للأب القمص أفرايم الأورشليمى
الدماء الطاهرة والعدالة الغائبة ...
تطل علينا ذكرى غالية وهى مرور اربعين يوما على أنتقال اخوتنا الاحباء شهداء ماسبيرو يوم الاحد الدامى فى التاسع من أكتوبر 2011، والذين أنضموا الى قافلة شهداء الايمان والمبادئ ، الذين ضحوا بحياتهم من أجل احقاق الحق والحرية والعدالة والمساواة ، والذين خرجوا فى مظاهرة سلمية للتعبير عن رفضهم للظلم وهدم والتعدى على كنائسنا التى تربى وتنشأ المواطن الصالح العابد لربه والمشارك فى بناء وطنه والمتعاون مع أخوته ، واذ بهؤلاء الابرياء يُدهسون تحت عجلات المدرعات وبالرصاص والزخيرة الحية ويلقون حتفهم ممن يدعون أنهم حماة الوطن والأمن والامان بعد ان يواجهوا فى طريقهم أكثر من مره سيل من الشتائم والاحجار والنيران تلقى عليهم ، وجريرتهم انهم خرجوا ليقولوا لا للظلم والظلمة ودعاة الفتنة والكراهية .
أننا اذ نستقبل ذكرى هؤلاء الشهداء العزل ودموع أهلهم لم تجف واخوة لهم مازلوا يتلقون العلاج والبعض الأخر فى السجون، بالاضافة الى المعاناة النفسية الناتجة عن الاحداث والتمييز الدينى البغيض من وسائل الاعلام ومن بعض المتطرفين والمحرضين الذين يطلون علينا من وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية وما تتركه من أثر سئ فى نفوس المستمعين اليها من تحريض للجهلة ومن اضعاف للسلام والسلم الاجتماعى والتعايش الودى بين المسيحيين والمسلمين فى المجتمع المصرى الواحد وفى المقابل نجد ان المتسببين فى قتلهم مازالوا طلقاء احرار لم يقدموا للمحاكمة ، فان ذلك يشكلك فى مصداقية النظام الحاكم وقدرة على أحقاق الحق ونحن نعلم ان {مبرئ المذنب ومذنب البريء كلاهما مكرهة الرب} (ام 17 : 15). اننى أطالب ذوى الضمائر الحية كل فى موقعه بان يستيقظ ضميرهم الأخلاقى من أجل محاسبة كل من تورطوا فى سحق وقتل الابرياء فى ماسبيروا وغيرها ورد الاعتبار لهؤلاء واعتبارهم كشهداء الثورة وتعويض ذويهم . كما نطالب بسرعة الافراج عن المسجونين فى احداث ماسبيروا وهم ضحايا وليسوا مجرمين أو قتله فالى متى يتحون المجنى عليه الى مذنب متهم؟ والى متى يتم التغاضى عن حل مشاكلنا بالتأجيل والمماطلاة وطمس الحقائق.
ان الدماء البرئية هذه مثل دم هابيل الصديق تصرخ من الارض مطالبة بالقصاص والعدالة {وكلم قايين هابيل اخاه وحدث اذ كانا في الحقل ان قايين قام على هابيل اخيه وقتله. فقال الرب لقايين اين هابيل اخوك فقال لا اعلم احارس انا لاخي. فقال ماذا فعلت صوت دم اخيك صارخ الي من الارض. فالان ملعون انت من الارض التي فتحت فاها لتقبل دم اخيك من يدك. متى عملت الارض لا تعود تعطيك قوتها تائها وهاربا تكون في الارض. فقال قايين للرب ذنبي اعظم من ان يحتمل.انك قد طردتني اليوم عن وجه الارض ومن وجهك اختفي واكون تائها وهاربا في الارض فيكون كل من وجدني يقتلني} تك8:4-14. ليعلم كل من يتهرب او يتساهل او يتحايل من معاقبة قتلة هؤلاء الشهداء الابرياء انه شريك فى الجريمة ، ويجب ان يحاسب المحرضين والمتسببين فى الجريمة من أجل الحق والعدل والا يفقد النظام مصداقيته فى قلوبنا وعقولنا وأمام أنظار العالم كله وفوق هذا كله فانه لن يستطيع احد من هؤلاء الظلمة ان يهرب من عدالة السماء ومن يد القائل { لي النقمة انا اجازي يقول الرب }(رو 12 : 19). فلابد من يقظة الضمير ومحاسبة القتلة وتنظيف المجتمع المصرى من وباء الكراهية الكامن فى النفوس ومعاقبة المحرضين والقتلة ووضع المسئول المناسب والشريف فى المكان المناسب بدون تمييز ان اردنا تقدم بلادنا ورقيها .
ونحن مقدمين على الانتخابات البرلمانية يجب علينا ان نشارك جميعاً مسلمين ومسيحيين فى انتخاب العقلاء ذوى الضمائر الحية نظيفى الايدى والعقول ليشعر المتاجرون بالدين ان الدين والمجتمع يريد ان ينهض من جديد ويبنى على أكتاف رجال شرفاء وعلى أسس الحرية والعدالة والديمقراطية الحقيقية .
سلاحنا القوى هو الصلاة والصوم
اننا نثق فى عدالة السماء التى قد يتناسى البعض قدرتها على نصرة المظلومين والي الله نرفع دعوانا وشكوانا وصلواتنا من أجل أهالى هولاء الشهداء ليعطيهم الله الصبر والعزاء ، ونصلى من أجل كنيستنا القبطية وشعبها لكى ننعم بالحرية الدينية وتمتلئ الكنائس بالعابدين لله بالروح والحق . فلم تكن ولن تكون كنائسنا واديرتنا ابدا مكاناً لحمل او تخزين السلاح كما أدعى البعض ، بل هى ايدى مرفوعة للصلاة وركب منحنية بالدعاء وإنجيل مفتوح لانارة العقول . فعندما هوجم دير الانبا بيشوى بعد الثورة وعندما أحرقت كنيسة صول وفى احداث أمبابه بالجيزة وفى نجع حمادى وفى كنيسة المريناب بادفو لم تطلق رصاصة واحدة من كنائسنا . بل كنا وسنبقى نصلى من إجل المسيئين الينا ونطالب بكل الوسائل القانونية والسلمية بانهاء كل أشكال التمييز البغيض بسبب الدين او الجنس او العرق او العائلة . ويحزننا ان يسيل دم برئ بين ابناء قريتين فى سوهاج بين أولاد يحيي والتي تنتمي لقبيلة الهوارة ، وأولاد خليفة التي تنتمي لقبيلة العرب كالدم المسيحى البرئ الذي يهدر ظلما . وندعو الى تقوية جهاز الشرطة وتغذيته بكوادر جديده قادرة ان تكون بحق فى خدمة الشعب وأمنه وأمانه والقضاء على فوضى انتشار السلاح والعنف فى مجتمعنا المصرى والعمل بجد ونشاط من اجل استتباب الامن ودوران عجلة الانتاج لينهض أقتصاد مصر من كبوته ويتم وعد الله فينا { مبارك شعبي مصر } (اش 19 : 25).
نصلى من أجل بلادنا الغالية التى ارتوت بدماء أجدادنا واخوتنا منذ عهد مارمرقص الرسول الذى سالت دماه الطاهرة على ارض الاسكندرية فى عيد القيامة عام 68م والى شهداء كنيسة القديسين بالاسكندرية وشهداء ماسبيرو الذين سالت دمائهم الزكية وامتزجت بماء نيل مصر العظيم . فمصر غالية على نفوسنا جميعا وامتزجت بدماء اخوتنا وعرق وجهاد اجدادنا وعرقنا ويجب ان نساهم جميعا فى بنائنا ومحاربة وباء الكراهية القاتل فيها ونتعاون مع اخوتنا المسلمين لنهوضها من الجهل والمرض والفقر والتخلف والظلم ولنحيا فيها أمنين على مستقبلنا واولادنا من بعدنا .
تحية أجلال لاتحاد شباب ماسبيرو ..
اننى احيى شباب اتحاد ماسبيرو الذى خرجو بالامس فى مسيرة منظمة راقيه تحمل نعش شهيد وصور شهداء ماسبيرو واعلام مصر واصدرو بيان يدعوا الى محاسبة القتلة وتوجهوا فيه الى كل شريف ووطني وسياسي وقيادى ومسئول ومواطن ان يتحمل مسؤوليته اتجاه القضية القبطية وما تعانيه تلك القضية منذ سنوات من تسويف ومماطلة وتجاهل والذين طالبوا في بيان لهم باحالة وزير الاعلام للتحقيق لما بدر من التلفزيون المصرى الرسمى من تحريض واستعداء وشق الصف بين ابناء الوطن الواحد وطالبوا بالافراج الفورى عن الابرياء المحبوسين ودعوا فيه بسرعة اصدار قانون تنظيم بناء الكنائس وتقنين الكنائس غير المرحصة وكذا قانون مكافحة التمييز وتنقية المواد التعليمة والتمثيل المتوازن للاقباط فى البرلمان والمناصب الحكومية .واكدوا فى بيانهم "جئنا اليوم أقباطا ومسلمين لإحياء ذكرى الأربعين لشهداء مصر الذين إغتالتهم يد الغدر ليلة 9 أكتوبر، ولم يقترفوا ذنبا سوى المطالبة بتحقيق مطالبهم الاجتماعية المشروعة وعلى رأسها حرية العقيدة ومناهضة التمييز الدينى، ونؤكد بأن العنف والقمع لن يزيدنا إلا إصرارا، وليكن لهم العبرة مما حدث لمبارك وحاشيته، فنحن لسنا دعاة عنف، ونؤمن بأن من ثأر لأبنائنا يوم 25 يناير سوف يثأر لما حدث لأبنائنا فى مذبحة ماسبيرو، وأن يضع الجانى فى قفص المحاكم إلى جانب الديكتاتور المخلوع وجلادينه ".
اليوم العالمى للصلاة ...
كانت ليلة الجمعة وحتى صباح السبت 11/11 /2011 هو اليوم العالمى للصلاة من اجل السلام لمصر وقد نظمت صلوات من فى العديد من الدول فى امريكا واوربا واستراليا دعا فيها المصلين من اجل سلام مصر وشعبها واقيمت الصلوات المركزية فى المقطم بحضور ما يذيد عن 75 الف مصلى من الساعة السادسة مساءاً وانتهت الى الساعة السادسة صباحاً وشاركت فيها جميع الطوائف المسيحية فى صلوات وعظات من اجل السلام والخير والمحبة والتسامح لبلادنا وتضامن فيها بعض من اخوتنا المسلمين بروح الاخاء والود مصلين من اجل تعزية اهالى شهداء ماسبيرو هاتفين بالتراتيل "بارك بلادى " انها صلوات مرفوعه من اجل مستقبل بلادنا وتعبر عن معدن مصر الاصيل وروح شعبها النبيل بعيدا عن الاختلافات الدينية والمذهبية والطائفية .وكما قال الاب الموقر القمص سمعان إبراهيم كاهن كنيسة المقطم " إن هذا اليوم يوم الصلاة من أجل مصر وشعبها ورسالة حب من أجل مباركة بلادنا وعودتها إلى مرحلة الاستقرار" فاننا نحيي هؤلاء ونتضامن معهم بروح الصلاة حتى نتجاوز بروح الاخوة والتعاون والمشاركة كل العقبات فى طريق النهوض ببلادنا وشعبها الى بر الأمان والاستقرار والرخاء.ونحن نثق ان الرب لن ينسى شعبه فى مصر بل سيقودنا فى موكب نصرته { لان عيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه} (2اخ 16 : 9).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق