الأربعاء، 1 نوفمبر 2017
أنتصارنا فى التجارب
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
التجارب في حياتنا ...
+ التجارب والضيقات تأتي علي كل الناس فكل الخليقة تئن وتتمخض { فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعاً إِلَى الآنَ} (رو 8 : 22). المشكلات والتجارب ليست دليل علي تخلي الله عنا، وعلينا أن نتعلم ونجاهد لكي نتغلب عليها ونواجهها وننتصر وننجح ونحقق نمونا الروحي ونجاحنا العملي. ونحن نسمع صوت الرب يسوع المسيح يقول لنا في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا اني قد غلبت العالم، السيد المسيح رئيس ايماننا قد جُرب وخرج منتصراً وهو قادر ان يعين المجربين.
+ العمل بجدية من طبيعة كل إنسان يريد أن يحصل على شيء ثمين. والحروب الروحية تعلم وتقوى المؤمنين وتنقيهم وتكللهم وبواسطتها ننمو روحيا ونتعلم الثبات في الرب. نصرتنا فى الحروب الروحية أكيدة أن تمسكنا بايماننا بالسيد المسيح الذى أنتصر وهو علمنا كيف نقاوم إبليس فيهرب منا. لقد جرب الشيطان معلمنا ومخلصنا الصالح بالأكل بعد الجوع ورغم أن أشباع جوعنا شئ طبيعي لكننا لن نشبعه بطاعة إبليس أو بطريقة غير مشروعه هكذا ليس خطأ أشباع حاجتنا للحب ولكن الخطأ هو أشباعه بشهوات وعلاقات خاطئة تقود للخطية والموت الروحي. لقد أنتصر السيد المسيح على حرب إبليس له بافكار العظمة والكبرياء عندما قال له ان يلقى بنفسه عن جناح الهيكل فى أبهار للناس بالمعجزات ولكن الرب أنتصر بالتواضع وأنكار الذات. وأخيراً حاربه الشيطان بترك الصليب ونهج الطريق السهل قائلاً: أعطيك ممالك الأرض كلها إن خررت وسجدت لي بدل أن تملك على قلوب البشر بالصليب. فانتصر الرب لنا وعلمنا ان لا نشتهي غرور وملك العالم بل نتطلع الي امجاد السماء مقدمين السجود والشكر لله.
المؤمن والأنتصار فى الحرب الروحية ... علينا أن ندرك أن إبليس عدونا يجول ملتمساَ من يبتلعه ويجب أن نقاومه راسخين فى الإيمان، فالنصرة أكيدة عندما نقاوم إبليس ونثبت فى كلمة الله ونلبس أسلحة الحرب الروحية ونصوم ونصلي طالبين الغلبة والنصرة من رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع الذى قال لنا {هذا الجنس لا يخرج إلاَّ بالصلاة والصوم}. أن الشيطان يعمل جاهدا إن يدخل طرق العالم حتى فى الكنيسة، ولدى مؤمنيها بمحبة المال، ويدخل المكر والدهاء لعقول البعض تحت اسم الحكمة، أو أن الغاية تبرر الوسيلة، أوالكذب الأبيض. الشيطان يطل علينا عن طريق التلفزيون والدش والنت فبدل أن يسمع الطفل صوت الترتيل والعبادة يسمع ويرى المناظر الخليعة واصبحنا محاصرين باغراءات العالم. والحق يقال أن شبابنا يحيوا وكانهم في جب الأسود فلابد ان يتحصنوا بالايمان وبالصوم والصلاة مع التواضع والصبر فدانيال سد أفواه الأسود بالصوم والصلاة. وبالصلاة والصوم علي المستوى الجماعي راينا كيف قبل الله توبة أهل نينوى ورحمهم وغفر لهم خطاياهم ورفع غضبه عنهم. وأولادنا في المدارس والجامعات يواجهوا حرب الإلحاد والانحراف الخلقي ودعوات ترك الإيمان المستقيم وعلينا أن نتقوى ونقويهم ونحصنهم ولا تفتر محبتنا لله. وفى ثقة بالله نلبس اسلحة الحرب الروحية القادرة بالمسيح يسوع على هدم حصون، وإخضاع كل فكر لطاعة المسيح.
التجربة على الجبل وتجارب المؤمنين؟
+ نتعرض فى حياتنا الي تجربة وحرب الشك في أبوة الله لنا {إن كنت ابن الله لماذا يتركك جائعاً؟ ولماذا يسمح الله بالمرض وبالفشل وبموت أحبائنا؟. ولماذا يتعرض المسيحيين للظلم والاضطهاد؟. لكن علينا ان نعي أن الطريق الي السماء ليس مفروش بالورود، ولم يدعونا الرب الي الطريق الرحب والسهل بل الي الطريق الضيق والكرب.{ بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله} (اع 14 : 22). رغم وعورة الطريق الروحي فان الله مهده لنا بل صار لنا السيد نفسه هو الطريق والحق والحياة ووعدنا أنه سيكون معنا كل الأيام والي أنقضاء الدهر.
لقد صام المسيح عنا أربعين نهارًا وأربعين ليلة وقد سمح للشيطان أن يجربه وأنتصر، وقد أورد الإنجيل عينات من هذه التجارب تجربة الخبز وتجربة مجد العالم وتجربة إلقاء المسيح نفسه من على جناح الهيكل وقد أنتصر الرب في كل التجارب وكسر شوكة الشيطان عنا واستخلص لنا بصومه المقدس نصرة على جميع سهام الشرير الملتهبة نارًا. أن للتجارب الروحية مداخلها ومنها مدخل الجسد واحتياجاته وعلينا ان نتحصن بالشبع بكلمة الله. والله فى محبته لنا لن يهمل أحتياجاتنا بل يشبعها بطريقة روحية ويقدس الجسد والنفس والروح. وقد يأتى الينا الشيطان بحروب الذات والكبرياء ولكن ننتصر بالتواضع والأنسحاق وطلب العون من السماء وأنكار الذات ليختفى المؤمن فى المسيح يسوع. أما مدخل المادة والممتلكات وبريق العالم الخادع فيحتاج منا الى حياة الغربة والتجرد والتطلع الي غني ملكوت الله. السيد المسيح الذى صام عنا ومن أجلنا والذى خرج منتصرًا على كل تجارب العدو قادر أن ينتصر بنا أيضا مادمنا ثابتين فيه.
الانقياد لروح الله......
+ لقد كانت التجربة على الجبل فى حياة السيد المسيح بعد المعمودية مباشرة بعد أن جاء صوت الآب من السماء شاهدًا {هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت} وبعدما حل الروح علي الرب يسوع المسيح بهيئة جسمية بشكل حمامة. كما أننا بعد المعمودية نصير أبناء لله بالتبني. ويجب أن ننقاد لروح الله لنصير أبناء لله حين نقبل نعمة البنوة ونتحد مع المسيح بشبه موته وننال نعمة الروح المعزي ونجاهد بالصلاة والصوم ونطيع الروح القدس ونسلم له حياتنا ليرشدنا ويعلمنا. والذين ينقادوا بروح الله فهولاء هم ابناء الله. الروح القدس هو الذي يرشدنا إلى جميع الحق، يعلم وينصح ويعزي ويشفع فينا بأنات لا ينطق بها ويأخذ مما للمسيح ويعطينا ويذكرنا بكل ما قاله السيدالمسيح. فإن كان الإنسان ينقاد بالروح في العمل والكلام ويسلك بالروح ولا يطفئه بل يطيعه يستطيع أن ينجو من حيل إبليس وينتصر فى التجارب ويعبر الضيقات لان الله معه
+ التجارب في حياة أولاد الله حتمية ولا مفر منها ولكن عندما ننحاز إلى المسيح ونجحد الشيطان وكل قواته الشريرة وكل نجاساته وكل حيله الردية والمضلة فاننا ننتصر ، فبعد أن خرج الشعب مع موسى من أرض العبودية واعتمدوا جميعهم في البحر الأحمر صارت الحرب مع عماليق. وبعد أن استعلن المسيح ابن الله بصوت الآب وحلول الروح القدس فقد شن إبليس الحرب الحرب عليه حتى على الصليب قال له { ان كنت أبن الله خلص نفسك} إذن التجربة نتيجة طبيعية لالتصاقنا بالمسيح واتحادنا معه ودخولنا إلى شركة معه وفيه بالروح القدس.
+ لم تخلو حياة أحد من القديسين على مر العصور من التجارب { جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يضطهدون} (2تي 3 : 12). فالرسل الأطهار كم قاسوا من التجارب والتشريد والحبس والسجون الاضطهادات والضيقات والأحزان. ولكن في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. وهكذا الشهداء والأبرار الصديقين والنساء سكان البراري ورجال الإيمان والآباء، كم قاسوا وحملوا الصليب وتجربوا وطافوا معتازين مذلين ولم يكن العالم مستحقا لهم لكن بصلواتهم أنتصروا وأستمطروا مراحم الله علي العالم كله.
+ أن النصرة في المسيح وبالمسيح أكيدة. فالمسيح سحق الشيطان وبالصليب أشهرهم جهارا ظافرا بهم. رجع الشيطان مكسورًا مهانًا مذلولاً خائبًا وقال لنا رئيس هذا العالم آت ولكن ليس له فى شئ، والتمسك بالمسيح والحياة فيه، يهبنا النصرة ووعد المسيح قائم أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو الشرير. وهكذا ندرك أنه مهما طالت التجارب وتنوعت فان الغلبة النهائية هي لحساب المسيح. وما يبنيه الشيطان في سنين فان السيد المسيح يهدمه بكلمة، لأن ابن الله قد جاء لكي ينقض أعمال إبليس. وهكذا يدخل أبناء الله التجارب وهم حاملون للنصرة في داخلهم كتلميذ يدخل الامتحان مستعد للأمتحان فلا يخاف {ثقوا أنا قد غلبت العالم}. لقد أدرك القديسين أن النصرة ليست بقوتهم ولا بذراع البشر، ولا اعتمدوا على عملهم ولا على قدرتهم بل على الله وحده. فكانت لهم الغلبة والنصرة على الشيطان وكانوا يزدادون اتضاعًا وإنكارًا لذواتهم ويزدادون ثقة في الله الذي يقويهم {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني}. ومهما حدث للمؤمن فلا يجب ان يستسلم بل عليه ان يتمسك بالرجاء وأن سقط عليه إن يقوم سريعا مقدما توبة صادقة لله الذى يقبل التائب ويقول من يقبل اليّ لا أخرجه خارجا.
التجارب وفوائدها فى حياة المؤمن...
+ أننا نصلي ونطلب من الله أن لا يدخلنا فى التجربة وأن ينجينا من الشرير لاسيما أن كانت التجربة تعثرنا أو تضعف إيماننا أو تبعدنا عن الله. لكن علينا أن ننظر إلى التجارب التي يسمح بها الله كنعمة وليس كنقمة وهى فرص للنمو الروحي والأنتصار لأن لها بركاتها الكثيرة ومنها إحساس المؤمن بوجود يد الله معه فى تجاربه وشعوره بالأكثر بالفرح، بعد أنقضائِها فعلاً ، وشكره لله عليها. التجربة تذيد المعونة والتعزية للنفس المتألمة ظلماً ، كما قال القديس بولس { لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذَلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضاً} (2كو 1 : 5). { عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي }(مز 94 : 19) التجارب تُعلم المؤمن الصابر فضائل كثيرة ، وتُشعر المؤمن بضعفه ، فلا يفتخر بعمله، أو بجهاده الروحى {إن خفة ضيقتنا الوقتية ، تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقَل مجد أبدياً } ( 2 كو 4 : 17 ) . وكما قال القديس مار إسحق السريانى ( التجارب أبواب للمواهب).
+ للتجارب بركاتها فى الأبدية ( رو 8 : 17 ) ، ( أع 14 : 222 ) فمقدار المكافأة يكون حسب صبر الإنسان على احتمالها ، وعدم تذمره عليها. وعلينا في التجارب أن نتمسك بوعود الله بإنقاذ الأتقياء وأن نصلى بروح التواضع محاربين بكل اسلحة الحرب الروحية ومنها الإيمان والتمسك بكلمة الله والصلاة والصوم والتواضع { لانك حفظت كلمة صبري انا ايضا ساحفظك من ساعة التجربة العتيدة ان تاتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الارض (رؤ 3 : ه 10). لقد سمح ليوسف الصديق بالتجارب وحسده أخوته وباعوه عبد، وفى مصر أتهم ظلما من زوجة فوطي فار وسجن ولكن الله كان معه فكان رجلا ناجحا وحفظه الله ورفعه وأنقذ به مصر وأهله من المجاعة ومنحه حكمة ونعمة. في الضيقات والتجارب نري إمانة الله ، وبُطلان التعزيات الأرضية، ونتعلم أهميته التوبة والسهر الروحي والجدية، وعدم التعلق بالعالم وشهواته
يقول القديس مارإسحق السريانى : ( إن كنا أشراراً ، بالأحزان نؤدب وإن كنا أبراراً بالأحزان نُختبر ). وقال أب قديس آخر : ( عندما تأتينا التجربة ، يكون لنا : شعور أما بالفرح ، لأننا نسيرفى طريق الله الضيق ( المؤدى للملكوت ) ، أو شعور بالحزن ، لئلا تكون التجربة بسبب غلاظة القلب فينا ) .
+ أننا نصلي ونطلب من الله الذى جاء الي أرضنا وتجسد من أجل خلاصنا وشابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها، وجُرب وأنتصر علي إبليس وقام ووهبنا النصرة علي الخطية والضعف والموت والشيطان وقواته أن يقودنا فى موكب نصرته ويعيننا على خلاص نفوسنا ويظهر بنا رائحة الذكية، أمين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق