للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أهمية المياة للحياة
+ الماء ضروري للحياة وأستمرارها وبدونه لا توجد حياة ومع أذدياد النمو السكاني تذداد الحاجة الي المياة وترشيدها ومن هنا نري الصراع حول مصادر المياة عبر العصور، ويصبح ترشيد أستخدام المياة ضرورة فى عالم اليوم لأهميته لحياة الإنسان والحيوان والنبات في كل مجالات الحياة. كما أنه ليس كل المياة صالحة للشرب بل المياة العذبة فقط والتي لا تتلوث بالمواد الكيماوية أو النفايات أو غيرها من أسباب التلوث ولهذا فان المياة الجارية الحية والنظيفة هي التي تسد حاجة الانسان للشرب سواء مياة الأنهار أو عيون المياة المعدنية أو الأبار أو تجميع مياة الأمطار وأستخدامها في الشرب أو الزراعة أو الصناعة .
+ لهذا ليس من المفاجئ أن تحتل المياه أهمية كبيرة في استراتيجيات أمن الدول، فهو سلاح يستخدم لإغراق الطرف الآخر أو لحرمانه منها منذ القدم كما راينا الخلاف علي آبار المياة بين رعاة ابو الأباء ابراهيم ورعاة الفلسطينين في بئر سبع قديما، وفي الصين وتحديدا في حقبة سلالة مينغ كسر الحكام حواجز النهر الأصفر قرب العاصمة كايفينغ لمنع الفلاحين من السيطرة عليها ما أغرقهم مع المدينة .واستخدمت داعش حديثا السيطرة على سدود في العراق وسوريا، مهددا مرارا بتدميرها وإغراق ملايين السكان وعشرات المدن . لقد جري عبر التاريخ أكثر من 400 اشتباك وتحرك عسكري يخص المياه منذ العام 3 آلاف ما قبل الميلاد حسب بعض المعاهد المتخصصة بقضايا المياه وبين العام 2000 و2017 كان هناك 222 تحركا عسكريا بهدف السيطرة على موارد المياه أو تدميرها، منها 123 عملا عسكريا شهدتها منطقتا الشرق الأوسط وإفريقيا. ويقول بعض الخبراء إن العالم مقبل على حروب مياه مستقبلية بسبب سرعة النمو السكاني وغياب الاستهلاك بطرق مستدامة أوعدم وجود أتفاقات منظمة لحل الخلافات والنزاعات. من هنا نري سعي مصر الدؤوب للاتفاق مع أثيوبيا والسودان علي ملء سد النهضة والحفاظ علي مياة النيل لسد حاجتنا للمياة مع حصول كل بلاد حوض النيل علي حقوقهم في التنمية والنمو وتوليد الطاقة.
+ وأعتاد اليهود قديما في أسبوع عيد المظال أن يتركوا بيوتهم في ويقيموا في مظال مؤقتة لمدة أسبوع ليتذكروا أنهم غرباء ونزلاء في هذا العالم. وخلال تلك الأيام كانوا يحضرون ماء من بركة سلوام في إناء ذهبي ويسكبه رئيس الكهنة أمام الشعب، ليعلن أن من كان عطشانًا فليقترب ويشرب. كان ذلك إشارة إلى الصخرة التي كانت تفيض ماء على الشعب في البرية والصخرة كانت تشير الي السيد المسيح المروي للنفس والروح والجسد. في هذا اليوم الأخير من العيد وقف السيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم وأسقف نفوسنا ليقدم نفسه ينبوع مياه يفيض بالمياه الحية في أعماق نفوس المؤمنين، سائلاً إياهم أن يشربوا بفرحٍ من آبار الخلاص قائلا لهم { « إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هَذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ }( يو 37:7-39).
أشباع حاجاتنا الروحية
+ بقدر أحتاج الإنسان الي الماء فان روحه تحتاج الي الإيمان والأرتواء الروحي والشبع بالله . ونحن في حاجة ماسة في هذة الأيام الي حياة الشبع الروحي والأرتواء والسعادة، في عصر يزداد فيه الجوع والقحط الروحي وعدم الشبع الروحي النفسى والعاطفى والمادى. وكما يقول أحد القديسين أننا خلقنا علي صورة الله ومثاله وستظل نفوسنا قلقة حائرة لا تجد راحتها الأ في المسيح. فكيف نحصل علي الشبع والأرتواء الروحي في حياتنا وينعكس ذلك علينا في كل مجالات الحياة.
المسيح المروي والمشبع
+ الإنسان بئر من الرغبات تحتاج الى الاشباع ، ويسعى كل منا الى حياة الشبع الروحى والعاطفى والنفسى والى الاحساس بالأمن والأمان والمحبة ولكن لن يشبع النفس ويغيرها للأفضل الإ محبة الله المشبعة والمحررة والمغيرة التى تعطينا الشبع الروحى والسعادة ، نعم كل من يشرب من أبار هذا العالم المشققة التى لا تضبط ماء يعطش ايضاً، هذا ما عاشته المرأة السامرية وهى تريد الشبع فى علاقتها مع عدة رجال وقاله لها السيد{ اجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا. ولكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية} (يو 13:4-). لقد التقت السامرية بالمسيح المشبع فتركت جرتها عند البئر كرمز لشهوات العالم وذهبت تعلن عن المسيا المخلص لأهل السامرة. وتغيرت من امرأة تجادل فى حرفية الناموس والعبادة الى إنسانه تعبد الله بالروح والحق { الله روح والساجدين له بالروح والحق ينبغى ان يسجدوا} يو42:4. أن النفس الشبعانة بالمسيح تدوس عسل العالم ومتعه الزائلة والنفس البعيدة عن الله تتمرر بما فى العالم من خطايا {النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو}( ام 27 : 7) فلنطلب من الرب ان يجعل نفوسنا ممتلئه بالايمان وشبعانه من محبة الله وكلمات فمه وعمل نعمة روحه القدوس فينا.
+ ان كل من تقابلوا مع السيد المسيح المشبع، وقبلوه واعطوه قلوبهم تغيروا وتحرروا وشبعوا وعاشوا سلام المسيح الذى يفوق كل عقل .هكذا تقابلت مريم المجدليه مع المخلص فاخرج منها سبعة شياطين لتتحول الى مبشرة بالقيامة للجميع حتى أمام الأمبراطور. وتقابلت مريم المصرية مع محرر الخطاة فتحولت الى مريم المصرية القديسة السائحة. وهذه النعمة الغنية تنتظرنى وتنظرك لتروينا وتحررنا وتغيرنا للأفضل، هى نعمة غنيه تعمل مع الجميع لياتوا الى الله ويشهدوا لمحبته، وسيبقى المخلص فاتحا ذراعيه قائلاً { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم} (مت 11 : 28) .
+ كثيرين مما نظن انهم سعداء بمتع العالم وشهواته، يشتهون النوم ولا يجدونه ويطلبون السلام ويبتعد عنهم، ويودون الراحة ولا يجدون الا الشقاء وحقا قال الكتاب لا سلام للأشرار. والا فلماذا انتحرت مارلين منرو، والفنانه الشهيرة داليدا وكرستينا أوناسيوس، ابنة الملياردير اليوناني صاحب الجزر والأساطيل البحرية والطائرات والمليارات، الذي كان يعد من أكبر أثرياء العالم. ولأن كريستينا وريثته الوحيدة فقد ورثت عن أبيها كل ثروته الهائلة، إلا أن ذلك لم يحقق لها السعادة التي تبحث عنها، فقد تزوجت عدداً من المرات، وكان زواجها الأخير من أحد الشيوعين، حيث سئمت حياة الترف والثروة، وذهبت لتعيش مع زوجها في منزل متهالك في أحد أحياء موسكو الفقيرة، إلا أن الفشل لاحقها في هذا الزواج أيضاً، ففارقت زوجها بعد أن أصيبت باكتئاب مزمن وحزن مرضي متصل، ولم تستطع الثروة والمال أن تحقق لها أبسط معاني السعادة الإنسانية، وأقل درجات الرضا والطمأنينة، فقررت الانتحار ووجدت ميتة على أحد السواحل الأرجنتينية، بعدما ابتلعت عدداً كبيراً من الحبوب المنومة، وكان عمرها آنذاك سبعة وثلاثين عاماً فقط، ان الحياة بدون علاقة روحية سليمه مع الله تبتدى بالتوبة وتنمو الى القداسة والاتحاد الروحى به هى حياة تفتقر الى السلام والسعادة والشبع .
+ غني حكمة الله ... عندما تراءى الله لسليمان الحكيم قديما سائلا أياه ماذا يطلب منه؟ فماذا طلب سليمان الحكيم {اعطني الان حكمة ومعرفة لاخرج امام هذا الشعب وادخل لانه من يقدر ان يحكم على شعبك هذا العظيم} (2أخ 10:1 ). {فقال الله لسليمان من اجل ان هذا كان في قلبك ولم تسال غنى ولا اموالا ولا كرامة ولا انفس مبغضيك ولا سالت اياما كثيرة بل انما سالت لنفسك حكمة ومعرفة تحكم بهما على شعبي الذي ملكتك عليه ، قد اعطيتك حكمة ومعرفة واعطيتك غنى واموالا وكرامة لم يكن مثلها للملوك الذين قبلك ولا يكون مثلها لمن بعدك} (2اخ 1 : 11-12). في المسيح يسوع مذخر لنا كل كنوز الحكمة والعلم. فهل نقترب اليه وهو يدعونا ان ننهل مجانا ونمتلئ بكل حكمة روحيه، ونكون حكماء لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، لنعلم يا أحبائي انه ليس بالخبز وحده يحيا الأنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. ان غني الإيمان بالله والسلام المرافق له لا يمكن ان نحصل عليه بأي اموال{ طوبى للانسان الذي يجد الحكمة وللرجل الذي ينال الفهم} (ام 3 : 13). سعيد هو الأنسان الحكيم الذى يرتوي ويشبع لا بحكمة أهل هذا العالم التي تتميز بالمكر والدهاء بل الحكمة التى من السماء، من فيض روح الله القدوس { واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء}. (يع 3 : 17).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق