نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 25 نوفمبر 2021

خواطر في الحياة الروحية (16) المسيحي والحياة في المسيح

 

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

قدم ذاتك لله ليعمل معك...

+ الله مستعد أن يعمل معنا وفينا وبنا، مهما كانت إمكانياتنا وقدراتنا وعملنا وظروفنا. فلقد عمل بكل أنواع البشر الذين أطاعوه و قدموا ذواتهم كأواني لخدمته وبارك فى حياتهم وقدسها. لقد عمل الله مع موسى النبي ثقيل اللسان ليتكلم مع فرعون ويقود الشعب قديما كما عمل مع داود النبي راعي الغنم وصيره ملكا ونبي ومرنم المزامير العميقة. أستخدم الله بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا صيادي السمك وجعلهم صيادين للناس كما عمل مع متى الذي كان من جباة الضرائب وجعله سفيرا وتلميذا له. عمل الرب فى سمكتين وخمس خبزات قدمهم له طفل صغير وباركهم ليشبع بهم الالوف. كما عمل الرب بمريم المجدلية التائبة وجعلها مبشرة بالقيامة.

+ الله مستعد أن يعمل معك وهو يريد أن تعطيه قلبك وتفعل أرادته { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي} (ام 23 : 26). فلا تتحجج بصغرك { فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب وتتكلم بكل ما امرك به} (ار1 : 7) ولا يهرب أحد من العمل مع الله أو الخدمة محتجا بجهله أو ضعفه أو حاجته { اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء. واختار الله ادنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود} (1كو 1 : 28). {اسمعوا يا اخوتي الاحباء أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه} (يع 2 : 5). علينا أن نقدم ذواتنا لله وننقاد بروحه القدوس ونواظب على الصلاة في شكر ونخدمه بما لدينا من قدرة ونقول مع النبي { اله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني}(نح 2 : 20)

المسيح ثباتنا وحياتنا ...

+ السيد المسيح هو شجرة الحياة التى لا يموت أكلوها. فيه لنا شبع وارتواء وحياة أبدية. من يعرف الله ويحبه ويحيا معه ويتناول من الأسرار المقدسة بانسحاق وتوبة واستحقاق وإيمان يشبع ويحيا سعيد، فها هي المرأة السامرية تابت ارتوت فعلاً بعد أن آمنت بالمسيح بل وذهبت تبشر بالمسيح مخلص العالم. إن  ما نأكله وما نشربه يتحول فينا الي لحم ودم ويعطي استمرارية للحياة فكم بالحري يعمل فينا المسيح ويهبنا ثبات وحياة أبدية { من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة ابدية وانا اقيمه في اليوم الأخير. لأن جسدي مأكل حق و دمي مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي.} ( يو 54:6-57). فما أحوجنا يا أحبائي للتناول من الأسرار المقدسة والثبات في المسيح لا لبر أو استحقاق فينا بل لحاجتنا القوية للخلاص والثبات والحياة بالمسيح المشبع بكلامه ومحبته وباسراره المقدسة. هو لا يخيب رجاء من يقبل إليه. لكن علينا أن نقبل إليه ونؤمن ونصدق، ونتقدم إليه بإشتياق، ويصير هو سيد لحياتنا.

المسيح خبز الحياة

 + وها هو يعلن عن نفسه أنه الخبز النازل من السماء { فقال لهم يسوع: أنا هو خبز الحياة، من يقبل إلي،ّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي، فلا يعطش أبدًا} (يو 35:6). لقد أشبع الآلاف بخمس خبزات وسمكتين. وهو كائن معنا فى كل حين بمحبته وكلمته وحضوره الإلهي لاسيما فى سر الأفخارستيا. هو يعطي الشبع الروحي، فهو لا يسد الإحساس بالجوع فقط، بل ويحرر الجسد من الهلاك ويعيد تشكيل كل الكائن الحي ويهبه حياة أبدية. ويصير الإنسان الذي خليقة جديدة.  أننا يجب أن لا نقتات بالخبز المادي فقط بل بكل كلمة تخرج من فم الله و بالخبز الذي نزل من السماء، وهو يقودنا إلى حياة أبدية، بواسطة عمل الروح القدس العامل فى الأسرار والذي يسكب فينا شركة الله، ويمحو الموت الذي حلّ بنا من اللعنة القديمة. السيد المسيح تجسد ليعطي ويبذل جسده الحي ليكون بذرة الخليقة الجديدة، نأكل جسده لنتحد به ونثبت فيه ونأخذ قوة وحياة أبدية.

الحياة الأبدية في المسيح يسوع...

+  السيد المسيح هو الخبز النازل من السماء لكل من يتناول منه ويؤمن به ويثبت فيه ويثمر به ينال الحياة الأبدية فهو حي ومعطي الحياة. ومن يثبت فيه تكون له الحياة الأبدية ويقيمه الرب في اليوم الأخير حتى إن مات جسده، فالروح تحيا ولا تموت حتى يقوم الجسد فى اليوم الأخير جسدا روحاني نوراني ممجد على مثال جسد القيامة الذي لربنا ومخلصنا يسوع { تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة.}( يو 28:5-29). وبدون الثبات فى المسيح تموت الروح حتى وإن كان الجسد حي لكن من يريد هذه الحياة عليه أن يؤمن ويحيا الإيمان العامل بالمحبة. وكما أن الجسد يموت إن لم يأكل الخبز المادي هكذا تموت الروح إن لم تثبت في المسيح ثبوت الأغصان في الكرمة وتتغذى من عصارة الكرمة الحقيقة سر الأفخارستيا. إن كان للخطية مفعولها في الإنسان وهو الموت فإن التوبة والاعتراف والحياة في المسيح هو عملية نقل حياة لهذا الميت روحياً بسبب الخطية. مثل من عنده مرض بسرطان الدم ويحتاج بصفة مستمرة لعملية نقل دم طاهر اليه وهذا ما يفعله فينا دم المسيح الثمين انه يعطي لنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه. أما في السماء والحياة الأبدية فسيكون المسيح هو حياتنا وفرحنا وشبعنا الأبدي في حياة التسبيح والشكر والصلاة والفرح التي يجب أن نحيا مذاقها من الآن { لأن ها ملكوت الله داخلكم} (لو  17 :  21) . 

الأحد، 21 نوفمبر 2021

خواطر في الحياة الروحية 15- الأولويات في حياتنا


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


اهتمام الإنسان بتوفير حاجاته المادية..
   في عالم اليوم ووسط موجات الغلاء والتضخم نجد الكثير من الناس يعاني من القلق ويضطرب من أجل أمور الحياة الكثيرة ويقضى معظم وقته فى توفير متطلبات الحياة المادية ويغفل عن الأهتمام بروحياته وصلاته أو لا يحرص علي أبديته وأهتمامه بعلاقته بالله وملكوته بينما السيد المسيح يدعونا للأهتمام أولاً بحباتنا الأبدية { فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟. فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا. لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ} (مت 13:6-34). فلا نقضي غالبية حياتنا لاقتناء الطعام واللباس والمسكن والتعليم، والاهتمام بمطالب الجسد فقط بل علينا أن نهتم أولاً بتوبتنا ونمونا الروحي وشبعنا بالله فى توازن وترتيب الأولويات فى حياتنا، فحياتنا وأبديتنا أهم من الماديات الزائلة. والله الذى منحنا هذه الحياة وهذا الجسد، قادر بالطبع أن يهبنا احتياجاتنا المادية وجاء لتكون لنا حياة أفضل.

+ الله يقدم دليلا على اهتمامه حتى بطيور السماء التي تطير مغردة دون أن تقلق لأجل احتياجاتها الجسدية والتخزين للمستقبل، وهو يقوتها يوما فيوما.الإنسان، رأس الخليقة، يهتم به الله ويعطيه احتياجاته إذا اتكل عليه. وماذا استفاد المهتمون بالأمور المادية فقط، هل استطاعوا أن يزيدوا طولهم ذراعا واحدة؟ فالله هو الذي يعطي الجسم شكله وقامته، وهو يهتم بزنابق الحقل، ولا سليمان الملك، رغم عظمته وكثرة أمواله، لم تصل ملابسه إلى جمال هذه الأزهار، مع أنها مجرد أعشاب تنمو لبضعة أيام ثم تذبل. أن الإنسان ذو قيمة عظيمة فى نظر الله أعظم من الطيور زهور الحقل ؟. لقد تجسد الأبن الكلمة وبذل ذاته فداءاً عنا ولهذا علينا أن نعمل بعدم تكاسل ونثق بمحبة الله وعنايته بنا وتوفير احتياجاتنا وعلينا أن نطلب أن يملك الله على قلوبنا ونتمتع بعشرته، ويملك علي البعيدين ويقربهم إليه ونسعى في طلب البر واثقين أن أمور الحياة يوفرها الله لنا. ولا ننسى أن هدفنا الأسمى هو الله، نعطيه القلب والأولوية فى وقتنا وأعمالنا وتفكيرنا ومحبتنا. هكذا قدم إبراهيم أبو الآباء ابنه وحيده علي المذبح معطيا الله الأولوية حتى على أبنه من أجل ذلك رأينا الله يمنعه أن يمد يده عليه وقدم له حمل عوض عن أبنه وباركه. ولهذا قال القديس بطرس الرسول والرسل { فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ }(اع  5 :  29)

+ ترتيب أولويات حياتنا...

+ مع اهتمامات الإنسان الكثيرة والانفتاح على عالم الميديا والنت والموبايل والطفرة في عالم الأخبار والقنوات الفضائية، تشتت الفكر وكثرت متطلبات الحياة وأصبح الإنسان عرضة لضياع الهدف أو وضع أهداف وقتية زائلة تعطلت مسيرته نحو الله والأبدية. وحتى فى زمن السيد المسيح كانت مرثا مرتبكة من أجل أمور كثيرة وطلبت مساعدة أختها لها فيها ولهذا عاتبها السيد { فَأَجَابَ يَسُوعُ: «مَرْثَا مَرْثَا أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ. وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا»} (لو 41:10-42). ورغم أهميته ما تعمله مرثا فى إعداد الطعام الضروري للحياة الجسدية، لكنها انهمكت فيه بمبالغة، لدرجة أنها اضطربت، فعاتبها المسيح. وهو طبعاً يقدر محبتها واهتمامها بتكريمه، ولكن الإنشغال الزائد يربك ويقلق الإنسان. قد يكفى صنف واحد أو أثنين من الطعام الضروري. وأما مريم اختارت النصيب الأفضل، وهو سماع تعاليم السيد وهذا الاختيار هو الذي يشبع النفس ويخلصها. وهو الذى يوصل المسيحى إلى الملكوت الأبدي ومع تقدير السيد المسيح للأعمال العالمية المفيدة وكل الخدمات التي ترتقي بحياة الإنسان مثل مساعدة المرضى، والمسنين، وإعالة الفقراء مادياً، لكنها لا تغنى الخادم أو الإنسان الروحى عن علاقته الشخصية بالمسيح ومحبته وممارسة الأسرار المقدسة والصلاة وقراءة الكتاب المقدس.

 + من الأشياء الهامة والضرورية للنجاح والتفوق في الحياة ان نرتب أولويات حياتنا و نعطيها الاهتمام والوقت الكافى حسب أهميتها لنا، فنقوم بعمل الأشياء المهمة فالأقل أهمية. فليس من المعقول أن يسوق أحد سيارته بدون نقطة وصول محددة ويتمنى الوصول سريعا، ففي هذا مضيعة للوقت والجهد والمال. ولا نعطي الشئ الأقل أهمية الوقت الكثير أو نمضي الوقت في الكسل ونطمح في تحقيق النجاح والسعادة. كما أن من يعمل ما يفيد يتخلص مما لا يفيد والعكس صحيح. ان الله يدعونا للتفكير والتخطيط السليم لبناء حاضر سليم ومستقبل آمن وأبدية سعيدة { ومن منكم وهو يريد ان يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله. لئلا يضع الأساس ولا يقدر ان يكمل فيبدأ جميع الناظرين يهزأون به. قائلين هذا الانسان ابتدا يبني ولم يقدر ان يكمل} (لو 28:14-30). فالإنسان الروحي الذي يريد أن يبنى برجاً، أى علاقة روحية تربطه بالسماء، ينبغى أن يضع الأساس وهو الإيمان بالمسيح والجهاد الروحي فى الصلاة والصوم والتوبة بانسحاق، حتى لا تهزأ الشياطين به.فدعوة المسيح لحساب النفقة ليس تخويفاً لتابعيه من صعوبة الطريق، لكن يدفعهم حتى يستعدوا بوضع هدفاً وحيداً لهم والارتباط بمحبته، ليضمنوا الوصول للملكوت والتمتع بعشرته المفرحة دائماً.

+ يوصينا الكتاب المقدس بأن نهتم بخلاص نفوسنا وعلاقتنا بالله والناس فى توازن وتكامل فى حياتنا، ففي مثل الغني الغبي الأناني الذي يهتم فقط بأمواله دون علاقته مع الله والناس رأينا كيف خسر حياته الابدية { فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون } (لو 12 : 20). فلو ربحنا العالم وخسرنا أنفسنا فنحن نسير فى طريق خاسر{ ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 : 26). وحتى لو استباح الإنسان لنفسه شهوات العالم، ولو تصورنا أنه مَلَكَ كل شهوة فيه، وهذا مستحيل لكن سيخسر أبديته، وبهذا يكون قد أضاع نفسه وأهلكها ولا شي يساويها أو يعوضها. لكل منا نفس واحدة وهي أغلى من كل ممتلكات العالم وشهواته، وثمنها هو دم المسيح المسفوك لأجلها، فلا يمكن أن يضيع الإنسان أغلى شىء فى الوجود" نفسه" لأجل أية شهوات أو أمور مادية مؤقتة.

 + ترجع أهمية ترتيب الأولويات في حياة الإنسان لمحدودة الوقت والجهد والإمكانيات فبترتيب أولويات حياتنا وأعمالنا ومقابلاتنا نستطيع أن نحقق الأمور التي نسعى للقيام بها والتخطيط السليم يجعلنا نتفوق ونحقق رسالتنا فى جوانبها الحياتية المختلفة فى تكامل وتعاون للقيام بأعمالنا و دورنا كأفراد في الأسرة والعائلة ودورنا في كنيستنا وفي العمل الذي نقوم به فى المجتمع . نقوم بعمل أولويات لحياتنا بحكمة مفتدين الوقت. وعلى المؤمن وضع الأهداف التي يريد ان يصل اليها سواء على مستوى الأسبوع أو الشهر أو السنة. كل هذا يجعلنا نتقدم وننجح ونسعد. ومع معرفة ميولنا وامكانياتنا ووزناتنا وتنميها بالجهد والعرق المتوالي نصل للنجاح والنبوغ بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة نتخطى العقبات وننجح فى كل عمل صالح { لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10(.
 + بتحديد الأولويات ومعرفة امكانياتنا وتطوير وبناء الذات نجد ان هناك فرق كبير بين حياتنا التي تمضي بدون حساب النفقة وبلا ترتيب ونظام وبين أن نبني برج النجاح لعلاقات ناجحة تنمو وتفتح أفاق جديدة للسعادة وتحقيق ما لم نكن نحلم به أو نتصوره من تقدم وما العبقرية الى جهد متواصل تنمو ثمارها على مر الزمان وتظهر نتائجه مع أداء الإنسان دوره في مجتمعه فى سعادة. علينا إذا إكتشاف إمكانياتنا وقدراتنا وطاقاتنا وميولنا واستغلالها والمتاجرة و الربح بالوزنات المعطاة لنا من الله ولهذا مدح الله الذين تاجروا بوزناتهم لهم وربحوا وأدان إلى طمر وزنته (مت 19:25-29). لقد منح الله لكل منا وزنات يتاجر ويربح بها ولم يبخل على أحد بل أعطي كل واحد على قدر طاقته وسيحاسبنا على ما هو متاح لنا وليس ما هو غير مستطاع مع أننا نستطيع عمل الكثير بالتركيز والنظام والتصميم فى المسيح الذي يقوينا. لكن علينا أن نعي أن هناك حساب على أعمالنا والوزنات التي بين أيدينا. الله منحنا وزنات و مواهب روحية وجسدية ونفسية ومادية سواء معرفة وحكمة وتعليم وإمكانيات عقلية ومحبة وخدمة وصحة ومواهب ومال ووقت علينا أن نجاهد بها في حياتنا لنربح. كما أن الله لا يحابي أحداً على حساب آخر، لكنه يعرف طاقة كل واحد فما قدمه لنا الله من مواهب لم يقدمها إعتباطاً وإنما هو يعرف ما يناسب كل إنسان لخلاص نفسه وأسرته وخدمة كنيسته ومجتمعه. فلا يتكبر أحد على أصحاب المواهب الأقل ولا يحسد حساب الوزنات الأقل أصحاب المواهب الأكثر، بل نشكر الله ونستثمر ما بين أيدينا. الله يهبنا الحرية والارادة وفى المقابل نجد أن كل منا مسئول عن استثمار وزناته (مت 14:25-30). ويجب أن ننمي وزناتنا الروحية العقلية والعملية وعلاقاتنا فما التفوق والعبقرية إلا معرفة من الإنسان لمواهبه وبالجهد الامين فى تنميتها بمرور الوقت والتراكم المعرفي والزمن بالانجازات تصنع المعجزات. اما الكسالى والخاملين فلا مكان لهم فى عالم اليوم ولا حتى فى السماء من أجل تراخيهم وعدم اهتمامهم بخلاص نفوسهم.
المجالات الهامة فى حياة المؤمن..
+  العلاقة بالله ومحبته والعمل للوصول إلى ملكوت السموات يأتي في أول سلم اهتمامات الإنسان الروحي من أجل هذا قال لنا السيد الرب { اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم }(لو 12:31). محبة الله والقريب والنفس هم مثلث رأسه محبة الله وضلعيه محبة القريب والنفس { تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الأولى. وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك ليس وصية اخرى اعظم من هاتين} (مر 30:12-31). محبتنا لله وطاعتنا لوصاياه وعمل ارادته فى حياتنا والنظر الى الناس والحياة والأشياء فى ضوء الكتاب المقدس وقيادة الروح القدس يجعلنا نسلك فى النور ونكون نور للعالم الجالس فى الظلمة { لان الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح}(2تي 1 : 7(. علينا أن نكون أناس صلاة من أجل الجميع ليس من أجل خلاص أنفسنا فقط ولكن ومن هم حولنا بل وعالمنا كله { فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ انْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ} (1تيم 2:1) كما أنه وأجب علينا أن نتوب ونحاسب أنفسنا ونسعي للسلام والمصالحة مع الغير لاسيما أن كان الخطأ قد صدر منا { فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ. فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ وَاذْهَبْ أَوَّلاًاصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.} (مت 23:5-24)
 + الاهتمام بالسعادة الاسرية وبناء اسرة مترابطة قوية سعيده متفاهمة تحيا فى محبة وتعاون وشركة مع الله والكنيسة وتشارك فى المجتمع وتشهد للإيمان اولوية مهمة فى حياة المؤمن، فقد ينجح الانسان فى العمل ويحقق طموحه الدراسي والمادي دون ان يهتم ببناء بيت سليم، فتتفكك الاسرة أو يفشل الأبناء. وكم من أشخاص تغربوا من أجل تحقيق طموحهم المادي وتركوا زوجاتهم وأولادهم دون إهتمام وتسبب ذلك فى العديد من المشكلات التي تسبب لهم التعاسة والفشل. لهذا فمن أولويات المؤمن الاهتمام بأهل بيته وأسرته وأقربائه وحياتهم الروحية { أما انا وبيتي فنعبد الرب} (يش 24 : 15). علينا التعاون في تحقيق الإشباع النفسي والروحي والاجتماعي للأسرة، والحرص على النمو السليم لأفراد الاسرة مع إشباع حاجتهم للطعام والشراب ومستقبلهم الدراسي والعملي. ومن النجاح الأسري ينطلق المؤمن الى مجال أوسع للعلاقات الإجتماعية مع العائلة والاقارب والجيران والاصدقاء والزملاء والامتداد بالمحبة والعطاء على قدر طاقتنا وتنمية هذه العلاقات للمرضى والمحتاجين والغرباء والمسجونين وذوى الحاجات الخاصة فهذه أساسيات الدخول لملكوت السموات { من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما} (مت 20 : 26).
 +الأمانة فى العمل والالتزام به مع الاتزان في القول والسلوك والعلاقات من المجالات الهامة التي يجب أن يقوم بها المؤمن في بذل وإخلاص وتفاني حتى وسط أجواء الفساد الاداري والمالي من حوله. العمل مجال للكسب المادي والعيش الكريم يجب أن نوليه الأهمية فى النجاح والتميز فى عالم يسوده التنافس وقلة فرص العمل ومهما كانت وظيفتنا، كبرت أو صغرت علينا ان نحب ما نعمل ونقوم به بامانة ونتغلب على التحديات والمضايقات بالحكمة والصبر والمثابرة، ومع الوقت لابد أن يظهر معدنه الإنسان جليا للناس، وان كنا ننتظر المجازاة من الله الذى يرى فى الخفاء ويجازى علانية.

 + المؤمن فى كنيسته عضو فعال ومشارك وخادم ناجح على قدر طاقته وعمق محبته وأمانته تجعله محب ومحبوب ويعتمد عليه، كما أنه شاهد حي للإيمان العامل بالمحبة فى مجتمعه وبين أصدقائه، يخصص لكل شئ وقت للجد والعمل وقت للمجاملات والترفيه عن النفس وقت. المؤمن أمين كملح فى الارض لوطنه ويستنير من علاقته بالله وينير الدرب لكثيرين. مع الحرص على إيجاد توازن وتكامل بين مجالات عمله في الحياة وأولوياتها والاستجابة للظروف الطارئة والملحة فى حكمة من أجل بناء النفس والغير وعمل الخير والامتداد نحو حياة أبدية سعيدة . 

شعر حر - 124 غامرني بالحنان

 

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

(1)

صوتك الرب

بين الأصوات والإغراءات اللي حولينا وهي كثيرة

نسمع أصوات مختلفة، مزعجة أو مشوشة أو مثيرة

أصوات تصيب بالاضطراب أو الاكتئاب أو الحيرة

صوتك يارب هادى وديع بحب أسمعه وأكون أسيرة

صوتك يشجع نفسي  ويهب قوة وللحسنى غيره

صوتك بيهدي خطوتي ويجعل حياتي حلوة ومنيرة

بطاعة صوتك جموع كثيرة عاشت قداسة السيرة

......

(2)

" حبك يارب"

أقول أحبك وأعترف لك في كل نبضه

أحب أعيشلك حياتي في كل لحظة

 دا أنت جمايلك واحساناتك مغرقاني

 وحبك يا ربي خلي حياتي شكل تاني

 ملاء حياتي حب وسلام وملك كياني

 ياللي بحبه للبشرية جه ومات وفداني

 حبك يارب خلي لحياتي قيمة ومعاني

......

(3)

" غامرني بالحنان "

بيسألوني ليه تحبه ومعاه دائما فرحان؟

قلت نحبه لأنه أحبنا ونعيش معاه بالإيمان

 دا بحبه لينا نزل من السماء وصار انسان

لأجلنا صُلب ومات ودفن ولفوه بالأكفان

وهو حي بلاهوته لا يحده زمان ولا مكان

وقام وقال يا ابني أنا لك خلاص وأمان

اديك حياتي وأطهرك من الخطية والادران

 بروحي اعلمك ولك في السماء أحلى مكان

 ازاي يا ناس محبوش وهو غامرني بالحنان

.......

(4)

" الله المحب والحنان"

فى كل أشراقة صباح يوم جديد

محبة وإحسان ربنا أشوفه يزيد

يقوليّ أنت ليّ أبن محبوب وفريد

بأجدد رحمتي وأرعاك بحب شديد

مادامت ثابت في وبتسير معي بالأيد

اللي تضبط الكون كله وترفع العبيد

وتدعوهم للبنوة والمجد والمواعيد

أنصرك وأفرحك مهما الحروب تزيد

......

(5)

" راسخ في الإيمان"

خليك قوي و ثابت راسخ  في الإيمان

لا تتأثر بتعاليم غريبة ولا بقول إنسان

ابني نفسك على الصخرة فيثبت البنيان

أنت عزيز علي ربك وفي عيونه منصان

ولو هاج عليك الشر وأعوان الشيطان

أصرخ بتواضع لربك، نصرته لك تبان

بصبرك تربح نفسك وتحيا معاه فرحان

......

 

الأربعاء، 17 نوفمبر 2021

الأستجابة لصوت الله (4)



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ علينا أن نستجيب لصوت الله ونطيعه كما يدعونا الكتاب { الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ} (عب  3 :  15). ليس كما تذمر الشعب قديما علي الله وعلي موسي النبي وقالوا أفي وسطنا الرب أم لا؟ { وقالوا لماذا اصعدتنا من مصر لتميتنا واولادنا ومواشينا بالعطش. فصرخ موسى الى الرب قائلا ماذا افعل بهذا الشعب بعد قليل يرجمونني.} (خر 3:17-4) لقد أمر الرب عبده موسي أن يخرج لهم من الصخرة ماء، والصخرة كانت تشير الي الرب يسوع المسيح { وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا لانهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح }(1كو 10 : 4). علينا ان نصغي ونستجيب لصوت الله حتى يرحمنا ويقبل اليه صلواتنا ويهبنا حياة أفضل ورجاء صالح وحياة أبدية

+ العناد ورفض صوت الله ... رفض شاول الملك قديما الأستماع الي صوت الرب فكانت النتيجة رفض الله لشاول وهلاكه وموته في الحرب { فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من شحم الكباش. لان التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم لانك رفضت كلام الرب رفضك من الملك.} (1صم 22:15-23). لهذا يحذرنا الكتاب المقدس من العصيان كما عصا الشعب قديما فى البرية فلم يدخلوا الي أرض الموعد. أننا بطاعة الله وحياة الإيمان العامل بالمحبة ننال السماء وأمجادها  ولكن لنحترس لئلا يسقط  أحد  في عصيان صوت الله { فلنجتهد ان ندخل تلك الراحة لئلا يسقط احد في عبرة العصيان هذه عينها. فاذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السماوات يسوع ابن الله فلنتمسك بالاقرار. لان ليس لنا رئيس كهنة غير قادر ان يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية. فلنتقدم بثقة الى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه} ( عب 11:4،14-16).

+ طاعة صوت الله .. علينا أن ننزع القساوة من قلوبنا ونستجيب لصوت الله لنا ونرجع اليه بسرعه مفتدين الوقت فالله يدعونا الي التوبة والسير فى طريق الفضيلة والتقوى. لقد كان شاول  مضطهدًا للكنيسة وفعل ما فعله بجهل (اتى 1: 13). فلما ظهر له السيد المسيح ودعاه قبل كلام الرب بفرح، وآمن وتألم لأجل المسيح وكرز بالإيمان المسيحي، كما كان بطرس الرسول حساس فى توبته ومجرد أن سمع صياح الديك بكى بكاء مرًا.  وزكا العشار تطلع إليه السيد المسيح وكلمة فلم يحتمل. وأعلن توبته أمام الجميع (لو 19: 5). القلوب الحساسة تستجيب لأية إشارة من الله ولو من بعيد، يهتز قلبه لها، لأن قلبه منفتح باستمرار علي صوت الله. أن طاعتنا لصوت الله تهبنا سلام وبركة ونعمة فى عيني الله هكذا أطاع أبونا أبراهيم قديما صوت الله فصار بركة وبنسله تباركت كل شعوب الأرض وصار لنا مثالا فى الطاعة {بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيداًأَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثاً، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي }(عب  11 :  8). بالإيمان أطاع ابراهيم صوت الله وقدم أبنه وحيده وأثقا فى قدرة الله على أقامة أبنه من الأموات { بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ. الَّذِي قِيلَ لَهُ: «إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ».إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ أَيْضاً، الَّذِينَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ أَيْضاًفِي مِثَالٍ.}  ( عب 17:11-19).

+ التوبة كاستجابة لصوت الله ... أن الله لا يسر بموت الخاطي بل أن يرجع عن طريق وتحيا نفسه { لا يتباطا الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتانى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة}  (2بط  3 :  9). أن الله يسعي لخلاص الجميع { الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ}(1تي  2 :  4). يدعونا الله الي حياة الإيمان والقداسة { مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ»} (مت  4 :  17) {قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ} (مر  1 :  15) وعلينا أن نستجيب لدعوة الله ونرجع الي بكل قلوبنا { فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ }(اع  3 :  19). وهذا هو أمر الرب { فَاللَّهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا مُتَغَاضِياً عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ } (اع  17 :  30). والتوبة تعني الرجوع الي الله وترك الخطئية والأعتراف بها ومعالجة نتائجها، لنكون قديسين بلا لوم فى المحبة { بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة }(1بط  1 :  15). فلا نعرج بين محبة الله وشهوات العالم وطرقه الشريرة { فَتَقَدَّمَ إِيلِيَّا إِلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ وَقَالَ: حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ. فَلَمْ يُجِبْهُ الشَّعْبُ بِكَلِمَةٍ }(1مل  18 :  21). { كما اختارنا فيه قبل تاسيس العالم لنكون قديسين و بلا لوم قدامه في المحبة }(اف  1 :  4) . لقد قبل الله توبة داود بعد خطيئته وعندما وبخه ناثان النبي قال عبارة واحدة هي " أنت هو الرجل" فصرخ داود  قائلا "أخطأت إلى الرب". وتاب توبة قوية كان فيها في كل ليلة يعوم سريره بدموعه ويبل فراشه (مز 6). والمرأة السامرية، مجرد جلسة واحدة مع السيد المسيح غيرت حياتها كلية. وتحولت من امرأة خاطئة الي مبشرة بخلاص المخلص وكان لها قلب رقيق يمكن أن يستجيب بسرعة للرب أكثر من الكتبة والفريسيين فى ريائهم كانوا يتكلموا عن المبادئ العالية ولا ينفذونها بل ويدينوا السيد المسيح لشفقته ورحمته بالخطاة.

 القديس أغسطينوس قضى فترة طويلة بعيدا عن الله، لأن الصوت الإلهي لم يكون قد وصل إليه واضحًا. فلما وصله صوت الرب، استجاب للتو، بكل القلب وبكل العاطفة وصار قديسا. كذلك مريم المصرية ظلت بعيدة عن الله زمنا، وبعيدة عن صوته. ولكن لما شعرت بصوت الله وهو يناديها عند الأيقونة المقدسة، تغيرت تغيرًا كاملًا، واستجابت للرب، وعاشت بقية عمرها في محبة الله. العاطفة القوية للخطاة وعمل الرب معهم أشعل محبة الله فى قلوبهم وجعلهم يتوبوا ويركضوا فى طريق القداسة.

+ التكريس أوالزواج كاستجابة لصوت الله .. أن الله يريد نفوس مكرسة له تحبه وتتبعه.  سواء فى زواج مقدس { فَأَثْمِرُوا أَنْتُمْ وَاكْثُرُوا وَتَوَالَدُوا فِي الأَرْضِ وَتَكَاثَرُوا فِيهَا} (تك  9 :  7). أو فى حياة بتوليه مخصصه لله، فكل الداخلين للسماء هم نفوس عذاري حكيمات متزوجين أو بتوليين أحبوا الله وأمتلأت أوعيتهم بزيت الروح القدس والإيمان العامل بالمحبة بحسب الوزنات المعطاة لهم من الله. الله يريد أن نعطيه قلوبنا أولاُ { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي} (ام  23 :  26). ثم نعمل معه ونخدم ونبذل ذواتها فى خدمته وخدمة أخوتنا بامكانياتنا المتاحة فالحصاد كثير والفعلة قليلون وعلينا أن نعمل مع الله ونكرس له حياتنا كليا أو جزئيا حسب طاقة وأمكانيات كل واحد وواحدة منا  لقد دعا السيد الرب تلاميذه قديما فاستجابوا لدعوته وعمل بهم واضاء المسكونة بتعاليمهم { وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ». فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ. ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلاً فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ. فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ.} ( مر 16:1-20). وهكذا سمع الشاب أنطونيوس يوما صوت الله فى الإنجيل يقول للغني { قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاًفَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي»} (مت 19 : 21). وأعتبر هذا الصوت موجه له هو فذهب ووزع كل ماله علي الفقراء وتبع الله فاصبح أباً لكل الرهبان.

+  أن الله أمين وعادل لا ينسي تعب المحبة. قال له القديس بطرس قديما { فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «?لْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي فِي التَّجْدِيدِ مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضاًعَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةًأَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاًأَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.} (مت 27:19-29). فالله يعطي كل وأحد حسب عمله. وعلينا أن نسمع ونعمل بكلام الله فيكون لنا ثمر صالح ويدوم ثمرنا لمجد أسمه القدوس، أمين.

شعر قصير -123 - الرجاء الحي

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

(1)

" نور في الظلمة "

كالشمع يذوب وينصهر بالنار وينور للناس في الظلمة

نبذل ونعمل بصمت ونقول شدوا الحيل واعملوا بهمة

لو حتي جزنا في النار الله ينجى ويقود بحبه للقمة

البذرة لما تندفن وتموت تحيا وتنبت أشجار تنفع الأمة

بالتجارب نتنقي كالذهب يتنقي فوق النار  لما تتحمه

التصق بالهك ونور طريق الغير وكن كسراج على أكمة

خلينا سفراء للسماء بالوداعة والحب والحق والرحمة

.......

(2)

" الرجاء الحي"

مبارك الله الذي ولدنا ثانية لرجاء حي ننمو فيه

رجائنا راسخ في الله الذى لا يخزى أبداً منتظريه

ثقتنا عظيمة بالله محب البشر واتكالنا فقط عليه

أخنوخ سار مع الله فنقله لأنه عاش حياة ترضيه

آمن إبراهيم بالله فأعطاه أبن في الكبر وبارك فيه

مهما كانت خطاياك تب وأكره  الشر ولا ترجع ليه

بالرجاء تفرح وتخلص وما تطلبه من الله لك يعطيه

المسيح رجاء الأمم والضال هو جاء يخلصه ويهديه

.......

(3)

" ثق في محبتي"

لا تشك ولا تقلق وثق في محبتي يا ابني الغالي عليّ

خلقتك على صورتي ومثالي وسلطتك على كل شئ

وهبتك العقل المميز والروح الخالدة وقلب يهفو اليّ

بذلت ذاتي لخلاصك رغم بعدك وجحودك وغدرك بيّ

وهبتك روحي يقودك ويعلمك فلماذا لا تطيعه يا أبني

اعد لك مكان يليق بمحبتي ورحمتي وكرمي السخي

أرجع وتب واعمل معى ولحبي استجب ولي كن وفيّ

.......

(4)

" ثق في الهك وأطمئن"

ثق في الهك وأطمئن، مفيش شئ مستحيل لدى الله

يعطي المعيي قدرة والميت يقدر يقيمه ويعطيه حياة

يرد الخاطئ ويهدي الضال وللبائس يدى أمل ورجاء

في البحر يعدى طريق ويطفئ آتون النار فقط بصلاة

الهنا صالح ورحيم محب جه لخلاصنا من أعلى سماه

ينادي تعالوا الي ياجميع المتعبين تجدوا راحة ونجاة

لمشاكلك عنده حلول، القي همومك و حمولك علي الله

......

(5)

كرحمتك يارب وليس كخطايانا "

في كل الأوقات بالبيت والعمل وأنت ماشي بالطريق

بضيقات الحياة وأفراحها ليكن الله لك مرشد ورفيق

قوله ارحمني يارب أنا خاطئ وأعني في وقت الضيق

كرحمتك وليس كخطايانا عاملنا عشان نتوب  ونفيق

أدينى نعمة أمامك وأمام الناس ولتكن لنا خير صديق

إن عاملتني بعدلك فلن أجد حجة والهلاك بي سيحيق

لكن مراحمك يا رب نترجي ومنك المغفرة  والتوفيق

انت خالقنا وابونا الصالح وتصنع معنا رحمة بلا تفريق

الأحد، 14 نوفمبر 2021

الأصغاء لصوت الله - طرق سماع صوت الله (3)


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

1- الله يكلمنا بطرق متعددة ....

 + عمل الله منذ أن خلق الإنسان أن تكون له معرفة به وأن يسمع صوته ويعرفه ويطيعه ويحبه، لقد تحرك الله بالمحبة نحو البشرية ليتكلم معها بطرق كثيرة { الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الاخيرة في ابنه} (عب 1 : 1 ، 2) . لذلك يحث الروح القدس الناس على طاعة صوت الله عند سماعه ويدعونا الي قبوله {اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم}( عب 3 : 7 و 8)  لقد تكلم الله مع آدم بعد أن خلقه (تك 3: 17). وتكلم مع قايين ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى إشعياء وإرميا والأنبياء ؟ بل ويتحدث مع الشخص الواحد ليس فقط مرة بل مرات كثيرة بطرق متنوعة تتناسب وفهمنا الروحي وانفتاح بصيرتنا الداخلية. مستخدمًا كل وسيلة، لعلنا نسمع صوته، ونقبله ونتجاوب معه. يقول الوحي الإلهي: { كلمت الأنبياء وكثرت الرؤى وبيد الأنبياء مثلت أمثالاً} (هو 12: 10)، وجاء في النبي  {اصغوا واسمعوا صوتي انصتوا واسمعوا قولي} (اش  28 :  23). تكلم بنفسه أو بواسطة ملائكة، أو بواسطة الأنبياء، وتكلم بواسطة مؤمنيه الأتقياء عندما ينطقون بالحق. وفي العهد الجديد  تكلم معنا في أبنه، كلمة الله، الواحد مع الآب. تجسد الابن لكي يقترب الينا ويعلن لنا ذاته ومحبته ووصاياه، حمل الصليب ليهبنا المصالحة، نازعا العداوة، ولم يعد كلام الله مجرد وصايا نتقبلها لنطيعها، وإنما بالأكثر قبول للكلمة الإلهي وثبوت فيه وأتحاد به وصار يعلمنا ويقودنا بروحه القدوس داخلنا.

+ لقد أبلغ الأنبياء الصوت الإلهي للآباء بكونهم قنوات، لا فضل لهم سوى تبليغ الرسالة كما هي { استؤمنوا على أقوال الله} (رو 3: 2)، ويشهد السيد المسيح نفسه أن موسى والأنبياء تحدثوا عنه؛ أما السيد المسيح فهو الكلمة عينه، الحق بذاته، يعلن عن الآب بكونه واحدًا معه في الجوهر، لهذا قال { ليس أحد يعرف الابن إلاَّ الآب، ولا أحد يعرف الآب إلاَّ الابن ومن أراد الابن أن يعلن له} (مت 11: 37). في القديم كلم الله الآباء بالأنبياء، أما الآن فيكلمنا في ابنه. ماذا يعني الرسول بهذا؟ الله دائم الحديث معنا، يتحرك نحونا بحركة الإعلان عن حبه. يريد أن يتعامل معنا، فهو وإن كان فوق كل إدراك لكنه ليس عنا ببعيد، ولا بمعزل عنا، أنه يود إتحاد الإنسان معه لينعم بشركة أمجاده الأبدية. كلام الله معنا ليس ألفاظً تقف عند سماع الأذن لها، إنما هو حياة فعّالة {لأن كلمة الله حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته. وليست خليقة غير ظاهرة قدامه} (عب4: 12, 13).  حين تحدث الأنبياء مع الآباء قدموا برسائل إلهية مجيدة، أما وقد تحدث الآب إلينا في ابنه فإنه قدم لنا سرّ حياة وخلاص وقيامة. فالابن واحد مع أبيه وهو سر وحدتنا في المحبة، فنلتقي بالابن مع الآب ، نتعرف عليه وندخل إلى حالة شركة فائقة. حقًا لقد كان الروح القدس يهيء الأنبياء لقبول الرسالة الإلهية وتبليغها، لكن لم يكن ممكنًا للبشر أن يدخلوا إلى أعماقهم ليلتقوا بالآب. الابن الوحيد الجنس هو القادر وحده أن يصالحنا مع أبيه لنبقى معه وبه وفيه إلى الأبد.

 2- سماع صوت الله من خلال الكتاب المقدس...

+ حين نقرأ في الكتاب المقدس نكون عمليا في حالة استماع الى صوت الله يكلمنا من خلال الكتاب. فإن كنا نقرأ كلمة الله بروح الخشوع وبرغبة قلبية صادقة نحفظها في قلوبنا و ننفذها في حياتنا العملية، سنكتشف أننا بالفعل نسمع صوت الله يرشدنا إلى ما يجب فعله أو تقريره في مواجهة أي ظرف من الظروف التي نتعرض لها. فعندما يهاجمنا ابليس بتجربة معينة، ثم تلمع في أفكارنا الآية المناسبة التي تعيننا على مواجهة الموقف والانتصار على التجربة، نكون عمليا في حالة استماع صوت الله.  لذلك يقول الكتاب { لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى. وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب} (كو 3 : 16). والرسالة إلى العبرانيين يوبخ فيها من وصفهم بمتباطئي المسامع تجاه أقوال الله، بسبب عدم تغذيهم بلبن الكلمة، ويشجعهم على تناول طعام الكلمة المقدسة القوي لكي يصيروا بالغين روحيا، الأمر الذي يجعل حواسهم مدربة على سماع أقوال الله والتمييز بين الخير والشر

+ علينا أن نسمع صوت الله فى الإنجيل ونطيعه ونعمل به { هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش} (1صم  15 :  22).  وتكون لنا علاقة شخصية وعشرة حب مع الله ونتبعه بكل قلوبنا {خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني} (يو 27:10). الخراف  تسمع صوت راعيها وتميزه بين كل الأصوات وعندما تسمعه يأتوا مسرعين ليتناولوا الطعام من بين يديه أو يتبعوه. فإن أردنا معرفة وتمييز صوت الله فلا بد لنا من قضاء وقت معه وفي كلمته بصورة مستمرة ويومية. نحرص على الصلاة، قراءة الكتاب ودراسته، والتأمل في كلمة الله يومياً. فكلما قضينا وقت مع الله وكلمته، كلما أصبح سهلاً عليك معرفة صوته وتمييز قيادته لأمور حياتك. أن موظفي البنوك يتدربون على تمييز العملات المزورة وذلك بالتعمق في دراسة الأوراق المالية الحقيقية. وبالمثل، فعند دراستنا لكلمة الله وتعاليمه والتعمق فيها، يمكننا معرفة وتمييز صوت الله بوضوح عند سماعه وايضا عند قيادته لنا. فالله يتحدث لنا حتى نتفهم الحق. وبينما يتحدث الله أحياناً بصوت مسموع، فأنه غالباً ما يخاطبنا من خلال كلمته، وفي بعض الأحيان الأخري يقوم الروح القدس بارشادنا من خلال ظروف معينة، بالعمل بما تعلمناه من الحق الموجود في كلمته وطاعتنا لوصاياه.

+ لقد سمع صموئيل صوت الله ولكنه لم يميزه وظنه صوت الكاهن الي أن أرشده عالي {  ثم عاد الرب ودعا ايضا صموئيل فقام صموئيل وذهب الى عالي وقال هانذا لانك دعوتني فقال لم ادع يا ابني ارجع اضطجع. ولم يعرف صموئيل الرب بعد ولا اعلن له كلام الرب بعد. وعاد الرب فدعا صموئيل ثالثة فقام وذهب الى عالي وقال هانذا لانك دعوتني ففهم عالي ان الرب يدعو الصبي. فقال عالي لصموئيل اذهب اضطجع ويكون إذا دعاك تقول تكلم يا رب لان عبدك سامع فذهب صموئيل واضطجع في مكانه. فجاء الرب ووقف ودعا كالمرات الأول صموئيل صموئيل فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع.} (1 صمو  6:3-10). عندما نستمع لصوت الله، كيف نميز أنه هو الذي يتحدث الينا؟ يوجد لدينا ما لم يمتلكه صموئيل وجدعون، ألا وهو الكتاب المقدس بأكمله، كلمة الله المقدسة النافعة للتعليم والتأمل. فهل لدينا سؤال عن موضوع معين أو قرار ما في حياتنا لابد من التأمل ما يقول الكتاب المقدس عن هذا الموضوع. فالله لن يقودنا ويرشدنا بطريقة مخالفة لتعاليمه أو وعوده الموجودة في الإنجيل.
3- الروح القدس وسماع صوت الرب ....

+ لم يتركنا الله بلا رفيق فى الطريق، بل أعطانا روحه القدوس مرشداً ومعلماً حكيماً يقودنا ويخبرنا بكل تعاليمه ووصاياه { اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). الروح القدس هو روح الحكمة والحق الذى يخبرنا بالحق {  وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور اتية. ذاك يمجدني لانه ياخذ مما لي ويخبركم.} (يو 13:16-14). وعلينا أن نحيا فى حياة التوبة والنقاوة الروحية لنمتلئ بالروح القدس ونستجيب لعمله داخلنا لاسيما عندما يبكتنا لنتوب عن خطية أو يحثنا على عمل البر أو يشجعنا علي الصلاة والحياة مع الله فينبغي علينا أن نطيعه. ولا نتساهل مع الشر في حياتنا العملية حتى لا نحزن  الروح القدس ونعطل الشركة التي تجمعنا مع روح الله فنفقد إمكانية سماع صوته. ولنتذكر أن الروح القدس الذي فينا هو الذي يقدم صلواتنا الى الله ويشفع فينا كما يقول الكتاب { وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي. ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين} (رو 8 : 26 ، 27). فلا يمكننا سماع صوت الله في حالة احزان الروح القدس. وعلى العكس من ذلك، فإن انتعاش الروح فينا، ولا سيما في حالة التغذية المستمرة بكلمة الله، يجعلنا نميز تماما صوت الله كما يقول الكتاب أيضا { ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه، فأعلنه الله لنا نحن بروحه. لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه؟ هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله ... لانه من عرف فكر الرب فيعلمه. وأما نحن فلنا فكر المسيح} ( 1كو 2 : 9-16.(  نمونا الروحي يفتح أمامنا آفاق أوسع لفهم المشيئة الالهية والقبول بها، حتى ولو كانت استجابة الصلاة مغايرة لما نريده او نتمناه نحن. فالله الكلي الحكمة يعرف أكثر منا ما هو لازم ومفيد لنا، وإن كنا نصغي إليه من خلال شركة الصلاة، ولا نسمح لضجيج رغباتنا وارادتنا الشخصية بل نصغي  لصوته اللطيف الهادئ في أعماقنا، سنختبر ما اختبرته عروس سفر النشيد عندما قالت { صوت حبيبي. هوذا آت ...}
4- صوت الله من خلال المواقف والأحداث...

+ المؤمن  له الأذن الروحية المدربة على تمييز صوت الله وإرادته وتنفتح بصيرته الروحية ويستجيب لصوت الله من خلال المواقف والأحداث التي يمر بها {هلم ايها البنون استمعوا الى فاعلمكم مخافة الرب} (مز  34 :  11). أن  صوت الله لن يدعونا إلى شئ ضد وصاياه أو لعمل خطية أو أثم، فالله قدوس و يدعونا جميعاً للقداسة. لقد سمع الأنبا أنطونيوس لصوت الله وقد أتاه من حيث لا نتوقع مثل صوت المرأة التي نزلت لتستحم أمام الأنبا أنطونيوس، وعندما لامها على ذلك قالت له لو كنت راهبا لذهبت للصحراء بعيداً فتعلم منها وقال هذا صوت الله لي وذهب إلى البرية الجوانية. كما أن صوت الله قد يأتى من خلال الأحداث التي نمر بها، كموت شخص عزيز كما حدث مع الأنبا بولا عندما راى ميت محمول على الأكتاف وقد ترك ثروة كبيرة، فترك الخصومة و الإرث مع أخيه، و صار أول المتوحدين. وقد يرسل الله صوته لنا على لسان أب الإعتراف، أو المرشدين الروحيين {طريق الجاهل مستقيم في عينيه . أما سامع المشورة فهو حكيم} (أم 12 : 15).
+ قد يكون الإنسان محتار فى كيفية إختيار شريكة لحياته، و يرسل له الله فتاة بها كل المواصفات الحسنة، و لكنه لا يبصرها لأنه متعلق بعلاقة عاطفية خاطئة وكثيرون يقولون له ذلك، ولكنه يعند مع الجميع ولا ينصت وقد يستمر فى الخطوبة بل والزواج أيضاً. ثم تأتى ساعة يتمنى فيها أن يفترق عنها، ويبدأ بصب جام غضبه على الكنيسة التى منعت الطلاق إلا لعلة الزنا. وكأن الكنيسة هى السبب فى سوء اختياره. أو أن يختار شاب عمل ما وهو يعلم أن هذا المكان فاسد ويقوده للعثرات، ولكنه يصر ويسد آذانه عن كل نصيحة يرسلها له الله على لسان الآخرين. علينا أن ننقاد لصوت الله ونطيعه ونرفض الأصوات التي تبعدنا عنه {هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح} (2كو 10 :  5).

5- الصلاة وطاعة الله في حياتنا ....

+  الله لا يتركنا بل ويريدنا أن نعرف أرادته الصالحة لخلاصنا وحياتنا الأفضل وهو مستعد أن يعلنها لنا لاسيما عندما نطلب أرادته بروح الصلاة بتواضع قلب وطلب المعونة من رب المجد أن يرسل لنا صوته و يرشدنا لسماعه {قلب الإنسان يفكر في طريقه والرب يهدي خطوته} (أم 16 : 9)، فلن يتوقف الانسان عن التفكير حيث إنه مخير، و لكن عليه باللجوء لله والطاعة لمشيئته حتى يهدى الله خطواتنا دون أن نفرض على الله كيف يكلمنا. إن إرادة الله معلنة لنا ومكتوبة في ضمائرنا وفي كتابه المقدس نعبده وحده ونحبه ونحفظ وصاياه وأن نحب حتى أعداؤنا، وأن نتوب عن خطايانا، وأن نكون قديسين كما هو قدوس. إن قوانين الله، سواء الموجودة في قلوبنا أو في الكتاب المقدس ملزمة لنا. فنحن نتحمل مسئولية عدم طاعتها. إن العلامة الحقيقية لبنوتنا لله هي سعينا أن نعرف ونعيش إرادة الله كما تعلنها كلمته والتي يمكن أن تلخص في "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (1بط 1: 16). ونسعى لأن "ننقاد بالروح" الذى يقودنا إلى البر وإلى التغيير حتى يتمجد الله في حياتنا. { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو  12 :  2). نصلي لكي يغيرنا الروح القدس من خلال تجديد أذهاننا فتكون النتيجة عمل إرادة الله صالحة ومرضية وكاملة.

+ علينا أن لا نفرض أو نحدد لله شروط أو أوقات ليعرفنا أرادته أو يعلن لنا رأيه فى موضوع ما  كما جاء في سفر يهوديت حينما حاصر أليفانا قائد جيوش نبوخذ نصر مدينة أورشليم، إذ أن شعب الله قد شاروا على عزيا الكاهن أن يضعوا لله خمسة أيام حتى ينقذهم فيها أو يلجأوا للطرق البشرية. فما كان من يهوديت إلا أن قالت لهم { من أنتم حتى تجربوا الرب؟ ليس هذا بكلام يستعطف الرحمة ولكنه بالأحرى يهيج الغضب ويضرم السخط. فإنكم قد ضربتم اجلا لرحمة الرب وعينتم له يوما كما شئتم، و لكن بما أن الرب طويل الاناة فلنندم على هذا ونلتمس غفرانه بالدموع المسكوبة} (يهو 8: 11-14). فلا نضع لله حدوداً و نفرض عليه طرقنا البشرية ليسمعنا صوته كمن يفتح الكتاب المقدس كمن يفتح الكوتشينة وما إلى ذلك من الطرق البشرية في فرض طريقة معينة على الله بل نفتح قلوبنا ونستجيب بارواحنا وعقولنا لصوت الله ونتمم إرادته الكاملة الصالحة لخلاصنا.