ثورة شعب وتطلعات المواطن المصرى
للأب القمص /أفرايم الأورشليمى
ثورة 25 يناير الأسباب والتطلعات ...
عندما دعا بعض الشباب على الفيس بوك بالتظاهر فى يوم عيد الشرطة فى 25 من يناير كان سقف الطموحات ان يتم الاصلاح الديمقراطى وأحترام المواطن المصرى أمام الشرطة ولكن ما ان ابتدأت المظاهرات حتى راينا مختلف فئات الشعب تلتحق بها وتعبر عن سعيها فى تغيير النظام لتلبية مطالبهم الأقتصادية والسياسية والأجتماعية والقانونية ووجدنا الملايين من مختلف الاعمار والفئات تخرج فى مظاهرات عارمة فى المدن المصرية من شمال البلاد فى الاسكندرية مروراً بمدن دلتا النيل للقاهرة ومحافظات القناة حتى أقصى الجنوب فى اسوان مروراً باسيوط وسوهاج ، ووأمام هذه الثورة الشعبية وتدخل القوات المسلحة لتأمين الأمن اللازم فى غياب الشرطة التى وصلت العلاقة بينها وبين الشعب الى أدنى مستوى لها فى التاريخ فى ظل اسوء وزير داخلية عرفته مصر ، وهذا أمر يجب تداركه وعلاجه فالشرطة يجب ان تكون فى خدمة الشعب ليس كشعار ولكن حقيقة وواقع من أعلى هرم السلطة حتى رجل الأمن فى الشارع فلقد عانى المواطنين فى أقسام الشرطة من الظلم والتعذيب والتهم الكاذبة والبيروقراطية والرشوة والفساد .
-أحتاجت الثورة لجيش قوى يحميها ونزول الجيش كان يظنه الرئيس السابق لقمع المظاهرات لكنه أظهر الوعى والحرص ولم يستخدم ضد الشعب بل أحترم أرادة الشعب وفرضها على الرئيس مما جعله محل أحترام الشعب. الذى يغذيه بالسواعد الشابه . الجيش هو الدرع الأساسى لحماية الوطن من الأخطار الخارجية وهذا واجبه ولقد كانت القوات المسلحة مؤمنه بدرها وحتى بعد تدخلها لحماية وتأييد الثورة أعلنت انها ليست بديلاً عن نظام مدنى ديمقراطى وحكومة تحقق تطلعات الشعب فى ظل دستور ديمقراطى ومساواة فى الحقوق والواجبات بين مواطنيها دون تمييز لاسباب سياسية او دينية او عرقية او طبقية او سياسية .
- لم يشعر المواطن العادى باى أنجازات أقتصادية بل عاش وعود كاذبة لايمكن ان ينخدع بها كل الشعب كل الوقت ، وفى ظل فساد وبيرقراطية السلطة وترزية القوانين فقد النظام هيبته ، واستمرت أعداد العاطلين عن العمل فى تذايد ، وصل الغلاء الى مستويات حولت الملايين الى مستوى تحت خط الفقر ، الذى وصل فى بعض محافظات الصعيد حسب الجهاز المركزى للمحاسبات الى 60 فى المئة. فى ظل فساد ادارى واقتصادى واصبح حلم المواطن العادى لا ان يأكل اللحم والخضار بل حتى الفول والعدس والخبز ، الوجبات الإساسية للمواطن المصرى. وهذا ما يجب على النظام معالجته وبالسرعة الواجبة .
- أزمة الثقة بين النظام والمواطنين وضعف قنوات الأتصال ووسائل الأعلام الرسمية وابواق الدعاية الكاذبة مما جعل الناس تنصرف الى قنوات الجزيرة والبى بى سى والعربية وغيرها من قنوات لها توجهات خاصة فى توجيه الراى العام نحو التغيير وهذا ايضا يجب دراستة فى عصر السماوات المفتوحة .كما ان التزوير ليست فى الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية فقط كجرائم يعقاب عليها القانون بل وفى الأنتخابات المحلية وانتشار الرشوة والفساد الذى أفقد المواطن ثقته فى النظام ، لم تنجح الحكومات المتعاقبة فى ظل نظام بعيد عن هموم شعبه وتطلعاته من تحقيق تطوير فى التعليم العام او الفنى او الجامعى وتراجعت الرعاية الصحية وتفشت الأمراض وعانت المستشفيات العامة من النقص الشديد فى المعدات والادوية وهذا ما يحتاج للعناية به من النظام فى سعى جاد للتلاحم مع حاجات الشعب الإساسية .
- لقد عانى الاقباط فى مصر الكثير طوال الثلاثين سنة الماضية ، فى ظل عزلة فرضت عليهم وليست باختيارهم ، عانوا من التهميش السياسي والدينى والوظيفى والأجتماعى وذلك بالاضافة إلى غياب قانون موحد لبناء دور العبادة ، وقانون ينظم الحوال الشخصية لهم ظل حبيس أدراج مجلس الشعب لما يذيد عن ربع قرن .ولم يجد القبطى ملجأ الا الكنيسة يحتمى فيها ويلجأ اليها ولجأ النظام للوعود الكاذبة مع الكنيسة الشهيدة وتخويف الكنيسة من المد الدينى المتطرف رغم ان الاخوان المسلمين عانوا ايضا الكثير من حكم ديكتاتورى يحكم بسياسة "فرق تسد"
والمطلوب الأن هو مشاركة فاعلة من الجميع وكسر حاجز العزلة والسلبية لدى المواطنين مسلمين ومسيحيين وان يشارك الجميع بفاعلية وإيجابية واستمرارية وكفاح فى بناء مجتمعهم والدفاع عن حرياتهم وتقرير مستقبلهم فى كل المجالات .
دروس من الثورة ...
لقد أظهرت ثورة 25 يناير معدن الشعب المصرى الاصيل فى العديد من المجالات وينبغى علينا الحفاظ على روح ثورة 25 يناير فى كل مجالات الحياة ..
- لقد شهد لثورة الشباب وقوتها وحضاريتها مختلف زعماء العالم فقد قال باراك اوباما "يجب ان نربى ابنائنا ليصبحوا كشباب مصر " وقال عنها رئيس الوزرء البريطانى " يجب ان ندرس الثورة المصرية فى المدارس" وقالت السى ان ان فى تقرير لها عن الثورة " لاول مرة فى التاريخ نرى شعباً يقوم بثورة ثم يقوم بتنظيف الميادين بعدها" تلك هى روح ثورة الشباب المثقف الواعى خفيف الروح حتى فى ما حمله من شعارات مناهضة للفساد والظلم.
- فى المجالات السياسية أظهر المصريين الحس الوطنى والقومى والإنسانى وأظهر الشباب أدراكهم لروح العصر والسعى الى ديمقراطية حقيقية تُبنى على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وعدم القبول بالحكم الديكتاتورى والتوريث وحق المواطنين فى تقرير حاضرهم ومستقبلهم وسيبقى هذا الوعى أكبر عامل لعدم أجهاض الثورة فى يد قلة غير ديمقراطية . وهنا ننبه الى ان اللجنة المشكلة لتعديل الدستور لا تلبى تطلعات الشباب وفئات الشعب المختلفة بشهادته الكثيرين فى ظل قصرها على قلة شاخت عن روح العصر وذات توجهات ايديولوجية سلفيه ونحن نتطلع الى دستور ديمقراطى يقودنا الى مستقبل حكم مدنى ديمقراطى.
- تكاتف المواطنين جميعا مسلمين ومسيحيين فى كل المدن والاحياء والقرى فى حماية الممتلكات العامة والخاصة وأظهرت اللجان الشعبية وعى عالى فى مواجهه اعمال البلطجة نتيجة هروب المسجونين وغياب الأمن ، بل قدمت الأسر نموذج عالى للتعاون وتقاسم اللقمة فى السراء والضراء بدون تفرقة بين المواطنين بسبب انتمائتهم .
- أظهر المتظاهرين بمختلف أعمارهم الحس الوطنى والقومى والإلتزام الخلقى وقوة وقدرة على التواصل حتى فى ظل أنقطاع النت أو الأتصال بشبكات الموبيل لعدة ايام ، ظهر وعى الشباب وحمله لهموم شعبه فى وقت تجاهل فيه الكثيرين حتى داخل الاسرة تطلعاتهم وظنوا أنهم يقضون وقتهم على النت لتقضية الوقت فيما لا يفيد ، فتحية تقدير وإجلال لشباب مصر الواعى المثقف الذى يجب ان يشارك بقوة فى صنع دولة مدنية ديمقراطية تنهض بمقدرات الوطن وتتبنى تطلعاته .
- يجب التعلم والأستفادة من روح الثورة والبناء عليها ومشاركة الشباب فى تقرير الحاضر والمستقبل لمصرنا العزيزة فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل وقد أظهروا من الوعى الوطنى والقومى والسياسى مثالاً ينبغى التعلُم والاستفادة منه ويجب على كل منا ان لا يقصر فى الحفاظ على مكتسبات الثورة وان نبنى ونشارك فى مستقبل بلدنا ، يجب علينا ان نتبنى ونجتمع حول تطلعات الحرية والعدل والمساواة والاخاء والحق والمشاركة تحت شعار الدين لله والوطن للجميع ، ليجد كل مواطن منا مكان له ومكانة فى مصر الحاضر وصنع المستقبل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق