريه وبرز وجه الرب ببهاء نوره الطاغي، فانحسر نور الشمس وظهر نور وجه الرب علي شاول بعينيه المملؤتين حباً تخترقا كيانه، فوقع على الأرض وسمع الصوت الذي يخاطب ضميره المعذَّب { شاول شاول لماذا تضطهدني}. فردَّ شاول: » مَنْ أنت يا سيد «فقال له الرب يسوع {أنا يسوع الذي أنت تضطهده، صعب عليك أن ترفس مناخس } وهكذا انقشعت كل الشكوك التي راودته عن يسوع وظهرت الحقيقة كالشمس في منتصف النهار.
+ دخل شاول في حوار مع الرب من السماء { فقالَ وهو مُرتَعِدٌ ومُتحيِّرٌ يا ربُّ ماذا تُريدُ أن أَفعَلَ. فقالَ لهُ الربُّ قُم وادخُلِ المدينةَ فيُقالَ لكَ ماذا ينبغي أَن تفعلَ}( أع 6:9) المسألة ليست وهم ولا خيال تهيأ له ، بل نور من السماء أوقعه أرضاً وصوت يتحدَّث عن ماضٍ يقطَّر دم وتحذير وعتاب ثم قيادة وتدبير. أنه وعي بالسماء المفتوحة والرب من السماء يتكلَّم. نحن هنا أمام أقوى التحام تمَّ بين إنسان خاطئ معاند مُفْترٍ وبين قلب الله الأبوي، والمسيح يختار ويقدِّس لنفسه إناءً أهانه وأضهد الكنيسة، ليجعله إناءً مختاراً له. بولس وقع  فاقد البصر، والذين معه سمعوا الصوت، وأمَّا المسيح فلم يروه، لأن ظهوره هو ظهور استعلاني يظهر لمَنْ يريد المسيح أن يعلن له نفسه، فهو ظهور في حالة قيامة تكملةً للظهورات التي بدأها الرب يسوع المسيح بعد القيامة من الأموات في اليوم الثالث. { وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا } (1كو 8:15). وكما أعرف ايضاً { آخر الكل ظهر لي أنا أيضًا} (1 كو 5: 8)، ويؤكد هذه الرؤية الإلهية قائلا { ألم أرَ يسوع المسيح ربنا؟} (1كو 9:1). اللَّه في حبّه للإنسان لا يكف عن الاشتياق للالتقاء مع الإنسان لانه جاء لا للأصحّاء بل للمرضى.
+ لقد دعا الرب شاول مرتين باسمه وتكرار الاسم يكشف لأعماق شاول اهتمام اللَّه به وحنوّه نحوه {شاول شاول لماذا تضطهدني } (اع 9 : 4). فقد إعتاد الرب أن يكرر اسم الشخص الذى يدعوه عندما يريد تأكيد الرسالة كأسلوب الله هذا النداء يحمل تحذير مع تشجيع مع توبيخ وعتاب. كان كثير من المؤمنين قد علموا أن شاول في طريقه إلى دمشق قادم كذئبٍ مفترسٍ يهاجم الحملان الوديعة، خافوا وارتبكوا وصلوا من أجل شاول كما يظهر من كلام حنانيا لكنهم أدركوا بعد ذلك أن رب الحملان قادر أن يحول الذئب المفترس إلى حملٍ وديعٍ، يشتهي أن يُذبح من أجل حمل الله الرافع خطايا العالم، أدركت مراحم الله شاول في اللحظات الأخيرة قبل دخوله دمشق، لكي تحوله عن شره، وترحم الكنيسة في دمشق من شره وتجعله عوناً لها، وتهبه استنارة وإدراكًا للحق الإلهي. وكما أن الشيطان يحل في النفس البشرية خلال الظلمة، فإن رب المجد، نور العالم، يشرق على النفس بنوره لكي تتمتع بشركة مجده، ولكي يجعل من المؤمنين أبناء النور.
+ أدرك شاول حقيقة ضعيفة، وعجزه الكامل أمام نعمة الله الغنية التي كانت تنخس ضميره، فكان يحاول أن يرفضها ويهدئ من ضميره، مؤكدًا لنفسه أنه إنما يقدم خدمة لله لكن يستحيل على الإنسان ان يقاوم الله وخطته ويبقى سعيدًا. لقد قدم السيد المسيح نفسه الي شاول علي أنه الذي يضطهده فإن من يضطهد أولاد وكنيسته يقاوم الله نفسه. وتيقن شاول أنه قد أخطأ الطريق تمامًا، واضطهد كنيسة المسيح، وقاوم الحق الإلهي، وأحزن قلب الله. أدرك أنه ألقى بنفسه في موت أبدي، وهو يظن أنه يخدم العلي. لم نسمع من قبل أن يسوع يشتكي من اضطهاد أحد له، إنّها المرّة الأولى التي فيها يعاتب بقوّة، فقد قبل صلبه بفرح، والآن يئن مع أنّات شعبه، يقف ليحوّل مضطهديه إلى كارزين له وشهود لحبّه الإلهي. { فقال وهو مرتعد ومتحيّر: يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟  فقال له الرب: قم وادخل المدينة، فيُقال لك ماذا ينبغي أن تفعل} (أع 6:9). لقد وجهه السيد المسيح إلى دمشق ليعرف طريق الخلاص من خلال الكنيسة.
بولس الإناء المختار ....
 + كانت الأواني قديما تصنع من الطين، مثل آنية الفخار التي نستعملها حتى الآن ثم توضع في النار لكي تشتد وتستوى وتكون نافعة للخدمة وبالرغم من أنها آنية طينية، لكن يمكن أن تستعمل لطهي الطعام أو لتخزين الحبوب؛ آنية تزين  قصور الملوك، أو آنية لتغذية البهائم. ونوعية الطين هي التي تجعل صانع الخزف يشكلها ويحدد ماذا سيصنع بهذا الإناء، أو بحسب ما يقول معلمنا بولس الرسول، { أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟} (رو 9: 21). هكذا دعى الرب شاول لحنانيا { فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ لأَنَّ هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي.} (اع 15:9-16). الله الخالق، يرى بسابق علمه استعداد كل منا، هل نصلح لكي نكون آنية للكرامة أم آنية للهوان. لكنه لا يرغم أيَّ إنسان على اختيار الطريق التي يراها مناسبة له ومن يجد عنده الاستعداد الطيب، مثل شاول، فإنه يهيئ له الطريق ويعينه لكي يخدمه. أما إن لم يجد لديه النية للسير في طريق الحق، فإنه لا يهمله كلية، بل يقدم له كل السبل التي تساعده لخلاص نفسه دون ارغام.
+ اهتدى شاول إلى الإيمان بعمل معجزي فائق، وظهر له المخلص نفسه في مجده، لكي لا يشك بعد في أنه هو المسيا الذي طالما انتظره. وأول عمل يلتزم به المؤمن هو الطاعة لإرادة الله، وأن يلتصق بالله خلال كنيسته المقدسة. لذا صدر له الأمر الإلهي أن يذهب إلى دمشق، وهناك تخبره الكنيسة ماذا يفعل؟. لقد أختار السيد المسيح، شاول ليصير إناءً مختارًا يحمل ويعلن محبته للأمم كما لليهود، يتسع قلبه لكل من يلتقي معه، أو يسمع عنه. أرسل الله شاول إلى حنانيا كمدبر وأب روحي، معتبرًا أن ذلك أفضل من أن يتسلم تعاليمه منه مباشرة. فعجيب حقاً هو الله، الذى دخل فى حوار مع شاول الذي يضطهده ليجذبه إليه وأرسله للكنيسة ليظهر أهمية الكنيسة فى التعليم أو يُقنع أحد نفسه أنه يتعلم أحكام الله وتعاليمه بنفسه دون حاجةٍ إلى تعاليم الآباء والتلمذة علي الكنيسة الأم ورجالها الأتقياء. 

الاثنين، 27 يوليو 2020

القديس بولس الرسول و دفاع استفانوس واستشهاده - 2


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

استفانوس رئيس الشمامسة ...
استفانوس رئيس الشمامسة ومعناه " تاج " أو " إكليل " هو أول مسيحي يفوز بتاج واكليل الشهادة، شاهد شاول أستشهاده فكانت دماء استفانوس هي البذار الي أتت بشاول للإيمان وعاش تاثيرها في كيانه،  كان من يهود الشتات ويذهب البعض فى أن أباه كان صائغا من أتباع الإمبراطورة ليفيا ثم جاء الي أورشليم وعاش فيها  وخدم الله  بامانه ومحبة وبذل ولم تطل خدمته أكثر من ثلاث سنوات. وصفه الكتاب بالقول { فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ رَجُلاً مَمْلُوّاً مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ} (أع 6: 5). كان استفانوس يعيش في هذا العالم وبعمق فى حياة الإيمان { وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوّاً إِيمَاناً وَقُوَّةً كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ.} (أع 8:6) لهذا رأيناه فى اللحظة الأخيرة يرى السموات مفتوحة. لقد كان أول السبعة المشهود لهم. لو سألنا عنه؟ لكان الجواب هذا الرجل " ملاك " { فشخص إليه جميع الجالسين فى المجمع ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك } (أع 6: 15).
+ لما نمت الكنيسة فى أورشليم، ولم يتيسر تنظيم إطعام الجماهير المحتاجة أو خدمتهم بأسلوب منظم دقيق، فحدث تذمر من البعض وعلى وجه الخصوص أرامل اليونانيين، ويعتقد البعض أن روح الحزبية تدخلت بهذه الصورة أو تلك فى الاهتمام بارامل العبرانيات أكثر من اليونانيات، وما نزال إلى اليوم نري بعض صور التحزب أو الفرقة الغريبة عن روح المسيح إلى يومنا الحاضر في الحياة الكنسية والإجتماعية. فأختار المؤمنين سبعة شمامسة أمناء مملؤين من الروح القدس والحكمة واقامهم الرسل شمامسة فى الكنيسة للخدمة الإجتماعية. كان استفانوس لا يبصر يتيماً دون أن ينحنى عليه فى رقة بالغة، ولا يرى أرملة تبكى الإ ويواسيها ولا يمكن أن يبصر جائعا دون أن يشبعه، على أنه أكثر من ذلك كان له لسان الملائكة فى الحجة والبلاغة. حاجج الكثيرين من اليهود فى مجامعهم، فعجزت حجتهم عن البلوغ إلى مستوى حجته، ولم يستطيعوا أن يقاوموا الحكمة والروح الذى كان يتكلم به وكان استفانوس فى قوة الحكمة والتدبير وما كثر ما جرت على يديه آيات وعجائب رآها الجميع.
استفانوس المدافع عن الحق..
لم يقف استفانوس عند حدود كونه شماسا بالكنيسة، فالعظماء لا تحدهم الأعمال التي يكلفون بها. لقد برز استفانوس ووقف فى الطليعة بين أبطال المسيحية الذين خلد التاريخ كفاحهم وبطولتهم فى الدفاع عن الحق، وبرز كواحد من أبرع المدافعين عن المسيح والكنيسة. كان في أورشليم حتى قبيل هدم الهيكل سنة 70م. حوالي 480 مجمعاً، وكان لكل مجمع إسم خاص يخص الجماعة التي تكونه أو البلد التي كَوَّن اليهود فيها رابطة تمثلهم فى أورشليم حيث يجتمعون ليصلوا ويبحثوا شئونهم، وكانوا يصلون باللغة التى وُلدوا وعاشوا فيها. ويبدو أن إسطفانوس كان يحاور اليهود فى عدة مجامع ومنها مجمع كيليكية التي كان شاول يحضره. أثبت استفانوس لهم أن اليهودية استنفذت زمانها، وفي المسيح يسوع ندخل عهداً جديداً وقد أثار بهذا غيرة  شاول وحنقه وتحريضه عليه { فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ. وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ. حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَالٍ يَقُولُونَ: «إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ». وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ وَأَقَامُوا شُهُوداً كَذَبَةً يَقُولُونَ: «هَذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلاماً تَجْدِيفاً ضِدَّ هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هَذَا سَيَنْقُضُ هَذَا الْمَوْضِعَ وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى». فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ.}(أع 9:6-15). وقدموا استفانوس للمحاكمة امام مجمع السنهدريم  وشعر إسطفانوس أنهم لفقوا ضده التهم وبيتوا النية لقتله
+ نظر استفانوس بالروح الي مسيرة الخلاص فى العهد القديم ووجد أن اليهود قاوموا الآباء والأنبياء، فوجدها فرصة للشهادة عن المسيح قبل موته. وضع استفانوس في نفسه أن يستخدم هذه الفرصة الفريدة لكي يقدِّم عرضاً منسَّقاً لتاريخ العهد القديم بكل حوادثه وآبائه إلى الوضع الحتمي الذي جاء فيه العهد الجديد بدم يسوع المسيح. لقد استخرج من مسيرة العهد القديم كل الأمور التي وُضِعَتْ في زمانها لكي تنتهي حتماً الإيمان بالمسيح كمتمم للنبؤات وغاية ومشتهي الأباء والأنبياء ولذلك يُعتبر القديس استفانوس أبو الدفاع المسيحي وواضع أُسسه عند كل الذين جاءوا من بعده ليستخلصوا حق المسيحية في التاريخ المقدَّس ضد استمرار اليهودية.
قراءة لدفاع أستفانوس الشهيد الأول...
+  استنتج القديس استفانوس في دفاعه استحالة استمرار اليهودية بمقتضى الأُسس التي وُضِعَتْ عليها. وأول نتائج الدفاع التي تظهر في خطابه تكشف كيف زيَّف مقاوميه معظم عناصر الاتهام لكي تتناسب مع العقوبة التي وضعوها أمامهم قبل أن يفحصوا قضيته التي دافع عنها في ايجابية واحترام شهد به استفانوس سواء عن موسى أو الآباء أو الهيكل أو الله، وأوضح الاتهامات ضده أنها ظالمة ومدسوسه كذباً وبرهن بالروح قساوة قلوبهم { يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان. أنتم دائماً تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم  أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البـار الذي أنتم الآن صرتم مسلِّميه وقاتليه. }(أع 51:7-52). لقد أرادوا أن يحاصروه باتهام مزيَّف، فحاصرهم باتهام لا يقوون على الإفلات منه. وكان استفانوس في دفاعه محمولاً على روح الله وكان الله هو المتكلِّم في فمه. لقد ردَّ على اتهامهم ردًّا ما كان يخطر لهم على بال، فالذي اتهموه أنه كان يتكلَّم بتجاديف على الله، كشف لهم مَنْ هو الله عنده، وأسمعهم صوت الله وقضاءه قبل أن يقضوا عليه وأوضح لهم أن الهيكل الذي يقدِّسونه كيف بدأ بحضور وحلول الله في خيمة مع الأباء فى البرية تُطوى وتنتقل من مكان لاخر، فإن أُقيمت فيها الصلاة كما يريدها الله فهو بيته وإذا توقفت الصلاة الصادقة لقوم غير اصبحو مملؤين رياء وأثم فهو ليس بيته بل بيتهم { هوذا بيتكم يُترك لكم خراباً} (مت 38:23). فاستفانوس لم يجدِّف على الهيكل بل هم الذين جدَّفوا على الهيكل وعلى صاحب الهيكل وقبضوا عليه فيه وحكموا عليه زوراً وقتلوه.
+ أعاد استفانوس على مسامعهم ما قاله السيد المسيح لهم فقد كان السنهدريم  يحكم بالقتل، فلمَّا جاء ربُّ الحياة، حكموا عليه في جهل وتعصب بالقتل، ولمَّا وجدوا أن الكنيسة من بعده تحكم بالحياة وتعطي الحياة، شقَّ عليهم ذلك، بالرغم من أنهم رأوا ذلك وعاينوه. وبالرغم من أنهم لمَّا شخصوا في استفانوس رأوا وجهه كوجه ملاك فقتلوه عندما جاهر بحتمية نقض الهيكل وتغيير العوائد التي سلَّمها موسى لليهود. لقد كان لاستفانوس الدور المهم في إعلانه أُسس الإيمان المسيحي في خطابه التاريخي الذي تبناه فيما بعد بولس الرسول وأسَّس به كنيسة الأمم لتخرج من عباده الحرف الي حرية مجد أبناء الله وما قاله المسيح عن نقض الهيكل، عاد استفانوس وبيَّنه من النبوات { وَلَكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتاً. لَكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي ؟ يَقُولُ الرَّبُّ وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟}( أع 47:7-50). لقد شهد أستفانوس للأباء والأنبياء مماّ يثبت كذب تهمتهم ضده بأنه مجدف، أو ضد الناموس والهيكل وموسى فأظهر إكرامه لموسى وللناموس، وإتهموه بأنه تكلم عن خراب الهيكل، ولكنه كما نفهم من كلامه أنه لم يقل هذا مباشرة بل هو تكلم عن نهاية دور الهيكل ودور الذبائح التى تقدم فيه وأن المسيحى يستطيع أن يعبد الله فى كل مكان وزمان بالروح والحق، وأن الذبائح كانت رمزاً للمسيح، فلما أتى المرموز إليه إنتهى دور الرمز، فأوّلوا كلامه على أنه يسئ للهيكل، والهيكل هو رمز لأمتهم وديانتهم. ومالم يقله إسطفانوس، قاله المسيح أنه لن يبقى فى الهيكل حجر على حجر لإنتهاء دوره ولأن المؤمن سيصير هو الهيكل الذى سيسكن فيه الروح القدس. ونلاحظ أنهم تمردوا على الله والهيكل موجود فى وسطهم. فالهيكل لم يمنعهم من إغاظة الله. الله روح والعبادة لله يلزم أن تكون بالروح والحق وهي لا تنحصر في قوانين جسدية أو أطعمة أو ذبائح إذاً فلا ناموس ولا ذبائح ولا عوائد، ففي هذه كلها “لا يستريح الله” فالله يستريح في هيكل الإنسان وباي مكان حينما يتقدَّس بالروح في القلب الوديع المتواضع { إنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم} (1كو 16:3). وروح الله يستريح في الضمير غير المثقل بالخطايا والفكر المنشغل بالله وحده.
+ شاول ورجم أستفانوس ونتائجه ..
كان  شاول فريسي متشدد يضطهد كنيسة الله { واضطهدتُ هذا الطريق حتى الموت مقيِّدًا ومسلمًا إلى السجون رجالاً ونساء} (اع 22 : 4) وقد أعترف شاول بتعصبه وأضطهاده  للكنيسة ورضاه علي رجم أستفانوس {وحين سفك دم استفانوس شهيدك كنت انا واقفا وراضيا بقتله وحافظا ثياب الذين قتلوه (اع  22 :  20). شاول فى تعصبه الأعمي كان يقاوم المسيح والمسيحيين كبدعة ونقض لتقاليد الاباء لكن الله ترأف عليه ورحمه لجهله ونظر الي غيرته وقد كان ضم شهود رجم استفانوس وكان الرجم هو عقوبة للتجديف (لا 24: 16). وبحسب الشريعة يقوم الشهود بالبدء في الرجم. كان شاول يسعى لرجم استفانوس بكونه حلم حياته، فهو يود الخلاص من ذاك الذى كان يجادله ويفحمه، حاسبًا في هذا العمل خدمة لله، وتطهيرًا للشعب من روح التجديف على الله وعلى الشريعة وموسى والهيكل. لقد خلع الشهود ثيابهم، ووضعوها عند رجلي شاول الطرسوسى لكي يلقوا بأول حجرٍ على استفانوس إثباتا أنهم مسئولون عن صدق شهادتهم. ويرى البعض أن قرار شاول كان له اليد الأولى لرجم استفانوس، لهذا سمع صوت الرب يوبخه { لماذا تضطهدني؟} (أع 9: 6)  كانت صورة أستفانوس ووجه الملائكي وسلامه العجيب ومغفرته لراجميه لا تفارق عيني شاول الطرسوسى وصار دفاع منهجًا لاهوتيًا له، وأثر أستشهاد أستفانوس في شاول وأخذ يبكت ضميره وهذا ما اختبره بنفسه فى تعرضه للرجم فيما بعد وقد قبل ذلك بفرح وهو يسبح الله لانه صار مستحقاً أن يهان من أجل اسم المسيح الحسن.
+ قاوم شاول الي حين نخس ضميره علي ظلمه وأضطهاده للمؤمنين بالمسيح وفي غيرة مرة أراد أن يكمل مسيرته في الغيرة علي دين أجداده، وإذ علم أن المسيحيّين في دمشق في سلام انطلق كالوحش المفترس ينقض عليهم، لعلّه يفقدهم سلامهم وراحتهم. كان شاول أشبه بحيوانٍ مفترسٍ، يبث سمومه لعله يقتل تلاميذ الرب، فكان ينفث تهددًا، لن يشبع قلبه قط، بل يطلب مزيدًا من سفك الدماء، حاسبًا ذلك عملاً مقدسًا لحساب خدمة الله. إذ ظن أن اسم يسوع يمثل كارثة على الديانة اليهودية لم يكتفي  بالانقضاض على الكنيسة في أورشليم وهو ينفث تهددًا وقتلاً بل طلب رسائل من رئيس الكهنة { طلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات، حتى إذا وجد أناسًا من الطريق رجالاً أو نساء، يسوقهم موثقين إلى أورشليم} (أع 2:9). أعطي رئيس الكهنة لشاول رسائل يسأل المجامع والمجتمعات وكل يهوديٍ في دمشق لمقاومة كل من يؤمن بيسوع المسيح. كما وجد هذا الشاب في قلب رئيس الكهنة ما يحقق شهوة قلبه، ألا وهو خدمة الله بكل غيرة، ومقاومة ما كان في نظره بدعة خطيرة على مستقبل شعب الله. طلب شاول الرسائل من مجمع السنهدرين في أورشليم، ربما يكشف عن سلطته في ذلك الوقت على كل المجامع اليهودية في العالم من الجانب الديني. وقد وجد المجمع فرصته لتثبيت هذا السلطان بظهوره بالغيرة على مجد الله ومقاومة ما يراه بدع أينما وجدت. وبينما كان شاول يسعي الي مقاومة الرب يسوع المسيح والمؤمنين به كانت نعمة الله الغنية تعمل لتدركه وتغيره وتحرره وبمجرد أن عرف شاول عمل الله الخلاصي بالمسيح نور العالم  ترك في الحال كل ما يملك وما يعرف وكل ما في حياته من عادات لا حصر لها، وخرج منها كمولود جديد لحساب الحق والشهادة لإنجيل ربنا يسوع المسيح وأدرك أن ماله من امتيازات كان كنفاية وأنها عاجزة عن تبريريه لدى الله. فألقى بها كلها وحسبها خسارة ليربح السيد المسيح القادر وحده أن يبرره وسعي لأجل تكميل دعوتة الله العليا له في المسيح يسوع ربنا. 

الأحد، 26 يوليو 2020

القديس بولس الرسول الإناء المختار -1



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

بولس رسول ربنا يسوع المسيح..

+ رأيت ونحن نتكلم عن الآباء الرسل، التلاميذ القديسين أن نتكلم عن بولس الرسول الذى دعي ثالث عشر الرسل مع أنه لم يتقابل مع الرب يسوع أثناء خدمته على الأرض لكن ظهر له الرب أكثر من مرة، ولم يتعرف علي السيد المسيح خلال تجواله فى الأراضي المقدسة لكن راه فى مجده وظهر له بنور يفوق نور الشمس. وقد أكد هو علي رسوليته تجاه المقاومين له من اليهود، أنه الرسول الذى أختاره الرب مثل التلاميذ الذين أختارهم الرب فى بدء خدمته  { بولس رسول لا من الناس ولا بانسان بل بيسوع المسيح والله الاب الذي اقامه من الاموات} (غل 1 : 1). { بولس رسول يسوع المسيح بحسب أمر الله مخلصنا وربنا يسوع المسيح رجائنا }(1تي 1 : 1) {بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله لأجل وعد الحياة التي في يسوع المسيح } (2تي 1 : 1). كان للقديس بولس دور كبير فى الكرازة بإنجيل ربنا يسوع المسيح يفوق الكثيرين وكانت كرازته نارية وغيرته متقدة وله أتعاب كثيرة وتأثير مهم فى نشر الإيمان بالمسيح. لقد ظهر له الرب يسوع ودعاه كإناء مختار يحمل أسمه ويجول يكرز بالإيمان المسيحي أمام ملوك وولاة وشعوب الأرض. ونال إكليل الرسولية والشهادة وكتب أربعة عشر رسالة من أسفار العهد الجديد بعد أن كان مقاوماً لتلاميذ المسيح والمؤمنين باسمه كما فكر أولاً أن الإيمان بيسوع أنه المسيح المخلص خطر يهدد الديانة اليهودية { وأما شاول فكان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت ويجر رجالا ونساء ويسلمهم الى السجن} ( أع 3:8 ). لقد نظر الله بعلمه السابق إلى شاول كاناء مختار يحمل أسمه ويكرز بالإيمان به ويحيا المحبة الإلهية بقلب ناري وفكر منفتح يجول فى آسيا واوربا يبشر لليهود والأمم بمحبة الله المعلنة فى المسيح يسوع ربنا بقوة ونعمة عمل الروح القدس الذى أختاره وعمل فيه لخلاص الكثيرين.
+ نقرأ حياة وأعمال وجهاده ورسائل القديس بولس فنحبه ونتعلق به ونتمثل به كما تمثل هو أيضا بالمسيح { كونوا متمثلين بي كما انا ايضا بالمسيح } (1كو 11 : 1). لقد كان قدوة صالحة في المحبة والخدمة والإيمان { بل لكي نعطيكم أنفسنا قدوة حتى تتمثلوا بنا }(2تس 3 : 9).  وبقدر ما تشبع القديس بولس بمحبة الله في المسيح يسوع أصبح له فكر المسيح المريح { لانه من عرف فكر الرب فيعلمه وأما نحن فلنا فكر المسيح } (1كو 2 : 16). وكما أحب الله العالم وبذل ابنه الحبيب { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 : 16). عرف بولس محبة الله وقلبه الأبوى وبذل ذاته من أجله وبادل المسيح محبة علي مستوى الكمال المسيحي المتاح كارقى وأرق المحبين.
 + أحب القديسين و دارسي الكتاب المقدس شخصية بولس الرسول وامتدحوا الفضيلة فيه وتأملوا وكتبوا تفسيرات في رسائله وفكره ولاهوته. كان القديس يوحنا ذهبي الفم يحب القديس بولس الرسول وكان يقرأ مراراً رسائله ويعظ عنه ويستشهد بأقواله وارتبط به بصداقة حميمة. قيل إن ضيفًا جاء لمقابلة القديس يوحنا ذهبي الفم فأراد تلميذه أن يخبره عن حضور الضيف لكنه وجده منهمكًا في الحديث مع شخصٍ وقورٍ جدًا. حاول عدة مرات الدخول إلى حجرته فلم يستطع. أخيراً اعتذر للضيف ولما سأل القديس يوحنا تلميذه عن الضيف قال له إنه جاء ولم يستطع أن يدخله اليه، كما لم يستطع أن يخبره عنه، لأنه كان منهمكًا جدًا في حديثه مع شخصٍ وقورٍ. تعجب البطريرك إذ لم يكن معه أحد، وإذ أصر التلميذ أنه رأى شخصاً وقوراً يتحدث معه جاء إليه،  ثم أشار إلى أيقونة القديس بولس الرسول قائلًا: "هذا هو الرجل" فعرف يوحنا ذهبي الفم أن القديس بولس الرسول كان حاضرًا معه وهو يدرس ويتأمل في رسائله في حجرته الخاصة. وقال عنه قداسة البابا شنودة الثالث { أن القديس بولس الرسول في نظري من أعظم الآباء الرسل بلا قياس. كان رجلًا قويًا فعندما دخل في الخدمة لم تكن هناك حدود لخدمته؛ خدم في أورشليم ثم أنطاكيا ثم قبرص ثم آسيا الصغرى، وذهب إلى بلاد اليونان ووصل إلى روما. وظل يخدم بطريقة لا تعرف حدودًا ولا سدودًا في الخدمة. بل كان يخدم ويبشر حتى وهو في السجن ". وقال عنه الدكتور فيليب تشاف فى كتابه عن تاريخ الكنيسة المسيحية " لا يعد تجديد بولس نقطة تحول فى تاريخه الشخصى فحسب بل مرحلة هامة فى تاريخ الكنيسة الرسولية، وبالتالى فى تاريخ الإنسانية جمعاء، فهو أعظم ما تم بعد معجزة يوم الخمسين، فقد أتى بالنصر المسكوني للمسيحية كلها، فتغيير أقسى أعدائها ومضطهديها إلى أقوى خدامها الناجحين لا يمكن أن يكون إلا معجزة النعمة الإلهية". كتب الكثيرين كتباً عن حياته وفكره ورسائله وقال عنه  ف. ب. ماير  " إن الامبراطورية الرومانية احتاجت إلى سبعة قرون كى تبنى مجدها العتيد، ومع ذلك فإن بولس جددها وجعلها تنحنى عند أقدام المسيح فى ربع قرن من الزمان".
نشأة شاول وثقافته وتأثيرها ..
+ وُلد شاول لأب يهودى من سبط بنيامين في طرسوس كيليكية التي تقع فى تركيا حالياً والتى كانت مركزا فلسفياً هامًا بعد أثينا والأسكندرية، وتقع إلى الشمال الشرقى من طرف البحر الأبيض المتوسط، وإلى الجنوب من آسيا الصغرى وكانت بها جامعة من أشهر الجامعات فى ذلك الحين، إذ كانت تقف على قدم المساواة مع جامعتى أثينا والإسكندرية، وكانت تعتبر ممراً  للتجار والسياح بين الشرق والغرب، وكانت بجمالها وعظمتها وحضارتها شيئاً يختلف تماماً عن الجليل، واليهودية، مما أعطى الرسول بولس ميزة ربما لم تتوافر فى  الرسل الذين عاشوا مع المسيح.. ومن الثابت أن بولس نشأ نشأة دينية متعمقة، إذ كان أبوه من أشد الفريسيين المتمسكين بتقاليد الآباء. وكانت عادة اليهود المدققين أن يبدأوا تعليم أولادهم فى الرابعة من العمر، فى بيوتهم، ثم يرسلونهم إلى المجمع حتى الثالثة عشر، وهناك يتعلمون تاريخ آبائهم والتقاليد اليهودية، ونحن لا نعلم شيئاً عن أبيه وأمه، وربما ماتت أمه وهو صغير، نعلم أنه كان له أخت متزوجة فى أورشليم، وأغلب الظن أنه سكن عندها، عندما ذهب إلى أورشليم ليتعلم وليكون واحداً من الربيين بعد أن جلس عند قدمي غمالائيل، الذي كان واحداً من المعلمين الذين عرفهم التاريخ اليهودى، وكان فى وقت من الأوقات رئيساً للسنهدريم وكان حجة فى تفسير الكتاب، وكان مذهبه متسعاً بعيداً عن الحرفية القاتلة، وراء جده هليل، على العكس من شمعى الذي كان متزمتا يحرم على أتباعه مجرد تحية الوثنيين فى الأعياد. وقد تقدم على الكثيرين من أترابه لا فى المعرفة الدينية فقط بل فى التمسك بغيرة بتقليد آبائه، كما ذكر { انا رجل يهودي ولدت في طرسوس كيليكية ولكن ربيت في هذه المدينة مؤدبا عند رجلي غمالائيل على تحقيق الناموس الابوي وكنت غيورا لله كما انتم جميعكم اليوم }(اع  22 :  3). ودرس العهد القديم والتقليد اليهودى وعند دفاعه عن نفسه لدى بني جنسه  تحدث عن نسبة لشعبه أنه يهودي، كما كتب لأهل فيلبي { من جهة الختان مختون في اليوم الثامن، من جنس إسرائيل، من سبط بنيامين، عبراني من العبرانيين، من جهة الناموس فريسي} (في 3: 6). كان والد بولس ذا شخصية ممتازة، أتى بأعمال باهرة، فكافأته الدولة الرومانية الرعوية الرومانية، فصارت له هو وأهل بيته امتيازات المواطن الروماني. كما أتقن شاول اليونانية لغة وفلسفة. نشأ فريسيًا غيور كأبيه، أي من أرقى طبقات اليهود، التي تحيا حياة ناموسية حرفية مدققة للغاية، يحسب نفسه من جهة الناموس باراً  واتسم شاول بالقلب الملتهب غيرة على تراث آبائه، فكان مستعدًا أن يبذل حياته حتى الموت من أجل أمانته لديانته. كما أننا من رسائله تنكشف شخصية رقيقة للغاية، يذرف دموعه بسهولة حباً وترفقاً بكل أحدٍ. مستعد أن ينفق نفسه، وينفق كل ما لديه. هو ليس بالغريب عن الكتبة والفريسيين وقادة اليهود ولا سبطه غريب عن بقية الأسباط. تتمتع بالحرية، وليس عبدًا كما هو حال بعض اليهود في الشتات، أي له شرف المولد. وكان مملوء غيرة لله كفريسي غيور، إذ كان يضطهد من كان يظنهم مقاومين لله. غيرته لله على حفظ الناموس روحيًا حولها لغيرته في المسيح يسوع كمكمل الناموس ومحقق غايته. مما أهَّله للتبشير بين اليهود والأمم. وتعلم شاول حرفة صنع الخيام كما يأمر التلمود " فإن من لا يعلم ابنه حرفة فإنه يقوده للسرقة" وقد اعتمد على حرفته هذه كعمل اليدين له فى بادية الشام وأثناء تنقلاته حتى لا يكون ثقلاً على أحد { أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان} (أع 20 : 34). وهكذا دعى الخدام للتعلم منه { في كل شيء اريتكم أنه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ} (أع 20 : 35).