حتى لا يجرفنا الطوفان
للأب القمص أفرايم الورشليمى
نظرة لما يجرى من أحداث
- عندما ذاد الظلم واستشرى الفساد وتسلط النظام الحاكم وتسبب فى سفك الدماء وأضطهاد الابرياء وصرخ الكثيرين من أجل استجابة السماء، راينا موجة من الطوفان الشعبى تطيح بكل النظام الحاكم خلال أيام قلائل .لينهار نظام قام على الظلم والأستبداد والفساد .
- نعم كانت بداية العام قاسية جداً على قلوبنا بتفجير كنيسة القديسين بالأسكندرية وصرخت دماء الابرياء مطالبة بالعدالة والقصاص ، ولم نكن نعلم من الذى يقف خلف الأحداث الأجرامية الدامية لكن صرخنا كلنا لرب السماء ولم تمضى اربعين يوماً على احداث كنيسة القديسين وراينا غير المستطاع لدى الناس مستطاع لدى الله وانزل الله الاعزاء عن الكراسى وراينا ثورة الشعب المصرى فى العصر الحديث تطيح بالنظام الحاكم وراينا من خلال وثائق أمن الدولة التى تم الكشف عنها كيف كان يتحكم النظام بالقمع والظلم والتأمر فى الاحداث ويقوى الفتنه بين فئات الشعب وطوائفه من أجل أدامة حياة النظام باعمال لا يقرها شرع ولا قانون .
- فرحنا بنجاح الثورة وباركنا وحدة شعبنا وثوريته على الظلم والفساد والتفرقة بين ابناء الوطن ،وكانت وستبقى الثورة ملهمة للأنتصار على الفساد والظلم والدكتاتورية والتجويع وأذلال المواطنين فى اروقة الأمن والسجون ونشر بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط .لقد كانت الثورة كطوفان كاسح اراد به الله ازالة الشر كما حدث قديما عندما { راى الرب ان شر الانسان قد كثر في الارض و ان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم. فحزن الرب انه عمل الانسان في الارض و تاسف في قلبه. فقال الرب امحو عن وجه الارض الانسان الذي خلقته الانسان مع بهائم و دبابات و طيور السماء لاني حزنت اني عملتهم.و اما نوح فوجد نعمة في عيني الرب } تك 5:6-8 .
للثورة أعداء يتربصون بها
- ان للثورة أعداء يتربصون بها ويريدون لمصر الشر ، ومن هؤلاء الاعداء بقايا النظام القديم والذين لا يسرهم نجاحها ويخافون على حياتهم وثرواتهم ، ولا يتورعون فى زرع بزور الشر والفتنه بين ابناء الوطن ، ومن الاعداء من هم من خارج مصر او على حدودها الذين يكنون العداء لمصر ولا يريدون مصر حرة ديمقراطية وملهمة حتى لشعوبهم ويخشون نجاحها . ومن أخطر الأعداء الجهل والتعصب وفقدان الهدف السليم من الثورة وهو القضاء على الظلم والفساد والتمييز والعنصرية والفتنة الطائفية والانقسام ثم الامتداد للبناء والتقدم على اسس تضمن العدالة والحياة الكريمة للجميع فى ظل سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية ، فالخطر ان ننقسم ونتصارع و نجد أنفسنا ننقسم على ذواتنا وكما قال السيد المسيح له المجد { كل لمملكة منقسمة على ذاتها تخرب و كل مدينة او بيت منقسم على ذاته لا يثبت } (مت 12 : 25).
- لقد اراد ثوار التحرير فى 25يناير اسقاط النظام وليس أسقاط الدوله وسلطاتها وأحترام القانون وسيادته وهذا ما يجب على كل مصرى ان يفهمه ويعيه ويعمل على أنجاح تجربة الثورة فى بناء نظام ديمقراطى سليم ينهض بالأقتصاد والأمن والأمان وفى ظله تنمو العداله والمساواة وينتهى الظلم والتمييز .
- التظاهرات سلاح ذو حدين...
- لقد نجحت المظاهرات فى أسقاط النظام ومحاربة الظلم والفساد والفقر ولقد أستعاد الشعب قوته كمصدر للسلطات ونجح الكثيرين فى توصيل مطالبهم وأحتجاجاتهم وأحتياجاتهم الى القائمين على الأمور .
- اننى أثمن عالياً كل قطرة دم ذكى سفكت من أجل أنجاح الثورة ، ونحيي المظاهرات التى تحث أما ماسبيرو من الأقباط والمسلمين رداً على هدم كنيسة القديسين باطفيح والمطالب العادلة لرفع الظلم الواقع على شريحة عريضة من ابناء المجتمع .
- ولكن ينبغى علينا ان لا نحول هذه التظاهرات الى حياة ومظاهرات فئوية تمزق ثوب الوطن الواحد وبها تتوقف عجلة العمل والأنتاج وينهار أقتصاد الدوله فى وقت نحن أحوج فيه للعمل والتكاتف والعطاء والصبر . لن يستطيع النظام الحاكم ان يملك عصا سحرية يعالج بها مشكلات كل الفئات والعمال والفلاحين وموظفى البريد والبنوك وأصحاب المعاشات وحقوق المرأة والطلاب والجامعيين والشعب كله بين ليلة وضحاها، فعلينا ان نرفع مطالبنا ونطالب بتحسين مستوى معيشتنا واقترح هنا ان تكون هناك هيئة او مؤسسة او حتى وزارة تقوم بتلقى مطالب وشكاوى المواطنين والبحث فى معالجتها .
- ولكن علينا فى نفس الوقت ان ننبذ العنف وندعو الى االعمل والتعاون والصبر . علينا الان ان نكف عن التظاهرات وأعطاء الفرصة لعجلة الحياة للمضى قدماً والتعاون معاً على البناء والتقوى لا على الأثم والعدوان ..ولنتحاور بالكلمة الحسنة لا بالسكين والسيف والسلاح علينا ان ننشغل بالبناء لا بالهدم لاسيما للمقدسات ويجب ان نعلم ان من يزرع خيراً لابد ان يحصده وان من يزرع شراً لابد ان يجنى ثمره .
- علينا ان نقوم كل منا بدوره بأمانة وصدق وأخلاص والجهاد الأعظم لكل لكل واحد فينا هو جهاده ضد أهواءه وأستئصال الكراهية والحقد من قلبه وذرع المحبة والتسامح فى النفوس وهنا ياتى دور رجل الدين والاعلام ومثقفى الأمة وقادتها . وعلى الدوله ومؤسساتها محاسبة المفسدين والعمل على سيادة القانون واستعادة الأمن والنظام والأستقرار فى ربوع البلاد.
أحداث دامية وطائفية بغيضة ودماء طاهرة تسيل ...
- لقد أدمت قلوبنا الاحداث الطائفية التى حدثت بعد نجاح الثورة بدءاً من التعرض بالأسلحة من الشرطة العسكرية والجيش للرهبان العزل فى صحراء وادى النطرون بدير الانبا بيشوى هؤلاء الرهبان الذين يقضواً الليل والنهار فى العبادة والصلاة من أجل سلام البلاد والعباد . وذلك لا لذنب أقترفوه الا لكونهم بنوا سوراً يحميهم من التعرض لهجمات الهاربين من العدالة والسجون على أرض يتوارثونها كبدو الصحراء من ألاجداد والاباء منذ القرن الرابع الميلادى وكان الأجدر بالنظام تشجيع دورهم كرجال صلاة وتأمين حياتهم وأرضهم وأماكن عبادتهم كمعلم حضارى وتراث دينى وتاريخى يجب الدفاع عنه والمحافظة عليه .
- وجاء حادث كنيسة الشهيدين كوصمة عار على جبين مصر الثورة ، فلسبب عارض لعلاقة غير شرعية بين طرفين أحدهما مسيحى والأخر مسلم نحن وكل العقلاء نرفضها وندينها نراى الأمر يتحول لهجوم بربرى على بيت من بيوت العبادة لتحطيم كنيسة الشهيدين وتشريد أهل البلده المسيحيين فى عقاب جماعى ظالم فى موجه من الكراهية والعداء ان أستمرت تهدد بالقضاء على الأخضر واليابس وتقودنا الى حرب أهلية يتربص بها اعدائنا من حولنا وتقودنا للرجوع الى عصور الجهل والفقر.
- اننى أشكر العقلاء من الشعب والجيش والمسئولين المسلمين الذين أستنكروا كل هذه الأحداث ونشد على أياديهم ونصلى أن تثمر جهود العقلاء والحكماء الى واد الفتنة وعزل الخبثاء من بيننا ومحاسبة ومعاقبة كل المحرضين والمتسببين فى هذه الأحداث المؤلمة الدامية .
- ان أحداث المقطم والتى لم تذل ساخنة تثبت لنا ان بقية فلول الجهل والبلطجة والتعصب والحقد والكراهية لا زالت تتربص بالوطن .اننا ننصلى من اجل العزاء لاسر الشهداء والشفاء للجرحى والمصابين والطمانينة والأمل والرجاء والصبر لكل المتضررين ، ونطالب بفتح تحقيق عادل ومحايد والقصاص من المجرمين ومدبرى الفتنه التى نخشى من أستمرارها أو أتساع رقعتها مما يقودنا الى التخلف والجهل والانهيار .
- اننا نحيى "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" الذى أقر مشروع قانون جديد، لمواجهة جرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة ، والذى شدد عقوبة ممارسة البلطجة والتخويف والمساس بالطمأنينة، وجعلها تصل إلى الإعدام في حالة إذا أفضت أعمال البلطجة إلى الموت.
- لقد عشنا معاً طوال مايذيد عن اربعة عشر قرن مسيحيين ومسلمين . نشارك بعضنا البعض فى السراء والضراء ، ونراعى حقوق الجيرة الحسنة ولا يبات لنا جار جاع بل نقتسم البسمة واللقمة والنسمة . ونأكل من نفس الأرض ونشرب من نفس النيل ونراعى العرض والأرض والدين ويجب ان نبنى الحاضر على المواطنة الكريمة والعلاقة الشريفة والحقوق المتساوية متى اردنا لمصر المستقبل المستقر والمزدهر . ولهذا يجب ان نعمل والا فنحن كلنا معرضون للطوفان الذى يجرف ولا يبقى أحد وهكذا يحذرنا السيد المسيح بما حدث ايام نوح { كانوا ياكلون و يشربون و يزوجون و يتزوجون الى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك و جاء الطوفان و اهلك الجميع} (لو 17 : 27). اننا نصلى وعلينا ان نعمل معا ونعى دقة المرحلة التى نعيشها والمسئولية أمام الله والوطن والتاريخ .
هناك تعليقان (2):
مقال ينم على روح مصرية أصيلة تخشى على وطنها من الأنقسام والتمزق فياليت ننظر لمصرنا بعين الحب بدون عنصرية وتفريق
;كلام جميل ومتوازن ياريت كل من يقراءة يعمل بة ربنا يقويك يا قدس ابونا ويبارك فيك ويملائك من الروح القدس ويعطيك البركة فى فكرك وفى قلمك لكتابة هذة المقالات الجميلة
إرسال تعليق