للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
عندما نقرأ ما جاء فى بشارة القديس لوقا الأنجيلي ما كتبه بالروح القدس عن زيارة القديسة مريم العذراء لاليصابات، نتأمل كيف تكون لقاءات القديسات مملؤة إيمان وسلام وفرح وتسبيح وشكر لله.
1- تقويه الإيمان... عندما أعلن رئيس الملائكة غبريال بشري الميلاد للقديسة مريم وقبلتها وحل الأبن الكلمة وأخذ منها جسداً، أعلن لها أن اليصابات قريبتها المتقدمة فى الأيام هي ايضا حبلي بيوحنا فى الشهر السادس وهي فى شيخوختها، لأنه ليس شئ غير مستطاع لدي الله. قامت القديسة مريم مسرعة تحمل مسيحيها ومخلصها وأبنها وبشري الخلاص وذهبت من الناصرة الي " عين كارم" غربي القدس قاطعة ما يقرب من مائة وستين كيلومتر، وعندما تقابلت مع اليصابات وسلمت عليها أمتلات اليصابات من الروح القدس وسبحت وباركت الله وأعلنت إيمانها بامومة العذراء للكلمة المتجسد " وقالت من أين لي هذا أن تأتي أم ربي اليّ" بل أن يوحنا المعمدان أرتكض فرحا بقدوم العذراء وأبنها الحبيب جنين فى بطنها. وأعطت اليصابات الطوبي للعذراء التي أمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب. هذا ما جاء فى الكتاب المقدس { فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا،وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ،وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي،لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي،لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ،وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ،وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.} ( لو 39:1-49). لقد أسرعت القديسة مريم وهى تحمل رسالة الخلاص وذهبت فى تواضع قلب تخدم اليصابات وتقوي إيمانها وتهبها سلام الله وتفرح معها باعلان قدوم يوحنا المعمدان كجنين فى بطن أمه، فما أحلي وأطيب أن نجتمع معا نفرح مع الفرحين ونحزن مع الحزاني، ونعطي الشكر لله العامل فينا ومعنا من أجل مجد أسمه القدوس.
علينا أن نعي دورنا فى نشر وتقوية الإيمان، نحن نحمل نور المسيح الي العالم المتعب، وعلينا أن نكون موصل جيد للنور وبقدر أقترابنا من نور المسيح فاننا ننير ونحمل بشري الخلاص لجميع الناس لاسيما فى لقائتنا الأسرية والأجتماعية وفى كل مكان نحل فيه، فلا يمكن أن تخفي مدينة كائنة علي جبل ولا يوقدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال، بل يضعونه على المنارة ليضئ لكل من فى البيت، فليضئ نوركم أمام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات.
+ بشرى السلام والفرح .. ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام { ما اجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام المبشر بالخير المخبر بالخلاص القائل لصهيون قد ملك الهك} (اش 52 : 7). هكذا علمنا ملك السلام أن نحمل بشرى السلام لكل بيت نذهب فيه { واي بيت دخلتموه فقولوا اولا سلام لهذا البيت. فان كان هناك ابن السلام يحل سلامكم عليه و الا فيرجع اليكم.} (لو 5:10-11). لقد حملت العذراء مريم ملك السلام ومعطيه فكان سلامها من القلب ودخل الي قلب اليصابات واحشائها ففرح يوحنا وأرتكض فى بطن أمه وأمتلأت اليصابات بالروح القدس، وسبحت الله فرحه بعمله الخلاصي ورحمته.
أننا نتعلم من لقاءات القديسين كيف نقوي إيمان بعضنا البعض ونهب السلام والفرح لمن حولنا. فما أحوجنا فى عالم اليوم الي من يحمل لنا الأخبار السارة ويطمئننا في ثقة بعمل الله العجيب في مختلف الظروف والأحداث. علينا أن لا نعاتب فى خصام ولا ننشر المذمة والأنقسام بل نكون دعاة وحدة ووئام. فمسيحنا ملك السلام يقول لنا {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون} (مت 5 : 9). أن أبناء الله وبناته عليهم أن يحملوا بشري السلام والفرح لكل أحد { فلنعكف اذا على ما هو للسلام و ما هو للبنيان بعضنا لبعض }(رو 14 : 19). فلا تخافوا مهما تعقدت الأمور فلها عند الله حلول كثيرة، وثقوا في المسيح الغالب وتمسكوا بوعده الصادق{ فان الجبال تزول و الاكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب} (اش 54 : 10). {وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس }(رو 15 : 13).
+ الشكر لله علي خلاصه ... قام أحد الأطباء بعمليه تغيير قلب لمريض فى حالة مئيوس منها وتعافى الرجل وكتب يشكر الطبيب الشهير ويمتدحه ويقول له أنه سيظل مديون له بالشكر ما بقي علي قيد الحياة. ونحن كم يا أحبائي مديونين بتقديم الشكر والتسبيح لمن مات وبذل ذاته عنا ونحن خطاه وببرنا ووهبنا الحياة الأبدية السعيدة. هكذا سبحت القديسة مريم العذراء الله شاكرة خلاص الله العظيم وقدمت له المجد والتعظيم لانه نظر الي تواضع أمته وتجسد منها ووهبنا الخلاص. لقد أعترفت بقداسة الله ورحمته وأستحقت التطويب من المؤمنين فى كل الأجيال فهي بالحقيقة أرفع من الشاروبيم وأجل قدراً من السيرافيم فقد صارت سماء ثانية ووالدة الله المتجسد ، ومع القديسة مريم نعظم من تواضع وجاء وخلاصنا ووهبنا الخلاص ونقدم الشكر والتسبيح لله ومع الغالبين نسبح { قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح ان ياخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة} (رؤ 5 : 12)، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق