للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
قبول الله لنا...
+ هل يمكن
أن نتعاون معاً ونقبل بعضنا البعض كما يقبلنا الله ؟ عندما نتعاون معا من مختلف
الأديان والحضارات والأجناس نثري الحضارة الإنسانية بتنوعنا، ونعمل على مواجهة
الأمراض والأخطار التي تواجه العالم من مرض وفقر وجهل وتخلف؟ وعلينا ان نقبل الغير
والمختلفين عنا بروح الاحترام والتقدير. بل علينا ان نتعلم ان نحب الآخرين ونقبلهم
كما هم لا كما نريد ان يكونوا وهذه هى القاعدة الذهبية في التعامل كما أمرنا السيد
المسيح { وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا }(لو 6 : 31).
لقد جاء السيد المسيح ليهبنا الحياة في ملئها ويشبع نفوسنا لحياة أفضل ويكون لدينا التوافق والانسجام النفسي والاجتماعي والروحي.
+ الله يغفر
الخطية والتي تورث الكآبة والإحباط والشعور بالذنب والصراع النفسي الذي يصيب الفرد
عندما ينقسم على نفسه أو لا يقبلها. الله عندما يغفر للخاطئ التائب المعترف خطاياه
ينساها ولا يعود يذكرها له. وهو يريد منا إن نرجع إليه ونتوب { هلم نتحاجج يقول
الرب كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف } (أش
1 : 18). من رحمة الله انه يمنحنا القبول والغفران { أنا هو الماحي ذنوبك لأجل
نفسي وخطاياك لا أعود اذكرها } (أش 43: 25). عندما رجع الابن الضال الذي بدد نصيبه
من ثروة أبيه تائباً نادماً، قبله أبيه فرحاً { السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب } وها
هو ينتظر رجوع كل خاطئ فاتحاً ذراعيه ليقبله فرحاً ويعيد له سلامه المفقود. وكما
ان الله يغفر خطايانا ويقبلنا علينا أن نسامح ونغفر للآخرين أخطاءهم. إن الله
يريدنا أن نغفر للآخرين أخطائهم إلينا ونقبلهم كما نصلي ونقول { اغفر لنا ذنوبنا كما
نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا}. ومارس الرب يسوع الغفران للمسيئين إليه على الصليب فقال يسوع يا
ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون }(لو 23 : 34). وعلى مثال سيده غفر
شهيد المسيحية الأول استفانوس لراجميه قائلاً { يا رب لا تقم لهم هذه خطية } (أع 7
: 8 ). على قدر طاقتنا يجب أن نسالم جميع الناس ونصلى من أجل أن يعطينا الله
النعمة والقوة لنغفر للمسيئين إلينا ونقبل من الله نعمة الغفران ونمحنها للغير{
اقبلوا بعضكم بعضاً كما قبلكم المسيح أيضا لمجد الله} (رو 5 : 7 ). المسيحية في جوهرها هي ديانة الحب والقبول
للجميع بدون تمييز عنصري او ديني او طبقي او عرقي او سياسي ، وهذا ما جاء الرب
يسوع ليعلمه لنا، ويعملهُ معنا. ان نحب الاعداء ونصلي من أجل المسيئين ونبارك علي
المضطهدين لتغير المحبة قلوبهم وتشفى أمراض نفوسهم وأجسادهم وأرواحهم.
+ قبول الذات...
نحن نعيش في مجتمع لا يعترف إلا بالانجازات والانتصارات ويرفض
الفشل ، حتى الآباء ينقلون لأبنائهم هذا المفهوم فإن حصلوا على درجات ممتازة كانوا
مقبولين . لكن الوضع السليم أن نأخذ بيد الضعيف ليقوى والمريض ليشفى والذي يتعثر
في مرحلة من مراحل حياته نساعده عثرته لتكون فرصة للتعلم والنجاح في المراحل
المقبلة. لقد شجعت أم توماس أديسون ابنها الذي اتهم بالبلادة والغباء فكان ذلك
فرصة لتخلق منه عالم مخترع ندين له باكتشاف الكهرباء وما يزيد من ألف اختراع . الله
يحبنا حب غير مشروط ويريد منا ان نكون مستقبلين لمحبته لا ينبغي أن تكون قديس
لتأتي إليه ويحبك ويقبلك. بل يجب أن نأتي اليه كما نحن، إذ ونحن خطاة مات المسيح
من أجلنا وهو يريد أن تأتي إليه بضعفنا ونتجاوب مع محبته وهو يحررنا من كل ضعف
و يجعلنا أقوياء به ومن أجل مجد اسمه.
+ اقبل ذاتك بما أعطاك الله من وزنات ومواهب وملامح بما
فيك من عيوب ربما في الشكل (قصير – غير جميل – معوق) أو حتى العيوب النفسية والشخصية.
فإن ما فيك حتى من عيوب وضعفات هذا ما يجعلك متميز ومتفرد على الآخرين . وما
تستطيع علاجه من ضعفات فأنت قادر بالجهاد والصبر والعمل على معالجته .
+ طور نفسك روحياً واجتماعياً ونفسياً
وفكرياً واعلم إن الله يحبك ويقبلك ويريد خيرك وفيه تستطيع كل شئ فهو يقويك { لأنه
إن كان النشاط موجود فهو مقبول على حسب ما للإنسان لا على حسب ما ليس له }(2 كو 8
: 12). ثق في نفسك وأقبلها مهما كانت إمكانياتك وكن
متواضع غير ساعي للمديح وان مدحك للآخرين اشكر لهم تقديرهم لك مبينا نعمة الله
وفضل الآخرين الذين ساعدوك فلا تكن ناكراً للجميع.
+ علينا أن نستمع إلى النقد الموجه لنا برحابة صدر فإن كان
النقد صحيح وبناء نقبله ونجعله فرصة لفهم ذواتنا وإصلاحها، فالأخرين يرون ذاتك
أكثر مما ترى نفسك لا سيما في العلاقات الأسرية والشخصية واليومية أما إن كان
النقد هدام فلا تغضب واقبل الرأي الأخر عالما دوافع الناس السلوكية واعترف أنه ليس
إنسان كامل والتمس الأعذار للناس، وأفسح في قلبك وفكرك مجالاً متسعاً لقبول
المختلفين في الرأي عالماً قيمتك الإنسانية.
+ أسعى في تواضع ومحبة ووداعة للتعامل حتى مع
المرضى أو الحالات السلوكية الشاذة .
إننا عندما نتفهم ذواتنا بما فيه من ضعفات ومواجهتها إيجابيا
نستطيع أن نتعامل مع الآخرين ونحتمل أخطائهم و نقبلهم كما هم وليس كما نريد أن
يكونوا. وفي جو المحبة والاحترام نساعدهم على تخطي ضعفاتهم أو حتى فشلهم .
+ اقبل ذاتك شاكرا الله على ما لديك من وزنات
ومواهب ونمي ما منحك الله من مواهب وهي كثيرة . فهل تبيع يديك أو نظرك وبأي مبلغ ؟
حتى ما فيك من ضعف تستطيع أن تعالجه ليصبح موضع قوة وفخر وليس موضع كبرياء أو
افتخار مرضي . الله ينظر إلى قلبك وما فيه من محبة وعلى مقدار ما أحبنا الله واشترانا
بدمه الثمين فنحن مقبولين لديه، وهو ينظر إلى نوايانا ودوافع سلوكنا، فقد مدح فلسي
الأرملة وعطائها القليل واعتبره أثمن من الذين أعطوا الكثير لأنها أعطت من أعوزها
وهو يُقدر ما تقدمه من خير ويشجعك على ما لديك من عطايا تستخدمها لمجد اسمه.
+ أهتم بعلاقاتك الاجتماعية سواء في الأسرة أو
العمل أو الوسط المحيط وليكن هدفك تطوير وإثراء ذاتك وشخصيتك لمجد الله ولتصل إلى
حياة سعيدة ولا تحاول أن تكون صورة من غيرك فأنت فريد في شخصك لكن عليك أن تقتدي
بالصفات الحسنة في معلمك الصالح والقديسين وكن كالنحلة التي تأخذ من رحيق مختلف
الأزهار لتصنع عسلا حلو المذاق و كن منفتحا على آراء وثقافات وفضائل الآخرين فإن
هذا ينميك ويجعل منك بركة لنفسك وللآخرين .
قبول الآخر....
إننا مدعوون لقبول الأخرين واحترامهم مهما كان شخصياتهم. علينا
قبولهم بايجابياتهم وسلبياتهم، فهم خلقوا على صورة الله ولا تنتظر أن يكون أحد
صورة منك. الأخر قد يكون زميلك في الدراسة أو العمل أو جار لك في السكن أو
المجتمع، وقد يكون الأخر مختلف عنك في الدين أو العرق أو الجنس أو الرأي أو
العقيدة. وقد تتعامل معهم سواء وجها لوجه أو كما نتعامل الآن معا عن طريق
الإعلام والكلمة المقروءة . اقبل الغير كما هم دون أن تتنازل عن المبادئ
والأخلاقيات التي عندك .
+ أن قابلت معاملة سيئة من الغير فلا تعاملهم
بنفس المعاملة السيئة وتدعهم يقودك إلى رد فعل سلبي . فالنار لا تطفئها النار بل
الماء . وإن أراد الأخر أن يضرك فدافع عن نفسك بأسلوب سليم وبالمنطق وترد الأذى
دون أن تدمر الأخر بل تُصلح من أمره وتبين خطأ موقفه تجاهك . وكلما كانت قضيتك
عادلة وتدافع عنها بالحق ستصل إلى هدفك ولو بعد حين فلا تيأس ولا تفشل في عمل
الخير. لا تعتبر الأخر مزاحم لك يريد أن يأخذ مكانك ذلك التفكير الطفولي الذي يدمر
علاقتنا بالآخر. ولا تعتبر الأخر وسيلة للوصول إلى هدفك وتكون بذلك أنانيا بل في
تعاون وتفاهم تشجع الآخرين وإن اختلفوا عنك في الرأي أو العرق أو الدين أو اللون
تلك الاختلافات يمكنها أن تثري شخصيتك وثقافتك .سأل البعض الأنبا باخوميوس أب الشركة
الرهبانية في أن يقص عليهم احد الرؤى فقال لهم الخاطئ مثلي لا يطلب من الله أن
تكون له رؤى مع هذا أقول لكم إذا رأيتم أنسانا طاهرا متواضعا فهذه أجمل المناظر
والرؤى لأنكم تروا فيه الله غير المنظور من خلال الإنسان المنظور الذي هو هيكل لله
علينا إن نكتشف الإيجابيات التي في الآخر وليس سلبياته وأحترم وتقبل ما فيه من
اختلاف ولا نرى فيه سببا لإعاقتنا عن بلوغ أهدافنا في الحياة .
+ في ظل الاختلاف الحضاري
والديني والعرقي في عالمنا المعاصر نحتاج إلى التسامح والتعاون والتكامل وقبول
الآخر لنخلق جسور للانفتاح الفكري والثقافي والديني، نحن ننمو في إيماننا وننتمي
لمجتمعنا و كنيستنا مع الانفتاح علي الآخرين دون تعصب او تطرف أو انغلاق. أننا
نحتاج إلى التعرف على وجهات النظر المغايرة لنتجاوز التمركز حول الذات الذي يوقف
النمو السليم للمواطن الصالح. ويجب أن نؤمن بحق الأخر في الحياة والحرية والنمو
دون إلغاء أو تهميش أو تعصب أعمى يقود إلى تخلف الأفراد والمجتمعات والدول. وكلنا
أمل لكي نعمل معا لا سيما قادة الدول والفكر والدين من أجل خلق أجواء صالحة لاحترام وقبول الآخر والتعاون من أجل بناء عالم أفضل ومستقبل مزدهر للبشرية. فلنتقدم
إذا إلى الله طالبين شفاء جراحنا وإطلاق مواهبنا ونمو لشخصيتنا ونقبل منه
بالغفران والقبول { لأنه ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفنا بل مجرب في كل
شيء مثلنا بلا خطية. فلنتقدم إذا إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة وعوناً
في حينه } (عب 4 : 15 ، 16 (
أجعلنى مقبول لديك ..
+ لقد خلقتني يا الله على صورتك، ووهبتني وزنات
ومواهب وحرية خلاقة، لأعمل وأبدع في مجتمعي. لقد قبلتني وأنا خاطئ ، و حررتني من
الخطية والضعف والخوف والرياء. وأنت تقودني في موكب نصرتك . ربي علمني أن أقبل نفسي
وأطورها .أقبل ذاتي فيما لا أقدر أن أغيره، وانمي ما لدي من وزنات ومواهب، وأقبل
الآخرين واحترامهم كما هم، وأعوانهم لاكتشاف أفضل ما عندهم، مقدرا اسهامهم
ومشاركتهم في البناء. لنتعاون معا لخلق مجتمع فاضل، علمني يارب أن أعرف قدر نفسي
وابذل وأكون نور وملح يعطي طعم طيب للمحيطين بي. اجعلني احبك وأحب نفسي والغير،
محبة روحية تبني وتطور وتهدي، ربي اجعل حياتي مقبولة أمامك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق