للأب القمص أفرايم الأورشليمى
مبارك شعبى مصر..
+ تحتفل كنيستنا القبطية فى الرابع والعشرين من شهر بشنس القبطى الموافق الاول من شهر يونيو بعيد دخول السيد المسيح له المجد الى أرض مصر مع القديسة العذراء مريم ويوسف النجار وسالومى . ونسبح الله فى ذلك اليوم قائلين " إفرحى وتهللى يا مصر وكل بنيها وكل تخومها ، فإنه اتى إليك محب البشر الكائن قبل كل الدهور" انها بركة السماء لبلادنا المصرية ان يزورها ملك السلام عاشاً بين ربوعها ،شاربا من نيلها ،متجولاً فى مدنها وقراها ، مباركاً واديها وصحاريها ، محققا النبؤات التى جاءت عن زيارته لها قبل أكثر من سبعة قرون من ميلاد المخلص.لقد ظهر الملاك ليوسف وأمره بالمجئ الى مصر { اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم و خذ الصبي و امه و اهرب الى مصر و كن هناك حتى اقول لك لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه. فقام و اخذ الصبي و امه ليلا و انصرف الى مصر. و كان هناك الى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني } مت 13:2-15. لقد دشن السيد الرب كنيسته في مصر وأقام له عموداً عريقاً عند تخومها هو هو كرسى مارمرقص الرسول فى مدينة الأسكندرية الذى كان وسيبقى له دور وشأناً فى نشر الكرازة بالإنجيل لا على مستوى مصر والشرق بل والعالم كله {في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط ارض مصر و عمود للرب عند تخمها} أش 19:19 .
+ ان عيد دخول السيد المسيح يجب ان يكون عيداً وطنياً لكل المصريين ويجب ان يأخذ مكانته بين أعيادنا فلم يزور المخلص فى حياته على الارض بلادنا غير فلسطين الا بلادنا المصرية وفيها وجد الأمان من بطش هيرودس الملك ، كما كانت الاراضى المصرية ملجأ وملاذ فى وقت الجوع والقحط لابائنا القديسين أبراهيم ويعقوب واليها جاء يوسف كعبداً مباع ووصل الى قمة المجد وخلص مصر وابيه واخوته من المجاعة والي مصر دخل ابناء يعقوب لايتعدوا المئة وعاشوا فيها الى ان خرجوا أمة عظيمة . وفي بلادنا ولد وتربى موسى النبى وتعلم { فتهذب موسى بكل حكمة المصريين و كان مقتدرا في الاقوال و الاعمال} (اع 7 : 22). وهكذا كانت وستبقى مصرنا بلاد الكرم والعطاء والإيمان ولدينا ثقة ورجاء فى الله ان تظل واحة الإمان الإيمان الى ان يرث الرب الإرض وما عليها.
+ اننا اذ نفخر بمجئ العائلة المقدسة الى بلادنا منذ الفي عام فاننا نصلى لينظر الرب الى مصرنا الحبيبة ويفتقدها بمراحمة وعنايته ويحفظ شعبها وكنيستها قوية مقدسة ويشفى جرحات نفوسنا وبلادنا بنعمته تتميماً لوعده {و يضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون الى الرب فيستجيب لهم و يشفيهم} اش 22:19.محققا الوعد الالهى الصادق { مبارك شعبى مصر}25:19 .وكما وجد السيد المسيح الأمان فى ربوع مصر نسأله ان ينعم على شعبه فيها بالأمن والأمان والاستقرار والسلام والازدهار .
لماذا الرحلة الى مصر ...
+ كانت مصر رائدة العالم ، فكانت بفرعونها تُشير في العهد القديم إلى العبوديّة، وبخصوبة أرضها تُشير إلى حياة الترف ومحبّة العالم. كانت الاسكندرية مدينة الفكر والفلسفة الهلينية فصارت مركزاً للفكر المسيحى والإيمان الحى بكنيستها و بمدرسة الأسكندرية اللإهوتية التى تتلمذ فيها كبار لاهوتيي العالم ، كان يمكن للسيّد أن يلتجئ إلى اى بلد أخر ، لكنّه أراد تقدّيس أرض مصر، ليقيم في وسط الأرض الأمميّة مذبحًا له. في هذا يقول إشعياء النبي: "هوذا الرب راكب على سحابة خفيفة سريعة، وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر داخلها... في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تُخُمها، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر... فيُعرف الرب في مصر، ويَعرف المصريّون الرب في ذلك اليوم، ويقدّمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للرب نذرًا ويوفون به... مبارك شعبي مصر" (إش 19). اهتم الوحي بهذه الزيارة الفريدة، وبارك الله بلادنا فصارت مصر مركز إشعاع إيماني حيّ. قدّم السيّد المسيح فيض نعم في مصر لتكون سرّ بركة للعالم كله، ظهر ذلك بوضوح خلال عمل مدرسة الإسكندريّة وظهور الحركات الرهبانيّة والعمل الكرازي. كما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم فى القرن الرابع "هلمّوا إلى برّيّة مصر لتروها أفضل من كل فردوس ، ربوات من الطغمات الملائكيّة في شكل بشري، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتوليّين... لقد تهدّم طغيان الشيطان، وأشرق ملكوت المسيح ببهائه. مصر هذه أم الشعراء والحكماء والسحرة... حصّنت نفسها بالصليب. السماء بكواكبها ليست في بهاء برّيّة مصر الممتلئة من قلالي النُسّاك"
+ كانت مصر مركزاً للعبادات الوثنية رغم بحثها عن الله واهتمامها بالدين فجاء الرب ليعرفها بالايمان الحقيقى ويعلن لها الحق . لقد إرتجفت اوثان مصر من هيبة الرب يسوع وجلال إلوهيته وقوته عند دخوله اليها ومالت بثقلها الحجرى فتحطمت وتكسرت أمام الصبى القادم اليها وقد روى المؤرخون هذه الحادثة فقالوا : " أن الأصنام كانت تتكسر لدى ظهوره أمامها ، والبرابى أقفرت من شياطينها "وذاب قلوب كهنة الأصنام خوفاً وهلعاً ، فهرعوا إلى حكام مصر لينصرهم على القادم الصغير ولكنه لم يكن سلطان الظلمة له سيطرة عليه ، وفى أثناء هروب العائلة المقدسة من بلدة إلى أخرى كان يؤمن بعض المصريين بالرب يسوع و ولكنه كان يجد الكره والعداوة من بعضهم ألاخر ومن كهنة الأوثان وخدامها لفقدهم أرزاقهم ،فحلت على الأولين بركته وعلى الآخرين هيبته .وفى تعليق دينيس على نبؤة أشعياء النبى عن مصر قال " كما تحطم تمثال داجون أمام التابوت المقدس هكذا سقطت تماثيل مصر عند مجئ يسوع ، إذ لم تقوى على مواجهة حضوره ، أما المؤرخ بلاديوس وهو من رجال القرن الرابع الميلادى ذهب بنفسه إلى إقليم الصعيد إلى " منطقة الأشمونيين " حيث ذهب الرب يسوع مع مريم ويوسف إتماماً لكلام الرب على لسان أشعياء الذى قال : { هو ذا الرب يركب على سحابة سريعة ويدخل مصر ، فتتزلزل أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر فى داخلها } اش 1:19 قال بلاديوس " راينا الاوثان المحطمة هناك فى بيت الأوثان حيث سقطت جميع الأوثان التى فيه على وجوهها عندما دخل مخلصنا المدينة ". اننا نصلى الى الله الان وفى كل وقت ان يحطم أوثان الجهل والأنانية وعدم الأيمان والمرض والفقر والتعصب فى كل نفس وبيت وكل مدينة وقرية ليزرع الإيمان المحبة والسلام فى ربوع بلادنا .
+ ان مجئ السيد المسيح الى مصر أبتعاداً عن الشر الذى يمثله هيرودس وطغيانه يقد لنا منهجاً روحيا للهروب من وجه الشر فالصديق يرى الشر فيتوارئ ، كما انه يقدّم لنا منهجًا روحيًا أساسه عدم مقاومة الشرّ بالشرّ، وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن النار لا تطفأ بالنار بل بالماء. وإذ كانت مصر وبابل هما أكثر بلاد العالم ملتهبتين بنار الشرّ، أعلن الرب منذ البداية أنه يرغب في إصلاح المنطقتين لحسابه، ليأتي بهما إلى ما هو أفضل، وفي نفس الوقت تمتثل بهما كل الأرض، فتطلب معرفته وعبادته، لهذا جاء الجموس من الشرق طلباً لله وجاء المخلص الى مصر بنفسه مع أمه وما الظهورات المتكرره للسيدة العذراء القديسة مريم فى مصر الا تأكيد ومباركةً لبلادنا التى نصلى من أجلها بكل قلوبنا ونعمل على رفعتها فى كل مكان .
مبارك شعبى مصر ..
+ ايها الرب الإله الذى بارك بلادنا بقدومه اليها ووجد فيها الأمان ، ها نحن نلتجأ اليك ان تهب الأمن والسلام لبلادنا وتقود حكامها ومسئوليها وشعبها ورعاتها ورعيتها الى النور والحق والحكمة ، أنعم على بلادنا بالسلام والامن فى ربوعها ليجد اهلها وزائريها فيها فرحا وبركة ويشتموا فى هوائها عبق التاريخ ونعمة الإيمان وجمال الطبيعة واشراقة شمس البر والشفاء فى أجنحتها .
+ نصلى من اجل سلام وبنيان كنيستنا القبطية التى أسستها ايها المسيح الهنا وباركتها بزيارتك التاريخية وفديتها بدمك الإلهى وارسلت لها القديس مارمرقص الرسول ليقيم عمودا ومناراً للدين فى الأسكندرية وينشر فيها الإيمان المسيحى الذى ارتوى بدماء أجدادنا الشهداء وعرق وجهاد ابائنا الرهبان ، وجهاد ابائنا البطاركة العظماء كيرلس عمود الدين واثناسيوس الرسولى وديسقوروس بطل الإرثوذكسية والى ان نصل الى أبينا ومعلمنا راعى الرعاة البابا شنودة الثالث كصمام أمان وحكمة يقود الكنيسة وسط عالم مضطرب الى بر الإمان .طالبين منك ياملك السلام ان تنعم على شعبك بالسلام والهدوء والطمانينة فى كل موضوع لكى نحيا فى تقوى وعفاف بك .
+ عمانوئيل الهنا يا من يجول يصنع خيراً ، هب خيراً ورخاءاً لاهلنا وشعبنا ، علمنا ان نعطى قبل ان نطالب بالأخذ، وان نواجه الشر بالخير ، والكراهية بالمحبة ، والجحود بالوفاء ، ربى علمنا ان نضئ شمعة الايمان بدلا من ظلمة الإلحاد ، وشعلة الرجاء بدلاً من روح اليأس ، وان نزرع أشجار المحبة التى تقتلع اشواك الكراهية . أيها الرب الإله اصنع لك منزلاً فى قلوبنا وبارك بيوتنا وقدس بلادنا ، لكى ما يعلن مجدك فى الإرض كلها ويراه كل بشر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق