القيم الروحية فى
حياة وتعاليم السيد المسيح
(29) المسيحى
وحياة الأستقامة
للأب القمص أفرايم
الانبا بيشوى
مفهوم الاستقامة
واهميتها ...
الاستقامة تعنى الصدق والبر .. ما احوجنا فى حياتنا
المعاصرة التى تتميز بتسارع وتصارع
الاحداث الى اناس الله القديسين الذين يحيوا حياة الاستقامة التى تعنى الصدق والبر
والحق سواء بالفكر أو القول او العمل وفى السر والعلن ومع النفس والقريب والبعيد
وفى عبادتهم وعلاقتهم بالله .اننا وسط
عالم يكثر فيه الكذب والنفاق والرياء والتلون نحتاج الى حياة الاستقامة حتى ما
تستقيم حياتنا وتنصلح امورنا .ان اصعب ما نواجهه فى حياتنا هو عدم الاستقامة سواء
فى الفكر او الضمير او المبادى عندما يلبس الرياء والنفاق والخداع ثوب المجامله
والتقدير، ويلبس الباطل ثوب الحق والفضيلة باسم الدين ، وتلبس الخيانة والدهاء والانتقام
ثوب الدفاع عن الحق . وتلبس الرشوة ثوب الهدية المقبولة . ان الله من اجل
المستقيمين والابرار يصبر على مجتمعنا وعالمنا هكذا خاطب الله ارميا النبى قديما {
طوفوا في شوارع اورشليم وانظروا واعرفوا وفتشوا في ساحاتها هل تجدون انسانا او
يوجد عامل بالعدل طالب الحق فاصفح عنها. وان قالوا حي هو الرب فانهم يحلفون
بالكذب. يا رب اليست عيناك على الحق ضربتهم فلم يتوجعوا افنيتهم وابوا قبول
التاديب صلبوا وجوههم اكثر من الصخر ابوا الرجوع} ار 1:5-3.
اننا نحتاج لوجود
القدوة والسلوك المستقيم فهم سر لنجاح الانسان الروحى فى كل زمان ومكان وهذا لا
يتوقف على مركز الانسان اوعمره أو مكان تواجده فيوسف الصديق البار كان كعبد شاب فى
مصر واستطاع ان يحيا حياة الاستقامة ورفض الاغراء والوعود الزائفة ودانيال كان فى
قصر الملك وعاش مستقيم ورفض ان يتنجس باطايب الملك ولا بخمر مشروبه ، وزكريا
الكاهن واليصابات عاشا زمن طويل بدون انجاب محتفظين باستقامتهما {وكانا كلاهما
بارين امام الله سالكين في جميع وصايا الرب واحكامه بلا لوم} لو6:1. الانسان
المستقيم يقول الحق ولا يسلك فى الباطل ويكون صادقا فى أقوله وتعاملاته ، هكذا شهد
ملك اخيش عن داود النبى فى وجوده بينهم وهو هارب من وجه شاول الملك {فدعا اخيش
داود وقال له حي هو الرب انك انت مستقيم وخروجك ودخولك معي في الجيش صالح في عيني
لاني لم اجد فيك شرا من يوم جئت الي الى اليوم }(1صم 29 : 6).
ان الكذب والجهل والباطل والتزويير هم ضد الاستقامة حتى وان كان طريق الجاهل مستقيم فى عينيه { توجد
طريق تظهر للانسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت} (ام 14 : 12). المتواضع متى اخطأ
يعترف بخطئه ويتوب ويرجع اما المتكبر فيسلك فى الجهل والضلال ، هكذا كان عليم
الساحر يقاوم الايمان المستقيم { فقاومهما عليم الساحر لان هكذا يترجم اسمه طالبا
ان يفسد الوالي عن الايمان. واما شاول الذي هو بولس ايضا فامتلا من الروح القدس
وشخص اليه. وقال ايها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن ابليس يا عدو كل بر الا تزال
تفسد سبل الله المستقيمة. فالان هوذا يد الرب عليك فتكون اعمى لا تبصر الشمس الى
حين ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده} أع 8:13-11.
الاستقامة ايضا تعنى العدل والاعتدال وعدم
التطرف .. ان
الاستقامة تعنى العدل فتكفل لكل واحد حقه بغض النظر عن الجنس او الدين او العرق حتى وان
لم يقرّه عرف أو شريعة وضعية.هكذا تعامل بنى حث مع ابراهيم ابو الاباء وهو غريب
بينهم حتى قبل الشريعة المكتوبة بالاف السنين { وقام ابراهيم من امام ميته وكلم
بني حث قائلا. انا غريب ونزيل عندكم اعطوني ملك قبر معكم لادفن ميتي من امامي. فاجاب
بنو حث ابراهيم قائلين له. اسمعنا يا سيدي انت رئيس من الله بيننا في افضل قبورنا
ادفن ميتك لا يمنع احد منا قبره عنك حتى لا تدفن ميتك} تك 3:23-6 . اما فى زمن
المادية والإنانية فنجد الاخوة يتنازعوا الارث قبل مواراة جسد ابيهم فى الثرى
ويقوم الابناء على الاباء والاباء على الابناء فى تكالب على المال والشهوات ويقوم
الكبير على الصغير، والقوى على الضعيف ، فى ظلم وتطرف وتعصب .
ان الاستقامة صفة من صفات الله { وهو يقضي للمسكونة بالعدل
يدين الشعوب بالاستقامة} (مز 9 : 8). والله يريد لنا ان نسلك بالاستقامة فهو يهدينا الى طرقة {تفرح وتبتهج الامم لانك تدين الشعوب
بالاستقامة وامم الارض تهديهم } (مز 67 : 4) وبهذا شهد للسيد المسيح حتى اعدائه {فسالوه
قائلين يا معلم نعلم انك بالاستقامة تتكلم وتعلم ولا تقبل الوجوه بل بالحق تعلم
طريق الله} (لو 20 : 21). ان الاستقامة تجرم الظلم وتقيم العدل { هكذا قال الرب
احفظوا الحق واجروا العدل لانه قريب مجيء خلاصي واستعلان بري} (اش 56 : 1). { مبرئ المذنب ومذنب البريء كلاهما
مكرهة الرب} (ام 17 : 15).
الاستقامة تعنى
الاعتدال وعدم التطرف سواء فى الكلام او السلوك فيحيا الانسان المستقيم دون تطرف
أو قسوة او تدليل او تحييز لنفسه او غيره
ولهذا راينا السيد المسيح يدين الكتبة والفريسيين فى زمانه الذين حملوا الناس
احمالاً عثرة وهم لم يعملوا بها بل عاشوا
فى رياء وخداع لانفسهم والناس { ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم
تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس العدل والرحمة والايمان كان
ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ايها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة
ويبلعون الجمل. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس
والصحفة وهما من داخل مملوان اختطافا ودعارة. ايها الفريسي الاعمى نق اولا داخل
الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون
المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام
اموات وكل نجاسة. هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل
مشحونون رياء واثما} 23:23-28. الاستقامة البشرية هى انعكاس وثمرة لبرّ الله الأسمى وللرقة العجيبة
التي يقود الله بها المسكونة، ويغفر بها للإنسان ويرحمة طالبا منه ان يحيا
باستقامة وان يقيم العدل والاعتدال والرحمة والحق .
الاستقامة تعنى حفظ وصايا الله ... الانسان المستقيم يعمل
على السير فى وصايا الله ومرضاته لان الله
يسر بالمستقيمين ويخلصهم هكذا صلى داود النبى لله مع الشعب طالبا منهم حفظ وصايا
الله { وقد علمت يا الهي انك انت تمتحن القلوب وتسر بالاستقامة انا باستقامة قلبي
انتدبت بكل هذه والان شعبك الموجود هنا رايته بفرح ينتدب لك. يا رب اله ابراهيم
واسحق واسرائيل ابائنا احفظ هذه الى الابد في تصور افكار قلوب شعبك واعد قلوبهم
نحوك. واما سليمان ابني فاعطه قلبا كاملا ليحفظ وصاياك شهاداتك وفرائضك وليعمل
الجميع وليبني الهيكل الذي هيات له. ثم قال داود لكل الجماعة باركوا الرب الهكم
فبارك كل الجماعة الرب اله ابائهم وخروا وسجدوا للرب} 1 أخ 17:29-20. واذ يسير الانسان بالاستقامة فانه يجد احسانا
وعونا من قبل الرب { واصنع احسانا الى الوف من محبي وحافظي وصاياي }(تث 5 : 10){يا ليت قلبهم كان هكذا فيهم حتى يتقوني
ويحفظوا جميع وصاياي كل الايام لكي يكون لهم ولاولادهم خير الى الابد }(تث 5 :
29). {ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} (اش 48 :
18). هكذا يدعونا السيد المسيح لحفظ وصاياه { ان كنتم تحبونني فاحفظوا
وصاياي }(يو 14 : 15). فحفظ وصايا الله دليل على محبتنا له
وعملنا على طاعة {الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي
وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21). وحفظ الوصايا يثبتنا فى محبة الله {ان
حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته} (يو
15 : 10).
الاستقامة تعنى
الاخلاص وعدم الخيانة او الرياء... الانسان المستقيم
هو انسان وفى مخلص لا يعرف الخيانة او الخبث أو الجحود أونكران الجميل . هكذا كانت
دعوة السيد المسيح الى الاخلاص والاستقامة والمحبة والتسامح والرحمة ونقاء القلب
وسمو الروح والاستعداد للوفاء والتضحية الى حد بذل الذات . لقد مدح السيد المسيح
السامرى الذى نال منه الشفاء فرجع دون التسعة الباقين ليقدم له الشكر على نعمة
الشفاء وعاتب يهوذا الخائن الذى فى رياء
جاء ليقبله ليرشد عنه الذين اتو للقبض عليه ليلاً وقال خير لذلك الانسان لو انه لم
يولد . لقد ادان السيد هذا الرياء فى علاقتنا بالله او بالغير { يقترب الي هذا
الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مت 15 : 8). نحن نسعى لكى
نكون مستقيمى القلوب والافكار والاعمال لانه كما علمنا السيد المسيح { لانه ماذا
ينتفع الانسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسهْ (مت
16 : 26). فنحن نسعى لنكون امناء مستقيمين من اجل خلاصنا الابدى والله لا ينسى تعب
المحبة التى نقوم بها من اجل اسمه القدوس { بر المستقيمين ينجيهم اما الغادرون
فيؤخذون بفسادهم} (ام 11 : 6). { لان المستقيمين يسكنون الارض والكاملين يبقون
فيها} (ام 2 : 21). { كن امينا الى الموت
فساعطيك اكليل الحياة} (رؤ 2 : 10).
السيد المسيح
وحياة الاستقامة ...
عاش السيد المسيح حياة الاستقامة وعلمها .. الاستقامة
التى تتضمن القداسة والحق والصدق والعدل والوفاء وعدم الرياء والاخلاص هذا ما عاشه
السيد المسيح على الارض وعلمه وكان قدوة للناس فى كل ماقال وعمل . وقد شهد بذلك
تلاميذه وحتى اعدائه { نعلم انك بالاستقامة تتكلم وتعلم ولا تقبل الوجوه بل بالحق
تعلم طريق الله} لو 21:20 . ولقد لام السيد المسيح هؤلاء الذين عاش بينهم حياة
القداسة وهو يجول يصنع خيرا ، يشبع الجياع ويفتح أعين العميان ويقيم الساقطين
والموتى ويصنع المعجزات ومع هذا اتسمت قلوبهم بالقساوة وعيونهم بالعمى وحياتهم
بالرياء وقال لهم { من منكم يبكتني على خطية فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون
بي} (يو 8 : 46).
جاء السيد المسيح معلما للحق.. لقد تحققت فى المسيح يسوع نبوة اشعياء النبى {هوذا
فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي اضع روحي عليه فيخبر الامم بالحق.لا يخاصم
ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ
حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم} مت 18:12-21 . جاء الله
الكلمة متجسدا ليخبرنا الحق { قال له يسوع
انا هو الطريق والحق والحياة ليس احد ياتي الى الاب الا بي} (يو 14 :
6). وشهد بالحق امام بيلاطس البنطى وهو ماض فى طريق الصليب { أجاب يسوع
مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي
لا اسلم الى اليهود ولكن الان ليست مملكتي من هنا. فقال له بيلاطس افانت اذا ملك
اجاب يسوع انت تقول اني ملك لهذا قد ولدت انا ولهذا قد اتيت الى العالم لاشهد للحق
كل من هو من الحق يسمع صوتي} يو 36:18-37 . ودعانا للثبات فى الحق وهو الذى لم يتملق او يجامل أحد على حساب الحق
{ فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون
تلاميذي. وتعرفون الحق والحق يحرركم. اجابوه اننا ذرية ابراهيم ولم نستعبد لاحد قط
كيف تقول انت انكم تصيرون احرارا. اجابهم يسوع الحق الحق اقول لكم ان كل من يعمل
الخطية هو عبد للخطية. والعبد لا يبقى في البيت الى الابد اما الابن فيبقى الى
الابد. فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا} يو 31:8-36. لقد جاء المسيح
ليعرفنا طريق الحق .
الانسان المستقيم يؤمن بالحق ويعيش فيه اما الشرير فيهرب
من الحق والاستقامة الى عالم الظلمة { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه
الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله
ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان والذي لا
يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء
الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة. لان كل من
يعمل السيات يبغض النور ولا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله. واما من يفعل الحق
فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة} يو 16:3-21.
لقد تتلمذ الرسل على تعاليم المخلص وسلموها للمؤمنين
ليحيوا بها مستقيمى السريرة والسيرة ودعوا الناس الى التوبة والرجوع الى الحق {فالله
الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل }(اع 17 :
30). حتى لا يقع احد تحت حكم غضب الله باثامه { لان غضب الله معلن من
السماء على جميع فجور الناس واثمهم الذين يحجزون الحق بالاثم. اذ معرفة الله ظاهرة
فيهم لان الله اظهرها لهم. لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة
بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى انهم بلا عذر. لانهم لما عرفوا الله لم
يمجدوه او يشكروه كاله بل حمقوا في افكارهم واظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون
انهم حكماء صاروا جهلاء} رو 18:1-22.
ابناء الله يعرفوا الحق ولا يشاكلوا أهل العالم فى جهلهم
بل يحيوا فى الحق والصدق والاستقامة والوفاء { فاقول هذا اشهد في الرب ان لا تسلكوا في
ما بعد كما يسلك سائر الامم ايضا ببطل ذهنهم. اذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة
الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم. الذين اذ هم قد فقدوا الحس اسلموا
نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة في الطمع. واما انتم فلم تتعلموا المسيح هكذا.ان
كنتم قد سمعتموه وعلمتم فيه كما هو حق في يسوع. ان تخلعوا من جهة التصرف السابق
الانسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور. وتتجددوا بروح ذهنكم. وتلبسوا الانسان
الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق. لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا
بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض} أف 17:4-25. فان الله يريد ان
كل الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون .
السيد المسيح عاش صادقا وأمينا .. ودعى لقبه بالامين
والصادق { هذا يقوله الامين الشاهد الامين الصادق } (رؤ 3 : 14). ودعانا للصدق { ايضا
سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل اوف للرب اقسامك. واما انا فاقول لكم لا تحلفوا
البتة لا بالسماء لانها كرسي الله. ولا بالارض لانها موطئ قدميه ولا باورشليم
لانها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء
او سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير} مت
33:5-37.
ان الصدق يستلزم منا الامانة والابتعاد عن الرياء الذى
حزرنا منه السيد الرب { ابتدا يقول لتلاميذه اولا تحرزوا لانفسكم من خمير
الفريسيين الذي هو الرياء }(لو 12 : 1) لان عقابة الرياء الهلاك { ولكن ان قال ذلك
العبد الردي في قلبه سيدي يبطئ قدومه. فيبتدئ يضرب العبيد رفقاءه وياكل ويشرب مع
السكارى. ياتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها. فيقطعه ويجعل
نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء وصرير الاسنان} مت 48:24-51. كما حزرنا من
ادانة الاخرين ودعانا لاصلاح وعلاج عيوبنا { لا تدينوا لكي لا تدانوا.لانكم
بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم. ولماذا تنظر القذى
الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. ام كيف تقول لاخيك دعني
اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك. يا مرائي اخرج اولا الخشبة من عينك وحينئذ
تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين اخيك} مت 1:7-5. ولقد تابع التلاميذ دعوة معلمهم
الى الاستقامة والصدق { اطرحوا عنكم الكذب و تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا
اعضاء البعض }(اف : 25) { واما الان
فاطرحوا عنكم انتم ايضا الكل الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح من افواهكم }(كو
3 : 8). { طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الاخوية العديمة الرياء} ابطر
22:1.
جاء السيد المسيح عادلا ويدعو الى العدل.. وهو الديان العادل
الذي يعطى كل واحد كنحو أعماله فى عدل ورحمة { ثم رايت السماء مفتوحة واذا فرس
ابيض والجالس عليه يدعى امينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب} (رؤ 19 : 11) ودعانا
لكى لا نحكم بالمظاهر { لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكما عادلا} (يو 7 : 24).
ووبخ الكتبة والفريسيين على تركهم للعدل وتمسكهم بالشكليات ومظهرية العبادة { ويل
لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم
اثقل الناموس العدل والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه و لا تتركوا تلك} (مت
23 : 23). لذلك دعانا الكتاب الى السلوك بالحق والعدل { اخيرا ايها الاخوة كل ما
هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان
كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه
ورايتموه في فهذا افعلوا واله السلام يكون معكم} في 8:4-9.
السيد المسيح يدعو الخطاة الى التوبة
والاستقامة .. جاء السيد المسيح يدعونا الى الاقتداء به فى تواضعه ووداعته وزهده فى المال
او المقتنيات وقد وعد انه يتكفل بنا . ولمعرفته بضعف البشر فقد جاء يدعوا الخطاة
الى التوبة والبعد عن الطمع ومحبة المال ورايناه يبحث عن الخطاة ليحررهم ، بحث عن المرأة
السامرية ودعاها الى التوبة وعبادة الله بالروح والحق { الله روح و الذين يسجدون
له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). وعندما راى فى قلب زكا العشار
رغبته فى ان يراه ذهب الى بيته وحرره من
الطمع ومحبة المال { فلما جاء يسوع الى المكان نظر الى فوق فراه و قال له يا زكا
اسرع وانزل لانه ينبغي ان امكث اليوم في بيتك. فاسرع و نزل وقبله فرحا. فلما راى
الجميع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. فوقف زكا وقال للرب ها انا
يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له
يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم. لان ابن الانسان قد جاء
لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} لو 5:19-10. جاء السيد المسيح ليعلن محبته للخطاة { اما الكتبة والفريسيون فلما راوه ياكل
مع العشارين والخطاة قالوا لتلاميذه ما باله ياكل ويشرب مع العشارين والخطاة. فلما
سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة
الى التوبة} مر 16:2-17.
السيد المسيح يحزرنا من العثرات ... ان حياة الاستقامة
تدعونا الى الحرص والسهر على خلاص أنفسنا واخوتنا وان نحثهم على حياة الفضيلة
والبر ولا ندفعهم الى العثرة او الاغراء باى صورة فهذا هو عمل أبليس وجنوده وفى البعد عن العثرات نبتعد عن من هم عثرة لنا
حتى وان كانوا بمثابة اليد أو الرجل او العين اليمنى لنا ولا نكون نحن عثرة
لاخوتنا واخواتنا الصغار سواء بالتعليم او القدوة او التحريض { ويل للعالم من
العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة. فان
اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها و القها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان
تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان. وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك خير
لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان. انظروا لا تحتقروا
احد هؤلاء الصغار لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه ابي
الذي في السماوات. لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك} مت 7:18-11. بل يجب
ان نسعى الى رد الخطاة عن طريق ضلالهم { فليعلم ان من رد خاطئا عن ضلال طريقه يخلص
نفسا من الموت ويستر كثرة من الخطايا} (يع 5 : 20).
الاستقامة فى حياة الانسان المؤمن ...
الاستقامة جهاد مستمر .. ان حياة الاستقامة والبر
والتقوى هى حياة تلمذة وتعلم من الراعى الصالح ، كما انها جهاد مستمر بامانة للسير
والاقتداء بالمسيح . هى حياة نمو فى معرفة الله والتوبة عن الضعفات للوصول الى حفظ
الوصايا والتأمل فيها والعيش فى مخافة الله بقلب طاهر غير منقسم وضمير صالح وايمان بغير رياء { واما غاية الوصية فهي
المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء} (1تي 1 : 5). حياة الأستقامة لا
تعرف التعرج بين الفرقتين او الغش والمكر والخداع { فتقدم ايليا الى جميع الشعب وقال
حتى متى تعرجون بين الفرقتين ان كان الرب هو الله فاتبعوه وان كان البعل فاتبعوه }(1مل
18 : 21). الاستقامة تنبع من الفكر السليم والذى يبنى على كلمة الله وعمل الروح
القدس وقيادته للنفس وتقديسه للحواس والعواطف .ان أفكارنا وعواطفنا المقدسة هى
الموجه لسلوكنا فان كانت أفكارنا مقدسة وعواطفنا طاهرة تكون حياتنا نقية وسلوكنا
مقدس ، حواسنا وقلوبنا هى النافذة التى نرى بها العالم من حولنا والله يبحث عن
مستقيمى القلوب ويخلصهم .
الاستقامة والثقة ... الانسان المستقيم هو
مصدر ثقة وامانة لمن حوله وضرورة لمجتمعه . ان الاستقامة ليس فضيلة اجتماعية فقط
بل هى مقياس للإيمان السليم ، فالعقيدة السليمة تقود الى حياة الاستقامة . لهذا ينبغى
لابناء وبنات الله ان لا يشاكلوا أهل هذا الدهر بل يتغيروا للافضل بناء على دعوتهم
المقدسة ليكونوا قديسين وكاملين { فاطلب
اليكم ايها الاخوة برافة الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله
عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم
لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} رو 1:12-2. الاستقامة هو
طريقنا للنجاح والحياة الابدية ، وتتضمن
استقامة وسلامة التعليم {لاننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله لكن كما من اخلاص
بل كما من الله نتكلم امام الله في المسيح }(2كو 2 : 17){ قد رفضنا خفايا الخزي
غير سالكين في مكر او غاشين كلمة الله بل باظهار الحق مادحين انفسنا لدى ضمير كل
انسان قدام الله }(2كو 4 : 2). ولهذا نداوم على حفظ استقامة التعليم الذى نتلقاه
ونعلمه لغيرنا { لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين
يسمعونك ايضا }(1تي 4 : 16).
صفات الانسان المستقيم ...
أ- الامانه والصدق
... الاستقامة تحلى
صاحبها بالامانه { من يسلك بالاستقامة يسلك بالامان ومن يعوج طرقه يعرف }(ام 10 :
9) . سواء فى عبادته وعلاقته بالله او بالاخرين . فيكون امينا فى وعوده ومواعيده
وفى حفظة لاسرار الغير وفى توبته عن خطاياه واخطائه والتماسه الاعزار لضعفات الغير
، كما ان الانسان المستقيم هو انسان صادق لا يعرف الغش أو الخداع ولا يرضى بالمكسب
او المنفعة التى تأتى من طريق غير مستقيم . الاستقامة تجعلنا أمناء فى القليل
وتجعل الله يقيمنا على الكثير { الامين في القليل امين ايضا في الكثير والظالم في
القليل ظالم ايضا في الكثير} (لو 16 : 10). والاستقامة تجعل الانسان يحرص على خلاص
نفسه فلا يكون لديه ازدواجية فى المعايير ويهتم بالتدقيق فى الامور الصغيرة لانه
ان لم نتخلص منها تكبر وتتفاقم وتشكل خطر على استقامة حياتنا الروحية وخلاصنا .
ب- البعد عن الشر
والخطية... الاستقامة تجعل صاحبها يحيد عن
الشر والخطية ويصنع الخير { منهج
المستقيمين الحيدان عن الشر حافظ نفسه حافظ طريقه} (ام 16 : 17). هكذا كان ايوب
البار { فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل
كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر} (اي 1 : 8). وهذا ما اوصى به الرب سليمان
الحكيم عندما تراءى له { وانت ان سلكت
امامي كما سلك داود ابوك بسلامة قلب واستقامة وعملت حسب كل ما اوصيتك وحفظت فرائضي
واحكامي. فاني اقيم كرسي ملكك عن اسرائيل الى الابد كما كلمت داود اباك قائلا لا
يعدم لك رجل عن كرسي اسرائيل. ان كنتم تنقلبون انتم او ابناؤكم من ورائي ولا
تحفظون وصاياي فرائضي التي جعلتها امامكم بل تذهبون وتعبدون الهة اخرى وتسجدون
لها. فاني اقطع اسرائيل عن وجه الارض التي اعطيتهم اياها والبيت الذي قدسته لاسمي
انفيه من امامي ويكون اسرائيل مثلا وهزاة في جميع الشعوب. وهذا البيت يكون عبرة كل
من يمر عليه يتعجب ويصفر ويقولون لماذا عمل الرب هكذا لهذه الارض ولهذا البيت. فيقولون
من اجل انهم تركوا الرب الههم الذي اخرج اباءهم من ارض مصر وتمسكوا بالهة اخرى وسجدوا
لها وعبدوها لذلك جلب الرب عليهم كل هذا الشر } (1مل 9 : 4-9). وهذا جعل القديس بولس يدافع عن استقامته
{لان فخرنا هو هذا شهادة ضميرنا اننا في بساطة واخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في
نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم }(2كو 1 :
12)
ج- الاستقامة والثقة فى الله .. الانسان المستقيم يثق فى الله ولا يتكل على سلطة او مال ويكون عفيف طاهر الفكر والجسد والروح . ان من اعداء الانسان الذين يحارب بهم الشيطان الانسان المستقيم، شهوة الجسد وشهوات العيون وتعظم المعيشة . الانسان الملتوى يتمسك بالسلطة ليجد فيها المركز والامان اما المستقيم فيحتمى فى الرب { الاحتماء بالرب خير من التوكل على انسان. الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء (مز 118 : 8- 9). الثقة فى الله تجعلنا لا نتكل على الغنى او المادة ايضا { لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان و طعنوا انفسهم باوجاع كثيرة} (1تي 6 : 10). ويكون المال لنا خادم جيد وليس عبداً قاسى لهذا يوصي الانجيل الاغنياء ان يتكلوا على الله لا الغنى { اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع} (1تي 6 : 17). ولنتعود على حياة الشكر لله والعرفان بالجميل فى كل شئ أننا دخلنا العالم بلا شئ وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشىء . وحيث أننا لم ندخل العالم بشىء لذا فإن كل شىء نحصل عليه يجب أن نأخذه بشكر وعرفان بالجميل .. لذا فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما . الاستقامة تعلمنا أن تشكر على كل شىء مهما صغر والشكر لا يجعل مكاناً فى قلوبنا للتذمر أو الطمع.
ج- الاستقامة والثقة فى الله .. الانسان المستقيم يثق فى الله ولا يتكل على سلطة او مال ويكون عفيف طاهر الفكر والجسد والروح . ان من اعداء الانسان الذين يحارب بهم الشيطان الانسان المستقيم، شهوة الجسد وشهوات العيون وتعظم المعيشة . الانسان الملتوى يتمسك بالسلطة ليجد فيها المركز والامان اما المستقيم فيحتمى فى الرب { الاحتماء بالرب خير من التوكل على انسان. الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء (مز 118 : 8- 9). الثقة فى الله تجعلنا لا نتكل على الغنى او المادة ايضا { لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان و طعنوا انفسهم باوجاع كثيرة} (1تي 6 : 10). ويكون المال لنا خادم جيد وليس عبداً قاسى لهذا يوصي الانجيل الاغنياء ان يتكلوا على الله لا الغنى { اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع} (1تي 6 : 17). ولنتعود على حياة الشكر لله والعرفان بالجميل فى كل شئ أننا دخلنا العالم بلا شئ وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشىء . وحيث أننا لم ندخل العالم بشىء لذا فإن كل شىء نحصل عليه يجب أن نأخذه بشكر وعرفان بالجميل .. لذا فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما . الاستقامة تعلمنا أن تشكر على كل شىء مهما صغر والشكر لا يجعل مكاناً فى قلوبنا للتذمر أو الطمع.
كما ان
الاستقامة تجعلنا نحرص فى علاقتنا لاسيما فى العلاقة بالجنس الاخر ان تكون علاقات
طاهرة تتسم بالاتزان والالتزام وتوجيه
الانظار الى المسيح المشبع لعواطفنا وارواحنا ونفوسنا وهذا الحرص يلازم الانسان فى
كل مراحل حياته فداود القوى سقط عندما أهمل حرصه وعاش حياة الكسل والترف وترك
المعركة الروحية ليتطلع على اسرار الغير { طرحت كثيرين جرحى و كل قتلاها اقوياء }(ام
7 : 26) فلا تعطى لنفسك وجسدك فرصة للخطية واشغل وقتك بما هو صالح ومفيد فوقت
الفراغ هو الفرصة الثمينة التى نعطيها لإبليس ليحاربنا ويسقطنا فى الخطية.
لابد ان نشبع ارواحنا بمحبة الله وننشغل بأهداف الله
السامية وخطته العظيمة لحياتنا ورؤيته
المقدسة لخلاص العالم .وكلما عشنا فى مخافة الله ننمو فى حياة الاستقامة لنصل الى
القداسة والكمال النسبى الذى يستطيع المؤمن الوصول اليهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق