للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ السيد المسيح ليدعونا الى الإيمان والتوبة... جاء السيد المسيح يدعونا للتوبة والإيمان { ابتدا يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات} (مت 17:4). { قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل }(مر1 : 15). وعندما وجه اليه الكتبة والفريسيين النقد لموقفه المترفق والقابل للخطاة والعشارين ، كان رده {فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى.فاذهبوا وتعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 12:9-13). وعندما دخل الى بيت زكا العشار ليبيت تذمر الكتبة والفريسيين علية فكان جوابه لهم انه جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك { فلما جاء يسوع الى المكان نظر الى فوق فراه و قال له يا زكا اسرع وانزل لانه ينبغي ان امكث اليوم في بيتك. فاسرع ونزل وقبله فرحا.فلما راى الجميع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف.فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك}( لو 5:19-10).
+ السيد المسيح قابل الخطاة .. لقد تجسد كلمة الله بالحقيقة وجاء الى العالم وصلب وقام من اجل خلاص البشرية الخاطئة وسعي لرجوعهم اليه وضرب لنا الامثال عن قبول الله للخطاه وخلاصهم وأهم هذه الامثال ما جاء فى انجيل لوقا البشير الاصحاح الخامس عشر عن الخروف الضال والدرهم المفقود والابن الضال وترينا هذه الامثال كيف يفرح الله برجوع الخطاة سواء ضلوا عن جهل او لعدم سهر أو عدم اهتمام الرعاة او باهمال الاسرة او بسبب الطيش والتهور الشخصي، وفى كل الحالات يسعى الله الى خلاصنا . لقد حمَّل السيد المسيح بعض الرعاة مسئولية إضاعة الخروف الضال. وحمَّل المرأة مسئولية إضاعة الدرهم المفقود، أما في مثل الابن الضال فكان الإنسان هو المسئول عن ضياع نفسه. وفي كل الأحوال كان باب التوبة مفتوحًا، والعودة المفرحة مطلوبة، ويسعي الله والكنيسة لعودة الخطاة، ويبقى دور الإنسان الخاطئ نفسه فى التوبة والرجوع .ان الله يبحث عن الضال بين الأشواك، وفوق الجبال، وفي البراري القفرة. والكنيسة توقد سراج الإنجيل ورسالته المفرحة وتصلى من اجل الخطاة وتفرح لرجوعهم ، وتفتش باجتهاد عن الخاطئ بروح الرعاية الحانية حتى تجده، أما الخاطئ فمطلوب منه أن يرجع إلى نفسه ويقارن حالته السيئة بسبب الخطية بحالته قبل السقوط ، ويقوم سريعًا ويذهب إلى أبيه السماوي، ويعترف أمامه بخطاياه، ويفرّح السماء والملائكة { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة} ( لو 7:15).
+ دافع السيد المسيح عن الخطاة وتحريرهم .. لقد جاء السيد المسيح مخلصاُ ومدافعا عن الخطاة ليتوبوا ويتقووا في الإيمان، فمحبته الرحيمة دافع عن المرأة الخاطئة وخلصها { وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت.قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر.ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط.فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد.فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} (يو 3:8-11). وان كنا كلنا خطاة لهذا يجب علينا أن نترفق باخوتنا ونتأنى عليهم ونعلن لهم محبة الله ليتوبوا ويرجعوا وتمحي خطاياهم. السيد المسيح هو الرحمة المعلنه لنا ودمه الثمين الذى سفك على الصليب كفارة لخطايانا { وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا} (1يو 2 : 2) . {في هذه هي المحبة ليس اننا نحن احببنا الله بل انه هو احبنا وارسل ابنه كفارة لخطايانا }(1يو 4 : 10). أن المخلص الصالح يبحث عن الخطاة ومازال يجول يصنع خيراً ويشفى المرضى ويقيم الساقطين ويبحث عن الضالين . وراينا كيف سار من الصباح الباكر حتى الظهيرة ليخلص المرأة السامرية ويقودها للاعتراف الحسن والتوبة مبيناً ان من يشرب من ماء الشهوة والخطية لا يشبع { اجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا. ولكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية} (يو 13:4-14). وهو القائل فى حزقيال النبى { انا ارعى غنمي واربضها يقول السيد الرب. واطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل } (حز15:34-16). وكما تنبأ اشعيا النبى قديما عن السيد المسيح فاننا رايناه علي الصليب مجروح لاجل معاصينا ومسحوق من اجل آثامنا وبجراحاته وصلبه شُفينا { احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح و كنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه } (أش 4:53-7). لقد شهد له القديس يوحنا المعمدان { وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم }(يو 1 : 29). رايناه على الصليب يقدم ذاته فداءاً عنا ويغفر حتى لصالبيه { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34).
+ الرسل وكرازتهم بالإيمان والتوبة .. لقد اوصى السيد المسيح تلاميذه ان يكرزوا باسمه للتوبة { وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث.وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم}( لو 44:24-47). وهكذا راينا الرسل بعد صعود السيد المسيح وحلول الروح القدس عليهم يبشروا بالتوبة والايمان وبعظة واحدة للقديس بطرس آمن ثلاثة الاف نفس { فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع ايها الرجال الاخوة. فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس}( أع 37:2-38). وبعد شفاء المقعد عند باب الهيكل راينا الرسل ينادوا بالتوبة والايمان {فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب }(اع 3 : 19). {فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل} (اع 17 : 30).
+ لقد آمن القديس بولس الرسول بالسيد المسيح بعد أن كان مضهداُ للمسيح والمؤمنين به وتغيرت حياته وقضي بقية عمره بعدها كارزاً بالتوبة {شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنا يسوع المسيح }(اع 20 : 21) . وكان يشهد امام اليهود والامم، والكبير والصغير، على نعمة الله المحررة والمغيرة والقادرة ، فامام اغريباس الملك وزوجته والوالى الرومانى بين لهم كيف ظهر له السيد المسيح وغيره من شاول مضطهد الكنيسة الى بولس الرسول المجاهد من أجل نشر بشارة التوبة والخلاص { فقلت انا من انت يا سيد فقال انا يسوع الذي انت تضطهده. ولكن قم و قف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما وشاهدا بما رايت وبما ساظهر لك به.منقذا اياك من الشعب ومن الامم الذين انا الان ارسلك اليهم. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين.من ثم ايها الملك اغريباس لم اكن معاندا للرؤيا السماوية.بل اخبرت اولا الذين في دمشق وفي اورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الامم ان يتوبوا ويرجعوا الى الله عاملين اعمالا تليق بالتوبة} (أع 15:26-20). من اجل هذا راينا القديس بولس الرسول فى تواضع يقول { صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا }(1تي 1 : 15). وينبهنا ان لا نستهين بغنى لطف الله وامهاله علينا بل يجب ان نسرع الى التوبة {ام تستهين بغنى لطفه وامهاله وطول اناته غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة} (رو 2 : 4). من اجل هذا يقول القديس باسيليوس : (جيد ان لا تخطئ وان اخطأت فجيد ان لا تؤخر التوبة وان تبت فجيد ان لا تعود للخطية وان لم تعد فاعرف ان ذلك بمعونة الله وان عرفت ذلك فجيد ان تشكر الله ).
+ ا الله يدعونا الى عدم اليأس والتمسك بالرجاء.. فباب مراحم الله مفتوح دائما للراجعين اليه فقد تنبأ الانبياء عن السيد المسيح { يخبر الامم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم} (مت 18:12-21). فهو الذى جاء ليطلب ويخلص من قد هلك. ان الشيطان يعمل باستماتة ان يوقعنا فى اليأس بصعوبة الرجوع لله ويربطنا بالخطية ويقطع رجائنا فى الله وقبوله لنا ، لكن علينا ان نتمسك بالرجاء وبرحمة الله نقوم ونرجع الى الله ونقول { لا تشمتي بي يا عدوتي اذا سقطت اقوم اذا جلست في الظلمة فالرب نور لي } (مي 7 : 8). فلا تيأس من نفسك بل أطلب من الرب ان يهبك القوة والقدرة والتوبة { توبني فاتوب لانك انت الرب الهي} (ار 31 : 18). الله هو معين من ليس له معين ورجاء من ليس له رجاء وهو كالسامرى الرحيم يبحث عن الانسان الذى جرحته الخطية ليضمد جراحاته ويعالجه ويضمه الى كنيسته لتعتنى به وهو كراعي صالح يتكلف بكل نفقات خلاصنا. لقد غفر لبطرس نكرانه وجحوده ورده الى رتبته مرة اخرى وبهذه الرحمة نتمسك ونتغني { الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.لا يحاكم الى الابد ولا يحقد الى الدهر.لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا. لانه مثل ارتفاع السماوات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا. كما يتراف الاب على البنين يتراف الرب على خائفيه. لانه يعرف جبلتنا يذكر اننا تراب نحن} (مز 8:103-14).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق