نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 30 مايو 2024

ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية

 

ماذا أفعل لارث الحياة الابدية ؟

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

أنظر داخلك ومن حولك

انه سؤال هام يجب علينا ان نسأله لأنفسنا ، ونسأل الله ان يهبنا الأجابة الصالحة التى نعيها كرسالة لنا فى الحياة نعمل بها ونحياها ليكون لنا نصيباً وميراثاً مع جميع القديسين . فنحن لسنا مخلدون على وجه الإرض وحياتنا ما هى الا أشبار أو بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل ان قيست بالحياة الأبدية ، فان الابدية سميت هكذا لانه لا نهاية لها وهى مستقر الإنسان الأخير . والكتاب المقدس يدعونا للحياة الإبدية {جاهد جهاد الايمان الحسن و امسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت } (1تي  6 :  12) .

رغم ان حياتنا على الارض قصيرة ورغم أهمية العمل للحياة الإبدية الإ ان الكثيرين لا ينظرون الى المستقبل الأبدى ويهتمون فقط بحياتهم على الأرض وقد تناسوا المستقبل الإبدى  وانشغلوا عنه باوجاع وهموم كثيرة بل يعمل الكثيرين ويكدوا ويدخروا من أجل تأمين حياة كريمة لهم ولأبنائهم على الإرض وفى سبيل ذلك تراهم يكدون ويجاهدون ليلا ونهارا ويكنزون لهم كنوزاً على الإرض وفى طرفة عين نراها تنهار ؟ أو فى ثوان معدودة نراهم تركوها الى العالم الأخر كالغنى الغبى الذى ظن ان له خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة فقال لنفسه كلى واشربى {فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون} (لو  12 :  20)

نرى الذين فى مناصب يتناسون انها لوقت قليل وسيتركونها بارادتهم او رغماً عنهم ، فتراهم يتشبثون بمناصبهم ويتسلطون على مرؤوسيهم ويمارسون الفساد والظلم ولا يتعلمون من وكيل الظلم الذى استطاع ان يدخر بحكم منصبه محبة للناس وخدمة وتخفيف الديون حتى اذا عزلوه من الوكاله يجد بيوتاً تفتح له ابوابها وقلوباً تستقبله بالمحبة ومن أجل ذلك أستحق المديح من رب المجد.

اخرون نراهم أغراهم المال او الجمال او الأهتمام الزائد بهموم الحياة وملاذها فاخذوا يهتمون بتنمية ثرواتهم أو الأهتمام بأجسادهم وملاذها وشهواتها ، او اهتموا حتى بهموم الحياة دون ان يتطلعوا بعيون الرجاء الى الأبدية السعيدة .

 

سؤال يحتاج الى أجابة وحياة..

 

لقد جاء الى السيد المسيح خلال خدمته على الأرض أثنين يسالأنه ماذا يفعلان  ليرثا الحياة الإبدية وكانت إجابة المخلص هى توجيههما الى الكتاب المقدس وما هو مكتوب فيه ليفعلا كما جاء بالكتاب {و اذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية. فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا. فاجاب و قال تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل قدرتك و من كل فكرك و قريبك مثل نفسك. فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا} . لو 25:10-28

وعندما جاء أخر للرب يسأله نفس السؤال راينا الرب يوجهه نحو الوصايا السلوكية بين الانسان واهله ومجتمعه ثم يوجهه الى قامة أعلى فى الكمال { و فيما هو خارج الى الطريق ركض واحد و جثا له و ساله ايها المعلم الصالح ماذا اعمل لارث الحياة الابدية...فقال له يسوع  انت تعرف الوصايا لا تزن ،لا تقتل ،لا تسرق ،لا تشهد بالزور، لا تسلب، اكرم اباك و امك. فاجاب و قال له يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فنظر اليه يسوع و احبه و قال له يعوزك شيء واحد اذهب بع كل ما لك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني حاملا الصليب، فاغتم على القول و مضى حزينا لانه كان ذا اموال كثيرة. } .مر17:10-22

ونحن نحتاج ان نوجه هذا السؤال لله ولانفسنا ومن خلال الكتاب المقدس نفهم ماذا يجب علينا ان نفعل لنرث الحياة الإبدية ونكون مع الله فى السماء ونتمتع بعشرة القديسين فى المجد ..

الأيمان بالله ومحبته وخلاصه

نحتاج للإيمان والثقة بالله ومحبته وخلاصه وأبوته وعمل روحه القدوس. وان تكون لنا علاقة محبة بالله الذى أحبنا قبل تأسيس العالم واعلن لنا محبته بالتجسد الإلهى واقترابه الينا ليعلن لنا محبته وفدائه وفعل الإيمان يحتاج الى ثقة وحب ورجاء { و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه هكذا احب الله العالم حتى  بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان و الذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد}. يو 14:3-18.

نحن بالإيمان نحيا ونعتمد بالماء والروح لنصير ابناء الله وورثة لملكوته السماوى ، وبالإيمان نعمل ما يرضى الله وبالايمان نصلى ونصوم ونمارس اسرار الكنيسة ونحيا حياتنا الكنسية وبالإيمان نصدق الله وكلامه ووعوده وصفاته وكتابه المقدس { و انك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع (2تي  3 :  15)

و اما البار فبالايمان يحيا و ان ارتد لا تسر به نفسي (عب  10 :  38) بل ان غاية الكتاب المقدس وآياته هو ان نؤمن وتكون لنا الحياة الإبدية { و ايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. و اما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله و لكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه }. يو30:20-31.

ليكن لنا ايمان بالله ونحيا حياة الإيمان التى تهبنا الرجاء والسلام والطمانينة وبايماننا الاقدس  والحياة طبقاً له يقدم لنا بسعة الدخول الى الحياة الأبدية .

التوبة والرجوع الى الله ...

ان حياة الخطية هى موت روحى وانفصال عن الله من اجل هذا قال الرب يسوع المسيح فى مثل الأبن الضال عندما رجع بالتوبة { و لكن كان ينبغي ان نفرح و نسر لان اخاك هذا كان ميتا فعاش و كان ضالا فوجد} لو 30:15 ولكل الخطاة جاء الله ، المخلص والمحرر والطبيب يدعونا  قائلاً { لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة } (مر  2 :  17) وعندما بدء الرب يسوع المسيح دعوته كان يدعونا الى التوبة  { من ذلك الزمان ابتدا يسوع يكرز و يقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات}. (مت 17:4). لكن للأسف الشديد نرى الكثير من المؤمنين يؤخرون توبتهم وهم لا يعلمون ان فى ذلك عدم أمانه لله وضياع لوقت ربما نطلبه او نطلب التوبه فلا نجدها وقد نكون قد تعودنا على نمط حياة خاطئة وأصبحت لنا ارتباطات وعادات خاطئه لا نستطيع التخلص منها ، ويحيا الانسان الخاطئ فى قلق وعدم سلام وفقدان للرجاء والفرح وها هو الرب  يحذرنا اننا ان ان لم نتوب فسنهلك {كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون}  (لو  13 :  3) وينبه علينا الأنجيل المقدس ان لا نؤخر توبتنا بل نتوب ونعترف بخطايانا { لا تؤخر التوبة الى الرب و لا تتباطا من يوم الى يوم (سيراخ  5 :  8).  ان اعترفنا بخطايانا فهو امين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم (1يو  1 :  9) فلماذا نهمل خلاص هذا مقداره { هذا و انكم عارفون الوقت انها الان ساعة لنستيقظ من النوم فان خلاصنا الان اقرب مما كان حين امنا. قد تناهى الليل و تقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة و نلبس اسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر و السكر لا بالمضاجع و العهر لا بالخصام و الحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح و لا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات} رو 11:13-14 .

حياة الفضيلة والبر وثمر الروح..

اننا مدعوين الى حياة الكمال المسيحى ولابد ان نثمر ثمر البر والروح { كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في }  (مت  7 :  19) ولان الله رحوم وبار فانه يطلب منا الثمر على مقدار الوزنات والأمكانيات المتاحة لنا ولكن علينا ان ننمى هذه الوزنات ونربح بها لحساب الملكوت السماوى .ولهذا يدعونا الكتاب ان نقدم فى ايماننا فضيلة وتقوى { لهذا عينه و انتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة و في الفضيلة معرفة. و في المعرفة تعففا و في التعفف صبرا و في الصبر تقوى. و في التقوى مودة اخوية و في المودة الاخوية محبة. لان هذه اذا كانت فيكم و كثرت تصيركم لا متكاسلين و لا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح.لان الذي ليس عنده هذه هو اعمى قصير البصر قد نسي تطهير خطاياه السالفة. لذلك بالاكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم و اختياركم ثابتين لانكم اذا فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا. لانه هكذا يقدم لكم بسعة دخول الى ملكوت ربنا و مخلصنا يسوع المسيح الابدي} .2بط5:1-11.

ان كل شجرة تصنع ثمر كجنسها والإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح { لانه ما من شجرة جيدة تثمر ثمرا رديا و لا شجرة ردية تثمر ثمرا جيدا ،لان كل شجرة تعرف من ثمرها فانهم لا يجتنون من الشوك تينا و لا يقطفون من العليق عنبا (لو  6 : 43، 44) ولهذا نحن لا نشترك فى أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحرى نوبخها باعمالنا وحياتنا البارة . ونسلك منقادين لروح الله وارشاده فنثمر ثمراً صالحاً {و اما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان } (غل  5 :  22) {لان ثمر الروح هو في كل صلاح و بر و حق} (اف  5 :  9) . ان الثمار الصالحة هى ثمار الأيمان العامل بالمحبة وتعبيراً عن محبتنا لله فى كل محتاج وحزين وبائس، ولهؤلاء حتى كأس الماء البارد لن يضيع اجرة من الله الذى يعطى كل واحد وواحدةً حسب عملهم ، ولان نجم يمتاز عن نجم فى المجد فعلينا ان نسعى لكى ننال ونحصل على الأكاليل التى لا تذبل و ننسى ما وراء ونمتد الى ما هو قدام  تواضع العبيد البطالين ليرفعنا الله الى مرتبة الابناء الامناء فى بيت الله وهكذا نمسك بالحياة الإبدية التى لها دعينا.

أجذبنا ورائك فنجرى ...

ربنا الحبيب انت أجمل نصيب وأعظم مكأفاة للنفس البشرية. معرفتك حياة أبدية ومحبتك كنز النفس البشرية . معك لا نريد شئياً على الإرض وبك نحن سعداء وفرحين ونحيا على رجاء الحياة الأبدية .

الى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك والى من نلتجأ وانت الراعى الصالح والاب الحنون والمرشد الأمين ، كلامك شبع للنفس ومحبتك حياة أبدية وسلامك يفوق العقول والبعد عنك شقاء وفناء وهلاك .

ربى والهى وسلامى ، علمنى ان أحبك لا طمعا فى الحياة الابدية ولا سعياً للمكافأة والاجر السمائى ولا خوفاً من الهلاك الابدى ، بل أحبك لانك أبى والهى والتصق بك لانى مخلصى الأمين ، ولانك أحببتنى قبل ان أوجد وتقدم لى ذاتك حباً بلا مقابل .

اريد يا ابتاه ان يعرف العالم انك أحبببتهم وانك تفتح أحضانك لرجوع الخطاة ولقبول التائبين ولتهب القوة للضعفاء والحكمة للجهال والمحبة للمحرومين والرجاء للبائسين والسلام للقلقين والأيمان للجاحدين ، فانت غافر الخطايا، ومانح العطايا وكنز كل البركات.

لتنظر يارب بعين الرحمة والحنان لكل البشرية وتقودها للرجوع اليك ، لتنظر لبلادنا وشعبك فيها وتمنحها السلام والإيمان والمحبة والرجاء فى مستقبل أفضل ، لتسعى فى طلب الضالين مانحا معرفتك وسلامك للعالم الذى يسير نحو الهاوية ، ومن أجل القلوب الضارعة والأيدى المرفوعة والنفوس الأمينة والبقية الباقية ارجع وأطلع من السماء وتعهد هذه الكرمة التى غرستها يمينك واهبنا ايانا الحياة الإبدية .


السبت، 18 مايو 2024

قيامتنا مع المسيح

+ اليك يا لله الآب القدوس نقدم الشكر والتسبيح لأنك أحببتنا وخلصتنا من الموت الأبدي بموت وقيامة ابنك الوحيد، لنقوم معه ونحيا بالروح حياة روحية مقدسة تليق بأبناء القيامة. نسمو عن الخطية ونرتفع عن الصغائر ونعيش شهود أمناء لمحبتك الإلهية ورحمتك الأبدية ونعمتك الغنية. نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر الصالح أن تعمل فينا وترشدنا لنعمل ما يرضيك وننقاد بروحك القدوس كل حين، آمين 

الخميس، 16 مايو 2024

لأعرفه وقوة قيامته


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ علينا في زمن الخمسين المقدسة أن نسعي لأكتساب معرفه أختباريه بالمسيح يسوع ربنا وننمو في معرفته يوماً فيوم ونتعلم منه ونقتدى به وننهل من قوة قيامته تلك التي بها ظهر لشاول المضطهد للكنيسة فحوله الي رسول عظيم يبشر ويكرز بملكوت الله وبفضل من دعاه من الظلمة الي نوره العجيب ويقول { لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. }(في ٣: ١٠، ١١). لقد اعتبر بولس معرفة المسيح والإيمان به أهم شيء لديه حتى حسب كل شئ كنفاية ليربح المسيح ويوجد فيه وينمو في معرفة طبيعته ومحبته وتواضعه واقتداره.

+ لقد كانت قوة القيامة وظهور الرب القائم ووجهه كالشمس قوة مغيرة ومحررة لشاول فقد قام الرب بقوة لاهوته من القبر وهو مغلق وظهر لكثيرين ات عديدة وبرهن لهم مما جاء عن آلامه وقيامته من التوراة والأنبياء وأكد لهم مرات عديدة { ها نحن صاعدون الى اورشليم وابن الانسان يسلم الى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلمونه الى الامم لكي يهزاوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم.} ( مت 18:20-19). لقد تعرف شاول علي المسيح فى الطريق لدمشق واختبر قوة قيامة المسيح فيه من خلال ما واجهه في مختلف مواقف الحياة الصعبة واختبر قوة القيامة التي عملت فيه بقوة شاهدا علي موت وقيامة المسيح وبقوة الإيمان انتشل بولس الرسول الأمم من وثنيتهم ليصيروا قديسين.
+ كما أختبر القديس بولس شركة الآلام المسيح حتى ان الرب قال لحنانيا { فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي».} (أع ٩: ١٥، ١٦). فتعرض بولس في حياته فى أضطهادات وميتات واخطار كثيرة والرب كان يخلصه منها { فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. }(٢ كو ١١: ٢٣). تذوق بولس الرسول قوة محبة المسيح حتى صار يشتهي ان يتألم من أجله وصار سهل عليه قبول الألم وحسب نفسه كغنمة تساق الي الذبح  حتى قال أنشودته الخالدة { مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. }(رو ٨: ٣٥-٣٩) . إختبر بولس محبة الله الآب ورحمته وقيادة الراعي الصالح الأمينة وتعزية الروح وحسب الألم والموت كهبة روحية من الله للمؤمن { لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ. }(في ١: ٢٩) . لإنه أن أشتركنا في الألم فلكي نكون شركاء في المجد { فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. }(رو ٨: ١٧، ١٨). إن قمة المحبة للمسيح أن نكون مستعدين للموت لأجله. نموت عن الخطية وشهوات العالم ومحبة المال والمقتنيات ونصلب أهوائنا وشهواتنا و نطيع وصاياه. ونجاهد لكي نكمل خلاصنا ونبلغ قيامة الأموات في اليوم الأخير { وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. }(١ بط ٥: ١٠)

+ نشكرك أيها المسيح إلهنا يا من أحبنا وحبه أراد ان يخلصنا من الموت الأبدى ولهذا تجسدت وخدمت خلاصنا وجزت في الموت بالصليب حباً بنا وقمت من بين الأموات منتصرا علي الموت وإبليس وقوى الشر. أنت القادر ان تنتشلنا من موت الخطية و تهبنا قوة القيامة وشركة الألم والمحبة لنقتدى بك ونقوم معك في قيامة الأبرار إلي الحياة الأبدية. علمنا يارب أن ننمو في معرفتك ومحبتك ونختبر قوة قيامتك وشركة الآمك المقدسة ونحيا ودعاء ومتواضعين ,لوصاياك طائعين لنكون لأمجاد السماء وارثين، أمين 

الاثنين، 13 مايو 2024

اتْبَعْنِي أَنْتَ


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

دعوة لتبعية الرب

+  الله فى محبته يدعو كل أحد منا إن يسمع صوته يتبعه بكل قلبه ويحبه لنحيا سعداء على الأرض ونرث السماء وأمجادها. لقد خُلقنا الله كنفخة من روحه ولن تستريح نفوسنا وأرواحنا الا بوجودنا معه, فتجد النفس سلامها وفرحها وراحتها. ومن يتبع الله بقلب كامل يرفعه الله ويصنع منه إناء للكرامة والمجد. الله يريد خلاص الجميع { الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). لكن ليس الكل يخلصون لأنه ليس الكل يريدون. القديس متى "لاوى" العشار الذى كان يعمل فى جباية الضرائب تقابل مع السيد الرب فدعاه لكي يتبعه، فترك كل شئ وتبعه { وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى انسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متى فقال له اتبعني فقام وتبعه }(مت 9 : 9). سار متى وراء الرب وصار من التلاميذ الرسل وكاتب أول الأناجيل المقدسة و كارز عظيم لملكوت الله. وهكذا بقية التلاميذ الذين دعاهم الرب وتبعوه فحولهم من صيادي السمك الى رسل يصطادوا الناس لملكوت الله. لكن هناك من دعاهم الرب ليتبعوه فاستعفاوا ورفضوا دعوته بسبب محبتهم للعالم وشهواته أو أمواله واهتماماته وخسروا سلامهم وأبديتهم { لأنه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 : 26).

+ أن دعوة الله لنا لكي نتبعه هي دعوة للإيمان به وتبعيته وخدمته وهي دعوة مفتوحة لكل أحد، فى كل زمان فقد أحب الله العالم كله ويدعونا للإيمان {لانه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 : 16). وكل منا مسئول عن خلاصه فلا يتحجج أحد ببعد الكثيرين عن الله أو بالعثرات التي في العالم أو عدم إيمان البعض أو انسياق البعض وراء شهواتهم واهتمامات العالم المملوءة بريق خادع يجذب ضعاف النفوس. علينا أن نتسلح بالإيمان القوي الذى يغلب شرور العالم وحروب إبليس ومقاومة الأشرار. كما اننا مدعوين للأخذ بأيدي أخوتنا الضعفاء وأن نسند ونشجع صغار النفوس، ونعمة ربنا يسوع المسيح تعمل فى نفوسنا وروح الله يقود المؤمن القوى ويجعل منه قوة جذب ووسيلة لخلاص من حوله فيرى الناس أعماله الصالحة ويتعلموا منه و يمجدوا الله { فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات} (مت 5 : 16).
ماذا تعني تبعيتنا لله...

+ أن نتبع الرب فهذا يعني ان يكون الله سيدا لحياتنا ونحن ننتسب إليه ولهذا يُدعى المؤمن بالسيد الرب يسوع المسيح "مسيحي" ويجب أن نكون أتباع للمسيح له المجد لا بالكلام ولا باللسان والأسم ولكن بالعمل والحق. نسمع كلامه و نطيع وصاياه ونسير خلفه { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني } (لو 9 : 23). أن حمل الصليب كل يوم بشكر يجعلنا ننال بركة وسلام وقوة من الله وأثقين أن المسيح يسوع ربنا هو سر تعزيتنا وسلامنا وهو المدافع عنا، هكذا رأينا الرب يسوع المسيح يدافع عن المضطهدين معتبرا ما يقع عليهم من ظلم واضطهاد هو أمر يقع عليه هو. هكذا دافع الرب عن المسيحيين فى أنطاكية الذين كان يضطهدهم شاول { فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني صعب عليك ان ترفس مناخس} (أع  26 : 14). تغير شاول الذي يضطهد المؤمنين وتحول الي القديس بولس المجاهد للكرازة باسم المسيح { كارزا بملكوت الله ومعلما بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة بلا مانع}(اع 28 : 31).

+ تبعيتنا لله تعنى طاعتنا له فى محبة كاملة. قد نتدرج فى معرفتنا لله وعلاقتنا به. ونبتدئ بمخافة الله كرأس للحكمة أو نتقدم لنحيا على رجاء وننمو فى معرفتنا لله الى أن نصل الى المحبة الكاملة التي تجعلنا نخدمة برغبة صادقة من القلب ونسرع الى عمل مرضاته كل حين، ليحل المسيح بالإيمان فينا ونتحد به إتحاد الأغصان بالكرمة الحقيقة ونثمر ويدوم به ثمرنا و نقول مع القديس بولس الرسول { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لأجلي }(غل 2 : 20). لقد جاء السيد المسيح متجسدا ومات وقام لا نعيش لانفسنا بل من أجله وكسفراء لمملكته { وهو مات لاجل الجميع كي يعيش الاحياء فيما بعد لا لانفسهم بل للذي مات لاجلهم وقام} (2كو 5 : 15).

+ أن أهم ما يميز المؤمنين بالمسيح هو المحبة الحقيقة لله وللغير ولعمل الخير { وسأله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء.} (مت 35:22-40) نحن نحبه لأنه أحبنا أولا { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19).  وبهذا نعرف أننا أولاد الله وأتباعه { بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا احببنا الله وحفظنا وصاياه}(1يو 5 : 2). وعلينا أن نحب بعضنا البعض ونأخذ بأيدي بعضنا في طريق الكمال المسيحي كأعضاء في جسد المسيح الواحد { بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعضا لبعض} (يو 13 : 35). وهذه وصية مسيحنا القدوس { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا }(يو 13 : 34). علينا أن نسعى فى وصية المحبة لله و لأخوتنا لاسيما المحرومين والضعفاء والخطاة وغير المؤمنين، لنعلن لهم محبتنا بالعمل والحق.

أتبعك سيدي....

+ يا مسيحنا القدوس، يا من دعانا أن نتبعه فى حياة مقدسة متشبهين به كل الأيام. أننا نتبعك من كل القلب والنفس والفكر ونريد ان يكون لنا فكرك المقدس وتحيا وتحل بالإيمان فينا فنكون متعلمين منك. نعيش كما يحق للإنجيل المقدس. نسلك بالمحبة ونسعى فى طريق السلام، فخذ يارب بايدينا وعلمنا ودربنا ولتكن عينك علينا من أول السنة الي آخرها. اجذبنا بشبكة المحبة الالهية وأجعلنا تلاميذ فى حقل خدمتك نتعلم منك بامانة والتزام واتزان ونحيا الإيمان العامل بالمحبة كاتباع لك كل الأيام.

+ نتبعك يا أبانا القدوس كابناء وبنات برره متشبهين بابيهم السماوي فخذ بأيدينا يارب فى دروب المخافة والمحبة واهبا لنا حكمة من روحك القدوس لكي نسير فى طريقك بحق وننمو فى معرفتك ونميز صوتك ونتبعه وتكون انت سيداً ورباً ومعلماً لنا نتتلمذ على كتابك المقدس ونلهج فى وصاياك و نحافظ علي إيماننا المستقيم الذي تسلمناه من الرسل والآباء كوديعة مقدسة ونحوله الي سلوك وحياة واثقين فى أبوتك وحنانك ورعايتك. ونحمل الصليب بشكر وفرح  كل يوم عالمين أنك تهبنا نعمة وبركة وسلام وها هو وعدك الصادق يعزينا { وها أنا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20).

+ نلبي يارب دعوتك ونتبعك من كل القلب، ونصلى طالبين أن تغفر لنا خطايانا وعدم أمانتنا تجاه دعوتك وها نحن نطوى صفحة الأيام الماضية ونسرع إلى الاستجابة الى دعوتك المقدسة فاقبلنا اليك ايها الرب كصالح ومحب البشر واجعلنا من أصحاب الساعة الحادية عشر الذين أتوا إليك فى الهزيع الأخير من النهار وقبلتهم وأعطيتهم الأجر الكامل كصالح ومحب البشر. ونصلى من أجل كل نفس لم تذوق ما أطيبك أيها المعلم الصالح لتجذبها اليك لنكون رعية واحدة لراع وأحد، أمين. 

السبت، 11 مايو 2024

أحد توما الرسول

 


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


 الأحد الجديد

+ يسمى الأحد التالي لعيد القيامة المجيد بأحد توما أو الأحد الجديد لان الرب يسوع المسيح القائم من بين الأموات ظهر فيه للتلاميذ ليؤكد لتوما الرسول حقيقة قيامته من بين الأموات و يزيل شكه وحيرته وليقوى إيمان الرسل ليكونوا شهود لموته وقيامته. ففي أحد القيامة لم يكن توما مع التلاميذ. إن أنعزال الفرد عن جماعة الكنيسة يعرضه بالأكثر للشكوك والحيرة { فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ». }(يو ٢٠: ٢٥). وفي الاحد الجديد ظهر الرب للتلاميذ وكان توما معهم { ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».} (يو ٢٠: ٢٧-٢٩). كان توما يميل الي الشك ويريد أن يرى بعينيه ويحس بيديه والله عالم بضعفنا و شكوكنا وفشلنا ولا يريد ان نحيا في الشك والحيرة والقلق بل يهمه سلامنا وتقويه إيماننا وازالة شكوكنا رغم تأكيده لتلاميذه والرسل بأنه سيقوم في اليوم الثالث أحداث الصلب أضعف إيمانهم والله يهمه أن يعلن لنا ذاته بطرق متنوعة لنختبر وجوده في حياتنا ونؤمن به بكل قلوبنا وأرواحنا.

 + لم يصدق توما الرسول خبر القيامة بل أراد برهان حسي عليها. فاتي إليه الرب لينقذه من شكوكه ويقوى إيمانه ليكون شاهداً علي كلامه فهو الصادق والأمين فصرخ عندما راه "ربي والهي" . إن ما عاشه توما يعيشه كثيرون من المتشككين وغير المؤمنين بوجود الله وسط الضغوط والشر والمادية والظلم وقد يتهافت البعض طالبين معجزات تقوى إيمانهم. ولكن نرى السيد المسيح يرد علي لسان ابراهيم علي الغني الذي طلب ان يرسل الله لعازر البلايا من السماء أو واحد من الأموات ليؤمن اخوة الغني { فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ.} (لو ١٦: ٣٠، ٣١). نحن مدعوين للإيمان دون ان نرى لنقول مع  بولس الرسول { لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ.}(٢ تيم ١: ١٢). ومازال الله يظهر ذاته لأمثال توما وكل أزمة نعيشها في حياتنا تدفعنا لأن نكتشف الله كما يريد هو لا كما نريده نحن لننتقل من الشك للإيمان. الله يكشف لنا عن ذاته بقدر ما نسعي لنقاوة قلوبنا من الخطية { طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ.}(مت ٥: ٨). ويعلن الله لنا ذاته بحفظنا وطاعتنا للوصية ونعرفه ونثبت فيه بتناولنا بانسحاق من اسراره الإلهية { فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا، فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا}(لو ٢٤: ٣٠، ٣١). حتى الطبيعة من حولنا تشهد لله { اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.} (مز ١٩: ١). أننا نحتاج أن نصغي لصوت روح الله داخلنا { َأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.} (يو١٤: ٢٦). وكلمنا طلبنا بتواضع قلب فان الله يعلن لنا عن ذاته { اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي} (عبر 1: 1-3).

إيماننا بالمسيح وموته وقيامته                  

+ إيماننا بمحبة الله للبشر وبالتجسد الإلهي وبموت المسيح وقيامته من الركائز الأساسية التي قامت عليها المسيحية وعاشتها الكنيسة عبر تاريخها الطويل { لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ }(يو 3 : 16). فموت المسيح لخلاصنا و فدائنا وقيامته لتبريرنا ركيزة هامة في الإيمان المسيحي { وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ!. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ.لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ.} ( 1 كو 17:15-22). إن الله يرينا ذاته ببراهين كثيرة من خلال الكتاب المقدس أو الأسرار المقدسة أو سير القديسين أومن خلال اختباراتنا الشخصية التى نلمس فيها وجوده معنا ونراه من خلال الطبيعة والأحداث والناس. وعلينا ان نصلي لله ليعطينا البصيرة الروحية لنؤمن { كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ} (أف ١: ١٧-١٨).

+ ما بين الشك والإيمان .. أننا نؤمن بكروية الأرض رغم أننا لم نراها كما نصدق حقائق علمية دون أن نختبرها وعلينا ان نصدق الله في محبته وخلاصه وتجسده وفدائه كحقائق إيمانية صنعت قديسين علي مر التاريخ. ونحن نبحث عن الحقّ نعتقد أنّنا بعقولنا الصّغيرة المحدودة سنجده ونعانيه. الله روح ويحتاج منا البصيرة الروحية التي ترتفع فوق الحواس ولا تتعارض معها ولن نستطيع أن نحد الله بعقولنا القاصرة لكن علينا أن نؤمن ثم نتعقل لنفهم ونعرف محبة الله ويؤكّد لنا حضوره الحيّ. منتهى المحبّة للإنسان الضّعيف والنّاقص، وغير المدرك للمحبّة الإلهيّة الكاملة. إنّ الله لا يتوانى عن احتضان الكيان الإنسانيّ لأنه يريد للجميع الخلاص والحياة الأبدية. كما { طوبى للّذين آمنوا ولم يروا} لا تعني إطلاقاً الإيمان الاعتباطي دون فهم ومثابرة على الثّبات في العلاقة مع الرّبّ. وإنّما هذه الآية موجّهة للثّابتين في محبّة الرّبّ رغم كلّ الشّكوك والتّناقضات، والثّقافات، والنّظريّات الإلحادية وطوبى للّذين يؤمنون فيروا  الرّبّ، فيسبق حبّهم الرّؤية. فالقلب الذي يحب الله يعلن له عن ذاته { الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي }(يو 14 : 21). النّفس إذ تشتاق للمسيح تعاين مجده. لكن الشك والتردد والإيمان القليل هي أمور طبيعية في الإنسان الذي يسعى إلى الله بفكره. حتى أن الرسل توسلوا إلى السيد لكي يزيدهم إيماناً. فالشك هو مرض روحي خطير غير منطقي ناتج عن كبرياء أو قساوة قلب أو خطايا رابضة في القلب تحرم الإنسان عن معرفة الله أو حياة متقلبة ومشوشة  بينما الإيمان يتخطى المنطق.

صلاة لتقوية الإيمان
+ نسأل ونطلب من صلاحك يا الله الرحوم, محب البشر الصالح أن تقوي إيماننا وتزيد محبتنا لك وتنمي رجائنا فيك فأنت لا تشاء هلاك أحد, بل تريد أن الجميع يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون . ونحن في عالم الألحاد والشك نريد أن تعلن لنا ذاتك وتفتح أعين قلوبنا لنعاين مجدك ويدك العاملة مع الناس وفي الأحداث وضابط الكون والكل فخلصنا من الشك والخطية والشر لنؤمن بمحبتك ورحمتك وخلاصك.

 +إعلن لنا أيها المسيح إلهنا عن ذاتك وأضئ عقولنا وقلوبنا وأرواحنا بروحك القدوس، بدد شكوكنا و أعطنا سلامك الكامل الذي يبدد الخوف والحيرة والقلق لنثق في حضورك ووجودك معنا وسط ضيقات الحياة . قود يارب سفينة حياتنا وبلادنا وعالمنا لنسير معك حياة الإيمان العامل بالمحبة ونشهد لعمل نعمتك المحررة والمغيرة والمطهرة التي تعمل فينا بقوة القيامة المجيدة، أمين.