نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الجمعة، 4 يونيو 2021

خواطر في الحياة الروحية (11) العين البسيطة والاستنارة الروحية


 



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

 

العين سراج الجسد ..  
كما أنه بواسطة السراج أو الضوء نري الناس أو الأشياء من حولنا فاننا بالعين الجسدية نرى الأشياء من حوله وإن فقد الإنسان عينيه فلن يتمكن من رؤية العالم من حوله ويعيش في الظلام. العين تكشف لنا كل شيء أمامنا وبها نكتشف ما حولنا من اشخاص واشياء.  

كما أننا عندما ننظر إلى العيون نعرف من خلالها دواخل الإنسان، فالذى يحب ترى مشاعر المحبة والرضا فى عينيه والذى يكره أو يغضب ترى القسوة والرغبة فى العدوان فى عينية والشخص القلق ترى الحيرة تبدو فى عيونه. هكذا العين هي مرآة دواخل الإنسان والعين أيضا تظهر ضعفات الناس إن كان عندهم خوف أو رعب أو قلق أو اضطراب أو يأس أو شهوة  كل ذلك تظهره العين. ومن رؤية الأشياء ينطلق الإنسان إلى  التصور الفكري والفهم والإدراك لطبيعة الأمور ، وهناك معرفة أعمق وهى المعرفة الروحية، وقد يفقد البعض نور البصر إلا أنهم يتمتعون بنور البصيرة كما قال الأنبا أنطونيوس للقديس ديديموس الضرير وهو يعزيه لا تحزن يا ديديموس لأنك فقدت بصرا ماديا تتساوى فيه الحيوانات والحشرات ولكن ينبغي أن تفرح أن لك عيون روحية تستطيع أن تبصر بها نور اللاهوت.
العيون البسيطة..

 العيون البسيطة هي عيون غير معقدة أو مركبة وهي عيون مستقيمة وسليمه وصافية لا يوجد فيها حقد أو كراهية أو مكر أو شهوة أو كبرياء. بالبساطة تكون العين نقية  كما كانت عيون أبوينا الأولين آدم وحواء بسيطة قبل اغراء الحية لهما ولكن عندما أغرتهما الحية نظرا إلى شجرة معرفة الخير والشر وأذ بهما يروا أنها بهجة للعيون وشهية للنظر وجيدة للأكل، كما تغيرت نظرتهما لبعض البعض وعرفا العرى والخجل واختبأ من الله وتغطيا باوراق التنين وفقدا بساطتهما. فمثلا لو أضيف الي العيون البسيطة شهوة الزنى يفقد الإنسان بساطته ويصير جسده مظلما وكذلك عندما تدخل مشاعر الكراهية أو الأنتقام تفقد المؤمن بساطته وتسيطر عليه نزعة الانتقام ويفقد المؤمن بساطته التى فى المسيح يسوع { ولكنني اخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح} (2 كو  11 :  3). ولهذا علينا ان نجاهد لتنقية وضبط حواسنا وقلوبنا وأفكارنا ليكون لنا كنز القلب الصالح  { الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فانه من فضلة القلب يتكلم فمه} (لو  6 :  45). علينا أن نتحكم ونضبط حواسنا لاسيما العيون لكي تكون بسيطة غير ملوثة بشرور العالم ولكي تكون لنا عيون الإيمان الروحية التى ترى ما لا تراه العيون الجسدية كما صلى اليشع النبى من أجل جيحزى { وصلى اليشع وقال يا رب افتح عينيه فيبصر ففتح الرب عيني الغلام فأبصر وإذا الجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول اليشع} (2مل  6 :  17) ففتح الرب عيني تلميذه وأبصر مركبة من نار محيطة بهم  لذلك يصلى المرنم  { اكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك }(مز  119 :  18). ولكي يكون سراج جسدنا أي عيوننا بسيطة، ويغدو جسدنا كلّه نيّرًا، علينا أن نجعل النور الحقيقي، المسيح يسوع ربنا ، مخلّص العالم يدخل حياتنا. ويطرد الظلمة منها ويصير هو النور الذي تستمد منه بصيرتنا الروحية الرؤية الصحيحة للأمور { ثم كلمهم يسوع ايضا قائلا انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة }(يو  8 :  12). أن العين لا ترى شيئاً بدون النور.. فإذا وُجدت العين في ظلامٍ دامس لا ترى شيئاً حتى يضئ لها النور فتتمكن من الرؤية. ومتى كانت العين ترى بنور فكر المسيح و استنارة الروح القدس داخلها فإنها تستنير { ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في اجنحتها} (ملا  4 :  2) العين المقدسة العفيفة هى بسيطة تقود الإنسان للسلوك في النور الحقيقي { لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لانارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح }(2 كو  4 :  6).

فالعين البسيطة العين الروحية المفتوحة على المسيح والحياة الأبدية ولا تعرج بين الفرقتين الله العالم وشهواته والعين الشريرة هي المركزة على الشر والخطية. عندما تكون العين الروحية بسيطة، حينئذٍ تُنير الفكر، القلب، الضمير، العواطف، المشاعر؛ وهي الأعضاء الداخلية غير المنظورة للإنسان. ويبتدئ نور المسيح يُنير ما بداخل الإنسان، وذلك بدخول كلمة الإنجيل إلى القلب، وبالقراءة الواعي، والفهم الروحي يصير الجسد كله نيراً. النور الإلهي داخـل الإنسان  يُنير أعماقه ويُميت الخطية الكائنـة في الأعضاء ويُطهِّر الفكر والقلب والضمير مـن الأعمال الميتـة.

 + العيون البسيطة بعكس العيون الشريرة لا تشتهي، أو تحسد، أو تتمنّى الشرّ للغير، بل تنظر بطهارة، ولا تطلب ما هو لذاتها، بل ما هو لخير الآخر. وإذا سألنا لماذا تنظر العين الشريرة باشتهاء، أو بحسد، أو بتمنٍّ للشرّ؟ يجيبنا الرب يسوع نفسه: { لأن من القلب تخرج أفكار شريرة مثل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هي التي تنجّس الإنسان} (مت 19:15). الحاجة ماسة إذن تنقية القلب والإنسان الداخلي وعمل النعمة فيه فمن تصور وأفكار وتوجهات الإنسان تصدر  أفكار  طاهرة بسيطة أو أفكار وأهواء تنجّس وتُظلم العيون ، ولذا فالداخل بحاجة ماسّة الى تنقية  { ويل لكم أيها الكتبة والفريسيّون المراؤون لأنكم تنقّون خارج الكأس والصحفة وهما من داخل مملوءان اختطافاً ودعارة. أيها الفريسيّ الأعمى نقّ أولاً داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضاً نقياً}(مت 25:23- 26). فالقلب إذا تنقّى لا تعود تصدر عنه أفكار نجاسة، تجعل العين تنظر نظرة شريرة. فتكون عندها العين بسيطة والجسد كلّه يكون نيّراً {طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله}(مت8:5).

 العيون الروحية..  نحن فى حاجة إلى معونة من الله ليكشف لنا الأمور الروحية  التي تعجز عيوننا وعقولنا عن معرفتها، الكتاب المقدس هو سراج منير وبه نستنير وعلى هدية نسير والله قادر إن يصنع فينا التغيير للأفضل { سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي} (مز  119 :  105).  نحن في حاجة لعيون الإيمان كسراج للمؤمن نثق فى مواعيد الله { واما الايمان فهو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى }(عب  11 :  1).  البار بالإيمان يحيا واثق فى وعود الله { البار فبالايمان يحيا }(رو  1 :  17). بعيون الإيمان نتطلع  ونحيا متطلعين الي السمائيات { ونحن غير ناظرين الى الاشياء التي ترى بل الى التي لا ترى لان التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فابدية} (2كو  4 :  18). كما قال السيد المسيح للقديس توما الرسول {طوبي للذين آمنوا ولم يروا} (يو 20:29). فطوبى للذين حلت عين الإيمان عندهم محل العين الجسدية  وبعين الإيمان ينظروا  باستمرار إلى ما فوق حيث الله وحول العرش طغمة الكاروبيم الممتلئين أعين دليل على كمال المعرفة وعيون البر والطهارة والقداسة والفرح فى الروح القدس.علينا اذا ان نصلى ونطلب من الله ان يعطينا عيون روحية بسيطة ويفتح أذهاننا لنسلك فى حياة البر والتقوى ونعرف غنى مجد الميراث المعد لنا  { مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين } (أف 1 : 18).

 العين والعثرة... 

المؤمن يجب أن يحيا مقدس جسدا ونفسا وروحا {ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم الذى لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله } (كو 6: 19-20). وقد أوصى السيد المسيح بالاهتمام بالعين لنحرص على ضبطها {سراج الجسد هو العين فمتى كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا ومتى كانت عينك شريرة فجسدك يكون مظلما} (لو 11 : 34). والقلب الذي تمتلكه الشهوة يجعل العين تتدنس وتقع فى الخطية { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن. وأما أنا فأقول لكم أن كل من ينظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه } ( مت 5 : 27، 28 ) ولهذا يوصينا الرب  بالإقلاع عن الخطية بالابتعاد عن النظرة الشريرة بالبتر الأدبي والمعنوي والروحي {وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك خير لك أن تدخل الحياة اعور من إن تلقى في جهنم النار ولك عينان} (مت  18 :  9). بمعنى قلع جذور الخطية من القلب. لذلك نجد أيوب الصديق يقول: {عهدا قطعت لعيني فكيف أتطلع في عذراء} (أي  31 :  1). العين الشريرة لا تكون سراج للجسد، بل على العكس تجعل الجسد أن يكون كله مظلما { لهم عيون مملوءة فسقا لا تكف عن الخطية خادعون النفوس غير الثابتة لهم قلب متدرب في الطمع أولاد اللعنة} (2بط  2 :  14). عن طريق العين تستطيع أن تتمتع بجمال الطبيعة الخلاّب لكن عن طريق العين أيضا نرى الأمور الفاسدة ونركز عليها وما أكثر العثرات التي تطلع علينا اليوم من النت والتلفاز والشارع والأتصالات. وقد تتأذي عيوننا بمناظر لا يليق أن ننظر إليها، وتسبب لنا بالعثرات ولهذا يجب أن نتجنب العثرات ونقطعها حالا بسكين النعمة والشبع بمحبة الله. إن الشباب الذي يشاهد الأفلام والمسلسلات والمناظر الإباحية الخليعة لا يستطيع ان ينجو من الخطية ويحيا فى قلق وصراع نفسى وبعد عن الله يحتاج إلى توبة وصلاة ودموع وشبع بالمسيح ليجد السلام والفرح والراحة.

هبني عيني لمعايدة مجدك ... 

+ أيها الرب الهنا الذى خلق الإنسان على صورته ومثاله وعندما سقط بغواية العدو ومخالفة وصيتك المقدسة، كأب حقيقى سعيت فى طلبه ووهبت النظر للعميان ودعوتنا للتوبة والرجوع من الظلمات الي النور ومن الضلالة الي الإيمان ومن عالم الخطية الي الحياة المقدسة، وتصيرنا اطهارا بروحك القدوس. نشكرك ونسبحك ونباركك على كل أعمالك و احساناتك الجزيلة علينا ونسألك يا سيدنا ان تنعم علينا بحواس مقدسة وأفكار طاهرة وقلب محب لك وللجميع.

+ افتح عيوننا يارب لنعاين مجدك، وهبنا بصيرة داخلية ترى حكمتك فى الأحداث، وعيون روحية منفتحة علي على حضورك الدائم معنا فنحبك من كل القلب والفكر والنفس. أفتح عيون أذهاننا على أمجاد السماء. واعطنا حكمة وقوة لنجاهد على رجاء القيامة ونضبط حواسنا و أفكارنا وأرواحنا وننطلق فى خدمتك بعيون مختونة بنعمتك مستنيرة ببهاء مجدك ومقدسة بالنظر الى صورتك المقدسة.

 يا مسيحنا القدوس شمس البر، أشرق فى قلوبنا بنور برك، وقدس أجسادنا وأنفسنا وأرواحنا. وأكتب وصاياك على  قلوبنا وأنزع منها كل قساوة وتجبر وعلمنا إن نكون رحومين على الكل، وهبنا حكمة ونعمة لكي نرضيك كل أيام حياتنا، آمين 

ليست هناك تعليقات: