الأب القمص أفرايم الأورشليمى
تفتح الزهور والمحبة المشبعة ...
- ياتى الينا الربيع فترى الأشجار الجرداء قد أكتست بثوب الخضرة والحياة و بالورود المتعدده الأشكال والألوان وتكتسي الطبيعة بلون العطاء والجمال والبهاء ، ترفرف العصافير مغردة هنا وهناك ، وتحوم الفراشات وبينما تستنشق وتتغذى على رحيق الورود فانها تلقحها وتجعلها تثمر ، فالحياة تعلمنا أنها "عطاء واخذ " . كنت أنطلق بالسيارة غير منتبه الى جمال الطبيعه فى مدينة "براى" حديقة ورود ايرلندا وعندما قررت ان أمارس رياضة المشى تعجبت كيف فاتنى ان أتامل فى عظمة الخالق فى خليقته ومن الخليقة البديعة أنطلق الى الله الخالق بل وادخل الى نفسى لأعاين الله ربيع حياتى يملائها سلاما وإيماننا ورجاء .
- فى الربيع الروحى تمتلأ النفس مشاعر دافئة فيها نعاين يد الله وعظيم صنيعه نحو خليقته . تذكرت ان الصوم الكبير هو ربيع حياتنا الروحية وعندما نتقدم فيه ونتخلى عن أهتمامات وملاذ الجسد تسمو الروح وتتفتح أشتياقاتنا الروحية ونتذوق ما أطيب الرب ونشبع بمحبة الله ومن منا لا يريد ان يكون محبوبا من الله { احببتكم قال الرب } (ملا 1 : 2). نعم حتى النفس الخاطئة يبحث عنها الله فى زمن الحب والوقت المقبول للخلاص { فمررت بك و رايتك و اذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك و سترت عورتك و حلفت لك و دخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي} (حز 16 : 8).
- ان الله هو الراعى الصالح الذى يسعى لخلاص الضال { انا ارعى غنمي و اربضها يقول السيد الرب. واطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح} حز 15:34-16. هو يبحث عن كل واحد وواحدة منا ليهبنا سلاما وفرحا وحياة أبدية . فتعالوا اليه وتأملوا محبته وتمتعوا بربيع المحبة ولا ترضوا الا بالشبع والثمار الروحية { التفتوا الي و اخلصوا يا جميع اقاصي الارض لاني انا الله و ليس اخر} (اش 45 : 22) . ان الله يريد لنا ثمر الروح { و اما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان }(غل 5 : 22).
هل أنت ربيع الحياة ...
- يتحدث الأنجيل عن الإنسان الروحى العامل مع الله بانه كالزهور المتفتحة فى زمن الربيع أو كالزنبق على مجارى المياة .جاء فى حكمة ابن سيراخ عن ( سمعان بن اونيا الكاهن العظيم انه رم البيت في حياته ووثق الهيكل في ايامه. و اسس سمكا مضاعفا تحصينا شامخا حول الهيكل. في ايامه استنبطت ابار المياه و كالبحر تناهت في الفيضان. هو الذي اهتم بشعبه لئلا يهلك و حصن المدينة لئلا تفتح. ما امجده في تصرفه بين الشعب و في خروجه من وراء حجاب البيت).{ مثله مثل كوكب الصبح بين الغمام او البدر ايام تمامه. او الشمس المشرقة على هيكل العلي. او القوس المتلالئة بين سحب البهاء او زهر الورد في ايام الربيع او الزنبق على مجاري المياه او نبات لبنان في ايام الصيف. او النار او اللبان على المجمرة. او اناء الذهب المصمت المزين بكل حجر كريم. او الزيتون المثمر او السرو المرتفع الى السحب اذ كان ياخذ حلة مجده و يلبس كمال زينته} سير6:50-11.
- وانت ايضا يمكنك ان تكون مثل هذا الرجل البار ترمم بيت الله وتجعله بيت صلاة { لانكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في اجسادكم و في ارواحكم التي هي لله }(1كو 6 : 20) نعم بحفظ حواسك وفكرك تسيج حول الهيكل فلا تدع اللصوص والشياطين تقترب منه وبالمحبة لله والصلاة والصوم تجرى من داخلك أنهار ماء حى { في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه لان الروح} يو 37:7-39. وبدلاً من ان يكون الإنسان عثرة تراه يجذب أخوته وراء الراعى الصالح وعندما يتقابل مع أحد فانه يعطيه سلاما وفرحا وتشجيعاً . اننا جميعاً مدعوين لنكون ربيع السنة والحياة وزهورها وكلما نمت الاشواك وزادت المعطلات زاد بهاء الورود فالبحر الهادى لا يصنع رباناً ماهراً ونحن نثق فى القائل { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33).
السعادة والعطاء ..
- جاءت الي أحدى السيدات وقد شارفت على السن الذى يسمونه سن اليأس وكانت يأسة من الحياة ، اكتست ملامحها بالحزن والشحوب وتعانى الوحدة والحرمان والفراغ وكانت تفكر جدياً فى الأنتحار وكانت كغريق يريد ان يمسك أحد بيده أو يعطيه طوق النجاة .. وبعد ان تحدثنا عن قوة التفكير الإيجابى وأهمية الحياة كوزنة من الله بها نتاجر ونربح ونفرح ونسر قلت لها تريدى بكل قلبك ان تسعدى وتعيشى ربيع الحياة وعندما أجابت بالأيجاب قلت لها : أنسى نفسك وأخرجى من القوقعة التى انت فيها أذهبى واخدمى الذين ليس لهم أحد يخدمهم واشرت عليها بمكان للمسنين تقوم بخدمتهم ..قلت لها تذكرى ان وجهك ليس ملكك فانت تريه فقط فى المرأة فقدمى منه ابتسامة للضعفاء والذين على ابواب الرحيل والمحزونين ، وقدمى من لسانك كلمة طيبة وقدمى من قلبك محبة صادقة . وياللعجب يا أحبائى بعد شهرين عادت أنسانه أخرى سعيدة مشرقة كالشمس . قالت لم أعطى الأ القليل وأخذت الكثير ، قدرت الحياة كجوهرة ثمينة ووجدت معنى لحياتى وأكتشفت الله فيمن أخدمهم ولم أعد الإنسانة الأنانية التى لا تهمها الا مصلحتها وتبحث عن ملاذاتها بل أصبحت سعادتى هى سعادة كل طفل وشيخ . حقاً مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ .
- ان سر تعاسة الكثيرين الان هو أنانيتهم وتمركزهم حول ذواتهم وشهواتهم دون محبة الله والإخرين { من اين الحروب و الخصومات بينكم اليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضائكم . تشتهون و لستم تمتلكون تقتلون و تحسدون و لستم تقدرون ان تنالوا تخاصمون و تحاربون و لستم تمتلكون لانكم لا تطلبون. تطلبون و لستم تاخذون لانكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم. ايها الزناة و الزواني اما تعلمون ان محبة العالم عداوة لله فمن اراد ان يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله} يع 1:4- 4.
- أن الله ينظر الى عالمه بعين العطف والشفقة والمحبة وهو يرى تاج خليقته "الإنسان " وقد بعد عنه ويبحثوا عن السعادة فى كورة الخنازير ولن يجدوا فيها الا الجوع والعري والجفاء { ابهتي ايتها السماوات من هذا و اقشعري و تحيري جدا يقول الرب. لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء}.أر 12:2-13.
انت ربيع حياتى وانا ربيع الحياة
- الهى المحبوب انت ربيع حياتى وشبع نفسى وراحة روحى ونبع الارتواء الذى لن تنضب ابداً مياهه . وشمس البر التى تشرق فى قلبى والشفاء فى أجنحتها . فغمر محبتك يفيض فى قلبى ، يسعدنى بمحبة ليست من هذا العالم فاجد الحياة كلها ربيع وكل ما فى الطبيعة ما هو الإ جمال بديع واكتشف انه يمكننى ان أكون في يديك وردة بديعة فيها رائحة محبتك وعندما يعتريها الذبول تهبها نعمة روحك القدوس فتجدد شبابها حتى تزرع فى الإبدية السعيدة .
- الهى المعطاء عندما نقترب اليك تفجر فينا طاقات المحبة الروحية الصادقة وتجعلنا ربيع الحياة يشتم فينا الإخرين رائحتك الذكية ونعطى للحياة طعم ومعنى . فنكون بقدر اقترابنا من نورك كالقمر الذى يأخذ من نور الشمس ويعطى نوراً لكل من يراه . وننسى انفسنا ونسعى لسعادة من حولنا وبينما نحن نقدم المحبة والبسمة لمن حولنا نكتشف اننا سفراء السماء ونكتشف نبع الحب والملكوت داخلنا فنهتف بفرح { غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض ايها المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها} (اش 42 : 10).
- ايها الرب اله القوات أنظر الى الكنيسة والعالم والرعاة والرعية بعين الرحمة والمحبة وتعهدنا بخلاصك لنرجع اليك من كل القلب وتكون انت ربيع حياتنا ونحن ربيع الحياة نعمل على خلاص وسعادة كل أحد ونكون رعية واحدة لراعى واحد { يا اله الجنود ارجعن اطلع من السماء و انظر و تعهد هذه الكرمة. و الغرس الذي غرسته يمينك } مز14:80-15. الهنا الصالح نحوك أعيننا واليك قوبنا ومحبتنا وملكك حياتنا فقودنا اليك ايها الراعى الصالح وأجذبنا وراءك فنجرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق