نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الثلاثاء، 28 مارس 2017

محتاجك أنت


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
.......
محتاجك أنت كراعي صالح
مش أي حد يوجهني بس
لفين المنافع والمصالح
دا أنت تقودني وراك أسير
كسفير صالح
أدعو للتوبة والتصالح
ولما أتعب وأخور،
تكون لي ظل
وتاخد بيدى لبر الأمان
ولما أعطش ترويني أنت
من نهر حبك
ولا يوم في قربك أبداً أذل
......
محتاجك أنت يا نور العالم
ومعاك حياتي تكون
وأضحة المعالم
مهو أنت ياربي بضعفي عالم
ومعاك يكون يارب قلبي سالم
من الشرور اللي في العالم
وأعمل أردتك كل حين
من غير ما أكون أنا بس حالم
نورك يبدد ظلمتي
وهو يقود حياتي وخطوتي
ومعاه تكون مستنيره نظرتي
تسكن في قلبي كنصيب دائم
لحياتي تكون ضابط وحاكم
..........
محتاجك أنت خبز الحياة
معاك هاشبع من بعد جوع
واَشبع معاك كمان الجموع
وتكون سعادتي من غير دموع
مهو فيك أنت يا يسوع
كل السعادة والرضا
ومعاك منا يفوح ثمر الروح
ونضمد معاك للناس جروح
نشهد لحبك فين ما نروح
ننمو وأمامنا بابك مفتوح
وفيك الثبات حتي الممات
ويكون لينا معاك قيامة وحياة
سلام ومحبة كل الأوقات
.....
محتاجك أنت باب الخراف
معاه أقوم وأسير وأنام
من خير ما أخاف ولا أهاب
من الأسود ولا الذئاب
وبيك أدخل لبيت الآب
وأشبع معاك بدسم الكتاب
وتعلن لي أسرارك من غير حجاب
وتحل فيّ وأحيا بيك
كلي شباب
محفوظ بيدك في الذهاب أو الأياب
تغفر ليّ ذنوبي كاب صالح
من غير عتاب ولا عقاب
........
محتاجك أنت سيد حياتي وربها
عريس نفسي ومحبوبها
سلام لذاتي في ضيق الحياة وكربها
مخلص نفسي من عيوبها وضعفها
ومن شهوات العالم وشرها
تديني غلبه في حروب إبليس ومكرها
تديني نعمة وحكمة لروحي تقودها
وبيك أثمر وثمري يدوم للمنتهي
ولما يدنو وقت الرحيل
الأقيك يا أبويا
لروحي حضن حنون يضمها
وتبقى أنت وحدك لروحي فرحها
وأحيا معاك أمجاد السماء وأنوارها
....

الاثنين، 27 مارس 2017

شعر قصير (49) كلك حب


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

" أنت أبويا"
عاوز أكتبلك يا الهي وأقول كلمتين من القلب
أنت أبويا ومعينى ويجب لك الأخلاص يارب
مفيش زيك يسعدنا ويصبر علينا ويزيل الكرب
بتسمع وتفهم وترعي وتسند فى الزمن الصعب
لما نجوع بتشبعنا بحنانك وتروينا وكلك عذب
ولما نزعلك ونبعد تنتظرنا كأم حنون فى الدرب
لا تعاتب ولا تغضب وتقول ما أحلي مني القرب
أحساناتك وجمايلك علي راسي يارب كلك حب
........

"2"
" يحقق الوعود"
متشليش الهم وتتألم وتقلق وربنا موجود
القى عليه همك وأنتظره وعليك بالخير يجود
العصافير بيطعمها الهك وبالأكل لفرخها تعود
وزنابق الحقل بيكسيها جمال ملهوش حدود
القى همك علي ربك وثق فيه وقله علينا سود
أعمل المطلوب منك وهو يكمل بحبه المعهود
إيماننا ورجائنا فيه ثابت وهو يحقق الوعود
........
(3)
" صلي من أجل شعبه"
يا أمي لا تبكي ولا تحزني من أجل من مات وقام
بل صلي من أجل من شعبه الذى يعاني الظلم والآلام
طريق الجلجثة طويل نمشيه مع شهدائنا بهذا الصيام
يسير فيه مهجرين من ديارهم والمضطهدين بفكر ظلام
ونرزح تحت ثقل الصليب بأصوات تكفير وكره لا تنام
فليكن صوتك يا أمي الحزينة لرآب الفتن وهجر الخصام
لتنعم بلادي بأمن ووحده ويحيا شعبي فى محبة وسلام
......
(4)
" يحرر ويغير"

لمن يبحث عن المحبة الصادقة ومش لاقيها بين الناس ؟
تعالي لالهك وأشبع من ينابيع المحبة والرحمة والأخلاص
للمريض ونفسه متعبة ويأئس وروحه تئن ومنحني مكسور
صلي وأطلب من قلبك الشفاء لجراحك تشفى وتحيا فى النور
للخاطئ أو اللي حمله تقيل وبربط الخطية وللشهوات أسير
يسوع المسيح يحرر ويغير ويخلينا فى طريق القداسة نسير
هو الرفيق طول الطريق والقيامة والحياة والفرح فقط معاه
......
(5)

" تاثير الأصدقاء"
كما تري حقيقة وجهك في المرآة
هكذا تكون بمن حولك من أصدقاء
فمن يجري مع الذئاب يتعلم العواء
ومن يخالط النسور يحلق في السماء
فصادق القديسين والأخيار والعقلاء
وأبعد عن من يقودك للشر والكبرياء
فيصير حكيم من يمشي مع الحكماء

الخميس، 23 مارس 2017

المسيح رجائنا

المسيح رجائنا
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أهمية الرجاء فى حياتنا ..
+ الرجاء قيمة روحيّة وفضيلة هامّة فى حياتنا ... فهو قوة دافعة للنشاط والعمل وبه نعمل لنصل الى مستقبل أفضل فى هذه الحياة. الرجاء هو دافع للتقوى والفضيلة من أجل الوصول الى النجاح والتفوق وللسعي من أجل محبة الله والوصول لملكوت السماوات. الرجاء المسيحي يعتمد علي محبة الله الآب السماوي لنا وسعيه لخلاصنا حتى دون أن نطلب. فقد أتي السيد المسيح للمخلع عند بركة بيت حسدا ليشفيه دون أن يطلب، الذى ليس له أنسان يحمله له الله يأتي ويفتقده إنه شيء مفرح أن يعطينا الله ما نطلب. والخلاص والفداء والبذل علي الصليب تم دون أن نطلب بل من عمق المحبة الإلهية نحو البشر. أبوة الله الحانية، التي تدرك تمامًا ما نحتاجه وما يلزمنا، فيعطينا من فيض محبته، وليس لمجرد استجابته لصلواتنا. الله يتوق لخيرنا لذلك نثق أن الله لا يتأخر عن طالبيه ونتمسك بالرجاء { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23). فالرجاء دافع للاتحاد بالله والصلاة اليه والعمل بوصاياه للتغلب على كل مصاعب رحلة الحياة بقوة الله وعمل نعمته ، فللخاطئ رجاء فى الله بالتوبة ، وللمريض رجاء فى مقدرة الله فى شفائه، والمحزون له رجاء فى العزاء ، والمظلوم له رجاء فى الانصاف وللمحتاج ثقة فى قدرة الله على أشباع احتياجاته، ولمن يعانون من المشاكل النفسية أو العائلية او الاجتماعية رجاء فى الله ليحلّها ويخلصهم. ويوجد للدول رجاء بالتخطيط والعمل والمتابعة فى التغلب على مشكلاتها. وعلينا أن نصلي أيضا من أجل أن يحقق الله رجائنا في رعايته لنا ولبلادنا فمهما بلغنا الاتقان فى التخطيط والعمل نحتاج لمعونه وقوة الله وحفظه، فالعالم يقف عاجزاً امام قوى الطبيعة من أعاصير وزلازل وبراكين وكوارث وعلينا أن نتمسّك بالرجاء فى الله، رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين.
+ اليأس من أخطر الحروب الروحية التى تحارب المؤمن... اليأس يجعل الحياة ثقيلة بل ومستحيلة ويتسبب فى عدم التكيّف مع الوسط المحيط والفشل والاحباط والكآبة واخيرًا قد يقود الى الانتحار فالرجاء حصن لمن يتمسّك به { ارجعوا الى الحصن يا اسرى الرجاء اليوم ايضا اصرح اني ارد عليك ضعفين} (زك 9 : 12). لقد رأينا كيف اخطأ اثنان من الرسل . فالقديس بطرس الرسول في ليلة آلام السيد المسيح انكر وجحد السيد المسيح ويهوذا تآمر مع اليهود وسلّمه لهم ، لكن بطرس رجع الى نفسه وبكى بكاءً مرًّا وتاب وقبل الله توبته وردّه الى رسوليته اما يهوذا فندم ولكن فقد رجاءه ومضى وشنق نفسه وهلك { اذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. فان هذا اقتنى حقلا من اجرة الظلم واذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت احشاؤه كلها. وصار ذلك معلوما عند جميع سكان اورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما اي حقل دم.لانه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن ولياخذ وظيفته اخر}( أع 17:1-20). في المسيح يسوع هناك رجاء ليونان فى بطن الحوت أن ينجو وللفتيلة المدخنة أن تشتعل والقصبة المرضوضة أن تستقيم وللص المجرم أن يتوب ويقبل الله توبته.
+ رجاءنا الراسخ فى الله... لانه قادر على كل شئ ومنه تأتى الينا كل بركة روحية. أن الله كأب صالح ومخلص ومنقذ لشعبه قد لا ينتظر حتى يصرخ الإنسان إليه، وإنما من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم -يقول الرب- أصنع الخلاص علانية" (مز 11). من أجل خلاص الناس ومن أجل شقائهم وتنهدهم، يقوم الرب ويصنع الخلاص، سواء طلبوا أو لم يطلبوا لم يطلبوا. وهكذا في كل مرة يري فيها الله مذلة شعبه (خر 3:7)، يرسل لهم مخلصًا يخلصهم، كما فعل أيام موسي. ولقد أنقذ الله أسحق من الذبح، في اللحظة الأخيرة، والسكين فوق رقبته، دون أن يطلب (تك 22). لذلك قال يعقوب أبو الأباء { من اله ابيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تاتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت} (تك 49 : 25). من اجل ذلك نطلب الله ونلتمس معونته { اطلبوا الرب وقدرته التمسوا وجهه دائما} (مز 105 : 4). اننا نثق أن غير المستطاع لدى الناس مستطاع لديه { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله }(مر 10 : 27). ان رجاءنا فى الله لانه قادر على كل شئ وهو اله قادر ومحب ومحبة الله لا تعتمد على صلاحنا بل على ابوّته وصلاحه { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} (مر21:3-25). من أجل هذا نحن نتمسك بالرجاء لان الهنا امين وقادر ومحب وهو يريد منا ان نتمسك بالرجاء فيه لنصل الى غنى مجد ملكوته { الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد} (كو 1 : 27). ونحن نتمسك بوعوده الصادقة الامينة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك واعنتك وعضدتك بيمين بِرّي} (اش 41 : 10). من اجل ذلك قال المرنم { الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر ، الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء} (مز8:118-9). والله لكي يبث فينا روح الرجاء يعطينا الكثير من الوعود لنثق فيه ويقول لنا انه أحن من الام علي ابنائها { هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وانا لا انساك. هوذا على كفي نقشتك اسوارك امامي دائما} (اش 15:49-16).
السيد المسيح رجائنا ...
+ قبل ان يأتي السيد المسيح ويحلّ بيننا على الارض كانت انظار البشرية تتطلّع الى مجيئه وخلاصه فهو المخلّص الموعود به لسحق رأس الحيّة ، ابليس (تك15:3) قال افلاطون الفيسلوف المعتبر نبى للامم انه يتوق ويشتاق الى ان يأتي شخص المخلص الذى يعلمنا كل شئ. ولهذا قال اشعياء النبي { ليتك تشق السماوات وتنزل } (اش 64 : 1).قال هذا بعد ان تنبأ عن مولده من العذراء {ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل}( اش 14:7). وتنبأ عن طبيعته الالهية {لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية} (اش 6:9-7). وتنبا عنه أرميا النبي { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء }(ار 29 : 11). من اجل ذلك قال السيد المسيح {فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون ولم يروا وان يسمعوا ما انتم تسمعون و لم يسمعوا} (مت 17:13).
+ وعندما جاء السيد المسيح تهللت الملائكة واعلنت الملائكة بشرى الخلاص للرعاة {واذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} (لو9:2-11). وتمت بولادته نبؤة اشعياء النبي القائل{ هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي اضع روحي عليه فيخبر الامم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم.} (مت 18:12-21) .
+ السيد المسيح يسعي لخلاص كل أحد ... جال السيد المسيح يصنع خيرا ويُعلِّم الشعب ويعلن اقتراب ملكوت الله { وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب. ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} (مت 35:9-36). وقالت له المرأة السامرية ان المسيح عندما يأتى سيخبرهم بكل شئ { قالت له المراة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح ياتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء.قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو} (يو25:4-26). وبعدما أكمل السيد المسيح خدمته الجهارية فى العالم بسط ذراعيه على عود الصليب ليجذب اليه الكل ، الامم واليهود ، من شمال الارض الى مغاربها ومن الشمال الى الجنوب. فقد جذبنا السيد المسيح الى الأحضان الابوية كما قال { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب اليٌ الجميع} (يو 32:12).
+ السيد المسيح رجاء لمن هلك .. هكذا قال المخلص ليطمئننا {لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} (لو 19 : 10) ومن يتكل عليه لا يخزى ابدا { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} ( رو 1:5-5). الله لا يعسر أمر عليه وهو قادر علي كل شيء، لذلك علينا أن نثق فيه ويكون لنا رجاء في محبة الله وفي مواعيد الله، الرجاء في الله الذي قال "لا أهملك ولا أتركك" الله الذي قال "ها أنا معكم كل الأيام وألي انقضاء الدهر" الذي قال "نقشتكم علي كفي" الذي قال "إن أبواب الجحيم لن تقوي عليها. الرجاء في الله الذي عمل في القديم، والذي يعمل كل حين، ونطلب من الله الذي غلب العالم، نرجوه أن يغلب يغلب الإباحية والمادية، ويغلب الحقد والكراهية والانقسام والتفكك والحروب التي في العالم.
+ السيد المسيح رجاء الخطاة .... السيد المسيح يعطي الخطاة رجاء وتوبة ويقبلهم ويحررهم ويغيرهم ويطهرهم ويحولهم الي قديسين، هكذا فعل مع متي العشار وغيره الي تلميذ ورسول {فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة }(مر 2 : 17). ولقد غفر للخاطئة ودافع عنها أمام من ارادوا رجمها. فمن كان يتصور ان مريم المجدلية الخاطئة تتوب وتتحول الى مبشرة بالقيامة حتى للامبراطور واي قوة وشجاعة حصلت عليها بالإيمان لتشهد لبشرى الخلاص . كذلك المرأة السامرية تتوب وتذهب تعلن بشرى الخلاص لاهل السامرة . ومن كان يتصور ان انسانا محباٌ للمال كزكا العشار يتغير بمقابلة صادقة مع المخلص والمحرّر {فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} (لو 9:19-11). وهكذا رأينا شاول الطرسوسى المضهد للكنيسة يتقابل فى الطريق بعد القيامة مع المخلص ويهتدي الى الإيمان ويتحوّل الى مبشِّر يقدم حياته حباً فى مخلصه . أن المسيح رجاء الخطاة والبعيدين والذى نظنه قد هلك. ودم المسيح كفارة ليس لخطايانا بل لخطايا كل العالم { هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا } (1يو 2 : 2)
+ السيد المسيح رجاء المتعبين... هو رجاء المتعبين وثقيلي الأحمال { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} (مت 28:11-30). لقد ذهب الى مريض بركة بيت حسدا الذى تباعد عنه الأهل والاصدقاء وقدم له الشفاء ، وكما قدم الشفاء للعميان قديما يستطيع اليوم وفى كل وقت ان يهب النظر والبصيرة الروحية لنا لنعاين مجد الله ونرى حكمته فى الاحداث من حولنا، وهو الذى نظر لدموع القديسة مونيكا من أجل ابنها أغسطينوس وعمل بنعمته فيه ليرجع الى الله ويصير قديساً .
+ السيد المسيح رجاء للمنبوذين والضعفاء ... لقد ذهب للبُرص وكان هذا المرض يعتبر نجاسة ولكن السيد لمس بيده الشافية البرص وشفاهم وهو الذي يبحث عن الخروف الضالّ ليردّه وعن الابن الضالّ ليهبه البنوّة والمجد ويبحث عمّا ليس له أحد يذكره لان كل نفس لها قيمة غاليه لديه يفرح كأب صالح ان يجمع الى بيته الجميع ، من اجل هذا قال الرب فى حزقيال النبي { انا ارعى غنمي واربضها يقول السيد الرب. و اطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل} (حز15:34-16). لقد نظر الى الجوعى فى البرية فاشبع الالاف بخمسة خبزات وسمكتين وفاض عنهم اثنتا عشر قفة مملؤة ، وانبع الماء قديما من صخرة فى سيناء للشعب عندما عطش ولم يجد ماء والصخرة كانت تشير الي السيد المسيح المشبع ، حتى العصافير يهبها طعامها في حينه الحسن ويقول لنا ان واحداً منها ليس منسيا أمام الله { اليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسيا امام الله. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة} (لو7:12-8).
+ السيد المسيح رجاء المحزونين .. هو الذى تحنّن على الارملة بنايين ولمس النعش وأقام الميت {فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم.فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه}( لو 12:7-15).وهو الذى أقام لعازر من القبر مشفقا على اختيه مرثا ومريم وهو الذى يعزّي كل نفس فى ارض غربتها {قال لها يسوع انا هو القيامة والحياة من امن بي ولو مات فسيحيا } (يو 11 :25).
+ السيد المسيح رجاء الامم .. الذى شفى ابنة المرأة الكنعانية ومدح ايمانها وشفى غلام قائد المئة اليوناني مادحا ثقته وايمانه به . هو رجاء المنكسرين والفقراء والمظلومين والمحتاجين { مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم }( لو 18:4-21).
+ السيد المسيح رجاء الخائفين والمضطهدين.. فهو أمس واليوم والى الابد، يقوى الخائفين ويدافع عن المظلومين والمضطهدين وعندما كانت الريح مضادة على التلاميذ والامواج تتقاذف السفينة وخافوا جاء اليهم { واما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواج لان الريح كانت مضادة. وفي الهزيع الرابع من الليل مضى اليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما ابصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا. فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا انا هو لا تخافوا} (مت 24:14-27). وهو الذي يدافع عن المظلومين والمضطهدين من أجل اسمه فهو الذى ارسل ملاكه ليخرج الرسل من الحبس وبكّت شاول على اضطهاده للمؤمنين فى دمشق وجعله يتوب ويبشِّر بالإيمان المسيحي{ اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم الى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناسا من الطريق رجالا او نساء يسوقهم موثقين الى اورشليم. وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} (أع 1:9-5).
+ السيد المسيح رجائنا الابديّ.. حياتنا الارضية مهما طالت ما هي الا بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل اذا قيست بالابدية. المؤمنين عندهم رجاء في الحياة الأخرى، في العالم الآخر وفي تحقق وعد الرب من حيث ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن ولم يخطر علي بال إنسان. هذه هي الحياة الأخرى التي نجاهد علي الأرض لكي ننالها).وسيأتي السيد المسيح كما انطلق الى السماء فى صعوده ليأخذ قديسيه معه للسماء { وقالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} (أع 11:1). وهناك سنتمجد معه { ايها الاحباء الان نحن اولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} 1يو 2:3-3. ونحن فى كل مرة نصلّي قانون الإيمان نعلن انتظارنا ورجاءنا بقيامة الاموات وحياة الدهر الأتي. ان هذا الرجاء فى الحياة الأبدية هو تعزية المؤمنين وفرحهم في ظروف الحياة الصعبة كما يقول الرسول {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق}(رو12:12)، وأيضاً {فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ} (عب35:10-37). وهذا هو العلاج الناجح الذي قدّمه الوحي في رسالة يعقوب للمؤمنين المتألمين والمظلومين، قائلاً لهم {فتأنوا أيها الأخوة إلى مجيء الرب... فتأنوا أنتم وثبّتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب} (يع7:5، 12). إن مجيء المسيح الثاني هو الرجاء الموضوع أمامنا، بحسب وعد الرب لهم {وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً(يو3:14). ولقد فاه الرب بهذه الكلمات الثمينة لإزالة الاضطراب من قلوب تلاميذه المتألمين لغيابه عنهم. ويجب أن يكون نصب عيوننا المسيح ورجاء الحياة معه . إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه ليحلّ فى قلوبنا ويتمجد بنا وفينا سواء بحياة او انتقال.
كيف نقوى رجائنا فى الله ؟
+ الصلاة ... هى الباب المفتوح نحو السماء الذى يوصل طلباتنا وتضرعاتنا الى الله وبالأكثر عندما تكون مقرونة بالصوم والتواضع والصدقة ونقاوة القلب { الصدقة هي رجاء عظيم عند الله العلي لجميع صانعيها }(طو 4 : 12). الصلاة هى التي انقذت الشعب قديما من مؤامرة هامان لابادة شعب الله { الاله القدير على الجميع استجب لاصوات الذين ليس لهم رجاء غيرك ونجنا من ايدي الآثمين وانقذني من مخافتي} (اس 14 : 19). والصلاة التى خلّصت القديس بطرس من السجن وأنقذت بولس الرسول من مخاطر كثيرة {فاننا لا نريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة ضيقتنا التي اصابتنا في آسيا اننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى ايسنا من الحياة ايضا. لكن كان لنا في انفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على انفسنا بل على الله الذي يقيم الاموات. الذي نجانا من موت مثل هذا وهو ينجي الذي لنا رجاء فيه انه سينجي ايضا فيما بعد. وانتم ايضا مساعدون بالصلاة لاجلنا لكي يؤدى شكر لاجلنا من اشخاص كثيرين على ما وهب لنا بواسطة كثيرين}. (1كو 7:1-11). فلا تيأسوا ابدًا من رحمة الله بل لنتوب عن خطايانا ونحيا بتواضع وبر قدام الله { فيكون للذليل رجاء وتسد الخطية فاها }(اي 5 : 16){ان لان للشجرة رجاء ان قطعت تخلف ايضا ولا تعدم خراعيبها }(اي 14 : 7). وثقوا فى الله الذي { وعلى اسمه يكون رجاء الامم }(مت 12 : 21). لان الله كأب صالح يريد لنا رجاء وحياة ابدية { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء }(ار 29 : 11).
+ القراءة فى الكتاب المقدس وسير القديسين اننا اذ نستنير بالكتاب المقدس ونستمد منه قوة ورجاء من معرفتنا لصفات الله ووعوده الامينة ومعاملاته مع قديسية ونثق فى الله العامل فى الاحداث والتاريخ من أجل خلاصنا {لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء }(رو 15 : 4). القراءة فى سير رجال الله ترينا كيف قاد الله شعبه وقديسيه فى موكب نصرته عبر التاريخ ونعرف حكمة وقصد الله ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا { بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة و خوف} (1بط 3 : 15).
+ الإيمان الصبر والثبات..
بالإيمان يتقوى رجائنا فيقول المؤمن {استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني }(في 4 : 13) بايماننا نغلب الشر والشيطان ونتقوى فى الضعف { لان كل من ولد من الله يغلب العالم وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا} (1يو 5 : 4). والايمان يعطينا صبر وثبات في المسيح. أن الاكاليل لا توضع الا على رؤوس المنتصرين ولكى ننتصر يجب ان ندخل الحروب الروحية ونتعلّم ونتقوّى { واما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الايمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص} (1تس 5 : 8). لقد دخل يوسف الصديق بوتقة التجارب من اخوته ومن الغرباء وعانى الظلم والحبس ليتقوًى ويشتد عوده وينتصر ويرتفع { الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي } (رو 3:5-5 ). نستمر فى الجهاد الموضوع أمامنا وبالرجاء ننظر الي رئيس الايمان ومكمله الرب يسوع { لاننا لهذا نتعب ونعير لاننا قد القينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس ولا سيما المؤمنين }(1تي 4 : 10).
+ القيامة والحياة الابدية حتى عندما يفتقدنا الله أو يسمح بتجارب أو ضيقات يجب ان لا نحزن حتى في أنتقال أحباء لنا لان ذلك هو هدفنا أن نكون مع الله كل حين {ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم }(1تس 4 : 13). بل نثق ان هذا هو تحقيق لرجائنا الابدى ان نستوطن عند الرب {وربنا نفسه يسوع المسيح والله ابونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا ورجاء صالحا بالنعمة }(2تس 2 : 16). وكما قام السيد المسيح منتصرا هكذا احباؤنا لديه قيام فالله الهنا ليس اله اموات بل اله احياء لان الجميع عنده أحياء{ مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات.لميراث لا يفنى و لا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم. انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح. ذلك وان لم تروه تحبونه ذلك وان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد.نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} 1بط 3:1-9.
ثمار الرجاء المتجدد فى حياتنا ..
المؤمن كلما زادت عنده قوة الرجاء كلما أنعكس هذا على حياته العملية وظهر فى تفكيره وسلوكه نتائج الرجاء المبارك وثماره الصالحة في حياتنا ..
الرجاء يعطينا قوة وغلبة .. الرجاء يقوي إيماننا وتظهر ثماره فى قوة المؤمن وتغلبه علي صعاب الحياة وتحدياتها { فقال له يسوع ان كنت تستطيع ان تؤمن كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9 : 23). ان منتظروا الرب لا يخزون ابدا { واما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون }(اش 40 : 31).الذى يحيا فى الرجاء يقول مع القديس بولس الرسول { استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4 : 13). الرجاء يجعلنا ايجابيين فى الحياة نثق ان بعد ظلمة الفجر الحالكة لابد من ان يشرق لنا شمس البر والشفاء والخلاص معه .
الرجاء يثمر فينا شجاعة وطمأنينة .... فنحن نثق فى الله القادر على كل شئ ولن يفصلنا عنه شئ لقد قالوا قديما ليوحنا ذهبي الفم ان الملكة ستنفيه فقال لهم للرب الارض وما عليها ، المسكونة وجميع الساكنين فيها ، فان الله فى كل مكان وقادر ان يقودنا في أمان وينقذنا حتى من الموت { الذي نجانا من موت مثل هذا وهو ينجي الذي لنا رجاء فيه انه سينجي ايضا فيما بعد (2كو 1 : 10). يخاف الانسان الذى لا يثق فى الله ومحبته ورعايته اما المؤمن فواثق حتى لو كان فى بطن الحوت { ارجعوا الان ايها الخطاة واصنعوا امام الله برا واثقين بانه يصنع لكم رحمة }(طو 13 : 8).

القداسة والجهاد .. من ثمار الرجاء الصالح ، نستعد بالقداسة والتقوى لملاقاة الله ونثق ان الله يعمل فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لصالحنا ومستقبلنا {اذاً يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب} (1تس 3:1.) ونعمل ان نكون سواء ونحن مستوطنين فى الجسد كنا او متغربين عنه ان نكون مرضيين عنده .ان حياتنا فترة غربة قصيرة واذ نحيا على رجاء الحياة الابدية فاننا نستهين بكل شئ من أجل الرجاء المبارك .
الفرح فى كل الظروف .. اذ نضع المسيح امامنا ويحلّ بالإيمان فينا فان الضيقات تختفي والاتعاب تزول ويكون الله فرحنا ورجاءنا {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12). الروح القدس يعطي فرح وتعزية للمؤمنين {وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس }(رو 15 : 13). ان من يتطلع إلى الله والسماء ، لابد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس السمائى {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا} (2كو 4 : 17). {الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد } (كو 1 : 27). { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين }(عب 10 : 23). فلنتمسك اذا يا أحبائي بالرجاء وليكن لنا إيمان وثقة ورجاء راسخ فى الله.
هبنا رجاءً صالحاً ...
+ ايها الربّ الإله، يا رجاء من ليس له رجاء ، معين من ليس له معين ، عزاء صغيري النفوس وميناء الذين فى العاصفة . هبنا رجاءً صالحًا بالإيمان والثقة فيك . انت يا مصدر الرجاء وعون المساكين والصارخين اليك ليلاً ونهاراً ، لا تترك شعبك بل بالمراحم أجمعنا تحت ظلّ حمايتك ، ردّ الضالين واعصب المجروحين واجبر المنكسرين ولتكن انت رجاءنا فى ضيقاتنا وشدائدنا لاننا لا نعرف آخر سواك أسمك القدوس هو الذي نقوله فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك.
+ يا صانع الخيرات الرحوم، نسألك من أجل كل نفس منحنية لتقوِّمها وكل محتاج لتغدق عليه من غناك ومن اجل المسجونين لتحررهم والحزانى لتعزيهم والبائسين لتهبهم رجاء فيك ، نسألك من أجل المرضى والمنطرحين لتشفيهم والذين ليس لهم أحد يذكرهم، يا من ارسل يونان النبي قديما لشعب لا يعرف شماله من يمينه ليرجعوا من الظلمات الى النور ، افتقد الجميع بخلاصك يارب.
+ نصلّي من أجل كنيستنا ورعاتها ورعيتها ومن أجل بلادنا واهلها ومستقبلها الامن المستقر ، لتقودنا كباراً وصغاراً، لنصل الى الحرية الحقيقية والتحرر من الخطية والظلم والجهل والمرض والفقر. ليحيا كل منا آمنًا على نفسه وماله وعرضه وارضه ومستقبله. استجب يارب لصلواتنا ولا تخيِّب رجاءنا فليس لنا في الضِّيق معين سواك.

الاثنين، 20 مارس 2017

التوبة والرجوع إلي الله (4) فضائل المرتبطة بالتوبة

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
ان التوبة ترتبط بالكثير من الفضائل الروحية وتقود اليها ، فالتائب يسرع الى النمو فى محبة الله ومعرفته فينمو فى حياة الصلاة والقراءة فى الكتاب المقدس والكتب الروحية متعلما من سير القديسين كيف يصنع ثماراً روحية تليق بالتوبة وينمو فى التأمل والخدمة للآخرين والتواضع ومن بين الفضائل الروحية التى يحياها التائب نجد انه يتميز بالتواضع والانسحاق والحرص والتدقيق .
+ التواضع .. الانسان التائب يحيا فى أتضاع قلب وشعور بالانسحاق وعدم الاستحقاق امام الله والناس. لا يتكبر ولا ينتفخ ، ولا يمدح نفسه على اعماله الحسنة ولا يقبل المديح من الآخرين عالما ضعفه . انه يصلى كل يوم أكثر من مرة تائبا مع داود النبى {ارحمني يا الله حسب رحمتك حسب كثرة رافتك امح معاصي. اغسلني كثيرا من اثمي ومن خطيتي طهرني.لاني عارف بمعاصي وخطيتي امامي دائما.اليك وحدك اخطات والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في اقوالك وتزكو في قضائك.هانذا بالاثم صورت وبالخطية حبلت بي امي. ها قد سررت بالحق في الباطن ففي السريرة تعرفني حكمة.طهرني بالزوفا فاطهر اغسلني فابيض اكثر من الثلج . اسمعني سرورا وفرحا فتبتهج عظام سحقتها.استر وجهك عن خطاياي وامح كل اثامي. قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي.لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني.رد لي بهجة خلاصك وبروح مدبر اعضدني} (مز1:51-12).عندما كانت الشياطين تأتى لتحارب الانبا أنطونيوس كان يقول لهم بتواضع ( من انا لتحاربوننى ان اضعف من ان أقاتل اصغركم؟) فكان يغلبهم بتواضعه من اجل هذا يوصينا الانجيل بالتواضع { يقاوم الله المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فاخضعوا لله قاوموا ابليس فيهرب منكم. اقتربوا الى الله فيقترب اليكم} (يع 7:4-9). التائب يتذكر خطاياه الى الله ويذداد وداعة وانسحاق فيجد نعمة فى عيني الله والناس ويتولد لديه الخشوع ودموع التوبة الى الله وبالاتضاع يتخلص من الادانة للناس ولا يذم غيره من الناس بل يمتدح فضائلهم ويقدمهم فى الكرامة ويعامل الجميع باحترام .
+ التدقيق والحرص الروحي .. الانسان التائب يعرف ضعفه أمام حيل أبليس واغراءته وحيله، لهذا يحرص فى سلوكه ويخشى السقوط فيسلك بتدقيق لانه يعرف ان الخطية طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها اقوياء . يتعلم من ماضيه ويفكر قبل الاقدام على العمل هل هذا العمل يرضي الله . {لانكم كنتم قبلا ظلمة واما الان فنور في الرب اسلكوا كاولاد نور.لان ثمر الروح هو في كل صلاح وبر وحق. مختبرين ما هو مرضي عند الرب.ولا تشتركوا في اعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها. لان الامور الحادثة منهم سرا ذكرها ايضا قبيح. ولكن الكل اذا توبخ يظهر بالنور لان كل ما اظهر فهو نور. لذلك يقول استيقظ ايها النائم وقم من الاموات فيضيء لك المسيح. فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لان الايام شريرة} (اف 8:5-16). التائب اذا يسلك بتدقيق من جهة الماضى مبتعداً الخطية واسبابها ويبعد عن العثرات وأصدقاء السوء ويسعى للنمو الروحى والجهاد ضد الخطية لكي يثمر فى كل عمل صالح .
صلاة للتوبة - للأنبا شنوده رئيس المتوحدين
اللهم اغفر لى انا الخاطى لأنى لا استطيع ان ارفع عينى اليك لأنى أخزى من أجل كثرة أثامى.. اللهم لا تحسب على أثامى بل اصنع معى رحمة فى ملكوتك. اللهم انى اتضرع اليك وأسألك من أجل نفسى وجسدى البائسين.اعطنى ان اصنع ارادتك، ولترشدنى رحمتك. أيها الرب الأله اغفر لى خطاياى واسترعلى اثامى، نجنى من غضبك ورجزك. ماذا أقول حين مثولى بين يديك، وبما أتزكى حين تحاكمنى؟ يا يسوع المسيح دبرنى واسترنى من أهوال لجة الشيطان. ضع سلامك واسمك القدوس على ايها الرب الساكن فى السموات، لتدركنى رحمتك وتسترنى. لا تسلمنى بيد العدو. انى القيت كل اهتمامى عليك ايها المسيح ابن الله فلا تتركنى عنك. اذا ملت الى الشر لا تتركنى ولا تدعنى اسير حسب شهواتى الرديئة. لا تدع تبكيتى ليوم دينونتك العظيم. لا تقض على كاستحقاق خطاياى. استر فضيحة عريى امام منبرك المرهوب. طهرنى كى لا يوجد دنس فى نفسى بين يديك .
أيها الآله محب البشر، حصن نفسى بدمك الكريم. اللهم أضبط أهواء الخطية التى فى بخوفك، وايقظنى من سنة الغفلة التى تنتج من نبع الخطية الردىء، واحفظنى من الضلالة والزلق بشفتى. اجعل ملاكك الطاهر طاردا عنى كل تجديفات الخطية. أهلنى لأن يجد روحك هيكلا في. هب لى ان تسبحك نفسى وروحى كل ايام حياتى. اللهم استجب لى ككثرة رحمتك، واقبل منى صلاتى وابتهالى بين يديك. نجنى لكى لا اخطىء اليك، واعطنى سبيلا ان اصنع مشيئتك. لا تنزع نعمتك منى وتبعدنى من معونتك. احفظنى لك هيكلا مقدسا. طهر قلبى ولسانى وجميع حواسى. انتزع منى القلب الحجرى وانعم على بقلب منسحق لأتضرع أمامك. لا ترفضنى بما انك دعوتنى لانى عاجز جدا لأجل خطاياى. ارحمنى يا من له سلطان الرحمة. اجعلنى مستحقا ان اباركك كل الأوقات الى النفس الأخير.

الخميس، 16 مارس 2017

البابا شنودة الثالث الراهب الحكيم فى ذكراه


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

فى الذكرى الخامسة لانتقال ابينا طيب الذكر مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث فاننا نتذكر إيمانه المستقيم وجهاده الدائم وأعماله الكثيرة وصلواته واهتمامه وسعيه لخلاص كل أحد. انها وصية الكتاب المقدس ان نذكر بالفضل ابائنا القديسين الذين كلمونا بكلمة الله { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم } (عب 13 : 7). وسيخلد التاريخ على صفحات من نور اسم قداسة البابا شنودة الثالث كمدبر حكيم ومحب للرهبنة وباعث نهضتها فى القرن العشرين وكمعلم وواعظ لاهوتي قدير ترك لنا ما يزيد عن مائة واربعين كتاب فى مختلف انواع المعرفة الروحية والايمان الارثوذكسي وكمدبر وبابا وبطريرك يهتم بالرعاية وخدمة الكنيسة وابنائها داخل مصر وخارجها. وكأب محب لاولاده يحمل قلبا طيبا رقيقا يحنو على الجميع. الصغير والكبير، الغنى والفقير، القريب والبعيد داخل مصر أو فى مختلف بلاد المهجر. حقا يا أحبائي لقد دخل قداسة البابا شنوده قلوبنا واحببناه لانه سار على نهج معلمه رئيس الكهنة الأعظم رئيس ايماننا ومكمله الرب يسوع المسيح. وستبقي ذكراك يا ابينا القديس للبركة على مر السنين {ذكر الصديق للبركة} (ام 10 : 7). ان الكنيسة تعلمنا ان نعيد للقديسين فى يوم انتقالهم الى السماء، فهذا هو الميلاد الحقيقي يوم نتحرر من قيود الجسد المادي وتنطلق الروح الى السماء وتكون مع الله كل حين. وهكذا نعيد بذكري لانتقال أبينا قداسة البابا شنوده للسماء وقداسته مؤلف كتاب إنطلاق الروح كباكورة لكتبه واشعاره فقد عاش يعد نفسه وشعبه معه ليحيوا حياة صالحة ويرثوا السماء وامجادها.
الراهب أنطونيوس الزاهد الحكيم ..
كان البابا يحمل قلب راهب محب لله يسعى لاقتناء الحكمة الروحية ويحيا حياة الفضيلة على خطي الاباء القديسين حتى قبل مجيئه للدير فقد كتب فى اشتياق ووعي القصص والاشعار الرهبانية وهو شاب كما ان الانبا ثوفيلس اسقف دير السريان دعاه ان يحاضر عن الرهبنة للاباء قبل ان تتم رهبنه. وعندما تمت رسامة قداسة البابا رهباً فى 18 يوليو 1954م وكان فى قمة النضج الفكري فى عمر الحادية والثلاثين، أختار اسم أب ومؤسس الرهبة فى العالم كله القديس أنطونيوس الكبير، وقد احب ان يقتدى به ويتتلمذ على حياته وكما كتب لنا القديس اثناسيوس الرسولي حياة الانبا أنطونيوس فقد عاش البابا يحمل فكر وزهد القديس الانبا أنطونيوس كما كتب لنا كتابا عن حياة الانبا أنطونيوس كان إنعكاسا لحياة البابا الراهب الشخصية . والرهبنة هي موت عن شهوات العالم ليحيا الانسان فيما لله وقد كانت حياة مثلث الرحمات البابا شنودة حتى أنتقاله عملا بقول القديس بولس الرسول { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20). كان قداسته كما قال يود ان يحيا ويموت راهبا ولكن السماء كانت تعده لشئ آخر، ليقود الكنيسة طيلة ما يزيد عن اربعين عاما وعندما أختير اسقفا للتعليم فى 1962م. فقد ذهب لمقابلة قداسة المتنيح البابا كيرلس السادس مع الانبا ثاوفيلس اسقف دير السريان العامر مساء بناء على طلب قداسة البابا كيرلس وقد وضع قداسته يده عليا اسقفا للتعليم فى المقابلة بالرغم من عدم رغبته وزهده فى العالم والخدمة وكان لسان حاله قول ارميا النبي {عرفت يا رب انه ليس للانسان طريقه ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته }(ار 10 : 23). ثم وقعت عليه القرعة ليرسم بطريرك فى 14 نوفمبر 1971م. بقي قداسته حتى انتقاله للسماء فى 17 /12/2012م. يحمل فكر الراهب أنطونيوس السرياني ويقضى نصف الاسبوع فى رحاب دير الانبا بيشوى العامر حتى ابعدته موقتا سنوات مرضه الاخيرة. وعندما جاء فى احداث عام 1981م الى الدير ليقضى فترة العزل فى عصر الرئيس السادات ظن البعض انها ستكون فترة نفي لقداسته لكنه قال مقولته الشهيرة ( لقد رجعت الى الفردوس مرة اخرى) ورغم صعوبة تلك الأيام فى حياته وحياة الكنيسة الا انه كان كرجل صلاة يحيا فى سلام وثقة ان الله يعمل للخير ولقد حفظ الله حياته لنا بابعاده للدير فلو كان لم يستبعده السادات وحضر حادث المنصة الشهير فى 6 أكتوبر 1981م. لكان قد ذهب شهيداً كما أنتقل فى هذا الحادث نيافة الانبا صموئيل اسقف الخدمات وكأنه قدم ذاته فدءاً عن ابيه البطريرك. وكانت فترة الدير هذا فترة خصبة وعميقة للصلاة ان يرفع الله غضبه عنا كما كانت غنية بالعظات الرهبانية والتأليف الروحي فى حياة قداسته.
الرهبنة فى فكر قداسة البابا ...
الرهبنة فى حياة قداسة البابا شنوده الثالث لايمكن نلخصها فى كلمات لكن يٌكتب عنها كتب وقد احسن دير البراموس العامر عندما اصدر كتاب عظات رهبانية لقداسة البابا شنودة فى ما يزيد عن 650 صفحة من الحجم الكبير ومع سي دي لعظاته الرهبانية لمن يريد ان يقراء ويسمع ويعي فكره الرهباني الذى هو تعبير صادق عن حياته وإنعكاس لها يقول قداسة ( ان الرهبنة هي حياة الفضيلة، ياليت كل واحد فينا يسأل نفسه ما هي الفضيلة التي أقتنيتها طوال هذا الزمان كله الذى قضيته فى الرهبنة؟). هكذا عاش قداسته يجاهد ويعلم عن الإيمان بمعلم الفضيلة ربنا يسوع المسيح ودعوته لنا لنحيا حياة الفضيلة التي علم وعمل بها. الرهبنة فى فكر البابا هي حياة الصلاة الدائمة والتواضع يقول قداسته ( تمسك بالله وكن معه دائما وقل له لا اتركك حتى تباركنى واذا وجدت نفسك تسير فى الطريق الصحيح وصححت من أخطائك ونميت فى النعمة فلا يكبر قلبك. تذكر الدٌرجات الكبيرة جدا التي وصل لها القديسين وقل أين انا والي اين ذاهب بالنسبة لهولاء؟.. هل انا وصلت لصلب الفكر الذى وصل اليه القديس مكاريوس السكندرى؟ وهل وصلت للصلاة الدائمة التى سار هو فيها؟ وهل وصلت للعمق الذى عاش فيه القديسون؟ مازال أمامي الكثير والكثير.) لقد علق قداسة البابا شنوده وهو فى قلايته فى الوحدة كما ذكر نيافة الانبا صرابامون رئيس دير الانبا بيشوى الذى تتلمذ علي قداسته البابا منذ عام 1959م ورقه مكتوب عليها ( لسه بدري عليك) لكي ما تكون أمامه فى جهاده مقارناً نفسه بالقديسين العظماء ليسير على نهجهم.
لم يعتمد البابا الراهب فى حياته على جهاده الشخصي بل وثق فى نعمة الله الغنية العاملة معه وفيه لهذا قال قداسته: ( الانسان محتاج فى حياته الروحية الى سهر دائم على خلاص نفسه، لكن فى نفس الوقت سهر الإنسان وحده لا يكفي وإنما لابد من تدخل الله في حياة الانسان، لان مجهود الانسان كله بدون عمل الله لا يفيد شئياً، ليست الحياة الروحية مجرد اعتماد على ذراع بشري، لكن الحياة الروحية هي عمل الله مع الانسان، أو هي عمل الانسان مع الله، أو هي شركة الروح القدس.)
الهدف المستقيم من الرهبنة أمر هام جداً يقول قداسته ( لماذا خرج الانسان من العالم وجاء للرهبنة؟ هذا يحدد مسيره داخل الرهبنة. لابد ان يوجد هدف ولابد ان يكون الهدف مستقيم. طبعا الهدف الوحيد هو محبة الله، من أجل الله خرج الانسان من العالم.. لو كان له هدف آخر أذاً هدفه غير صالح ونحن نقول فى القداس الإلهي عن الرهبان " سكنوا فى الجبال والبراري وشقوق الارض من أجل عظم محبتهم للملك المسيح". أي إنسان من محبته لله ترك العالم لكي يتخصص فى ما لله. واذا كان الهدف هو هذا فلابد ان تكون الوسيلة مناسبة للهدف.. الذى اراه فى الراهب الذى يأتي للدير ربما لشئ من الثلاثة الاتية ولو غير هذه الثلاثة فهو مخطئ.. اما حياة الوحدة والسكون والهدوء والنمو فى ذلك.. وامٌا حياة الخدمة سواء داخل الدير أو خارج الدير فى أسلوب الرهبنة .. أمٌا نقاوة القلب والسلوك فى حياة التوبة والسلوك فى الفضائل مثل التواضع والوداعة والاحتمال والهدوء والطاعة.. الخ) ولقد جمع البابا شنوده بين هذه الاهداف معا بين الرهبنة والخدمة، والفضيلة والنمو فى محبة الله حتى انتقل الى الأمجاد السمائية.
الراهب وتنفيذ مشيئة اللة...
الراهب البطريرك كان يرى أهمية خاصة لسعى الراهب نحو تنفيذ مشيئة وارادة الله فى حياته وهو يصلى دائما قائلا لتكن مشيئتك يقول قداسته ( حياتنا الروحية ليست استقلالا عن الله أنما نحن جزء من مملكة الله .. ملكوت الله .. ليس لنا مشيئة خاصة.. إنما مشيئة الله هي التى تنفذ فى ملكوته، لذلك نقول " ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك" أي عندما تملك علينا يا الله فاننا عندئذ مشيئتك. وعندما نقول لتكن مشيئتك اذا لتكن مشيئتك لا مشيئتي انا ولا مشيئة الناس.. بل مشيئة الله فى حياتنا... وعندما نقول يارب لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الارض" معناها ان تتحول الارض الى شبه السماء والناس الذين فيها كشبه ملائكته ينفذون مشيئة الله على الارض كما هي منفذة فى السماء.. فليعطينا الرب باستمرار أن ننفذ مشيئته ولينفذ الله مشيئته فى حياتنا). لقد كانت حياة قداسة البابا نمو فى محبة الله وعمل مشيئته الله فى حياته ودعوة لنا ايضا لتنفيذ أرادة الله فى حياتنا.
أنتقل قداسة البابا شنودة الثالث الي السماء بعد ان قضى من العمر ما يقرب من التسعة والثمانين عام فى خدمة باذله ومحبة لله والغير وعمل الخير وسعى فى طريق الكمال النسبي بمقدار ما هو ممكن لانسان تقى محب خائف الله، واستحق ان يرقد بسلام بين جنبات دير القديس الانبا بيشوى حسب وصيته كتعبير أخر عن محبة قداسته للرهبنة واشتياقه ان يكون مستقر جسده الطاهر بين جنبات أديرتها العامرة لتنطلق روحه بسلام لتكون مع الاباء القديسين، ومازال حي بعد بيننا بعظاته وكتبه وحياته الغنية وصلواته المقبولة فليكن ذكره خالداً كقدوة صالحة لنا جميعا فى دروب القداسة والخدمة والعطاء، أمين.

الأحد، 12 مارس 2017

التوبة والرجوع إلي الله (3) كيف أتوب ؟

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ محاسبة الذات .. أن حساب الذات والرجوع النفس ومحاسبتها ومعرفة اننا مخطئين تجاه الله بخطايانا هو بداية التوبة { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26). هكذا فعل الابن الضال بعد ان أخذ نصيبة من ميراث أبيه وبدده فى ارض الخطية وجاع ولم يجد ما يشبعه حتى من أكل الخنازير كرمز للخطية فرجع الي نفسه وقال كم من أجير لابي يشبع خبز وانا اهلك جوعا. اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك. ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا اجعلني كاحد اجراك. فقام وجاء الى ابيه} (لو 12:15-24). يجب ان نفكر فيما حصدناه فى البعد عن الله ونصارح أنفسنا ونقف أمام الله فى خشوع ودموع ونقول له ( اخطئت يا ابتاه فى السماء وقدامك ولست مستحقاً ان ادعى لك ابناً) ومن ثم نبدأ بالعمل على البعد عن الخطية والعثرات ونجاهد فى الصلاة وضبط النفس وأكتساب الفضائل الروحية. كما يجب علينا ان لا نؤجل التوبة من يوم الى اخر لاننا قد نعتاد الخطية وتبرد حرارة التوبة فينا { لا تؤخر التوبة إلى الرب ولا تتباطأ من يوم إلى يوم} (سي 8:5). علينا ان نجاهد للنفس الأخير ونتعلم فهو صوت الله يحذرنا { فاذكر من اين سقطت وتب واعمل الاعمال الاولى والا فاني اتيك عن قريب وازحزح منارتك من مكانها ان لم تتب }(رؤ 2 : 5).
+ الاعتراف الحسن .. نحن فى حاجة للأعتراف الأمين لكى يخلصنا من الكبت والتعب النفسى الناتج عن ثقل الخطية، كما نحتاج للارشاد من اب الاعتراف عن كيفية مقاومة الخطايا والتغلب على الضعفات ونحتاج لعلاج الخطية وآثارها علينا واصلاح نتائجها مع الآخرين : {ويل لمن هو وحده ان وقع اذ ليس ثان ليقيمه }(جا 4 : 10).والكاهن كخادم أمين فيما لله يسمعنا صوت الله ويصف لنا العلاج المناسب كطبيب روحي {اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي قلت اعترف للرب بذنبي وانت رفعت اثام خطيتي } (مز 32 : 5) . أليست الخطية مرض روحي يحتاج الى طبيب روحي، وكما ان الله هو الذي يشفي امراضنا الجسدية على يد الطبيب كذلك الله هو الشافي امراضنا الروحية عبر الكاهن. مهمة الكاهن مثل مهمة الطبيب والكاهن لا يعالج عوارض الامراض بل أصل المرض الذى هو الخطية، لذلك الاعتراف هو ارشاد روحي لكي يساعد المعترف على التخلص من الخطية واسبابها ونتائجها. ويطلب الكاهن للمعترف المغفرة من الله ويطلب المغفرة من الله عن خطاياه ايضا ( نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر عن عبدك وعن ضعفى نحن المنحنين برؤوسنا أمام مجدك القدوس، ارزقنا رحمتك واقطع كل رباطات خطايانا. ان كنا قد أخطائنا اليك بعلم او بغير علم او بجزع القلب، بالقول او بالفعل او بصغر النفس او بجميع الحواس، انت كصالح ومحب البشر انعم لنا بمغفرة خطايانا، باركنا ، حاللنا وحالل كل شعبك ، املانا من خوفك، قومنا الى ارادتك المقدسة ..). عندما يرى الله صدق توبتنا نسمع منه مغفورةً لك خطاياك {فلما راى يسوع ايمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك} (مر 2 : 5). من اجل ذلك يقول القديس اغريغوريوس النيصى (خذوا خادم الكنيسة شريكاً أميناً لكم في أحزانكم وأباً روحياً وأكشفوا له أسراركم بجسارة أعظم وأكشفوا له أسرار نفوسكم فتنالوا الشفاء ).
+ علاج نتائج الخطية .. ينبغى علينا ان نعالج نتائج خطايانا السابقة لننعم بالغفران والسلام مع الله والناس. يجب ان نبادر بالمصالحة وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس { فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك. كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن} (مت 23:5-25). وكما فعل زكا العشار بعد توبته {فوقف زكا و قال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم. لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} (لو 8:19-10). يجب ان نجاهد لتقديس أفكارنا ونبعد عن العثرات واسبابها ولا نتذكر تفاصيل الخطايا حتى نتخلص من تذكار الشر الملبس الموت لاسيما فى الخطايا العاطفية كالكراهية والغضب والخصام والشهوة.
+ النمو فى الفضيلة .. التوبة هى بداية طريق طويل غايته ليس الأمتناع عن الشر بل فعل الخير {حد عن الشر واصنع الخير اطلب السلامة واسع وراءها }(مز 34 : 14). نسعى للوصول لا للبعد عن الخطية بل لكراهيتها وانتزاعها من الفكر والقلب لانها خيانة لله المحب {فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة }(مت 3 : 8). اننا نسعى للوصول الى القداسة {اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب }(عب 12 : 14). اننا نسعى الى محبة الرب من كل القلب والفكر والنفس والارادة وقريبنا كانفسنا ونعوض ما فاتنا من سنين آكلها الجراد وكانت بلا ثمر . حتى نصل فى نهاية الرحلة الى السماء لنكون مع الله كل حين.

الجمعة، 10 مارس 2017

التوبة والرجوع إلي الله (2) السيد المسيح ودعوته للتوبة

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ السيد المسيح ليدعونا الى الإيمان والتوبة... جاء السيد المسيح يدعونا للتوبة والإيمان { ابتدا يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات} (مت 17:4). { قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل }(مر1 : 15). وعندما وجه اليه الكتبة والفريسيين النقد لموقفه المترفق والقابل للخطاة والعشارين ، كان رده {فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى.فاذهبوا وتعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 12:9-13). وعندما دخل الى بيت زكا العشار ليبيت تذمر الكتبة والفريسيين علية فكان جوابه لهم انه جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك { فلما جاء يسوع الى المكان نظر الى فوق فراه و قال له يا زكا اسرع وانزل لانه ينبغي ان امكث اليوم في بيتك. فاسرع ونزل وقبله فرحا.فلما راى الجميع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف.فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك}( لو 5:19-10).
+ السيد المسيح قابل الخطاة .. لقد تجسد كلمة الله بالحقيقة وجاء الى العالم وصلب وقام من اجل خلاص البشرية الخاطئة وسعي لرجوعهم اليه وضرب لنا الامثال عن قبول الله للخطاه وخلاصهم وأهم هذه الامثال ما جاء فى انجيل لوقا البشير الاصحاح الخامس عشر عن الخروف الضال والدرهم المفقود والابن الضال وترينا هذه الامثال كيف يفرح الله برجوع الخطاة سواء ضلوا عن جهل او لعدم سهر أو عدم اهتمام الرعاة او باهمال الاسرة او بسبب الطيش والتهور الشخصي، وفى كل الحالات يسعى الله الى خلاصنا . لقد حمَّل السيد المسيح بعض الرعاة مسئولية إضاعة الخروف الضال. وحمَّل المرأة مسئولية إضاعة الدرهم المفقود، أما في مثل الابن الضال فكان الإنسان هو المسئول عن ضياع نفسه. وفي كل الأحوال كان باب التوبة مفتوحًا، والعودة المفرحة مطلوبة، ويسعي الله والكنيسة لعودة الخطاة، ويبقى دور الإنسان الخاطئ نفسه فى التوبة والرجوع .ان الله يبحث عن الضال بين الأشواك، وفوق الجبال، وفي البراري القفرة. والكنيسة توقد سراج الإنجيل ورسالته المفرحة وتصلى من اجل الخطاة وتفرح لرجوعهم ، وتفتش باجتهاد عن الخاطئ بروح الرعاية الحانية حتى تجده، أما الخاطئ فمطلوب منه أن يرجع إلى نفسه ويقارن حالته السيئة بسبب الخطية بحالته قبل السقوط ، ويقوم سريعًا ويذهب إلى أبيه السماوي، ويعترف أمامه بخطاياه، ويفرّح السماء والملائكة { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة} ( لو 7:15).
+ دافع السيد المسيح عن الخطاة وتحريرهم .. لقد جاء السيد المسيح مخلصاُ ومدافعا عن الخطاة ليتوبوا ويتقووا في الإيمان، فمحبته الرحيمة دافع عن المرأة الخاطئة وخلصها { وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت.قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر.ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط.فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد.فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} (يو 3:8-11). وان كنا كلنا خطاة لهذا يجب علينا أن نترفق باخوتنا ونتأنى عليهم ونعلن لهم محبة الله ليتوبوا ويرجعوا وتمحي خطاياهم. السيد المسيح هو الرحمة المعلنه لنا ودمه الثمين الذى سفك على الصليب كفارة لخطايانا { وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا} (1يو 2 : 2) . {في هذه هي المحبة ليس اننا نحن احببنا الله بل انه هو احبنا وارسل ابنه كفارة لخطايانا }(1يو 4 : 10). أن المخلص الصالح يبحث عن الخطاة ومازال يجول يصنع خيراً ويشفى المرضى ويقيم الساقطين ويبحث عن الضالين . وراينا كيف سار من الصباح الباكر حتى الظهيرة ليخلص المرأة السامرية ويقودها للاعتراف الحسن والتوبة مبيناً ان من يشرب من ماء الشهوة والخطية لا يشبع { اجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا. ولكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية} (يو 13:4-14). وهو القائل فى حزقيال النبى { انا ارعى غنمي واربضها يقول السيد الرب. واطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل } (حز15:34-16). وكما تنبأ اشعيا النبى قديما عن السيد المسيح فاننا رايناه علي الصليب مجروح لاجل معاصينا ومسحوق من اجل آثامنا وبجراحاته وصلبه شُفينا { احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح و كنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه } (أش 4:53-7). لقد شهد له القديس يوحنا المعمدان { وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم }(يو 1 : 29). رايناه على الصليب يقدم ذاته فداءاً عنا ويغفر حتى لصالبيه { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34).
+ الرسل وكرازتهم بالإيمان والتوبة .. لقد اوصى السيد المسيح تلاميذه ان يكرزوا باسمه للتوبة { وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث.وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم}( لو 44:24-47). وهكذا راينا الرسل بعد صعود السيد المسيح وحلول الروح القدس عليهم يبشروا بالتوبة والايمان وبعظة واحدة للقديس بطرس آمن ثلاثة الاف نفس { فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع ايها الرجال الاخوة. فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس}( أع 37:2-38). وبعد شفاء المقعد عند باب الهيكل راينا الرسل ينادوا بالتوبة والايمان {فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب }(اع 3 : 19). {فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل} (اع 17 : 30).
+ لقد آمن القديس بولس الرسول بالسيد المسيح بعد أن كان مضهداُ للمسيح والمؤمنين به وتغيرت حياته وقضي بقية عمره بعدها كارزاً بالتوبة {شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنا يسوع المسيح }(اع 20 : 21) . وكان يشهد امام اليهود والامم، والكبير والصغير، على نعمة الله المحررة والمغيرة والقادرة ، فامام اغريباس الملك وزوجته والوالى الرومانى بين لهم كيف ظهر له السيد المسيح وغيره من شاول مضطهد الكنيسة الى بولس الرسول المجاهد من أجل نشر بشارة التوبة والخلاص { فقلت انا من انت يا سيد فقال انا يسوع الذي انت تضطهده. ولكن قم و قف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما وشاهدا بما رايت وبما ساظهر لك به.منقذا اياك من الشعب ومن الامم الذين انا الان ارسلك اليهم. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين.من ثم ايها الملك اغريباس لم اكن معاندا للرؤيا السماوية.بل اخبرت اولا الذين في دمشق وفي اورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الامم ان يتوبوا ويرجعوا الى الله عاملين اعمالا تليق بالتوبة} (أع 15:26-20). من اجل هذا راينا القديس بولس الرسول فى تواضع يقول { صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا }(1تي 1 : 15). وينبهنا ان لا نستهين بغنى لطف الله وامهاله علينا بل يجب ان نسرع الى التوبة {ام تستهين بغنى لطفه وامهاله وطول اناته غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة} (رو 2 : 4). من اجل هذا يقول القديس باسيليوس : (جيد ان لا تخطئ وان اخطأت فجيد ان لا تؤخر التوبة وان تبت فجيد ان لا تعود للخطية وان لم تعد فاعرف ان ذلك بمعونة الله وان عرفت ذلك فجيد ان تشكر الله ).
+ ا الله يدعونا الى عدم اليأس والتمسك بالرجاء.. فباب مراحم الله مفتوح دائما للراجعين اليه فقد تنبأ الانبياء عن السيد المسيح { يخبر الامم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم} (مت 18:12-21). فهو الذى جاء ليطلب ويخلص من قد هلك. ان الشيطان يعمل باستماتة ان يوقعنا فى اليأس بصعوبة الرجوع لله ويربطنا بالخطية ويقطع رجائنا فى الله وقبوله لنا ، لكن علينا ان نتمسك بالرجاء وبرحمة الله نقوم ونرجع الى الله ونقول { لا تشمتي بي يا عدوتي اذا سقطت اقوم اذا جلست في الظلمة فالرب نور لي } (مي 7 : 8). فلا تيأس من نفسك بل أطلب من الرب ان يهبك القوة والقدرة والتوبة { توبني فاتوب لانك انت الرب الهي} (ار 31 : 18). الله هو معين من ليس له معين ورجاء من ليس له رجاء وهو كالسامرى الرحيم يبحث عن الانسان الذى جرحته الخطية ليضمد جراحاته ويعالجه ويضمه الى كنيسته لتعتنى به وهو كراعي صالح يتكلف بكل نفقات خلاصنا. لقد غفر لبطرس نكرانه وجحوده ورده الى رتبته مرة اخرى وبهذه الرحمة نتمسك ونتغني { الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.لا يحاكم الى الابد ولا يحقد الى الدهر.لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا. لانه مثل ارتفاع السماوات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا. كما يتراف الاب على البنين يتراف الرب على خائفيه. لانه يعرف جبلتنا يذكر اننا تراب نحن} (مز 8:103-14).

التوبة والرجوع إلي الله (1) مفهوم التوبة وأهميتها

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ مفهوم التوبة.. التوبة هى عودة الانسان الخاطئ الى الله بعزم قلب وارادة صادقة . واقلاعه عن الخطية وعدم الرجوع اليها وتحرره من العبودية للخطية والشيطان واعماله . لغوياً فى اللغة العربية ، تاب اي عاد الى ثوابه او رشده . كما جاء فى الإنجيل عن الابن الضال { فرجع الى نفسه وقال كم من اجير لابي يفضل عنه الخبز وانا اهلك جوعا.اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك}(لو 15 : 17- 18). اما التوبة في اللغة اليونانية ، في مأخوذة من كلمتين " ميتا" اي تغيير و"نوس" . اي العقل فمعناها ( ميتانيا) اي تغيير الذهن والفكر والسلوك . انها تحولاً في فكر الانسان وسلوكه وحياته . تغيير الفكر وتجديد الذهن من اجل ان يكون لنا فكر المسيح المقدس والاعمال الصالحة . والتوبة بذلك تحمل معانى الندم على العيش بعيدا عن الله والاصرار على عدم العودة الى الخطية. قد يخطئ الانسان عن جهل او عدم حرص او تهاون او بالوقوع فى فخاخ إبليس وحيله الرديئة ومصادقة الاشرار. وتفتقده النعمة ويستيقظ من غفلته وتهاونه وكسله فيعود الى الله الذى يدعونا للتوبة { ارجعوا اليٌ ، ارجع اليكم } (ملا7:3 ). ويبدأ التغيير فى حياة التائب ويعمل على اصلاح ما أفسده ويسير مع الله فى اصرار على عدم الرجوع الى الخطية وهذا ما راينا فى حياة قديسى التوبة كداود النبي والقديس اغسطينوس ومريم المصرية وغيرهم ، لم يعودا الى الخطية وقاوموا حتى النهاية مجاهدين ضدها ونمو فى الإيمان وحياة الفضيلة والبر.
+ التوبة والأعتراف لمحو الخطايا .. يقدم الله للبشرية علاج للخطية فى الايمان به وبخلاصة وعمل روحه القدوس فينا ليبكتنا على الخطية ويحثنا على عمل البر ويدفعنا الى الرجوع اليه بالتوبة : { هلم نتحاجج يقول الرب ان كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ان كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف }(اش 1 : 18). { فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب }(اع 3 : 19). التوبة لازمة لكل واحد وواحدة منا لانه من منا بلا خطية {الجميع زاغوا و فسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس و لا واحد }(رو 3 : 12). وعندما اخبروا السيد المسيح عن الجليليون الذين قتلهم هيرودس وهم يقدمون الذبائح لله { وكان حاضرا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم. فاجاب يسوع وقال لهم اتظنون ان هؤلاء الجليليين كانوا خطاة اكثر من كل الجليليين لانهم كابدوا مثل هذا. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون. او اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام وقتلهم اتظنون ان هؤلاء كانوا مذنبين اكثر من جميع الناس الساكنين في اورشليم. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} (لو 1:13-5). هكذا جاء القديس يوحنا المعمدان ليعد الطريق أمام الرب منادياً بالتوبة بقوة { وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعتمدوا منه يا اولاد الافاعي من اراكم ان تهربوا من الغضب الاتي. فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة ولا تبتدئوا تقولون في انفسكم لنا ابراهيم ابا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم.والان قد وضعت الفاس على اصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار.وساله الجموع قائلين فماذا نفعل. فاجاب وقال لهم من له ثوبان فليعط من ليس له ومن له طعام فليفعل هكذا. وجاء عشارون ايضا ليعتمدوا فقالوا له يا معلم ماذا نفعل. فقال لهم لا تستوفوا اكثر مما فرض لكم . وساله جنديون ايضا قائلين وماذا نفعل نحن فقال لهم لا تظلموا احدا ولا تشوا باحد واكتفوا بعلائفكم} (لو7:3-14).
+ التوبة عمل النعمة واستجابة الخاطئ .. التوبة هي تغيير ورجوع لله يتم بعمل النعمة وحث روح الله القدوس للإنسان للرجوع لله { اِرجِع إليَّ لأني فدَيتُكَ} (إش22:44). وهى تحتاج لأستجابة الشخص لهذه الدعوة بارادته الحرة وندمه للبعد عن الله وحياته فى الخطية وتحرره من سلطان ابليس، ومن ثم قبول الله له { لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة } (في 2 : 13). الله يدعونا الى التوبة ويفتقدنا بنعمة لنرجع ويمهد لنا الطريق للرجوع ثم يقبل توبتنا ويفرح برجوعنا. الله يريدنا أن نعود إليه، و يستقبلنا فرحا ، ويرد الخاطئ إلى مكانته الأولى {فقال الأب لعبيده: أخرِجوا الحُلَّة الأولى وألبِسوهُ، واجعلوا خاتمًا في يده، وحذاءً في رِجليه، وقدموا العِجل المُسَمن واذبَحوهُ فنأكُل ونفرح. لان ابني هذا كان ميتا فعاش و كان ضالا فوجد فابتداوا يفرحون }(لو15: 22-24). كابناء لله يريد لنا الخلاص {الذي يريد ان جميع الناس يخلصون و الى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4) . {أنا أنا هو الماحي ذُنوبَكَ لأجل نفسي، وخطاياكَ لا أذكُرُها} (إش43: 25). لان الله صالح ورحوم يعد بالغفران والقبول للراجعين اليه { فاذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا. هل مسرة اسر بموت الشرير يقول السيد الرب الا برجوعه عن طرقه فيحيا. واذا رجع البار عن بره وعمل اثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير افيحيا كل بره الذي عمله لا يذكر في خيانته التي خانها وفي خطيته التي اخطا بها يموت} (حز 21:18-24). فالتوبة الحقيقية هي عودة من حياة الخطية والنجاسة الى الاحضان الابوية والبنوة لله.

+ التوبة اعلان لرحمة الله وقبوله للتائبين ... الله يعلن محبته لنا وسعيه لخلاص الانسان من اجل هذا قال احد القديسين : ( ان الله لا يسألنا لماذا أخطئنا ولكن يسألنا لماذا لم تتوبوا) .لقد راينا كيف ان التوبة استطاعت ان تمنع حكم الله بالهلاك على أهل مدينة نينوي قديما كتوبة جماعية { فامن اهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. وبلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي و قيل في نينوى عن امر الملك وعظمائه قائلا لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا لا ترع ولا تشرب ماء. وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا الى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في ايديهم. لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك.فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه} (يون 5:30-19). وعلي المستوى الفردي عندما أخطأ داود النبى وتاب الي الله معترفا بخطئه فغفر له الله { فقال داود لناثان قد اخطات الى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت} (2صم 12 : 13).
+ التوبة تنقذنا من الموت الأبدى .... اننا اذ ندرك نتائج الخطية المهلكة لابد ان نتوب، فالخطية عاقبتها الموت والهلاك الأبدي. ان الخطية ضعف وانهزام وعدم ضبط للنفس وهى موجهة ضد الله فهى كسر وتعدى وعصيان لوصاياه وهى موت أدبى وانفصال عن الله القدوس كما انها تفقد الانسان سلامه { اما الاشرار فكالبحر المضطرب لانه لا يستطيع ان يهدا وتقذف مياهه حماة وطينا . ليس سلام قال الهي للاشرار} (اش 57 : 20-21). كما ان الخطية تقود للحزن والكأبة والياس والانتحار ولهذا نرى أعلى نسب للامراض النفسية والانتحار فى البلاد التى يسودها الالحاد والاباحية . فالخطية تمرر حياة الانسان وتفسد وتسئ الى العلاقات بين الناس وتجلب الامراض والعار { البر يرفع شان الامة وعار الشعوب الخطية } (ام 14 : 34). وبالنظر حولنا الى مدمني الخمور والمخدرات والشهوات نتأمل كم تحط الخطية من قدرهم وتعبث بحاضرهم وتجعلهم يسيرون بلا هدف وعلاوة على ذلك ينصب عليهم غضب الله بالاضافة الى الهلاك الابدي الذى ينتظرهم ان لم يتوبوا { لان غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس واثمهم الذين يحجزون الحق بالاثم. اذ معرفة الله ظاهرة فيهم لان الله اظهرها لهم. لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى انهم بلا عذر.لانهم لما عرفوا الله لم يمجدوه او يشكروه كاله بل حمقوا في افكارهم واظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء. وابدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الانسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات.لذلك اسلمهم الله ايضا في شهوات قلوبهم الى النجاسة لاهانة اجسادهم بين ذواتهم.الذين استبدلوا حق الله بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك الى الابد امين}( رو18:1-25).

الثلاثاء، 7 مارس 2017

شعر قصير (48) مسنود علي ربنا


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

(1)
" توبني فاتوب"
ربي والهي كن نوراً لدربي وشبعاً لقلبي
لا تهملني ولا تتركني في جهلي أو بعدي
كن سلامي في خوفي وراحتي في تعبي
أشف يارب نفسي الشقية بمحبتك أحيني
توبني فاتوب وأمسك بك ولا أتركك مرغوبي
أشبع بمحبتك وانعم برحمتك وتغفر ليّ ذنوبي
فلا أهتم أو أقلق لشئ وتكون وحدك محبوبي
.......
(2)
" مسنود علي ربنا "
الليّ مسنود علي ربنا مايكسروش إنسان
أطلب المعونة من ربنا وهو لك خير ضمان
ولا تتكل علي بشر ولا تتمسك بعمل وبمكان
حب الله والغير وأعمل خير تعيش في أمان
دنيا فانيا يدخلها المرء يبكي وكمان عريان
وهيخرج منها الإنسان بلا شئ خالي اليدان
الشاطر منا يجول يصنع خير في ذوق وحنان
.........
(3)
" النمو والتقدم"
ما تفكرش وتقلق لا علي يومك ولا علي المستقبل البعيد
أعمل بالتزام وأخلاص اليوم وعيش بما فيه قانع وسعيد
هتلاقي نفسك ناجح وتحقق احلامك في المستقبل المجيد
ماتندمش علي ماضي عدي حتي لا يضعف تقدمك للأمام
الماضي مش هايرجع تاني ولا يحقق للمستقبل منه أحلام
أنسي ما هو وراء وأعمل خير علي قدر طاقتك تنمو لقدام
خليك صخرة قوية مايهزها ريح النقد الجارح تحيا في سلام
.......
(4)

" مين غيرك؟"
مين غيرك يقدر يدي الحياة ويقيم الأموات
مين باسمه تحدث المعجزات وتجري الآيات
أنت يارب تغفر الخطايا والأثام وتمحو الذلات
وأنت اللي تشفي المرضي وتعوض كل اللي فات
نرجعلك كموتي من الخطايا تقيمنا من السقطات
وتدي سلام في القلب ومعاك نحيا في السموات
.......
(5)
" كلنا أخوة "
يارب ياللي بنعمتك وقدرتك خلقت الإنسان
وهبته العقل والضمير وقلب ونظر واللسان
اديته مقدرة يعبر بالكلمة والعمل والأحسان
هبنا يارب قوة وأرادة نعمل والخير منا يبان
علمنا نعامل بعضنا باحترام ومحبة أي ان كان
الجنس والشكل والراي والدين نحترم كل إنسان
مهو كلنا أخوه واولاد آدم وحواء ولو طال الزمان
وما نصنعه خير أو شر نتحاسب عليه من الديان

الجمعة، 3 مارس 2017

الأنتصار فى التجارب

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
التجارب في حياتنا ...
+ التجارب والضيقات تأتي علي كل الناس فكل الخليقة تئن وتتمخض { فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعاً إِلَى الآنَ} (رو 8 : 22). المشكلات والتجارب ليست دليل علي تخلي الله عنا، وعلينا أن نتعلم ونجاهد لكي نتغلب عليها ونواجهها وننتصر وننجح ونحقق نمونا الروحي ونجاحنا العملي. ونحن نسمع صوت الرب يسوع المسيح يقول لنا في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا اني قد غلبت العالم، السيد المسيح رئيس ايماننا قد جُرب وخرج منتصراً وهو قادر ان يعين المجربين.
+ الجهاد والعمل من طبيعة كل إنسان يريد أن يحصل على شيء ثمين. والحروب الروحية تعلم وتقوى المؤمنين وتنقيهم وتكللهم وبواسطتها ننمو روحيا ونتعلم الثبات في الرب. نصرتنا فى الحروب الروحية أكيدة أن تمسكنا بايماننا بالسيد المسيح الذى أنتصر وهو علمنا كيف نقاوم إبليس فيهرب منا. لقد حارب الشيطان معلمنا ومخلصنا الصالح بالأكل بعد الجوع ورغم أن أشباع جوعنا شئ طبيعي لكننا لن نشبعه بطاعة إبليس أو بطريقة غير مشروعه هكذا ليس خطأ أشباع حاجتنا للحب ولكن الخطأ هو أشباعه بشهوات وعلاقات خاطئة تقود للخطية والموت الروحي. لقد أنتصر السيد المسيح على حرب إبليس له بافكار العظمة والكبرياء عندما قال له ان يلقى بنفسه عن جناح الهيكل فى أبهار للناس بالمعجزات ولكن الرب أنتصر بالتواضع وأنكار الذات. وأخيراً حاربه الشيطان بترك الصليب ونهج الطريق السهل قائلاً: أعطيك ممالك الأرض كلها إن خررت وسجدت لي بدل أن تملك على قلوب البشر بالصليب. فانتصر الرب لنا وعلمنا ان لا نشتهي غرور وملك العالم بل نتطلع الي امجاد السماء مقدمين السجود والشكر لله.
المؤمن والأنتصار فى الحرب الروحية ... علينا أن ندرك أن إبليس عدونا يجول ملتمساَ من يبتلعه ويجب أن نقاومه راسخين فى الإيمان، فالنصرة أكيدة عندما نقاوم إبليس ونثبت فى كلمة الله ونلبس أسلحة الحرب الروحية ونصوم ونصلي طالبين الغلبة والنصرة من رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع الذى قال لنا {هذا الجنس لا يخرج إلاَّ بالصلاة والصوم}. أن الشيطان يعمل جاها إن يدخل طرق العالم حتى فى الكنيسة، ولدى مؤمنيها بمحبة المال، ويدخل المكر والدهاء لعقول البعض تحت اسم الحكمة، أو أن الغاية تبرر الوسيلة، أوالكذب الأبيض. الشيطان يطل علينا عن طريق التلفزيون والدش والنت فبدل أن يسمع الطفل صوت الترتيل والعبادة يسمع ويرى المناظر الخليعة واصبحنا محاصرين باغراءات العالم. والحق يقال أن شبابنا يحيوا وكانهم في جب الأسود فلابد ان يتحصنوا بالايمان وبالصوم والصلاة فدانيال سد أفواه الأسود بالصوم والصلاة. وبالصلاة والصوم علي المستوى الجماعي قبل الله توبة أهل نينوى ورحمهم وغفر لهم خطاياهم ورفع غضبه عنهم. فالأغراء والحروب يجدها المؤمن من الشيطان وأعوانه باشكال كثيرة . وأولادنا في المدارس والجامعات يواجهوا حرب الإلحاد والانحراف الخلقي ودعوات ترك الإيمان المستقيم وعلينا أن نتقوى ولا تفتر محبتنا لله. لكن فى ثقتنا بالله نلبس اسلحة الحرب الروحية القادرة بالمسيح يسوع على هدم حصون، وإخضاع كل فكر لطاعة المسيح.
التجربة على الجبل وتجارب المؤمنين؟
+ نتعرض فى حياتنا الي تجربة وحرب الشك في أبوة الله لنا {إن كنت ابن الله لماذا يتركك جائعاً؟ ولماذا يسمح الله بالمرض وبالفشل وبموت أحبائنا؟. ولماذا يتعرض المسيحيين للظلم والاضطهاد؟. لكن علينا ان نعي أن الطريق الي السماء ليس مفروش بالورود، ولم يدعونا الرب الي الطريق الرحب والسهل بل الي الطريق الضيق والكرب.{ بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله} (اع 14 : 22). رغم وعورة الطريق الروحي فان الله مهده لنا بل صار لنا السيد نفسه هو الطريق والحق والحياة ووعدنا أنه سيكون معنا كل الأيام والي أنقضاء الدهر.
لقد صام المسيح عنا أربعين نهارًا وأربعين ليلة وقد سمح للشيطان أن يجربه وأنتصر، وقد أورد الإنجيل عينات من هذه التجارب تجربة الخبز وتجربة مجد العالم وتجربة إلقاء المسيح نفسه من على جناح الهيكل وقد أنتصر الرب في كل التجارب وكسر شوكة الشيطان عنا واستخلص لنا بصومه المقدس نصرة على جميع سهام الشرير الملتهبة نارًا. أن للتجارب الروحية مداخلها ومنها مدخل الجسد واحتياجاته وعلينا ان نتحصن بالشبع بكلمة الله. والله فى محبته لنا لن يهمل أحتياجاتنا بل يشبعها بطريقة روحية ويقدس الجسد والنفس والروح. وقد يأتى الينا الشيطان بحروب الذات والكبرياء ولكن ننتصر بالتواضع والأنسحاق وطلب العون من السماء وأنكار الذات ليختفى المؤمن فى المسيح يسوع. أما مدخل المادة والممتلكات وبريق العالم الخادع فيحتاج منا الى حياة الغربة والتجرد والتطلع الي غني ملكوت الله. السيد المسيح الذى صام عنا ومن أجلنا والذى خرج منتصرًا على كل تجارب العدو قادر أن ينتصر بنا أيضا مادمنا ثابتين فيه.
الانقياد لروح الله......
+ لقد كانت التجربة على الجبل فى حياة السيد المسيح بعد المعمودية مباشرة بعد أن جاء صوت الآب من السماء شاهدًا {هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت} وبعدما حل الروح علي الرب يسوع المسيح بهيئة جسمية بشكل حمامة. كما أننا بعد المعمودية نصير أبناء لله بالتبني. ويجب أن ننقاد لروح الله لنصير أبناء لله حين نقبل نعمة البنوة ونتحد مع المسيح بشبه موته وننال نعمة الروح المعزي ونجاهد بالصلاة والصوم ونطيع الروح القدس ونسلم له حياتنا ليرشدنا ويعلمنا. والذين ينقادوا بروح الله فهولاء هم ابناء الله. الروح القدس هو الذي يرشدنا إلى جميع الحق، يعلم وينصح ويعزي ويشفع فينا بأنات لا ينطق بها ويأخذ مما للمسيح ويعطينا ويذكرنا بكل ما قاله السيدالمسيح. فإن كان الإنسان ينقاد بالروح في العمل والكلام ويسلك بالروح ولا يطفئه بل يطيعه يستطيع أن ينجو من حيل إبليس وينتصر فى التجارب ويعبر الضيقات لان الله معه
+ التجارب في حياة أولاد الله حتمية ولا مفر منها ولكن عندما ننحاز إلى المسيح ونجحد الشيطان وكل قواته الشريرة وكل نجاساته وكل حيله الردية والمضلة فاننا ننتصر ، فبعد أن خرج الشعب مع موسى من أرض العبودية واعتمدوا جميعهم في البحر الأحمر صارت الحرب مع عماليق. وبعد أن استعلن المسيح ابن الله بصوت الآب وحلول الروح القدس فقد شن إبليس الحرب الحرب عليه حتى على الصليب قال له { ان كنت أبن الله خلص نفسك} إذن التجربة نتيجة طبيعية لالتصاقنا بالمسيح واتحادنا معه ودخولنا إلى شركة معه وفيه بالروح القدس.
+ لم تخلو حياة أحد من القديسين على مر العصور من التجارب { جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يضطهدون} (2تي 3 : 12). فالرسل الأطهار كم قاسوا من التجارب والتشريد والحبس والسجون الاضطهادات والضيقات والأحزان. ولكن في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. وهكذا الشهداء والأبرار الصديقين والنساء سكان البراري ورجال الإيمان والآباء، كم قاسوا وحملوا الصليب وتجربوا وطافوا معتازين مذلين ولم يكن العالم مستحقا لهم لكن بصلواتهم أنتصروا وأستمطروا مراحم الله علي العالم كله.
+ أن النصرة في المسيح وبالمسيح أكيدة. فالمسيح سحق الشيطان وبالصليب أشهرهم جهارا ظافرا بهم. رجع الشيطان مكسورًا مهانًا مذلولاً خائبًا وقال لنا رئيس هذا العالم آت ولكن ليس له فى شئ، والتمسك بالمسيح والحياة فيه، يهبنا النصرة ووعد المسيح قائم أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو الشرير. وهكذا ندرك أنه مهما طالت التجارب وتنوعت فان الغلبة النهائية هي لحساب المسيح. ومايبنيه الشيطان في سنين فان السيد المسيح يهدمه بكلمة، لأن ابن الله قد جاء لكي ينقض أعمال إبليس. وهكذا يدخل أبناء الله التجارب وهم حاملون للنصرة في داخلهم كتلميذ يدخل الامتحان مستعد للأمتحان فلا يخاف {ثقوا أنا قد غلبت العالم}. لقد أدرك القديسين أن النصرة ليست بقوتهم ولا بذراع البشر، ولا اعتمدوا على عملهم ولا على قدرتهم بل على الله وحده. فكانت لهم الغلبة والنصرة على الشيطان وكانوا يزدادون اتضاعًا وإنكارًا لذواتهم ويزدادون ثقة في الله الذي يقويهم {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني}. ومهما حدث للمؤمن فلا يجب ان يستسلم بل عليه ان يتمسك بالرجاء وأن سقط عليه إن يقوم سريعا مقدما توبة صادقة لله الذى يقبل التائب ويقول من يقبل اليّ لا أخرجه خارجا.
التجارب وفوائدها فى حياة المؤمن...
+ أننا نصلي ونطلب من الله أن لا يدخلنا فى التجربة وأن ينجينا من الشرير لاسيما أن كانت التجربة تعثرنا أو تضعف إيماننا أو تبعدنا عن الله. لكن علينا أن ننظر إلى التجارب التي يسمح بها الله كنعمة وليس كنقمة وهى فرص للنمو الروحي والأنتصار لأن لها بركاتها الكثيرة ومنها إحساس المؤمن بوجود يد الله معه فى تجاربه وشعوره بالأكثر بالفرح، بعد أنقضائِها فعلاً ، وشكره لله عليها. التجربة تذيد المعونة والتعزية للنفس المتألمة ظلماً ، كما قال القديس بولس { لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذَلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضاً} (2كو 1 : 5). { عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي }(مز 94 : 19) التجارب تُعلم المؤمن الصابر فضائل كثيرة ، وتُشعر المؤمن بضعفه ، فلا يفتخر بعمله، أو بجهاده الروحى {إن خفة ضيقتنا الوقتية ، تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقَل مجد أبدياً } ( 2 كو 4 : 17 ) . وكما قال القديس مار إسحق السريانى ( التجارب أبواب للمواهب).
+ للتجارب بركاتها فى الأبدية ( رو 8 : 17 ) ، ( أع 14 : 222 ) فمقدار المكافأة يكون حسب صبر الإنسان على احتمالها ، وعدم تذمره عليها. وعلينا في التجارب أن نتمسك بوعود الله بإنقاذ الأتقياء وأن نصلى بروح التواضع محاربين بكل اسلحة الحرب الروحية ومنها الإيمان والتمسك بكلمة الله والصلاة والصوم والتواضع { لانك حفظت كلمة صبري انا ايضا ساحفظك من ساعة التجربة العتيدة ان تاتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الارض (رؤ 3 : ه 10). لقد سمح ليوسف الصديق بالتجارب وحسده أخوته وباعوه عبد، وفى مصر أتهم ظلما من زوجة فوطي فار وسجن ولكن الله كان معه فكان رجلا ناجحا وحفظه الله ورفعه وأنقذ به مصر وأهله من المجاعة ومنحه حكمة ونعمة. في الضيقات والتجارب نري إمانة الله ، وبُطلان التعزيات الأرضية، ونتعلم أهميته التوبة والسهر الروحي والجدية، وعدم التعلق بالعالم وشهواته
يقول القديس مارإسحق السريانى : ( إن كنا أشراراً ، بالأحزان نؤدب وإن كنا أبراراً بالأحزان نُختبر ). وقال أب قديس آخر : ( عندما تأتينا التجربة ، يكون لنا : شعورأما بالفرح ، لأننا نسيرفى طريق الله الضيق ( المؤدى للملكوت ) ، أو شعور بالحزن ، لئلا تكون التجربة بسبب غلاظة القلب فينا ) .
+ أننا نصلي ونطلب من الله الذى جاء الي أرضنا وتجسد من أجل خلاصنا وشابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها، وجُرب وأنتصر علي إبليس وقام ووهبنا النصرة علي الخطية والضعف والموت والشيطان وقواته أن يقودنا فى موكب نصرته ويعيننا على خلاص نفوسنا ويظهر بنا رائحة الذكية، أمين.