للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
{ أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.} (يو 6:14)
(1) المسيح طريقنا الى السماء ...
+ يسوع المسيح ربنا هو الطريق ... هذا هو جواب السيد المسيح على من يتساءل أين هو الطريق الذي سنذهب فيه؟. إن يسوع بذاته هو الطريق لنا الى السماء بتعاليمه ومثاله بفدائه وتمهيد الطريق لنا للسماء بصعوده كسابق لأجلنا فهو الذي تنبأ عنه إشعياء النبي قائلاً : { وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة لا يعبر فيها نجس بل هي لهم من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل. لا يكون هناك اسد وحش مفترس لا يصعد إليها لا يوجد هناك بل يسلك المفديون فيها. ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح أبدي على رؤوسهم ابتهاج وفرح يدركانهم ويهرب الحزن والتنهد } (إش ٣٥: ٨–10). المسيح يسوع ربنا هو الطريق الذي إذ ندخله ندخل إلى الآب دون أن نخرج من الابن، لأن الابن في الآب، هكذا باتحادنا مع الابن ننعم بالاتحاد مع الآب. إذ يقدم نفسه الطريق والحق والحياة لا يفصل بينهم، لأنه هو الكل لنا. هو الطريق، نؤمن به فنثبت فيه وهو فينا لينطلق بنا إلى حضن الآب، وهو الحق بروحه ينير أعماقنا ونكتشف الأسرار الإلهية الفائقة المعرفة، وهو الحياة إذ نقبل حياته حياة ممنوحة لنا. بهذا نتمتع بالدخول إلى الآب والتعرف عليه والتمتع به.
+ من صلاح الله أنه يعلم الخطاة الطريق للتوبة والحق والحياة { الرب صالح ومستقيم لذلك يعلم الخطاة الطريق} (مز 25 : 8). قديما أرسل لشعبه ملاكا ليحفظهم فى الطريق المستقيم { هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلاَكاً أَمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ وَلِيَجِيءَ بِكَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَعْدَدْتُهُ. اِحْتَرِزْ مِنْهُ وَاسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلاَ تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ لاَ يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ لأَنَّ اسْمِي فِيهِ. وَلَكِنْ إِنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ أُعَادِي أَعْدَاءَكَ وَأُضَايِقُ مُضَايِقِيكَ. فَإِنَّ مَلاَكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ} (خر20:23-23). وظلل عليهم من حر الشمس نهارا واضاء لهم الطريق ليلا { انت برحمتك الكثيرة لم تتركهم في البرية ولم يزل عنهم عمود السحاب نهارا لهدايتهم في الطريق ولا عمود النار ليلا ليضيء لهم في الطريق التي يسيرون فيها (نح 9 : 19). ولقد أطلق على المسيحيين قديما اسم " أتباع الطريق" لاتباعهم السيد المسيح { ولكنني أقر لك بهذا انني حسب الطريق الذي يقولون له شيعة هكذا اعبد اله ابائي مؤمنا بكل ما هو مكتوب في الناموس والانبياء}(اع 24 : 14).
+ مهد لنا السيد المسيح الطريق الي السماء بدمه الطاهر واصبح لنا ثقة بالدخول الى الاقداس { فاذ لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الاقداس بدم يسوع. طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة اجسادنا بماء نقي. لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو أمين.} (عب 19:10-23). وصار هو الطريق الوحيد الموصِّل للآب بإستعلان الآب فيه ولا يستطيع أحد أن يأتي إلى الآب إلاّ به. ، فالمسيح طريقنا في حياتنا اليومية وآلامنا حتى فى السير فى الطريق الضيق وبدونه نضل ونهلك { ادخلوا من الباب الضيق لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه} (مت 7 : 13). فلقد سبق واختبر السيد الرب الآلام والموت وهو قادر أن يعين المجربين وقام المسيح وصعد للأقداس السماوية ليصعدنا معه ومن يثبت فيه يقدر أن يواجه ضيقات العالم مهما كانت صعوباتها. لقد صحح السيد المسيح مفهوم توما، فأعلن له أنه هو الطريق الوحيد الذي يقودهم إلى الآب وإلى السماء والحياة الأبدية.المسيح حياتنا ولا حياة حقاً الأ به وفيه ومعه. وهو الطريق الذي به نشعر بأبوة الله لنا. المسيح يسوع ربنا هو الطريق، نؤمن به فنثبت فيه وهو فينا وينطلق بنا إلى حضن الآب.
(2) معرفة الحق والثبات فيه....
+ المسيح هو الحق الثابت الذي لا يتغير. الإنسان بسبب الخطية فقد معرفة الله أما المسيح فهو الوحيد الذي يعرف الآب وواحد معه فى الجوهر فهو لا يُعَلِّمْ الحق عن الله، بل هو الحق الكامل المطلق الذى ليس فيه ذرة بطلان ولاشك بل هو يبدد كل ما هو باطل وما هو خطأ. فالمسيح هو الذي أعلن الحق، أعلن الله و عرف العالم به في شخصه فهو الإبن الكلمة وهو الذي شهد للحق (يو 37:18) وبه نعرف الحق { وتعرفون الحق والحق يحرركم} (يو 8 : 32). فإن كان الناموس بموسى قديما قد أعطي فإن النعمة والحق في المسيح يسوع قد صارا { لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا} (يو 1 : 17). فالذي يعرف المسيح يعرف الله الآب. والمسيح هو الحق معلناً في قداسته ومحبته. المسيح هو الحق الذي ينبغي أن نؤمن به ونشهد له حتى الموت. هو أظهر الحق بأقواله وأعماله. المسيح هو الأزلي والدائم للأبد والذي يعطي فرحاً حقيقياً وثباتا وحياة للمؤمنين به. وهو القادر ان ينير أعماقنا ونكتشف الأسرار الإلهية الفائقة المعرفة.
+ لقد وقف السيد المسيح أمام بيلاطس الوالي وقال له: { لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي. قال له بيلاطس ما هو الحق؟} (يو18: 37، 38). كثيرون يتساءلون عن الحق وآخرون يدّعون أنهم يملكون معرفة الحق. والبعض يطالب بالحق أو يبحثون بجدية عن الحق. البعض يزيّف الحق بهدف تأكيد ما تصوروا أنه هو الحق. لقد جاء السيد المسيح ليعرفنا الحق { ونعلم ان ابن الله قد جاء واعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الاله الحق والحياة الابدية} (1يو 5 : 20) ويجب علينا أن نسمع للحق ونثبت فيه من أجل خلاصنا{ الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). بطاعتنا للحق تتقدس نفوسنا (1 بط 1: 22). ونثبت في الحق الحاضر، في انتظار الظهور المجيد لربنا يسوع المسيح (2 بط 1: 12)..
+ بعدما أكمل الرب يسوع المسيح رسالته الخلاصية وعدنا بمجيء روح الحق، الروح القدس وحلوله على المؤمنين به وشهادة الروح القدس للمسيح وهو الذي يرشد المؤمنين إلى معرفة كل الحق وتعليمهم وثباتهم فيه ولما كان دور الروح القدس أن يقود البشر إلى فهم حقيقة الإيمان، فهو أيضاً يدعى " روح الحق " (1 يو 5: 6). وقال عن الروح القدس { متى جاء ذاك، روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق} (يو16: 13). الروح القدس هو الشاهد للمسيح في الكنيسة. وعلينا أن نجاهد ونصلي لنبقى ثابتين فى الحق وإلى التحرر من الخطيئة والشيطان والعبودية للشهوات بقوة الحق والسلوك فيه والانقياد له وتقديس أنفسنا به ونشر رسالته الخلاصية كما يحق لإنجيل المسيح. فنعرف الحق الذي يوحي به الآب ويقوم في المسيح يسوع ربنا ويضيء بالروح القدس. ونتحرر من كل خطية وجهل ومن العبودية للشيطان أو الخوف من الموت لنصير أحرار بالمسيح يسوع ربنا.
(3) المسيح حياتنا....
+ المسيح هو رئيس الحياة وملك الدهور وفيه الحياة الحقيقية وهو يمنحنا الحياة الأفضل علي الأرض ويهبنا الحياة الأبدية، لقد مات المسيح على الصليب ليفدينا ويعطينا حياته فهو وهب لنا الحياة بموته وقيامته ويقودنا بروحه القدوس بعد أن حكم علينا بالموت نتيجة للخطية والتعدي. لقد جلبنا على أنفسنا حكم الموت لكن المسيح الحي والمحيي أتى ليعطينا حياة فلا يموت من يؤمن به بل ينتقل الى الحياة الابدية بانتقاله من هذا العالم. المسيح حياتنا { لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح }(في 1 : 21).
+ الإنسان البعيد عن الله أو الخاطئ هو إنسان ميت روحيا حتى وان كان حي من أجل ذلك قال السيد المسيح عن الابن الضال عندما رجع { لان ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد فابتداوا يفرحون} (لو 15 : 24). وقال عن إحدى ملائكة الكنائس السبع { واكتب الى ملاك الكنيسة التي في ساردس هذا يقوله الذي له سبعة أرواح الله والسبعة الكواكب انا عارف اعمالك ان لك اسما انك حي وانت ميت }(رؤ 3 : 1). الخطية عقوبتها الموت والتوبة نتيجتها حياة { إذا رجع الشرير عن شره الذي فعل وعمل حقا وعدلا فهو يحيي نفسه. رأى فرجع عن كل معاصيه التي عملها فحياة يحيا لا يموت.} ( حز 27:18-28). إيماننا بالله ومحبته المعلنة فى أبنه يدخل بنا إلى الحياة الأبدية { لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية }(يو 3 : 16). كما ان كلام الله فى الكتاب المقدس يعطي حياة وتقديس ونقاوة للمؤمنين { الكلام الذي اكلمكم به هو روح وحياة }(يو 6 : 63). { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله} (لو 4 : 4).
+ أعطانا السيد المسيح سر الأفخارستيا لكي نتناول منه ونثبت فيه ونحيا به فهو الخبز الحي النازل من السماء { مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. من يأكلني يحيا بي} ( يو 54:6-57). المسيح هو الطريق الذي نثبت فيه لنصل به إلى الحياة ويكون معنا كحق نشهد له في جهادنا. كل طريق غيره ضلال وكل حق سواه باطل وكل حياة عداه موت. بدون الطريق لا تقدم ولا مسير وبدون الحق لا معرفة وبدون الحياة يوجد الموت. هو الطريق الذي علينا أن نتبعه والحق الذي علينا أن نؤمن به والحياة التي نسعى لنوالها. وليس أحد يأتي للآب إلاّ بالمسيح. أن هدف التجسد هو خلاص الأنسان وصوله وصلته إلى الله الآب . المسيح يسوع ربنا هو الحياة، نقبل حياته كحياة ممنوحة لنا بالحب والتبني و الإيمان العامل بالمحبة ونتمتع بالدخول إلى الآب والحياة معه إلى الأبد، أمين.
نصلي الى الله ليقودنا...
+ نشكرك يا الله الآب ضابط الكل الذى أحبنا فخلقنا وأراد لنا الحياة وأنار لنا الطريق لمعرفته والنمو فى محبته والثبوت فيه ولما سقط الإنسان بغواية الحية فقد دبرت خلاصنا وكلمتنا بالآباء والناموس والأنبياء ثم أعلنت لنا محبتك بابنك الوحيد الذى أنار لنا الطريق وأظهر لنا معرفتك الحقيقة.
+ ايها المسيح الهنا كلمة الله الآب، لقد جئت واقتربت الينا على الأرض معلناً محبتك للبشر وساعياً لخلاصنا وعلمتنا الطريق والحق والحياة فلا تدع الجهل أو التشويش أو إبليس يقوى علينا ولا موت الخطية يتسلط علي خليقتك بل أعمل فينا وبنا لنعود ونرجع إليك بكل قلوبنا ونكتشفك حاضر فينا ومعلما ايانا وراعى صالح لنفوسنا.
+ اليك يا روح الله القدس، العامل فى الناموس والأنبياء والرسل، ينبوع النعم الإلهية، العامل في الأسرار المقدسة و الرعاة والرعية. نصلي أن تعمل فينا لنؤمن ونثمر فتخلق فينا قلبا جديدا وروحاً مستقيماً و نحيا حياة مقدسة تمجد صلاحك وتشهد لإيماننا الأقدس بالآب والأبن والروح القدس الإله الواحد، آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق