الجمعة، 9 فبراير 2018
خير الكلام (4) لغتك تظهرك
خير الكلام (4)
لغتك تظهرك (مت 26 : 73)
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
لانك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان (مت 12 : 37)
"{For by your words you will be justified, and by your words you will be condemned} (Mat 12 : 37)
+ اللسان هو وسيلة لإعلان ما بداخل الإنسان وما فى قلبه من عواطف وما فى عقله من أفكار. وفي الطب يدل شكل ولون اللسان علي المرض، كذلك بالكلام نعرف ما بداخل الإنسان لهذا من الضرورة أن نضبط أنفسنا وكلامنا. ونظرا لاهمية اللسان وضعه الله داخل جدار حصين من الاسنان وكذلك شفتان { اجعل يا رب حارسا لفمي احفظ باب شفتي } (مز 141 : 3). لخطورة اللسان نرى الحكيم يقول { من يجعل حارسا لفمي وخاتما وثيقا على شفتي لئلا اسقط بسببهما ويهلكني لساني } (سير 22 : 33). ولهذا نجد الرب يسوع المسيح ينبهنا الى أهمية ضبط اللسان لئلا نقع تحت الدينونة { وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حسَاباً يَوْمَ الدِّينِ. لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ} ( مت36:12-37). فكم من حروب نشبت وعلاقات تحطمت بسبب أخطاء الكلام المسموع أو المكتوب وما ينم عنه بما فى النيات أوالأفعال أو القلوب. لهذا علينا أن نفكر جيدا قبل الحديث فلكل شئ زمان { لكل شيء زمان، ولكل أمر تحت السماء وقت.. للسكوت وقت وللتكلم وقت} (جا3: 1ـ7). علينا إن نتخير كلماتنا والوقت المناسب لها {تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها}(ام 25 : 11). قال أحد الفلاسفة ( تكلم فاعرفك ) فإن لغة الانسان تظهره. فالذى نقوله يعبر عن إنساننا الداخلى وإهتماماتنا ومواقفنا وقديما قالوا لبطرس الرسول ان لغته تدل عليه {لغتك تظهرك} (متى73:26). فلغتنا وما نقوله وننطق به، ينبغي أن تظهر اننا من أتباع المخلص العظيم. { ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحا بملح لتعلموا كيف يجب ان تجاوبوا كل واحد} (كو 4 : 6) المؤمن يتميز كلامه بالصدق والوداعة { لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه. لأننا بعضنا أعضاء بعض} (اف 4 : 25).
+ الكلام المفيد والبناء وهو تعبير عن محبتنا لله ويقوى علاقتنا الإجتماعية ويجعلنا أكثر سعادة { الكلام الحسن شهد عسل حلو للنفس وشفاء للعظام }(ام 16 : 24). علينا ان نسعى فى صنع السلام بين الناس ونبنيهم. وعلينا الالتزام بالصمت وقت الغضب لئلا نخطئ ونندم، وان كان الكلام المفيد يبني الغير فإن الكلام القاسي يهدم ويسئ ويدنس الأسماع الجيدة ويهيج الخصومة { الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط} (ام 15 : 1). يجب إن نصلى ونعترف أمام الله بخطايانا ونطلب منه ضبط حواسنا وتطهير السنتنا فببضع كلمات نال اللص الفردوس وتبرر العشار . علينا أن نتعلم استخدام السنتنا فى تسبيح الله وشكره والكرازة باسمه ويوصينا الكتاب { لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى وانتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح واغاني روحية مترنمين في قلوبكم للرب }(كو 3 : 16). نختار كلامنا بفهم بدون تطويل ممل أو إيجاز مخل { كثرة الكلام لا تخلو من معصية اما الضابط شفتيه فعاقل} (ام 10 : 19). وليكن لنا إيمان بما نقول ونعبر عن إحترامنا للذين نحدثهم بعيدا عن المكر والخبث ولا نقاطع غيرنا فى الكلام ولا نرد على سؤال لم يوجه الينا فى تطفل ومن الإتضاع ان نقدم غيرنا عن أنفسنا ولا نبتدئ بالاجابة فى مجلس وجه فيه سؤال للجميع. ونراعي وقت الغير وظروفهم وأستعدادهم للأستماع. ولنتجنب المناقشات المعثرة فان الغرض من النقاش ليس هزيمة من نحدثه وانما ان نكسب ودهم دون جرح لمشاعرهم ولنعلم أن أقصر الطرق الى كسب الجدال هو ان لا نجادل وليس من آداب النقاش مقاطعه الغير بل يجب أن نمنحهم الفرصة ليعبروا عن ارائهم ويجب ان ينتهي النقاش مهما تباعدت الاراء فى محبة وإحترام وقد تقاربت القلوب.
+ أخطاء اللسان هي خطايا مركبة تدل على ما فى داخل الإنسان فالقلب الصالح يخرج الصالحات والعكس كما ان الشجرة الجيدة تخرج ثمراً صالحاً، فعلينا أن ننقي قلوبنا ونراقب ونضبط حواسنا وأفكارنا وعواطفنا لكي يكون لساننا نقي وكلامنا كلام حكمة. الكلمات القاسية تدل على قلب قاس والكلمات المتكبرة تدل على قلب متكبر والكلام المستهتر يدل على قلب مستهتر وهكذا. فالذي يريد أن يصلح ألفاظه، عليه أن يصلح قلبه وإلا فإنه سوف يقع في خطية أخري هي الرياء فيقول ألفاظا بلسانه، عكس مشاعره وينكشف الرياء الذى يحيا فيه الإنسان.
+ نصلى ونطلب ان يهبنا الله حكمة ومعرفة وفهم قلب، ويطهر قلوبنا بنعمة روحه القدوس ويكتب شريعته داخلنا ولتسكن نعمته بغنى فينا. لتكون السنتنا قلم كاتب ماهر يقول أجمل الالحان ويسبح الله على محبته ورحمته المتجددة. وليجذبنا الله بربط المحبة لكي ننشد الحان الفرح شاكرين عظيم عمله ورعايته لنا. فما أحوجنا فى الحزن الي كلمات العزاء، وفى الضيق الى الصديق الذى ينتشلنا بكلمات الرجاء، وفى وقت الشك نحتاج الى من يثبت فينا الإيمان ويغذي فينا المحبة عديمة الرياء. وفى الشعور بالغربة والوحدة نأخذ بايدي بعضنا ونشجع الأخرين لئلا نخور فى الطريق وليملاء الله حياتنا بالبسمة الصادقة والكلمة الطيبة والمشاعر الأخوية الصادقة، أمين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق