الإصغاء لصوت الله (1)
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ ما أحوجنا وسط غزارة الكم الهائل من الأصوات والمعلومات والأخبار من مختلف وسائل الإعلام والميديا والصراعات الفكرية من حولنا أن نسمع ونصغي لصوت الله في حياتنا وخصوصا للشباب الذي يريد أن يضع قدميه على طريق النجاح العملي أو الدراسي أو الوظيفي أو الارتباط بشريك الحياة أو فى ظروف الحياة واتخاذ القرارات لاسيما أن هناك أصوات كثيرة حولنا منها أصوات الأصدقاء أو الإغراءات المادية أو المالية أو الشهوات أو صوت الذات وأطماعها كما حدث مع الغني الغبي الذي سمع بذاته ولذاته وأنانيته وكما حدث مع حواء حين سمعت لصوت الشيطان وكسرت وصية الله (تك 3 :1 ).
+ اننا نؤمن ان الله اله حي وقريب منا يسمع صلواتنا و يستجيب لطلباتنا ويحبنا ويسعى لاقامة علاقة حية مشبعة معنا فلهذا علينا أن نقيم معه عشرة وصداقة روحية ونرجع إليه ونصغي لصوته ولا نبتعد عنه. نقيم معه حوار حى وصريح ومباشر ؟. نتحدث اليه ونستمع الى صوته الهادئ الوديع وهو يقترب الينا ويحل بالإيمان في قلوبنا هوذا الله يدعونا الى الاصغاء اليه وذلك لسلامنا ونجاحنا وتوفيقنا وها هو يقول لنا { ليتك أصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} (أش 17:48). أننا بدون الله لا نستطيع شئ وبالإيمان نستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينا ويكون معنا { هنذا واقف على الباب واقرع ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي} (رؤ 3 : 20). الله يريد أن نسمع لصوته كما يريدنا أن نسمعه صوتنا { يَا حَمَامَتِي فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ فِي سِتْرِ الْمَعَاقِلِ. أَرِينِي وَجْهَكِ. أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ} (نش 2 : 14). أنه يريد أن يقيم معنا حوار حتى فى ضعفنا وخطايانا لنتوب و يغفرها لنا { هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ} (اش 1 : 18)
+ علينا أن نصادق الله ونسمع صوته ونستجيب لمحبته وتكون حياتنا على الأرض هي رحلة صداقة ومسيرة حب معه وكما سار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله اخذه { وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله اخذه} (تك 5 : 24) وكما كان ابو الاباء ابراهيم قديما يسير مع الله والله يعلن له عن أسراره ويتناقش معه { فقال الرب هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله. وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض. لاني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي ياتي الرب لابراهيم بما تكلم به} (تك 17:18-19). الله يفرح باستماعنا إليه و تجاوبنا مع محبته، كأب صالح يريد أن يسمع أبناءه صوته ويحبونه ويأتون إليه يقدمون له الشكر ويطيعونه ويصنعون أرادته { فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش}(1صم 15 : 22). ان الله ليس عنا ببعيد بل هو قريب ، وأقرب إلينا من الدم فى الوريد . لأن الله روح والساجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا. وهو يريد أن يفرح بنا فرح العريس بالعروس، ويدعونا أن نأتي إليه ونتعلم منه ونرتوى من ينابيع محبته ونشبع . لقد وعد وهو أمين أن من يحبه ويحفظ كلامه فإنه يكون محبوبا لديه ويصبح قلبه مسكناً لله { أجاب يسوع وقال له ان احبني احد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا} (يو 14 : 20).
+ إن الأستماع لصوت الله وطاعته يأتي علينا بالبركة والخير والنجاح { هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ} (اش 55 : 11) {ان سمعت سمعا لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه التي انا اوصيك بها اليوم يجعلك الرب الهك مستعليا على جميع قبائل الارض. وتأتي عليك جميع هذه البركات و تدركك اذا سمعت لصوت الرب الهك . ولكن ان لم تسمع لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التي انا اوصيك بها اليوم تاتي عليك جميع هذه اللعنات و تدركك. وتأتي عليك جميع هذه اللعنات وتتبعك وتدركك حتى تهلك لأنك لم تسمع لصوت الرب الهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التي اوصاك بها} (تث 28-1،2- 44،45) هكذا أمر الله يشوع النبي بعد موت موسى قائلاً { إِنَّمَا كُنْ مُتَشَدِّداً وَتَشَجَّعْ جِدّاً لِتَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا مُوسَى عَبْدِي. لاَ تَمِلْ عَنْهَا يَمِيناً وَلاَ شِمَالاً لِتُفْلِحَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ. لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ, بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَاراًوَلَيْلاً لِتَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ. أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ.} ( يش 7:1-9).
+ يدعونا السيد المسيح فى العهد الجديد أن نأتي إليه بهمومنا وأثقالنا ويعدنا بالراحة والسلام { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ } ( مت 28:11-30). ويعطي الله الطوبي والسعادة لكل من يسمع ويقرأ كلامه ويعمل به { طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ }(رؤ 1 : 3). ويحثنا الله أن تكون لنا الأذن الروحية التي تسمع وتعمل بكلامه { وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَراًمِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هَذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!} (لو 8 : 8). ومن الواجب إن نفتح آذاننا لسماع أقوال الله لكي نخلص بها. أن الغاية التى نضعها فى اهتمامنا الاول هي سماع صوت الله وكلامه {من له أذنان للسمع فليسمع}(مت 15:11 ). وفي سفر الرؤيا كرر الرب أمره للكنائس السبع بقوله: {من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس} (رؤ 7:2). يجب أن يكون الإنسان حريص أن يفتح أذنيه أو إغلاقها بحكمة و إفراز وتمييز لأن الإذن من الأبواب الهامة التى تدخل منها المؤثرات إلى حياتنا. ونقصد بالأذن الروحية ليس فقط الأذنين بل الإنسان الداخلي والبصيرة الروحية والفهم القلبي الذى يسمع صوت الله ويستجيب له { أيها العطاش جميعاً هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن. استمعوا لي استماعاً وكلوا الطيّب ولتتلذذ بالدسم أنفسكم. أميلوا آذانكم وهلمّوا إليً اسمعوا فتحيا أنفسكم واقطع لكم عهداً أبدياً مراحم داود الصادقة} ( أش 1:55-3). أن إنذارات الله لنا يجب أن نصغي لها ونعمل بها { كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم} (يع 22:1). فلنكن مستعدين أن نسمع ونعمل لتكون لنا البركات التي تتضمنها كلمة الله {من يحول أذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضاً مكرهة} (أم 9:28). ما دمنا في هذا العالم فالمجرب موجود ويحاول أن يقنع الشخص ليفتح له الباب ومن واجبنا أن نكون حريصين لنبقي أبواب حواسنا وفكرنا مقفلة في وجهه حتى لا يتمكن من الدخول إلى القلب ونطيع الكلمة الإلهية القائلة: {لا تعطوا إبليس مكاناً}(أف 27:4). علينا أن نسد آذاننا الروحية لكي لا تخدعنا أنغام مغريات الدنيا فتقودنا إلى الهلاك. وواجب علينا أن نميز صوت الله من بين الأصوات التي نسمعها ويكون لنا الحكمة والتمييز بين الغث والثمين, حتى الحيوانات التى لا تفهم مثلنا، تميز صوت راعيها وتعرفه فتتبعه ولا تتبع الغريب، فكم بالأحرى نحن الخليقة العاقلة يجب أن نميز صوت راعينا السماوي لكي نتبعه دون سواه، فنكون خرافة الخاصة { خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني} (يو 27:10).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق