للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
تواضع ووداعة طفل المذود
+ عندما ولد الطفل الإلهي قبل ما يزيد من ألفي سنة في بيت لحم وكانت قرية فقيرة مجهولة في الشرق لكن تنبأ عنها ميخا النبي ليرفع من شأنها الذي يرفع المتواضعين {اما انت يا بيت لحم افراتة وانت صغيرة ان تكوني بين الوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على اسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ ايام الازل} (مي 5 : 2). لقد أختار الطفل الإلهي وهو الإله المتجسد الازلي أن يولد لا في بيت ملك وهو ملك السلام ولا في بيوت الأغنياء في المدينة ولا حتى في بيت عادي بل أختار وهو الملك الأزلي ان يولد في مذود للبقر وهو الذي قال لنا { تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29). كما أعلنت الملائكة بشرى الميلاد لرعاة بسطاء ساهرين على رعيتهم { وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمطا مضجعا في مذود} (لو 2 : 12). وأقبل إليه الرعاة في برد الليل ليقدموا له السجود مع بعض الحليب والصوف {فجاءوا مسرعين ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعا في المذود } (لو 2 : 16). وبعد مولده رأيناه والقديسة مريم أمه والقديس يوسف النجار في تواضع ووداعة يهرب من بطش هيرودس الملك المتكبر الخائف على ملكه ظناً منه أن يسوع المسيح يريد أن يأخذ منه الملك الأرضي! فأراد قتل المخلص الوديع ولما لم يجده ثار غاضباً وقتل كل أطفال بيت لحم من ابن سنتين فما دون.
+ جاء المسيح في تواضع ومحبة وبذل
ووداعة يجول يصنع خيرا ويشفي كل مرض وضعف في الشعب دون أن يكون له بيت يسند فيه
رأسه. جاء يقدم لنا المحبة والفداء وهو المحبة المتجسدة حتى لو قابلها الكثيرين
بالجحود ونكران الجميل وعدم الإيمان. جاء طفل المذود ليحررنا من العبودية لإبليس
والخطية الي مرتبة الابناء والورثة { وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ،
أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ
النَّامُوسِ،. لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ
التَّبَنِّيَ. ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ
إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ». إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ
ابْناً، وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.} ( غلا 4:4-7). وقدم
لنا في خدمته يغسل أقدام تلاميذه ويقدم لهم ولنا المثل العملي في التواضع والمحبة
والخدمة { فَلَمَّا كَانَ قَدْ غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ وَأَخَذَ ثِيَابَهُ وَاتَّكَأَ
أَيْضاً قَالَ لَهُمْ: «أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟. أَنْتُمْ
تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً وَحَسَنا تَقُولُونَ لأَنِّي أَنَا كَذَلِكَ.
فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ
فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ. لأَنِّي
أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ
أَيْضاً. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ
سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ هَذَا فَطُوبَاكُمْ
إِنْ عَمِلْتُمُوهُ.} ( يو 12:13-17). إن المسيح الوديع والمتواضع القلب ولد
في مذود بقر ربما لأنه لم يجد قلوب متواضعة يحل في بيوت أهلها. أو لم يجد من يرحب
بالضيف الغريب القادم من بعيد ليقربنا الله، تواضع ليرفعنا وجاع ليشبعنا وصعد على
الصليب عرياناً ليكسونا بثوب بره. المسيح الوديع يريد قلوب حانية طاهرة تضمه وبيوت
مملؤة بالمحبة والسلام تفتح أبوابها له، أنه فقط يريدنا أن نريده.
رسالة محبة وخلاص...
+ الرب يسوع المسيح طفل المذود
الوديع يقدم لنا رسالة محبة وخلاص فقد جاء يخلص ويطلب من قد هلك معلناً لنا
محبة الله الآب وسعيه لخلاصنا وسلامنا. فقد جاء ليريح المتعبين والرازحين تحت ثقل
الخطية ليحررهم وللمساكين ليبشرهم وهو الذى كرز لنا بسنة الرب المقبولة، سنة التحرر
والعتيق من إبليس كما قال في أول عظة له في مجمع الناصرة { رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ
لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ
الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ
بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ. وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ
الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ
وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً
إِلَيْهِ. فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هَذَا
الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ».} ( لو 18:4-21). نادى المسيح بإطلاق سراح أسرى
الخطية ورَدَّ السيِّد ما أغتصبه إبليس
ظُلمًا وعُدوانًا. وهو الذى يهدي الضالين وينادى للماسورين بالاطلاق ويبدَّد غشاوة
الليل الحالك، ويدعو الجميع ليسيروا في نور محبته وتعاليمه السامية ومحبته الكاملة
والباذلة. جاء السيد المسيح يقدم للبشرية رسالة محبة وبشري الخلاص لكل من
يؤمن به فبالمسيح يسوع ربنا أعلنت لنا محبة الله الآب وكما يقول القديس أثناسيوس
الرسولي " فلأجل قضيتنا تجسد لكى يخلّصنا، وبسبب محبته للبشر قَبِلَ أن يتأنس
ويظهر في جسد بشري". ولاجل خلاصنا رفع المسيح علي الصليب لكي لا يهلك كل من
يؤمن به بل لتكون له الحياة الأبدية {
وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ
يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ. لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ
تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ
الْعَالَم حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ
يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ
يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ
بِهِ الْعَالَمُ.}( يو 14:3-17). وأعلن لنا الدخول معه في عهد جديد بدمه الثمين
لنصير له شعبا مقدسا ونرث ملكوت السماوات.
ميلاد المسيح بشرى سلام وفرح
+ميلاد المسيح هو بشرى سلام وفرح
يقدمها الله لكل نفس متعبة تعاني فى عالم يحتاج الي السلام ومفتقر الي الفرح هكذا
بشرت الملائكة الرعاة { وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ وَمَجْدُ
الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً. فَقَالَ لَهُمُ
الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ
لِجَمِيعِ الشَّعْبِ:. أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ
مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ
طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ». وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ
جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ:.
«الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ
الْمَسَرَّةُ».} ( لو 9:2-14) هكذا أرسل الرب ملاكه ليبشِّر الرعاة الساهرين
علي رعيتهم بالفرح العظيم "لجميع
الشعب"،
ولم يكن هذا الملاك ناقلاً للرسالة فحسب، إنما كان شريكًا مع البشريّة في فرحهم
بسلام وخلاص الله للشعوب، إذ انفتحت السماء لتنزل جوقة من الملائكة تشاركنا بهجتنا
الروحيّة. فعلي الرعاة والخدام أن يكونوا أمناء ساهرين علي خلاص أنفسهم ورعيتهم
ليعلن لهم الملاك بشرى السلام والفرح ويفرحوا مع العريس السماوي كل حين.
+ هذا هو عيد الميلاد المجيد الذي نسمع فيه من جديد في
هذه الأيام الصعبة التي ينتشر فيها الخوف من الوباء، نسمع ملاك الميلاد يقدم لنا
بشرى السلام والفرح والخلاص ويدعونا للتوبة والاستعداد والإيمان والصلاة لله ليحل
بسلامه في قلوبنا وبيوتنا وبلادنا وعالمنا { إني أسمع ما يتكلم به الله الرب لأنه
يتكلم بالسلام لشعبه ولاتقيائه والراجعين اليه بكل قلبهم} (مز 85 : 8).
+ سيولد المسيح المتواضع في قلب كل إنسان يعد نفسه
لاستقبال طفل المذود بالتواضع والوداعة من أجل هذا علينا أن نصرخ ليحل المسيح
بالايمان في قلوبنا { قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي}. (مز
51 : 10). سيولد فرح العيد من جديد في قلوب المؤمنين الأمناء الساهرين
على رعاية من هم في مسؤوليتهم ، سيولد المسيح بالإيمان في قلوبكم بالتوبة والنقاوة
وصنع الخير والمحبة مع المساكين والجياع والغرباء، سيولد المسيح فينا عندما
ننتظره وندعوه ونفتح له أبواب قلوبنا مترقبين مجئيه ونقدم له أثمن ما عندنا،
قلوبنا مسكنا وروحنا مضجعاً وفكرنا مذبحاً للصلاة { ولكم أيها المتقون اسمي
تشرق شمس البر والشفاء في اجنحتها}. (ملا 4 : 2). لنصل معاً { يقول
الشاهد بهذا نعم انا اتي سريعا امين تعال ايها الرب يسوع} (رؤ 22 :
20) .
لك نرفع الصلاة...
+ أيها الرب الإله يا قابل الصلوات النقية ، ومانح
الخلاص الثمين ، أيها الرب الرحوم اليك نصلي ونرفع القلوب ، من أجل كل نفس حزينة
لتُحول حزنها إلي فرح ، ومن أجل كل سجين في أسر إبليس وجنوده لتفكه من قيوده
،من أجل العالم ليستضئ بنور معرفتك ،ومن أجل الكنيسة ووحدتها وسلامها ورعاتها
ورعيتها لتقودها في موكب نصرتك وتعيد لها مجد وقوة كنيسة عصر الرسل بحلولك فيها
ممجداً وبعمل روحك فيها مجددا.
+ يا طفل المذود الوديع، نصلي إليك من أجل متواضعي
القلوب لتخلصهم وترفعهم ، ومن أجل المنكسرين لتجبر كسري نفوسهم ، من أجل الضالين
لتردهم ، ومن أجل الذين جرحهم ابليس بالخطية لتشفي جراحهم ويعودوا اليك فرحين ،
ومن أجل غير المؤمنين والبعيدين ،المتكبرين والمعاندين ليرجعوا ويعرفوك ويعبدوك
بالروح والحق.
+ نصلي من أجل العالم الفاقد السلام لتهبنا سلامك ،
نصلى اليك من أجل القادة السياسيين لتعطيهم حكمة ونعمة ليقودوا العالم نحو
السلام العادل والدائم ، ومن اجل قادة الفكر والدين ليعملوا من أجل خلق عالم
أفضل يسوده روح المحبة والعدل والرحمة والإيمان والمساواة.
+ نصلي من أجل المحتفلين بالأعياد في قلق وخوف من الوباء
والمرض لكي تكون سلامهم وشفائهم وعزائهم وصبرهم. نصلي من أجل كل نفس له تعب في
الكنيسة ومع المحتاجين والفقراء، نصلي من أجل كل أحد ، لتكن حاضراً أعيادهم
مباركاً لها ، نصلي من أجل مصر بلادنا لتقودها إلى بر الأمان والسلام والمحبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق