للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
الروح القدس الرب المحيي
+ ونحن نحتفل بعيد حلول الروح القدس على الرسل الأطهار فنحن نحتفل بعيد تأسيس كنيسة العهد الجديد ونشر رسالة الخلاص من أورشليم الى أقصي الارض كوعد السيد المسيح له المجد { وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. وانتم شهود لذلك، وها انا ارسل اليكم موعد ابي فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي} (لو 46:24-49). الروح القدس جعل الرسل شهود للإيمان المسيحي في كل العالم { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (أع 8:1). أنه عيد عظيم نحتفل فيه بالروح القدس، الرب المحيي الذين قاد الكنيسة عبر العصور ويقودنا نحن ايضا كاعضاء مؤمنة في كنيسة المسيح مانحا لنا نعم البنوة لله وغفران الخطايا { لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله }(رو 8 : 14). الروح القدس هو الذى يهبنا الأستنارة والقوة والحكمة والتقديس والنعمة ليكون لنا الثمر والحياة الروحية العاملة بالمحبة ثم يقيمنا فى اليوم الأخير.
+ ان الله من اجل ابوته الحانية لنا يريد ان يقيمنا له ابناء وبنات بالتبنى ومن اجل عظيم محبته لم يجد شئ أعظم يعلن به محبته لنا سوى ان يأتى الينا متجسداً { والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا }(يو 1 : 14) . وصار لنا به الفداء بدمه غفران للخطايا { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية (يو 3 : 16) ولمحبته أعطانا روحه القدوس { محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5:5).{ بهذا نعرف اننا نثبت فيه وهو فينا انه قد اعطانا من روحه }(1يو 4 : 13).
+ الروح القدس هو روح الله القدوس { ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء }(اف 4 : 30) هو الله { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا } (يو4: 24). فاقنوم الروح القدس هو اقنوم الحياة ومعطيها { ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الارض} (مز 104 : 30) وهو حال فى كل مكان ولا يحويه مكان او يحده ، هو ينبوع النعم الإلهية ، ومنذ بدء الخليقة كان روح الله يعطى الحياة { وروح الله يرف على وجه المياه }(تك 1 : 2) {روح الرب صنعنى}(أي33: 4). وقال حزقيال النبى {وحل على روح الرب وقال لي} (خر11: 5). وقال القديس بطرس في توبيخ ما فعله حنانيا وسفيره }ما بالكما قد اتفقتما على تجربة روح الرب} (أع5: 9). وهو " روح الحق" (يو14: 17). وقال عنه السيد المسيح روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو15: 26). وقال أيضاً {متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق}(يو16: 13).
+ إن الروح القدس واحد مع الآب والأبن. وفي ذلك يقول الرب لرسله القديسين {تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والآبن والروح القدس}(أع28: 19) أنه يقول { باسم } وليس باسماء. {فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد}(1يو5: 7 ). الروح القدس هو " روح الحياة" (رو8: 2).وكما نصلى فى قانون الإيمان ونقول ( الروح القدس ، الرب المحيي ) أنه هو الذي يحيى الموتى (حز37: 9، 10). ومن الذي يستطيع أن يحيى الموتي ويقيهم، إلا الله وحده. الروح القدس هو أقنوم الحياة. هو مصدر الحياة في العالم كله، سواء الحياة بمعني الوجود أو البقاء، أو الحياة مع الله. أنه مصدر الوحى. {لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس } (2بط1: 21).
تأسيس الكنيسة وقيادتها بالروح القدس ..
+ كان يوم الخمسين هو عيد الحصاد فى العهد القديم ، أو عيد الخمسين ، عيداً يجتمع فيه من يستطيع من اليهود والدخلاء من كل الأمم شاكرين الله على عمل الله معهم وعلى حصاد الحنطة وفيه كان الرسل منتظرين موعد الأب ليذهبوا ويجمعوا حصاد النفوس المؤمنة ليقربوها قرباناً لله { ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة و ملا كل البيت حيث كانوا جالسين.و ظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار و استقرت على كل واحد منهم. و امتلا الجميع من الروح القدس و ابتداوا يتكلمون بالسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا. و كان يهود رجال اتقياء من كل امة تحت السماء ساكنين في اورشليم. فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور و تحيروا لان كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته}(أع 1:2-6).
+ حل الروح القدس كهبوب ريح ونار استقرت على كل منهم . الريح تعني انه يهبنا القوة التى تحركنا وتقودنا والنار لتحرق الخطايا وتهبنا الحرارة الروحية فى الصلاة والتوبة والخدمة ، وكان الأثر المباشر لحلوله انه أعطاهم ان يتكلموا بلغات اخرى يبشروا بها { فبهت الجميع وتعجبوا قائلين بعضهم لبعض اترى ليس جميع هؤلاء المتكلمين جليليين. فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها. فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا. وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء. كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بالسنتنا بعظائم الله} (أع 7:2-11). قاد الروح القدس الاباء الرسل ووحد المؤمنين وعلمهم وعزاهم { واما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر} (اع 9 : 31).
+ لقد أخذ الرسل قوة من الروح القدس ليبشروا ويصنعوا الأشفية والعجائب. وعندما شفى القديس بطرس ويوحنا الرجل المقعد عند باب الهيكل واتوا بهم ليحاكموهم { حينئذ امتلا بطرس من الروح القدس و قال لهم يا رؤساء الشعب و شيوخ اسرائيل.ان كنا نفحص اليوم عن احسان الى انسان سقيم بماذا شفي هذا. فليكن معلوما عند جميعكم و جميع شعب اسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي اقامه الله من الاموات بذاك وقف هذا امامكم صحيحا.هذا هو الحجر الذي احتقرتموه ايها البناؤون الذي صار راس الزاوية. وليس باحد غيره الخلاص لان ليس اسم اخر تحت السماء قد اعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص} (أع 8:4-12).
+ الروح القدس هو الذى قاد الرسل لقبول الامم فى الإيمان المسيحى ففى ارسال بطرس الرسول لكرنيليوس وهو قائد مئة يونانى { قال لي الروح ان اذهب معهم غير مرتاب في شيء و ذهب معي ايضا هؤلاء الاخوة الستة فدخلنا بيت الرجل .. فلما ابتدات اتكلم حل الروح القدس عليهم كما علينا ايضا في البداءة ، فتذكرت كلام الرب كيف قال ان يوحنا عمد بماء واما انتم فستعمدون بالروح القدس} (اع 11 :12، 15- 16).و الروح القدس هو الذى دعا الرسل لاختيار بولس وبرنابا للخدمة وقادهم فيها { وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما اليه فهذان اذ ارسلا من الروح القدس انحدرا الى سلوكية ومن هناك سافرا في البحر الى قبرس }(اع 13 : 2، 4). وفى قرار المجمع الرسولى الأول فى اورشليم لقبول الأمم فى الإيمان نري قيادة الروح القدس للكنيسة { لانه قد راى الروح القدس ونحن ان لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الاشياء الواجبة. ان تمتنعوا عما ذبح للاصنام وعن الدم والمخنوق والزنى التي ان حفظتم انفسكم منها فنعما تفعلون كونوا معافين}(أع28:15-29). لقد كانت الكنيسة فى عصر الرسل قوية وفاعلة وبلغت رسالتها لكل العالم لانها كانت كنيسة منقادة بروح الله على المستوى الفردى والجماعى، وكان لها القلب والفكر الواحد { وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات} (اع 2 : 42) { وكان لجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا }(اع 4 : 32).
الروح القدس وعمله فينا ..
+ ان الله هو أمس واليوم والي الأبد ، يريد ان يهبنا نعمة روحة القدوس وثماره ومواهبه فى حياتنا. الله يريد ان الكل يخلصون والي معرفة الحق يُقبلون، يريد منا ان ننقاد بالروح عاملين مشيئتة الصالحة وان لا نعيش لشهوات الجسد بل ننقاد كما الرسل بالروح { فاذا ايها الاخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد.لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون ولكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون. لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله.اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب. الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه } (رو 12.8-17). علينا أن ننقاد لحث الروح القدس لنا للتوبة وفعل ما يحثنا عليه من بر وخير ؟ .
+ ان الروح القدس يعمل من خلال الكنيسة واسرارها لتقديس أعضائها جاذباً اياهم للأيمان من كل أمة ولسان وجنس ، فيصيروا ابناء لله بالمعمودية ليولدوا من فوق { اجاب يسوع وقال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله.قال له نيقوديموس كيف يمكن الانسان ان يولد وهو شيخ العله يقدر ان يدخل بطن امه ثانية ويولد. اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح}(يو 3:3-6). الروح القدس هو الذى يقدس المؤمنين بالمسحة المقدسة وينعم عليهم بغفران خطاياهم بالتوبة والاعتراف مقدساً اياهم بالتناول فى توبة وتواضع ، ويشفى امراض نفوسنا واجسادنا وارواحنا بمسحة المرضى وهذا يقدس الزوجين ليصيرا جسدا واحداً فى كنيسة المسيح المقدسة ويهب السلطان لممارسة الاسرار فى سر الكهنوت .
+ الروح القدس هو نبع لا ينضب من الشبع والتقديس والفرح والسلام للمؤمنين وهو يريد ان يهبنا كل شئ بغنى { لاني اسكب ماء على العطشان و سيولا على اليابسة اسكب روحي على نسلك و بركتي على ذريتك} (اش 44 : 3) وهذا ما دعانا اليه السيد الرب يسوع المسيح { وفي اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي ويشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه} (يو 37:7-39). كما أخرج الرب قديما للشعب فى عطشه ماء من الصخرة هو قادر وسط صحراء الحياة القاحلة ان يهبنا شبعاً وارتواء ليس من أبار العالم المشققة بل من روحة القدوس انه ارتواء لا من غنى العالم وملذاته بل يحل ملكوت الله داخلنا فنتعزى ونتمتع بثمار الروح . ونقدم ذواتنا أوانى مقدسة لروح الله صارخين مع داود النبى { قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي} (مز 51 : 10). فيحل الله بالإيمان فينا { اما تعلمون انكم هيكل الله و روح الله يسكن فيكم (1كو 3 : 16) ونتقدس بفعل روحه القدوس اذ يشترك معنا فى كل عمل صالح ، وبقدر ما ننقاد لروح الله ونساله الحكمة والنعمة فانه يهبنا من مواهبه وثمارة من أجل بنيان نفوسنا والإخرين فيكون لنا فكر المسيح . نحمل صليبنا بفرح وتسبيح ونتبع مخلصنا الذى يقودنا فى الطريق وحتى ينقلنا الى الفردوس وملكوته السماوى فان الروح القدس سيقيم أجسادنا المائتة لنقوم باجساد نورانية روحية ممجدة { وان كان روح الذي اقام يسوع من الاموات ساكنا فيكم فالذي اقام المسيح من الاموات سيحيي اجسادكم المائتة ايضا بروحه الساكن فيكم}. (رو 8: 11) . الروح القدس إذاً هو مصدر حياتنا الروحية ونموّها المستمر، إلى أن يصل المؤمن الي السماء وينال النصيب الأبدي المعيَّن لأولاد الله.
اليك نصلى يالله القدوس..
+ روحك القدوس يارب الذى أرسلته على تلاميذك القديسين ورُرسلك المُكرمين .. هذا لا تنزعه منا أيها الصالح ، لكن جدده فى أحشائنا، روحاً مستقيماً ومُحيياً ، روح النبوة والعفة ، روح القداسة والعدالة والتدبير ، لانك انت هو ضياء نفوسنا وحياتنا وقداستنا .. قلباً نقياً أخلق في يالله وروحاً مستقيماً جدده فى أحشائي ، لا تطرحنا من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منا ، انظر الينا بعين الرحمة يا اله ابائنا لا تتركنا ولا تسلمنا لايدي أعدائنا . وكما كنت مع الرسل القديسين كن مع كنيستك وشعبك وامنحنا سلامك وخلص نفوسنا .
+ ياروح الله القدوس ، الينبوع الحي المُروي ، أروي ظمأ نفوسنا للمحبة والفرح والسلام ، وأمنحنا الإيمان الواثق بعملك فى نفوسنا وبيوتنا وكنيستنا وبلادنا لنحيا فى سلام وأمن ونعيش على رجاء القيامة ومكأفاة الأبرار . أقم يارب الساقطين وثبت القائمين ورد سبى أفكارنا وابنائك وبناتك لتفرح الأم الكنيسة وبنيها بعملك فيها وتتقدس كل نفسك جاذباً ايها الى شبكة المحبة الإلهية .
+ ياروح الله القدوس الهمنا الحكمة والأفراز والتمييز لنسلك كحكماء مفتدين الوقت فى الأيام الصعبة ، هبنا حكمة لنكون مستعدين لمجاوبة كل من يسالنا عن سبب الرجاء الذى فينا . وهبنا نعمة امامك لنصنع ارادتك المقدسة كل حين وامنحنا وداعة لنسلك بضمير صالح ومحبة بغير رياء ورجاء ثابت فى دروب الحياة ولنكن مستعدين ليوم الدينونة كابناء وبنات صالحين منقادين بك نحو الابدية السعيدة ، أمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق