بقلم مهندس روماني وهيب نصرالله
"اللي خلف مامتش".... جملة تعزية جميلة ومشجعة، نقولها: عادة لتعزية أقارب احبائنا المنتقلين وبالاخص لابنائهم وبناتهم، فالمقصود منها ان الشخص المتوفي سيبقى اسمه وربما عمله مستمرا بوجود هؤلاء الابناء الذين يحملون اسمه، ويواصلون البناء على ما قدم من عمل او غيره ، وكذلك فأن القصد الاخر من هذه العبارة هو تخفيف الم الفراق على فقدان الشخص المتوفي، وأحيانا أخرى نكررها في مواقف متعددة كمدح مباشرلهؤلاء الأبناء أولتشجيعهم بانهم سائرون على نهج أبائهم الذين تنيحوا في ايمانهم وتقواهم وصلاحهم ومحبتهم اونشاطهم وطموحاتهم ونجاحاتهم .... إلخ, ومن هنا فهي بذلك جملة تعني وفي كافة الاحوال والاستخدامات، تذكرة وترحم ومدح للأباء المنتقلين.
1- فمما لا شك فيه من الناحية الانسانية البحته أن الذرية الصالحة تبقي ذكر أهلهم، كما يكونون مصدرا لفخر من يحملون اسماءهم بوجودهم في الدنيا بعد وفاتهم ، ولذلك فمنذ القدم فإن أى زوجين من البشر يعيشون أياما من الضيق والانكسار والحزن ما لم يرزقا بطفل يملئ حياتهم ويكون حاملاً لاسم والده وعائلته ككل بعد وفاة الآب. ولكن هذا الذكر والتخليد للإصول في الحقيقة قد لا يستمر طويلا في ذاكرة الفروع وقد ينمحي تماما بعد اجيال قليله بعد موتهم!.
2- وايضا فمن الناحية الاجتماعية ليس كل من لم ينجب أو مات بدون أن يخلف ذرية يموت معه ذكره، فهناك كثيرين لم ينجبوا أصلا، وغيرهم لم يخلدوا فى ذاكرة البشرية والتاريخ الانساني بسبب ذريتهم بل لأعمالهم خيرا أم شرا، كذلك فنحن نؤمن ان لنا سحابة طويلة من الشهود سواء من الرهبان والاساقفة والبطاركة والاباء ورجال الكهنوت والعلمانيين البتوليين القديسين، وأبضا الراهبات والمكرسات والمتبتلات القديسات الذين لم يتزوّجوا او يتزوجن، وكرّسوا حياتهم الأرضية لله وللكنيسة، ماتوا او إستشهدوا على مر الزمان، ومازال ذكرهم قائم وحي، ومازالت كنيسة الله الجامعة في كل مكان وزمان والى نهاية الازمنة، تسعد بسيرتهم وذكرهم وطلب صلواتهم وشفاعتهم، وأيضا نعي ان أمثال هؤلاء الآن وفي المستقبل سيموتون جسديا ولا يمكن أن يطويهم النسيان، وسنظل كما يدعونا الروح بأن: " نذْكُرُ مُرْشِدِينا الَّذِينَ كَلَّمُونا بِكَلِمَةِ اللهِ. وننْظُرُ إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ ونتَمَثَّلُ بِإِيمَانِهِمْ." (عب13: 7).
3- ومن هنا إنسانيا فهذه الجملة: " الذي خلّف مـا مات ! "، ذات مفهوم إجتماعي خاطئ لحد بعيد، ورجعة إلى كتابنا المقدس يمكننا أن نقول أن شريعة موسى قد وضعت حلا لمشكلة عدم الإنجاب للزوج المتوفي، وهي أن "يَدْخُلُ أخيه َعلى زوجة الْمَيْتِ وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. وَالْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ الْمَيْتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى ذكره (اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ)." (تث25: 5 – 7)، وهذا من مفهوم ان الذرية هى اساس خلود الاسم وثبات الميراث في الأرض، لأنهم وحتى عصور الانبياء الكبار لم يكن رجاءهم الاقوى والاهم هو: بالقيامة وبالحياة الأبدية، بل كان جل إهتمامهم، وكل سلواهم في أن يخلد إسمهم بعد موتهم، وتخلد ذكراهم من خلال أولادهم الذين يدعون بإسمهم، بأن لا تُمحى ذكراهم بين الأحياء.
4- وحتى بعد السبي والتشتت ودمار مملكتيهما، فسروا وإستخدموا النبوات التي تشير لقيامة الاموات وحياة الدهر الآتي في نبوات العهد القديم (أي19: 25 – 27؛ مز15، 16: 10، 49: 14؛ إش26: 19، 25: 8؛ هو13: 14؛ )، للتعبير عن الرجاء القومي في قيام إسرائيل من جديد (حز37)، والأمل في العودة أحرارا من السبي الى أرضهم ثانية، وكما يقول الروح على لسان إشعياء النبي: "هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ، وَأُمَشِّيكَ فِي طَرِيق تَسْلُكُ فِيهِ. لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْر. وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ، وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي. اُخْرُجُوا مِنْ بَابِلَ، اهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّين. بِصَوْتِ التَّرَنُّمِ أَخْبِرُوا. نَادُوا بِهذَا. شَيِّعُوهُ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. قُولُوا: قَدْ فَدَى الرَّبُّ عَبْدَهُ يَعْقُوبَ." (إش48: 17 – 20)؛
5- وكانت كلمات كالخلاص والفداء في مفهوم معلمي الناموس يفسرونها كما في قصة الخروج من مصر الى ارض الموعد، وفى في ضوء أعلان يهوه عن نفسه لموسى بأنه كثير الرحمة، ورحمته تجلت في أنه لم يذكر للإنسان خطأه للأبد ولم يتركه يموت ويهلك، ويحفظ ذكره فى ذريته (بني بنيه) الى الابد، كما في مزمور الحمد والتسبيح الذى يقول فيه الروح على لسان داود: "كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا. كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ. لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ. الإِنْسَانُ مِثْلُ الْعُشْبِ أَيَّامُهُ. كَزَهْرِ الْحَقْلِ كَذَلِكَ يُزْهِرُ. لأَنَّ رِيحاً تَعْبُرُ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ وَلاَ يَعْرِفُهُ مَوْضِعُهُ بَعْدُ. أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ عَلَى خَائِفِيهِ وَعَدْلُهُ عَلَى بَنِي الْبَنِينَ، لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَذَاكِرِي وَصَايَاهُ لِيَعْمَلُوهَا.“ (مز103: 13 – 18)؛
6- وبرغم ان الوحي الالهي على لسان دانيال النبي اوضح بصوره جلية مفهوم القيامة العامة للأحياء والاموات وما يتبعها من ثواب وعقاب في قول الروح: " وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوباً فِي السِّفْرِ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ هَؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلاِزْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ." (دا2: 1- 4)؛ فقد ظل مفهوم - الذى خلف لم يمت – مترسخا في وجدان العائدون من السبي ومرتبطا بمدح وذم أعمال الاباء وذريتهم، كما يقول الحكيم يشوع بن سيراخ (180 ق.م)، في ذكر الملك داود مدحا وخلفائه تقريعا:" الرَّبُّ غَفَرَ لداود خَطَايَاهُ، وَأَعْلَى قَرْنَهُ إِلَى الأَبَدِ. عَاهَدَهُ عَلَى الْمُلْكِ وَعَرْشِ الْمَجْدِ فِي إِسْرَائِيلَ. بَعْدَهُ قَامَ ابْنٌ حَكِيمٌ، وَعَلَى يَدِهِ اسْتَرَاحَ فِي الرُّحْبِ. مَلَكَ سُلَيْمَانُ أَيَّامَ سَلاَمٍ، وَأَرَاحَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، لِكَيْ يُشَيِّدَ بَيْتاً لاِسْمِهِ، وَيُهَيِّئَ قُدْساً إِلَى الأَبَدِ مَا أَعْظَمَ حِكْمَتَكَ فِي صَبَائِكَ وَفِطْنَتَكَ، الَّتِي طَفَحْتَ بِهَا مِثْلَ النَّهْرِ. فَإِنَّ قَرِيحَتَكَ عَمَّتِ الأَرْضَ، فَمَلأْتَهَا مِنْ أَمْثَالِ الأَحَاجِي. بَلَغَ اسْمُكَ إِلَى الْجَزَائِرِ الْبَعِيدَةِ، وَأُحْبِبْتَ لأَجْلِ سَلاَمِكَ. أَمَلْتَ فَخِذَيْكَ إِلَى النِّسَاءِ؛ فَاسْتَوْلَيْنَ عَلَى جَسَدِكَ. جَعَلْتَ عَيْباً فِي مَجْدِكَ، وَنَجَّسْتَ نَسْلَكَ؛ فَجَلَبْتَ الْغَضَبَ عَلَى بَنِيكَ. لَقَدْ صَدَعَتْ قَلْبِي جَهَالَتُكَ. حَتَّى قُسِمَ السُّلْطَانُ إِلَى قِسْمَيْنِ، وَنَشَأَ مِنْ أَفْرَايمَ مُلْكٌ مُتَمَرِّدٌ. لكِنَّ الرَّبَّ لاَ يَتْرُكُ رَحْمَتَهُ، وَلاَ يُفْسِدُ مِنْ أَعْمَالِهِ شَيْئاً. لاَ يُدَمِّرُ أَعْقَابَ مُصْطَفَاهُ، وَلاَ يُهْلِكُ ذُرِّيَّةَ مُحِبِّهِ. فَأَبْقَى لِيَعْقُوبَ بَقِيَّةً، وَلِدَاوُدَ جُرْثُومَةً مِنْهُ. وَاسْتَرَاحَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ،وَخَلَّفَ بَعْدَهُ ذَا سَفَهٍ عِنْدَ الشَّعْبِ منْ نَسْلِهِ،رَحَبْعَامَ السَّخِيفَ الرَّأْيِ، الَّذِي بَعَثَ بِمَشُورَتِهِ الشَّعْبَ عَلَى التَّمَرُّدِ، ...." (سي47: 13 – 28)؛
7- ومن هنا اتجه الوحي الالهي لايضاح ان الصلاح والخلود يرتبطا بالإسرة ككل وبالاخص الأم الفاضلة التى تنشا بنينا وبناتا للرب بالتربية الحسنه مقتدين بالوالدين الصالحين ايمانا وفكرا وعملا، وكما يقول بن سيراخ: "النَّسْلُ وَابْتِنَاءُ مَدِينَةٍ يُخَلِّدَانِ الاِسْمَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لاَ عَيْبَ فِيهَا، تُحْسَبُ فَوْقَ كِلَيْهِمَا." (سي40: 19)؛ فما لا شك فيه ان دليل بركة الرب وظاهر بهجة وقرة عين الزوجين هو النسل، لكن بالقطع ما يفرح الإنسان في حياته أكثر من إِنْجابُ الأَولادِ، وكذلك ما يسعده اكثر من تعمير مدينة بما فيها من منازل ومرافق ويطلق عليها إسمه الى الابد، أن تكون له زوجة باره، تسعد زوجها وتربي أولادها حسناً، فمن المؤكد انه إذا كانت الأم غير صالحة يفشل الأولاد وتخرب البيوت، ويندثر ذكر الاسرة كلها عبر الاجيال سريعا.
8- وحتى عصر تجسد وخدمة الرب والرسل من بعد قيامته المجيده، كان "الصَّدُّوقِيِّينَ، يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ..." (مر12: 18، أع23: 8)، ولكن كان الناموسيين والفريسيين يؤمنون بالقيامة ومسئولية الشخص عن اعماله وخلوده الخاص في ملكوت السموات، وكانت إجابة الرب يسوع للصدوقيين الذين أتوا مستفسرين منه عن مصير الذين يموتون من دون أن يتركوا نسلاً، - زوجة السبعة لمن تكون في السماء - فقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ لِهَذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ؟ لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأَمْوَاتِ إِنَّهُمْ يَقُومُونَ: أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ كَلَّمَهُ اللَّهُ قَائِلاً: أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ إِذاً تَضِلُّونَ كَثِيراً!»." (مر12: 18 – 27)؛ فهنا الرب قد أكد أن الخلود الحقيقي للأبرار بالذهاب إلى الحياة الأبدية (مت25: 31 – 40)، فلا خلود على الأرض، فكل شيء في الأرض له بداية وله نهاية – ولا يستفيد الأب من ابنه ولا الأخ من أخيه، ولكن كل واحد سيحاسب حسب أعماله (مت16: 27، رو2: 9، رؤ2: 23،20: 12)، فاذا تركنا أولادًا عديدين لا نستفيد شيئًا، وإذا هجرنا هذا العالم بدون أولاد، فإن هذا الأمر لا يغيرنا شيئًا، وحقيقة أيماننا أن ما يخلدنا في الآخرة لا الذرية ولا الاختراعات ولا الانشاءات ولا الجاه والمناصب .... إلخ، بل ما نقوم به في حياتنا على الارض من الأعمال الصالحة التى تتبعنا بعد الموت في الرب (رؤ14: 13).
9- لكن يا إخوتي صار في المسيح وفي المسيحية تعبير - الذي خلف لم يمت، ذو بعد إيماني عميق، فإلهنا الحي الذى لايموت فادينا الذى تجسد ومات وقام من الاموات كفارة عن خطايانا قد وعد: "إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ." (يو5: 24)، إذ يجسد علاقة الكنيسة جسد المسيح وأم كل اولاد جرن معموديتها، بعريسها وعريس كل نفس فيها – الراس لها اي المسيح نفسه، فالكنيسة أم واحدة تلد أبناء ابرار لفاديها مخلصين بدمه مؤهلين للحياة الابدية بالثبات فيها، وهى ممتدة من الارض الى السماء (رؤ12)، وتضم شقيها: المجاهد فى الارض، والمنتصر فى السماء، والموت الجسدى لابناءها هو مجرد انتقال فيها من شقها المجاهد الى شقها الآخر المنتصر، فالحَيَاةٌ الأَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا هي هِبَةُ اللهِ الحي الذى لا يموت (رو6: 23)، لكنيسته التي" أَحَبَّها الْمَسِيحُ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ. " (أف5: 25 – 27)، ومن هنا فخلاص الكنيسة يعني خلاص ابناءها المجاهدين وانضمامهم الى اخوتهم الذين سبقوهم الى الفردوس وصاروا مؤهلين للقيامة السعيدة والحياة الابدية " كوَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ" (رو8: 17)، وكما يقول الروح: "وَلكِنَّها – أي الكنيسة - سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ." (1تي2: 15)؛
10 - ولابد لنا ونحن نستخدم الان تعبير (اللي خلف مامتش)، ان نتذكر جيدا تفسيره الحقيقي كما يوضحه لنا الوحي الالهي على لسان القديس بولس الرسول: "... الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ. لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، قَائِلاً: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ». وَأَيْضاً: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ». فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ - خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ - كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ." (عب2: 9 – 15).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق