نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 30 مايو 2024

الوعد بالحياة الأبدية

 






للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

ما هي الحياة الأبدية ...

 + الإنسان يطمح أن تمتد حياته في صحة وخير ولكن مهما طالت الحياة فستنتهي لهذا يرجو الحياة الأبدية التي وعد بها الله المؤمنين به. الأبدية السعيدة مع الله كهدف وضعه الله في قلوبنا { صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ. } (جا ٣: ١١). أن نحيا في السماء كملائكة الله للأبد بعد الأنتقال من هذا العالم فى محبة وفرح وسلام وتسبيح تلك هي الحياة الأبدية التي وعد بها الله محبيه  هذا ما أكد عليه السيد المسيح في حديثه مع الصدوقيين الذين لا يؤمنون بالقيامة { فاجاب يسوع وقال لهم أليس لهذا تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله. لانهم متى قاموا من الاموات لا يزوجون ولا يزوجون بل يكونون كملائكة في السماوات. وأما من جهة الاموات انهم يقومون أفما قرأتم في كتاب موسى في أمر العليقة كيف كلمه الله قائلا انا اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب. ليس هو اله اموات بل اله احياء فانتم اذا تضلون كثيرا.} (مر 24:12-27). لقد وثق القديسين في وعود الله وأمنوا بكلامه { اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.} (يو٦: ٤٧). ولم يبحثوا كيف وبأية وسيلة تتحقق مواعيد الله { وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ. } (١ يو ٥: ١١، ١٢).

+ ظلت فكرة القيامة العامة والحياة الأبدية تشغل أفكار الكثيرين، فهي حياة لم يختبرها أحد من قبل ليروي لنا عنها أو يصفها. وعندما صعد القديس بولس الرسول للسماء  ورآها، لم يجد من الأمور الأرضية ومفردات اللغات البشرية ما يعينه على وصفها فقال: { وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا} ( 2كو4:12)  وقال عنها { مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ} ( 1كو 9:2). الحياة الأبدية أروع من أن يعبر عنها فقال عنها الرب يسوع المسيح { وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيسوع المسيح الَّذِي أَرْسَلْتَهُ} ( يو 3:17). وعندما سئل الرب عن موعد مجئ ملكوته أجابهم { ولما سأله الفريسيون متى ياتي ملكوت الله اجابهم و قال لا يأتي ملكوت الله بمراقبة. ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم.} (لو 20:17-21). فعلينا أّن نحيا ونتذوق الملكوت من الان بالإيمان ونعد أنفسنا لها غير أنه قد يشكك البعض في الأبدية كما قال الكتاب { أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الأَيَّامِ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، وَقَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟ لأَنَّهُ مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَيْءٍ بَاق هكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ} ( 2بط 3:3-4).

+  يوم الدينونة يفصل المسيح الديان بين الأبرار والأشرار ويعطي كل واحد حسب أعماله وبقدر ما تكون سيفرح المؤمنين  ستكون صرخة الرعب للأشرار. فسيفصل الله بين الفريقين في لحظة، دون أن يكون هناك مجالًا للتأجيل أو المرافعة أو الترجي أو الاستئناف { وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ. فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي.عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟. وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟.وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟. فَيُجِيبُ الْمَلِكُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ.«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ.لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَاناً فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضاً وَمَحْبُوساً فَلَمْ تَزُورُونِي. حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضاً: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟. فَيُجِيبُهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»} ( مت 31:25-41). ولما كان يتوجب على الجميع المثول قدام كرسي المسيح  وتتم الدينونة في لحظة في طرف عين ويعرف كل إنسان مصيره ودرجته بمجرد النظر في وجه المسيح مثل مرآة يظهر من خلالها كل شيء، ولن يستطيع إنسان ما أن يتملَص من العقوبة. فعلينا أن نقدم توبة صادقة عن خطايانا وزلاتنا { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل (اع 17 : 30). وعلينا ان نصنع ثمار تليق بالتوبة { فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة (مت  3 :  8). ونستعد بالتوبة والإيمان والسهر الروحي للقاء عريس نفوسنا .

 حياة الإيمان  و اختبار الأبدية

+ أن الوعد بالحياة الأبدية يجب أن نصدقه ونحياة بالإيمان فى وعود الله الصادقة. وحتى عندما كان القديسين يروا أن الأمور قد تعقدت للغاية بالنسبة لفكرهم البشري، لم يتأثروا أو يضطربوا، بل احتملوا في سمو ودليلهم على رجاء الحياة الأبدية هو قدرة الذي وعد، لهذا تقووا في الرجاء { لِنَتَمَسَّكْ بِإِقْرَارِ الرَّجَاءِ رَاسِخًا، لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ.} (عبر ١٠: ٢٣). علينا نحن أيضاً أن نثق في غنى طرق الله وحكمته حتى إن بدات المواقف في حياتنا مناقضة لوعود الله وأن كان العالم يركض الي فيض الخلاعة والدنس فالبار بالإيمان يحيا { لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ولم يعلموا حتى جاء الطوفان واخذ الجميع كذلك يكون ايضا مجيء ابن الانسان} (مت  24 :38-  39). الله قادر أن يحقق وعوده وعهوده { وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.} (١ يو ٢: ٢٥). إن البار بالإيمان يحيا ناظرا الي ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب { وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.} (٢ كو ٤: ١٨). فإن زادت تجاربك في هذه الحياة فاصبر وأثبت في الإيمان واشكر الله ولا تتعثر، واعلم أن عناية الله لانهائية، ولا يمكن تفسيرها، وأنها حتمًا ستبلغ بك إلى الهدف اللائق في هذه الحياة الحاضرة و العتيدة. نقول لمن فقد صبره وهو يقرأ عن الحياة العتيدة، مشتهيًا أن يرى تحقيق الأمور، أن الحياة الحقيقية والحقائق الدائمة تنتظرنا في المستقبل. فإن الحياة هنا وأمورها مجرد طريق، أما مسكننا في الدهر الآتي. أمور الحياة تشبه فصول العام المتغيرة، أما الحياة الأخرى فكالصخور ثابتة وأتيه وتتحقق. هناك أكاليل وجُعالة أبدية وهناك المكافأة، أما هنا فنحن في غربة وتجارب وضيقات ستنتهي بالصبر والجهاد لنوال إكليل البر كما يقول الرسول { قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا.} (٢ تيم ٤: ٧، ٨). لهذا بحسب وعده ننتظر السماوات الجديدة التي يسكن فيها البر { وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ.  لِذلِكَ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ أَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ هذِهِ، اجْتَهِدُوا لِتُوجَدُوا عِنْدَهُ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِي سَلاَمٍ.}  (٢ بط ٣: ١٣، ١٤).

+ ثقوا في وعود الله الأمينة فان عجلة الزمن تدور، والأبدية قادمة هذا وعد أكيد ، والأبدية لن تنتهي!. إنها دائرة حب أبدي، فيها نلتقي بالله وبكل الطغمات السماوية و القديسين الذين سبقونا. فلنترقَّب برجاء هذا اليوم، حيث نتحرر من متاعب الزمان وتقلباته. وندخل السبت الحقيقي والفرح الدائم  الذي لا ينتهي. ونختبر الراحة في صورة لم يسبق لها مثيل. كما أن أجسادنا ونفوسنا تشارك أرواحنا أمجاد الأبدية التي لم تخطر علي قلب بشر ، أمين.

السبت، 18 مايو 2024

قيامتنا مع المسيح

+ اليك يا لله الآب القدوس نقدم الشكر والتسبيح لأنك أحببتنا وخلصتنا من الموت الأبدي بموت وقيامة ابنك الوحيد، لنقوم معه ونحيا بالروح حياة روحية مقدسة تليق بأبناء القيامة. نسمو عن الخطية ونرتفع عن الصغائر ونعيش شهود أمناء لمحبتك الإلهية ورحمتك الأبدية ونعمتك الغنية. نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر الصالح أن تعمل فينا وترشدنا لنعمل ما يرضيك وننقاد بروحك القدوس كل حين، آمين 

الخميس، 16 مايو 2024

لأعرفه وقوة قيامته


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ علينا في زمن الخمسين المقدسة أن نسعي لأكتساب معرفه أختباريه بالمسيح يسوع ربنا وننمو في معرفته يوماً فيوم ونتعلم منه ونقتدى به وننهل من قوة قيامته تلك التي بها ظهر لشاول المضطهد للكنيسة فحوله الي رسول عظيم يبشر ويكرز بملكوت الله وبفضل من دعاه من الظلمة الي نوره العجيب ويقول { لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. }(في ٣: ١٠، ١١). لقد اعتبر بولس معرفة المسيح والإيمان به أهم شيء لديه حتى حسب كل شئ كنفاية ليربح المسيح ويوجد فيه وينمو في معرفة طبيعته ومحبته وتواضعه واقتداره.

+ لقد كانت قوة القيامة وظهور الرب القائم ووجهه كالشمس قوة مغيرة ومحررة لشاول فقد قام الرب بقوة لاهوته من القبر وهو مغلق وظهر لكثيرين ات عديدة وبرهن لهم مما جاء عن آلامه وقيامته من التوراة والأنبياء وأكد لهم مرات عديدة { ها نحن صاعدون الى اورشليم وابن الانسان يسلم الى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلمونه الى الامم لكي يهزاوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم.} ( مت 18:20-19). لقد تعرف شاول علي المسيح فى الطريق لدمشق واختبر قوة قيامة المسيح فيه من خلال ما واجهه في مختلف مواقف الحياة الصعبة واختبر قوة القيامة التي عملت فيه بقوة شاهدا علي موت وقيامة المسيح وبقوة الإيمان انتشل بولس الرسول الأمم من وثنيتهم ليصيروا قديسين.
+ كما أختبر القديس بولس شركة الآلام المسيح حتى ان الرب قال لحنانيا { فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي».} (أع ٩: ١٥، ١٦). فتعرض بولس في حياته فى أضطهادات وميتات واخطار كثيرة والرب كان يخلصه منها { فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. }(٢ كو ١١: ٢٣). تذوق بولس الرسول قوة محبة المسيح حتى صار يشتهي ان يتألم من أجله وصار سهل عليه قبول الألم وحسب نفسه كغنمة تساق الي الذبح  حتى قال أنشودته الخالدة { مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. }(رو ٨: ٣٥-٣٩) . إختبر بولس محبة الله الآب ورحمته وقيادة الراعي الصالح الأمينة وتعزية الروح وحسب الألم والموت كهبة روحية من الله للمؤمن { لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ. }(في ١: ٢٩) . لإنه أن أشتركنا في الألم فلكي نكون شركاء في المجد { فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. }(رو ٨: ١٧، ١٨). إن قمة المحبة للمسيح أن نكون مستعدين للموت لأجله. نموت عن الخطية وشهوات العالم ومحبة المال والمقتنيات ونصلب أهوائنا وشهواتنا و نطيع وصاياه. ونجاهد لكي نكمل خلاصنا ونبلغ قيامة الأموات في اليوم الأخير { وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. }(١ بط ٥: ١٠)

+ نشكرك أيها المسيح إلهنا يا من أحبنا وحبه أراد ان يخلصنا من الموت الأبدى ولهذا تجسدت وخدمت خلاصنا وجزت في الموت بالصليب حباً بنا وقمت من بين الأموات منتصرا علي الموت وإبليس وقوى الشر. أنت القادر ان تنتشلنا من موت الخطية و تهبنا قوة القيامة وشركة الألم والمحبة لنقتدى بك ونقوم معك في قيامة الأبرار إلي الحياة الأبدية. علمنا يارب أن ننمو في معرفتك ومحبتك ونختبر قوة قيامتك وشركة الآمك المقدسة ونحيا ودعاء ومتواضعين ,لوصاياك طائعين لنكون لأمجاد السماء وارثين، أمين 

الاثنين، 13 مايو 2024

اتْبَعْنِي أَنْتَ


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

دعوة لتبعية الرب

+  الله فى محبته يدعو كل أحد منا إن يسمع صوته يتبعه بكل قلبه ويحبه لنحيا سعداء على الأرض ونرث السماء وأمجادها. لقد خُلقنا الله كنفخة من روحه ولن تستريح نفوسنا وأرواحنا الا بوجودنا معه, فتجد النفس سلامها وفرحها وراحتها. ومن يتبع الله بقلب كامل يرفعه الله ويصنع منه إناء للكرامة والمجد. الله يريد خلاص الجميع { الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). لكن ليس الكل يخلصون لأنه ليس الكل يريدون. القديس متى "لاوى" العشار الذى كان يعمل فى جباية الضرائب تقابل مع السيد الرب فدعاه لكي يتبعه، فترك كل شئ وتبعه { وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى انسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متى فقال له اتبعني فقام وتبعه }(مت 9 : 9). سار متى وراء الرب وصار من التلاميذ الرسل وكاتب أول الأناجيل المقدسة و كارز عظيم لملكوت الله. وهكذا بقية التلاميذ الذين دعاهم الرب وتبعوه فحولهم من صيادي السمك الى رسل يصطادوا الناس لملكوت الله. لكن هناك من دعاهم الرب ليتبعوه فاستعفاوا ورفضوا دعوته بسبب محبتهم للعالم وشهواته أو أمواله واهتماماته وخسروا سلامهم وأبديتهم { لأنه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 : 26).

+ أن دعوة الله لنا لكي نتبعه هي دعوة للإيمان به وتبعيته وخدمته وهي دعوة مفتوحة لكل أحد، فى كل زمان فقد أحب الله العالم كله ويدعونا للإيمان {لانه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 : 16). وكل منا مسئول عن خلاصه فلا يتحجج أحد ببعد الكثيرين عن الله أو بالعثرات التي في العالم أو عدم إيمان البعض أو انسياق البعض وراء شهواتهم واهتمامات العالم المملوءة بريق خادع يجذب ضعاف النفوس. علينا أن نتسلح بالإيمان القوي الذى يغلب شرور العالم وحروب إبليس ومقاومة الأشرار. كما اننا مدعوين للأخذ بأيدي أخوتنا الضعفاء وأن نسند ونشجع صغار النفوس، ونعمة ربنا يسوع المسيح تعمل فى نفوسنا وروح الله يقود المؤمن القوى ويجعل منه قوة جذب ووسيلة لخلاص من حوله فيرى الناس أعماله الصالحة ويتعلموا منه و يمجدوا الله { فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات} (مت 5 : 16).
ماذا تعني تبعيتنا لله...

+ أن نتبع الرب فهذا يعني ان يكون الله سيدا لحياتنا ونحن ننتسب إليه ولهذا يُدعى المؤمن بالسيد الرب يسوع المسيح "مسيحي" ويجب أن نكون أتباع للمسيح له المجد لا بالكلام ولا باللسان والأسم ولكن بالعمل والحق. نسمع كلامه و نطيع وصاياه ونسير خلفه { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني } (لو 9 : 23). أن حمل الصليب كل يوم بشكر يجعلنا ننال بركة وسلام وقوة من الله وأثقين أن المسيح يسوع ربنا هو سر تعزيتنا وسلامنا وهو المدافع عنا، هكذا رأينا الرب يسوع المسيح يدافع عن المضطهدين معتبرا ما يقع عليهم من ظلم واضطهاد هو أمر يقع عليه هو. هكذا دافع الرب عن المسيحيين فى أنطاكية الذين كان يضطهدهم شاول { فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني صعب عليك ان ترفس مناخس} (أع  26 : 14). تغير شاول الذي يضطهد المؤمنين وتحول الي القديس بولس المجاهد للكرازة باسم المسيح { كارزا بملكوت الله ومعلما بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة بلا مانع}(اع 28 : 31).

+ تبعيتنا لله تعنى طاعتنا له فى محبة كاملة. قد نتدرج فى معرفتنا لله وعلاقتنا به. ونبتدئ بمخافة الله كرأس للحكمة أو نتقدم لنحيا على رجاء وننمو فى معرفتنا لله الى أن نصل الى المحبة الكاملة التي تجعلنا نخدمة برغبة صادقة من القلب ونسرع الى عمل مرضاته كل حين، ليحل المسيح بالإيمان فينا ونتحد به إتحاد الأغصان بالكرمة الحقيقة ونثمر ويدوم به ثمرنا و نقول مع القديس بولس الرسول { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لأجلي }(غل 2 : 20). لقد جاء السيد المسيح متجسدا ومات وقام لا نعيش لانفسنا بل من أجله وكسفراء لمملكته { وهو مات لاجل الجميع كي يعيش الاحياء فيما بعد لا لانفسهم بل للذي مات لاجلهم وقام} (2كو 5 : 15).

+ أن أهم ما يميز المؤمنين بالمسيح هو المحبة الحقيقة لله وللغير ولعمل الخير { وسأله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء.} (مت 35:22-40) نحن نحبه لأنه أحبنا أولا { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19).  وبهذا نعرف أننا أولاد الله وأتباعه { بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا احببنا الله وحفظنا وصاياه}(1يو 5 : 2). وعلينا أن نحب بعضنا البعض ونأخذ بأيدي بعضنا في طريق الكمال المسيحي كأعضاء في جسد المسيح الواحد { بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعضا لبعض} (يو 13 : 35). وهذه وصية مسيحنا القدوس { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا }(يو 13 : 34). علينا أن نسعى فى وصية المحبة لله و لأخوتنا لاسيما المحرومين والضعفاء والخطاة وغير المؤمنين، لنعلن لهم محبتنا بالعمل والحق.

أتبعك سيدي....

+ يا مسيحنا القدوس، يا من دعانا أن نتبعه فى حياة مقدسة متشبهين به كل الأيام. أننا نتبعك من كل القلب والنفس والفكر ونريد ان يكون لنا فكرك المقدس وتحيا وتحل بالإيمان فينا فنكون متعلمين منك. نعيش كما يحق للإنجيل المقدس. نسلك بالمحبة ونسعى فى طريق السلام، فخذ يارب بايدينا وعلمنا ودربنا ولتكن عينك علينا من أول السنة الي آخرها. اجذبنا بشبكة المحبة الالهية وأجعلنا تلاميذ فى حقل خدمتك نتعلم منك بامانة والتزام واتزان ونحيا الإيمان العامل بالمحبة كاتباع لك كل الأيام.

+ نتبعك يا أبانا القدوس كابناء وبنات برره متشبهين بابيهم السماوي فخذ بأيدينا يارب فى دروب المخافة والمحبة واهبا لنا حكمة من روحك القدوس لكي نسير فى طريقك بحق وننمو فى معرفتك ونميز صوتك ونتبعه وتكون انت سيداً ورباً ومعلماً لنا نتتلمذ على كتابك المقدس ونلهج فى وصاياك و نحافظ علي إيماننا المستقيم الذي تسلمناه من الرسل والآباء كوديعة مقدسة ونحوله الي سلوك وحياة واثقين فى أبوتك وحنانك ورعايتك. ونحمل الصليب بشكر وفرح  كل يوم عالمين أنك تهبنا نعمة وبركة وسلام وها هو وعدك الصادق يعزينا { وها أنا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20).

+ نلبي يارب دعوتك ونتبعك من كل القلب، ونصلى طالبين أن تغفر لنا خطايانا وعدم أمانتنا تجاه دعوتك وها نحن نطوى صفحة الأيام الماضية ونسرع إلى الاستجابة الى دعوتك المقدسة فاقبلنا اليك ايها الرب كصالح ومحب البشر واجعلنا من أصحاب الساعة الحادية عشر الذين أتوا إليك فى الهزيع الأخير من النهار وقبلتهم وأعطيتهم الأجر الكامل كصالح ومحب البشر. ونصلى من أجل كل نفس لم تذوق ما أطيبك أيها المعلم الصالح لتجذبها اليك لنكون رعية واحدة لراع وأحد، أمين. 

السبت، 11 مايو 2024

أحد توما الرسول

 


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


 الأحد الجديد

+ يسمى الأحد التالي لعيد القيامة المجيد بأحد توما أو الأحد الجديد لان الرب يسوع المسيح القائم من بين الأموات ظهر فيه للتلاميذ ليؤكد لتوما الرسول حقيقة قيامته من بين الأموات و يزيل شكه وحيرته وليقوى إيمان الرسل ليكونوا شهود لموته وقيامته. ففي أحد القيامة لم يكن توما مع التلاميذ. إن أنعزال الفرد عن جماعة الكنيسة يعرضه بالأكثر للشكوك والحيرة { فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ». }(يو ٢٠: ٢٥). وفي الاحد الجديد ظهر الرب للتلاميذ وكان توما معهم { ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».} (يو ٢٠: ٢٧-٢٩). كان توما يميل الي الشك ويريد أن يرى بعينيه ويحس بيديه والله عالم بضعفنا و شكوكنا وفشلنا ولا يريد ان نحيا في الشك والحيرة والقلق بل يهمه سلامنا وتقويه إيماننا وازالة شكوكنا رغم تأكيده لتلاميذه والرسل بأنه سيقوم في اليوم الثالث أحداث الصلب أضعف إيمانهم والله يهمه أن يعلن لنا ذاته بطرق متنوعة لنختبر وجوده في حياتنا ونؤمن به بكل قلوبنا وأرواحنا.

 + لم يصدق توما الرسول خبر القيامة بل أراد برهان حسي عليها. فاتي إليه الرب لينقذه من شكوكه ويقوى إيمانه ليكون شاهداً علي كلامه فهو الصادق والأمين فصرخ عندما راه "ربي والهي" . إن ما عاشه توما يعيشه كثيرون من المتشككين وغير المؤمنين بوجود الله وسط الضغوط والشر والمادية والظلم وقد يتهافت البعض طالبين معجزات تقوى إيمانهم. ولكن نرى السيد المسيح يرد علي لسان ابراهيم علي الغني الذي طلب ان يرسل الله لعازر البلايا من السماء أو واحد من الأموات ليؤمن اخوة الغني { فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ.} (لو ١٦: ٣٠، ٣١). نحن مدعوين للإيمان دون ان نرى لنقول مع  بولس الرسول { لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ.}(٢ تيم ١: ١٢). ومازال الله يظهر ذاته لأمثال توما وكل أزمة نعيشها في حياتنا تدفعنا لأن نكتشف الله كما يريد هو لا كما نريده نحن لننتقل من الشك للإيمان. الله يكشف لنا عن ذاته بقدر ما نسعي لنقاوة قلوبنا من الخطية { طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ.}(مت ٥: ٨). ويعلن الله لنا ذاته بحفظنا وطاعتنا للوصية ونعرفه ونثبت فيه بتناولنا بانسحاق من اسراره الإلهية { فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا، فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا}(لو ٢٤: ٣٠، ٣١). حتى الطبيعة من حولنا تشهد لله { اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.} (مز ١٩: ١). أننا نحتاج أن نصغي لصوت روح الله داخلنا { َأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.} (يو١٤: ٢٦). وكلمنا طلبنا بتواضع قلب فان الله يعلن لنا عن ذاته { اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي} (عبر 1: 1-3).

إيماننا بالمسيح وموته وقيامته                  

+ إيماننا بمحبة الله للبشر وبالتجسد الإلهي وبموت المسيح وقيامته من الركائز الأساسية التي قامت عليها المسيحية وعاشتها الكنيسة عبر تاريخها الطويل { لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ }(يو 3 : 16). فموت المسيح لخلاصنا و فدائنا وقيامته لتبريرنا ركيزة هامة في الإيمان المسيحي { وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ!. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ.لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ.} ( 1 كو 17:15-22). إن الله يرينا ذاته ببراهين كثيرة من خلال الكتاب المقدس أو الأسرار المقدسة أو سير القديسين أومن خلال اختباراتنا الشخصية التى نلمس فيها وجوده معنا ونراه من خلال الطبيعة والأحداث والناس. وعلينا ان نصلي لله ليعطينا البصيرة الروحية لنؤمن { كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ} (أف ١: ١٧-١٨).

+ ما بين الشك والإيمان .. أننا نؤمن بكروية الأرض رغم أننا لم نراها كما نصدق حقائق علمية دون أن نختبرها وعلينا ان نصدق الله في محبته وخلاصه وتجسده وفدائه كحقائق إيمانية صنعت قديسين علي مر التاريخ. ونحن نبحث عن الحقّ نعتقد أنّنا بعقولنا الصّغيرة المحدودة سنجده ونعانيه. الله روح ويحتاج منا البصيرة الروحية التي ترتفع فوق الحواس ولا تتعارض معها ولن نستطيع أن نحد الله بعقولنا القاصرة لكن علينا أن نؤمن ثم نتعقل لنفهم ونعرف محبة الله ويؤكّد لنا حضوره الحيّ. منتهى المحبّة للإنسان الضّعيف والنّاقص، وغير المدرك للمحبّة الإلهيّة الكاملة. إنّ الله لا يتوانى عن احتضان الكيان الإنسانيّ لأنه يريد للجميع الخلاص والحياة الأبدية. كما { طوبى للّذين آمنوا ولم يروا} لا تعني إطلاقاً الإيمان الاعتباطي دون فهم ومثابرة على الثّبات في العلاقة مع الرّبّ. وإنّما هذه الآية موجّهة للثّابتين في محبّة الرّبّ رغم كلّ الشّكوك والتّناقضات، والثّقافات، والنّظريّات الإلحادية وطوبى للّذين يؤمنون فيروا  الرّبّ، فيسبق حبّهم الرّؤية. فالقلب الذي يحب الله يعلن له عن ذاته { الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي }(يو 14 : 21). النّفس إذ تشتاق للمسيح تعاين مجده. لكن الشك والتردد والإيمان القليل هي أمور طبيعية في الإنسان الذي يسعى إلى الله بفكره. حتى أن الرسل توسلوا إلى السيد لكي يزيدهم إيماناً. فالشك هو مرض روحي خطير غير منطقي ناتج عن كبرياء أو قساوة قلب أو خطايا رابضة في القلب تحرم الإنسان عن معرفة الله أو حياة متقلبة ومشوشة  بينما الإيمان يتخطى المنطق.

صلاة لتقوية الإيمان
+ نسأل ونطلب من صلاحك يا الله الرحوم, محب البشر الصالح أن تقوي إيماننا وتزيد محبتنا لك وتنمي رجائنا فيك فأنت لا تشاء هلاك أحد, بل تريد أن الجميع يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون . ونحن في عالم الألحاد والشك نريد أن تعلن لنا ذاتك وتفتح أعين قلوبنا لنعاين مجدك ويدك العاملة مع الناس وفي الأحداث وضابط الكون والكل فخلصنا من الشك والخطية والشر لنؤمن بمحبتك ورحمتك وخلاصك.

 +إعلن لنا أيها المسيح إلهنا عن ذاتك وأضئ عقولنا وقلوبنا وأرواحنا بروحك القدوس، بدد شكوكنا و أعطنا سلامك الكامل الذي يبدد الخوف والحيرة والقلق لنثق في حضورك ووجودك معنا وسط ضيقات الحياة . قود يارب سفينة حياتنا وبلادنا وعالمنا لنسير معك حياة الإيمان العامل بالمحبة ونشهد لعمل نعمتك المحررة والمغيرة والمطهرة التي تعمل فينا بقوة القيامة المجيدة، أمين.