للأب القمص أفرايم الأورشليمى
أهمية التلمذة والتعلم فى حياتنا
- نحن فى عصر يتسم بسرعة التقدم العلمى والمعرفي وسرعة تحديث المعلومات ، كما ان فروع المعرفة تتسع فى مختلف المجالات العلمية والأدبية والروحية . ونحن نحتاج للأصالة والعودة الى جذورنا الروحية وكتابات ابائنا الروحية لأكتشاف الكنوز المخبأة فيها والى استخدام كل الوسائل الحديثة والعلوم المتاحة لرسوخنا فى الإيمان ومواكبتنا للعصر . ان الإنسان الذى لا يتطور ويواكب التقدم لابد ان يتأخر فى حياته ويفوته ركب الحضارة .
- ومع أهمية التقدم الحاصل فى مختلف العلوم ،فاننا نحتفظ باستقامة الإيمان وبسلامة العقيدة والأستمرار فى التلمذة والتعلم من كنوز الكتاب المقدس ، وفكر الأباء وسير القديسين ولقد كانت وصية المخلص الصالح للتلاميذ { أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-29.وما أجمل الكنيسة المجتمعة حول تعاليم معلمها الصالح تتلمذ على كلامه الذى هو روح وحياة وكما تنبأ اشعياء وقال بالروح { و كل بنيك تلاميذ الرب و سلام بنيك كثيرا }(اش 54 : 13).
- يجب ان يكون لدينا الرغبة المستمرة فى التلمذة والتعلم من الله وكتابه المقدس وروحة القدوس وتعاليم الاباء المعتبرين أعمدة فى الكنيسة ، ومن مدرسة الطبيعة والحياة فلا ننساق بتعاليم غريبة { اما أنت فاثبت على ما تعلمت وايقنت ، عارفاً ممن تعلمت } 2تى 14:3. يجب ان يكون لدينا الحكمة والأفراز فيما نقرأ ولا نتأثر بكل ريح تعليم غير سليم فى وقت يموج فيه العالم فى صراعات دينية وعقائدية وفلسفية وان نكون من الراى العام المثقف الذى لا يقبل كل ما يتلاقاه بل يميز الغث من الثمين ، مالم نكن قادة فكر ودعاه حق فالمسيحى المواظب على صلوات وقراءات وتعاليم الكنيسة والمنقاد بروح الله لابد ان يكون نوراً فى العالم وملحاً فى الأرض يستضئ الآخرين بتعاليمه فى تواضع ومحبة .وكلما اقتربنا من شمس البر نستنير وننير.
- نعم نحن في أزمنة صعبة قال عنها القديس بولس الرسول { لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح ، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم ، فيصرفون مسامعهم عن الحق ، وينحرفون الى الخرافات } 2تى3:4-4. اما نحن ففى تواضع ابناء الله وفى حكمة أهل بيت الله نبنى أنفسنا على ايماننا المستقيم { و اما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس} (يه 1 : 20).
علامات على الطريق ..
- التلمذة على المسيح تقتضى منا ان يكون المعلم الصالح هو سيدنا ومعلمنا نتعلم منه ونثبت فى تعاليمه { فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي} (يو 8 : 31). الثبات فى الله يجعلنا نتغذى من تعاليمه ونحولها الى حياة وسلوك ، ولقد اشار على ذلك الكتاب المقدس بطريقة روحية فى العهد القديم فالحيونات الطاهرة التى سمح الله للإنسان ان ياكلها هى التى تجتر ومشقوقة الظلف { كل بهيمة من البهائم تشق ظلفا و تقسمه ظلفين و تجتر فاياها تاكلون} (تث 14 : 6). والمعنى الروحى ان الأنسان الطاهر هو الذى يقراء كلمة الله ويتأمل فيها ويحولها الى حياة وسلوك وحتى الأسماك الطاهرة هى { و هذا تاكلونه من جميع ما في المياه كل ما له زعانف و حرشف في المياه في البحار و في الانهار فاياه تاكلون }(لا 11 : 9). الانسان الروحى هو الذى يسلك باعتدال ويملك الاجنحة الروحية التى تجعله يسير بافراز وتوازن فى حياته ويحتمى فى صخر الدهور الهنا الصالح ليكون له ترس ودرع وحماية غير متكل على ذراعه او عقله او حتى على معونة بنى البشر .
- علينا ان نسلك فى وداعة وتواضع المعلم الصالح ومحبته وصبره { من قال انه ثابت فيه ينبغي انه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو ايضا (1يو 2 : 6). فالأنسان المتواضع سهل عليه ان يقدم راى غيره على رايه ومن اليسير عليه ان يقبل النصح والأرشاد . بل ويتعلم من الاحداث التى تمر به والانسان الوديع أنسان مطيع فى افراز لا يجادل ولا يغضب ويقبل النقد بصدر رحب ويعمل به متى كان للبنيان وهكذا راينا القديس بطرس المعتبر من أعمدة الكنيسة يقبل عتاب القديس بولس وتوبيخه فى مواجهه حركة التهود فى كنيسة أنطاكيا عندما وجده ملوماً (غل 11:2) .ثم نراى القديس بطرس يُظهر أحترامه وتقديره لرسائل القديس بولس الرسول . بل ان المعلم الصالح اذ اتى الينا على الارض {و اذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه و اطاع حتى الموت موت الصليب} (في 2 : 8).
- اننا اذ نتبع ونتتلمذ للرب يسوع المسيح علينا ان نحيا فى محبة لله ونحب بعضنا بعضاً {بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كان لكم حب بعضاً لبعض} يوحنا 35:13. فنحن أخوة فى جسد واحد نعمل على السير وراء الراعى الصالح كقطيع متحد به ، يجمع ولا يفرق ، يحب ولا يكره ، يعلن سمو تعاليم معلمه لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق ، نحتمل بعضنا بعض فى وحدانية الروح وطول الأناة . { و اما من يبغض اخاه فهو في الظلمة و في الظلمة يسلك و لا يعلم اين يمضي لان الظلمة اعمت عينيه} (1يو 2 : 11).
- ان تلمذتنا وتعلمنا من المعلم الصالح تقتضى منا حمل الصليب { و من لا يحمل صليبه و ياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا } (لو 14 : 27). والصليب يبدو للبعيدين عثرة أو جهالة أما لنا نحن المخلصين فهو قوة الله وحكمة الله ونجد فى حمل الصليب تعزية وفرحاً وسلاماً . ويعقب الصليب المجد والقيامة . لقد قبل تلاميذ السيد المسيح حمل الصليب وجالوا مبشرين به معلنين تبعيتهم للمصلوب من أجل خطايانا والقائم من أجل تبريرنا . فنالوا القيامة الممجدة والتكريم من المؤمنين فى كل الأجيال . ولهذا نحن فى الكنيسة القبطية نفخر وننتمى ونعتز بكاروزنا وحامل بشرى الخلاص لنا القديس ناظر الاله مرقص الإنجيلى الشهيد طالبين صلواته عنا فى كل حين .
أهتمام المعلم الصالح بتلاميذه ...
- اذ نتبع الرب يسوع ونكون له تلاميذ ويكون لنا رباً وسيداً ومعلماً وراعياً صالحا فانه يتكفل بنا ويتولى تعليمنا وارشادنا والدفاع عنا وينسبنا اليه فندعى مسيحيين نسبةً الى يسوع المسيح الناصرى . بل نكون أعضاء فى جسد المسيح كما الأغصان وثباتها فى الكرمة . فيقول لهم ( أنا هو الكرمة ، وانتم الأغصان ) ( يو 15 : 5) ( انتم فى ، وأنا فيكم ) علاقتى بكم ، كعلاقة الرأس بالجسد لستم غرباء عنى اثبتوا فى وأنا فيكم ن كما يثبت الغصن فى الكرمة ، حينئذ لا يكون وداع بينى وبينكم .
- عندما اتى جباة الجزية لبطرس ليأخذ من المعلم الجزية تولى الرب يسوع دفع الجزية عن نفسه وعن القديس بطرس { و لما جاءوا الى كفرناحوم تقدم الذين ياخذون الدرهمين الى بطرس و قالوا اما يوفي معلمكم الدرهمين. قال بلى فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلا ماذا تظن يا سمعان ممن ياخذ ملوك الارض الجباية او الجزية امن بنيهم ام من الاجانب.قال له بطرس من الاجانب قال له يسوع فاذا البنون احرار. و لكن لئلا نعثرهم اذهب الى البحر و الق صنارة و السمكة التي تطلع اولا خذها و متى فتحت فاها تجد استارا فخذه و اعطهم عني و عنك} مت 24:17-27. وبعد القيامة المجيدة وفى اضطهاد شاول للكنيسة ظهر الرب يسوع لشاول واعلن له ذاته له فى الطريق لدمشق {و في ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض و سمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 2:9-5 . نعم يسوع المسيح معلمنا الصالح كل اساءة الى تلاميذه تعتبر موجهة اليه وهو قادر ان يحفظنا وكما قدم ذاته فداء عنا فنحن على استعداد لنقدم حياتنا من أجل ايماننا وثباتنا عليه .
- ان يسوع المسيح الهنا هو هو كائن بلاهوته معنا كل الأيام والى أنقضاء الدهر { ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين }(مت 28 : 20). وهو يشفع فينا لدى الاب السماوى ( لست أسال من اجل هؤلاء فقط ، بل أيضا من اجل الذين يؤمنون بى بكلامهم ) ( يو 17 : 20 ) وسيبقى الى انقضاء الدهر المعلم الصالح أمين ورباً والها متجسداً يقود تلاميذه الى الكمال والمحبة والملكوت السماوى .
ايها المعلم الصالح علمنا طريقك ..
- ايها المعلم الالهى انت الطريق والحق والحياة ، الى من نذهب وكلام الحياة الابدية عندك . نريد ان نتعلم منك ونتتلمذ على يديك وعلي أنجيلك وارشاد روحك القدوس ونسير على خطي وتعاليم ابائنا القديسين وتعاليم كنيستنا العريقة واسرارها وطقوسها .
- ربى ومخلصى نريدك سيدا ومعلما وان نحيا فى محبتك ووداعتك وتواضعك . نريد ان نتبعك ونحن نحمل الصليب كل يوم حتى الى الجلجثة والشهادة فلتقوى أيماننا بك وتقودنا فى موكب نصرتك .
- نحن تلاميذ لتلاميذك الرسل ونحمل وديعة الإيمان الذى نحمل شعلته وستبقى مضيئة الى ان تظهر علامة صليبك الممجد وتأتى لتدين المسكونة بالعدل وتعطى كل واحد كحسب عمله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق