نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 12 أكتوبر 2022

خواطر في الحياة الروحية (21) يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ


 

خواطر في الحياة الروحية
(21)

يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ

 

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

 

+ نتعرض في حياتنا الحاضرة للعديد من للتجارب والآلام والأمراض والضيقات والخليقة كلها تعاني وتتألم وكأنها فى حالة مخاض { فاننا نعلم ان كل الخليقة تئن وتتمخض معا الى الان } (رو 8 : 22). والصديقين يتعرضون للتجارب كغيرهم لكن الرب يسندهم وينجيهم كما يقول المزمور { كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ} ( مز 19:34) فعلي قدر ما تحزنا البلايا الكثيرة الا أنها تعزينا كلمة من جميعها ينجيهم الرب. فالله لا يترك واحدة الا وينقذنا منها. فهو يعطي التجارب وايضا يعطي الحلول ولا يتركنا في أي منها. وقد يتسأل البعض فى حيرة لماذا الأمراض والحروب والقتل والحوادث والفقر وانتقال الأحباء؟ ولماذا يعاني الأبرار؟. أننا يجب أن نفهم أن الله لا يجرب أحد بالشرور بل إن غياب الله عن حياة البشر أو الشيطان وأعماله وأعوانه والخطية هم سبب رئيسي للشر { لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً } (يع 1 : 13). لكن الإيمان هو السند والعون والقوة التي به نعبر بسلام التجارب والضيقات وتتحول الي فائدة وبناء الانسان الروحي وتنقية ونواله الأكاليل المعدة للمجاهدين والمنتصرين.

+ المؤمن فى إيمانه بخيرية الله يسلم حياته لله ويتقبل ما يسمح به لفائدته الروحية { يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاِسْتِقْصَاءِ } (رو 11 : 33). وعلينا إن نثق في قدرة الله الفائقة وحكمته ومحبته العميقة { لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ} (اش 55 : 9). ونثق اننا عندما نجتاز الألم والضيق فان كل الاشياء تعمل معنا للخير ولدينا رجاء وثقة ان الألام ستنتهي وأننا لسنا متروكين أو وحيدين لان لنا رئيس كهنة قادر إن يرثى لضعفنا { لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ}(عب 2 : 18). ونعلم ان لنا في المسيح يسوع حرية وخلاص وقيامة { لأن الخليقة نفسها ايضا ستعتق من عبودية الفساد الى حرية مجد أولاد الله} (رو 8 : 21).

+ قد يسمح الله بالتجربة ليظهر ويكشف ما في قلوبنا لخلاصنا ولخيرنا{ وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر لكي يذلك ويجربك ليعرف ما فى قلبك: أتحفظ وصاياه أم لا؟} (تث 2:8). احيانا كثيرة نكون بارين في أعين أنفسنا والرب يريد ان ينقينا فيجب ان يوضح لنا اولا الشرور التي في قلوبنا لكي نتنقي ونسير علي وصاياه. قد يري الله شئ خطأ في قلب الانسان فيريد ان ينقيه منه لكي يحسن إليه في الابدية لانه لو ترك هذا الشئ الخطأ حتى ولو كان صغير ممكن يصبح مثل الثعلب الصغير الذي يفسد الكرم كله ويقود الي الهلاك. حدوث التجارب لا يعنى مطلقاً تخلى الله عمن أصابتهم تلك المتاعب والضيقات. كما لا تعنى غضب الله أو عدم رضاه. بل أن الله قد يسمح بالتجربة لمنفعتنا. ويكون معنا فى التجربة، يعيننا ويقوينا ويحافظ علينا ويسندنا أيضاً. وكمثال الفتية الثلاثة وتجربة الإلقاء في النار. نتسائل لماذا لم يطفئ الرب النيران أو لماذا لم يقضي علي أعدائهم في لحظة. لماذا سمح الله بدخولهم النار؟ لقد كان الرب معهم ولم يشعرهم بالنار ولا حتى جعل الدخان يلتصق بثيابهم ( دا 3). الله يسير معنا في التجارب ويخلصنا منها فندرك اكثر وجوده معنا بل ونرى محبته لنا.

+ يجب أن نثق في عناية الله وأن الله ضابط الكل { وأن العلي متسلط فى مملكة الناس}( دا 23:4). الألم فى الحياة هي من الأدوية التي يسمح بها الله لفائدتنا وتنقينا وتأديبنا { وَقَدْ أَدَّبَنَا آبَاؤُنَا فَتْرَةً مِنَ الزَّمَانِ، حَسَبَ مَا رَأَوْهُ مُنَاسِباً أَمَّا اللهُ، فَيُؤَدِّبُنَا دَائِماً مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَتِنَا: لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَطَبْعاً، كُلُّ تَأْدِيبٍ لاَ يَبْدُو فِي الْحَالِ بَاعِثاً عَلَى الْفَرَحِ، بَلْ عَلَى الْحُزْنِ وَلَكِنَّهُ فِيمَا بَعْدُ، يُنْتِجُ بِسَلاَمٍ فِي الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهُ ثَمَرَ الْبِرِّ.} (عب 11:12-12). فمن قال إن الحياة الرغدة الهادئة الخالية من الآلام تخلق عظماء وأبطال فهو كاذب؟. الألم يجعل الشخص رقيق المشاعر ويشعر بالالام التي يتعرض لها غيره.  فى التجربة يتهذب ويتأدب ويشعر الإنسان بضعفه ويشارك الآخرين في متاعبهم ويكون رحيما بهم. رئيس إيماننا تألم تاركا لنا مثالا لنتبع خطواته {لأَنَّكُمْ لِهَذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ} (1بط 2 : 21).

+ من خلال الألم لجأ كثيرين الي الله وصرخوا اليه خلال ضيقاتهم والامهم فسمع لهم وخلصهم وأخذوا الدروس والعبر من الآلام والضيقات وقد كانوا بعيدا عنه فى ايام راحتهم وسلامهم {وَيَطْلُبُوا وَجْهِي فِي ضِيقِهِمْ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ }(هو 5 : 15). الألم والتجارب مدرسة للتنقية والتقوية والأعداد فالذهب يصفى ويتنقى بالنار والمؤمنين يتنقوا فى بوتقة التجارب. وكما يقول النبي { لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ. أَدْخَلْتَنَا إِلَى الشَّبَكَةِ. جَعَلْتَ ضَغْطاً عَلَى مُتُونِنَا. رَكَّبْتَ أُنَاساً عَلَى رُؤُوسِنَا. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ. أَدْخُلُ إِلَى بَيْتِكَ بِمُحْرَقَاتٍ أُوفِيكَ نُذُورِي. الَّتِي نَطَقَتْ بِهَا شَفَتَايَ وَتَكَلَّمَ بِهَا فَمِي فِي ضِيقِي} (مز 10:66-14). قد تنمو الحشائش الضارة فى بستان حياتنا وتحتاج للقلع كما تحتاج الكروم الى التقليم والتشذيب. إن الضيقات والأحزان وحتى التعثر والأمراض تنقي حياتنا وتهذب عواطفنا وترفع همتنا. هكذا سمح الله قديما بالتجارب والآلام فى حياة يوسف الصديق ليقوى عوده ويزداد حكمة وخبرة وقوة تؤهله ليكون مدبرا فى أرض مصر وينقذ حياة كثيرين من الجوع والهلاك.

+ إن الله لا يسمح بتجربة هى فوق طاقتنا البشرية. ويعطي مع التجربة المنفذ والمخرج وهو يعرف مقدار احتمال كل واحد منا، ولا يسمح أن تأتيه التجارب إلا فى حدود احتمال طاقته البشرية. حتى ولو كان في تصورنا او مقاييسنا البشرية انها فوق الطاقة. وما أصعب التجربة التى وقعت على أيوب الصديق، فى موت أولاده، وضياع ثروته، وفقد صحته، وتخلى أصدقائه. من كان يستطيع أن يحتمل كل هذا؟  لكن الله كان يعلم أن الطاقة الروحية لأيوب كانت تقدر أن تحتمل كل هذا، لذلك سمح بما حدث. أما نحن فلا نخف. لو كنا فى قامة روحية مثل أيوب، لأمكن أن نتعرض لمثل تجاربه. ولكن الله لا يسمح. لنا أن نجرب إلا فى حدود احتمالنا والله يعلم ضعف طبيعتنا ويتعهد برعايتنا كراعي صالح.

+ قد يكون الألم هبة وبركة يسمح بها الله { لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ} (في 1 : 29). { إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ} (رو  8 :  17). المهم فى الأمر أن لا يتألم المؤمن كفاعل شر ينال عقاب شره { فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ }(1بط 4 : 15). ولكن أن تألم المؤمن من أجل البر فطوباه { وَلَكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا} (1بط 3 : 14) { فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ }(1بط 4 : 19). الله قادر انى تجربة وأن سمح بها قادر أن ينجينا من الشرير ويجعل الآلام وسيلة لتقوية إيماننا وليس أداة تبعدنا عنه وهو قادر إن يثبتنا ويقوينا ويقودنا فى موكب نصرته { وإِلَهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ }(1بط  5 : 10).

فلنكن أمناء يا أحبائي حتى الي الموت لننال إكليل الحياة الأبدية الذى وعد به الله من يصبر حتى المنتهي {لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضاً مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ }(رؤ 2 :  10).

نصلي من أجل المجربين

+ يا الله ضابط الكل، صانع الخيرات الرحوم الذى قائد الكنيسة خلال تاريخها الطويل أنت مصدر كل صلاح. نشكرك علي كل حال ونثق في حكمتك وقدرتك وخيريتك ونطلب من صلاحك يا محب البشر أن تتعهدنا بخلاصك ورعايتك ومحبتك وتحفظنا في الإيمان المستقيم الي التمام.

+ أيها المسيح إلهنا الراعي الصالح الذي من أجل خلاصنا جاء متجسداً وتألم مجرباً بغير خطية وحده، أنت قادر أن تعين المجربين والضعفاء وتريح المتعبين وتقيم الساقطين وتخلص كل من فى ضيقة وضغوط نفسية أو روحية أو مادية . أن الخليقة تتألم وتمخض من الحروب والأمراض والأوبئة والمجاعات بتسلط إبليس وكبرياء الأشرار وتسلط المادية والأنانية والخطية علي الكثيرين لكن أنت هو ضابط الكون وقادر أن تجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله.

+ يا روح الله القدوس، روح الحق المعزي، هبنا حكمة ونعمة لننقاد بحكمتك وننال منك تعزية في ضيقات وتجارب الحياة ونجاهد فى ثقة بالخلاص ونفرح فى الرجاء ونحيا الإيمان العامل بالمحبة ونثمر بالروح  محبة وفرح وسلام وطول أناة ولطف وإيمان وصلاح ونجاهد بالصبر ناظرين الي رئيس إيماننا، أمين.


ليست هناك تعليقات: