نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 12 نوفمبر 2025

الالتزام في حياتنا العملية - ٣٢

 الالتزام في حياتنا العملية - ٣٢


يُعد الالتزام من القيم الجوهرية التي تعتمد عليها التعاملات، إذ يعبّر عن الجدية والوفاء بالوعود والمسؤولية تجاه الله والذات والآخرين. الالتزام ليس مجرد التزام خارجي بالقوانين أو النظم، بل توجه داخلي ينبع من الإيمان والضمير والحرية. فالإنسان الملتزم هو الذي يسلك باستقامة أمام الله والناس، ويجمع بين الحياة الروحية القائمة على الطاعة والقداسة، والحياة العملية المؤسسة على الأمانة والجدية. الله صادق وأمين ويفى بوعوده وعهوده معنا { فَاعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ اللهُ، الإِلهُ الأَمِينُ، الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيلٍ} (تث ٧: ٩). وهو يعلمنا أن نكون جديين ونلتزم بوعودنا وعهودنا امامه وامام الغير { وَاحْفَظْ فَرَائِضَهُ وَوَصَايَاهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ لِكَيْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَإِلَى أَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَلِكَيْ تُطِيلَ أَيَّامَكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ إِلَى الأَبَدِ».} (تث ٤: ٤٠)

أولاً: الالتزام في الكتاب المقدس

+ ارتبط الالتزام بفكرة العهد بين الله وشعبه، كما في الوصايا العشر: { فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا الرَّبُّ}(لا 22: 31). الالتزام هو حفظ الوصية والسير بحسب شريعة الله، كما في شخصية دانيال الذي لم يتنجّس بأطايب الملك (دا 1: 8).

+ وفي العهد الجديد نجد ان ربنا يسوع المسيح نفسه هو المثال الأسمى للالتزام إذ قال: {قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. (يو ٤: ٣٤). وخاطب الآب في حديثه الوداعي في نهاية خدمته علي الأرض قائلاً { أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.} (يو ١٧: ٤). ويحثنا القديس بولس الرسول على الالتزام العملي { كُلُّ مَا عَمِلْتُمْ فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ كَمَا لِلرَّبِّ}(كو 3: 23). ويوصينا ان نقتدى به وبالقديسين في كل ما هو حق وجليل وفضيلة { أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. (في ٤: ٨، ٩)

ثانياً: الالتزام في أقوال الآباء وحياتهم ..

* يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "لا يكفي أن نؤمن بالفكر فقط، بل يجب أن نسلك بحسب الإيمان عمليًا."

* والقديس الأنبا انطونيوس يجسد الالتزام الرهباني في قوله " إن أرادت أن تكون كاملاً، فاجعل امام عينيك دائما مخافة الله وحفظ وصاياه".

* اما القديس يوحنا ذهبي الفم فيقول أن المسيحي يعرف من التزامه "المسيحي الحقيقي يُعرف من التزامه الدائم بوصايا الإنجيل لا بالكلام فقط."

 + الالتزام في سير القديسين وحياتهم ..

* القديس مارمينا الشهيد: التزم بإيمانه حتى سفك دمه من أجل المسيح.

* القديسة دميانة: التزمت بعفتها وبتكريس حياتها للرب رغم تهديدات الإمبراطور واستشهدت والاربعين عذراء معها من أجل الإيمان.

* القديس أغسطينوس: بعد توبته عاش التزامًا صارمًا بالصلاة والتعليم والرعاية، معتبراً أن الالتزام هو ثمرة النعمة والحرية معًا.

ثالثاً : الالتزام في الفكر الفلسفي

* عند الفلاسفة اليونانيين، مثل أرسطو، ارتبط الالتزام بالفضيلة، فالإنسان الفاضل ملتزم بتوازن سلوكه.

* الفلسفة الوجودية عند سارتر ربطت الالتزام بالحرية والمسؤولية: "الإنسان هو ما يفعله، لا ما ينويه فقط."

* الفلسفة المسيحية عند توما الأكويني أكدت أن الالتزام الأخلاقي هو تعاون بين حرية الإنسان ونعمة الله.

رابعاً: الالتزام في علم النفس

* يرى علماء النفس أن الالتزام مؤشر على النضج النفسي والقدرة على التحكم في الذات (self-control).

* في علم النفس الإيجابي، الالتزام من نقاط القوة التي تعزز الصحة النفسية.

* نظريات الدافعية تشير إلى أن الالتزام يزداد عندما يكون للشخص أهداف واضحة وقيم عليا يعيش من أجلها.

خامساً: كيف نقتني الالتزام في حياتنا؟

* روحياً: بممارسة الصلاة والمواظبة على الأسرار المقدسة. وحفظ الوصايا بفرح وليس عن خوف. والتأمل الدائم في أمانة المسيح ووفائه.

* عملياً: نوضع أهداف واضحة للحياة ونواظب عليها. ونلتزم بالمواعيد والأمانة في العمل والدراسة ونوازن بين الواجبات الروحية والعائلية والاجتماعية.

* نفسياً واجتماعياً: ندرب النفس على ضبط الانفعالات. ونعزز قوة الإرادة بالعادة الإيجابية. ونشجيع روح المسؤولية تجاه المجتمع.

+ الالتزام ليس مجرد واجب خارجي، بل هو ثمرة محبة لله تغرس في القلب، وتدفع المؤمن إلى أن يحيا بجدية واستقامة في كل أبعاده الروحية والعملية. ومن خلال الكتاب المقدس، وفكر الآباء، وسير القديسين، وتكامل علم النفس، نرى أن الالتزام هو طريق نحو القداسة، والنضج النفسي، والنجاح العملي، وهو ما يجعل الإنسان شاهدًا حيًا للمسيح في هذا العالم.

القمص أفرايم الأنبا بيشوى

المراجع 

* الكتاب المقدس 

* القديس أثناسيوس الرسولي، تجسد الكلمة.

* القديس يوحنا ذهبي الفم، العظات على إنجيل متى.

* القديس أنطونيوس الكبير، أقوال الآباء (Apophthegmata Patrum).

* أغسطينوس، الاعترافات.

* Thomas Aquinas, Summa Theologica.

* Jean-Paul Sartre, Existentialism is a Humanism.

* Aristotle, Nicomachean Ethics.

* Seligman, M. & Peterson, C., Character Strengths and Virtues.

* في علم النفس: كارل يونغ، الإنسان ورموزه؛ فرويد، محاضرات تمهيدية في التحليل النفسي.

ليست هناك تعليقات: