نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الجمعة، 25 فبراير 2011

الى مَن نذهب؟

للأب القمص أفرايم الاورشليمى

ضغوط الحياة ومتاعبها المتلاحقة ..

- وسط أمواج الحياة المتلاحقة التى تضرب بسفينة حياتنا ونحن نواجه صراعات الحياة ومتغيراتها ، ووسط المخاوف والضيقات واجواء عدم الثقة والشك حتى فى الرموز والقيادات ، ووسط ضغوط الحياة المختلفة لاسيما لذوى النفوس المرهفه الحس والتى تعيش المعاناة النفسية والأقتصادية والسياسية والإجتماعية والدراسية المختلفة . وسط مخاوف حقيقية من مستقبل مجهول ومعاناة الكثيرين من عدم أحترام كرامة وحرية وحقوق الإنسان ، ومع برودة المشاعر وعدم التعاطف الأنسانى مع الفقراء والمرضى والمحتاجين ومنكسرى القلوب ، مع ما نراه من مشاهد مؤلمة ومظالم متعدده ومعاناة مستمرة للكثيرين فى بلاد تئن تحت رحم المعاناة ونصلى ليولد الجنين سالما معافى ترعاه إيدى أمينة تعطى كل واحد وواحده حقها الواجب .

والى اولئك الذين لا يجدون معزي أو صديق صدوق نقول لكل هؤلاء ماقاله المخلص الصالح {تعالوا الي يا جميع المتعبين و الثقيلي الاحمال و انا اريحكم} (مت 11 : 28).

الله يعاتبنا على عدم ثقتنا فيه وعدم التجائنا اليه ويقول على لسان ارميا النبى {ابهتي ايتها السماوات من هذا و اقشعري و تحيري جدا يقول الرب. لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء} ار 13:2. نعم علينا ان نلتجأ الى الله فى ضيقاتنا وشدائدنا لانه ليس لنا معيناً شديداً سواه وهو قادر ان يهبنا النعمة والحكمة والقوة لنعمل ما يرضيه وينجح طرقنا كما سار أمامه ابائنا القديسين فاجتازوا بنجاح كل ضيقات الحياة مترنمين للرب طوال

الرحلة .

دعوة ووعد صادق ...

ان الله يدعونا نحن المتعبين ، ومهما كانت متاعبنا نفسية او جسدية او اجتماعية او غيره ، لقد جاء الينا يدعونا للراحة ، ومهما كانت أثقالنا وهمومنا واحزاننا هو قادر على علاجها وحملها فهو الذى تنبأ عنه أشعياء النبى قديما { لكن احزاننا حملها و اوجاعنا تحملها و نحن حسبناه مصابا مضروبا من الله و مذلولا. و هو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه و بحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه و الرب وضع عليه اثم جميعنا}.أش 4:53-6 نعم قد تجلس مع بعض الناس لتطلب تعزية فيذيدونك هماً ، أو تلتمس منهم مساعدةً فلا تجد الا الفتات القليلة التى لا تشبع ، وقد تنتظر من البعض تشجيعاً فتجدهم يحبطونك وينتقدونك . ونجد الكثيرين يشتكون من قلة الوفاء وندرة الاخلاص وموجات الأنانية وكل يسعى الى مصالحه الخاصة ، لقد أتكا شمشون الجبار فى أحضان محبوبته الكاذبة دليلة فقامت بتسليمة الى إيدى إعدائه ، ولجأ أخاب الملك قديما الى مشورة زوجته الشريرة أيزابل فكانت سبباً لهلاكه ، وعالى الكاهن سمع بافعال ابنائه القبيحة ولم يردعهم فوقعت عليه وعليهم العقوبة والموت . ونحن هل نلتجأ الى حلول خاطئة لمشكلاتنا ونظل نعانى أم نلتجأ الى مريح التعابى فنستريح ، لقد قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه يوماً اتريدون ان تمضوا عنى فأجابه القديس بطرس { فاجابه سمعان بطرس يا رب الى من نذهب كلام الحياة الابدية عندك }

(يو 6 : 68) نعم انه يعطينا الراحة والعزاء والأطمئنان والأمان والحياة الإبدية .

هو أمين وعادل وقادر ان يهبنا الحكمة كيف نتصرف ونسلك وماذا نتكلم ، ويعطينا الصبر والتعزية لحمل الصليب الهين والخفيف . هو يقول لنا { ادعني في يوم الضيق انقذك فتمجدني} (مز 50 : 15) . الدعوة اذاً هى لكل واحد وواحدة منا ان ناتى اليه حتى لو كان قد مضى الليل كله ولم نصطاد شئياً كما حدث مع التلاميذ:{ و لما فرغ من الكلام قال لسمعان ابعد الى العمق و القوا شباككم للصيد. فاجاب سمعان و قال له يا معلم قد تعبنا الليل كله و لم ناخذ شيئا و لكن على كلمتك القي الشبكة. و لما فعلوا ذلك امسكوا سمكا كثيرا جدا فصارت شبكتهم تتخرق} لو 4:5-6 نعم الرب الهنا اله التعويضات وقادر ان يهبنا السلام وسط أتون النار وهذا ما حدث ما الفتية الثلاثة وقادر ان ينجيك من الأسود كما حدث مع دانيال فى جب الأسود وهو أمس واليوم والى الابد فلا تخافوا { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33).

كيف ناتى الى الله ؟

ان الله فى محبته يسعى الى خلاصنا ويريد ان يريحنا من متاعبنا ولكن لا يرغم أحد على محبته وقديما بحث عن ابوينا أدم وحواء وقال لأدم المختبى عنه : أدم اين انت ؟ تك 9:3 وهو الذى قال لاورشليم كم مرة اردت ان أجمع ابنائك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا ! الله الذى بحث عن الخروف الضال يبحث عنا ويهمه خلاصنا لانه خالقنا وراعينا ومخلص نفوسنا وقائد مسيرتنا وهو ينتظر رجوعنا اليه كما الابن الضال ليستقبلنا فرحاً ويعيد الينا مجد البنوة ويهبنا السعادة والفرح ويريدنا ان نأتى اليه، فكيف نأتى الى الله ؟

فى ثقة وإيمان فالبار بالإيمان يحيا وبحسب إيماننا وثقتنا فى الله نأخذ منه ما نطلب ، ثقوا ان الله قادر ان يقودنا فى موكب نصرته ويهبنا السلام لانه ملك ورئيس السلام ، ثقوا انه قادر على خلاصنا والدفاع عنا وأعملوا بايمان فى الله وثقة فى نفوسكم المتحدة بالمحبة فيه وهو ينمى وزناتنا ويقوىنا فى الضعف ويزيل عنا الخوف وتأكدوا انه معنا كل الأيام والى إنقضاء الدهر .

فى توبة حقيقية ... الله يدعونا للرجوع اليه لكى تأتى علينا اوقات الفرج { فتوبوا و ارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب} (اع 3 : 19) وكيف نرجع اليه

{ و لكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم و بالصوم و البكاء و النوح ، و مزقوا قلوبكم لا ثيابكم و ارجعوا الى الرب الهكم لانه رؤوف رحيم بطيء الغضب و كثير الرافة و يندم على الشر (يؤ 2 : 12،13). { خذوا معكم كلاما و ارجعوا الى الرب قولوا له ارفع كل اثم و اقبل حسنا فنقدم عجول شفاهنا} (هو 14 : 2) ان الابن الضال عندما رجع الى ابيه معترفاً بخطئه كان سببا لفرح ابوه وهكذا توبتنا تفرح قلب الله الابوى والملائكة فى السماء وتفرحنا نحن ايضاً .

نأتى الى الله بالمحبة والصلاة .. الله محبة ومن يريد ان يأتى اليه ليستريح يجب ان يأتى اليه بالمحبة البنوية وهو يطلب منا ان نحبة من كل القلب والفكر والنفس{ فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل فكرك }(مت 22 : 37) وهو يريد ان يجذبنا بالمحبة { كنت اجذبهم بحبال البشر بربط المحبة و كنت لهم كمن يرفع النير عن اعناقهم و مددت اليه مطعما اياه} (هو 11 : 4). وبالمحبة نصلى اليه ونستريح من أتعابنا و نجد الحلول لمشكلاتنا كما فعل الله مع دانيال قديماً { و فوجهت وجهي الى الله السيد طالبا بالصلاة و التضرعات بالصوم و المسح و الرماد (دا 9 : 3) و انا متكلم بعد بالصلاة اذا بالرجل جبرائيل الذي رايته في الرؤيا في الابتداء مطارا واغفا لمسني عند وقت تقدمة المساء (دا 9 : 21 ) وانتم أعزائى التجأوا الى الله فتستريحوا من جميع أتعابكم ويهبكم سلاما وخلاصا وحلولاً لكل متاعبكم غير متذمرين او متضجرين من حمل الصليب الهين والخفيف لان الله يحمله معنا

تعالوا الى وانا اريحكم ..

انه دعوة منك يالهنا لجميع المتعبين وثقيلى الأحمال ، وهى كذلك وعد بالراحة من التعب . وها نحن شعبك ورعيتك نصرخ اليك طالبين الراحة والعدل والسلام ، لقد سهر الكثيرين ولم يعرفوا للان طعم الراحة والسلام ... وانت القادر ان تريحنا يارب.

عندما نلتجأ للحلول البشرية ولا نجد فيها الراحة وعندما نتحدث مع الأخرين فيزيدوا مخاوفنا وضيقاتنا ، وعندما نسمع الأخبار فتزيدنا أضطراب وقلق ، نلجأ اليك انت يا مريح التعابى فنخلص ونستريح .

عندما تداهمنا المخاطر، وبمصيرنا ومن معنا نخاطر ، وعندما تقف الخطيئة والعثرات حال بيننا وبينك ، وعندما لا تقوى النفس على مواجهة تحديات الحياة وعندما يصاب الجسد بالوهن والضعف والمرض ، نجد فيك وحدك الرجاء والقوة والسند والمعونه .

وسط الاحزان وموجات الكراهية نجدك محبة وعزاء ، ووسط الضيق والشقاء نجدك راحة وشفاء فانت خالقنا وعارف ما هو لسلامنا وفرحنا وقادر ان تهبنا كل شئ بغنى وحكمة لنجد فيك الراحة والسلام والفرح، فاسمع يارب طلبة شعبك والتفت الى تنهد عبيدك الصارخين اليك قائلين ارحمنا يالله الاب يا ضابط الكل ، ارحمنا يالله مخلصنا ، ارحمنا يالله ثم ارحمنا . يارب ارحم

السبت، 19 فبراير 2011

نعم أنا مجنون بيسوع

بقلم الصديق : زهير دعيم

قبل أن أعرف السيّد المسيح معرفةً حقيقيةً وأختبر حلاوة عِشرته،قرأت الانجيل المقدّس وتمتّعت به كما تمتّعت بالادب الغربيّ والعربيّ، فقد شدّتني رواية " كوخ العم توم" و "الحرب والسِّلم" و"الجريمة والعقاب" و "الاخوة كارامزوف" و "الشيخ والبحر " وغيرها من الآداب الخالدة.

ولعلّ الموعظة على الجبل كانت هي الدُّرة ...مع أنّني اعتبر الكتاب المقدّس كلّه اليوم حقل من درر وياقوت وزبرجد.

نعم، قرأت الانجيل وقتها كما أقرأ نصًّا أدبيًا ، فرأيت في المسيح حكيمًا ، وأيّ حكيم ، حكيمًا سبق أهل عصره بمئات السّنين ، فأتحف البشرية بآراء وأفكار مثاليّة حريّ بها ان تُسجَّل بماء الذّهب... أفكار سامية تدور في محور المحبّة الباذلة والغنيّة.

لقد اتخذت المسيح صديقًا ، فاقتبست من أفكاره وأقواله الكثير رصّعت بها كتاباتي كما فعل كل الكتّاب غيري والخالدون منهم.

لقد وقفت حائرًا أمام اجوبتة القاطعة ، المُفحمة :

" من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر "

" أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله "

ولكن وهنا أريد أن أشدّد على " ولكن" فقد رأيت أنّ بعض الآراء – كما كنت اسمّيها آنذاك- لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع ، بعد أن أنعمت النظر بالآية القائلة : "من أحبّ أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني، ومن أحبّ ابنا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني"

والآية الاخرى القائلة : "سَمِعتُم أنَّهُ قِيلَ: أحِبَّ قريبَكَ وأبغِضْ عَدُوَّكَ. أمّا أنا فأقولُ لكُم: أحِبّوا أَعداءَكُم، وصَلّوا لأجلِ الَّذينَ يضْطَهِدونكُم،"

والآية : " ومن سألك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده " «أَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً.»

وتساءلت أتراني أستطيع أن أحبّ من سرقني وشتمني وذمّني واعتدى عليّ وما زال ؟

أاستطيع أن أحبّه وهو ما زال ينفث عليّ غضبه وحقده؟ أم تراني أستطيع أن أحبّ شابًّا عاش على ارضنا نحو ثلاثة عقود قبل الفين من السنين ، أتراني أستطيع أن أحبّه أكثر من ولدي الذي بذلت وما زلت أبذل كلّ جهدي وطاقتي من أجله؟ وهل أستطيع في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة أن أقرض أحدا لا أعرفه ,أنا أعلم علم اليقين أنه لم ولا يستطيع ان يردّه ،بل إنه قد يتمرّد !!!

وقلت في ضميري : انها اقوال جميلة من حكيم وانسان محبّ ورائع ولكنها قد لا تمتّ للواقع بصلة..أذا دعوني اقتبس ما يحلو لي ...

الى أن عرفت يسوع عن قرب.

عرفته وعايشته وسرتُ معه وسار معي ، بل عاش فيَّ.

فتغيّرت نظرتي ...

فما كان بالامس مستحيلا أضحى اليوم معقولا ومقبولا ومُفضّلا.

وما كان بالامس صعبًا أضحى اليوم يسيرًا وهيّنًا.

يا الهي ماذا اصابني ؟ ألست أنا ما أنا ؟ الست ذاك العنيد المزهو بنفسه؟ فماذا حدث ؟ ومن الذي غيّر الدواخل والأفكار والقناعات؟

إنّه هو بدون أدنى شكّ ؛ هذا الذي لم يعد كاتبا مفضلا ، وحكيمًا اجتماعيا وحسب ، بل أصبح صديقًا وأخًا وربًّا والهًا.

لقد غيّر الدّاخل وجدّد الباطن ، وقلب الموازين المعهودة الى الافضل بما لا يقاس ، لقد شكّلني من جديد ونسجني على نول محبته. فأنا اليوم أعرف أن أحبّ عدوي وأصلّي من أجله ، وأعرف الكثير من الامور التي كانت بالامس نظرية وصعبة التنفيذ.

سألني احدهم بعد ان شهدت امامة عن عظمة الكتاب المقدّس وعظمة السيّد المسيح ، سألني قائلا : "لو خُيّرتَ يا هذا بين أن تربح الآن مليارًا من الدولارات في مراهنة ما وان تخسر المسيح والملكوت فمن تفضّل ؟

فأجبت بدون تردّد : ليس مليارا يا هذا بل كلّ مليارات العالم ، لن استبدلها بيسوع .

ففغر فاه متعجّبًا : إنك مجنون يا صديقي .

فضحكت وقلت: حقيقة أنا مجنون بيسوع.

الجمعة، 18 فبراير 2011

أسلوب وأداب الحوار والإحترام المتبادل

للأب القمص / أفرايم الاورشليمى

نظرة لما حولنا من حوارات ..

- كنت أتابع القنوات الفضائية لمتابعة ما يجرى من أحداث ساخنة فى عالمنا العربى وفتحت على احدى القنوات الفضائية وكان فيها حوارأ تلفزيونى بين اثنين يفصل بينهما مقدم البرنامج ولقد صدمنى كم الشتائم والعراك والمقاطعة فى الحديث بين المتحاوريين ولم يتبقى الا ان يتطاحنا وكأنهما فى حلبة الملاكمة ، ان هذة المناظرة هى صورة مصغرة لما يجرى فى الشارع العربى من مظاهرات مؤيدة ومعارضة تستخدم فيها الهراوات والاسلحة والسباب ، كما انها صورة لما نراه من حوار الطرشان فى بيوتنا ومقاهينا وشوارعنا ، فكم من حوارات نجد فيها المقاطعة والاستهزاء وتقليل قيمة الرأى الاخر وكأننا لسنا أهل رقى وحضارة وأدب راقى ! .

- ان الحوار والإحترام واستخدام المنطق والأقناع هى سمة التحضر والرقى ولم يعد أسلوب إصدار الأوامر والنواهى الا لغة الجهلة والضعفاء ، اننا داخل البيوت وفى وسائل الإعلام والمنابر واللقاءات الخاصة والعامة نحتاج لمن يحترم الإخرين ويقنعهم فى عصر تتاح فيه المعرفة للصغير قبل الكبير ، وللشباب قبل الشيوخ ويجب علينا ان نكون مقُنعين ومقتنعين باهمية الحوار المتمدن ، حتى لا نصل بالأخر الى التمرد والرفض والعناد والأصرار ثم الثورة على تحجر الاراء وان كان الله لا يفرض علينا الإيمان بل يستخدم الأقناع والنصح فكيف للبعض ان ينصبوا انفسهم فوق مستوى الله بدكتاتورية كاذبة وحتى باسم الله لا يجب ان نرهب الاخرين بل نرغبهم فى الدين ونجذبهم الى الله بربط المحبة والأقناع.

- اننا نحتاج للتذكير والتذكر اننا فى عالم يموج بالأفكار والأراء والاحزاب والاديان والاعراق وكل واحد منا يريد ان يكسب مؤيدين لفكره ورايه ونحن لهذا نحتاج للحوار اما لتوصيل فكرنا او لتأييد موقفنا او للوصول لقاسم مشترك من الأفكار والاراء ولا يمكننا الغاء راى الأخر او تهميشه بل يجب ان نحترم الأخرين وارائهم ان اردنا ان يكون لنا الأحترام والقبول .

كن مستمعاً طيباً ان اردت ان تكون متحدثاً لبقاً ..

لقد خلق الله لنا أذنين وفم واحد لنتكلم أقل مما نسمع وهذا يثرى فكرنا ويغذى عقولنا ويكسبنا أحترام الأخرين .وان اردت ان تكون متحدثاً لبقاً ، فكن مستمعاً جيداً . استمع لاراء الاخرين وأفكارهم وحتى ان كنت مقتنعاً بصحة فكرك فلا يعنى هذا ان الأخر مخطئ فلكل إنسان قناعته الشخصية التى ليس من اللأئق ان تسفه منها ، قد يكون فكرك صحيح قابل للخطأ وقد يكون فكر الاخر هكذا ايضاً فنحن بشر ولسنا معصومين من الأخطاء فى عصر ليس كل المعطيات والاسباب والمعرفة فى أمكاننا ، وحتى ان كسبت جدالاً فلا تخسر قلب محدثك وتظهر بمظهر المنتصر فقد تبرهن لك الأيام خطأ رايك أو صحته وتكون كسبت صديقاً قد تجده وقت الشدة .لهذا يقول لنا الكتاب المقدس ان على رابح النفوس ان يكون حكيماً ويربح الناس بالحكمة ويريحهم ويستمع اليهم { هل مسرة الرب بالمحرقات و الذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع افضل من الذبيحة و الاصغاء افضل من شحم الكباش} (1صم 15 : 22).

عليك باللطف واللين والتقدير...

كان شخص يسير يوما وهو يلبس معطفا ثقيلاً وتحاورتا الشمس والريح على من يستطيع ان يجعل الرجل ينزع معطفه ، زمجرت الريح بكل قوتها والرجل يتمسك أكثر بالمعطف وفشلت الريح بقوتها ، تقدمت الشمس باشعتها الدافئه تشرق بلطف على الرجل فما كان منه الإ ان نزع المعطف واستمتع بدفء الشمس .هكذا انت يا عزيزى ان اردت ان تجنى العسل لا ينبغى ان تحطم خلية النحل ، كن لطيفاً فى حوارك ، رقيقاً فى كلماتك ، ليناً مع الأخرين طيب المعشر {الجواب اللين يصرف الغضب و الكلام الموجع يهيج السخط} (ام 15 : 1). فليس بالقوة وعلو الصوت تكسب حواراً بل بالإقناع والوداعة والمنطق لقد جاء عن السيد المسيح انه وديع متواضع القلب وبالوداعة كان يكسب القلوب وبالتواضع والمحبة كان يجذب الناس الى محبته حتى شهد له الأعداء قبل الإتباع والاصدقاء بقولة الصدق فى تواضع ورقة ولهذا دعانا ان نتعلم منه {تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29).

الحوار لا يعنى توافق الاراء او الغاء الأخر .. ان حواراتنا مع الإخرين لا يعنى وصولنا الى تطابق او توافق الاراء ، قد نحتاج الى وقت لكى ينضج الفكر او من خلال تبادل الحوار تتولد فكرة جديده أفضل ، اننا لا يجب ان نتعصب لفكرة ما بقدر أنحيازنا الى الحقائق وباسلوب حضارى لا يفرضها على الإخر ، وليس عدم قبولي برايك معناه انى ضدك ودون ان نلجأ لشريعة الغاب والعنف اللفظى او الايذاء ولكن مجرد النقاش نفسه وعرض الأفكار على الطرف أو الأطراف المقابلة وقيام الأخيرين بتسلّم هذه الأفكار بصدر رحب ونفسية إيجابية فهذا بحد ذاته غاية توفّر التعددية المطلوبة في المجتمعات التي تكفل الحرية فيها للجميع، وترفقنا بالإخر يبعد عنا الضغينة والأحقاد ويجبر الناس على إحترامنا وقبولنا .

التنوع فى الطبيعة والحياة يعلمنا ..

اننا اذ ننظر حولنا للحقول والزهور والبيوت وحتى فى جسم الانسان نرى التنوع من سنن الحياة وهذا ما يثرى الحياة ويغنيها ويذيدها جمالاً وبهاء ، لايوجد انسان على ظهر الإرض تماثل بصمته بصمة الإخر ، نحن فى العالم العربى حضارتنا تتميز بالتنوع الفكرى والثقافى والدينى والعرقى والمذهبى ولقد تسبب عدم قبول الإخر والمختلف عبر التاريخ فى كوارث وانشقاقات كنا ومازلنا فى غنى عنها بل واحوج ما نكون الي تجنبها ، نحن احوج الناس الى أحترام أنفسنا ومن هم حولنا ومن لا نستطيع ان نتخذه صديقا يجب ان لا نجعله عدواً . نحتاج الى فكر مشترك يتسع لقبول المختلف عنا فى الرأي او المعتقد او الفكر او العرق او الدين ، نحتاج لكل يد تبنى فى المجتمع ، كلنا لنا ألسنة وعقول ونستطيع ان نعرض ارائنا دون تهديد او وعيد ولا تصفية للمختلف ونفى له فالتعدد والتنوع سمة العصر والحياة والطبيعه. وهذا الاسلوب الراقى واحترام الإخر نحتاجة فى البيوت والمقاهى والشوارع قبل وسائل الإعلام من صحف واذاعة وتلفزيون لما لها من دور فى توجيه الذوق والراى العام ، نحتاج للأحترام والمنطق والقبول فى الجوامع والكنائس ، فى المدارس وكتب التعليم ، والا نجد أنفسنا نتخلف ونتراجع ليست عن روح العصر فقط بل فى مختلف مجالات الحياة .

مناجاة وصلوات

للأب القمص أفرايم الأورشليمى

(1)

طوبي لمن يحبون الرب من كل قلوبهم . السالكين في الطريق بلا عيب ، والراجعين اليه بضمير صالح . طوبي للباحثين عن الحق . الرب يرشدهم ويهديهم الي سبل البر ، ينجحون في كل طرقهم . ويثمرون بالروح وبالصبر يخلصون . صالح هو الرب للمتكلين علية ، للنفس التي ترجوه . رحوم انت يارب علي شعبك وكنيستك والراجعين اليك . أما الأشرار فحتي لو ارتفعوا فالي حين ويكون هلاكهم بغتتةً والهاوية تبتلعهم . انت يارب الهي قوتي وتسبحتي وفرحي ونصرتي الي منتهي الدهور .

(2)

أحبك يارب يا قوتي . اسمك برج حصين ويدك تنشلني من الخوف وتقويني في الضعف وتنقذني من الهاوية.لك اترنم كل الايام . انت الحبيب والصديق والاب .الرب فردوس نفسي في صحراء العالم . تعظم الصنيع معنا فنفرح بخلاصك . أتكل عليك أبائنا فنجو من طوفان بحر العالم ، ونحن في خطاهم نسير ناظرين اليك يا رئيس ايماننا ومكملة . لك قلوبنا وتسبيحنا كل الأيام.

(3)

يارب انت ألهي وسندي طول الطريق اجدك نعمَ الرفيق ، اليك أرفع صلاتي وأقدم محبتي فتدخل الي عرش نعمتك ويتردد صداها وتنال مبتغاها ويسر قلبي . حارب يارب حروبنا وقودنا في دروبنا و أملك علي قلوبنا فيكون المجد لك وحدك . روحك القدوس يلهمنا ويمنحنا القوة والحكمة والنعمة لنتمم ارادتك في حياتنا ونكون لك شهود أمناء ، ونسكن فيك أمنين الي منتهي الدهور .

(4)

من الأعماق صرخت اليك ياربي والهي . فأنت تعرف اني أريد ان أحبك . فانتشلني ياربي والهي . توبني فاتوب فانت ابي وقائدي ويهمك خلاصي . دعوتني بأسمي وفديتني بدمك الثمين.فطهرني وقدسني وبررني ببرك يالله اله بري . فرح نفس عبدك فاني خاطئ ومسكين انا . لك رفعت دعواي ياله خلاصي . فبك اصير قوة وانجو من فخاخ ابليس المتقدة ناراً . فارفع لك حمدي وتسبيحي واسكن في ظل حمايتك ويحل ملكوتك داخلي .

(5)

أيها الرب الهنا ما أعظم طرقك عن الفهم ، ومحبتك ورعايتك عن الاستقصاء ، تحفظ شعبك وتحارب عن قديسيك ، أتكل عليك ابائنا فنجو كما العصفور من فخ الصياد . هكذا أعيننا نحوك يارب كل الإيام والى منتهى الدهور ، كن لنا قائدا ونورا فى الطريق وحارساً لا ينعس ولا ينام . تبدد مشورة الاشرار وتنقذ من التهلكة عبيدك الذين أتكلوا عليك . ايها الرب مخلصنا بهتاف الشكر والتسبيح نشدوا لك طوال ايام غربتنا على الارض، ويكتمل التمجيد اللائق بك فى السماء .

(6)

الهى ابحث عنك وانت في وتشتاق نفسى اليك يالله وانت تراقب جهادى .وتعلمنى كيف أجاهد وأنمو، فكن لى القوة والسند والمعزي ،أحملنى وقت الشده والضيق لكى اثق فى محبتك وتلتصق نفسى بك ، كن لى اباً وصديقاً وقوةً، واظهر لى ذاتك لاحدثك حديث المحبة واتعلم منك كيف اسير ،علمنى ان اثق فى قيادتك طول الطريق واجعلك صديق نفسى الدائم ولا يستطيع احد ان يخطفنى من يدك ، او يجعلنى احول عينى عنك فانت ابرع جمالا من بنى البشر ، ومعك ينمو حبى وينتشر .

(7)

ياربى والهى ، افتح عينيّ وبصيرتي لأعاين مجدك ، كن نورا في قلبي وشمسا لدربي ، واستنارة لبصيرتي وحكمة تهديني . ولا تتركني أو تدعني أسير في الظلام . ايها الملك السماوى الساكن في نور لا يدنى منه ، ونور لاهوتك نار آكلة للخطايا والأثام ، نحبك يا أبانا القدوس ونعبدك في خشوع ، ونشكرك لعظيم رعايتك المعلنة لنا بكلمتك وروحك القدوس ونطلب الك ان تجدد طبيعتنا بنعمتك ،يا روح الله اعمل فينا وأنرْ عقولنا واروحنا وقلبوبنا ، لنكون لك ونحيا في نورك وبك نكون نوراً ونسير فى نور برك كل الأيام.

الأربعاء، 16 فبراير 2011

يونان النبى وسعى الله لخلاصنا

للأب القمص أفرايم الأورشليمى

يونان النبى الهارب ..

ونحن نصوم هذه الثلاثة ايام نتذكر ونشكر محبة الله المقدمة لنا عبر التاريخ من خلال التجسد الإلهى والسعى لخلاص الإنسان ومحبتة حتى فى هروبنا وبعدنا عنه هو يسعى لتوبتنا ورجوعنا.

كان يونان ومعناه حمامة نبيًا لإسرائيل حوالي عام ٨٢٥ – ٧٨٤ ق.م، وكان معاصرًا لعاموس النبي، وقد سجل نبوته غالبًا بعد عودته من نينوى. جاء في التقليد اليهودي أن يونان هو ابن الأرملة التي أقامه إيليا النبي في صرفة صيدا (١ مل ١٨: ١٠ – ٢٤)، ويرى البعض أنه تقليد لايمكن تجاهله ، إذ يليق إرسال هذا النبي المحب لإسرائيل إلى نينوى الأممية يكرز لها بالتوبة بكونه أممي من جهة والدته .

يونان هو النبى الذى ارسلة الله الى نينوى عاصمة اشور الأممية ليكرز لها بالتوبة ولكن بدلا من الطاعة لأمر الله ، هرب يونان من يافا الى الغرب بدلاً من ان يذهب شرقاً لنينوى ! وهل يختفى بهذا عن الله الذى صنع البحر والبر ، انه جهلنا الانسانى الذى يقودنا بعيداً عن الله وسعى الله لخلاص النبى والبحارة وأهل نينوى بطرق متنوعة .

هاج البحر كما يهيج علينا العالم اليوم بسماح من الله لنرجع اليه ، وبينما كان يونان نائما خاف الملاحون وصرخوا كل واحد الى الهه وايقظوا يونان ليصلى لله لينقذهم ولما علموا قصته حاولوا ان يرجعوا به الى الشاطئ لكن البحر اذداد اضراباً وعندما تسألوا ماذا يفعلوا قال لهم ليلقوه فى البحر فيسكت عنهم البحر وعندما القوه فى البحر أعد الله حوتا عظيماً ليبتلعه.

يونان رمزأً للمسيح الفادى منادياً بالتوبة ....

فى جوف الحوت جازت اللجج والتيارات على يونان ووجد نفسه سابح كما فى قبر المخلص الذى بموته أحيانا بقيامته من الموت وهذا ما أكد عليه المخلص " و فيما كان الجموع مزدحمين ابتدا يقول هذا الجيل شرير يطلب اية و لا تعطى له اية الا اية يونان النبي ، لانه كما كان يونان اية لاهل نينوى كذلك يكون ابن الانسان ايضا لهذا الجيل" (لو 11 : 29، 30). نعم قذف الحوت يونان الى البر وصارت اليه دعوة الله ثانية " فقام يونان و ذهب الى نينوى بحسب قول الرب اما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة ايام" (يون 3 : 3) . ذهب يونان وسار فى شوارع المدينة منادياً ان الرب سيهلك المدينة بسبب شرها ولما علم أهل المدينة بقصة يونان ومناداة لهم بالتوبة

" أمن اهل نينوى بالله و نادوا بصوم و لبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. و بلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه و خلع رداءه عنه و تغطى بمسح و جلس على الرماد. و نودي و قيل في نينوى عن امر الملك و عظمائه قائلا لا تذق الناس و لا البهائم و لا البقر و لا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء. و ليتغط بمسوح الناس و البهائم و يصرخوا الى الله بشدة و يرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة و عن الظلم الذي في ايديهم. لعل الله يعود و يندم و يرجع عن حمو غضبه فلا نهلك " ( يو5:3-9) كانت توبة أهل نينوى سريعة وبايمان بالله بمناداة نبى غريب الجنس وكانت توبتهم شاملة للجميع بتواضع قلب مع صوم مما جعل السيد المسيح يتخذهم عبرة ومثالاً لاهل زمان تجسده "رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل و يدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان و هوذا اعظم من يونان ههنا" (لو 11 : 32) ومن أجل توبتهم غفر الله لهم ولم يهلكهم لان الله لا يسر بموت الخاطئ مثلما يرجع الى الله فيحيا " فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه" (يون 10:3). نعم ان الله يريد ان الكل يخلصون والى معرفة الحق يقبلون ولهذا ارسل الله الانبياء وفى ملء الزمان تجسد وتأنس وجاء الينا معلناً محبته وخلاصة لكى لا يهلك كل من يؤمن به لا تكون له الحياة الابدية . فهل نقترب اليه وننهل من محبته ونتوب اليه عن خطايانا ام نهرب من بحث الله عنا وبدلاً من قبول التأديب نتذمر على الله ونستمر فى الهروب والبعد عن الله .

المحبة الإلهة تجتذب يونان ...

بعد ان نادى يونان لاهل نينوى بهلاك المدينة بعد اربعين يوماً ، خرج شرقى المدينة وبقى منتظراً ليرى ماذا يصنع الله وكان الجو صيفى حار هنا تدخلت محبة الله فى حوار ودى مع يونان " فاعد الرب الاله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلا على راسه لكي يخلصه من غمه ففرح يونان من اجل اليقطينة فرحا عظيما. ثم اعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست. و حدث عند طلوع الشمس ان الله اعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على راس يونان فذبل فطلب لنفسه الموت و قال موتي خير من حياتي. فقال الله ليونان هل اغتظت بالصواب من اجل اليقطينة فقال اغتظت بالصواب حتى الموت. فقال الرب انت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها و لا ربيتها التي بنت ليلة كانت و بنت ليلة هلكت. افلا اشفق انا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها اكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم و بهائم كثيرة"( يون 6:4-11) نعم ان رحمة الله الغالبة ومحبته الفائقة تجتذب ليس فقط الأممى الجاهل بل النبى الهارب ، محبة الله التى حررت زكا العشار وجذبت اليها اللص اليمين على الصليب فى اخر لحظات حياة ، محبة الله غيرت وتغير عبر التاريخ الخطاة وتسعى الى ادراك البعيدين والقريبين وتقتدر فى فعلها الكثير ، ونحن نثق انها تستطيع ان تجتذبنا نحن ايضاً.

لتسعى يارب لخلاصنا ولتدركنا مراحمك...

أيها الرب الاله الذى سعى الى خلاص أهل نينوى قديما دون ان يطلبوك ، أسعى لخلاص العالم الباحث عن الحق والمعرفة والمحبة ياله البائسين ومنكسرى القلوب والجالسين فى وادى ظلال الموت .

أيها الرب الإله الذى غفر ليونان جهله وأعد له سفينة جديدة تجرى به فى أعماق البحر دون ان تؤذيه المياة او احشاء الحوت او مخاطر الاممين فى مناداته بهلاك المدينة ، انت قادر ايضاً ان تستخدمنا لخلاص كل أحد نقابله لنعلن له رائحتك الذكية ويقبل التوبة ويعرفك انت الاله الحقيقى ويعبدك بالروح والحق.

ايها الرب الاله الذى قبل اليه الخطاة ودعاهم للإيمان نازعاً بذور العنصرية القومية من يونان النى ، ومتخطياً التصنيفات البشرية والعداوات بين الشعوب والأمم ، عابراً بنا من بحور ظلمات الخطية الى نورك العجيب ، أعلن خلاصك فى الشرق الذى اليه اتيت متجسداً ، والغرب الذى صارا مسيحياً دون مسيح ، للشمال السابح فى برودة الخطية ، والجنوب الواقع تحت نيران القبلية والعنصرية البغيضة .لتجمع الجميع الى أحضانك الإلهيه ايها الرب مخلصنا.

الهى لن أهرب منك بعد اليوم ، لكن اريد أن اعرف ارادتك فى حياتى لاتممها ، يارب كيفما تريدنى ساصير واينما تريدنى ساسير ، أعطنى يارب ان اعمل فى حقلك لكى ما أجمع اليك فالحصاد كثير والفعلة قليلون ، نصلى اليك ان ترسل فعلة لحصادك وتجعل قلوبنا منفتحة على صوت الحنون ودعوتك المستمرة للتوبة .

ثورة شعب وتطلعات المواطن المصرى

ثورة شعب وتطلعات المواطن المصرى

للأب القمص /أفرايم الأورشليمى

ثورة 25 يناير الأسباب والتطلعات ...

عندما دعا بعض الشباب على الفيس بوك بالتظاهر فى يوم عيد الشرطة فى 25 من يناير كان سقف الطموحات ان يتم الاصلاح الديمقراطى وأحترام المواطن المصرى أمام الشرطة ولكن ما ان ابتدأت المظاهرات حتى راينا مختلف فئات الشعب تلتحق بها وتعبر عن سعيها فى تغيير النظام لتلبية مطالبهم الأقتصادية والسياسية والأجتماعية والقانونية ووجدنا الملايين من مختلف الاعمار والفئات تخرج فى مظاهرات عارمة فى المدن المصرية من شمال البلاد فى الاسكندرية مروراً بمدن دلتا النيل للقاهرة ومحافظات القناة حتى أقصى الجنوب فى اسوان مروراً باسيوط وسوهاج ، ووأمام هذه الثورة الشعبية وتدخل القوات المسلحة لتأمين الأمن اللازم فى غياب الشرطة التى وصلت العلاقة بينها وبين الشعب الى أدنى مستوى لها فى التاريخ فى ظل اسوء وزير داخلية عرفته مصر ، وهذا أمر يجب تداركه وعلاجه فالشرطة يجب ان تكون فى خدمة الشعب ليس كشعار ولكن حقيقة وواقع من أعلى هرم السلطة حتى رجل الأمن فى الشارع فلقد عانى المواطنين فى أقسام الشرطة من الظلم والتعذيب والتهم الكاذبة والبيروقراطية والرشوة والفساد .

-أحتاجت الثورة لجيش قوى يحميها ونزول الجيش كان يظنه الرئيس السابق لقمع المظاهرات لكنه أظهر الوعى والحرص ولم يستخدم ضد الشعب بل أحترم أرادة الشعب وفرضها على الرئيس مما جعله محل أحترام الشعب. الذى يغذيه بالسواعد الشابه . الجيش هو الدرع الأساسى لحماية الوطن من الأخطار الخارجية وهذا واجبه ولقد كانت القوات المسلحة مؤمنه بدرها وحتى بعد تدخلها لحماية وتأييد الثورة أعلنت انها ليست بديلاً عن نظام مدنى ديمقراطى وحكومة تحقق تطلعات الشعب فى ظل دستور ديمقراطى ومساواة فى الحقوق والواجبات بين مواطنيها دون تمييز لاسباب سياسية او دينية او عرقية او طبقية او سياسية .

- لم يشعر المواطن العادى باى أنجازات أقتصادية بل عاش وعود كاذبة لايمكن ان ينخدع بها كل الشعب كل الوقت ، وفى ظل فساد وبيرقراطية السلطة وترزية القوانين فقد النظام هيبته ، واستمرت أعداد العاطلين عن العمل فى تذايد ، وصل الغلاء الى مستويات حولت الملايين الى مستوى تحت خط الفقر ، الذى وصل فى بعض محافظات الصعيد حسب الجهاز المركزى للمحاسبات الى 60 فى المئة. فى ظل فساد ادارى واقتصادى واصبح حلم المواطن العادى لا ان يأكل اللحم والخضار بل حتى الفول والعدس والخبز ، الوجبات الإساسية للمواطن المصرى. وهذا ما يجب على النظام معالجته وبالسرعة الواجبة .

- أزمة الثقة بين النظام والمواطنين وضعف قنوات الأتصال ووسائل الأعلام الرسمية وابواق الدعاية الكاذبة مما جعل الناس تنصرف الى قنوات الجزيرة والبى بى سى والعربية وغيرها من قنوات لها توجهات خاصة فى توجيه الراى العام نحو التغيير وهذا ايضا يجب دراستة فى عصر السماوات المفتوحة .كما ان التزوير ليست فى الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية فقط كجرائم يعقاب عليها القانون بل وفى الأنتخابات المحلية وانتشار الرشوة والفساد الذى أفقد المواطن ثقته فى النظام ، لم تنجح الحكومات المتعاقبة فى ظل نظام بعيد عن هموم شعبه وتطلعاته من تحقيق تطوير فى التعليم العام او الفنى او الجامعى وتراجعت الرعاية الصحية وتفشت الأمراض وعانت المستشفيات العامة من النقص الشديد فى المعدات والادوية وهذا ما يحتاج للعناية به من النظام فى سعى جاد للتلاحم مع حاجات الشعب الإساسية .

- لقد عانى الاقباط فى مصر الكثير طوال الثلاثين سنة الماضية ، فى ظل عزلة فرضت عليهم وليست باختيارهم ، عانوا من التهميش السياسي والدينى والوظيفى والأجتماعى وذلك بالاضافة إلى غياب قانون موحد لبناء دور العبادة ، وقانون ينظم الحوال الشخصية لهم ظل حبيس أدراج مجلس الشعب لما يذيد عن ربع قرن .ولم يجد القبطى ملجأ الا الكنيسة يحتمى فيها ويلجأ اليها ولجأ النظام للوعود الكاذبة مع الكنيسة الشهيدة وتخويف الكنيسة من المد الدينى المتطرف رغم ان الاخوان المسلمين عانوا ايضا الكثير من حكم ديكتاتورى يحكم بسياسة "فرق تسد"

والمطلوب الأن هو مشاركة فاعلة من الجميع وكسر حاجز العزلة والسلبية لدى المواطنين مسلمين ومسيحيين وان يشارك الجميع بفاعلية وإيجابية واستمرارية وكفاح فى بناء مجتمعهم والدفاع عن حرياتهم وتقرير مستقبلهم فى كل المجالات .

دروس من الثورة ...

لقد أظهرت ثورة 25 يناير معدن الشعب المصرى الاصيل فى العديد من المجالات وينبغى علينا الحفاظ على روح ثورة 25 يناير فى كل مجالات الحياة ..

- لقد شهد لثورة الشباب وقوتها وحضاريتها مختلف زعماء العالم فقد قال باراك اوباما "يجب ان نربى ابنائنا ليصبحوا كشباب مصر " وقال عنها رئيس الوزرء البريطانى " يجب ان ندرس الثورة المصرية فى المدارس" وقالت السى ان ان فى تقرير لها عن الثورة " لاول مرة فى التاريخ نرى شعباً يقوم بثورة ثم يقوم بتنظيف الميادين بعدها" تلك هى روح ثورة الشباب المثقف الواعى خفيف الروح حتى فى ما حمله من شعارات مناهضة للفساد والظلم.

- فى المجالات السياسية أظهر المصريين الحس الوطنى والقومى والإنسانى وأظهر الشباب أدراكهم لروح العصر والسعى الى ديمقراطية حقيقية تُبنى على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وعدم القبول بالحكم الديكتاتورى والتوريث وحق المواطنين فى تقرير حاضرهم ومستقبلهم وسيبقى هذا الوعى أكبر عامل لعدم أجهاض الثورة فى يد قلة غير ديمقراطية . وهنا ننبه الى ان اللجنة المشكلة لتعديل الدستور لا تلبى تطلعات الشباب وفئات الشعب المختلفة بشهادته الكثيرين فى ظل قصرها على قلة شاخت عن روح العصر وذات توجهات ايديولوجية سلفيه ونحن نتطلع الى دستور ديمقراطى يقودنا الى مستقبل حكم مدنى ديمقراطى.

- تكاتف المواطنين جميعا مسلمين ومسيحيين فى كل المدن والاحياء والقرى فى حماية الممتلكات العامة والخاصة وأظهرت اللجان الشعبية وعى عالى فى مواجهه اعمال البلطجة نتيجة هروب المسجونين وغياب الأمن ، بل قدمت الأسر نموذج عالى للتعاون وتقاسم اللقمة فى السراء والضراء بدون تفرقة بين المواطنين بسبب انتمائتهم .

- أظهر المتظاهرين بمختلف أعمارهم الحس الوطنى والقومى والإلتزام الخلقى وقوة وقدرة على التواصل حتى فى ظل أنقطاع النت أو الأتصال بشبكات الموبيل لعدة ايام ، ظهر وعى الشباب وحمله لهموم شعبه فى وقت تجاهل فيه الكثيرين حتى داخل الاسرة تطلعاتهم وظنوا أنهم يقضون وقتهم على النت لتقضية الوقت فيما لا يفيد ، فتحية تقدير وإجلال لشباب مصر الواعى المثقف الذى يجب ان يشارك بقوة فى صنع دولة مدنية ديمقراطية تنهض بمقدرات الوطن وتتبنى تطلعاته .

- يجب التعلم والأستفادة من روح الثورة والبناء عليها ومشاركة الشباب فى تقرير الحاضر والمستقبل لمصرنا العزيزة فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل وقد أظهروا من الوعى الوطنى والقومى والسياسى مثالاً ينبغى التعلُم والاستفادة منه ويجب على كل منا ان لا يقصر فى الحفاظ على مكتسبات الثورة وان نبنى ونشارك فى مستقبل بلدنا ، يجب علينا ان نتبنى ونجتمع حول تطلعات الحرية والعدل والمساواة والاخاء والحق والمشاركة تحت شعار الدين لله والوطن للجميع ، ليجد كل مواطن منا مكان له ومكانة فى مصر الحاضر وصنع المستقبل .

الخميس، 10 فبراير 2011

ثورة الشباب وحركة التاريخ

للأب القمص / أفرايم الأورشليمى

ثورة شباب 25 يناير للشباب ...

الثورة التى فجرها شباب مصر الواعد ضد الفساد والظلم والأستبداد السياسى والبطالة ونهب ثروات مصر واستمرار الحكم فى ظل قانون الطوارئ لعقود ، بل وفى ظل سعى أعلى هرم السلطة لتوريث الحكم لأبنه والتزاوج غير الشريف بين السلطة ورأس المال وفقاً لمبدء " المنفعة المتبادلة" ان النظام قد فقد شرعيته بهذة الثورة كنهاية للفساد ولقد فقد النظام مصداقيته بهذا الكم من الفساد السياسى والمالى والأدارى وتأليب قوى وفئات الشعب ضد بعضها وبافتعال المشكلات لالهاء الشعب المصرى وفق مبدء " فرق تسد" بدء من أحداث "الزاوية الحمراء" فى عام 1981م والتى كانت المسمار الأخير فى نعش نظام الرئيس الراحل محمد انور السادات وانتهاء باحداث "كنيسة القديسين " بالاسكندرية فى بدء هذا العام 2011م والتى كانت بتدبير النظام الحاكم ووزير داخليته والتى كانت الشرارة التى قادت مع مقتل الشاب خالد سعيد السكندرى على يد رجال أمن النظام الى نهاية حكم الرئيس " محمد حسنى مبارك " ان استخدام الشرطة ورجال الأمن للبلطجية والمسجونين وانسحاب قوات الأمن من مواقعها وفتح ابواب السجون والهجوم على ثوار ميدان التحرير براكبى الجمال والأحصنه والحمير والتى نفذها أعوان السلطة والتى فشلت فى قمع الثوار فالشعب يريد الحرية ولو بمذيد من التضحيات فعجلة التاريخ لن تعود للوراء ، فاذا الشعب يوماً اراد الحياة ..فلابد ان يستجيب القدر. ولابد لليل ان ينجلى ولابد للقيد ان ينكسر .

شهداء الثورة دم طاهر على ضفاف النيل ...

- لم تذهب هباء دماء شهداء كنيستنا فى عصر حسنى مبارك بل صرخت الى رب الجنود واستجاب لها ولاقت صداها فى ثورة الشباب والذى أمتزجت دمائهم الطاهرة بضفاف نيل مصر المقدس ، لقد روعنا ما شاهدناه من دهس عربات قوات الأمن المركزى لشبابنا على كوبرى النيل وفى التحرير واستخدام الرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياة ضد المتظاهرين والمصلين فى مشهد مروع تقشعر له الأبدان .

- الان لسنا فى مرحلة الادانة والتشفى بل فى مرحلة التشافى والتعافى والمحاسبة بالطرق القانونية لمجرمى النظام السابق وحفظ النظام والاستقرار والاستمرار والنظر فى أولوياتنا الوطنية والداخلية والقومية . ان هذة الدماء يجب ان تكون أخر دماء تراق على تراب مصر . يجب ان نحرص على نجاح ثورتنا وان لا تخطف الثورة لايدى غير أمينة بل ان تقود الى الحرية والمساواة والاخاء لكل ابناء الشعب المصرى الكريم .

خسائر الأقتصاد المصرى وثروات مصر المنهوبة ..

تطالعنا الصحف والتقارير المختلفة المحلية و العالمية عن ثروات مصر المنهوبة والتى قدرت ثروات الرئيس حسنى مبارك وأسرتة الة ما بين 40 الى 70 مليار دولار . الى جوار ثروات احمد عز والوزراء السابقين واعوان النظام والتى تذيد عن المئة مليار دولار بينما الشعب يعانى الفقر ويعيش البطالة والفقر والحرمان ، ونعانى من فوائد وديون مصر ولا يجد الموظف البسيط ما يملأ بطنه خبزاً بل ويعيش ما يذيد عن نصف الشعب المصرى تحت خط الفقر ، ويخسر الاقتصاد المصرى حسب التقارير ما يذيد عن 350 مليون دولار يوميا نتيجة لتوقف السياحة وحركة الاقتصاد المشلولة . هذا الاثر الاقتصادي يقابلة العمل الجاد في فتح الباب أمام كشف الفساد ومحاسبة الفاسدين‏، الذى يمكنه متى اكتمل أن يعيد لمصر الكثير من مالها العام المنهوب، وأن يمنع ويكافح الفساد الذي يستنزفها ويسحق حقوق شعبها‏.‏على الثورة الشبابية ان تعمل بكل الطرق القانونية باتخاذ الأجراءات القانونية المحلية والدولية التى تعيد لمصر ثرواتها المنهوبة فى البنوك والممتلكات خارج مصر واسترداد اراضيها الصحراوية أومؤسساتها التى تم بيعها لشلة فاسده إن مصر جديدة تولد من رحم ثورة الشباب، وينبغي تنظيف صورتها من كل من أساءوا إلي مصر وشعبها‏، ومن أفسد وأفقر وقمع الحريات ونشر البطالة ، فمصر التي تريد التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية أفرزت شبابا رائعا قادرا علي القيام بهذه المهمة وتجديد شباب أقدم أمة في الدنيا .

نظرة الى المستقبل بعيون الرجاء والأمل ...

- أننا مع تسلم مقاليد الأمور للقوات المسلحة لفترة محدودة يتم فيها على ان يتم تشكيل لجنة دستورية من فقهاء الدستور وممثلى لفئات الشعب لوضع دستور جديد للبلاد يحدد فترة الرئاسة بفترة اربع سنوات قابلة للتجديد لمدة واحدة فقط وان يكون دستوراً يحقق المساواة والعدالة والمواطنة لكل ابناء مصر . مع الدعوة الى أنتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وتحت اشراف القضاء والهيئات الراقابية المحلية والدولية .

- اننى أهيب بشباب مصر العظيم وأطفالها وشيوخها بالحفاظ على ممتلكات مصر العامة والخاصة وأحترام مقدسات ثورتنا فى الحرية والمساواة والأخاء والتكاتف والاخاء فى هذة اللحظات الحاسمة من تاريخ ثورتنا الشبابية وتقديم المثل والقدوة فأنظار العالم تتطلع وتراقب وكل وسائل الاعلام تعرض ما تقومون به ولا نريد لأحد ان يخذلنا فى هذة اللحظات بحق الله ومصر الكريمة عليكم . وفوق هذا لتكن ضمائركم رقيباً لكم ، وفوق هذا وذلك أعلموا ان الله يراقب أعمالكم ويعطى كل واحد حسب عمله .

- أن مصر ليست الرجل المريض الذى تتدخل قوى خارجية فى تشخيص طرق علاجه وتقديم النصائح والروشتات لطرق العلاج ، لقد أتخذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة قراره بعد الأستماع لملايين المتظاهريين من مختلف انحاء مصر وبعد ان لم يجدى النصح والعلاج وقام ببتر العضو الذى يعيق حركة الثورة وتلبية مطالب الشعب وهذا ما نريد له أن يكتمل فى فترة وجيزة بفضل ثورتكم وارادتكم الشعبية العارمة .

مصر غالية على كل واحد منا ، نصلى لها من قلوبنا ونرجوا لها الحفظ من كل مكروه ونصلى ليقودها الله لتتعافى من كبوتها ، نصلى ليعود للوطن كرامته وللمواطن حقوقه فى حياة حرة كريمة وان تعود مصر لدورها الوطنى والقومى والأقليمى والدولى المشرف كما كانت رائدة بين الأمم .

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

حريتي في المسيح

للأب القمص /أفرايم الأورشليمى

مفهوم الحرية في المسيح

الحرية هى التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها، فليس الحرية ان أتصرف بمعزل عن أى ضغط خارجي مباشر، يملى على سلوكي، فهذا ليس إلا الوجه الخارجي للحرية ولكن الحرية بمعناها العميق، هى أن أتصرّف بحيث يأتى سلوكي تعبيراً عن كياني كله، وليس عن جزء من شخصيتى يتحكم فىّ، دون بقية الأجزاء فمثلاً قد تتحكّم فى إحدى الشهوات وأتصرف بموجبها، دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى ، حينئذ فلست حراً بل أنا عبدًا للشهوة. وقد يتحكّم فىّ انفعال، أتصرف تحت سيطرته بما أندم عليه فيما بعد .فأكون عبد لهذا الانفعال. وقد تتحكم فىّ عادة من العادات، يتعطّل معها الضابط المتحكم فيها والموجود فى كيانى.. حينئذ فقد انطلقت العادة، فلست بعد حراً بل أنا عبد العادة. وهكذا فالحرية الحقيقية هى على نقيض ذلك فهى عبارة عن السلوك الواعي الذى يأتي منسجماً، ليس مع واحد من ميولي فحسب، أو مع ناحية من شخصيتي دون غيرها، ولكن يأتى مُعبِّراً عن شخصيتي ككيان متكامل، يهدف إلى خيري الشامل، والذى يتصل بخير الآخرين، وبما يُمجِّد الله. من هنا يتضح أنه من شروط ممارسة الحرية، أن تكون الشخصية ناضجة، لكى تكون قادرة على الاختيار السليم، وإلا أفسدت معناها "إنكم أيها الأخوة، قد دعيتم إلى الحريّة" (غلاطية 5: 13).

هذه الدعوة هي ركن أساسي من أركان إنجيل الخلاص. لقد جاء يسوع المسيح وكان من صميم رسالته حرية الأنسان "لأنه مسحني لأبشر المساكين،أرسلني لأشفي منكسري القلوب ،لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر،وأرسل المنسحقين في الحرية" (لوقا 4: 18).

يؤكد لنا الإنجيل ثلاثة أمور، أولاً: أن الإنسان مزوّد بقدرة التلبية الحرّة لمقاصد الله نحوه؛ ثانياً يرسم لنا طريق الحرية الحقيقية، فهدف كل تدخّلات الله حتى في العهد القديم هو حرية شعبه ؛ ثالثاً ً يبيّن لنا أن نعمة المسيح في العهد الجديد تقدّم لجميع البشر حريّة أولاد الله.

حريّة الإنسان وتحرره الله يريد خلاص كل البشر (1 تي2: 4) والخلاص الإلهي مقدم للخطأة ليتوبوا . أن الإنجيل يؤكد ان الإنسان قادر على اتخاذ القرارات الحرّة. فهو يلجأ دوماً إلى قدرة اختياره، ويشدّد على مسئوليته الشخصية ، وذلك منذ حادث الخطيئة الأولى (تك 2- 3، راجع 4: 7). يقدر الإنسان أن يختار بين البركة واللعنة، بين الحياة والموت ( تث 11: 26- 28، 30: 15- 20)، وأن يواصل توبته حتى نهاية حياته (حز 18: 21- 28، 1 كو 9: 27). على كل إنسان أن يسلك الطريق المؤدي إلى الحياة، وأن يستمر في سلوكه (مت 7: 13- 14). ويرفض يشوع ابن سيراخ صراحة حجج الجبريين منكري الحرية: "لا تقل إن الرب هو أضلّني.. كل رجس مبغض عند الرب وليس بمحبوب عند الذين يتّقونه. هو صَنَعَ الإنسان في البدء وتركه في يد اختياره... فإن شئت، حفظت الوصايا ووفّيت مرضاته" (سير15: 13- 16.) لقد بدأ تاريخ الشعب اليهودى قديماً بحادث أساسي طبعه بطابع خاص ألا وهو تحرير الله له من عبودية فرعون (خر 1 إلى 15).وعندما أدّت خيانات شعب الله إلى خراب أورشليم ثم إلى السبي، صار تحرير اليهود المنفيين في بابل بمثابة فداءٍ ثانٍ. وهو الخبر السار الذي يتغنى به إشعيا، ويتضمَّن الإصحاحات من 40 إلى 55: الله هو قدوس إسرائيل، هو "محرّره" (اشعيا 43: 14، 44: 6 و24، 47: 4، إر50: 34). في الشرع العبراني القديم، ينطبق لفظ المحرّر على أقرب شخص في الأسرة يقع عليه عبء الدفاع عن ذويه، سواء كان للمحافظة على الميراث العائلي (لا 25: 23- 25)، أو فكّ أخ من العبودية (لا25: 26- 49)، أو حماية أرملة (را 4: 5) وها نحن نرى الأمتداد لعبودية فرعون للشعب فى مصر من أستغلال واستعباد النظام واعوانه لعامة الشعب ونهب ثروات مصر وبيع مؤسساتها العامة باسم الخصخصة لتذهب لجيوب طبقة فاسدة تحيا على أمتصاص دماء الشعب وقوتهم ولهذا يجب تحرر الشعب من هذة العبودية المرة واسترداد أموال وممتلكات الشعب المنهوبة دون أن نستعبد للكراهية او قبول الظلم أوالرضا به من جهه اخرى . من أجل هذا نصلى ونعمل لكى يتحرر الإنسان من العبودية بكل أشكالها وندافع عن المظلومين والفقراء والارامل والأيتام ونتبنى الدفاع عن حقوقنا كواجب ينطلق من صميم دعوتنا المسيحية . هذا التحرير الذي أنجزه الله لصالح شعبه يمتد ويتجدّد في حياة كل مؤمن ( 2 صم 4: 9: "حيٌّ الربّ الذي خلّص نفسي من كل ضيق") وكثيراً ما تدور صلاة المزامير حول هذا الموضوع، فتارة يعبر عنه "المرنّم" بشكل عام دون توضيح الخطر المحدق به (مز 19: 15، 26: 11)، وتارة أخرى يرى المرنم نفسه محاطاً بأعداء يقصدون إيذاءه (مز 55: 19، 69: 19)، وأحياناً أخرى ترتفع صلاته بحرارة إلى الله القادر وحده على إنقاذه من مرضه الخطير (مز 103: 3- 4). ولكن نجد أيضاً بذور رجاء متّسم بروحانية أعمق ( مز 31: 6، 49: 16).على المستوى الاجتماعي: يضع ذكر التحرير الأول بصماته على التشريع الكتابي، يجب تحرير العبد العبراني في السنة السبتية، تذكاراً لما صنعه الرب لذويه (تث15: 12- 15، أر34: 8- 22). وان لم تنفّذ هذه الشريعة دوماً، فقد دافع عنها الأنبياء فنجد نحميا، بعد العودة من السبي، احتجّ على تعدّيات بعض مواطنيه الذين لم يتردّدوا عن استعباد إخوتهم (نح 5: 1- 8) إلا أن الصوم المقبول عند الله هو "إطلاق المستعبدين أحراراً وكسر كل نير" (إش 58: 6). نعم لقد خلقنا الله أحراراً ولا ينبغى ان نستعبد لاحد قط ، لكن نخدم الاخرين بالمحبة المسيحية الساعيه لخلاص كل نفس فى كرامة وحرية مجد ابناء الله.

مجد حرية أبناء اللّه كان تحرير إسرائيل يرمز مسبقاً إلى الفداء المسيحي. فالمسيح هو الذي يقيم فعلاً عهد الحرية الكاملة والنهائية لكل من اتحد به بالإيمان والمحبةً. الإيمان الذي به نقبل كلمة يسوع. "ا فإذا حرّركم الابن فبالحقيقة تصيرون احراراً" (يوحنا 8: 32) . "إن المسيح قد حرّرنا لنكون أحراراً... أيها الاخوة قد دعيتم إلى الحرية" (غلاطية 5: 1 و13)

أن الحرية المسيحية لها انعكاساتها على المستوى الاجتماعي للتحرر من الأستعباد للأخرين لكنها فى الأساس هي بالأحرى نتيجة حدث تاريخي هو موت المسيح الظافر، واتّصال مباشر هو الاتحاد بالمسيح في المعمودية.. والمؤمن حرٌّ، بمعنى أنه قد نال في المسيح قوة على أن يعيش منذ الآن وإلى الأبد في صلة حميمة مع الآب السماوى ، دون أن تعرقله قيود الخطيئة والموت والشيطان واعوانه . لقد تجدّدت عجائب التحرّر بالمسيح يسوع ربنا "الذي انقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (كو 1: 13- 14). قد تمَّ أيضا الانتصار على الموت، الرفيق الملازم للخطيئة (تك 2: 17، رو 5: 12). لقد فقد الموت شوكته (1 كو 15: 56). ولم يعد المسيحيون عبيداً لمخافة الموت (عبر 2: 14- 15). أجل لن يتم هذا التحرّر الكامل إلا عند القيامة المجيدة (1 كو 15: 26 و54- 55)، ونحن ما زلنا "ننتظر افتداء أجسادنا" (رومة 8: 23). لكن الأزمنة الأخيرة قد بدأت بنوع ما، وانتقلنا من الموت إلى الحياة (1 يو3: 14. يو: 24)، على قدر ما نحيا في الإيمان والمحبّة.

ممارسة الحرية المسيحية وحدودها .

يمتلئ المؤمن شجاعة وثقة وفخراً كما الوقوف أمام الله موقف الابن (أفس3: 12، عب 3: 6، 4: 16. لأن مما نتقبله عند المعمودية هو "روح التبنّي"، وليس "روح العبودية" (رومة 8: 4- 17). كما أن المسيحي يكتسب جرأة كاملة للبشارة بالإنجيل أمام الناس (أع2: 29، 4: 13).

الحرية أو القدرة على اتخاذ القرارات من الأشياء التي تميز الإنسان عن غيره ، فقد أعطيَ الفرصة على اتخاذ قراراته ، وحتى حينما نجاهد من أجل اتخاذ قرار معيَّن. وتعتبر خبرة اغتنام فرصة اتخاذ قرار هي خبرة إنسانية بالدرجة الأولى.

يستطيع الإنسان اتخاذ قراراته، ورغم تأثر الإنسان في بعض الأحيان بالضغوط والظروف إلا إنه لا يفقد قدرته على اتخاذ قراراته الحرة. فإذا تعرض شخصان لنفس الحدث أو الظرف فإنهما لن يتفاعلا معه بنفس الطريقة في أغلب الأحيان. ومن الصعب أن تنتزع حرية الاختيار من الشخص الذي يعي إنسانيته. ويمكننا تصوير ذلك عملياً بآبائنا الرسل والشهداء الذين ورغم إلقائهم في السجون المظلمة ، وتكبيل أيديهم وأرجلهم بالقيود إلا أنهم لم يفقدوا أبداً حريتهم وقدرتهم على اتخاذ قرارتهم ، فالسجن لا يستطيع أبداً أن يُفقدَ الإنسان حريته، فبالرغم من تقييد جسد الإنسان في مكان معيّن ، إلا أنه ما يزال حراً بفكره وروحه ومشاعره، ولا يستطيع أحد أن يحدد قدرته على اتخاذ القرار، ولذلك يستطيع أن يكون إنساناً مختلفاً بالكلية حتى وهو مسجون.

وتشرح العلوم السلوكية سلوكيات الإنسان كتفاعل طبيعي مع معطيات وراثية وبيئية بالإضافة إلى الظروف التي يمر بها. ويمكننا تشبيه الإنسان إلى حدٍّ ما – ومع فارق التشبيه- بالكومبيوتر الذي تقوم بإمداده بمعلومات معينة ويصل الى النتائج بصورة تلقائية تبعاً للمعطيات. ولكن على الجانب الشخصي الإنساني، وإذا نظرت إلى الحياة الكاملة لإنسان معين ، فإنك تجد حياة متفرِّدة غير متكررة في التاريخ البشري وعلى مستوى الإنسانية عامة.ولهذا فاننا نعمل على تنمية الشخصية وتربيتها روحياً لتتخذ القرارات التى تتناسب مع تكوينها ومبادئها وأيمانها دون أجبار إو ارغام .

حينما نبدأ الحديث عن حرية اتخاذ القرار لابد لنا أن نناقش أمراً شائكاً، فإنه من اللطيف أن نقول أن الإنسان له الحرية الكاملة في اختيار ما يريده، ولكن هذا ليس حقيقياً دائماً ، فالإنسان لا يستطيع أن يتخطى كل القيود الموضوعة عليه نتيجة لكونه إنساناً يعيش في هذا العالم. ولكنها حرية محددة بحدود إنسانيتنا ووجودنا، وهناك عوامل أخرى تؤثّر على حريتنا في اتخاذ القرار ومنها عوامل النمو ، فالطفل الصغير أقل حرية من الشخص الناضج، فينمو الطفل عاماً بعد عام وتنمو حريته معه ولكن نرى البعض يحيون فى طفوله دائمة ويحيوا فى خضوع لتوجيهات الأخرين دون استقلالية وتفاهم وحرية.

أما أثناء فترة المراهقة فيعيش الأهل والأبناء في مرحلة صعبة من مواجهة الحرية، فالشباب يتطلعون إلى اكتساب حقوقهم في اتخاذ قراراتهم ويشعرون بالثقة والقدرة على العناية بأنفسهم. وفي المقابل نجد الأهل وهم يشعرون بالمسئولية تجاه سلوك أولادهم، ولأنهم يحبونهم فيكونون قلقين على سعادتهم ، ويشعرون بأن أبناؤهم غير قادرين بعد على العناية بأنفسهم وتحمل مسئوليات الحرّية.

وهناك العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية التي تحدد حرية الإنسان، وحريتى لا ينبغى ان تقوم على سلب الإخرين حقوقهم وحريتهم التي يجب أن نصونها ونحميها أيضاً، فحدود حريتي تنتهي حينما تؤثر على حرية الآخرين ، كما وتؤثر الحالة الاقتصادية للإنسان على حريته، فالإنسان المُكبَّل بالفقر ، يشعر بحرية أقل في بعض النواحي ويهتم أكثر بالكفاح من أجل الحياة. لهذا يجب ان ادافع عن حريتى متى سُلبت وارضى اذ نُهبت وعرضى متى تعرض للأذى وقوتى متى نهبه الناهبون ، ينبغى ان نكون أحراراً من الخوف والضعف .

وما سبق يكفي لكي يساعدنا أن نعرف أن حرية اتخاذ القرار هي حرية لها حدود ، ولكن وبالرغم من كل هذه المحددات ، فإننا نعلم أن الله أعطى الإنسان نعمة الحرية. فبالرغم من محددات الحرية فما زال أمام الإنسان الكثير من القدرة على اختيار طريقته في الاستجابة للحياة.

ومن منظور مسيحي تعتبر الحرية نعمة من الله، يجب ان نحياها ونعمل للوصول اليها ومساعده الأخرين ليحيوها فى أنسانية كريمة . إن الله يأخذ بعين الاعتبار الأنسان الذي خلقه بذاته والذي يجب أن يتصرف وفقاً لحكمه الشخصي بممارسة حريتة.

إن صورة الله في الإنسان هي الركن الذي تستند إليه حرية الشخص البشري وكرامته ، فإنه عندما خلق الله الإنسان طبع فيه صورته ومثاله ، لذلك يفهم الإنسان دعوة الخالق له ، من خلال نزوع طبيعته وتوقها نحو الخير الأسمى ، وأيضاً من خلال كلمة الوحي ، التي وجدت صيغتها التامة في المسيح ، وقد كشفت للإنسان أنه خلق حراً ، ليتمكن ، بالنعمة ، من الدخول في عشرة الله وتكون له شركة في حياته الإلهية . ولا تلغى أبداً مقدرة الإنسان على تحقيق ذاته من خلال تبعيته لله ومن هذة المبادئ المسيحية السامية أنبثقت حقوق الإنسان والهيئات المدافعه عنها.

قودنى للحرية الحقيقية

ايها الرب الاله محرر الخطاة ، جئت اليك لتحررنى من قيودى ، وتهدينى وتوسع قلبى

فاليك اصرخ ايها المحرر الحقيقي ، حررنى من العبودية للشيطان والخطية ، حررنى من سلطان المادة والسلطة والشهوات ، ومن ان أستعبد نفسى للأخرين فى خضوع مهين لكرامتى الأنسانية ، حررنى من عبودية الحرف والخوف والضعف ، حررنى من ذاتى وانانيتى وقيودى لانعم بعبادتك بالروح والحق ، وانقاد في فكرى واقوالى وسلوكى لروحك القدوس ، وانموا في المحبة والأيمان والرجاء ، واضعا رضاك ووصاياك ومحبتك هدفى . متحرر من كل القيود التي تعيق تقدمى وحريتى وتحرر أخوتى من الطغيان والفساد والظلم ، لنعرفك ونخدمك ونتبعك من كل القلب ،فانت رجائنا وتستحق منا كل الحب .