للأب القمص أفرايم الأورشليمى
- ونحن نواجه موجات الأوبئة التى تواجه عالمنا المعاصر من وباء انفلونزا الطيور ثم الخنازير فاننا أمام وباء أشد فتكاً وأقسى ضرراً ويهدد المجتمعات بالخراب والدمار بل يقود إلي الحروب التى تاتى على الأخضر واليابس . ويرجع بنا الى عصور التخلف والجهل ، ذلك الوباء الذي لابد ان يتصدى له كل عاقل وحكيم بل وكل أنسان يجب ان يحمى نفسه منه الإ وهو وباء الكراهية القاتلة للنفس والمهلكة للروح ومدمرة للجسد.
- ان الكراهية تؤذى صاحبها وتوجه طاقاته للهدم بدلا من البناء وعندما لا يضبطها تقوده للحقد والحاق الأذى بنفسه وسمعته ومستقبله وبالأخرين وعندما تتطورالكراهية لتصل الى القتل تحول القاتل الى مجرم قاتل وتحرمه من الحياة الكريمة والحياة الابدية ، وبدلا من يكون صاحب قضية يدافع عنها ان وجدت قضية يصبح متهم مطلوب للقضاء والعدالة الارضية والعدالة الإلهية .
- الكراهية هى وباء يدمر صاحبه ويؤذى الأخرين ويعوق تقدم المجتمع وتتطور نتائجه من عدم قبول الأخر الى تشويه سمعته وهو القتل الأدبى وتنمو فى الحاق الأذى بالأخرين ومحاربتهم فى معيشتهم وممتلكاتهم وابنائهم وأمنهم ومستقبلهم .
- أن حق الأنسان فى الحياة من أسمى الحقوق التى لا يحق لاحد ان يسلبها منه واى نظام سياسى يجب ان يحافظ على سلامة مواطنيه وأمنهم وتأمين حياة كريمة لهم ومقاومة كل اشكال الكراهية والتمييز على أساس الدين او العرق او الراى السياسى أو الجنس او المذهب. وان قضايا التمييز والقتل على أسس التمييز العنصرى هى جرائم يعاقب عليها القانون الجنائى المحلى والدولى وهى قضايا لا تسقط بالتقادم. ما ذال دم هابيل البار وللأن امام الله والتاريخ يصرخ من الأرض شاهداً على ظلم الأنسان لأخيه ، وكل دم بار يطالب به الله ولن ينجو مجرم من عدالة السماء.
اسباب الكراهية ومعالجتها ...
- أننا لابد ان نتسال أمام موجات الكراهية والعداء وامام ما تتعرض له كنيستنا القبطية من أرهاب أدى الى مقتل العديد من المصلين الأبرياء فى مطلع العام الجديد فى كنيسة القديسين بالأسكندرية ، وقبلها ماتعرض له المصلين فى كنيسة النجاة وما يتعرض له المسيحيين فى الشرق من أضطهاد لابد ان ندعو الى مفكرى بلادنا العربية ومثقفوها ورجال السياسة والدين والأمن وكل نفس عاقلة الى التفكير المتعقل والهادئ والحكيم لبحث أسباب وباء الكراهية وعدم قبول الآخر سوء من نفس الدين او المذهب او العرق او المختلف عنه والعمل الصادق لأجتثاث كل أسبابه ومعالجة نتائجها.
- أن مسيحيوا الشرق هم عنصر أصيل من مركب الشرق الحضارى وتاريخهم الطويل منذ فجر المسيحية ومشاركاتهم فى بناء حضارة الشرق قبل الأسلام وبعده ووطنيتهم الصادقة وتبنيهم لقضايا أوطانهم لم تكن محل شك فى يوم من الأيام . كما ان المحافظة على التنوع الدينى والثراء الفكرى والتواجد المسيحي العربى فى المشرق كمعلم حضارى وكحق أصيل ومستقبل مشترك هو مسئولية تقع على أكتاف أخوتهم فى الإوطان من المسلمين قبل أن تكون مسئولية النظم السياسية الحاكمة وأجهزتها وهى مسئولية أمام الله والوطن والتاريخ والعالم .
- اننا فى بحثنا عن الأسباب لابد ان نعالج كل ما يكفر او يحض على الكراهية للمختلف عنا سواء فى منهاج التعليم المدرسي او الدينى وفى وسائل الأعلام والاجهزة المختلفة والحرص على الوحدة الوطنية والمساواة والعدل والمحبة بين ابناء الوطن الواحد . وكل فى موقعه مدعو لمحاربة الفكر الأرهابى المحرض على تكفير وقتل الأخر وأظهار ما فى الدين من عدل وتسامح وقبول ومساواة .
- أننا كمسيحيين كنا وسنظل نحب الله ونلتزم بمحبة أخوتنا فى الوطن دعوة الأنجيل وتعاليم مخلصنا الصالح " سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك. و اما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم. لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار و الصالحين و يمطر على الابرار و الظالمين. لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل" متى 43:5-48
- أننا نثمن أصوات الكثير من العقلاء الرافضين للحوادث الأرهابية التى حدثت فى كنيسة القديسين بالاسكندرية أو فى كنيسة سيدة النجاة ببغداد أو فى الحوادث التى حدثت فى حرق بيوت وكنائس المسيحيين من أبناء أوطاننا المسيحيين والمسلمين ، ونطالب بالوقوف والعمل معاً من أجل حاضر بلادنا ومستقبلها ضد كل أعمال الكراهية والعنف والقتل ومعالجة آثارها النفسية حرصاً منا على توفير حياة أمنه كريمة للجميع .
- رسالتنا الى أخوتنا المسلمين هى أننا فى قارب واحد وقد عشنا معاً اربعة عشر قرناً نقطف الورد معا ونجرح من الشوك معاً ولنا تاريخ وحاضر مشترك وسنبقى معاُ الى قيام الساعة فلنتعاون معاُ من أجل بناء مستقبل وسمعة أوطاننا ، ولنقاوم معاً الجهل والفقر والمرض والأرهاب والكراهية ومعاً نبنى مستقبل سعيد لأبنائنا .
- أننا نعزى أسر وذوى الشهداء ونصلى من أجل الجرحى والمصابين طالبين لهم الشفاء والنعمة والصبر ، نصلى من أجل النفوس يعتصرها الحزن والأسى نتيجة هذة الحوادث الأرهابية ونقول لهم " الرب يهدي قلوبكم الى محبة الله و الى صبر المسيح " (2تس 3 : 5) أن جريمة الكراهية والتحريض على القتل مرفوضة تماما منا ومن كل هو أمين لدينه ووطنه ولن تقابل منا الا بالرفض ومعه المحبة كعلاج لوباء الكراهية والصلاة من أجل المسيئين عملاً واقتداء برئيس أيماننا ومكمله الذى صلى قائلاً " يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون (لو 23 : 34).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق