الأحد، 17 سبتمبر 2017
أنا أريحكم
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ دعوة ووعد من الله...
إلي جميع المتعبين والثقيلي الأحمال فى عالم يعاني، فى البعد عن الله، من المتاعب والأثقال. سواء كانت متاعب ظاهرة للآخرين، أو مكتومة في القلب لا يعلمها الأ الله، ولو كانت متاعب روحية، أو نفسية، أو جسدية، أو إجتماعية في ظل المشكلات التي يعاني منها الأفرد والمجتمع. ولكل المتعبين والثقيلي الأحمال جاء السيد المسيح يقول { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ}(مت 28:11-30). لقد جاء السيد المسيح له المجد { يطلب ويخلص ما قد هلك} (مت 18: 11). جاء ليخلص العالم من خطيئته كما قال إشعياء النبي { كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا} (اش 53: 6). جاء ليخلص العالم من آلامه ومتاعبه، ولذا قال النبي { لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها} (اش 53: 4). وعلينا أن نصلي ونأتي الي الله ونطلب منه الراحة بثقة ومحبة ورجاء ونلجأ إليه سواء كان الحمل ثقيل أو خفيف. ولن نجد أمامنا مثل الله ودعوته ووعوده الصادقة بأن يريحنا.
+ الهنا وديع ومتواضع القلب..
أنه ملك السلام الذى يهب الراحة والسلام لمن يدعوه { سلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ} (يو 14 : 27). أنه الوحيد الذى يغفر الخطايا ويحرر من الذنوب {مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ }(مي 7 : 18). أنه الداعي الخطاة الي التوبة {فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراًبَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَة} (مت 9 : 13). أنه يدعونا أن نأتي اليه بخطايانا وذنوبنا ويعدنا القبول والغفران {هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ} (اش 1 : 18) . أن الله الهنا طيب ومريح للتعابى والثقيلي الأحمال، كثيرون في متاعبهم يجلسون مع البعض فيزيدونهم تعبًا. لكن المسيح المريح، كل من يلجأ إليه يستريح. أنظروا كيف دافع عن المراة الخاطئة وسامحها { وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ. قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ. وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟». قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاًبِحَجَرٍ!». ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟». فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً.}( يو3:8-11). إنه مانح السلام والغفران والمصالحة ويقدر أن يعطي الناس راحة وهدواً وعزاءاً، وسلاماً وطمأنينة. ويرفع عن الناس أثقالهم، ويحملها بدلًا عنهم ويريحهم. وهكذا يفعل أبناء الله وخدامه الذين ذاقوا محبة الله . وقد قال {ادعني في يوم الضيق، أنقذك فتمجدني} (مز 50: 15).
+ الضيقات ليست تخلي من الله عنا ...
الله قد يسمح بالضيقات لفائدتنا وتعليمنا ولتنقيتنا لكي ننال بها الآكاليل . المؤمن المتضع يصلى ويشكر الله ويطلب الصبر والتعزية في الضيقات ، وبالعمل الإيجابي والإيمان يصل الى أفضل الحلول لما يواجهه من ضيقات فيرى يد الله تحمله فى الضيقات وترفعه فوق الأحداث، ويلجأ إلي الله بالركب المنحنية والأيدي المرفوعة والكتاب المقدس المفتوح والتوبة الدائمة. لقد تساءلت النفس البشرية أو الكنيسة قديماً وقالت قد تركنى الله ونسينى فاتها الجواب من الله مطمئناً: { وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ وَسَيِّدِي نَسِينِي».هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ.هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِماً.}(إش 49: 14-16 ). وهكذا قال القديس بولس يكتب عن ضيقاته وزملائه في الخدمة {مكتئبين في كل شي، لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير يائسين، مضطهدين لكن غير متروكين.} (2 كو 8، 9). أن البعض عندما يواجه ضيقة أو محنة تراهم يفقدون سلامهم، ويظلوا يعانوا من الألم والحزن داخل نفوسهم. ولا يجدوا أمامهم سوي الشكوى أو التذمر أو البكاء. وفي كل ذلك لا يفكروا أن يلجوا إلي الله، ولا أن يضع أمامه وعد الله {القي علي الرب همك. وهو يعولك}(مز 55: 22). البعض الأخر يفكر فى حلول بشرية خاطئة أما نحن فلنأتي الي الله ونضع أمامه متاعبنا بكل صراحة، سواء كانت تتعبنا أنفسنا وخطايانا أو عاداتنا الخاطئة أو معاملة الآخرين أو ضغوطهم. أو ظلمهم أو قسوتهم. أو حروب إبليس. ونصلي الي الله ليخلصنا منها. هكذا تدخل الله مع دانيال النبي قديما وأنقذه من الأسود الجائعة كما أنقذ الفتية فى آتون النار المتقدة.
+ كيف نأتي الي الله ....
التوبة والتواضع
الأبن الضال كان في الكورة البعيدة يعيش في تعب. ثم فكر أن يأتي إلي أبيه ليستريح فأتى إليه تائباً بقلب منسحق وهو يقول { أخطأت إلي السموات وقدامك، ولست مستحقًا أن أدعي لك ابنًا} (لو 15: 21). وبهذا الانسحاق قبله أبوه، وأقام له وليمه فرح وألبسه الحلة الأولي، وجعل خاتمًا في يده. بينما أخوه الأكبر خسر الموقف، لأنه رفض أن يأتي الي أبيه، وتكلم معه بكبرياء قلب. فلا تأت إلي الله متكبرًا، تقول له: لماذا تتركني، ولا تنسب لله أسباب مشاكلك، إنما تعال إليه منسحقًا، لكي تصطلح معه. وكما يقول { ارجعوا إلي، أرجع إليكم، قال رب الجنود } (ملا 3: 7). عندما نصطلح مع الله. نجد الدنيا كلها قد اصطلحت معنا، ويعطينا الرب سلامًا وراحة في قلوبنا وثقة وطمأنينة.
الإيمان والصلاة.
كثيرون يأتون إلي الله، ولكن ليس عندهم إيمان أن الله سيحل مشاكلهم ويصلون وهم لا يحسون إن الصلاة ستكون لها نتيجة، وهكذا يستمرون في تعبهم بسبب عدم إيمانهم، وبسبب فقدانهم للرجاء والثقة بالله. أما نحن فعلينا أن نصلي بإيمان وثقة فى قوة وأقتدار الصلاة. فلقد قال السيد المسيح للأبرص الذي شفي { قم وأمض.. إيمانك خلصكْ} (لو 17: 19). وقال للأعمى المستعطي في أريحا {أبصر إيمانك قد شفاك} (لو 18: 42) وقال للأعميين { بحسب إيمانكما يكون لكما}. لذلك تعال إليه بإيمان، واثقًا أنه سيريحك وصلي اليه بثقة وخشوع ودموع وستخرج من أمامه فى راحة وسلام.
التلمذة وحمل الصليب..
أن السيد المسيح يدعونا الي التعلم منه والتلمذة عليه فهو الوديع والمتواضع القلب فنجد الراحة ونحمل الصليب كحمل خفيف ونير هين نجد معه التعزية والسلام { وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي} (لو 9 : 23). علينا أن نحيا فى شكر وتسليم لله حتى وسط الضيقات فمدام الله معنا فانها تهون وتخف، وخفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا ثقل مجد أبدي{ لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيّاً }(2كو 4 : 17). ونطلب من الله السلام وسط الضيقات، والتعزية وسط الأحزان، والراحة من متاعب الحياة، ونطلب منه ثمار الروح القدس { محبة وفرح وسلام} (غل 5: 22). فالروح القدس يعطي التعزية والسلام والفرح والله قادر أن يقودنا ويصل بسفينة حياتنا الي بر الأمان والأبدية السعيدة لمجد أسمه القدوس.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق