للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ بقدر ما نعمق أساسات البناء على أرضية وقواعد صلبة سليمة، بقدر ما يثبت ويعلو ويبقي البناء ولا تؤثر فيه المخاطر التي يتعرض لها. وهناك من يدرسوا ويعملوا حساباتهم حتى لا تتأثر المباني بالزلازل والعواصف. هكذا يدعونا الكتاب المقدس أن نكون ثابتين راسخين فى الإيمان بالله ومحبته وفي العمل معه عالمين أن تعبنا وصومنا وخدمتنا وكل عمل خير نقدمه من أجل الرب له أجرته ومكافأته {إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ كُونُوا رَاسِخِينَ غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ}(1كو 15 : 58).
+ رسوخنا في الإيمان يعني ثباتنا فى المسيح وشبعنا بكلمته وطاعتنا لوصاياه ومحبتنا له من كل القلب وعلاقتنا الشخصية الوطيدة به وتناولنا من الأسرار المقدسة تجعلنا نثمر ونتقوى كالأغصان الثابتة في كرمة خصبة تأتي بثمر لحساب مجد الله وملكوته كما قال الرب { اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً.} ( يو 4:15-5). يطلب السيد المسيح منا أن نثبت فيه فالغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته ما لم يثبت في الكرمة. هكذا يجب أن تكون لنا حياة مسيحية بفكر وقلب وسلوك مسيحي لائق بأولاد الله القديسين. يكون لنا حواس مقدسة وفكر المسيح الطاهر { وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ }(1كو 2 : 16). ونسير حسب سلوكه { مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضاً} (1يو 2 : 6) نتبعه في محبته وبذله ورحمته ووداعته وأتضاعه وخدمته. وهو يعدنا أننا سنكون معه ويكرمنا الآب السماوي حسب غناه في المجد { إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضاً يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ }(يو 12 : 26).
+ إيماننا بأبوة الله و صلاحه ومحبته واعترافنا برحمته وأحساناته يجب أن تدفعنا لحياة الإيمان العامل بالمحبة فنجاهد ونتاجر ونستثمر الوزنات المعطاة لنا من الله ونقدم فى إيماننا فضيلة ومعرفة وتعفف وصبر ومحبة أخوية ومتى كان فينا السعي والجهاد في الفضائل ننمو فيها، وتصير لنا حياة نشيطة مملوءة ثمارًا صالحة . وتكون الثمار وسيلة للنمو والثبات فى معرفة حقيقية لربنا يسوع المسيح وصلة روحية راسخة بالروح القدس الذى يهبنا بنعمته أن ننمو يوما فيوم { وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً،. وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى،. وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. لأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.} (2بط 5:1-8). أن هدفنا من كل الفضائل المسيحية هو معرفة المسيح معرفة راسخة وكاملة وحقه وسليمة والنمو في محبته والالتصاق والاتحاد به. من يجاهد لكى ينمو فى الفضائل يعرف ربنا يسوع معرفة حقيقية. ويثبت فيه ويكون له هذا الثبات حياة أبدية. وسلسلة الفضائل تبدأ بالإيمان والتغصب على فعل ما هو صالح، وتنتهى بالمحبة، الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله يثبت فيه، لهذا يدعونا الرب يسوع المسيح للثبات فى محبته { كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي} (يو 15 : 9).
+ ومع الثمر المتكاثر والعمل الروحي إلا أنه قد تظهر لدى المؤمن ضعفات وخطايا مما لا يرغبه الله فينا وعلينا بمراجعة نفوسنا على ضوء كلمة الله ونعمة الروح القدس لنتوب ونتخلص من الضعفات ونصلي لينقينا منها بالتوبة والتواضع والطاعة والانقياد للروح القدس، فيقوم الله بالعمل ككرام يقلم أغصان الكرمة لكي تأتي بثمر أكثر. فلا نرفض تأديب الرب، بل ونعد أنفسنا للأنتصار فى الحروب الروحية وأحتمال التجارب فى إيمان بالله ومحبة ورجاء فى الله، أذ حررنا المسيح من العبودية للشيطان والشهوات ومحبة المال فيجب علينا أن نثبت فى الحق والحق يحررنا ويقودنا فى موكب نصرته { فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ }(غل 5 : 1). يجب أن نسهر على خلاص نفوسنا ونثبت فى الإيمان المستقيم في مواجهة قوى الشر { اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوُّوا } (1كو 16 : 13). نتمسك برجائنا فى المسيح ووعوده فى الإنجيل { مُتَأسِسينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ} (كو 1:23).
+ علينا أن نقاوم إبليس ولا نرضخ لتهديد أو وعيد حتى تتحقق لنا المواعيد فالله صادق وأمين ووعده بالنصرة أكيد لمن يقاوم راسخ فى الإيمان حتى وأن تألمنا يسيرا فالله يكملنا ويثبتنا ويقوينا ويقودنا فى موكب نصرته {اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِساً مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. فَقَاوِمُوهُ رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ. وَإِلَهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.} (1بط 8:5-11).
نصلي لأجل رسوخنا في الإيمان.
+ أيها الرب الهنا, محب البشر الصالح, صانع الخيرات الرحوم الذي دعانا أبناء وأحباء أنعم علينا بمعرفتك الحقيقة وهبنا قوة ونعمة لنشترك معك فى كل عمل صالح، وننمو فى المعرفة والحب ثابتين في الإيمان ومتأصلين في المحبة و فرحين فى الرجاء لنصل الى ملء القامة والحكمة والنعمة التي إليها دعوتنا.
+ أيها المسيح الهنا، الكرمة الحقيقة ثبتنا فيك أغصان حية أيها الكرمة الحقيقية لنتغذى بنعمتك ونثمر بعملك فينا وثباتنا فيك ويدوم ثمرنا وعلمنا أن نكتشف وزناتنا ونتاجر ونربح بها من أجل امتداد ملكوتك السماوى فينا ومن حولنا.
+ يا روح الله القدوس العامل فى الأسرار والمؤمنين من أجل بنيان وخلاص النفوس، أعمل فينا وقودنا للتوبة وعلمنا طريق الحياة والبر والحق والخير والرحمة وارشدنا طوال الطريق وساعدنا مهما يطول أو يقصر الدرب وانصرنا في الحرب، واهدنا الى ملكوتك لكي وبهذا يتمجد اسمك القدوس، امين.