أنا هو لا تخافوا
للأب القمص أفرايم الأورشليمى
وسط البحر الهايج
منذ الفى عام كان تلاميذ السيد المسيح يواجهون أمواج البحر تتقاذف سفينتهم ليلاً وهى وسط بحيرة طبرية واذ بهم ينظروا السيد المسيح قادماً اليهم ويأمر الريح ان تسكت والبحر ان يهدأ { اما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواج لان الريح كانت مضادة. و في الهزيع الرابع من الليل مضى اليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما ابصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال و من الخوف صرخوا . فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا انا هو لا تخافوا. فاجاب بطرس و قال يا سيد ان كنت انت هو فمرني ان اتي اليك على الماء. فقال تعال فنزل بطرس من السفينة و مشى على الماء لياتي الى يسوع. و لكن لما راى الريح شديدة خاف و اذ ابتدا يغرق صرخ قائلا يا رب نجني. ففي الحال مد يسوع يده و امسك به و قال له يا قليل الايمان لماذا شككت. و لما دخلا السفينة سكنت الريح. و الذين في السفينة جاءوا و سجدوا له قائلين بالحقيقة انت ابن الله } مت 24:14-34 قد يسمح الله لرياح التجارب ان تلاطم سفينة حياتك وتظن ان الله عنك كخيال بعيد لا يستطيع ان يسكت الأمواج .. لكنه سياتى فى الوقت المناسب ويهدئ الامواج ويسكت الرياح بل ويجعلك تمشى على المياة وبالإيمان تصل السفينة الى بر النجاة . ما احوجنا فى هذه الايام الى دخول الله الى سفينة حياتنا والثقة فى شدة قوته وفى حفظه وعنايته ، ان الرب يوكد لنا أهتمامه بنا بل وأهتمامه حتى بالعصفور الصغير الذى يتمتع بعناية الله القدير فلماذا نخاف ونحن أفضل من عصافير كثيرة { اليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسيا امام الله.بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة.} لو6:12-7 . والمعنى أنه ليست أجسادكم ونفوسكم معروفة ومحسوبة أيامها ومستقبلها أمام الله وحسب، بل وحتى شعور رؤوسكم محصاة. فالذي على دراية دائمة بعدد شعور رؤوسنا، هل يغيب عنه حفظ حياتنا طوال أيام غربتنا على الأرض ؟ وهل لا يقدر ان يحفظنا وهو ضابط الكل مدبر الكون القدير فلماذا اذا الخوف من المستقبل اوالناس الاشرار او من حمل الصليب او المجهول او الخوف حتى من الاضطهاد أومما تحمله لنا الإيام ونحن نثق فى الهنا الصالح الذى لا ينعس ولا ينام .ان الثقة فى الله نتعلمها ونختبرها من خلال مواعيد الله الامينة ومن صفاته المقدسة ومن تعاملات الله مع شعبه ومعنا فى الماضى . يجب أن نتذكر أحسانات الله علينا الذي في الماضي وونثق انه قادر أن يخلصنا من ضيقاتنا الأن وغداً ونتكل عليه مما يهبنا سلامأ وأمن وهدوء ويجعلنا نحيا الرجاء المسيحى فى الهنا القادر على كل شئ .
سلام من الله ..
ان حياة السلام وعدم الخوف هو ثمرة من ثمار الإيمان بالله فى حياة المؤمن . الايمان بالله ضابط الكل وبعنايته وحسن رعايته وصدق وعوده { فان الجبال تزول و الاكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك و عهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب} (اش 54 : 10) { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب }(يو 14 : 27) وحتى ان كان فى العالم ضيقات يجب ان نواجهها بثقة فى غلبة الله على الشيطان وكل حيله الشريرة ونحن لا ننظر ونتطلع الى الضيقات بل نصلى ونطلب من الله ان يحل بسلامه فى قلوبنا وبيوتنا وكنيستنا وبلادنا وان يهبنا سلامه الحقيقى . وكل الضيقات ستنتهى بل وحتى حياتنا ستنتهى فيا ليتها تنتهى من اجل عمل صالح ، فنحن من التجارب والضيقات نتعلم ونتنقى ونجاهد وننتصر ونرى يد الله فى الاحداث ونثق ان كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله ، المدعوين حسب قصده . نعم قد نواجه متاعب وتجارب لكن نثق ان الله هو المنتصر والغالب {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). نعم لقد وعدنا بالنصرة على الشر { و اله السلام سيسحق الشيطان تحت ارجلكم سريعا نعمة ربنا يسوع المسيح معكم امين} (رو 16 : 20).
اننا لا نأخذ سلامنا من الظروف المحيطة ولا من الأتكال على مال ولا جمال ولا وظيفة ولا سلطه بل من الله الهنا ومن كوننا ابناء له نسير فى طاعته ومخافته.
اننا نحيا حياة التوبة والاستعداد لان الانسان الشرير او الخاطئ لا يستطيع ان يحيا فى سلام { لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22) لانه يحيا الخوف والقلق وعدم السلام حتى بدون اعداء له فشره يفقده سلامه { الشرير يهرب و لا طارد اما الصديقون فكشبل ثبيت} (ام 28 : 1). اما الله فيتكلم بالسلام لشعبه وقديسيه وللراجعين اليه بكل قلوبهم { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء. فتدعونني و تذهبون و تصلون الي فاسمع لكم. و تطلبونني فتجدونني اذ تطلبونني بكل قلبكم} ار 11:29-13.لنثق اذا فى الله ملك السلام القادر ان يهبنا سلامه الكامل { و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس} (رو 15 : 13) ونسعى فى صنع السلام ونصلى ونعمل من أجله {فلنعكف اذا على ما هو للسلام و ما هو للبنيان بعضنا لبعض }(رو 14 : 19). ولنقل مع داود النبى { الرب راعي فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني الى مياه الراحة يوردني.يرد نفسي يهديني الى سبل البر من اجل اسمه.ايضا اذا سرت في وادي ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معي عصاك و عكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن راسي كاسي ريا. انما خير و رحمة يتبعانني كل ايام حياتي و اسكن في بيت الرب الى مدى الايام}مز 23.
لاتخافوا وثقوا فى الله
تأكدوا أن الله معنا وان كان الله معنا فمن علينا . إن صحبة الرب لنا وحضوره الدائم فى عالمنا ووجودنا الدائم في حضرته هو الضمان الأكيد لزوال الخوف، ولهذا يجب أن نتكل عليه "على الله توكلت فلا أخاف} (مز4:56). ولقد إختبر داود النبي ذلك حين قال {إلهنا ملجأنا وقوتنا، ومعيننا في شدائدنا التي أصابتنا جداً. لذلك لا نخشى إذا تزحزحت الأرض، وإنقلبت الجبال إلى قلب البحار} (مز 2،1:46).
- الخوف من الناس . فهناك نوعيات مختلفة من الناس، بعضهم صالح وبعضهم عدوانى او شرير ولكن الله قال لنا {أحبوا أعدءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم} (مت44:5). هو قادر ان يحفظنا من مؤامرات الاشرار ويرد عنا ظلمهم {إن أرضت الرب طرق إنسان، جعل أعداءه أيضاً يُسالِمونه} (أم 7:16). قد يخاف البعض من بعض الرؤساء الظالمين في العمل، ولكن يجب عليك الشهادة للحق مهما حدث. وها هو الرب يهمس في آذاننا{الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون}(خر14:14). {من يؤذيكم إن كنتم متمثلين بالخير؟ ولكن وإن تألمتم من أجل البر فطوباكم. أما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا} (1بط 14،13:3). فلا تخافوا الأقوياء والرؤساء اوالمعاندين،. فتهديدهم ووعيدهم دينونة لهم وطوبى للمضطهدين من أجل البر لان لهم ملكوت السموات {وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ}.
- الخوف من الصليب: والصليب هنا يعني المضايقات والمشاكل والإضهادات التي هي فوق إحتمالنا، ولكن قال الله {إن نيري هيِّن وحِملي خفيف} (مت30:11). وضع أمامك بعض الآيات الهامة في هذا الأمر مثل: {غير مخوفين بشيء من المقاومين، الأمر الذي هو لهم بينة للهلاك، وأما لكم فللخلاص وذلك من الله} (فى 28:1). { لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً} (2كو 5:1). { مبارك الرب أبو ربنا يسوع المسيح الذي يعزينا في كل ضيقتنا} (2كو4،3:1).{لا تخف بل تكلم ولا تسكت، لأني أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك} (أع 10،9:18). لقد حمل الكثيرين صليبهم بفرح ووجدوا فيه التعزية والفرح والرجاء فالوجه الاول للصليب سواء فى المرض او الفقر او الاضطهاد هو الآلم والوجه الأخر هو المجد والقيامة والتعزية والرجاء والفرح .
- الخوف من الطبيعة أو المستقبل : تذكر من إنتهر الرياح (مت26،25:8)، "فإذا سمعتم بحروب وبأخبار حروف فلا ترتاعوا لأنها لابد أن تكون" (مر7:13). عندما نرى ثورات البشر او الطبيعة او الحروب او الكوارث حولنا نرفع عقولنا وقلوبنا لله ونصلى اليه ان ينجى العالم من المخاطر والاهوال والضيقات وان يحفظ الله أتقيائه من ساعة التجارب التى تحل على العالم كله . ولاتقلقوا من أجل المستقبل { لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس..؟ فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس؟ فان هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم. فلا تهتموا للغد. لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره} (مت25:6-34). { كنت فتى وقد شخت، ولم أر صدِّيقاً تُخُلِّيَ عنه، ولا ذرية له تلتمس خبزاً} (مز25:37).
- الخوف من أخطاء الماضي: البعض منا يخشى من أخطاء ماضيه ولكن نحن نثق فى غافر الخطايا الذى اذ نتوب اليه يغفر خطايانا ويطرحها فى بحر النسيان ويعلمنا ان نغفر وننسى وهو أب صالح وليس ضابط بوليس او قاضى ظالم { ولكني أفعل شيئاً واحداً؛ إذ أنا أنسى ما هو وراء، وأمتد إلى ما هو قدام}(فى 13:3). نحن نتوب ونعرف ارادة الله الصالحة والكامله والمرضية ونعملها {إن إعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم}(1 يو9:1).ثقوا فى الله الذى غفر للص والمرأة الخاطئة وقبل اليه توبة داود النبى ونكران بطرس وشك توما وتوبة أغسطينوس ومريم المصرية وهو يقول لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم أتى لادعو ابرار بل خطاة الى التوبة .
- الخوف من المجهول .. يخاف البعض من الغد وما يحمله لهم من مخاطر ويقلقوا وما علينا الا ان نحيا يومنا بسلام وثقة فى الله ونعمل ما يجب علينا القيام به ، وندع الغد لمن يهمه مستقبلنا وفى يده حياتنا وهو لا يسمح ابداً بتجربة ً تفوق قدرتنا على الأحتمال وعندما يسمح بتجربة يعطى معها المخرج. لقد خاف يوسف النجار مما حدث لخطيبته لما رآها حُبلى، فكان السبب مجهولاً، ومجهولاً في كيفية مواجهته، ومجهولاً في نتيجته، فظهر له ملاك الرب قائلاً: {لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك،لأن الذي حُبِلَ به فيها هو من الروح القدس } (مت29:1). فالله يعرف ويرى كل شيء، وهو الذي سيبدد مخاوفك من المجهول ومن كل تغيير يطرأ في حياتك الإجتماعية والوظيفية.
الخوف من الشيطان وحروبه .. البعض يخشى الحروب الروحية والسقوط لكن يجب ان نعلم ان الرب الذى انتصر على الشيطان وكل قواته أعطانا السلطان ايضاً ويهبنا النصرة ومادمنا نحيا حياة التواضع ونطلب العون من رب السماء فهو يهبنا الحكمة والقوة والنعمة لنقوم وننتصر {و اله السلام سيسحق الشيطان تحت ارجلكم سريعا نعمة ربنا يسوع المسيح معكم امين} (رو 16 : 20). {فاخضعوا لله قاوموا ابليس فيهرب منكم} (يع 4 : 7).
يا ملك السلام أعطينا سلامك
ايها الرب الهنا يا ملك السلام أعطنا سلامك ، قرر لنا سلامك وأغفر لنا خطايانا . وعندما تواجه سفينة حياتنا المخاطر والأمواج أو يهيج علينا العدو نتطلع اليك يا كلى الحكمة ودائم الوجود وضابط كل الاشياء لكى ما تأتى وتملك وتقود السفينة ومن فيها لتصل الى بر النجاة .
ان وعودك الصادقة وحفظك الدائم وعنايتك ورعايتك المستمرة وتعاملاتك عبر التاريخ تهبنا ثقة فيك وإيمان فى قوتك وكما كنت مع دانيال النبى فى جب الأسود وحفظت الفتية فى أتون النار انت يارب قادر تحفظ ابنائك من سهام أبليس المتقدة ناراً ومن مؤامرات الاشرار .
لا خوف مع المحبة لان محبتك لنا تطرد الخوف خارجا ، ونحن نحبك ونسير فى هدى تعاليمك ونصلى من أجل المسئين الينا والذىن يضطهدوننا ، لكى تحررهم من الكراهية والظلم والشر ، ونصلى اليك من أجل بلادنا وعالمنا لتنعم علينا بالسلام وتهب الحكمة للكل حكام ومحكومين ، رعاه ورعية ، لكى ما تهدى ارجلنا وحياتنا الى طرق السلام .