للأب
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أمثلة لحياة النصرة
قدم
لنا الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة أمثلة ونماذج للأنتصار في الحروب الروحية
كما قدم لنا أمثلة للسقوط فى الحرب، وقدم أمثلة للتائبين الذين سقطوا ثم
قاموا وأنتصروا لنتعلم كيف نجاهد وننتصر في الحرب. ومن الأمثلة الشهيرة الشهيرة للأنتصار في الحرب
أبونا أبراهيم ويعقوب والقديس الأنبا أنطونيوس وباخوميوس ومقاريوس والبابا كيرلس
وأثناسيوس والأنبا برسوم والأنبا رويس وكثيرون كالكواكب يضيئون فى السماء ومن أشهر
قصص التائبين داود النبي والقديس بطرس الرسول الذي بكي بمرارة بعد أنكاره لمخلصه
الصالح والقديس القوى الأنبا موسي والقديس أغسطينوس والقديسة مريم المصرية
والقديسة بلاجيا ومن أشهر الذين سقطوا يهوذا لمحبة للفضة وخيانه لسيده { حين كنت
معهم في العالم كنت احفظهم في اسمك الذين اعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم احد الا
ابن الهلاك ليتم الكتاب} (يو 17 : 12) وديماس
الذى أحب العالم الحاضر { لان ديماس قد تركني اذ احب العالم الحاضر } (2تي 4 :
10). كل ذلك لتعليمنا وقيادتنا في الطريق الروحي {اذكروا مرشديكم الذين
كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 :
7)
أبونا
ابراهيم وحياة الإيمان... انتصر أبراهيم أبو الأباء في طاعته لله على
مشاعر القرابة والوطن وتغرب فى طاعة لله حينما قال له الله { اذهب من أرضك ومن
عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك} (تك 12: 1). فأطاع {وخرج وهو لا يعلم
إلى أين يذهب} (عب 11: 8). وأنتصر واطاع الله فى إيمان وقدم أبنه علي مذبح المحبة
لله {إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات}(عب 11: 17 – 19). وأخذ ابنه
وحيده اسحاق ليقدمه محرقة لله (تك 22). انتصر على مشاعر الأبوة وأنتصر علي حب
المال والمقتنيات حين رفض أن يأخذ شئ مما استرده في المعركة { فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ
جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ
وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ. وَانْقَسَمَ عَلَيْهِمْ
لَيْلاًهُوَ وَعَبِيدُهُ فَكَسَّرَهُمْ وَتَبِعَهُمْ إِلَى حُوبَةَ الَّتِي عَنْ
شَمَالِ دِمَشْقَ. وَاسْتَرْجَعَ كُلَّ الأَمْلاَكِ وَاسْتَرْجَعَ لُوطاً أَخَاهُ
أَيْضاً وَأَمْلاَكَهُ وَالنِّسَاءَ أَيْضاً وَالشَّعْبَ.فَخَرَجَ مَلِكُ سَدُومَ
لِاسْتِقْبَالِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ كَسْرَةِ كَدَرْلَعَوْمَرَ وَالْمُلُوكِ الَّذِينَ
مَعَهُ إِلَى عُمْقِ شَوَى. وَمَلْكِي صَادِقُ مَلِكُ شَالِيمَ أَخْرَجَ
خُبْزاًوَخَمْراً. وَكَانَ كَاهِناًلِلَّهِ الْعَلِيِّ. وَبَارَكَهُ وَقَالَ:
"مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ. وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي
يَدِكَ". فَأَعْطَاهُ عُشْراًمِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ مَلِكُ سَدُومَ
لأَبْرَامَ: "أَعْطِنِي النُّفُوسَ وَأَمَّا الأَمْلاَكَ فَخُذْهَا
لِنَفْسِكَ". فَقَالَ أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: "رَفَعْتُ يَدِي
إِلَى الرَّبِّ الإِلَهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.لاَ آخُذَنَّ
لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ فَلاَ تَقُولُ:
أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ.} (تك 14:14-23). لقد ظهر الله لابراهيم بعد ذلك وقال
له أجرك عظيم جدا { بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا لا
تخف يا ابرام انا ترس لك اجرك كثير جدا (تك
15 : 1).
أبونا
يعقوب والصلاة سر النصرة .... يقدم لنا
انتصار من نوع آخر، هو الصراع مع الله في الصلاة ، إذ أمسك به، وصارعه حتى
الفجر، وقال له { لا أطلقك إن لم تباركني} (تك 32: 26) ونال البركة فعلًا، وقال له
الرب {لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت" (تك 32: 28). كان يعقوب خاف من عيسو ولكنه
لم يعتبر أن الصراع قائم بينه وبين عيسو وإنما صارع مع الله، مؤمنًا أنه إذا
انتصر في صراعه مع الله، ونال منه البركة والوعد والبركة حينئذ لابد سينتصر في
علاقته مع أخيه، وقد كان. كان في صراعه مع الله، قد أخذ الإيمان الذي يقابل
به عيسو إنه درس لنا في الصراع مع الله، حتى ننال منه وعده { يحاربونك ولا
يقدرون عليك، لأنى أنا معك –يقول الرب – لأنقذك} (أر 1: 19).
دواد
النبي والتوبة وسر القوة .... إن داود في صراعه مع جليات يرمز للشيطان وحربه
معنا لقد قال داود لذلك الجبار { اليوم
يحبسك الرب في يدي} (1صم 17: 46). لست أنا الذي يغلبك، وإنما الرب. وعندئذ أستطيع
أن أجعل لحمك طعامًا لطيور السماء.. وقال قوله الشهير {أنت تأتيني بسيف ورمح، وأنا
آتيك باسم رب الجنود}(1صم 17: 45). لقد فهم دواد النبي السر، فأدخل الله إلى
ميدان المعركة. هل انتصر داود إذن لأن يده كانت ماهر في القتال، أم لأن الرب
حبس جليات في يد النبي ؟ السر كله في الرب نفسه. لذلك ما أجمل قول داود
النبي في كل حروبه{مبارك الرب الذي علم يدي القتال، وأصابعي الحرب} (مز 144:
1).
إن الدروس والعبر التي ناخذها من حياة داود
النبي ليس فقط من السلوك الإيجابي للشخص بل ربما تكون من التصرفات السلبية فمع كون
داود نبي وملك عظيم فإن ذلك لم يحميه من الوقوع في الخطية فكونك متقدم في الإيمان لن يجعلك بعيداً عن هجمات ابليس الذي
يجول ملمتساً من يبتلعه. وقد قال الكتاب {لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم}
(مي 7 :
8) من المهم جداً أن نعرف كيف ننهض من الخطية ولا نسمح لها بأن تسيطر على
حياتنا وتدمرها ونجد في المزمور السادس والثاني والثلاثين والواحد والخمسين ندم وتوبة
داود النبي ولنا في حياة داود النبي وغيرة من التائبين الدروس في تحدي الخطية
والنهوض والعودة من جديد , ولنا نحن في المسيح يسوع وصليبه الرجاء , ألم يقل { تعالوا
إليّ ياجميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم} (مت 11 :
28). فالله لا يريك أن تستمر في الخطية بل يريدك أن تعيش حياة النصرة عليها.
القديس
الانبا أنطونيوس والطاعة ..
لقد أطاع الأنبا أنطونيوس صوت الله وسار
في طريق الكمال المسيحي ووزع كل ماله علي الفقراء وتفرغ للعبادة والصلاة ومحبة
الله { قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك
كنز في السماء وتعال اتبعني} (مت 19
: 21). أنتصر على محبة المال، ووزع كل
أمواله على الفقراء. وانتصر في حروب الشكوك وفي كل المخاوف التي وضعها الشيطان في
طريقه. وانتصر باحتماله الوحدة والنسك وفي بقائه في البرية بلا مرشد أو أنيس لسنين.
وانتصر أيضًا في قيادته لكثيرين في هذا الطريق الملائكى، حتى أصبح نورًا للعالم .
أن الله ينتصر فينا، حينما نسلمه إرادتنا، نسلمه تدبير أمورنا، وحينئذ {يقودنا في
موكب نصرته} (2كو 2: 14). ولنا وعد الله الصادق { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم
سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم (يو
16 : 33) . أنه سيغلب فينا هذا العالم مرة أخرى. كما
قال القديس بولس الرسول { أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ}( غل 2: 20). أن أردنا
أن ننتصر، علينا أن نلتصق بالمسيح، ونطلبه
أن يحارب عنا وناخذ منه القوة التي بها نغلب العالم. ونقول مع بولس الرسول {أستطيع
كل شيء في المسيح الذي يقويني }(في 4
: 13) ومادامت الحرب للرب، إذن هو الذي سيحارب
عنا وينتصر وليس نحن. يجب إذن أن تسلمه قيادة المعركة في جهادك الروحى مع العدو، مع العالم، مع الخطية، مع ذاتك. وقبل
أن تحارب، أطلب من الرب أن يدربك، أن يعلم يديك القتال، وأصابعك الحرب.. تتلمذ على
الرب وقديسيه وأبيك الروحى، فيستطيع مقلاعك أن يفعل الأعاجيب. وبحصاة واحدة تكسب
الحرب. وفي كل حروبك، استمع إلى قول موسي النبي { قفوا وانظروا خلاص الرب. الرب
يقاتل عنكم وأنتم تصمتون} (خر 14: 14).
أبائنا
الشهداء والمعترفون أنتصروا في صراعهم من قوات الشر ولم يحبوا
حياتهم حتى الموت. انتصروا على كل التهديدات، وعلى السجون، وعلى العذابات التي
تفوق احتمال البشر. وثبتوا على الإيمان، وقابلوا الموت ببسالة عجيبة. وكانوا
مثالًا رائعًا جذب الكثيرين إلى الإيمان. لذلك تكرمهم الكنيسة تكريمًا عظيمًا،
ونقول إن دماء الشهداء هي بذار الإيمان.
يقودنا
فى موكب نصرته ...
*
أيها الآب القدوس مخلص ومحيي النفوس الذين منحنا السلطان أن ندوس علي كل قوات
العدو لا تدع موت الخطية يقوى علينا ولا علي كل شعبك بل هبنا حياة الكمال المسيحي
الذى يرضيك أمامك وعلمنا أن نصلي كل حين وأن نحيا بك واثقين وفي محبتك نكون فى
الإيمان نامين ومثمرين وبنعمتك نحيا علي رجاء القيامة فرحين وشاكرين محبتك التي
تؤهلنا لميراث القديسين في النور.
*
أيها الرب يسوع المسيح الهنا وقائد نصرتنا اليك نصلي أن تقودنا فى موكب نصرتك،
علمنا وأرشدنا فى الطريق وكن لنا مرشداً ومنقذا في الضيق . علما أن نسهر لخلاص
نفوسنا ونجاتنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل . وبالصلاة والصوم نتحصن ضد هجمات
العدو. أعطنا يقظة روحية لنجاهد الجهاد الحسن وتسندنا نعمتك.
*
أيها الروح القدس المعزي الذى أعان وأرشد وقاد أبائنا القديسين وأعانهم ليكملوا
جهادهم أعنا بصلواتهم لنتذكر جهادهم وصبرهم ونتمثل بإيمانهم ونقتدى بسيرتهم ونحيا
كحياتهم. أعطنا يا روح الله من مواهبك وثمارك وعلمنا أن نسير في طريق الكمال كما
سار ابائنا أخنوخ ونوح والأنبا أنطونيوس وباخوميوس ومقاريوس ونجاهد حسنا مواظبين
علي الصلاة كل حين كموسي النبي والانبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا بيشوى ونتمثل
بإيمان أبونا أبراهيم وأسحق ويعقوب ونتقوى فى الحرب كداود النبي والقوى الأنبا
موسي ونحيا حياة الرجاء متشبهين بزكريا النبي وبطرس الرسول ونبكي علي خطايانا
كارميا النبي والقديس أرسانيوس ونجاهد الجهاد الحسن كالقديس بولس الرسول ونتعلم من
فضائل القديسين ونسير علي أثر خطاهم لنكون معهم وأرثين لملكوتك السماوى، أمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق