السبت، 10 مارس 2018
تاملأت فى أحد السامرية
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ السيد المسيح يحرر الخطاة ... فى إنجيل أحد السامرية نجد الملخص الصالح يبحث عن النفس الخاطئة، والباحثة عن المحبة والشبع والأرتواء بطرق خاطئة. لقد كانت هذه المرأة تنتظر المسيحا ولا تعرفه، فجاء اليها خصيصا ليحررها ويجددها ويجعلها تكرز بمحبته ومعرفته ويعالج ضعفاتها ويعلن لها أنه المسيح المنتظر لليهود والسامريين والأمم لان ليس باحد غيره الخلاص { وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ. فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ. وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ جَلَسَ هَكَذَا عَلَى الْبِئْرِ وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ»} (يو 4:4-7). ورغم حالة العداوة التاريخية بين اليهود والسامريين، فان السيد المسيح جاء ليزيل العداوة ويقدم المحبة والشبع لكل نفس ومنها هذه المرأة السامرية. لقد أظهر أحتياجه للماء مع أنه معطي الماء الحي { أَجَابَ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟. أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ الَّذِي أَعْطَانَا الْبِئْرَ وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ؟».أَجَابَ يَسُوعُ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».} ( يو 10:4-14). أنه يتعامل معنا بالطريقة التي تتناسب كل أحد فمع الإبن الضال الذى ترك بيت أبيه بإرادته، بعد أن تذوق حب أبيه، يحاصره بالضيقات والمجاعة ليقارن مع الحال في بيت أبيه وحاله في كورة الخطية ليندم ويعود الي الله. ومع المرأة الخاطئة (لو7) نراه يشجعها بنظراته الحانية وبدفاعه عنها ويعلن لها أنه غفر لها خطاياها الكثيرة فتحبه كثيراً وتبكي عند قدميه وتنال الغفران والخلاص. ومع مريض بيت حسدا (يو5). نري السيد يذهب اليه كمريض لا يشغله سوى شفائه من مرضه ومن يلقيه في البركة، فالسيد يشفيه ثم يطلب منه أن لا يخطئ ثانية. ولكن نرى الخطاة في معاملتهم مع المسيح يختلقون المعاذير حتى لا يتوبوا ويرجعوا وحتى لا تتواجه النفس مع نور المسيح ولتبقى في ظلمة الخطية، وكمثال لأعذار الخطاة نرى هذه السامرية تتحج وتقول أنت يهودي وأنا سامرية فلا معاملات بيننا. كما يظن كثير من الناس أنهم طالما أخطأوا فالله لن يتعامل معهم. ولكن السيد المسيح يبحث عن الخطاة ليشفيهم من خطيتهم.ثم تعلن المرأة له أنه لا دلو لك والبئر عميقة كما يظن البعض أن الله لا يستطيع أن يسد حاجتهم. ثم عندما كلمها عن الماء الحي {قالت له إعطنى هذا الماء} ظناً أن الماء ماء مادي. وكثيرون لا يعرفون المسيح سوى للماديات، بغير تفكير في عطاياه الروحية. ثم أنتقلت الي موضع السجود في هروب من مواجهة الله {أباؤنا سجدوا في هذا الجبل}. أنها مناقشة غير مجدية. كثيرون إذا كلمتهم عن الذهاب للكنيسة يبدأون في الحوار عن الفروق بين الأديان والطوائف وتتوه المناقشة والمطلوب منا التوبة ومعرفة الله والسجود لله بالروح والحق.
+ السيد المسيح وأهب ماء الحياة ...
أن أجسادنا تشرب وتعطش، أما الروح فهي تشرب وترتوي ولا تعود تشعر بالعطش بل تنمو فى محبة الله . ومن يشرب من الماء الذي يعطيه الله ينتمي للسماويات فلا تعود الدنيا تشغله بملذاتها. من يشرب من الماء الذي يعطيه الله يتجدد ويتحرر ويتقدس. أن الماء الذي يعطيه الله هو ماء فياض يروي الآخرين. ومن يشرب ويجري وراء شهوات العالم يعطش ولا يرتوي فآبار العالم مشققة لا تضبط ماء. لهذا عاتب الله شعبه قديما { لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء }(ار 2 : 13). الماء الذي يعطيه الله ماء يروي الروح وليس الجسد فقط. الروح القدس هو النبع الدائم الجريان الذى يروي ويسعد ويجدد الحياة الروحية ويعطي محبة وفرح وسلام. والروح القدس هو الذي يستعلن لنا المسيح فنشتاق أن نعرف أكثر ونراه أوضح، ويصير في داخلنا فرح وتهليل يظل ينبع بفيضان فنعيش بإطمئنان في بهجة الخلاص نشرب منها كل يوم. فالمياه الحية التي أسماها المسيح عطية الله حينما تستقر في نفس الإنسان تصبح قوة حية فاعلة تسكن هيكل الإنسان تحييه وتجدده مثلها مثل عطية الحياة التي ينالها الإنسان من التناول من الأسرار المقدسة بانسحاق (يو54:6). وفي سفر النشيد نسمع "أختى العروس جنة مغلقة ينبوع مختوم" أي أن مواردها من الداخل وليس لها حاجة لشئ من الخارج. وماء الحياة من الداخل فعلينا أن لا نسعى إليه خارجاً عن دائرة قلوبنا. عندما نعتمد ونمسح بالميرون المقدس نصير هياكل مقدسة لله وبالتوبة والأعتراف نتنقي من خطايا العالم وشهواته وندخل دائرة الحياة الأبدية، لقد طلب منها السيد المسيح ان تدعى زوجها فقالت له ليس لي زوج! ودخل معها فى حوار لتعترف بخطيتها وشعرت بهيبة الجالس أمامها، وحتى هذه اللحظة هي شعرت أنه على إتصال بالله ولكنه إنسان، عندما أفرغت المرأة خطاياها إستضاءت عينها ورأت المسيح على قدر ما استطاعت أن تبصر{ أرى أنك نبي.} بالإعتراف ينفتح القلب لله فتتدفق نعمة الله داخل القلب. والمرأة شعرت بهذه النعمة أن المسيح قادر أن يرى ما لا يراه الآخرون.
+ السجود بالروح والحق لله ....
العبادة لله تشغل الإنسان منذ أن خلقه الله، فنحن مخلوقين علي صورة الله ومثاله وتظل أرواحنا تشتاق لله. رغم أن الكثيرين زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله. كانت عبادة الله ومكان العبادة تشغل المرأة السامرية، لقد حاولت الهروب من ماضيها، ولكن كان المهم أنها إنكشفت لنفسها واعترفت بخطيتها. والأكثر واقعية أنها إكتشفت أن الذي أمامها قادر أن يقودها في الطريق الصحيح ولكن إلى أين سيأخذها، هل إلى أورشليم حيث يقول اليهود أم إلى جرزيم حيث يقول السامريين. لقد إنقلبت الخاطئة إلى مصلية تبحث أين تصلي، والمسيح لم يدخل في شكليات التدين والمظهرية التي تبعدنا عن الله بل دخل إلى العمق، إلى السجود لله بالروح والحق. فنحن لو قدمنا عبادة حقيقية سنعرف أين الحق. يجب ان يكون هدف عبادتنا أن نعرف المسيح ونسجد لله بالروح والحق. أي سجود بإنتماء حقيقي لله، من أناس يعيشوا لله ويتقدسوا وبالمسيح نعرف الحق. السيد المسيح أرسل لنا الروح القدس يقودنا في العبادة الحقة ضد كل ما هو باطل ووهمي. والروح تشير لشعور العابد وإنسحاقه والحق تشير لفكر الساجد عن الخالق الذي يسجد له. والمسيح هو الإستعلان الكامل للآب، فنحن صرنا نسجد لمن نعرفه. الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له فهو يجذبهم إليه. ولأن الله روح يطلب الساجدين بالروح والحق فلا الزمان ولا المكان يحد من سجودنا الحقيقي لله. العبادة في المسيحية لا ترتبط بمكان ولا زمان ولا جنس. بل الكل يسجدون للآب، إذ آمنوا بإبنه المسيح وحل فيهم الروح القدس ليقودهم في العبادة بالروح. نطلب مجد الله لا أشياء تافهة لأنفسنا. السجود لا يعني فقط الإنحناء بل هو الشعور بوجود الله والإنسحاق أمامه. يشعر المؤمن بخطاياه ونجاسته في مقابل قداسة الله وعطاياه ومحبته. مثل هذا السجود يعطي للإنسان أن يقبل توبيخ وتبكيت الروح القدس وتشجيعه ويخرج الإنسان من صلاته وهو مملوء سلاماً وقد إزداد إنسحاقاً. وكلما إزداد إنسحاقاً يمتلئ من الروح وتظهر ثمار الروح القدس فيه. ولذلك ينبغي أن ندخل للصلاة ونحن تاركين مشاغل العالم طالبين محبته ومعرفته ونمتلئ من الروح فيسهل على الروح أن يقودنا للعبادة التي تفرح قلب الله وتفرحنا. والإتصال بالله هو طعام الروح، إن لم يتم فالروح تجف ويبطل عملها، فلا يعود الإنسان يشعر بوجود الله، بل يشك في الله وفي الحياة الأبدية وذلك لأن أداة الإتصال معطلة. أن روح الإنسان النشطة تصير مكاناً لسكنى الروح القدس ومرافقته. فإذا أهمل الإنسان السجود بالروح لا يعود يحظى بزيارة الروح القدس والنعمة وتترصده الخطية فتتعتم الرؤيا. السجود بالحق يملك الروح على القلب فيستنير المؤمن ويعرف الحق. فتكون لنا فكرة صحيحة عن الله الذي نقدم له العبادة. ونعرف إرادته وفكره فمن يقدم عبادة لله وقلبه مملوء من الشهوات العالمية والأحقاد وطلب الماديات أو طلب الإنتقام من أحد فهذا ليس سجود بالحق. ومن يطلب الله لأجل الماديات فقط، لم يفهم أن الله أبدي وأعد لنا مجداً في الأبدية هو الذي يجب أن نتعلق به. السجود بالحق هو أن الله الحق يقودنا لنعبده بالحق فنعرف الحق فنتحرر. ومن يصلي وهو شاعر أن الله لا يمكنه حل مشكلته، هو لا يعبد بالحق، فهو لم يعرف أن الله قدير ولا يعسر عليه أمر. لكن من يصلي طالباً معرفة شخص المسيح القدير يكون ساجداً بالحق. وكما أعطى الله للإنسان الشهية للأكل أعطى الروح الشهية للعبادة والسجود والصلاة.
لقد تركت المرأة السامرية جرتها عند البئر وذهبت تبشر أهل بلدتها أنه وجدت المسيا المحرر والشبع والذى يجدد الإنسان ويشبع قلبه وروحه وفكرة بعمل نعمته لقد دعت كل الناس وملأ المسيح فكرها وقلبها فإن من يجد المسيح ينسى نفسه وكل شئ من إهتماماته. قالت لهم { قال لي كل ما فعل} هذا أكثر ما أثر في نفسيتها أن المسيح فاحص القلوب. ولكل إنسان إكتشافه الخاص في المسيح الذي يؤثر فيه ويجذبه. هذا التلامس مع المسيح يغير حياة من يعرفه ويستنير قلبه وروحه. فالتائب الحقيقي يسهل عليه أن يعترف علناً وهذا يطهره دم المسيح. أما السالك في الظلمة فلا يرى خطاياه. هناك من آمن بسبب شهادة المرأة، ثم بعد أن استمعوا له آمنوا به أكثر جداً بسبب كلامه. والعجيب أن أهل السامرة لم يطلبوا آيات أو معجزات بل إقتنعوا بالتعليم. {وقالوا للمرأة أننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم.} (يو 42:4).
علمنا أن نصل بالروح والحق..
* علمنا يارب أن نأتي اليك ونعترف الأعتراف الحسن مقرين بخطايانا وأثامنا وضعفنا، طالبين الصفح والمغفرة فليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران. أنت وحدك غافر الخطايا ومانح العطايا ومتوجنا بالخيرات. نصلي لكي تشبع حاجتنا لمحبتك وتروي عطش نفوسنا الباحثة عن الشبع والأرتواء فانت الذى تعطي المحبة الكاملة والرجاء الثابت والإيمان الحقيقى.
* علمنا يارب أن ندخل بالروح الي عمق العبادة بالروح والحق. أنت هو الحق وبدونك لن نصل الي الحق والحقيقة وأن حررتنا من الضلالة التي فى العالم نعرفك أيها الآب القدوس وننمو في المعرفة ويقودنا روحك القدوس لنعبدك بالروح ونكون حارين فى الروح ساجدين لك بكل مهابة وأكرام ومحبه.
* علمنا يارب أن نجول نصنع خير نعلن محبتك لكل أحد، ليعلن للجميع أنك مخلص العالم، الذى جاء ليطلب ويخلص من هلك ويرده الي أحضانه الأبوية ونعمته الغنية ونقول للجميع ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب، أمين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق