نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الثلاثاء، 31 مارس 2020

أَمَّا أَنَا فَصَلاَةً - الصلاة المقبولة  -3




للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أستجابة الصلاة ومعطلاتها ...
+  الله حاضر فى كل مكان وزمان ... يسمع صلواتنا ويستجيب للصارخين اليه { افلا ينصف الله مختاريه الصارخين اليه نهارا وليلا وهو متمهل عليهم. اقول لكم انه ينصفهم سريعا} ( لو 7:18-8). لقد استجاب الله لصلاة الكنيسة من اجل نجاة الرسل وارسل ملاكه ليفكهم من القيود ويخرجهم وقبل صلوات كرنيليوس وارسل له ملاك يخبره بقبول صلواته {فلما شخص اليه ودخله الخوف قال ماذا يا سيد فقال له صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا امام الله } (اع 10 : 4). هكذا يقبل الله صلواتنا النقية كرائحة بخور مقدس ويستجيب لها.
+ الصلاة مصدر القوة .. الصلاة هي مصدر البركة والنصرة والقوة الروحية فى حياتنا وواجبنا أن نصلي الي الله كل حين { يا سامع الصلاة اليك ياتي كل بشر} (م 65 :2). الصلاة خبرة إيمانية بها نظهر امام الله ونقدم طلباتنا وابتهالاتنا ويستجيب لنا { اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). بالصلاة تُعلم طلباتنا لدي الله ويستجيب لنا متي كانت بتواضع قلب { التفت الى صلاة المضطر ولم يرذل دعاءهم} (مز  102 :  17) والصلاة مطلب الهي { فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي 2 : 1). لقد صلى سليمان قديما الى الله { فالتفت الى صلاة عبدك والى تضرعه ايها الرب الهي واسمع الصراخ والصلاة التي يصليها عبدك امامك اليوم. لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلا ونهارا على الموضع الذي قلت ان اسمي يكون فيه لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع}( 1مل 28:8-29). سمع الله لسليمان  { ان الرب تراءى لسليمان ثانية كما تراءى له في جبعون. وقال له الرب قد سمعت صلاتك وتضرعك الذي تضرعت به امامي قدست هذا البيت الذي بنيته لاجل وضع اسمي فيه الى الابد وتكون عيناي وقلبي هناك كل الايام}( 1مل 2:9-3). { ولما انتهى سليمان من الصلاة {نزلت النار من السماء واكلت المحرقة والذبائح وملا مجد الرب البيت } (2اخ 7 : 1).
+ وعود الله باستجابة الصلاة .. قد وعد الرب في الكتاب المقدس باستجابته لصلواتنا {ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله}(يو ١٣:١٤):  وأيضا يقول { لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي} (يو ١٦:١٥). أن الله صادق فى وعوده. لكن لا شك أننا قد اختبرنا بعض الصلوات غير المستجابة،  فقد نطلب من الله أن يفعل لنا شئ معيناً ونظن أنه لمجده أو لصالحنا، وقد نصلي بإيمان وثقة والله لا يستجيب لنا. ومن بين الصلوات التي في بعض الأحيان قد لا تجد استجابة، الصلاة من أجل الشفاء. فاذا مرض أحد  فراد أسرة وصلوا لأجل شفائه ورفعت الكنيسة صلاة إلى الله من أجله، ولكنه مات، فهل نتشكك فى إيماننا أم نسلم حياتنا لله ليتمجد فيها في حياة أو حتى فى أنتقال من نحب، أننا نحتاج في صلاتنا لطلب مشئية الله ونحن نصلي { لتكن مشئيتك}.
+ عوائق أستجابة الصلاة ... من أسباب عدم استجابة الصلاة وجود خطية رابضة في القلب {ذبيحة الاشرار مكرهة الرب وصلاة المستقيمين مرضاته} (ام 15 : 8). إن وعود السيد المسيح تتحقق لمن يعيش طالبا ملكوت الله وبره اولاً وينقاد بالروح مصليا لله بالروح والحق. {إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي } (مز ١٨:٦٦). والكثير من صلواتنا لا تجد استجابة لأن دوافعنا غير سليمة فمعظم صلواتنا تتركز حول الذات والمتع الأرضية بعيداً عن أرادة الله { تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا في لذاتكم }(يع ٣:٤(. لا شك في أن الصلاة الخارجة من القلب فى تواضع وأستقامة قلب تجعل الله يصغي إليها ويتجاوب معها. وقد نصلي من أجل أمور لا توافق مشيئة الله ، فيكون ما نريده يختلف تماماً عما يريده الله، وتنحرف صلواتنا بعيداً عن ارادته فلا نجد استجابة. علينا أن ندرك أن صلواتنا تُستجاب عندما تتفق مع إرادته الله الصالحة والكاملة والتي تعكس معرفته بكل شيء وأرداة الله خلاصنا ومعرفتنا للحق وقداستنا وأن نؤمن به ونخلص ونسلك في حياة الإيمان العامل بالمحبة ونؤمن أن الله يعلم ويعمل الأفضل لحياتنا ومستقبلنا، فدرّب نفسك على الثقة في الله وفي محبته. إن الصلاة تحتاج منا لاستقامة القلب مع مثابرة في الصلاة متمسكين بوعود الله .
شروط الصلاة المستجابة....
لقد قبل الله صلاة العشار ورفض صلاة الفريسي، فصلاة الفريسى المتكبر، لم تكن مقبولة  لله وخرج العشار من الصلاة مبرراً دون ذاك لان صلاة العشار كانت بتوبة وأعتراف وتواضع قلب وطلب الرحمة والصفح من الله ( لو 18 : 14 ). كذلك صلاة الذين أيديهم ملآنة دماً ، قال عنها الرب { حين تبسطون أيديكم ، أستر وجهى عنكم ، وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع } ( أش 1 : 15 ) و أيضاً صلاة المرائين الذين يريدوا أن يظهروا أبرار أمام الناس وبواطنهم ممتلئة بالأثم والشر ولعلة يطيلون صلواتهم ( مت 23 : 14 ) بينما يصلي المتواضع  صلاة ، فيتقدم واحد من الأربعة و العشرين قسيساً، و يأخذها فى مجمرته الذهبية، و يقدمها إلى الله رائحة بخور ( رؤ 5 : 8 ). أذاً ما هي شروط الصلاة المقبولة من الله حسب الكتاب المقدس.
+ التوبة والتواضع والطهارة  .. الصلاة ليس كلمات تردد من الشفاة فقد عاتب الرب الشعب قديما قائلا {يقترب الي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا }(مت 15 : 8). الصلاة هي عشرة محبة تنبع من القلب التائب والمنسحق امام الله {ذبائح الله هي روح منكسرة القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره} (مز 51 : 17). لابد ان نتوب عن خطايانا ونقلع عن اثامنا ونتطهر ليسمع لنا الله ويستجيب، ان الخطية تمنع عنا خلاص الله وتفصلنا عنه { ها ان يد الرب لم تقصر عن ان تخلص ولم تثقل اذنه عن ان تسمع. بل اثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع. لان ايديكم قد تنجست بالدم واصابعكم بالاثم شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر. ليس من يدعو بالعدل وليس من يحاكم بالحق يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب قد حبلوا بتعب وولدوا اثما} (اش 1:59-4). التوبة مع التواضع تجعل الله يقبل اليه الخاطئ ويبرره { لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة }(مر 2 : 17).


+ المحبة وعمل الرحمة
الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله, والله فيه. المحبة هي أعظم الوصايا { تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك وقريبك كنفسك} (متى 22: 37-39). ومن يحب الله يجب أن يحب الناس { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا }(يو  13 :  34). لا شئ يبعدنا عن الله مثل الكراهية والكبرياء ولا يوجد شئ يسمو بالمؤمن ليتشبه بالله مثل المحبة وعمل الرحمة  وكما يقول الرسول { إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن. وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا. وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق و لكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا.} (1 كو 1:13-3) أي إنّ صلواتي مهما كثرت وتعاظمت وكنت خالياً من المحبة والبذل، فإن الله لا يقبلها بل تكون في أذنيه كصوت طنين النحاس أو رنين الصاج بلا روح ولا معنى وبالتالي لا يعطيها الرب آذاناً صاغيةً. والمحبة العملية تدفعنا للرحمة باخوتنا يقول {من يسد أذنيه عن صراخ المسكين فهو أيضاً يصرخ ولا يستجاب} (أم 13:21) لأن الرحمة تفتخر على الحكم وليس رحمة في الدينونة لمن لم يستعمل الرحمة.  أما الذي يكون رحيماً ويرحم الملهوف ويغيث المستغيث {حينئذ يدعو فيجيب الرب يستغيث فيقول ها أنذا }(أش 9:58).

+ الإيمان وحياة الشكر .. يجب ان نأتى الى الله بثقة وايمان غير مرتابين البته { ولكن ليطلب بايمان غير مرتاب البتة لان المرتاب يشبه موجا من البحر تخبطه الريح وتدفعه }(يع  1 :  6). ولدينا وعد الله الصادق {وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه }(مت 21 : 22). قد تتأخر اوتتعدل او تتأجل أو تتغير أستجابة الله لصلواتنا لمعرفة الله لما هو مفيد لنا وما هو الأفضل ومتي يكون الوقت المناسب لأستجابة الصلاة ومع هذا يجب ان نشكر الله فى كل حين وعلي كل شئ ونواظب على الصلاة بشكر وبلجاجة ، لقد كان زكريا واليصابات بارين أمام الله وسالكين فى وصاياه بدون لوم او عيب ومع هذا تأخر فى الاستجابة لصلواتهما من اجل الانجاب ليأتى بيوحنا المعمدان لهما بعد الكبر لكن فى الوقت المناسب ليعد الطريق أمام السيد. وتأخر شفاء المرأة النازفة الدم اثنتى عشر سنة وأظهر السيد المسيح عظم إيمانها أمام الجميع . وانت صلي واطلب ان يتمم الله مشيئته الصالحة والكاملة  فى حينه الحسن كما علمنا ان نقول لتكن مشيئتك . {واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر} (كو 4 : 2). اننا نصلى ونطلب ولنا دالة عند الله فى ابنه الذى تجسد وتألم وصلب وقام من اجل خلاصنا وتبريرنا { وفي ذلك اليوم لا تسالونني شيئا الحق الحق اقول لكم ان كل ما طلبتم من الاب باسمي يعطيكم الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو  16 :  24).
+ الصفح وعدم الرياء والصوم ..
لكى ننال المغفرة من الله وتستجاب صواتنا يجب ان نحمل المحبة لاخوتنا ونطلب لهم الخير من الله ونسامح ونغفر للمسئين الينا لكى نكون ابناء الله العلي الذى يشرق شمسه على الابرار والاشرار ويمطر على الصالحين والطالحين ويصبر ويتأنى على الجميع { فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي. وان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم} ( مت 14:6-15). لهذا يأمرنا المخلص ان نتصالح مع اخوتنا لتقبل صلواتنا {فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك} ( مت23:5-24). الصفح والمغفرة للآخرين يجعلنا نتشبه بالله ويجعل القلب مسكناً للروح القدس.
+  الصلاة باسم المسيح ووفق مشيئته ...
لكي تكون صلواتنا مقبولة يجب أن نُقدمها كلها باسم يسوع المسيح الذي قال لنا أن نطلب باسمه { وفي ذلك اليوم لا تسالونني شيئا الحق الحق اقول لكم ان كل ما طلبتم من الاب باسمي يعطيكم.الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا.} ( يو 23:16-24). فلا أحد يأتي الي الآب الا بالمسيح يسوع ربنا  { ليس باحد غيره الخلاص لان ليس اسم اخر تحت السماء قد اعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص}(اع 4 : 12). والسيد المسيح هو الطريق الذى يصل بنا الي السماء وهو الذى يخبرنا بالحق ويهبنا الحياة الأبدية { أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي} (يو 14: 6) وقال أيضاً {أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلُص ويدخل ويخرج ويجد مرعى} (يو10: 9). وباسم المسيح الحسن صنع الرسل المعجزات { فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فاياه اعطيك باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش. وامسكه بيده اليمنى واقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه.
 فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الى الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله. وابصره جميع الشعب وهو يمشي ويسبح الله.} (اع  6:3-9).  وباسم السيد المسيح أخرجوا الشياطين    { فضجر بولس والتفت الى الروح و قال انا امرك باسم يسوع المسيح ان تخرج منها فخرج في تلك الساعة } (اع 16 : 18). فليس لنا في ذواتنا أي دالة في الصلاة أمام الآب ولكننا نرجو من الله بالأسم الحسن الذى لربنا يسوع، يقول الرسول { إنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين عن رعوية إسرائيل وغرباء عن عهود الموعد. لا رجاء لكم وبلا إله في العالم، ولكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح} (أف2: 22).
يقول الرسول {إن طلبنا شيئًا حسب مشيئته يسمع لنا}(1 يو 14:5) وإن لم تكن الصلاة وفق مشيئة الله يكون مصيرها الرفض فيقول الرسول { تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديًا لكي تنفقوا في لذاتكم} (يع 3:4) وهذه اللذات إما أن تكون جسدية كالأكل والشرب والملبس والتنعم الجسدي، وإما أن تكون تمجيد الذات والانتفاخ على حساب عمل الله وخدمته ومواهبه وهباته. ليتنا ننكر ذواتنا ويكون الله وإرادته ومجده هو كل شيء في حياتنا، ولسان حالنا يقول مع المزمور { ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك أعطِ مجدًا} (مز 1:115). ونستطيع أن نتعرف على مشيئة الله من كثرة قراءتنا وتأملنا في كلمة الله ورسالته لخلاصنا. لذا ينصحنا الرسول قائلا: {عيشوا فقط كما يحق لإنجيل المسيح} (في 27:1) ويتسنى لنا معرفة مشئية الله إذا درسنا الإنجيل وعرفنا وصاياه ونواهيه، ونتخذ لنا من الكتاب المقدس شاهدًا على كل عمل أو تصرف من تصرفاتنا في حياتنا عامة.  ان الله لا يخفى عليه شئ وكل شئ مكشوف قدامه فيجب ان نصلى لا كما لقوم عادة ولا من اجل نوال المديح من الناس او نكرر الكلام باطلاً اي بدون فهم أو عمق بل بمحبة ولجاجة وصدق { ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك واغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية. وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم.فلا تتشبهوا بهم لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسالوه} (مت 5:6-8). ويجب ان نقدم صلواتنا مع الصوم والصدقة كجناحى الصلاة المقبولة {فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم }(مر 9 : 29).
أصغ الي صلواتنا وأستجب يارب
+ أيها الرب الاله العظيم الذى تجثو له كل ركبة ما فى السماوات وما علي الأرض، نأتي اليك معترفين بخطايانا وأثامنا ومقرين بذنوبنا وأنت قد حولت قلوبنا لنرجع اليك ونتوب ونعترف ونصلي . يا سيد أسمع الي صلاة المساكين والمنسحقين القلوب وأستجب لنا نحن الطالبين وأنت الآب السماوي الذى لا يرفض طالبيه الصارخين اليه فانظر الينا بعين الرحمة والحب وأغفر خطايانا وأمحو أثامنا كصالح ومحب البشر وأرفع عن العالم الوبأ والخطية وقدنا فى موكب نصرتك.
+ يا مسيحنا القدوس اليك نصرخ، حررنا من العبودية للشيطان والخطية والموت، حررنا من سلطان المال والمناصب والشهوات، حررنا من ان أستعباد نفوسنا للأخرين فى خضوع مهين لكرامتنا الإنسانية، حررنا من عبودية الحرف والخوف والضعف، حررنا من انانيتنا وقيودنا لننعم بعبادتك بالروح والحق، وننقاد في فكرنا واقوالنا وسلوكنا لروحك القدوس، وننمو في المحبة والأيمان والرجاء ونضع رضاك ووصاياك ومحبتك هدفنا.  حررنا يارب من كل القيود التي تعيق حريتنا ونمونا فى معرفتك ومحبتك، لنعرفك وقوة قيامتك وشركة الأمك لكي نخدمك بكل حب ونتبعك من كل القلب، فانت رجائنا وتستحق منا كل الحب.
+ يا روح الله القدوس هبنا ثمارك المقدسة لنحيا المحبة والفرح والسلام وننقاد بك طوال أيام غربتنا علي الأرض وأهباً أيانا حكمة ونعمة وعلم لنسير بتدقيق مفتدين الوقت لان الأيام شريرة. هب سلام وعزاء للمحزونين وصبر للمتضايقين ورجاء للبائسين وسلام للمجربين وإيمان وقوة للضعفاء والساقطين. توبنا لنرجع ونعود لله راجعين، أمين .

شعر قصير (94) " أشكروا كل حين  "



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

(1)
" أبوك السماوى"
خليك وأثق أني الهك ، دا اله قوي وكلي التدبير
 مهما كانت ظروفك صعبة، هو بحكمه يقودك ويدير
 هو أبوك السماوى وغالي عليه وأبن مدلل وفقير
 وعد يرعاك ويقود خطواتك ويديك بركة وتلاقى خير
 فقط عيش كما يحق للإنجيل وأنقاد لروحه بغير تأخير
........
(2)
" توبني فاتوب"
ان كنت خاطئ، برجاء تمسك بالهك وأطلب الغفران.
خليك وأثق في ابوك السماوى وقوله بعشم وإيمان
أملاني بحبك مش عاوز غير رحمة ورضا واحسان
 توبني فاتوب لانك الهي، وخليني بيك مكتفي وفرحان
 ثبتني فيك وأملاني ينابيع محبة وأرتواء وأمنحني أمان
................
(3)
" أشكروا كل حين "
كل يوم أشكر الهي وأهب الحياة والنور
 برجاء متجدد في إله صالح رحيم وغفور
 أشكره علي لقمة هنيئة فى بيت مستور
 ومياه نقية تروى ونسمة تنعش الشعور
 أشكره علي ناس تدخل لقلبنا السرور
 علي الصحة والمرض اللي أحتماله مقدور
 في التجارب نشكر ونقول نجينا من الشرور
 قودنا بحكمة روحك وكن معنا دائم الحضور
.........
(4)
" الجهاد الحسن"
زي النحلة ما يجمع رحيق الورد والياسمين
 ويحوله لعسل صحى يشبع بيه الأكلين
 نتعلم من فضائل وحياة أبائنا القديسين
 الذين سبقونا للمجد وبصلواتهم عايشين
 نجاهد حسناً علي رجاء المجد للفائزين
 نتمسك بالإيمان بالمحبة ونصبر كالعارفين
 من يصبر للمنتهي يخلص ويتوج مع الغالبين
...........
(5)
أفضل شئ أن تأتي بهمومك الي الله في خشوع
 مشاكلك أحكيها بلا خجل وأفتح معاه الموضوع
 ضعفاتك قوله لربك في السر أو بصوت مسموع
 هو الحبيب اللي بينصت ويعزي ويمسح الدموع
 الطبيب الشافي اللي يحس ويشفي كل موجوع
 هو اللي يقدر يحللك المشاكل ويقيك من الوقوع
 هو اللي قال تعالوا اللي واريحكم: تعالوا ليسوع

السبت، 28 مارس 2020

الأيمان بالطبيب الشافي والمخلص


        
 
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى     

إيماننا بالمسيح الطبيب والمخلص...
+ ان الله كراعى صالح لنا يريد ان يقدم لنا الشفاء الروحى والنفسى والجسدى ولكن لا يرغمنا على القبول بل يقدس ارادة كل واحد وواحدة منا. وهو كطبيب سماوى وكعريس للنفس البشرية يدعو الجميع للخلاص { وارسل عبيده ليدعوا المدعوين الى العرس فلم يريدوا ان ياتوا } (مت 22 : 3). ويقول للكثيرين كما قال لاورشليم قديما { يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا} (لو 13 : 34) . لقد منحنا الله العقل والحرية ويريد منا ان نقبله الها لنا ومخلصاً لنفوسنا وشافياً لأمراضنا { الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4).ويقول لنا {تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم}  (مت  11 :  28).
 + هل نريد ان نبرأ من جراح الخطية وسم الحية وحيل أبليس أم لا ؟ ان الكثيرين قد ارتضوا حياة الكسل والوقت وقت الجهاد والعمل ؟ والبعض يلقى اللوم على الأخرين ولا يعملوا للتغلب على المعوقات والعراقيل غير عالمين انه بدون محاولات جادة وضيقات كثيرة لن نصل الى النجاح والتفوق والشفاء ؟ البعض منا يقول كما قال مريض بركة حسدا { ليس لى أنسان يلقينى فى البركة متى تحرك الماء } ولا يتسأل لماذا تركه الاحباء والأقرباء. يا أحبائى ان الأنتقاد والتذمر ودوام الشكوى يبعد عنا الكثيرين والله يريدنا دائما شاكرين على كل حال وفى كل شئ. بل يجب علينا ان نُقدر كل الذين يقدمون لنا كلمة أو خدمة ، أو عمل ما وحتى الذين يتباعدون عنا يجب ان نلتمس لهم الأعذار .
+ لا نظن حتى وان صلينا او طلبنا من الله شئ وتأخر فى الأستجابة انه غير مصغى الى صلواتنا. أنه أب صالح يعرف متى يعطى وما هو خير لنا ويستجيب لنا الرب فى شدتنا فى الوقت المناسب وبالطريقة التى تناسبنا. وحتى أن سمح بتجربة فهي لخيرنا وسلامنا وخلاصنا ويجب ان نثق فى محبة الله الأبوية واردتة الصالحة { انتظر الرب ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب (مز 27 : 14). وعلينا أن ننتظر خلاص الرب { انتظر الرب واصبر له ولا تغر من الذي ينجح في طريقه من الرجل المجري مكايد}  (مز 37 : 7).
+ اننا نثق فى حكمة الله وانه يعمل فى هدوء وانه ضابط الكون والكل ويستطيع ان يعمل كل الاشياء للخير للذين يحبون الله والمدعوين حسب قصده لذلك نصلى ونعمل ما يجب علينا ان نقوم به وننتظر خلاصه العجيب وهو القادر على كل شئ.
ليس لى أنسان ...  
+  الى كل من ليس له معزى او صديق والى من يشتكى الوحدة والامراض وفقدان الأحبة والأقارب. ثق انك غير متروك من الله، لقد وعدنا وهو أمين { ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20). حتى فى حروبنا مع الأعداء وفى صراعنا مع الخطية يقول لنا { ثقوا يا بني واستغيثوا بالله فينقذكم من ايدي الاعداء المتسلطين عليكم} (با 4 : 21). الى المرضى والمتعبين والذين بلا رجاء أو معين نجد الطبيب السمائى يبحث عنهم كما بحث عن مريض بركة حسدا. لقد كتبت الجرائد عن معجزة شفاء حدثت فى اسبانيا لمريضة بشلل رباعى عقب قفزها فى بركة للسباحة اسمها "أيميليا سانتوس" وقد ظلت فى دار للعجزة منذ الحادثة وكان عمرها سبعة عشر عاماً والى ان بلغت 48سنة وهى تصلى ظهرت لها القديسة مريم وقالت لها " أميليا قومى "  وبعد عدة نداءات وجدت يد تمتد اليها وتقيمها من فراش المرض وهكذا نجد الله وان تأنى يستجيب وستبقى شعلة الإيمان موقدة الى منتهى الازمنة.
+  لقد أتى قديما السيد المسيح من الجليل الى أورشليم ودخل من باب الضأن الذى كانت تدخل منه الحملان الى الهيكل لتقدم ذبائح عن خطايا الشعب لكى ما يحمل خطايانا كما قال عنه القديس يوحنا المعمدان { وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم} (يو1 : 29) . ذهب المخلص والطبيب الشافى الى بركة بيت حسدا (بيت الرحمة) ليصنع رحمة مع المفلوج المطروح على سرير المرض لمدة ثمانية وثلاثون سنة  وقال له { اتريد ان تبرا؟ } (يو  5 :  6). لقد أظهر الطبيب ما في المريض من سمات صالحة، فقد اتسم بالوداعة. فعندما سأله السيد: "أتريد أن تبرأ؟ " لم يثور، بل في وداعة عجيبة  أجابه { يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء، بل بينما أنا آتٍ ينزل قدامي آخر} ( يو 7:5 ). من يمرض مدة طويلة غالبًا ما يُصاب بأتعاب عجيبة، تزداد مع تزايد فترة المرض. أما هنا فنراه وديعًا للغاية. هذا وعندما قال له السيد {قم احمل سريرك وأمشِ} (يو8:5) آمن وللحال قام ومشى وحمل سريره. إنه ملقي عند البركة منذ قبل ميلاد السيد المسيح بالجسد، وربما لم يسمع عن المسيح، فقد كاد أن يصير محرومًا من لقاء الأقارب والأصدقاء بعد كل هذا الزمن من المرض. ومع هذا لم يحاور السيد كيف يقوم، وكيف يقدر أن يمشي دفعة واحدة، ويحمل سريره؟ ان الله يريد منا ان نؤمن بقدرته الفائقة ونثق فى عمله العجيب وحتى ان فقدنا الأمل فى الناس فلنا ثقة ورجاء فى الله والغير المستطاع لدى الناس مستطاع لدى الله.
+ هل يستحيل على الله شئ ؟ قديما أقام لعاز بعد اربعة ايام فى القبر وأقام ابن الارملة وهو محمول على الأكتاف وأقام ابنه يايرس وقال لابيها عندما أتاه من يخبره بان أبنته ماتت { فسمع يسوع لوقته الكلمة التي قيلت فقال لرئيس المجمع لا تخف امن فقط} (مر 5 :  36). وانت لا تيأس من خلاصك وآمن بالله الذى يشفي المرضي ويقيم الموتي ، ولا تفقد الرجاء فى خلاص أحد من الناس فاللص تاب وأمن فى أخر لحظات حياته وهكذا بائيسه الخاطئة خلصت فى أخر يوم من ايامها على الارض. وثق ان الله هو أمس واليوم والى الابد قد يأتى فى الهزيع الأخير من الليل. فلنوظب على الصلاة والطلبة واثقين ان الله كأب صالح يعمل من أجل خيرنا { اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم. لان كل من يسال ياخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له. ام اي انسان منكم اذا ساله ابنه خبزا يعطيه حجرا. وان ساله سمكة يعطيه حية. فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسالونه } (مت 7:7-11)
+ طلب المخلص من المفلوج  حمل السرير ليطمئن أن شفاؤه كامل، وأنه لم ينل القوة الجسدية تدريجيا بل بكلمة الله وأمره فورا . إنها صرخة المخلص على الصليب { قد أكمل} (يو 19 : 30).وهو يتطلع إلى الكنيسة كلها عبر الأجيال منذ آدم إلى آخر الدهور، لكى تقوم وتتحرك وتدخل إلى حضن الأب والي أبينا السماوى. يطالبنا بحمل سريرنا الذى هو شركة الصليب معه، لا كثقل على ظهرنا، بل كعرش يحملنا، ومجده ينسكب علينا، لقد رأى أشعياء النبى هذا المنظر المبدع بكونه قصة الفداء المفرحة فترنم قائلا  { قومى استنيرى، لأنه قد جاء نورك، ومجد الرب أشرق عليك } ( إش 60 : 1 ).

+ غضب الكتبة والفريسيين لان المخلص الصالح فعل تلك المعجزة فى يوم السبت فلقد فهموا الوصية بتقديس السبت بمعنى عدم العمل ولكن المخلص أظهر لهم أهمية فعل الخير كل أيام حياتنا ولاسيما فى أيام السبوت والاحاد وبان السبت جٌعل للأنسان وليس الانسان من أجل السبت ؟ الله يهمه راحتنا وخلاصنا وشفائنا وابديتنا. وعندما تقابل مع المفلوج فى الهيكل بعد ان تمت له معجزة الشفاء وجدناه يحذره { بعد ذلك وجده يسوع في الهيكل و قال له ها انت قد برئت فلا تخطئ ايضا لئلا يكون لك اشر} (يو14:5). نعم يجب علينا ان نحترس بعد ان ذقنا النعمة واصبحنا بالمعمودية أبناء لله بالتبنى ان لا نخطئ ايضا ونتهاون فى أمر خلاصنا ونهمل خلاصاً ثميناً هذا مقداره { لذلك يقول استيقظ ايها النائم وقم من الاموات فيضيء لك المسيح. فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لان الايام شريرة} (أف 14:5-16).
نعم يا سيد أريد أن أشُفى

+ ان البشرية فى بعدها عن الله هى الرجل المفلوج غير القادر بدون الله على التحرك وفعل الخير وتنتظر عمل نعمتك الإلهية المحررة والغافرة والقادرة على منحها الشفاء الروحى من مرض الخطية المدمر والشفاء الجسدي من الأوبئة والأمراض. وها العالم يسير نحو الهاوية والطوفان ونحن نصلى ليعمل الله  ويشفى كل نفس في شتي بقاع الأرض حتى وأن كانت ليس لها  قدرة حتى على معرفته أو الالتقاء به كمخلص للعالم .
+ ان نفسى المريضة  تطلب اليك يارب وانت القادر على تقديس حواسى وفكرى وارادتى لكى ما أحمل صليبى بفرح واسير وراءك مناديا ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب الذى يريد ان الكل يخلصون والى معرفة الحق يقبلون. فحررنا يا مخلص العالم وانهضنا لكى نتبعك بكل قلوبنا .
+  يا الله الذى أحبنا وحبه أراد ان يخلصنا من الهلاك الأبدى نحن ندعوك ان تعمل وتسعى فى طلب الضالين وتقيم الساقطين وتشفى المرضى وتجٌبر كل نفس كسيرة وتحرر المقيدين بقيود أبليس وتعلن خلاصك فى العالم فليس لنا معين سواك ولا ملجأ غيرك والى من نذهب يارب وكلام الحياة الإبدية هو عندك .
+ ان كنا غير قادرين على المجئ اليك فانت المحبة تأتى الينا وتعلن لنا محبتك، وان كنا عاجزين عن فعل الصلاح فانت تأتى وتحررنا، وان كنا جهال وغير واعين لأهمية خلاصنا فانت يارب كلى الحكمة أجذبنا  بنعمتك الى معرفتك والإيمان بابوتك ورحمتك وحنانك لكى ننال الغفران والبرأ من كنوزأدويتك، أمين.

الجمعة، 27 مارس 2020

أَمَّا أَنَا فَصَلاَةً - السيد المسيح وحياة الصلاة -2


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
السيد المسيح وحياة الصلاة ...
+ الصلاة الربية كصلاة نموذجية ... سأل التلاميذ ذات يوم الرب يسوع المسيح قائلين علمنا يارب ان نصلي كما علم يوحنا تلاميذه. وأن كان التلاميذ الذين عاصروا السيد المسيح قد سألوه أن يعلمهم ماذا وكيف يصلوا فكم نحتاج نحن الذين أنتهت الينا أواخر الدهور الي تعلم الصلاة من الرب يسوع وقيادة الروح القدس لنا لنصلي بالروح والحق؟. لهذا نحن نبدأ صلواتنا بالصلاة الربية التي علمها لنا السيد المسيح { متى صليتم فقولوا ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك ليات ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض. خبزنا كفافنا اعطنا كل يوم. واغفر لنا خطايانا لاننا نحن ايضا نغفر لكل من يذنب الينا ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير} ( لو2:11-4). الله يريد ان نلتقى به ونتحدث اليه فى الصلاة بمحبة وخشوع { الابن يكرم اباه والعبد يكرم سيده فان كنت انا ابا فاين كرامتي وان كنت سيدا فاين هيبتي قال لكم رب الجنود } (ملا 1 : 6). علينا أن نصلي الي الله كأب لنا ونطلب ان يتقدس أسمه بسلوكنا قبل اقوالنا وان يحل ملكوته فى قلوبنا وكنيستنا وبلادنا والعالم ولتتم مشيئته الصالحة على الارض ونجد فيه الشبع والسعادة وننال منه مغفرة الخطايا وننجو من التجارب وحيل إبليس ليتمجد أسمه في حياتنا.
+ السيد المسيح القدوة والمثل ... علمنا السيد المسيح لا بالكلام بل بالعمل والحق { انه ينبغي ان يصلى كل حين ولا يمل} (لو 18 : 1). وكان قدوة ومثل صالح لنا وكانت صلاته هى علاقة حب بين الاب والابن الكلمة وراينا الرب يسوع المسيح يصوم ويصلى أربعين يوما على جبل التجربة لبدء خدمته وفى الاوقات الهامة كاختيار الرسل وفى الآمه وصلبه، وكثيرا ما كان يقضي النهار فى الخدمة والكرازة وأما الليل فكان يقضية فى الصلاة {وفي تلك الايام خرج الى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله } ( لو 6 : 12). وعلي الرغم من أن الابن الكلمة في الآب والآب فيه لكن عندما تجسد فأنه أخلي ذاته من المجد آخذاً شكل العبد (في5:2-11). فأطاع وصلي وصام وتمم مشيئة الآب لفداء العالم (يوحنا 38:6). فحياة المسيح وطاعته لله كان دافعها علاقته بالله الآب وحياة الصلاة يجب علينا أن نتعلمها منه. لقد ترك لنا مثالاً حياً لأهمية الصلاة لنتبع حياته وتعاليمه. وكنموذج لصلاة السيد المسيح نراه يصلى الي الاب قبل الصلب مع وعن تلاميذه ومن يؤمنوا بكلامهم به. والحديث الوداعي للسيد المسيح ومناجاته لله الآب قبيل الصلب كانت من أجلنا طالبا تقديسنا وحفظنا ووحدتنا للنمو فى معرفته وحبه وأن نكون معه فى المجد { لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم. قدسهم في حقك كلامك هو حق. كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم.ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد. انا فيهم و انت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني. ايها الاب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم. ايها الاب البار ان العالم لم يعرفك اما انا فعرفتك وهؤلاء عرفوا انك انت ارسلتني، وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} (يو15:17-26).
+ اللجاجة والمواظبة علي الصلاة ... يدعونا الرب للسهر والصلاة ونحن نتعلم من حياته وتعاليمه ونعمل بها بدافع المحبة والطاعة والثقة {اسهروا و صلوا لئلا تدخلوا في تجربة } (مر 14 : 38).{ انظروا اسهروا وصلوا لانكم لا تعلمون متى يكون الوقت }(مر 13 : 33). الله  يريد منا أن نصلي بلجاجة ولا نمل فضرب لنا مثلا فى أهمية الصلاة والمداومة عليها { ثم قال لهم من منكم يكون له صديق ويمضي اليه نصف الليل ويقول له يا صديق اقرضني ثلاثة ارغفة. لان صديقا لي جاءني من سفر وليس لي ما اقدم له. فيجيب ذلك من داخل ويقول لا تزعجني الباب مغلق الان واولادي معي في الفراش لا اقدر ان اقوم واعطيك . اقول لكم وان كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه فانه من اجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج. وانا اقول لكم اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم.لان كل من يسال ياخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له. فمن منكم وهو اب يساله ابنه خبزا افيعطيه حجرا او سمكة افيعطيه حية بدل السمكة. او اذا ساله بيضة افيعطيه عقربا. فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري الاب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسالونه}(لو 5:11-13).
+ الأباء الرسل وحياة الصلاة ... لقد واظب التلاميذ القديسين والرسل الأطهار على حياة الصلاة متعلمين من السيد المسيح {وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات} (اع 2 : 42). وعلمونا ان نواظب على الصلاة {ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلا الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة (اع 4 : 31). ويحثونا التلاميذ لكي نسلك بتعقل وحكمة لان الوقت قريب { وانما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات } (1بط 4 : 7).  فعلينا ان نصلي بلا أنقطاع { صلوا بلا انقطاع فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي  2 :  1). وفى وقت المرض يطلب منا الرب الصلاة من أجل شفاء المرضي { أمريض احد بينكم فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب }(يع 5 : 14). أن  صلواتنا تصل الى عرش النعمة ونجد بها عوناُ في حينه { وجاء ملاك اخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب واعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي امام العرش} (رؤ  8 :  3).
 الصلاة في حياة القديسين ...  
+ الصلاة هي صانعة القديسين .. الصلاة هي أول وسائط النعمة اللازمة للخلاص. فما هي الصلاة يا ترى؟ لا يوجد تعريف واحد للصلاة، فلقد عرّفها كلّ قدّيس تعريفًا خاصًّا كما اختبرها في حياته المقدّسة مع الله. فمن قائل إنّها مفتاح السماء، وشفاء السقماء، وأخر قال  بأنّها معين جبّار وسلاح بتّار، والبعض وصفها بأنّها ميناء أمين وكنز ثمين وعمل الروحانيّين. والانبا انطونيوس الذى عاش وأختبر حياة الصلاة والوحدة أنتصر في حروبه بالصلاة والسهر والتواضع  وعندما كان يحارب بالضجر و التشكيك كان يصلي قائلاً "يا الله انا اريد ان انجو ولكن هذه الافكار الشريرة لا تتركني. فماذا افعل ؟ "وبعد مدة قصيرة بدء يمشي في الصحراء فنظر انسان شبيه له يجلس ويعمل، كان يصنع حصيرة من افرع النخيل ثم بعد ذلك يقف ويصلي. كان هذا ملاك مرسل من الله ليعلم القديس كيف يعيش في الصحراء. وكرر الملاك ماعمله في السابق عدة مرات حتى فهم القديس ان عليه ان يدمج العمل اليدوي مع الصلاة حتى لايشعر بالملل والضجر. والقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم يقول: “الصلاة سلاح عظيم وأساس بركات لا تحصى”. ويقول “حينما تصلّي ألا تتحدّث مع الله؟ أيّ امتياز مثل هذا؟!”. ويعرّف القدّيس باسيليوس الكبير الصلاة بأنّها “التصاق بالله في جميع لحظات الحياة ومواقفها”. ويقول أيضا ذهبي الفم “إذا لاحظت إنسانًا لا يحبّ الصلاة، فاعرف، في الحال، أنّه ليس فيه شيء صالح البتّة، فالذي لا يصلّي لله هو ميت ولا حياة فيه”. أمّا القديس أغسطينوس فيعرّفها على أنّها “مصدر لكلّ الفضائل وعمل الملائكة وأساس الإيمان”. بدون الصلاة لا تستقيم الحياة الروحيّة، لأنّ هناك علاقة وثيقة لا تنفصم بين الصلاة وحياة الروح. فأنا أستطيع أن أكون تحت قيادة الروح بصفة دائمة إذا عشت حياة الصلاة المستمرّة، لذا كانت حاجتنا إليها ضروريّة أكثر من أيّة حاجة أخرى.
+ الصلاة والتغصب ... الصلاة تحتاج إلى تغصب وتعب وجهاد وصبر جزيل حتى نتعود عليها ويكون بعد ذلك مسرتنا فيها، وأشتيقنا اليها لذلك قال القدّيس مكاريوس الكبير يقول: “إنّ من يلازم الصلاة يحتاج إلى جهاد أكثر من سائر الأعمال، لأنّ الشرّير يناصبه العداء، محاولاً إبعادنا عن الصلاة. لذلك يلزم من يصلّي  الجهاد حتّى الدمّ مقابل أولئك الذين يسعون لإبعاد النفس عن الله”.  بقدر ما للصلاة من بركات بقدر ما تحتاج إلى جهاد. فالقدّيس إسحق السرياني يوضّح لنا هذا بقوله: “إنّ جهاد الصلاة مرير وشاقّ، ولكنّ المؤمن يُقبل إليه من أجل البركات المقترنة به”. لذلك علينا أن نعرف كيف يجب أن نصلّي، ليكون جهادنا مثمرًا، ولتسهل علينا صلاتنا. فمثلاً الوضع الجسديّ له دخل كبير في انتباه الفكر، ويخطئ من يظنّ أنّه لا علاقة بين الصلاة والوضع الجسديّ للمصلّي. فأوضاعنا الجسديّة أثناء الصلاة تدلّ على مدى توقيرنا للربّ، وتذلّلنا أمامه، وخشيتنا له ما يسبّب في استجابة الصلاة، ونوال بركات ونعم روحيّة إلهيّة لذلك نري أن القديس الأنبا بيشوى في جهاده في حياة الصلاة كان يربط شعر راسه في حبل بسقف القلاية لكي لا يحرمه النوم من الصلاة والوقوف أمام الله ولماذا كان يفعل هذا أعتقد لانه أختبر متعة الوجود في محضر الله.
+ التمهيد للصلاة .. يجب أن نعد أنفسنا لحياة الصلاة ونمهد لها بفترة من الصمت والهدوء، محاولين أثناءها رفع عقولنا وقلوبنا عن كلّ ما هو دنيويّ، ناسين كلّ أشغالنا واهتماماتنا، لأنّ القدّيس يوحنّا كاسيان يعلّمنا بقوله: “إنّ الأشياء التي يكون عقلنا يفكّر فيها قبيل ساعة الصلاة ستعاودنا بالضرورة أثناء الصلاة”. لذلك من المهمّ جدًّا أن نُشعر أنفسنا أنّنا في حضرة الله، وأنّه يرانا ويسمعنا، وهو قريب منّا ينظر إلينا. فبمثل هذه الأحاسيس والمشاعر هيّئْ ذاتك قبل الصلاة لتحسّ بالحرارة والدفء يتسرّبان إليك، إذ لا يليق أن تنتقل من الأشياء التي كنت منهمكًا فيها إلى الصلاة مباشرة، لأنّك إن فعلت هذا لن تحسّ بفاعليّة الصلاة، ويكون بالتالي فكرك مشتَّتًا.
وحينما تبدأ صلاتك جاهد أن تتبع بفكرك كلّ كلمة يلفظها لسانك، والقديس يوحنا التبايسي  يقول " لا تظن أن الصلاة هي مجرد كلام. إن الله روح فصلي أمامه بالروح واشرك عقلك وقلبك ولسانك لان كثيراً ما يحدث أن اللسان يتلو كلمات الصلاة في حين أن العقل والقلب لا يشعران بما يتُلي متذكراً قول الرسول بولس: لا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات تستطيع أن تفصلنا عن محبة المسيح".
+ الصلوات السهمية .... أن الصلوات السهمية الخارجة من القلب بالروح تنفذ كنار الي السماء وتبقي صلاة يسوع هي الصلاة السهلة الاستعمال في كلّ مكان وزمان، لأنّ القدّيس كلميندس الإسكندريّ يعرّف المسيحيّ الحقيقي بأنّه الشخص “الذي يصلّي في كلّ مكان، ماشيًا، متحدّثًا، قارئًا، منفردًا، أو مع الناس”. إنّ صلاة يسوع لا تحتاج إلى تنظيم وقت إن لم تملكه، لأنّك تستطيع تردادها كلّ وقت، فهي لا تحتاج إلى مجهود بل إلى حبّ وعزم. إنّها صلاة قصيرة، ولكنّها تحفظ للقلب حرارته المقدّسة. ردّدها في أي وقت كنت فيه، أو في أيّ ضيق تمرّ به، أو شدّة تجتازها، لأنّها كفيلة بزحزحة حجر الحزن عن قلبك. فاسم الربّ ذو اقتدار وقوّة عظيمين. ردّدها حينما تأوي إلى فراشك، وحينما تستيقظ، أو عندما تأكل. اجعلها باكورة تفكيرك، واجعلها تتبعك طيلة يومك، ولا تحتجّ بعدم توفّر الوقت. ردّد ولا تملّ: “يا ربّي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ”. وهكذا، شيئًا فشيئًا، يستنير فكرك، ويشتعل قلبك بحرارة محبّة الله، وتستطيع، حينئذ، أن تهتف مع المرنّم: {ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ} (مز 34: 8).
اليك يارب نصلي ..
+ نشكرك يارب علي كل حال ونبارك عظيم محبتك نحو جنس البشر يا من يسعى دوما لخلاصنا ويطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح ، يامن دائما تعلن محبتك لنا وتبحث عنا وتغفر خطايانا وتريد ان تجمعنا تحت جناحى محبتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها. حتى لو كنا قد أبتعدنا  بارادتنا عنك فانت الرحوم تصبر وتتأني وبربط المحبة تجذبنا اليك . لهذا نباركك ونصلى لكي تعمل معنا وتقودنا كاب رحيم جاذباً  أيانا بشبكة المحبة لنتحول اليك راجعين ولمغفرتك طالبين وعن الخطية تائبين ولارادتك الصالحة الكاملة نكون صانعين .
+ يالله الهنا اليك نصلي فى كل مكان وزمان وبالأكثر فى الضيقات والشدائد فانت خالقنا وملجائنا وصخرتنا وراعينا. يا سامع الصلاة، اليك يأتي كل بشر فاسمع صلوات عبيدك وانظر الى تنهد ابنائك الصارخين اليك ليلاً ونهاراً، وارفع يارب عن العالم الوبأ والمرض وأنعم علي العالم وبلادنا وكنيستنا بسلامك الكامل أعطي حكمة للقادة والرعاة وأحفظنا فى أسمك القدوس وأقم الساقطين وأعطى رجاء للبائسين وقوم الركب المنحينة والايدى المرتخية شددها . أعطي شفاءاً للمرضي وراحةً للمتعبين وعزاءاً للحزاني وسلاما للقلقين وكن سنداً للضعفاء وأعط قوة ونعمة لكل العاملين فى المجال الطبي وسدد كل أحتياجاتنا حسب غناك فى المجد. ليقوى بك إيماننا وتذداد محبتنا وينمو رجائنا ونصل بك الى مينا السلامة وبر الأمان.
+ ايها الروح القدس الملك السمائي الحاضر فى كل مكان. كنز الصالحات وينبوع ومصدر النعم الالهية ، نصلى اليك ان تجعلنا مستقيمين فى محبتك وعمل الخير ونجنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل وأبطل مؤامرات الشياطين واعوانهم، ارحمنا يارب فاننا ضعفاء ومساكين وعرفنا ارادتك لنكون لها طائعين وهبنا النعمة والقوة والحكمة لنسلك فى وصاياك كل حين وعند مجئيك الثانى نسمع ذلك الصوت الحنون والممتلئ فرحاً تعالوا اليٌ يامباركى ابى رثوا الملكوت المعد لكم . أمين


أَمَّا أَنَا فَصَلاَةً - حاجتنا الماسة للصلاة -1



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
حاجتنا الماسة الي الصلاة ..
 +  الله يدعونا الي حياة الصلاة { اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة } (مت 26 :41). وأن كنا مدعوين للصلاة كل حين فكم بالحري وأجب علينا أن نرفع قلوبنا لله بقلب متضع وفكر متسع وروح منسكب أمام الله وقت الأزمات والضيقات ليرفع الله عنا الأوبئة والأمراض والأزمات الأقتصادية وتأتي أوقات الفرج من عند الرب. نعترف لله بخطايانا طالبين منه الغفران ونتوب وننمو في النعمة ويقوي إيماننا ويزداد رجائنا وتثبت محبتنا لله. بالصلاة نتقدم لله بطلباتنا ونعرض عليه همومنا واحزاننا واشتياقاتنا ،الصلاة  ليس فرض او واجب يؤديه الإنسان لكي يُرضي الله. لأن الفرض هو واجب مفروض على الإنسان فإذا أدَّاه الإنسان فقد وفّى الفرض حقّه وأكمله. أما الصلاة الحقيقية فهي علاقة وصلة حب من الأبناء نحو أبيهم السماوي وهى القوة التي تحرك اليد التي تضبط العالم كله. الصلاة يجب أن تنبع من قلب الإنسان وروحه فتكون صلاة بالروح والحق وكنتيجة للعلاقة الصادقة القلبية بين الله والإنسان. نحتاج الي الصلاة كعلاقة قلبية خالية من عبودية الخوف كما هو مكتوب {إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا آبا الآب} (رو 15:8) . نصلي بروح البنوة والمحبة ونخاطب الله قائلين يا ابانا الذى فى السموات وهو يسمع ويستجيب وكما قال لنا { وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه} (مت 21 : 22). نصلي بتواضع قلب ليستجب لنا الله ويترأف علي خليقته وينظر للعالم بعين الرحمة ويوقف الوبأ ويعطي شفاءاً للمرضي ويعزي المحزونين ولا يخذلنا في أوان السوء { ليستجب لصلواتكم ويتب عليكم ولا يخذلكم في اوان السوء} (2مكا 1 : 5). يا أحبائي أعلموا أن الله سيستجيب لنا لاسيما في هذا الصوم المقدس أذ نصلي بتواضع قلب وتوبة كما قبل توبة أهل نينوى {اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم و الصلوات امام الرب} (يهوديت  4 :  12)
+ الصلاة هي قوة وعون للمؤمن فى علاقته بالله ونفسه والآخرين، بالصلاة نظهر حبنا لله وأيماننا به وامانتنا له ونعترف به مصدراً لكل البركات ونلتجأ اليه فى مختلف ظروف حياتنا وبها نكشف ذواتنا امامه ونكتشفها على حقيقتها ونسعى لنكون أهلاً للبنوة الحقيقة لله وننال خلاصنا وطلباتنا ونجاتنا من أبليس. بالصلاة نظهر محبتنا للقريب فنطلب عن سلام الكنيسة واعضائها والعالم وخلاصه ونصلى من أجل كل أحد من أجل القادة والمسئولين والرعاة والكنيسة والمرضى والقائمين علي علاجهم ورجال الفكر والمسافرين والراقدين والارامل والايتام والمحتاجين، من اجل الساقطين والقائمين والمتضايقين والمسجونين والذين ليس لهم احد يذكرهم ونصلى من أجل كل شئ من أجل مياة النهر كشريان الحياة ومن الزروع التي نقتات منها ومن أجل الهواء الذى نستنشق منه النفس الصحى. من أجل هذا يجب ان نجعل الصلاة من أهم اولوياتنا ونعطيها الوقت المناسب كالصباح الباكر ونمهد لها ان كانا نصلى  فى النهار او المساء بالاستعداد الحسن كأن نتأمل او نقرأ شئ روحى ونهدئ حواسنا وأفكارنا ولا ندع الفكر يطيش منا فى أفكار غير روحية بل نضبط فكرنا فى المسيح مصلين بالروح والحق نصلي بلساننا وقلبنا يلهج بالصلاة والروح تبتهل ويكون الفكر منجمع للوقوف امام الله ضابط الكل ، كما يجب ان نحترم الصلاة فنصلى وقوف او فى سجود او ركوع {فاريد ان يصلي في كل مكان رافعين ايادي طاهرة بدون غضب ولا جدال} (1تي 2 : 8).
+ نحتاج للصلاة لتحيا وتشبع ارواحنا وكما نغذى أجسادنا بالطعام اكثر من مرة فى اليوم لنواصل مسيرة الحياة ونستطيع ان نعمل وان يتغلب الجسم على الامراض التى يمكن ان تصيبه فكذلك تحتاج أرواحنا وحياتنا الروحية للثبات فى الله كما تثبت الاغصان فى الكرمة لنثمر ثمرا روحيا ونبتعد عن السقوط او الجفاف والفتور الروحى. لقد قال احد الاباء اننا نحتاج للصلاة كحاجة الجسد للتنفس وان كان التنفس يتم بحركة لا ارادية من الانسان لكن الصلاة تحتاج منا الى الارادة الواعية او التغصب فى بداياتها حتى نشعر باهميتها وفائدتها وتغذيتها لارواحنا ونفوسنا وعقولنا واجسادنا.
+ الصلاة هى سر نصرة المؤمن على أعدائه الروحيين واغراءات الحياة المادية ودوماتها وبها نحصل على كل البركات والعطايا الروحية وتُعلم طلباتنا لله. ولهذا قال مار اسحق السريانى (الذى يتهاون بالصلاة ويظن ان له باب آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين). لهذا يوصينا السيد المسيح بالسهر والصلاة { فاحترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة.لانه كالفخ ياتي على جميع الجالسين على وجه كل الارض. اسهروا اذا وتضرعوا في كل حين لكي تحسبوا اهلا للنجاة من جميع هذا المزمع ان يكون وتقفوا قدام ابن الانسان}( لو 34:21-36). في العهد القديم وعندما حاصر الاعداء الشعب قديما صرخ يهوشفاط الى الله  { وقال يا رب اله ابائنا اما انت هو الله في السماء وانت المتسلط على جميع ممالك الامم وبيدك قوة وجبروت وليس من يقف معك. يا الهنا اما تقضي عليهم لانه ليس فينا قوة امام هذا الجمهور الكثير الاتي علينا ونحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك اعيننا. وان يحزيئيل بن زكريا بن بنايا بن يعيئيل بن متنيا اللاوي من بني اساف كان عليه روح الرب في وسط الجماعة. فقال اصغوا يا جميع يهوذا وسكان اورشليم وايها الملك يهوشافاط هكذا قال الرب لكم لا تخافوا ولا ترتاعوا بسبب هذا الجمهور الكثير لان الحرب ليست لكم بل لله. ليس عليكم ان تحاربوا في هذه قفوا اثبتوا وانظروا خلاص الرب معكم يا يهوذا واورشليم لا تخافوا ولا ترتاعوا غدا اخرجوا للقائهم والرب معكم. ولما جاء يهوذا الى المرقب في البرية تطلعوا نحو الجمهور واذا هم جثث ساقطة على الارض ولم ينفلت احد} (2أخ 12:20-24). هكذا نحن  نتمسك بالصلاة لكي يترأف الله علينا ويبعد عن العالم الوبأ والحروب والزلازل وكل أمر مخيف { اذ اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون.هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستاسرين كل فكر الى طاعة المسيح} 2كو4:10-5.
+ تتنوع الصلوات من صلاة فردية يصليها المؤمن فى مخدعه وبمفرده ، منها ما هو مسلم لنا فى الكنيسة من صلوات الأجبية فى ساعات اليوم بدء من باكر النهار حتى النوم ومنتصف الليل ومنها الصلوات الارتجاليه والسهمية  والتى نصليها فى البيت او الطريق او العمل او الخدمة  كحديث محبة مع الله فيتقدس اليوم ونستمطر مراحم الله ومعونته لنا فى رحلة الحياة ونشعر بحضوره وحفظه ورعايته كل وقت. وهناك الصلوات العائلية التى نصليها معا كاسرة مسيحية متحدة كاعضاء بالله تعلن محبتها وطلباتها لله { لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله }(في 4 : 6). الى صلوات جماعية نصليها معا فى الكنيسة ونتحد فيها بالسيد المسيح رئيس ايماننا ومكمله. نصلي لكي تعبر الضيقة وهذه الفترة التي أقفلت فيها دور العبادة لكي نتجب أنتشار فيروس كورونا وتفتح  أمام المؤمنين. وهذا ما كانت تمارسه الكنيسة منذ العصر الرسولى { وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب.مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب وكان الرب كل يوم يضم الى الكنيسة الذين يخلصون} (أع 46:2-47).
+ قد يشتكى البعض من فتور صلواتهم وعدم الرغبة فى الصلاة ، لكن يجب ان نغصب أنفسنا على الصلاة حتى فى فترات الجفاف والفتور فالله ينظر الى امانتنا فى الصلاة وتدب فينا الحرارة وعلينا ان نفحص ذواتنا هل ذلك الفتور بسبب شهوات فى القلب تُبرد حرارتنا فنتوب عنها أم بسبب تعب الجسد والاعصاب فنختار الوقت المناسب للصلاة ونعمل على البعد عن مسببات التعب وحلها أم هل ذلك بسبب حروب من الشيطان فتغلب عليها بالتواضع والصبر والجهاد ، فالصلاة تحتاج الى تغصب وكما قال السيد المسيح {ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه} (مت 11 : 12). { وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء اما اولئك فلكي ياخذوا اكليلا يفنى واما نحن فاكليلا لا يفنى }(1كو 9 : 25) . {وايضا ان كان احد يجاهد لا يكلل ان لم يجاهد قانونيا} (2تي 2 : 5). علينا ان نبتعد عن العثرات التى تحاربنا وقت الصلاة ونمهد للصلاة بالقراءة الروحية الجيده التى هي ينبوع للصلوات النقية ، وعلينا ان نصلي صلوات الساعات متذكرين أعمال الرب من أجلنا مقدسين زمن حياتنا على الارض قدر أمكانياتنا طالبين من الرب ان يعلمنا كل حين ان نصلي له بالروح والحق ونعد أنفسنا برفع القلب كل حين بالمحبة والصلاة الى الله كل حين، أمين.

الخميس، 26 مارس 2020

رسالة توبة وصلاة برجاء




رسالة توبة وصلاة بالله
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
الأوبئة والكتاب المقدس
+ ونحن نواجه وباء "كورونا" الذى يجتاح العالم في هذه الأيام فاننا لا نستغرب هذه البلوي التي تصيب العالم كما قال الكتاب { أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ. بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ.} (1 بط 12:4-13). أن الخليقة كلها تئن وتتمخض وعلينا أن نتحد في مواجهة الكوارث والأوبئة متحلين بروح المحبة والتواضع والعلم لكي نتغلب علي تحديات الحياة. الوبأ هو رسالة يجب أن تدفعنا الي التوبة والرجوع الي الله بعزم قلب وبروح الصلاة ليفتقد الله العالم بعين الرحمة ويرفع عن البشرية المرض والخطية والقلق والخوف والكأبة والحروب والأوبئة وفي كل الأحوال نثق في الله كأب صالح يجرح ويعصب { لانه هو يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان}(اي 5 : 18). وعلينا تجنب مصادر العدوي والألتزام بالتعليمات الصحية { الذكي يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فيعاقبون } (ام 22 : 3). ونطلب التعزية من رب رب السماء ونعزي بعضنا بعض فرحين في الرجاء { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة} (رو  12 :  12)
+ لقد حذَّر الله شعبه قديماً من عواقب عصيان وصاياه وبعد أن أعطى الله الشريعة لموسى، أمر الشعب بطاعتها حتى لا يقاسوا من الشرور{ لَكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هَذِهِ الْوَصَايَا. وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي فَمَاعَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي. فَإِنِّي أَعْمَلُ هَذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْباً وَسِلاًّ وَحُمَّى تُفْنِي الْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ. وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ. وَإِنْ كُنْتُمْ مَعَ ذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي أَزِيدُ عَلَى تَأْدِيبِكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ.} (لا 14:26-18). إلله اله محب ورحيم وأن سمح بالشرور نتيجة لبعد الإنسان عنه أو لكبرياء الانسان وجحوده أو أسأته للطبيعة أو لنفسه فان الله يعود يرحم شعبه فعقاب الله دائمًا هدفه التوبة والأصلاح { إِنْ أَغْلَقْتُ السَّمَاءَ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ وَإِنْ أَمَرْتُ الْجَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الأَرْضَ وَإِنْ أَرْسَلْتُ وَبَأً عَلَى شَعْبِي فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ} ( 1أخ 13:7-14). هنا نرى الله يستخدم الوبأ لكي يجذب شعبه إليه، ولكي يجعلهم يتوبوا ويرجعوا اليه كما يلجأ الأبناء إلى أبيهم السماوي.
+ فى تجسد السيد المسيح له المجد بتحننه ورحمته ومن أجل إيماننا به وبعمله الخلاصي كان يجول يصنع خير ويشفي كل مرض وضعف في الشعب { وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَ} ( مت 35:9-36). وربنا يسوع المسيح هو أمس واليوم والي الأبد { فاجابهم يسوع ابي يعمل حتى الان وانا اعمل } (يو 5 : 17). وقد منح الله نفس قوة الشفاء لتلاميذه لإثبات مصداقية خدمتهم (لوقا 9: 1). وهو قد يسمح بالأمرض نتيجة الحياة في عالم مريض خاطئ يسئ لنفسه وللطبيعة ويرتد عمل الإنسان عليه. أما نحن وأن كنا نجهل حكمة الله لكننا نقبلها ونعلم أن الله له سلطان إلهي على كل الأشياء (رو11: 36). ونعلم أن كل الاشياء تعمل معنا للخير { نحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده }(رو 8 : 28). لقد أعلن لنا السيد المسيح ما ينتظر البشرية لاسيما فى أخر الزمان من حروب وأوبئة وزلازل طالباً منا الصلاة والسهر { فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِلٍ فَلاَ تَجْزَعُوا لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَوَّلاً وَلَكِنْ لاَ يَكُونُ الْمُنْتَهَى سَرِيعاً». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ. وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ. اِسْهَرُوا إِذا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ».} ( لو 9:21-26،11). المؤمن يثق في الراعي الصالح ومع داود النبي يرنم { اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟. عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَيَّ الأَشْرَارُ لِيَأْكُلُوا لَحْمِي مُضَايِقِيَّ وَأَعْدَائِي عَثَرُوا وَسَقَطُوا. إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذَلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ. وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ وَأَتَفَرَّسَ فِي هَيْكَلِهِ. لأَنَّهُ يُخَبِّئُنِي فِي مَظَلَّتِهِ فِي يَوْمِ الشَّرِّ. يَسْتُرُنِي بِسِتْرِ خَيْمَتِهِ. عَلَى صَخْرَةٍ يَرْفَعُنِي.} (مز1:27-5).علينا يا أحبائي أن نتحلي بالحكمة والصبر لكي نخلص ونشهد للمسيح بايماننا وخدمتنا الباذلة للجميع ونعد أنفسنا للأبدية فطالت أو قصرت الحياة علي الأرض هي بخار ماء يظهر قليلاً ثم يضمحل { وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ }(2كو 4 : 18). أننا نصلي طالبين الشفاء ولي يقوي إيمان الضعفاء ونحمل الصليب في رجاء وعيون قلوبنا شاخصة الي رب السماء { نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ }(عب 12 : 2).

الأوبئة عبر التاريخ ....
+ على مر العصور، أودت الأوبئة والأمراض بحياة عدد كبير من الأشخاص وتسببت في أزمات كبيرة استغرقت أوقاتاً طويلة لتجاوزها. ولقد نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية تقريراً مطولاً عن أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ، ابتداءً من الطاعون حتى فيروس "كورونا" وحسب التقرير، فقد ضرب الطاعون الأنطوني الإمبراطورية الرومانية بين عامي 165 و180م. وانتشر في مختلف أنحاء العالم متسبباً في موت 5 ملايين شخص. وبين عامي 541 و54م.  ضرب طاعون جاستينيان العالم آتياً من الإمبراطورية البيزنطية، وأودى بحياة أكثر من 30 مليون شخص. وفي عام 735م. ظهر وباء الجدري الياباني بطوكيو وانتقل إلى البلدان المجاورة وأدى خلال سنتين إلى مقتل نحو مليون شخص. أما أكثر الأوبئة فتكاً على مر التاريخ، فهو الطاعون الدملي، والذي سُمي أيضاً "الموت الأسود"، وقد انتشر بين عامي 1347 و 1351م. وتسبب في وفاة ما يقرب من 200 مليون شخص حول العالم، ويعتقد أنه نشأ في الصين أو بالقرب منها، ثم انتقل إلى إيطاليا وبعد ذلك إلى باقي أنحاء أوروبا، ثم إلى مختلف دول العالم.أما الجدري، فقد حصد أرواح 56 مليون شخص عند ظهوره في عام 1520. فيما أودت الكوليرا بحياة مليون شخص حول العالم بين عامي 1817 و1818م.وفي عام 1855، ظهر نوع متطور من الطاعون يُعرف بـ«الوباء الثالث»، في مقاطعة يونان الصينية لينتشر لاحقاً إلى جميع قارات العالم المأهولة ويودي بحياة 12 مليون شخص.وأدى انتشار وباء إنفلوانزا روسيا، بين عامي 1889 و1890م. إلى وفاة مليون شخص. 
+ وفي القرن الماضي ظهرت الإنفلونزا الآسيوية في الصين في 1956م. وقضت علي ما يقرب من مليون شخص ثم الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 فتسببت في وفاة ما يقرب من 50 مليون شخص في عام واحد فقط وأصابت ربع سكان العالم .ومن أكثر الأمراض فتكاً على مر التاريخ أيضاً، مرض الإيدز، الذي ما زال منتشراً حتى الآن، وقد تسبب في موت 35 مليون شخص منذ ظهوره في عام 1981م.

+ وفي هذا القرن ظهرت أنفلونزا الخنازير بين عامي 2009 و2010م. في الولايات المتحدة والمكسيك، وانتقلت منهما إلى جميع دول العالم، وأودت بحياة نحو 200 ألف شخص، فيما قتل "إيبولا" الذي انتشر في عدد من البلدان الأفريقية وبعض دول العالم بين عامي 2014 و2016 م. أكثر من 11 ألف شخص. وأودى انتشار فيروس «سارس» بحياة 774 شخصاً، في حين تسبب «ميرس» في مقتل 828 شخصاً على الأقل منذ 2012م. أما فيروس "كورونا " الذي نشأ في الصين في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانتقل منها إلى مختلف أنحاء العالم، فقد وصل عدد الوفيات حتى الأمس 25 مارس 2020م. في الأحصاءات المعلنة رسميا نحو 21191 وعدد الاصابات المؤكدة 468667 آلاف. وأمام هذه الأوبئة لابد أن يتضع الانسان ويرجع الي الله معترفاً بضعف طبيعته أمام ما يواجهه من تحديات طالبا التوبة والعون والخلاص ويحيا الإيمان العامل بالمحبة ويسلك في مخافة الله الذى يجازي كل واحد كنحو أعماله.
رسالة الله لنا هذه الأيام ...
+ زمن التوبة وطلب الرحمة .. لقد تحدث قداسة البابا تواضروس الثاني مبينا أن هذه فترة صعبة وأستثائية يريد بها الله أن يوقظ الإنسان حتى لا يفني بشروره وأن هذا الزمن زمن توبة وطلب الرحمة من الله وقال قداسته " ولابد أن نعرف أن الله خلق الإنسان وأن حياة البشر مرت بمراحل عديدة ومتطورة على مدى التاريخ الإنساني، أن الإنسان خلال الأزمان الأخيرة أصبح عابدًا لذاته وصار لا يرى إلا نفسه، وبدأ يتهاون في حق الله ويبتعد عنه وينحدر إلى القاع رغم كل طرق التطور التى يشهدها العالم حاليًا. وأضاف أن في الآونة الأخيرة ظهر الإلحاد والعنف والإباحيات والأنانية وأصبح كل إنسان يحيا وفقا لرغباته وأهوائه، ومن هذه الضعفات تولدت عند الإنسان مشاعر خطيرة مثل الإحباط والخوف والحيرة والشعور بالذنب والاكتئاب والانتحار، وصار العالم وكأنه خاليا من الله وصار المخلوق وكأنه بلا خالق. إن الله من كثرة محبته للبشر أراد أن يوقظ الإنسان حتى لا يفنى بسبب شروره، وكان هذا الانتشار المفاجئ والسريع جدًا لفيروس كورونا، واصبح العالم كله لا حديث له إلا عن هذا الفيروس، وأصبحت دول تتحول بالكامل إلى حجر صحي". وقال قداسته " هذا الفيروس صغير جدًا ولكنه صنع هذا العمل وأصبح يوجه رسالة للانسان يقول له فيها (أنت ضعيف إيها الإنسان) رغم كل مظاهر التحضر والتطور، لافتًا إلى أنه هذا الوقت لا أحد يفكر إلا في هذا الأمر وهو زمن للتوبة وطلب الرحمة من عند الله.
+ زمن الصلاة والصوم ... في ثقة بعمل الله معنا علينا أن نصلي لتعبر بنا كل ازمات الحياة بسلام ويرحم الله شعبه ويخلصهم من جميع شدائدهم ونري يد الله في الأحداث. علينا أن نتسلح بالصوم والصلاة ونصم بطهارة وبر لنرى يد الله تعمل معنا وتحرسنا. أن الله قادر وهو ضابط الكل ويريد أن يقودنا في موكب نصرته ويعبر بنا ضيقات الحياة كما قال المرنم {جزنا في الماء والنار وأخرجتنا الي الراحة، أدخل الي بيتك بالمحرقات واوفيك النذور التي نطقت بها شفتاي} ( مز ١١:٦٥). ان وجود ابرار ومؤمنين يرفعوا ايديهم بالصلاة الي الله بالروح والحق سيعبر بنا ضيقات الحياة بسلام وكما كانت صلوات الأنبا بولا اول السواح المرفوعة سبب رحمة لمصر والعالم كما قال الأنبا انطونيوس ان بصلاة الانبا بولا كان الله يرحم العالم كله فاننا نثق ان الله ابقي لنا بقية من أجل صلواتكم وقديما قال الرب في ارمياء النبي{ طوفوا في شوارع اورشليم وفتشوا في ساحاتها، هل تجدون انسانا او يوجد عامل بالعدل، طال الحق فاصفح عنها} ( ار ١:٥). ولنستمع الي نصيحة دانيال النبي { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك }(دا 4 : 27)
+ الوعي الصحي والعتكاف.. علينا في هذه الفترة الحرص علي صحتنا واتباع الأرشادات الطبية التي توصي بها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية والأطباء من اجل الوقاية من المرض والاعتكاف في بيوتنا للتوبة والصلاة لله ليرفع عنا الوباء والامراض. أننا زمن الأختلاء والجلوس في بيوتنا للتأمل والخلوة والشبع بكلمة الله الحية والشافية {لانه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم} (اش  30 :  15).  لقد صلي يونان برجاء في عزلته فى جوف الحوت مؤمناً أنه سيعود وينظر هيكل الله "ولكنى أعود أنظر إلى هيكل قدسك " ( يو ٤:٢). ونحن نثق في محبة الله المعلنة في المسيح يسوع ربنا والذي يعزينا في ضيقاتنا بالروح القدس المعطى لنا من الله ونتمسك بأقرار الرجاء لان الذى وعد هو امين فهو لن يدعنا نجرب فوق ما نستطيع ان نحتمل. ان الله سيستجيب الي صلواتكم المرفوعة وليكن رفع ايديكم في بيوتنا كذبيحة مسائيه مقبولة { لتستقم صلاتي كالبخور قدامك وليكن رفع يدي كذبيحة مسائية} ( مز ٢:١٤١). واطمئنوا ان رفع الذبيحة لن ينقطع فهي ترفع يومياً فى أديرتنا وعلى أيدي كهنتنها من أجلكم وسنصلي معا في بيوتنا وان اجتمع اثنين او ثلاثة للصلاة فسيكون الله حاضر بينهم ويقبل صلواتهم عنا ويرفع عنا الوباء والفقر والجهل وكل أمر مخيف وستوحدنا الازمات كابناء الوطن الواحد مسيحين ومسلمين وسنواجه الازمة بروح المحبة والتعاون من اجل سلامة شعبنا وبلادنا وسنحول بيوتنا كنائس وقلوبنا مذابح وعيوننا المرفوعة للسماء شموع ورائحة صلواتنا بخور مقبول وستصعد صلواتنا الي رب الجنود ويعود ويرحمنا ويرفع عنا كل مرض وضعف وخوف في الشعب.
+ زمن طلب التعزية والصبر من السماء ..
فى كل ضيقات الحياة نطلب تعزية السماء في صبر ورجاء { الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص} (مت 24 : 13). وهذا الصبر رايناه فى حياتنا أبائنا القديسين ونتعلمه من الهنا الصالح الذى من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل الصليب. وعندما يسمح الله بضيقة فانه يعطي معها التعزية لمن يطلب ان تعزيتنا من بعد الله هي المدينه النازله من السماء مسكننا الابدى موضع راحتنا وسرورنا وعندما تشتد علينا الالم والضيقات يجب أن نذكر السماء وأمجدها مما يجعل امور الحياة باثقالها تهون علينا حملها لاننا نحصل علي ينبوع من التعزية فليس لنا هنا مدينه باقيه ولكننا نرجو العتيده المدينه التى لها الأساسات اتى صانعها وبارئها الله فهى غاينا وعزائنا الحقيقى وفرحة وبهجة نفوسنا ونعزي شعب كنيستنا ونطمئنهم بان الضيقة ستنتهي للخير وبسلام لان الله الذى أرسل يونان النبي قديما لشعب لا يعرفه لن يتخلي عن الصارخين اليه ليلاً ونهاراً، وسينصفهم سريعا لذلك يقول الكتاب المقدس في أشعياء { عَزُّوا عَزُّوا شَعْبِي يَقُولُ إِلَهُكُمْ. طَيِّبُوا قَلْبَ أُورُشَلِيمَ وَنَادُوهَا بِأَنَّ جِهَادَهَا قَدْ كَمِلَ أَنَّ إِثْمَهَا قَدْ عُفِيَ عَنْهُ أَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ مِنْ يَدِ الرَّبِّ ضِعْفَيْنِ عَنْ كُلِّ خَطَايَاهَا.}( اش1:40-2).