السبت، 3 مارس 2018
خير الكلام (7) الرجوع الي الله
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ
{For this my son was dead and is alive again; he was lost and is found.} Luke 15:24""
+ فى رحلة حياتنا الروحية والتي يمثلها بصورة مصغرة الصوم الكبير ، نحن نسعي ونجاهد لنصل الي السماء وهناك نكنز كنوزنا، لنحيا الحياة الأبدية مع الله فى فرح وتسبيح وشكر وسعادة دائمة مع الله والملائكة والقديسين، ولابد أن نعلم أن لنا أعداء يقاوموا نجاحنا ونمونا الروحي فيجب أن نجاهد ونتحرر من الأنانية والخطية ومحبة العالم وننتصرعلي إبليس وقواته ونغلب شهوة الجسد وشهوة العيون ومظاهر العالم الخادعة والبراقة ببساطة العيون ونقاوة القلب وبفكر المسيح وبالإيمان العامل بالمحبة وننتصر بالصلاة والصوم والتواضع وكلمة الله القوية والأنقياد لروح الله. وعندما نسقط أو نخطئ عن جهل أو كسل أو نسيان أو ضعف بشري فعلينا أن نقوم ونرجع الله الله بالتوبة والأعتراف والرجوع الى الله. ومهما كانت خطايانا وجهلنا كالأبن الضال أو تكرار الخطية كما المرأة السامرية وحتى لو ظن البعض أننا بعدنا وهلكنا فان السيد المسيح جاء ليطلب ويخلص من قد هلك { لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ}(لو 19 : 10). أن الله كأب صالح أنعم علينا بمواهب ووزنات وعطايا يجب أن نستخدمها حسنا ونستثمرها لمجد الله وعمل الخير ونتجار بها ونربح ونسمع أخيرا { فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِينا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ }(مت 25 : 21).
+ لقد ظن الأبن الضال أن سعادته فى الحصول علي الأموال والشهوات والحرية المزيفة بالبعد عن بيت الأب { فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِي أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الاِبْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ. فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ.} ( لو 12:15-14). لقد أكتشف الأبن الضال أن البعد عن الله موت روحي وضياع وفقدان للكرامة الإنسانية. أن المال لا يشتري راحة البال أو راحة الضمير. المال قد يشتري البيت لكن لا يشتري السعادة. يشترى الوسادة لكن لا يمنح النوم الهادي. قد يجلب لنا أصدقاء لكنهم أصدقاء مصلحة يبتعدوا بمجرد ما يحصلوا علي بغيتهم أو تتبدد ثروتنا فلا نجدهم وقت الأحتياج { لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ اصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي اذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا انْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ (1تي 6 : 10) . كما أن الشهوات قد تشبع بعض الرغبات لكن لا تحقق أو تعطي الأشباع والسلام الداخلي. بالأبتعاد عن الله ينبوع الحياة نعطش وبالبعد عن يسوع نجوع ولا نرتوي الا بينابع الروح القدس { وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هَذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ } ( يو 37:7-39). لقد أعترف القديس أغسطينوس أشهر من كتبوا أعترافاتهم " أن أرواحنا قد خلقت علي صورة الله ولن تجد راحة الا فيه وبه ومعه". أن أبتعادنا عن السيد المسيح يجعلنا نبتعد عن مصدر الحكمة ونتصرف بطيش وجهل فنتعثر. الخطية تورث القلق والحزن والكأبة وحياة الشر والشهوات غير المنضبطة هى أبتعاد عن مصدر الحياة والفضيلة وتنتج موت وهلاك.
+ التوبة هى رجوع الي النفس . فحسنا فعل الأبن الضال أذ رجع الي نفسه { فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً!. أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ. وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.} ( 17:15- 19). علينا أن نرجع الي أنفسنا فنحاسبها أو نعاتبها أو حتى نعاقبها، لانه متى حاسبنا أنفسنا وحكمنا عليها نصحح أخطائها وننجو في يوم الدينونة ومتى عاتبنا أنفسنا نقوم أخطائها وعندما نعاقبها ونتوب ونرجع الي الله يرد لنا بنوتنا ونفرح معه فى السماء . هكذا عاتب الله الشعب قديما لانهم لم يرجعوا الي أنفسهم ثم اليه { لانه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم فلم تشاءوا} (اش 30: 10). يجب أن نرجع لأنفسنا ونتخذ القرارات المناسبة والسريعة لتصحيح مسيرتنا وأصلاح سيرتنا. الأعتراف بخطيئتنا لله وتركها يجعلنا ننال المغفرة والصفح من الله { من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم}(ام 28 : 13). فنحن لدينا نفس واحدة لو لم نربحها فنخسر كل شئ{ لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 : 26).
+ الرجوع الي الله ... علينا أن نرجع الي الله بالأعتراف الحسن والأقرار بالخطأ ونطلب المغفرة ونثق أنه أب صالح لا يسر بموت الخاطئ مثلما يرجع وتحيا نفسه. أن الأحضان الأبوية تنتظر رجوعنا اليه { فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيد اًرَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ وَحِذَاء فِي رِجْلَيْهِ. وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ. لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ.} ( لو 20:15-24). والتوبة والأعتراف لله أمام أب الأعتراف تهبنا الراحة والعلاج والأرشاد والحل والمغفرة { فقال داود لناثان قد اخطات الى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت }(2صم 12 : 13). التوبة تمحو الخطايا وتبعد الضيق والكأبة وتجلب الفرج { فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب} (اع 3 : 19). والله من رحمته يامر جميع الناس بالتوبة ويتغاضي عن جهلنا وضعفنا ويحول حزننا الي فرح قلب { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل} (اع 17 : 30).
+ التوبة تعيد لنا ثياب البر والغني الروحي الذي يسلبه منا الشيطان والذى نفقده بالخطية والأسرار المقدسة تعطي عنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وتفرح الملائكة والقديسين وتسر قلب الله. فلنتب يا أحبائي ونسهر علي خلاص نفوسنا ونجاتنا من طوفان بحر العالم { لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع الى الرب} (مرا 3 : 40). ونخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ونجاهد بالصبر ناظرين الي رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع { قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور} (رو 13 : 12). إن كان عمل التوبة يبدأ بعودة الإنسان إلى نفسه بالروح القدس ليكتشف أنه في حالة جوعٍ، مدركًا أن الأنانية والخطية قد أردته على الأرض منهارًا وجعلته جائع الي أبارا العالم المشققة التي لا تضبط ماء ولا تروي عطشان، والخطية تكتشف لنا ضعفنا وتوقعنا تحت حكم الموت الأبدي. لكن الروح القدس يكشف عن بصيرة التائب ، ليرى في مخلِّصه يسوع المسيح القائم من الأموات أنه سّر القيامة. إنه يهب موتى الخطية، قيامة وحياة ورجاء ليعيش التائب في خبرة الحياة المقامة فى المسيح يسوع وينتصر علي الشيطان والخطية والضعف والموت. التوبة ليست عملاً سلبيًا خلاله يكتشف الإنسان ضعفاته وهلاكه فقط بل التوبة عمل إيجابي فيه يقبل المؤمن مسيحه كسرّ قيامته وحياته ويقول التائب مع القديس بولس الرسول { استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني } (في 4 : 13) . ونعيش كل أيام غربتنا مختبرين الحياة المقامة مع المسيح، منطلقًين من قوَّة إلى قوَّة، ومتمتعين بمجد ونعمة وقوة القيامة وننال الحياة الأبدية مع القديسين، أمين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق