بقلم مهندس روماني وهيب نصرالله
"اللي خلف مامتش".... جملة تعزية جميلة ومشجعة، نقولها: عادة لتعزية أقارب احبائنا المنتقلين وبالاخص لابنائهم وبناتهم، فالمقصود منها ان الشخص المتوفي سيبقى اسمه وربما عمله مستمرا بوجود هؤلاء الابناء الذين يحملون اسمه، ويواصلون البناء على ما قدم من عمل او غيره ، وكذلك فأن القصد الاخر من هذه العبارة هو تخفيف الم الفراق على فقدان الشخص المتوفي، وأحيانا أخرى نكررها في مواقف متعددة كمدح مباشرلهؤلاء الأبناء أولتشجيعهم بانهم سائرون على نهج أبائهم الذين تنيحوا في ايمانهم وتقواهم وصلاحهم ومحبتهم اونشاطهم وطموحاتهم ونجاحاتهم .... إلخ, ومن هنا فهي بذلك جملة تعني وفي كافة الاحوال والاستخدامات، تذكرة وترحم ومدح للأباء المنتقلين.
1- فمما لا شك فيه من الناحية الانسانية البحته أن الذرية الصالحة تبقي ذكر أهلهم، كما يكونون مصدرا لفخر من يحملون اسماءهم بوجودهم في الدنيا بعد وفاتهم ، ولذلك فمنذ القدم فإن أى زوجين من البشر يعيشون أياما من الضيق والانكسار والحزن ما لم يرزقا بطفل يملئ حياتهم ويكون حاملاً لاسم والده وعائلته ككل بعد وفاة الآب. ولكن هذا الذكر والتخليد للإصول في الحقيقة قد لا يستمر طويلا في ذاكرة الفروع وقد ينمحي تماما بعد اجيال قليله بعد موتهم!.
2- وايضا فمن الناحية الاجتماعية ليس كل من لم ينجب أو مات بدون أن يخلف ذرية يموت معه ذكره، فهناك كثيرين لم ينجبوا أصلا، وغيرهم لم يخلدوا فى ذاكرة البشرية والتاريخ الانساني بسبب ذريتهم بل لأعمالهم خيرا أم شرا، كذلك فنحن نؤمن ان لنا سحابة طويلة من الشهود سواء من الرهبان والاساقفة والبطاركة والاباء ورجال الكهنوت والعلمانيين البتوليين القديسين، وأبضا الراهبات والمكرسات والمتبتلات القديسات الذين لم يتزوّجوا او يتزوجن، وكرّسوا حياتهم الأرضية لله وللكنيسة، ماتوا او إستشهدوا على مر الزمان، ومازال ذكرهم قائم وحي، ومازالت كنيسة الله الجامعة في كل مكان وزمان والى نهاية الازمنة، تسعد بسيرتهم وذكرهم وطلب صلواتهم وشفاعتهم، وأيضا نعي ان أمثال هؤلاء الآن وفي المستقبل سيموتون جسديا ولا يمكن أن يطويهم النسيان، وسنظل كما يدعونا الروح بأن: " نذْكُرُ مُرْشِدِينا الَّذِينَ كَلَّمُونا بِكَلِمَةِ اللهِ. وننْظُرُ إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ ونتَمَثَّلُ بِإِيمَانِهِمْ." (عب13: 7).
3- ومن هنا إنسانيا فهذه الجملة: " الذي خلّف مـا مات ! "، ذات مفهوم إجتماعي خاطئ لحد بعيد، ورجعة إلى كتابنا المقدس يمكننا أن نقول أن شريعة موسى قد وضعت حلا لمشكلة عدم الإنجاب للزوج المتوفي، وهي أن "يَدْخُلُ أخيه َعلى زوجة الْمَيْتِ وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. وَالْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ الْمَيْتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى ذكره (اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ)." (تث25: 5 – 7)، وهذا من مفهوم ان الذرية هى اساس خلود الاسم وثبات الميراث في الأرض، لأنهم وحتى عصور الانبياء الكبار لم يكن رجاءهم الاقوى والاهم هو: بالقيامة وبالحياة الأبدية، بل كان جل إهتمامهم، وكل سلواهم في أن يخلد إسمهم بعد موتهم، وتخلد ذكراهم من خلال أولادهم الذين يدعون بإسمهم، بأن لا تُمحى ذكراهم بين الأحياء.
4- وحتى بعد السبي والتشتت ودمار مملكتيهما، فسروا وإستخدموا النبوات التي تشير لقيامة الاموات وحياة الدهر الآتي في نبوات العهد القديم (أي19: 25 – 27؛ مز15، 16: 10، 49: 14؛ إش26: 19، 25: 8؛ هو13: 14؛ )، للتعبير عن الرجاء القومي في قيام إسرائيل من جديد (حز37)، والأمل في العودة أحرارا من السبي الى أرضهم ثانية، وكما يقول الروح على لسان إشعياء النبي: "هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ، وَأُمَشِّيكَ فِي طَرِيق تَسْلُكُ فِيهِ. لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْر. وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ، وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي. اُخْرُجُوا مِنْ بَابِلَ، اهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّين. بِصَوْتِ التَّرَنُّمِ أَخْبِرُوا. نَادُوا بِهذَا. شَيِّعُوهُ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. قُولُوا: قَدْ فَدَى الرَّبُّ عَبْدَهُ يَعْقُوبَ." (إش48: 17 – 20)؛
5- وكانت كلمات كالخلاص والفداء في مفهوم معلمي الناموس يفسرونها كما في قصة الخروج من مصر الى ارض الموعد، وفى في ضوء أعلان يهوه عن نفسه لموسى بأنه كثير الرحمة، ورحمته تجلت في أنه لم يذكر للإنسان خطأه للأبد ولم يتركه يموت ويهلك، ويحفظ ذكره فى ذريته (بني بنيه) الى الابد، كما في مزمور الحمد والتسبيح الذى يقول فيه الروح على لسان داود: "كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا. كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ. لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ. الإِنْسَانُ مِثْلُ الْعُشْبِ أَيَّامُهُ. كَزَهْرِ الْحَقْلِ كَذَلِكَ يُزْهِرُ. لأَنَّ رِيحاً تَعْبُرُ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ وَلاَ يَعْرِفُهُ مَوْضِعُهُ بَعْدُ. أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ عَلَى خَائِفِيهِ وَعَدْلُهُ عَلَى بَنِي الْبَنِينَ، لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَذَاكِرِي وَصَايَاهُ لِيَعْمَلُوهَا.“ (مز103: 13 – 18)؛
6- وبرغم ان الوحي الالهي على لسان دانيال النبي اوضح بصوره جلية مفهوم القيامة العامة للأحياء والاموات وما يتبعها من ثواب وعقاب في قول الروح: " وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوباً فِي السِّفْرِ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ هَؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلاِزْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ." (دا2: 1- 4)؛ فقد ظل مفهوم - الذى خلف لم يمت – مترسخا في وجدان العائدون من السبي ومرتبطا بمدح وذم أعمال الاباء وذريتهم، كما يقول الحكيم يشوع بن سيراخ (180 ق.م)، في ذكر الملك داود مدحا وخلفائه تقريعا:" الرَّبُّ غَفَرَ لداود خَطَايَاهُ، وَأَعْلَى قَرْنَهُ إِلَى الأَبَدِ. عَاهَدَهُ عَلَى الْمُلْكِ وَعَرْشِ الْمَجْدِ فِي إِسْرَائِيلَ. بَعْدَهُ قَامَ ابْنٌ حَكِيمٌ، وَعَلَى يَدِهِ اسْتَرَاحَ فِي الرُّحْبِ. مَلَكَ سُلَيْمَانُ أَيَّامَ سَلاَمٍ، وَأَرَاحَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، لِكَيْ يُشَيِّدَ بَيْتاً لاِسْمِهِ، وَيُهَيِّئَ قُدْساً إِلَى الأَبَدِ مَا أَعْظَمَ حِكْمَتَكَ فِي صَبَائِكَ وَفِطْنَتَكَ، الَّتِي طَفَحْتَ بِهَا مِثْلَ النَّهْرِ. فَإِنَّ قَرِيحَتَكَ عَمَّتِ الأَرْضَ، فَمَلأْتَهَا مِنْ أَمْثَالِ الأَحَاجِي. بَلَغَ اسْمُكَ إِلَى الْجَزَائِرِ الْبَعِيدَةِ، وَأُحْبِبْتَ لأَجْلِ سَلاَمِكَ. أَمَلْتَ فَخِذَيْكَ إِلَى النِّسَاءِ؛ فَاسْتَوْلَيْنَ عَلَى جَسَدِكَ. جَعَلْتَ عَيْباً فِي مَجْدِكَ، وَنَجَّسْتَ نَسْلَكَ؛ فَجَلَبْتَ الْغَضَبَ عَلَى بَنِيكَ. لَقَدْ صَدَعَتْ قَلْبِي جَهَالَتُكَ. حَتَّى قُسِمَ السُّلْطَانُ إِلَى قِسْمَيْنِ، وَنَشَأَ مِنْ أَفْرَايمَ مُلْكٌ مُتَمَرِّدٌ. لكِنَّ الرَّبَّ لاَ يَتْرُكُ رَحْمَتَهُ، وَلاَ يُفْسِدُ مِنْ أَعْمَالِهِ شَيْئاً. لاَ يُدَمِّرُ أَعْقَابَ مُصْطَفَاهُ، وَلاَ يُهْلِكُ ذُرِّيَّةَ مُحِبِّهِ. فَأَبْقَى لِيَعْقُوبَ بَقِيَّةً، وَلِدَاوُدَ جُرْثُومَةً مِنْهُ. وَاسْتَرَاحَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ،وَخَلَّفَ بَعْدَهُ ذَا سَفَهٍ عِنْدَ الشَّعْبِ منْ نَسْلِهِ،رَحَبْعَامَ السَّخِيفَ الرَّأْيِ، الَّذِي بَعَثَ بِمَشُورَتِهِ الشَّعْبَ عَلَى التَّمَرُّدِ، ...." (سي47: 13 – 28)؛
7- ومن هنا اتجه الوحي الالهي لايضاح ان الصلاح والخلود يرتبطا بالإسرة ككل وبالاخص الأم الفاضلة التى تنشا بنينا وبناتا للرب بالتربية الحسنه مقتدين بالوالدين الصالحين ايمانا وفكرا وعملا، وكما يقول بن سيراخ: "النَّسْلُ وَابْتِنَاءُ مَدِينَةٍ يُخَلِّدَانِ الاِسْمَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لاَ عَيْبَ فِيهَا، تُحْسَبُ فَوْقَ كِلَيْهِمَا." (سي40: 19)؛ فما لا شك فيه ان دليل بركة الرب وظاهر بهجة وقرة عين الزوجين هو النسل، لكن بالقطع ما يفرح الإنسان في حياته أكثر من إِنْجابُ الأَولادِ، وكذلك ما يسعده اكثر من تعمير مدينة بما فيها من منازل ومرافق ويطلق عليها إسمه الى الابد، أن تكون له زوجة باره، تسعد زوجها وتربي أولادها حسناً، فمن المؤكد انه إذا كانت الأم غير صالحة يفشل الأولاد وتخرب البيوت، ويندثر ذكر الاسرة كلها عبر الاجيال سريعا.
8- وحتى عصر تجسد وخدمة الرب والرسل من بعد قيامته المجيده، كان "الصَّدُّوقِيِّينَ، يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ..." (مر12: 18، أع23: 8)، ولكن كان الناموسيين والفريسيين يؤمنون بالقيامة ومسئولية الشخص عن اعماله وخلوده الخاص في ملكوت السموات، وكانت إجابة الرب يسوع للصدوقيين الذين أتوا مستفسرين منه عن مصير الذين يموتون من دون أن يتركوا نسلاً، - زوجة السبعة لمن تكون في السماء - فقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ لِهَذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ؟ لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأَمْوَاتِ إِنَّهُمْ يَقُومُونَ: أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ كَلَّمَهُ اللَّهُ قَائِلاً: أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ إِذاً تَضِلُّونَ كَثِيراً!»." (مر12: 18 – 27)؛ فهنا الرب قد أكد أن الخلود الحقيقي للأبرار بالذهاب إلى الحياة الأبدية (مت25: 31 – 40)، فلا خلود على الأرض، فكل شيء في الأرض له بداية وله نهاية – ولا يستفيد الأب من ابنه ولا الأخ من أخيه، ولكن كل واحد سيحاسب حسب أعماله (مت16: 27، رو2: 9، رؤ2: 23،20: 12)، فاذا تركنا أولادًا عديدين لا نستفيد شيئًا، وإذا هجرنا هذا العالم بدون أولاد، فإن هذا الأمر لا يغيرنا شيئًا، وحقيقة أيماننا أن ما يخلدنا في الآخرة لا الذرية ولا الاختراعات ولا الانشاءات ولا الجاه والمناصب .... إلخ، بل ما نقوم به في حياتنا على الارض من الأعمال الصالحة التى تتبعنا بعد الموت في الرب (رؤ14: 13).
9- لكن يا إخوتي صار في المسيح وفي المسيحية تعبير - الذي خلف لم يمت، ذو بعد إيماني عميق، فإلهنا الحي الذى لايموت فادينا الذى تجسد ومات وقام من الاموات كفارة عن خطايانا قد وعد: "إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ." (يو5: 24)، إذ يجسد علاقة الكنيسة جسد المسيح وأم كل اولاد جرن معموديتها، بعريسها وعريس كل نفس فيها – الراس لها اي المسيح نفسه، فالكنيسة أم واحدة تلد أبناء ابرار لفاديها مخلصين بدمه مؤهلين للحياة الابدية بالثبات فيها، وهى ممتدة من الارض الى السماء (رؤ12)، وتضم شقيها: المجاهد فى الارض، والمنتصر فى السماء، والموت الجسدى لابناءها هو مجرد انتقال فيها من شقها المجاهد الى شقها الآخر المنتصر، فالحَيَاةٌ الأَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا هي هِبَةُ اللهِ الحي الذى لا يموت (رو6: 23)، لكنيسته التي" أَحَبَّها الْمَسِيحُ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ. " (أف5: 25 – 27)، ومن هنا فخلاص الكنيسة يعني خلاص ابناءها المجاهدين وانضمامهم الى اخوتهم الذين سبقوهم الى الفردوس وصاروا مؤهلين للقيامة السعيدة والحياة الابدية " كوَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ" (رو8: 17)، وكما يقول الروح: "وَلكِنَّها – أي الكنيسة - سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ." (1تي2: 15)؛
10 - ولابد لنا ونحن نستخدم الان تعبير (اللي خلف مامتش)، ان نتذكر جيدا تفسيره الحقيقي كما يوضحه لنا الوحي الالهي على لسان القديس بولس الرسول: "... الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ. لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، قَائِلاً: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ». وَأَيْضاً: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ». فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ - خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ - كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ." (عب2: 9 – 15).
السبت، 27 فبراير 2016
الأربعاء، 24 فبراير 2016
شعر قصير 17 - رجائنا فى المسيح
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
(1)
رجائنا فى المسيح
نضع امام عيوننا المسيح كلي الكمال
علي غير الله لا نعلق ابدا رجاء او أمال
دا الناس بتتغير وكلنا لا محال الي ذوال
واحنا لا يفيدنا منصب ولا جمال أو مال
مش هناخد معانا شئ غير صالح الاعمال
الامين ياخد اجرته أضعاف ويصل للكمال
ولقمة يابسه ومعاها سلام تريح لنا البال
......
(2)
نقرع علي بابه" "
احنا غلابه وبنقرع دايما علي بابه
عاوزين نخدمه ومعاه العالم نجابه
نكون علي صورته وسيرته نشابه
هو يقودنا ونتبعه ونتعلم من كتابه
ومع ربنا لانخاف مخلوق ولانهابه
دا هو راعينا وأبونا ودعانا أحبابه
واللي بده ربنا نحبه ونكون طلابه
.....
(3)
" القلب الكامل"
من فضلة القلب تكتب الأيد والقلم
وأما المشاعر تتحرك يقول العقل عُلم
وكتر البكاء يعلم النوح من غير ندم
دا مفيش أكمل من قلب مجروح بالألم
الحياة مدرسة منها نتعلم خبرة وحكم
اللي يعيش يشوف واللي يبات مظلوم
أفضل من اللي يتعب الناس ولهم ظلم
....
(4)
"كن مطمئن"
مهما اراد الناس بك من شر
أو حتي فعلوا لك ما هو خير
كن دائما مطمئن وخليك واثق
أنك في يد اله حكيم في التدبير
ما بينسي أبداً يوم كأس ماء
أو لقمه تقدمها لمحتاج وفقير
يردها لك أضعاف علي الأرض
وفي السماء أبدية وخير جزيل
......
(5)
" حياة السلام الداخلي"
هو شاب لكن عمره عدى حتى ولا الف عام
عايش وحيد ولكن فكره مليان بناس وزحام
صامت ولكن قلبه كله أشجان وأحزان والآم
بقوله أهداء قال بعد الوحدة والصمت فيه كلام!
قلتله هدئ حواسك وفكرك وما تعيش فى أوهام
وخلى قلبك ينبض ويصلي بمحبة لله وبدون كلام
جرب كدا أيام رجع فرحان وقالي بقيت كلي سلام
الثلاثاء، 23 فبراير 2016
(128) فكرة لكل يوم - الله الرحيم فى سفر يونان النبي
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ من صفات الله الجميلة التي نراها في سفر يونان النبي أنه إله رحيم وطويل الاناة، {الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ} (مز 103 : 8). الله يصبر علي أهل نينوى قديما رغم شرورهم وعدم إيمانهم بالله ويرسل لهم يونان النبي ليدعوهم الي التوبة فى رسالة ظاهرها العقاب ولكن تحمل فى طياتها الرحمة والتحذير والمحبة { فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَنَادَى: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى.}( يون 4:3). لقد بلغ الأمر الي أهل نينوى وأخذوه علي محمل الجد وتابوا وأمنوا بالله ورجعوا عن طرقهم الردئية فرحمهم الله { فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ. وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ. وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَيَصْرُخُوا إِلَى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ. لَعَلَّ اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ». فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ.} ( يون 5:3-10). هكذا نحن نرى احداث كثيرة تنذر وتحذر وتدعونا الي التوبة فهل نصوم ونصلي بالروح والحق ونتوب ونحيا حياة الإيمان العامل بالمحبة لننال رحمة ومغفرة من الله.
+ الله يريد خلاص جميع الناس { الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تي 2 : ). الله يسعى لخلاص الكل من كل الأمم والألسنة وأذا رجع الخاطي عن طرقة وآمن يرحمه الله. ومنذ القديم الله يكلمنا بانواع وطرق كثيرة ليحثنا علي التوبة والرجوع اليه. الله العظيم الأبدى ضابط الكل يستخدم الريح والبحر والحيوان والإنسان والطبيعة من أجل أداء دورها لتوبتنا وخلاصنا. وهو لا يصر على كلامه لهلاك الأشرار بل نقرأ { ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه} (يون 3: 10). يونان تضايق جدًا، "واغتاظ حتى الموت" لأنه قال كلمة ولم تنفذ. والله صاحب هذه الكلمة لم يتضايق مثل يونان، بل فرح بتوبة أهل نينوى وخلاصهم. يكفى أن نتوب ونرجع اليه ونعترف بخطايانا فيرفع الله غضبه عنا وينسي بعدنا ويسامحنا بل يقول لنا{ هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ} (اش 1 : 18). فهل نتوب ونرجع ونكون مصدر فرح لنفوسنا وللسماء {أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ»} (لو 15 : 7)
+ وكما كان الله رحوم باهل نينوى كان رحوم وطويل الأناة مع يونان النبي الذى رفض دعوة الله له ليذهب الي نينوى وقام وهرب في سفينة الى الغرب، أهاج عليه الريح والبحر فالقوه فى البحر وأعد له الله حوت ليبتلعه وينجيه من الغرق، ويجعله مثال لموت ودفن السيد المسيح وقيامته وآية لأهل نينوى ويعود ويرسله مرة أخرى!. فهل لم يوجد غير يونان النبي الهارب ليرسله الله لنينوى؟. نعم يوجد ولكن الله يريد يعلمنا أنه وحتى الأنبياء ليسوا من طبيعة أخرى غير طبيعتنا ، بل هم أشخاص "تحت الآلام مثلنا" (يع 5 : 17) لهم ضعفاتهم وعيوبهم وخطاياهم والله يصبر ويطيل أناته علي الكل. ورحمة الله ونعمة تعمل معهم ومعنا ليكون لنا رجاء فى محبة الله ورحمة الإلهية نحونا { تَرَاءَى لِي الرَّبُّ مِنْ بَعِيدٍ: وَمَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ} (ار 31 : 3).أعد الله يقطينة تظلل علي يونان من حر الشمس ثم أمر الدودة ان تقطعها وتموت ويحزن عليها النبي ويتنازل الله ويتفاهم مع يونان النبي { فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ الَّتِي لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا وَلاَ رَبَّيْتَهَا الَّتِي بِنْتَ لَيْلَةٍ كَانَتْ وَبِنْتَ لَيْلَةٍ هَلَكَتْ.أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ!»} (يون 10:4-11). الله لم يتخلي عن يونان النبي وهو لن يتخلي عنا بل يقدم لنا رحمته وعلينا أن نتجاوب مع رحمة الله { طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ} (مت 5 : 7). وعلينا أن نكون رحومين ولانغضب بسرعة من أحبائنا وننسى محبتهم القديمة وتضيق صدورنا متي صدر منهم أمر عكس أرادتنا بل نصبر ونكسبهم بالمحبة وطول الأناة كما يطيل الله أناته علينا ليقتادنا الي التوبة.
+ من صفات الله الجميلة التي نراها في سفر يونان النبي أنه إله رحيم وطويل الاناة، {الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ} (مز 103 : 8). الله يصبر علي أهل نينوى قديما رغم شرورهم وعدم إيمانهم بالله ويرسل لهم يونان النبي ليدعوهم الي التوبة فى رسالة ظاهرها العقاب ولكن تحمل فى طياتها الرحمة والتحذير والمحبة { فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَنَادَى: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى.}( يون 4:3). لقد بلغ الأمر الي أهل نينوى وأخذوه علي محمل الجد وتابوا وأمنوا بالله ورجعوا عن طرقهم الردئية فرحمهم الله { فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ. وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ. وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَيَصْرُخُوا إِلَى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ. لَعَلَّ اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ». فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ.} ( يون 5:3-10). هكذا نحن نرى احداث كثيرة تنذر وتحذر وتدعونا الي التوبة فهل نصوم ونصلي بالروح والحق ونتوب ونحيا حياة الإيمان العامل بالمحبة لننال رحمة ومغفرة من الله.
+ الله يريد خلاص جميع الناس { الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تي 2 : ). الله يسعى لخلاص الكل من كل الأمم والألسنة وأذا رجع الخاطي عن طرقة وآمن يرحمه الله. ومنذ القديم الله يكلمنا بانواع وطرق كثيرة ليحثنا علي التوبة والرجوع اليه. الله العظيم الأبدى ضابط الكل يستخدم الريح والبحر والحيوان والإنسان والطبيعة من أجل أداء دورها لتوبتنا وخلاصنا. وهو لا يصر على كلامه لهلاك الأشرار بل نقرأ { ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه} (يون 3: 10). يونان تضايق جدًا، "واغتاظ حتى الموت" لأنه قال كلمة ولم تنفذ. والله صاحب هذه الكلمة لم يتضايق مثل يونان، بل فرح بتوبة أهل نينوى وخلاصهم. يكفى أن نتوب ونرجع اليه ونعترف بخطايانا فيرفع الله غضبه عنا وينسي بعدنا ويسامحنا بل يقول لنا{ هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ} (اش 1 : 18). فهل نتوب ونرجع ونكون مصدر فرح لنفوسنا وللسماء {أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ»} (لو 15 : 7)
+ وكما كان الله رحوم باهل نينوى كان رحوم وطويل الأناة مع يونان النبي الذى رفض دعوة الله له ليذهب الي نينوى وقام وهرب في سفينة الى الغرب، أهاج عليه الريح والبحر فالقوه فى البحر وأعد له الله حوت ليبتلعه وينجيه من الغرق، ويجعله مثال لموت ودفن السيد المسيح وقيامته وآية لأهل نينوى ويعود ويرسله مرة أخرى!. فهل لم يوجد غير يونان النبي الهارب ليرسله الله لنينوى؟. نعم يوجد ولكن الله يريد يعلمنا أنه وحتى الأنبياء ليسوا من طبيعة أخرى غير طبيعتنا ، بل هم أشخاص "تحت الآلام مثلنا" (يع 5 : 17) لهم ضعفاتهم وعيوبهم وخطاياهم والله يصبر ويطيل أناته علي الكل. ورحمة الله ونعمة تعمل معهم ومعنا ليكون لنا رجاء فى محبة الله ورحمة الإلهية نحونا { تَرَاءَى لِي الرَّبُّ مِنْ بَعِيدٍ: وَمَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ} (ار 31 : 3).أعد الله يقطينة تظلل علي يونان من حر الشمس ثم أمر الدودة ان تقطعها وتموت ويحزن عليها النبي ويتنازل الله ويتفاهم مع يونان النبي { فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ الَّتِي لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا وَلاَ رَبَّيْتَهَا الَّتِي بِنْتَ لَيْلَةٍ كَانَتْ وَبِنْتَ لَيْلَةٍ هَلَكَتْ.أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ!»} (يون 10:4-11). الله لم يتخلي عن يونان النبي وهو لن يتخلي عنا بل يقدم لنا رحمته وعلينا أن نتجاوب مع رحمة الله { طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ} (مت 5 : 7). وعلينا أن نكون رحومين ولانغضب بسرعة من أحبائنا وننسى محبتهم القديمة وتضيق صدورنا متي صدر منهم أمر عكس أرادتنا بل نصبر ونكسبهم بالمحبة وطول الأناة كما يطيل الله أناته علينا ليقتادنا الي التوبة.
الاثنين، 22 فبراير 2016
توبة أهل نينوى وصوم يونان
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
يونان النبى الهارب ..
كان يونان ومعناه حمامة نبيًا لإسرائيل حوالي عام ٨٢٥ – ٧٨٤ ق.م. وكان معاصرًا لعاموس النبي، وقد سجل نبوته بعد عودته من نينوى غالبا. جاء في التقليد اليهودي أن يونان هو ابن الأرملة التي أقامه إيليا النبي في صرفة صيدا (١ مل ١٨: ١٠ – ٢٤)، لقد ارسل الله هذا النبي المحب لشعبه إلى نينوى الأممية يكرز لها بالتوبة بكونه أممي من جهة والدته . ارسله الله الى نينوى عاصمة اشور الأممية ليكرز لها بالتوبة ولكن بدلا من الطاعة لأمر الله ، هرب يونان من يافا الى الغرب بدلاً من ان يذهب شرقاً لنينوي. ولكن هل بالهروب يبعدعن الله الذى صنع البحر والبر؟. ان جهل الانسان يقوده للهروب عن الله غير عالم أن الله عنه ليس ببعيد. لكن الله استخدم الله يونان النبي الهارب من أجل خلاص البحارة وأهل نينوى بل واقنع يونان نفسه باهمية خلاص النفوس البعيدة عن الله .
أن رحمة الله فى كل زمان تشمل كل انسان من كل أمة ولسان وجنس فالله خالق الجميع ومخلصهم ويسعى الى خلاصنا { الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تي 2 : 4). حتى فى جهلنا وبعدنا وعدم معرفتنا يسعي الله الي خلاصنا. فكم بالحرى يقدم لنا الغفران والرحمة ونحن نصوم ونتذلل ونطلب المراحم لنا ولغيرنا.
+ هاج البحر علي يونان النبي كما يهيج علينا العالم اليوم بسماح من الله لنرجع اليه، وبينما كان يونان نائما خاف الملاحون وصرخوا كل واحد الى الهه وايقظوا يونان ليصلى لله لينقذهم ولما علموا قصته حاولوا ان يرجعوا به الى الشاطئ لكن البحر اذداد اضراباً وعندما تسألوا ماذا يفعلوا قال لهم أن يلقوه فى البحر فيسكت عنهم البحر وعندما القوه فى البحر أعد الله حوتا عظيماً ليبتلعه. ان صراخ اهل العالم حولنا فى كل وقت يجب ان يكون دافع قوى لنا لكى نقوم من نوم الكسل ويوقظنا لنصلى الى الله طالبين النجاة والخلاص لنا ولمن معنا فى سفينة الحياة.
+ أننا نصوم ثلاثة ايام متذكرين صوم أهل نينوى قديما وإيمانهم وتوبتهم امام الله وقبول الله لهذه التوبة، ونشكر محبة الله المقدمة لنا عبر التاريخ وسعيه لخلاص الإنسان حتى فى هروب الانسان وبعده عن الله. نصلى لله فى توبة صادقة ونصوم ونتذلل ونرجع عن طرقنا الرديئة ونسأله ان يرحمنا ويقودنا أفراد وشعب وكنيسة جميعا لما فيه خلاصنا من الظلم والشر والفساد ويهدى أرجلنا الى طريق السلام من أجل حاضر كريم ننعم فيه بالأمن والإيمان والسلام ومستقبل أفضل لابناء كنيستنا وبلادنا ومنطقتنا التى تتعرض للرياح والصراعات ومن أجل خلاص كل أحد.
يونان المنادي بالتوبة .... فى جوف الحوت جازت اللجج والتيارات على يونان ووجد نفسه سابح كما فى قبر المخلص الذى بموته أحيانا بقيامته من الموت وصار يونان آية لأهل نينوى ومثال لموت المسيح وقيامته { وفيما كان الجموع مزدحمين ابتدا يقول هذا الجيل شرير يطلب اية ولا تعطى له اية الا اية يونان النبي، لانه كما كان يونان اية لاهل نينوى كذلك يكون ابن الانسان ايضا لهذا الجيل} (لو 11 : 29، 30). نعم قذف الحوت يونان الى البر وصارت اليه دعوة الله ثانية { فقام يونان وذهب الى نينوى بحسب قول الرب اما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة ايام} (يون 3 : 3) . ذهب يونان وسار فى شوارع المدينة منادياً ان الرب سيهلك المدينة بسبب شرها ولما علم أهل المدينة بقصة يونان ومناداة لهم بالتوبة {أمن اهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. وبلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي وقيل في نينوى عن امر الملك وعظمائه قائلا لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا لا ترع ولا تشرب ماء. وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا الى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في ايديهم. لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك }( يو5:3-9). وتميزت توبة أهل نينوى بالسرعة والإيمان بالله بمناداة هذا النبى الغريب الجنس وكانت توبتهم شاملة للجميع وبتواضع قلب مع صوم مما جعل السيد المسيح يتخذهم عبرة ومثالاً لاهل زمانه {رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا} (لو 11 : 32) ومن أجل توبتهم غفر الله لهم ولم يهلكهم لان الله لا يسر بموت الخاطئ مثلما يرجع فيحيا {فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه} (يون10:3). نعم ان الله يريد ان الكل يخلصون والى معرفة الحق يقبلون ولهذا ارسل الله الانبياء وفى ملء الزمان تجسد وتأنس وجاء الينا معلناً محبته وخلاصة لكى لا يهلك كل من يؤمن به لا تكون له الحياة الابدية. فهل نقترب اليه وننهل من محبته ونتوب اليه عن خطايانا ام نهرب من بحث الله عنا ونخسر أنفسنا وابديتنا ونعاني مصاعب شتي لا نعرف كيف يمكننا التغلب عليها، وبدلاً من قبول التأديب نتذمر على الله ونستمر فى الهروب والبعد عن الله .
محبة الله المنتصرة...
بعد ان نادى يونان لاهل نينوى بهلاك المدينة بعد اربعين يوماً، خرج شرقى المدينة وبقى منتظراً ليرى ماذا يصنع الله وكان الجو صيفى حار هنا تدخلت محبة الله فى حوار ودى مع يونان { فاعد الرب الاله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلا على راسه لكي يخلصه من غمه ففرح يونان من اجل اليقطينة فرحا عظيما. ثم اعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست. وحدث عند طلوع الشمس ان الله اعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على راس يونان فذبل فطلب لنفسه الموت وقال موتي خير من حياتي. فقال الله ليونان هل اغتظت بالصواب من اجل اليقطينة فقال اغتظت بالصواب حتى الموت. فقال الرب انت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت. افلا اشفق انا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها اكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة}( يون 6:4-11). نعم ان رحمة الله غالبة ومنتصرة وتسعي لخلاصنا،ومحبته الفائقة تجتذب ليس فقط الأممى الجاهل بل النبى الهارب، محبة الله التى حررت زكا العشار وجذبت اليها اللص اليمين على الصليب فى اخر لحظات حياة ، محبة الله غيرت الخطاة الي قديسين وتعمل وترحم عبر التاريخ كله وتسعى الى ادراك البعيدين والقريبين وتقتدر فى فعلها الكثير، ونحن نثق ان الله برحمته ومحبته يستطيع ان يجتذبنا نحن ايضاً.
ردنا الي خلاصك...
أيها الرب الاله الذى سعى الى خلاص أهل نينوى قديما دون ان يطلبوك، ردنا يارب الي خلاصك. واهدينا الى ملكوتك لنبحث عن الحق ونتوب بحق ونعبدك من كل القلب ونتحرر من كل ربط الخطية المؤدية الى الموت والهلاك.
أيها الرب الإله الذى غفر ليونان جهله وأعد له سفينة جديدة تجرى به فى أعماق البحر دون ان تؤذيه المياة او احشاء الحوت او مخاطر الاممين فى مناداته بهلاك المدينة، انت قادر ايضاً ان تستخدمنا لخلاص كل أحد نقابله لنعلن له رائحتك الذكية ويقبل التوبة ويعرفك انت الاله الحقيقى ويعبدك بالروح والحق.
ايها الرب الاله الذى قبل اليه الخطاة ودعاهم للإيمان نازعاً بذور العنصرية القومية من يونان النبى، ومتخطياً التصنيفات البشرية والعداوات بين الشعوب والأمم، عابراً بنا من بحور ظلمات الخطية الى نورك العجيب، أعلن خلاصك فى الشرق الذى اليه اتيت متجسداً، والغرب الذى صارا مسيحياً دون مسيح، للشمال السابح فى برودة الخطية، والجنوب الواقع تحت نيران القبلية والعنصرية البغيضة. لتجمع الجميع الى أحضانك الإلهيه ايها الرب مخلصنا.
الهى لن نهرب منك بعد اليوم، لكن نريد أن نعرف ارادتك فى حياتنا لكي نتممها، أعطنا يارب ان نعمل فى حقلك لكى ما نجمع اليك فالحصاد كثير والفعلة قليلون، نصلى اليك ان ترسل فعلة لحصادك وتجعل قلوبنا منفتحة على صوتك الحنون ودعوتك المستمرة لنا للتوبة، أمين .
السبت، 20 فبراير 2016
شعر قصير -16 "أحبك يارب"
أفرايم الأنبا بيشوى
(1)
" أنت الهنا الحي"
وتمر الأيام علينا وتمضي بينا السنين
وتظل يالهي أنت دائما أب حنين ومعين
تحفظ وترعى وتخلص وتريح المتعبين
ترد اللي ضل وتغفر وتمسح دمع الحزين
وتقول تعالوا يا عطاشي ارتووا بعد آنين
انت يارب الهنا الحي ونروح لغيرك مين؟
احبك يا الهي واعيشلك يا مخلصي الأمين
.......
(2)
" هذا هو اليوم"
هذا هو اليوم الذي صنعة لنا الرب
فلنفرح ونعمل فيه ونصلي ونسر
أمس مضى ومنه نأخذ عظات وعبر
غدا لم يأتي بعد وهو بيد الله المقتدر
اليوم للزرع بصبر وغدا لجني الثمر
نحب الله ونعمل خير كما الرب أمر
....
(3)
"أمشي عدل"
حتى لو الظلمة عمت وساءت الأحوال
وشفت كثير عن الحق والصواب مال
أمشى عدل يحتارعدوك وتحقق الأمال
وتعيش فى سلام الضمير مرتاح البال
خليك واثق بربك وأرمي عليه الأحمال
دا يقدر يقودك وينصرك وينقل الجبال
هو أمين وصالح يرعانا لمنتهي الاجيال
....
(4)
" أستجب يارب "
يارب أنصف وأقضي وأحكم للمظلوم
ولا تسمح حد يبات جعان أو محروم
من أجل صراخ المساكين والضعفاء
أعمل وأحكم يا الله وأنهض بقى وقوم
لا تسمح بفقر يذل ولا مال يضل القوم
أستجب يارب وأقبل منا الصلاة والصوم
........
(5)
" أحبك يارب"
لا تتكبر فقد خلقك الله من العدم
وهبك العقل زينة ليكن ميزة وحكم
ومنحك حياة مليانه بالخير والنعم
أعمل الخير والمحبة ولا تزل القدم
أحفظ لسانك تنجو من الخطأ والندم
تحيا بسلام بعيدا عن الحقد والنقم
دع عملك هو يقول أحبك يارب نعم
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)