نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 7 أبريل 2021

خواطر في الحياة الروحية (4) التحلي بالصبر

  

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


+ الصبر يعني المثابرة، الأناة، التأني، التسامح، التجلّد، المجالدة، ضبط النفس، تمالك النفس والأعصاب، كظم الغيظ ، سعة الصدر، التروي . والصبر ثمرة من ثمار الروح القدس التي تحتاج إلى جهاد ومعرفة في أقتنائها، كما أنه لا تعني عدم العمل أو الركون لتدخل الله في حل المشكلات دون البحث في حلها واتخاذ أفضل الوسائل للوصول لحل وعلاج وإنهاء المشكلات التي نواجهها في حكمة وقوة وجهاد وعمل بتأنى. الصبر يعني أنه يجب أن نفكر قبل كلّ عمل نُقدم عليه. نفكر أولا ثمّ نعمل بحكمة وضبط للنفس ليفهم الإنسان ما يدور حوله ويعرف ما الذي يساعده وما الذي يعيقه، ما الربح وما الخسارة من وراء كلّ عمل يقوم به. قد نجد البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو حركة من الغير. وردّهم هذا يمكن أن يكون وبالاً عليهم. وبالصبر نتروى ونفكّر قبل القيام بأي عمل ونتعوّد على ضبط أعصابنا وكبح جماح أنفسنا فيكون تعاملنا بروح التسامح وسعة الصدر.

+ الطبيعة حولنا تعلمنا الصبر فنحن نغرس البذور وعلينا ان نتعهدها لتنمو و تأتي بالثمر؛ قد نصبر على البذرة شهور حتى تنمو وتأتى بالثمر وقد نصبر عليها سنين كما فى بعض الأشجار المعمرة حتى تثمر. لهذا علينا أذن ان نتحلي بالصبر وضبط النفس واللطف { انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ } (مز 37 : 7) والصبر وطولة البال والمثابرة تكتسب بالتمرن والممارسة.

+ أننا نتعلم الصبر من الله الذي يصبر علينا مانحا إيانا فرصة للتوبة وعمل الخير. ويدعونا أن نتعلم منه الصبر. لقد أحتمل السيد المسيح وصبر حتى على أحتمال الآلام والصليب من أجل خلاصنا { نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ} (عب 12 : 2 ) . وقد طوب الله الصابرين كما فعل مع ايوب البار {هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ } (يع 5 :  11) والكتاب المقدس يعلمنا الصبر والمثابرة على رجاء { لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ} (رو 15 : 4).

+ يجب أن نصبر على أنفسنا ونسعى الى خلاصها. بالصبر نربح و نقتنى أنفسنا. وبالصبر على من حولنا فى محبة وأحتمال نربحهم ونكسب محبتهم متذكرين صبر الله علينا. فدقائق وساعات من الصبر تقينا من شر الندم ايام وشهور، أننا سنحصل على فراخ الطير متى صبرنا على البيض حتى يفقس لا أن نكسر البيض لتموت صغاره أو تخرج غير مكتملة النمو. الحليم خير من القوى ومالك نفسه خير من من يملك مدينة. نعم علينا بالصبر والجهاد حتى ننال ونرث المواعيد { لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ }(عب 10 : 36).

+ ان الله يطيل أناته ويصبر على أخطائنا فهل نطيل أناتنا ونصبر على أخطاء الآخرين ألينا. ان الله يُطيل أناته على الخطاة والجاحدين ، ومن أجل طول أناته لم يهلك البشر ولم يفنى العالم بكثرة شره بل ارتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا وفتح ذراعيه قائلاً { تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم} لقد قاد الله بصبرة وطول أناته كثيرين إلى التوبة ومن أجل طول أناته يشرق شمسه على الأبرار والأشرار. وأنت عندما تواجه البعض مما يتصرفوا معك بدون لياقة أو بعدم احترام فاضبط نفسك ولا تفقد رجاءك فيهم، بل بطول أناتك أكسبهم وأعلم أن رابح النفوس حكيم، والمثل يقول "أن قطرات من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصطاده برميل من العلقم" فليكن لك الروح الوديع وسعة الصدر ولا تتبرم وتتذمر وأصبر. عندما كان داود النبى مطارداً من أمام ابنه أبشالوم أخذ أحد العامة يسبه وهو يلقى عليه بالأحجار فقال قائد جيش داود : دعني أقتله فرفض  داود فى صبر وتواضع قائلاً : لا.. دعه لينظر الله إلى أتضاعى وينقذني. ومن أجل تواضع داود رده الله إلى مملكته. وأنت أعلم أن الله يقاتل عنك وأنت صامت فلا تقابل الأخطاء بالأخطاء فالنار لا تطفأ بالنيران بل بالماء. أحتمل الافتراءات ولا تنتقم لنفسك والتمس الأعذار للناس كضعف بشرى يحتاج إلى العلاج والوقوف مع من يسئ إليك في خندق المحبة والتأني والترفق به ولا تفقد الأمل في الإصلاح وسيأتى اليوم وستجني ثمار صبرك خير.

+  أيها الرب الرحوم، طويل البال وكثير الرحمة والتحنن، يا من تصبر علينا وتتأني لنتوب و نأتي بثمر علمنا أن نصبر ونتأني على من حولنا ونلتمس لهم الأعزار، علمنا أن نضبط أنفسنا لاسيما في وقت الضيق والغضب ونصمت حتى تعبر ريح الغضب بسلام ولا نخسر أنفسنا أو غيرنا .

 ايها الاله الرحوم نشكرك على صبرك وحلمك ونعمتك التي تهبنا حياة ونجاة وخلاص. ليعطينا روحك القدوس حكمة بها نصبر على تقلبات الناس والأحداث لتبحر سفينة حياتنا بسلام ونصل الي شاطئ الأبدية ونحن رابحين أنفسنا وننال النصيب الصالح مع أبائنا القديسين، أمين.

السبت، 3 أبريل 2021

خواطر في الحياة الروحية (3) القبول الإلهي وقبول الذات والغير


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

قبول الله لنا...
+  هل يمكن أن نتعاون معاً ونقبل بعضنا البعض كما يقبلنا الله ؟ عندما نتعاون معا من مختلف الأديان والحضارات والأجناس نثري الحضارة الإنسانية بتنوعنا، ونعمل على مواجهة الأمراض والأخطار التي تواجه العالم من مرض وفقر وجهل وتخلف؟ وعلينا ان نقبل الغير والمختلفين عنا بروح الاحترام والتقدير. بل علينا ان نتعلم ان نحب الآخرين ونقبلهم كما هم لا كما نريد ان يكونوا وهذه هى القاعدة الذهبية في التعامل كما أمرنا السيد المسيح { وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا }(لو 6 : 31). لقد جاء السيد المسيح ليهبنا الحياة في ملئها ويشبع نفوسنا لحياة أفضل ويكون لدينا التوافق والانسجام النفسي والاجتماعي والروحي.
+  الله يغفر الخطية والتي تورث الكآبة والإحباط والشعور بالذنب والصراع النفسي الذي يصيب الفرد عندما ينقسم على نفسه أو لا يقبلها. الله عندما يغفر للخاطئ التائب المعترف خطاياه ينساها ولا يعود يذكرها له. وهو يريد منا إن نرجع إليه ونتوب { هلم نتحاجج يقول الرب كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف } (أش 1 : 18). من رحمة الله انه يمنحنا القبول والغفران { أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أعود اذكرها } (أش 43: 25). عندما رجع الابن الضال الذي بدد نصيبه من ثروة أبيه تائباً نادماً، قبله أبيه فرحاً { السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب } وها هو ينتظر رجوع كل خاطئ فاتحاً ذراعيه ليقبله فرحاً ويعيد له سلامه المفقود. وكما ان الله يغفر خطايانا ويقبلنا علينا أن نسامح ونغفر للآخرين أخطاءهم. إن الله يريدنا أن نغفر للآخرين أخطائهم إلينا ونقبلهم كما نصلي ونقول { اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا}. ومارس الرب يسوع الغفران للمسيئين إليه على الصليب فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون }(لو 23 : 34). وعلى مثال سيده غفر شهيد المسيحية الأول استفانوس لراجميه قائلاً { يا رب لا تقم لهم هذه خطية } (أع 7 : 8 ). على قدر طاقتنا يجب أن نسالم جميع الناس ونصلى من أجل أن يعطينا الله النعمة والقوة لنغفر للمسيئين إلينا ونقبل من الله نعمة الغفران ونمحنها للغير{ اقبلوا بعضكم بعضاً كما قبلكم المسيح أيضا لمجد الله} (رو 5 : 7 ).  المسيحية في جوهرها هي ديانة الحب والقبول للجميع بدون تمييز عنصري او ديني او طبقي او عرقي او سياسي ، وهذا ما جاء الرب يسوع ليعلمه لنا، ويعملهُ معنا. ان نحب الاعداء ونصلي من أجل المسيئين ونبارك علي المضطهدين لتغير المحبة قلوبهم وتشفى أمراض نفوسهم وأجسادهم وأرواحهم.
+ قبول الذات...
نحن نعيش في مجتمع لا يعترف إلا بالانجازات والانتصارات ويرفض الفشل ، حتى الآباء ينقلون لأبنائهم هذا المفهوم فإن حصلوا على درجات ممتازة كانوا مقبولين . لكن الوضع السليم أن نأخذ بيد الضعيف ليقوى والمريض ليشفى والذي يتعثر في مرحلة من مراحل حياته نساعده عثرته لتكون فرصة للتعلم والنجاح في المراحل المقبلة. لقد شجعت أم توماس أديسون ابنها الذي اتهم بالبلادة والغباء فكان ذلك فرصة لتخلق منه عالم مخترع ندين له باكتشاف الكهرباء وما يزيد من ألف اختراع . الله يحبنا حب غير مشروط ويريد منا ان نكون مستقبلين لمحبته لا ينبغي أن تكون قديس لتأتي إليه ويحبك ويقبلك. بل يجب أن نأتي اليه كما نحن، إذ ونحن خطاة مات المسيح من أجلنا وهو يريد أن تأتي إليه بضعفنا ونتجاوب مع محبته وهو يحررنا من كل ضعف و يجعلنا أقوياء به ومن أجل مجد اسمه.
+
اقبل ذاتك بما أعطاك الله من وزنات ومواهب وملامح بما فيك من عيوب ربما في الشكل (قصير – غير جميل – معوق) أو حتى العيوب النفسية والشخصية. فإن ما فيك حتى من عيوب وضعفات هذا ما يجعلك متميز ومتفرد على الآخرين . وما تستطيع علاجه من ضعفات فأنت قادر بالجهاد والصبر والعمل على معالجته .
 +  
طور نفسك روحياً واجتماعياً ونفسياً وفكرياً واعلم إن الله يحبك ويقبلك ويريد خيرك وفيه تستطيع كل شئ فهو يقويك { لأنه إن كان النشاط موجود فهو مقبول على حسب ما للإنسان لا على حسب ما ليس له }(2 كو 8 : 12). ثق في نفسك وأقبلها مهما كانت إمكانياتك وكن متواضع غير ساعي للمديح وان مدحك للآخرين اشكر لهم تقديرهم لك مبينا نعمة الله وفضل الآخرين الذين ساعدوك فلا تكن ناكراً للجميع.
+
علينا أن نستمع إلى النقد الموجه لنا برحابة صدر فإن كان النقد صحيح وبناء نقبله ونجعله فرصة لفهم ذواتنا وإصلاحها، فالأخرين يرون ذاتك أكثر مما ترى نفسك لا سيما في العلاقات الأسرية والشخصية واليومية أما إن كان النقد هدام فلا تغضب واقبل الرأي الأخر عالما دوافع الناس السلوكية واعترف أنه ليس إنسان كامل والتمس الأعذار للناس، وأفسح في قلبك وفكرك مجالاً متسعاً لقبول المختلفين في الرأي عالماً قيمتك الإنسانية.
 +
أسعى في تواضع ومحبة ووداعة للتعامل حتى مع المرضى أو الحالات السلوكية الشاذة .
إننا عندما نتفهم ذواتنا بما فيه من ضعفات ومواجهتها إيجابيا نستطيع أن نتعامل مع الآخرين ونحتمل أخطائهم و نقبلهم كما هم وليس كما نريد أن يكونوا. وفي جو المحبة والاحترام نساعدهم على تخطي ضعفاتهم أو حتى فشلهم .
 +
اقبل ذاتك شاكرا الله على ما لديك من وزنات ومواهب ونمي ما منحك الله من مواهب وهي كثيرة . فهل تبيع يديك أو نظرك وبأي مبلغ ؟ حتى ما فيك من ضعف تستطيع أن تعالجه ليصبح موضع قوة وفخر وليس موضع كبرياء أو افتخار مرضي . الله ينظر إلى قلبك وما فيه من محبة وعلى مقدار ما أحبنا الله واشترانا بدمه الثمين فنحن مقبولين لديه، وهو ينظر إلى نوايانا ودوافع سلوكنا، فقد مدح فلسي الأرملة وعطائها القليل واعتبره أثمن من الذين أعطوا الكثير لأنها أعطت من أعوزها وهو يُقدر ما تقدمه من خير ويشجعك على ما لديك من عطايا تستخدمها لمجد اسمه.
 +
أهتم بعلاقاتك الاجتماعية سواء في الأسرة أو العمل أو الوسط المحيط وليكن هدفك تطوير وإثراء ذاتك وشخصيتك لمجد الله ولتصل إلى حياة سعيدة ولا تحاول أن تكون صورة من غيرك فأنت فريد في شخصك لكن عليك أن تقتدي بالصفات الحسنة في معلمك الصالح والقديسين وكن كالنحلة التي تأخذ من رحيق مختلف الأزهار لتصنع عسلا حلو المذاق و كن منفتحا على آراء وثقافات وفضائل الآخرين فإن هذا ينميك ويجعل منك بركة لنفسك وللآخرين .
قبول الآخر....
إننا مدعوون لقبول الأخرين واحترامهم مهما كان شخصياتهم. علينا قبولهم بايجابياتهم وسلبياتهم، فهم خلقوا على صورة الله ولا تنتظر أن يكون أحد صورة منك. الأخر قد يكون زميلك في الدراسة أو العمل أو جار لك في السكن أو المجتمع، وقد يكون الأخر مختلف عنك في الدين أو العرق أو الجنس أو الرأي أو العقيدة. وقد تتعامل معهم سواء وجها لوجه أو كما نتعامل الآن معا عن طريق الإعلام والكلمة المقروءة . اقبل الغير كما هم دون أن تتنازل عن المبادئ والأخلاقيات التي عندك .
 +
أن قابلت معاملة سيئة من الغير فلا تعاملهم بنفس المعاملة السيئة وتدعهم يقودك إلى رد فعل سلبي . فالنار لا تطفئها النار بل الماء . وإن أراد الأخر أن يضرك فدافع عن نفسك بأسلوب سليم وبالمنطق وترد الأذى دون أن تدمر الأخر بل تُصلح من أمره وتبين خطأ موقفه تجاهك . وكلما كانت قضيتك عادلة وتدافع عنها بالحق ستصل إلى هدفك ولو بعد حين فلا تيأس ولا تفشل في عمل الخير. لا تعتبر الأخر مزاحم لك يريد أن يأخذ مكانك ذلك التفكير الطفولي الذي يدمر علاقتنا بالآخر. ولا تعتبر الأخر وسيلة للوصول إلى هدفك وتكون بذلك أنانيا بل في تعاون وتفاهم تشجع الآخرين وإن اختلفوا عنك في الرأي أو العرق أو الدين أو اللون تلك الاختلافات يمكنها أن تثري شخصيتك وثقافتك .سأل البعض الأنبا باخوميوس أب الشركة الرهبانية في أن يقص عليهم احد الرؤى فقال لهم الخاطئ مثلي لا يطلب من الله أن تكون له رؤى مع هذا أقول لكم إذا رأيتم أنسانا طاهرا متواضعا فهذه أجمل المناظر والرؤى لأنكم تروا فيه الله غير المنظور من خلال الإنسان المنظور الذي هو هيكل لله علينا إن نكتشف الإيجابيات التي في الآخر وليس سلبياته وأحترم وتقبل ما فيه من اختلاف ولا نرى فيه سببا لإعاقتنا عن بلوغ أهدافنا في الحياة .

   + في ظل الاختلاف الحضاري والديني والعرقي في عالمنا المعاصر نحتاج إلى التسامح والتعاون والتكامل وقبول الآخر لنخلق جسور للانفتاح الفكري والثقافي والديني، نحن ننمو في إيماننا وننتمي لمجتمعنا و كنيستنا مع الانفتاح علي الآخرين دون تعصب او تطرف أو انغلاق. أننا نحتاج إلى التعرف على وجهات النظر المغايرة لنتجاوز التمركز حول الذات الذي يوقف النمو السليم للمواطن الصالح. ويجب أن نؤمن بحق الأخر في الحياة والحرية والنمو دون إلغاء أو تهميش أو تعصب أعمى يقود إلى تخلف الأفراد والمجتمعات والدول. وكلنا أمل لكي نعمل معا لا سيما قادة الدول والفكر والدين من أجل خلق أجواء صالحة لاحترام وقبول الآخر والتعاون من أجل بناء عالم أفضل ومستقبل مزدهر للبشرية. فلنتقدم إذا إلى الله طالبين شفاء جراحنا وإطلاق مواهبنا ونمو لشخصيتنا ونقبل منه بالغفران والقبول { لأنه ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفنا بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية. فلنتقدم إذا إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة وعوناً في حينه } (عب 4 : 15 ، 16 (
أجعلنى مقبول لديك ..
+ لقد خلقتني يا الله على صورتك، ووهبتني وزنات ومواهب وحرية خلاقة، لأعمل وأبدع في مجتمعي. لقد قبلتني وأنا خاطئ ، و حررتني من الخطية والضعف والخوف والرياء. وأنت تقودني في موكب نصرتك . ربي علمني أن أقبل نفسي وأطورها .أقبل ذاتي فيما لا أقدر أن أغيره، وانمي ما لدي من وزنات ومواهب، وأقبل الآخرين واحترامهم كما هم، وأعوانهم لاكتشاف أفضل ما عندهم، مقدرا اسهامهم ومشاركتهم في البناء. لنتعاون معا لخلق مجتمع فاضل، علمني يارب أن أعرف قدر نفسي وابذل وأكون نور وملح يعطي طعم طيب للمحيطين بي. اجعلني احبك وأحب نفسي والغير، محبة روحية تبني وتطور وتهدي، ربي اجعل حياتي مقبولة أمامك.

الجمعة، 2 أبريل 2021

خواطر في الحياة الروحية (2) أستمتع بجمال اليوم

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ أفضل طريقة للتحضير للمستقبل الناجح هي توجيه أفكارك وطاقتك وجهدك لعمل اليوم. فاعمل على إنجاز أعمال اليوم ولا تؤجلها إلى الغد ولا تحزن علي ما مضي لأنه قد انقضى ولا تقلق علي الغد لأنه لم يولد بعد واستمتع بجمال اليوم في فى كل من تقابله من ناس وأحداث وفي الطبيعة من حولك، مع إشراقة اليوم الجديد قل مع المرنم في المزمور { هذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج و نفرح فيه } (مز 118 : 24). حتى التحديات التي تواجهك أعتبرها فرصة لإثبات الذات والتغلب بالإيمان على المشكلات. أن أفضل طريقة لغد أفضل هو أن نعمل ونوفق ونسعد بعمل اليوم وننمو اليوم في معرفتنا ومحبتنا لله ولأنفسنا والناس ولهذا سيكون الغد على ما يرام ونرجوه حتى لو تعثرنا في شئ فليس ذلك نهاية المطاف بل هي فرصة للتعلم من أخطائنا وتصحيحها وعلاج ما لدينا من قصور لنستمد روح من الله بالإيمان العامل بالمحبة التوفيق والقوة والنجاح { فاجبتهم وقلت لهم ان اله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني } (نح  2 :  20).

+ أعمل الخير مع كل من تقابلهم، الذين تظن أنهم يستحقونه، ومع الذين يسيئون اليك أو لا توافقهم الرأي فابوك السماوى يشرق شمسه على الأبرار والأشرار ويمطر على الصالحين والطالحين. عامل الناس بحسب طبعك الخير وليس كرد فعل لتصرفاتهم وأفعالهم نحوك وستحصد الأجر السمائي من الله وتجد المقابل حتى لو بعد أيام كثيرة { ارم خبزك على وجه المياه فانك تجده بعد ايام كثيرة} (جا 11 : 1). احصل على سعادتك من أبسط الأشياء في يومك، فلا تتطلع إلى سعادة بعيدة المنال بل أفعل ما يسعدك اليوم ووطد عزمك كل يوم أن تحيا حياة موفقة لقد كتب أحدهم قائلاً  "ما أعجب الحياة، يقول الطفل: عندما أشب فأصبح غلامًا، ويقول الغلام: عندما أترعرع فأصبح شابًا، ويقول الشاب: عندما أتزوج، فإذا تزوج قال: عندما أصبح رجلاً متفرغًا. فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التي قطعها من عمره، فإذا هي تلوح وكأن ريحًا باردة اكتسحتها اكتساحًا.. إننا نتعلم بعد فوات الأوان أن قيمة الحياة في أن نحياها، نحيا كل يوم منها وكل ساعة ."  والان اليوم هو المتاح لك لتحيا سعيدا وتزرع الخير والسعادة لكل من حولك و تحصدها { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء أكثر من الاخذ} (أع 20 : 35).

+ أن الغنى الحقيقي هو غنى وثراء النفس وقناعتها ورضاها بالقليل وسعادتها به { وأما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة }(1تي  6 :  6) ليس الغنى في كثرة الممتلكات بل في قلة الاحتياجات. فعود نفسك على القناعة والرضا وأشبع بالله ومحبته ومحبة الناس وليكن المال خادم جيد لك وليس سيدا قاسيا عليك. استخدم ما لديك فى تحقيق الخير لك وللغير. وكن صادقا وأميناً مع نفسك ومع الغير.  من يتعود على القناعة يرى الحرية في ان لا يمتلك الكثير بل في الرضى بالقليل مع الإيمان بالله والثقة به. قرر اليوم ان تحيا سعيد، وستحصل على السعادة فالتوجه العقلي بأن نكون سعداء يجعلنا نفرح بالرب وبكل ما يقدمه لنا من ناس وأحداث وأشياء. صلي لكي يكون يومك طيباً ملئ بالخير والنجاح فكل ما تقابله في يومك فرصة لك للعمل والتفوق والخير والسعي في اثر السلام وصنعه لتحيا مرتاح البال وسعيد  وفي أخر اليوم وقبل النوم حاسب نفسك فيما أحسنت واشكر الله فيما أخطأت وقدم توبة صادقة عنه وأتخذ قراراً أن لا تكرر أخطاء اليوم من أجل غد وحياة افضل.

الخميس، 1 أبريل 2021

خواطر في الحياة الروحية- 1- الوقت والنجاح


               للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ حياتنا اليوم ومستقبلنا وسعادتنا أو متاعبنا هم نتاج أفكارنا، فقد يواجه عدة أشخاص نفس الظروف والمعوقات ولكن كل شخص يتصرف بطريقة مختلفة حسب أفكاره وقيمه ومبادئه وعلاقته بالله والناس ولهذا يحصل كل إنسان على نتائج مختلفة حسب فهمه للمواقف وكيفية مواجهته للمعوقات. ولهذا علينا أن نبني أنفسنا على إيماننا الأقدس ونستلهم من روح الله الأفكار الإيجابية والخلاقة ونعيش كما يحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح ونتعلم من المعلم الإلهي ونسير على خطى الراعي الصالح الذي كان يجول يصنع خيرا فنستريح  ونسعد من حولنا. ولان الرب صالح ورحوم ومحب للبشر فان أفكاره نحونا هي أفكار سلام وخير ليعطينا آخرة ورجاء { لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ يَقُولُ الرَّبُّ أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرٍّ لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً} (ار  29 :  11) وعلينا نحن أن نفكر فى الخير والسلام ونسعي نحو ملكوت السموات برجاء صالح ونراقب ونوجه أفكارنا ويكون لنا الفكر المستنير ونتعلم من الأباء القديسين كيف نتغلب على ضعفاتنا وننمي إمكانياتنا ونتعلم من حكمة الحكماء فى كل مجال ونسعي لنقتني الفكر المستنير بالعقل الناضج والمنفتح والقلب المتسع والروح الوديع المتضع. نراقب أفكارنا فانها ستتحول الي أفعال، ونضبط افعالنا لأنها ستصير عادات، و نغير عاداتنا للأفضل فإنها ستشكل حياتنا فكما تكون حياتنا ستكون حياتنا الأبدية.

+ الوقت عامل مهم في نمونا ونجاحنا فى الحياة. والمؤمن يسلك بالتدقيق ويستغل الوقت ويستثمره جيداً لينجح ويعمل الخير ويبنى نفسه والغير { فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة.} (أف 15:5-16). الوقت الذي يمضي لن نستطيع تعويضه وعلينا أن نجاهد ولا نكل ونعمل باستمرار حتى تنضج شخصيتنا ونحقق آمالنا فى الحياة ونأتي بالثمر ومتى أتى وقت الحصاد نصل إلى الأبدية السعيدة ونحيا مع القديسين فى حضرة الله كل حين.

+ أن اردت ان تنجح فانظر للامس بعين الصفح فقد عبر الأمس ولن يعود ويمكن أن ناخذ العبر والدروس منه، وبقدر ما فى الماضى من إيجابيات نتعلم ان نبني حياتنا على صخرة الإيمان المسلم لنا من القديسين { واما انتم آيها الأحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس}(يه 1 : 20). الحكيم يتعلم من حياة وأقوال من سبقوه من قديسين ورواد فى كل مجال ويبنى عليها حاضر سعيد ومستقبل أفضل.

+ تطلع إلى الحاضر على أنه فرصة لمحبة الله وعمل مرضاته كل حين. كما ان اليوم هو مجال للعمل ومحبة الغير وعمل الخير { فإذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان }(غل  6 :  10). نحيا فى حرص وتدقيق من أجل خلاصنا مبتعدين عن العثرات والأشرار وطرقهم ومشورتهم { بل عظوا أنفسكم كل يوم ما دام الوقت يدعى اليوم لكي لا يقسى احد منكم بغرور الخطية} (عب  3 :  13). نسعى لإتمام أعمال يومنا وواجباته بامانه ونستجيب لنداء وإرشاد روح الله لنا وننقاد له فى كل عمل صالح وندعوه ليشترك معنا فى عمل الخير.

 + نتطلع إلى الغد بعين الرجاء والثقة فى الله القادر ان يقودنا فى موكب نصرته ولا نقلق من أجل المستقبل{ فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره} (مت 6 :34). فما دام الغد فى يد الله فلا نقلق من أجله بل نعمل اليوم بجد {عاملون ليلاً ونهارًا كي لا نثقل على أحدٍ منكم} (1 تس 2: 9). فلا نهتم بما نواجهه غدًا، إنّما يكفي أن نعمل اليوم ونجاهد، وكأن الله وهو يمنعنا من القلق يحثّنا على الأمانة في أداء عملنا اليوم. ونقدم الشكر لله من أجل مراحمه ومعونته واحساناته المتجددة كل صباح. ونتكيف بمهارة مع مختلف الظروف التي تفرضها عليك الحياة. وليكن لنا أهداف سامية نسعى من أجلها ورسالة مقدسة نعمل من أجلها ونسأل الله فى كل صباح { يا رب ماذا تريد ان افعل} (أع  9 :  6). ونثق فى قيادة الله الحكيمة لنا كل الأيام وهو الذي قال: {ها أنا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت  28 :  20).

+ نصلي الى الرب الهنا أن يبارك حياتنا وأوقاتنا ويهبنا الحكمة والنعمة لنعوض ما مضى وفات من وقت لم نستثمره جيداً ونصلي ليقودنا بروحه القدوس ويهبنا النجاح والتوفيق ونحن عبيده نقوم ونبني ونرمم الثغرات ونعالج الضعفات ونتوب عن الخطايا ونعمل بر ونسلك في مخافة الله ومحبته لليوم الأخير، أمين .

شعر قصير -116 - علمني يا رب

 

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

(1)

" الكَرْمَةُ المُشْتَهَاةِ"

أيها الرب إله القوات أرجع وأنظر وأطلع من السماء

وتعهد الكرمة التي غرستها يمينك بالخصب والنماء

انت يارب تحرسها وترويها وتعهدها بمحبة واعتناء

تسيج حولها باسوار فلا يدخلها المفسدين او الدخلاء

ترعاها بمهارة وقوة ذراعيك فلا يؤذيها شر من الأعداء

إن كرم رب الجنود هو كنيسته وشعبه من بنات وابناء

وينتظر منا ان نصنع ثمرا جيداً فأتمروا وكونوا أوفياء

.........

(2)

اصرخ قول أرحمني يارب"

أوعي تتشبه بالفريسي وتفتكر بأنانية أنك إنسان بار

وتفتخر بأعمال خيرية قدام الله كلنا خطاة بل أشرار

في نور شمس البر مفيش بار ولا واحد ومصيرنا النار

اصرخ قول أرحمني يارب أنا الخاطئ وتشبه بالعشار

الله يدي نعمة للمتواضعين وبثوب بره يسترهم البار

باب رحمة ربنا مفتوح ويغفر وعلى أولاده وبناته يغار

فمن يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرفعه الستار

.....

(3)

" يارب علمني "

يارب  علمني ما استهونش حتى بالبواقي أو الفتات

وازاي بركتك تشبع من صغار السمك والخمس خبزات

وكمان يفيض منها ١٢ قفة تشهد لنعمتك وقت الأزمات

دربني إزاى أتخلص من ضعفاتي وأبذل بحكمة الذات

علمني أشجع صغار النفوس بالعمل أو حتى بالكلمات

أجرى وراء الخروف الضال واسترده من بين الأموات

أعمل خير لو كاس ميه، ميضعش أجرة في السماوات

أديني حكمة أحول الكَسْرَةُ لما تيجي لقوة وانتصارات

.........

(4)

" أشكرك في كل حال"

اشكرك يا الله إلهي على كل حال وعلى مدى الأيام

أحمدك حين تهب النعم وحين يسود الحياة الظلام

أسبحك على وقت الراحة أو في الجهاد بهمم العظام

أحمدك في صحة وعافية أو حتى في المرض والسقام

وأطلب فقط لتحل بالإيمان فينا وتهب القلب السلام

فكل الأشياء تعمل معاً للخير لمحبيك بحكمة ونظام

ليس لك مثيل يا رب ممجد في قديسيك ولك الأكرام

........

(5)

" علمنا كيف نصلي؟"

علمنا كيف نصلي إليك من كل قلوبنا بالحق وبالروح؟

ندخل الى الأعماق ونحبك وأسرار ملكوتك لينا تبوح

وأصرخ مع العشار اللهم ارحمني أنا الخاطئ المجروح

أجعلني صلاة من أجل عالم متعب ومن الآلام بينوح

أنقذ سفينة حياتنا يارب من غرق في الأفق عم بيلوح

ملناش غيرك نلجأ إليه ينقذنا من وباء وشيطان لحوح

مع الأعمي نصرخ أفتح عيونا لنرى عملك بكل وضوح