للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
الضيقات وصبر المؤمنين...
+ ونحن نري تعرض أبناء كنيستنا للظلم والأضطهاد والقتل علي الهوية الدينية ونرى معاناة ومقتل الأطفال والنساء، والشيوخ والشباب والمصلين في الكنائس الذين لا سلاح لهم سوى الصلاة والصوم والألتجاء الي الله نجد البعض يتسأل لماذا يسمح الله بالضيقات والتجارب والظلم لشعبه؟. ومن المحزن والمبكي تكرر هذه الأحداث الطائفية ومن أخوة لنا فى الوطن لا نكن لهم الا المحبة ونصلي من أجلهم ونصنع معهم خير. يحدث هذا الظلم والقتل لأبناء كنيستنا باسم الله والدين وكأن الله الذي خلقنا للحياة وعمل الخير والذى يحفظ كرامة الإنسان هو الذى يأمر بقتل الأبرياء، وحاشا لله!.
+أن ما يحدث للأقباط من قتل وظلم وتمييز أو تهميش في الحياة العامة والوظائف هو أساءة للدين والوطن والمواطنة ولا يرضى به أي عاقل تحت أي ذريعة أو مبررات وتهديد خطير للسلم الأجتماعي وعلي الدولة ومؤسساتها أن تتصدي له بكل حزم أن أردنا لبلادنا الخير ولشعبنا الأمن والأستقرار والتقدم. وعلينا ككنيسة أن نقف بكل حكمة وقوة وما لدينا من أمكانيات الي جانب المظلومين وأسر الشهداء والمصابين ونطالب بالعدل والحق فما يصيب المسيحيين من ضرر هو خطر يهدد الوطن كله ويغرق السفينة ومن فيها ويقود الي الخراب والدمار الذى لن ينجو منه أحد لا سمح الله. أننا نحيي كل الأصوات العاقلة والمثقفة التي تعمل من أجل الحق والعدل والسلم الأجتماعي والوحدة الوطنية وسيادة القانون ونشكر من من أدانوا الظلم والأحداث الطائفية وقتل الأقباط الأبرياء من سياسيين ورجال دين وأعلام وفكر ونطالب بسيادة القانون وضبط الجناة ومعاقبتهم وتجريم كافة اشكال التمييز الدينى ومعاقبة فاعليه والمحرضين عليه أن أردنا النهوض ببلادنا.
+ أن قتل الأبرياء وأنتزاع حياة الإنسان البرئ أبلغ أساءة لله وهو عمل الشيطان الذى كان قتالاً للناس من البدء { أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ} (يو 8 : 44). أننا نعلم أن حياتنا هي وديعة من الله وللمؤمن رسالة كملح للأرض يعطي مذاقة روحية للمجتمع الذى يعيش فيه وكنور ينير العالم باعماله الصالحة. والله يتمجد بحياة المؤمن أو موته لينتقل الي المظال الأبدية ليحيا كملائكة الله { وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» } (رؤ 21 : 8). هنا صبر القديسين وإيمانهم { وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ. هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإِيمَانُهُمْ} (رؤ 13 : 10).
رسالة لأسر الشهداء والمضطهدين ...
+ أننا نطلب الرحمة لشهدائنا فى العصر الحديث من مذابح مختلفة تعرضوا لها فى حديثا فى كنيسة القديسين بالأسكندرية والبطرسية بالقاهرة وكنيسة الشهيد مارجرجس بطنطا والمرقسية بالأسكندرية ثم شهداء مذبحة دير الأنبا صموئيل، وقبلهم شهداء ماسبيروا والكشح وأبوقرقاص ودير المحرق وغيرهم، فاننا نعزي أبناء كنيستنا وشعبنا فى مصائبهم المتلاحقة وأثقين أن هؤلاء الشهداء هم شفعاء أمام الله لأسرهم وللكنيسة يصلون من أجل خلاصنا ويطلبون تعزية لنا { ولما فتح الختم الخامس رايت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض. فاعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم ان يستريحوا زمانا يسيرا ايضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم واخوتهم ايضا العتيدون ان يقتلوا مثلهم.} (رؤ 9:6-11). فلهؤلاء الشهداء الطوبي ولنا تعزية السماء { وَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاًلِي: «اكْتُبْ. طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ - نَعَمْ يَقُولُ الرُّوحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ»}(رؤ 14 : 13).
+ أن التاريخ منذ القدم شاهد لا يرحم وهو شاهد علي ظلم الإنسان لأخية. كما أن لله النقمة وهو يجازي كل واحد كنحو أعماله، لقد قام قايين علي أخيه هابيل وقتله حسدا وظلما رغم تحذير وأنذار الله لقايين، وصرخ دم هابيل البار من الأرض الي الله. ومع هذا الدم البار يصرخ دم شهداء كنائسنا طالباً العدل والأنصاف من الحاكم العادل. كما نطالب بالعدالة وسيادة القانون فى بلادنا التي نحن لها مخلصون وعلي أرضها باقون وفى سبيل تقدمها ورقيها نعمل جاهدون. لقد تجبر ظلما آخاب الملك وايزابل الشريرة وقتلا نابوت اليزراعيلي واستوليا علي حقله وأن سمح الله بالشر لكن راينا كيف عاقب الله الأشرار وأرسل أيليا النبي لاخاب قائلاً له { هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَلْ قَتَلْتَ وَوَرِثْتَ أَيْضاً؟ فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ الْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ الْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضاً}(1مل 21 : 19). علينا أن نتمسك بإيماننا ونثق فى عدالة السماء ونتمسك بالصبر والصلاة حتى عندما يسمح الله التجارب والظلم{ إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِياً يُلاَحِظُ وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا }(جا 5 : 8)
+ لقد تعرض الأنبياء والقديسين، للتجارب والظلم ونالوا آكاليل الحياة الأبدية بل ورئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع عاني الظلم والتجديف والصلب وفى وقت صلبه التمس الأعذار وطلب المغفرة لصالبيه { فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». }(لو 23 : 34) ولقد قام المسيح منتصراً وهو قادر أن يقودنا فى موكب نصرته. ولقد سبق وأخبرنا السيد المسيح {اُذْكُرُوا الْكلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كلاَمَكُمْ }(يو 15 : 20). بل وأخبرنا كيف يفكر الأرهابيين القتلة { تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ} (يو 16 : 2). لم يعدنا الله بعالم مريح بدون ضيق أو تجريح بل كان قوله لنا صريح { قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» } (يو 16 : 33) . ولا يظن أحد أن التجارب والضيقات هى للخطاة فقط بسبب خطاياهم. بل القديسين يتعرضوا للتجارب والضيقات {فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعاً إِلَى الآنَ }(رو 8 : 22) . هناك فرق بين خاطئ يتعرض لضيقة بسبب أخطائه، وبين بار تصيبه ضيقة بسبب شر الآخرين أو حسدهم، أو لأى سبب خارج عن إرادته. الأبرار اجتازوا بوتقة الألم، واختبروا الضيقة والتجربة، وحدوث تلك التجارب، لا تعنى مطلقاً تخلى الله عمن أصابتهم تلك المتاعب والضيقات. كما لا تعنى غضبه عليهم أو عدم رضاه.
الله يعمل من أجل خلاصنا ....
+ أننا نصلي المرنم إلى الله طالبين الإنصاف والعدل { قم يا رب يا الله ارفع يدك لا تنس المساكين. لماذا أهان الشرير الله لماذا قال في قلبه لا تطالب. قد رأيت لأنك تبصر المشقة والغم لتجازي بيدك، إليك يسلم المسكين أمره أنت صرت معين اليتيم} (مز12:10-14). وقد تساءلت النفس البشرية أو الكنيسة قديمًا هل تركها الله؟ فأجابها الرب سريعًا { قالت صهيون قد تركني الرب وسيدي نسيني. هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك. هوذا على كفي نقشتك أسوارك أمامي دائمًا} (إش 49: 14-16). علينا أن نصبر وننتظر خلاص الرب { لماذا أنت منحنية يا نفسي ولماذا تئنين فيَّ ارتجي الله لأني بعد أحمده لأجل خلاص وجهه} (مز42: 5).
+ إن الله يعمل دائمًا من أجل خلاصنا وأبديتنا، ونحن نثق فى رحمته ومحبته نحونا. الأشجار المعمرة عندما تتعرض للرياح تزداد جذورها امتدادا في التربة، فتثبت وتتأصل. إننا إن كنا خطأة فبالتجارب نتنقى، وإن كنا ضعفاء فبالتجارب نتقوى، وإن كنا صديقين فبالتجارب نكلل فى الوطن السعيد . لقد أعطي الرب الطوبي والسعادة للمضطهدين من أجل أسمه القدوس { طوبى لكم اذا عيروكم وطردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم.} ( مت 11:5-12) وطوب الإنجيل الصابرين { ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف} (يع11: 5) .لقد انهارت الشيوعية والإلحاد في الدول الشرقية بعد سبعين عامًا من الاضطهاد، ورجع الملايين للإيمان المسيحي، والله الطويل الأناة يقول لنا صلوا واسهروا واصبروا علي الضيقات { وليس ذلك فقط بل نفتخر أيضًا في الضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبرًا. والصبر تزكية والتزكية رجاء} (رو3:5-4) .
+ لم ولن يختفي الله في أزمنة الضيق، إنه موجود ويعمل وإن أراد الناس بنا شرًا، فهو ضابط الكل قادر أن يحوله إلى خيرنا لكن علينا أن نثق في يد الله العاملة في الأحداث، ونلجأ إليه بالركب المنحنية والأيدي المرفوعة والكتاب المقدس المفتوح والتوبة الدائمة.{ اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب} (اش 55: 6). ونحتمل التأديب بصبر وشكر ونقبل كأس الآلام بشكر لفائدتنا وخلاصنا { إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأي ابن لا يؤدبه أبوه} (عب7: 21). فالصبرنا له أجر تام واحتمالنا وشكرنا في الضيق ينشئ لنا ثقل مجد أبدي، ومطالبتنا بحقوقنا وقيامنا بواجباتا لهو من صميم إيماننا. إن إيماننا بعدالة السماء وبعدالة قضايانا يجعلنا نعمل بلا كلل، ونصلي باستمرار ونطلب تدخل السماء { فأجبتهم وقلت لهم إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني} (نح2: 20). إن حياتنا ستنتهي ولكن يا ليتها تنتهي من أجل عمل صالح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق