حوار مع الله
للأب القمص أفرايم الأورشليمى
هل تسمعنى ؟...
كثيرا ما نصلى او نتحدث مع الله ونجري حوار وكأنه من طرف واحد . نحكى ونصلى او نردد بعض الصلوات المحفوظة أو المقرؤة ونختم صلواتنا ببعض الطلبات ونسير فى يومنا او ننام على اسرتنا ونحاول ارضاء ضمائرنا باننا ارضينا الله وانفسنا . لكن هل نستمع الي صوت الله الينا وهل هذا ما يريده الله منا فى صلواتنا . ان كنا نؤمن ان الله اله حي وقريب منا ويسمع صلواتنا ويستجيب لطلباتنا ويحبنا ويسعى لاقامة علاقة حية مشبعة معنا فلماذا نبتعد عنه؟ ولماذا لا نقيم دائما معه حوار حى وصريح ومباشر ؟. نتحدث اليه ونستمع الى صوته الهادئ الوديع وهو يقترب الينا ويريد ان يحل بالإيمان في قلوبنا وهو يقول لنا { هنذا واقف على الباب واقرع ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي} (رؤ 3 : 20).
فلندخل مع الله فى حوار ونسمع صوته ونستجيب لمحبته وتكون حياتنا على الارض هى رحلة صداقة مع الله او مسيرة حب بيننا كما سار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله اخذه {وسار اخنوخ مع الله و لم يوجد لان الله اخذه} (تك 5 : 24) وكما كان ابو الاباء ابراهيم قديما يسير مع الله والله يعلن له عن اسراره ويتناقش معه { فقال الرب هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله. وابراهيم يكون امة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض. لاني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي ياتي الرب لابراهيم بما تكلم به} تك 17:18-19. وهوذا الله يدعونا الى الاصغاء اليه ويقول لنا { ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} أش 17:48. وهو يفضل أستماعنا اليه عن الذبائح ، انه كأب صالح يريد ان يسمع ابناءه صوته ويحبونه وياتون اليه يقدمون له الشكر ويسمعون كلمات نعمته { فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من شحم الكباش (1صم 15 : 22). ان الله ليس عنا ببعيد بل هو قريب ، قريب ، واقرب الينا من الدم فى الوريد . لان الله روح والساجدون له بالروح والحق ينبغى ان يسجدوا .وهو يريد ان يفرح بنا فرح العريس بالعروس . ويريد ان نأتى اليه ونتعلم منه ونرتوى من ينابيع محبته ونشبع . لقد وعد وهو أمين ان من يحبه ويحفظ كلامه فانه يكون محبوبا للاب وله ويصبح قلبه مسكناً لله { اجاب يسوع وقال له ان احبني احد يحفظ كلامي ويحبه ابي واليه ناتي وعنده نصنع منزلا} (يو 14 : 23).
+ الهى هل تعرفنى بذاتك ؟ نريد ان نعرفك؟
نعم يا ابنى وهل لك معى كل هذا الزمان ولم تعرفنى! انا هو الرب الاله القادر على كل شئ والمالئ كل مكان ولا يحده الزمان او المكان مع كونى الازلى والابدى . القدوس والكامل . فانى وديع ومتواضع . انا يا أبنى هو المحبة الابدية التى تعلن ذاتها للذين يحبونها وانا الحكمة الكاملة التى تريد ان تحل فى قلوب الاتقياء . انا الذى ابحث عن الخاطئ لاحرره واغيره ، وانا الراعي الصالح الذى يبحث عن الضال ليرده والمطرود ليسترده والجريح لاعصب جراحه والكسير لاجبره ، انا هو الآب القدوس الذى يريد ان يجمع ابناءه كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، وانا المعلم الصالح الذى يريد ان يعطى حكمة للجهال ووداعة وتواضع للمتكبرين وخلاصاً للبعيدين ، انا روح القداسة الذين يخلق ويجدد وجه الارض والذى يقودكم الى الخلاص والإيمان .
+ ان كنت يالله هكذا عظيم ومحب فلماذا لا تعلن مجدك للعالم وتدعوا الجميع ليحبوك ويعرفوك؟
لابد ان تفهم يا ابنى انى اريد ان الكل يخلصون والى معرفة الحق يُقبلون . وانى مراحمى جديدة كل صباح . اني أشرق شمس محبتى على الجميع وادعو الكل الى معرفتى من أجل سعادتهم وخلاصهم . واعلن عن حضورى فى العالم بطرق متنوعه وأكلم الناس باشكال متعدده . لكن الناس عنى متغافلون ولشهوات قلوبهم ماضون ، والبعض فى تجارتهم واموالهم فقط مهتمون . ان الكثيرين يبحثون عن العطايا ويتركون المعطى بسخاء. البعض تخنق هموم الحياة كلمتى فيهم . والبعض الاخر بكبرياء قلوبهم وعقولهم يرفضون ان ياتوا اليٌ ليخلصوا . وانا لا اريد ان أجبرأحد على محبتى ! .
انى لا اريد عبيداً يخافونى ولكن أحباء يصادقونى. لقد منحت الحرية للبشرية ولكن اسلبها من أحد حتى من اولئك البعيدين أو الجاحدين او المقاومين ولكن امنح الفرصة للجميع وافتح باب التوبة للكل. هل تظن يا أبنى انى لا أحزن عندما أجد البشرية التى عملت على خلقها وخلاصها تبتعد عنى بعيدا وباطلاً يعبدوننى . أو يكرموننى بشفاههم وقلوبهم مبتعدة عنى بعيداً . ان خطايا الكثيرين ذكرها قبيح وانهم يجرحون محبتى ولتشعر معى يا أبنى لحظات كم يقاسى الاب الذي ربى أبنه وكبره ليجعله ناجحاً فى المجتمع يفرح ويفتخر به ، لكن يراه يترك بيت اباه ليتمرغ فى وحل الخطية والدنس والشهوات المحرمة . ولكن الاب من صلاحه يظل يصبر ويتأنى ويرجو رجوع ابنه اليه شاعراً بالندم والتوبه ليجد الاحضان الأبوية تحتفل برجوعه.
+ يارب هل يمكن ان تقيم لنا احد القديسين او حتى واحداً من الجحيم ليدعونا الى التوبة فقد يسمع الناس الى كلامه ؟
يا أبنى ايهما أعظم ان يقوم قديس او نبى من الأموات أو احد الخطاة الذين ماتوا ، ليقوم محذرا أو منذراً او داعيا الى التوبة . او ان يعمل روحى القدوس فى الناس داعيا الى التوبة ومبكتاً على الخطية . انى ادعوكم من خلال الإنجيل وأقول {قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل} (مر 1 : 15). لقد انتشرت كلمة الله فى كل الأماكن والبلدان ويجب ان يسعى الانسان الى خلاص نفسه ويعرف الحق ويتبعه . وكما قال ابراهيم قديما للغنى الغبي الذى طلب منه ان يرسل لعازر البلايا من السماء لاخوته ليتوبوا {فقال اسالك اذا يا ابت ان ترسله الى بيت ابي.لان لي خمسة اخوة حتى يشهد لهم لكي لا ياتوا هم ايضا الى موضع العذاب هذا. قال له ابراهيم عندهم موسى والانبياء ليسمعوا منهم. فقال لا يا ابي ابراهيم بل اذا مضى اليهم واحد من الاموات يتوبون. فقال له ان كانوا لا يسمعون من موسى والانبياء ولا ان قام واحد من الاموات يصدقون} لو 27:16-31.
اعلم يا أبنى ان الحصاد كثير والفعلة قليلون، وانه لكثرة الأثم برُدت محبة كثيرين . وانا اريد فعلة أمناء فى كرمى فقد بَعد الكثيرون عن الإيمان وانا يدي لم تقصر عن ان تخلص بل هى أثام البشر صارت فاصلة بينى وبينكم ولتستمع لقول اشعياء النبى { ها ان يد الرب لم تقصر عن ان تخلص ولم تثقل اذنه عن ان تسمع. بل اثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع. لان ايديكم قد تنجست بالدم واصابعكم بالاثم شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر. ليس من يدعو بالعدل وليس من يحاكم بالحق يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب قد حبلوا بتعب وولدوا اثما. فقسوا بيض افعى ونسجوا خيوط العنكبوت الاكل من بيضهم يموت والتي تكسر تخرج افعى. خيوطهم لا تصير ثوبا ولا يكتسون باعمالهم اعمالهم اعمال اثم وفعل الظلم في ايديهم. ارجلهم الى الشر تجري وتسرع الى سفك الدم الزكي افكارهم افكار اثم في طرقهم اغتصاب وسحق. طريق السلام لم يعرفوه وليس في مسالكهم عدل جعلوا لانفسهم سبلا معوجة كل من يسير فيها لا يعرف سلاما. من اجل ذلك ابتعد الحق عنا ولم يدركنا العدل ننتظر نورا فاذا ظلام ضياء فنسير في ظلام دامس. نتلمس الحائط كعمي وكالذي بلا اعين نتجسس قد عثرنا في الظهر كما في العتمة في الضباب كموتى. نزار كلنا كدبة و كحمام هدرا نهدر ننتظر عدلا وليس هو وخلاصا فيبتعد عنا. لان معاصينا كثرت امامك وخطايانا تشهد علينا لان معاصينا معنا واثامنا نعرفها. تعدينا وكذبنا على الرب وحدنا من وراء الهنا تكلمنا بالظلم والمعصية حبلنا ولهجنا من القلب بكلام الكذب.وقد ارتد الحق الى الوراء والعدل يقف بعيدا لان الصدق سقط في الشارع والاستقامة لا تستطيع الدخول} أش 1:59-14.
اننى ارسل برسائلى اليكم وليس من يقرأ وأعلن عن أقتراب موعد مجيئ وليس من يسمع ، وادعو الى التوبة وجمال الحياة معى ولا اجد الا القليل من الاستجابة ولكن بقيت هناك بقية قليلة أمينة وركبً منحنية تصلى ، ومن اجل هؤلاء الامناء ساقصر الأيام . انا انتظر رجوعكم الىٌ ولا أجبركم على شئ ولا اريد الا خيركم وحياتكم الابدية ونجاحكم وتركت لكم كتابى المقدس يعلن لكم محبتى، وروحى القدوس يناجيكم ويبكتم على الخطية ويحفزكم على الرجوع الى ويدعوكم لعمل الخير فهل تسمعوا نداه ؟
اريد ان اسالك يارب لماذا تسمح للاشرار بالنجاح ولماذا يعانى الأبرار ؟
لا تظن يا ابنى انى غافل عن العالم أو انى اله بعيد عن ما يحدث فانا ضابط الكل ولا يحدث شئ فى العالم الا بارادتى او بسماح منى . ان نجاح الاشرار هو نجاح وقتى والى زوال ومعاناة الابرارايضا أمر وقتى والى انتهاء . انى عادل مع الجميع وعلى خليقتى رحيم . أعطي الانسان فرصة ليثبت فى محبتى أو يبعد عنى . وانتم فى الارض فى فترة أختبار وإمتحان للإيمان . وقد رايتم صبر ايوب وعاقبتى معه فانا أجازى كل واحد وواحدة كنحو أعمالهم . ولا انسى صراخ المساكين واسمع صوت المظلومين وأقضى بالعدل والرحمة للذين يصرخون اليٌ فلا تخافوا أو تظنوا انى عنكم ببعيد .
انه من عدلى انى اعطى الفرصة للاشرار ليرجعوا او يكمل شرهم أمامى لكي لا يكون لهم حجة فى يوم الدين . ومن رحمتى اني لا ادع عصا الاشرار تستقر على نصيب الصديقين لكيلا يمد الصديقين ايديهم الى الاثم . ان الابرار يتنقون بالتجارب. والضيقات التى يحتملونها بينة على انهم مؤهلون الى ملكوت الله الذى لاجله يتألمون .ثقوا فيٌ وفى يدى الممدوة بالمحبة نحوكم . تاكدوا انى اراقب جهادكم ودموعكم واتعابكم ودمائكم ثمينة لدى ولها الاكاليل السمائية والمكأفات الارضية وانى لا أغفل ولا انام واشدد الذين قلوبهم كامله نحوى واقوى الضعفاء واعطى للحزانى العزاء والمتالمين الرجاء والمرضى الشفاء .
لماذا يصرخ اليك الابرار وانت متأني عليهم ولا تنصفهم سريعا؟
لابد ان تثقوا فيٌ . وانى حتى قبل ان تدعونى أسمع وارى والاحظ وأجازى كل واحد كنحو أعماله
لكن ثقوا انى اعمل فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة . ان الزارع يزرع ويهتم بمحاصيلة واشجاره ولا يقطف الثمر الا عند نضجه . وقد تحتاج الاشجار الى التقليم لتأتى بالثمر الكثير ، وقد تحتاج الزروع الى الرياح لتقوى ، وقد تلفحها حرارة الشمس لتنضج . فيجب ان تتحلوا بالصبر والحكمة . أفهم ما اقول وأطبوا منى الحكمة لتفهموا وان لا تفهموا يجب ان تحيوا حياة التسليم والإيمان والشكر . انى اصبر حتى يكمُل الابرار واجمع لملكوتى الذين عملوا وتعبوا وعاشوا حياة الجهاد والايمان والرجاء . وان كان قاضى الظلم ينصف الذين يصرخون اليه أفلا أنصف انا مختاري الصارخين لى ليلاُ ونهاراً وانا متمهل عليهم .نعم سانصفهم سريعا .
ما هى رسالتك لنا يارب ؟
انى احبكم واريد خلاصكم واقدم لكم مراحمى المتجدده كل صباح واريد ان تعلنوا محبتى لكل احد . انا اله المحبة ورب السلام والراعى الصالح الذى يبحث عن الجميع لتكونوا رعية واحدة لراعى واحد . لتكونوا دعاة وحدة محبة وايمان . فان انقسامكم لى ضعف وعدم محبتكم ليٌ، لكم مصدر شقاء وعدم إيمانكم بى ، يقودكم الى الضلال والانحراف عن الحق.
انى ادعوكم للتوبة والاستعداد والسهر . والا أقدم عليكم فى الوقت والساعة التى لا تعرفونها . انى اجول فى كل الارض لاشدد ايمان الرعاة والرعية . واشد ما يحزن قلبى ان ارى رعاتى ورعيتى مبتعدين عنى بعيداً ولا يأتون اليٌ ولا يطلبون منى الشبع والارتواء ويبحثون لانفسهم عن اباراً مشققة لا تضبط ماء. ادعوا الناس الى الشبع بمحبتى والاتحاد بى والسير فى طريق القداسة والبر.
اريد ان تكونوا فعلة امناء فى كرمى ، سفراء فى العالم عن وطنكم الحقيقى السماء . تسعوا الى مصالحة البعيدين معى. اريد ان ترفعوا صلواتكم عن العالم المريض والمحتاج لمحبتى لتنيروا لهم الطريق . ولترفعوا وتنشلوا الغريق وتقدموا له الرجاء والثقة والإيمان .
يا ابنى اريد ان أضرم لهيب محبتى فى قلوب بنى البشر وانتظر من يشعل الفتيل. ان اسوار العالم تنهار أمامى واريد من يرمم الثغرات ويكونوا رجال ونساء المهمات . فهل بالروح والحق تعملون معى وتشتغلون فى كرمى وتعملوا لتوصيل رسالتى {على اسوارك يا اورشليم اقمت حراسا لا يسكتون كل النهار وكل الليل على الدوام يا ذاكري الرب لا تسكتوا. لا تدعوه يسكت حتى يثبت ويجعل اورشليم تسبيحة في الارض}(اش 62 : 6-7). ها انا آت سريعاً {وها انا اتي سريعا واجرتي معي لاجازي كل واحد كما يكون عمله} (رؤ 22 : 12).
{ الروح والعروس يقولان تعال ومن يسمع فليقل تعال ومن يعطش فليات ومن يرد فلياخذ ماء حياة مجانا} رؤ 22:17.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق