للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
فحص الذات والثمر الروحي ...
+ لقد خلقنا الله لأعمال صالحة سبق الله فاعدها لنسلك
فيها، ولكل منا رسالة عليه أن يؤديها وسواء كانت رسالتنا كبيرة أو صغير، وأي كان
مركزنا أو وظيفتنا أو وضعنا فى المجتمع الذى نحيا فيه فعلينا أن نفحص ذواتنا
بامانة ومخافة الله . وكما أن أعضاء الجسد الإنساني تتكامل معا فى أداء دورها
ليقوم الإنسان بدوره فعلينا أن نكون إيجابيين وأمناء فى أداء دورنا باخلاص ونثمر
ويدوم ثمرنا وحتى الطبيعة تعطينا درس في النمو والثمر وأداء دورنا في الأسرة والكنيسة
والمجتمع ولهذا راينا الرب يسوع المسيح يعطي لنا مثالاً عن أهمية الثمر الروحي
والعملي فى حياتنا { وَقَالَ هَذَا الْمَثَلَ: « كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ
تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَراً وَلَمْ يَجِدْ. فَقَالَ
لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَراًفِي هَذِهِ
التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا. لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضاً؟. فَأَجَابَ:
يَا سَيِّدُ اتْرُكْهَا هَذِهِ السَّنَةَ أَيْضاً حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا
وَأَضَعَ زِبْلاً. فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَراًوَإِلاَّ فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا».}
(لو 6:13-9)
+ أن الأيام والسنين
تجري في حياتنا ويمضى هذا العام أيضا بما فيه من أحداث جسام من حولنا نتأثر بها بلا
شك لكن الانسان المؤمن يثق فى الله الذى يقود سفينة حياته ويجعل كل الاشياء تعمل
للخير ومن أجل منفعتنا الروحية { ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين
يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو
8 : 28). وعلينا أن نبني بيتنا على
صخرة الإيمان المستقيم الواثق والذى لا يتزعزع حتى مع شدة الرياح او العواصف وصعوبة
الظروف التي تمر بنا والعثرات التي تقابلنا { فكل من يسمع اقوالي هذه ويعمل بها
اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت
على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر} (مت 24:7-25). وكا ان كل مؤسسة
ناجحة تعمل حساب ختامى لنهاية العام تبين فيها مدى ربحها أو خسارتها وما هى مواضع
القوة والضعف فيها، هكذا نحن أيضا نحتاج لوقفة صادقة مع النفس لنعالج عوامل الضعف
ونقوى الحلقات الضعيفة ونستثمر مواطن القوة فى شخصيتنا وحياتنا ونستخدمها لخدمة
الله والمجتمع الذى نحيا فيه.
+ ميزان الحق والصدق
مع النفس ... نفحص ذواتنا بروح الصلاة وبالتواضع ونتجنب الكبرياء والأنانية
واللامبالة كمن يتجنب الوباء ، نحاسب انفسنا بدون محاباة وبصدق وحق فلا يعرف
الانسان الا روح الانسان الساكن فيه الذى ، نتأمل حياتنا فى ضوء كلمة الله ونور الإنجيل
وعمل الروح القدس وايضا فى ضوء مراحم الرب الذى صبر علينا هذا العام والأعوام التي مضت من عمرنا ووهبنا نعمة البقاء والحياة لنأتى بثمر ويدوم ثمرنا. نجلس مع ذواتنا
ونحاسبها أو نعتبها او حتى نعاقبها ونعرف ما فيها من اخطاء ومدي ربحنا فى علاقتنا
بانفسنا وبالله وبالاخرين من حولنا ونصلى ونعمل مع الله طالبين عمل نعمته معنا فى
كل أيام غربتنا على الارض لننجح فى طرقنا ونعمل من أجل خلاص نفوسنا ومن معنا . فلا
أحد معصوم من الأخطاء أو كامل ومنزه عن العيوب والضعفات ولكى نتقدم الى الامام فى
بناء شخصيتنا الروحية الناجحة يجب ان نتصالح مع انفسنا ونقبلها كما هى بما فيها من
سمات لا نستطيع تغييرها. وفى مجال السلوك أو العلاقات فانه فى مقدورنا ان نتصالح
بروح الود والاعتراف بالخطاء لمن أخطانا اليه ثم نصنع خيرا وبرا مع من حولنا. لا
يجب ان نكتفى فقط ان لا نؤذى انفسنا أو الغير بل يجب ان نعمل الخير ونحب الناس
ونحسن اليهم ونتفانى فى مساعدتهم قدر طاقتنا كقول الكتاب { لا تمنع الخير عن اهله
حين يكون في طاقة يدك ان تفعله } (ام 3
: 27). كما يجب ان نقبل الاخرين بضعفاتهم
وبالمحبة والصبر يأتى التغيير الذى فى استطاعتهم ايضا { لذلك اقبلوا بعضكم بعضا
كما ان المسيح ايضا قبلنا لمجد الله }(رو
15 : 7).
أعداد النفس
للأثمار ...
+ في مثل شجرة التين طلب صاحب الحقل من الكرام ان
يقطع الشجرة غير المثمرة من الارض لانها
لم تصنع ثمراً على مدى عدة سنوات
فطلب الكرام ان يصبر عليها سنة أخرى لتثمر
ثمراً جيداً وفى سبيل ذلك فان الكرام سيقوم بكل ما هو ضرورى لكى تثمر بان ينقب
حولها وينظف الارض من الاحجار وينزع من حولها الحشائش الضارة ويسمد الارض ويتعهدها
بالرى والرعاية . نحن نشكر الله على محبته وصبره وطول اناته علينا وفى ذات الوقت
يجب ان ننقب ونفحص ذواتنا ونتوب ونعترف بخطايانا ونطلب المغفرة من الله ونقوم من
الكسل الروحى ونشمر على سواعد الجهاد ،علينا ان نهتم بخلاص أنفسنا { لانه ماذا ينتفع
الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 :
26). يجب ان نبتعد عن
كل ما هو ضار بالروح والنفس والجسد ونتخلص من العادات الضارة وننتصر على الرغبات
والشهوات والخطايا ولا ندع شئ أو أحد يفصلنا عن محبة الله .
نتعهد شجرة حياتنا
بالرعاية ... وحتى ما تثمر شجرة حياتنا يجب ان نتعهدها بالرعاية اللازمة ونحميها
حتى من الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم التى هى الخطايا الصغيرة لكى لا تتأصل فى
النفس ،ونرويها بمياة نقيه التى هى محبة الله والخير والغير ونغذيها باسمدة الخلاص
والتقوى ووسائط النعمة . علينا ان لا ننام وقت الزرع والرعايته حتى ما نجنى الثمار
فى أوان الحصاد وعندما يحين الميعاد نسمع من رب العباد { نعما ايها العبد الصالح
والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} (مت 25 :
21).
+ أستثمار الوقت
وتنظيمه اذاً عامل هام فى حياة كل انسان منا فلا يجب ان نهدر أوقاتنا فيما لا يبنى
أو لا يفيد فان الوقت من ذهب ان لم تستثمره ذهب ولم يعد . وما لا ينبغى ان تعمله
فلا تفكر فيه ولا تتذكره وعاتب نفسك على أخطائها خير لك من ان تعاتب غيرك مبتعدا
عن نظر وسماع ما لا يفيد لكى ما تتخلص من
فعل ما هو ضار لهذا يوصينا الإنجيل ان نسلك بحكمة وأفراز كحكماء { لذلك يقول استيقظ ايها النائم وقم من الاموات
فيضيء لك المسيح. فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت
لان الايام شريرة. من اجل ذلك لا تكونوا اغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب} (أف
14:5-17). نستيقظ اذا من نوم الغفله وننسئ ما هو وراء ونمتد الى ماهو قدام .
+ علاقتنا بالله
.. يجب ان ننمو فى محبة الله ونعطيه
قلوبنا بكل ثقة ورجاء { ماذا يطلب منك الرب الهك الا ان تتقي الرب الهك لتسلك في
كل طرقه وتحبه وتعبد الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك} (تث 10 :
12) .نخصص الوقت المناسب للصلاة بل تكون حياتنا كلها عشرة محبة وصداقة فيها
نسير مع الله ونصلى اليه بالروح والحق ، نصلى اليه ان يقوى ايماننا به ويذيد
محبتنا ورجائنا فيه ونطيعه طالبين خلاص انفسنا واهلنا وكنيستنا وبلادنا .
نخصص وقتا للقراءة فى
الإنجيل والكتب الروحية لننمو فى المعرفة والمحبة والعشرة بالله فالقراءة الجيدة
ينبوع للصلاة النقية وتنقى الفكر وتبعد عنه العثرات. ونلتصق بالكنيسة ونشارك فى
صلواتها واجتماعاتها وتكون امنا روحية لنا . ويكون لنا صداقة روحية بالملائكة
والقديسين ورجال الله الاتقياء واصدقاء روحيين ننموا نحن واهل بيتنا فى روح
التلمذة للكتاب المقدس والله والكنيسة .
+ علاقتنا بالاخرين..
كلما كنا ناجحين فى علاقتنا بالله طائعين لوصاياه فان ذلك يدفعنا الى محبته وخدمة
الناس على كل المستويات . فان الوصية تعلمنا ان المحبة لا تتجزء بل تتكامل ومحبة
الله تكتمل بمحبة القريب { يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع
تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى.
والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} (مت
36:22-40). علينا ان ننمى علاقتنا ونبادر الى صنع الخير مع اهل بيتنا ومن حولنا فى
العمل والسكن وحتى نصل بمحبتنا للاعداء والبعيدين فلعاز البلايا يحتاج منا الى
البسمة والكلمة الطيبة ومد يد العون فى مجتمع يعج بالفقراء والمحزونين والمساكين والضالين
والمحرومين وهذا هو مقياس الدخول للسماء { ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا
مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم. لاني جعت فاطعمتموني عطشت
فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني. عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم
الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا
فسقيناك. ومتى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك. ومتى رايناك مريضا او
محبوسا فاتينا اليك. فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد
اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم} (مت 34:25-40).
+ ان مقياس كمال
المحبة هو محبة الاعداء كما قال لنا السيد
المسيح { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم
باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم. لكي
تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر
على الابرار والظالمين. لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون
ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا
يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} (مت
43:5-48). أما صفات هذه المحبة كثمرة رئيسية فى حياة المؤمنين فقد ذكرها لنا القديس
بولس الرسول قائلاً { المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا
تنتفخ. ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء. ولا تفرح بالاثم بل
تفرح بالحق . وتحتمل كل شيء و تصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة
لا تسقط ابدا }( 1كو 4:13-8).أننا نلاحظ أنه بسبب كثرة الاثم فى المجتمع من حولنا نجد الكراهية ونتائجها
المرة تنتشر كما قال لنا المخلص الصالح {
ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين (مت 24
: 12). فدعونا نعمل بقلوب صادقة فى العام
القادم ان نطفأ الكراهية بالمحبة والصلاة وصنع الخير ، وبدلا من ان نلعن الظلام
فاننا نضئ شموع المحبة الصادقة والتعاون المثمر مع الكل ونقدم المحبة للجميع لاسيما للذين أظلمت حياتهم واختفت منها المحبة
{ ونحن قد عرفنا و صدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في
الله والله فيه }(1يو 4 : 16).ان الحصاد كثير والفعلة قليلون وكل واحد
منا مدعو للعمل الروحى كسفير للسماء ونورا فى العالم وملحاُ يعطى مذاقة روحية فى
مجتمعه . فهل نلبى النداء الالهى ونثمر ونقوم برسالتنا وتكون السنة الجديدة سنة عطاء ونجاح فحياتنا ستنتهى ولكن ليتها تنتهى من أجل عمل
صالح وللخير والصالح ولحياة ابدية .
+ دعوة لمحبة روحية
للنفس... يجب ان نحب ذواتنا محبة روحية تخلصها وتنميها وتربطها بفاديها . نهتم
باجسادنا كوزنة من الله فلا نهملها او ندمر الجسد فى عيش مسرف فما أقسى اضرار
التدخين والشهوات؟. الانسان القوى هو الذى ينتصر على عاداته الخاطئة ويقوى ارادته
وعزيمته بلا تردد او خنوع أو خضوع للضعف
او الخوف. فلنعمل على ضبط فكرنا والسنتنا ووزن كل كلمة قبل ان تخرج من
السنتنا. ونغذى فكرنا بما هو مفيد وقلبنا بمحبة الله محبة والغير. وننمى ارواحنا
ونقويها بوسائط الخلاص ونطلب من روح الله ان يقودنا ويهدينا وعندما نعمل على ان
نأتى بثمر فان الله ينقينا لنأتى بثمر أكثر { كل غصن في لا ياتي بثمر ينزعه وكل ما
ياتي بثمر ينقيه لياتي بثمر اكثر }(يو 15
: 2). نصلى ونعمل ليدوم ثمرنا ويبارك الله
حياتنا وأهلنا وبيوتنا وكنيستنا وشعبها وبلادنا وعالمنا، أمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق