للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المسيح قام ... بالحقيقة قام .
"المسيح قام" هى
تحية كل مؤمن لغيره طوال فترة الخماسين المقدسة،
وهم يردون التحية قائلين "
بالحقيقة قام". التجسد الإلهى يصل الى غايته والهدف منه فى القيامة
المجيدة، التى هى إنتصار على الشيطان والموت. مات المسيح من أجل خطايانا وقام من
أجل تبريرنا، لكى ما يقيمنا لنكون معه فى
السماء. قام السيد المسيح وبرهن على قيامته المجيدة بالعديد من الظهورات والاحداث والنتائج
وهذا ما اكد عليه القديس بولس الرسول { ان لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل
ايضا ايمانكم. ونوجد نحن ايضا شهود زور لله لاننا شهدنا من جهة الله انه اقام
المسيح وهو لم يقمه ان كان الموتى لا يقومون. لانه ان كان الموتى لا يقومون فلا
يكون المسيح قد قام. وان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم انتم بعد في خطاياكم.
اذا الذين رقدوا في المسيح ايضا هلكوا. ان كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في
المسيح فاننا اشقى جميع الناس. ولكن الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة
الراقدين. فانه اذ الموت بانسان، بانسان ايضا قيامة الاموات. لانه كما في ادم يموت
الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع} (1كو 14:15-22).
أهنئكم
أحبائى بعيد القيامة المجيد، حجر الزاوية فى
إيماننا المقدس، وارجو لكم حياة الايمان الواثق والسلام الكامل والفرح فى كل
الظروف والقوة التى تغلب الخوف والضعف والشيطان والموت . ان هذا الإيمان الواثق
بالحياة الابدية والمكأفات السمائية هو أول نتائج القيامة فى حياة المؤمنين
بالمسيح. وكما قام السيد المسيح وصعد الى السماء هكذا
ودعنا على رجاء القيامة أبينا وسيدنا ومعلمنا " قداسة البابا شنوده الثالث"
الى السماء ليغيب عنا فى عيد القيامة بالجسد لاول مرة منذ أربعين عاما ونحن الذين
احببنا ان نسمعه ونصلى معه كل عيد، لكننا نعلم انه هناك يصلى ويحيا فى السماء
فرحاً وفى قيامة دائمة كقديس حى فى السماء الى ان تقوم الاجساد فى اليوم الاخير
كما أكد رئيس إيماننا الرب يسوع المسيح { واما ان الموتى يقومون فقد دل عليه موسى
ايضا في امر العليقة كما يقول الرب اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب. وليس هو اله
اموات بل اله احياء لان الجميع عنده احياء} لو37:20-38. وكمال قال قداسة البابا :
( هناك أرواح كبيرة، فوق المستوى الجسدى والنفسى والمادى. هذه الارواح الكبيرة،
حتى بعد موتها يأتمنها الله على مهمات معينة تقوم بها على الارض. كما يحدث بالنسبة
الى بعض القديسين، يرسلهم الله الى الارض لكى يبلغوا رسالة خاصة،أو ان يقوموا
بمعجزة شفاء، أو تقديم معونة معينة لشخص ما أو لمجموعة من الناس).اننا نثق ان
روحكم الكبيرة يا قداسة البابا ومحبتكم لكنيستكم تجعل الله يأتمنكم لاداء هذا
الدور والصلاة من أجل الكنيسة وبلادنا ومستقبلها وأستقرارها وسلامها .
ظهورات السيد
المسيح بعد القيامة
لقد استحقت "مريم
المجدلية " بأمانتها الداخلية العجيبة. ان تكون حاملة بشرى القيامة
للتلاميذ والرسل. لقد جاءت إلى القبر مع المريمات
والليل باقٍ، مدفوعين بمحبتهم للسيد الرب . وكانت مريم المجدلية أول أول من
رأى الحجر مرفوعًا عن القبر. لقد أراد الرب أن تشهد بأن المسيح رافع خطية العالم قد قام. بعث السيد المسيح برسالة الفرح والسلام والانتصار مع المجدلية إلى
تلاميذه الذين تركوه عند القبض عليه ولم يرافقوه حتى الصليب. لم يشر إلى كلمة عتاب
واحدة، وكأنه قد أرسل إليهم يقول: "إني أغفر وأنسى " ارسل
المجدلية معلنا شوقه للاتحاد بهم، ثم ظهر لهم ليعيد لهم الرجاء المفقود والايمان
الموعود والفرح المعهود ويعلن اتحاده بهم بلا قيود.
السيد المسيح قد تألم وقام لأجلنا لكي يقيمنا أحباء له "وظهر
لتلميذى عمواس" فى الطريق مرافقاً لهما ومبيناً كل ما جاء عنه { كان
ينبغي ان المسيح يتالم بهذا ويدخل الى مجده.ثم ابتدا من موسى ومن جميع الانبياء
يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب} لو26:24-27. فإنه إذ
قام اعطانا ان نقوم معه ونكون اصدقاء له ليلهب قلوبنا بمحبته وهو يشتاق أن يهبنا
حياته المقامة. نراه يقترب من تلميذي عمواس، ويمشي معهما، ويحاورهما بلطف، ويلهب
قلبيهما بمحبته، ويفتح بصيرتهما للتعرف عليه. إذ كانت أعينهما قد أمسكت عن معرفته،
لكنه تقدم بنفسه إليهما ليبدأ الحديث معهما، وسألهما: "ما هذا الكلام الذي تتطارحان به،
وأنتما ماشيان عابسين؟". فإن كان السيد قد تألم وصلب فالموت لم يفصله عن
تلاميذه، وإن كان قد قام فقيامته لم تبعد به عنهم. بل لكي يقترب إلينا ويبادرنا
بالحب، مشتاقًا أن يدخل معنا في حوار، لكي يقدم ذاته لنا، فتنفتح أعيننا لمعاينته
وقلوبنا لسكناه فينا. إن قصة لقاء السيد المسيح بتلميذي عمواس اللذين أُمسكت
أعينهما عن معرفته هي قصة كل إنسان روحي، يرافقه الرب كل الطريق، ويقوده بنفسه،
ويلهب قلبه، ويكشف له أسرار إنجيله، ويعلن له قيامته، ويفتح بصيرته لكي يعاينه
ويفرح به.
قيامة الرب في أول
الأسبوع،باكر الاحد، كانت بمثابة بداية
جديدة للبشرية في علاقتها بالرب، إذ صار لها حق الحياة المقامة في الرب، لتعيش في
سبتٍ جديدٍ فريدٍ هو راحة الحياة الجديدة في الرب والمُقامة معه والشركة مع المسيح
المقام.
ثم ظهر "للتلاميذ " فى العلية والابواب مغلقة { ولما كانت عشية
ذلك اليوم وهو اول الاسبوع وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب
الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم. و لما قال هذا اراهم
يديه و جنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب. فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم كما ارسلني
الاب ارسلكم انا.}( يو19:20-21 ). تحدث المسيح القائم من الأموات مع التلاميذ،
فأعطاهم سلامًا جديدًا فائقًا، وتحدث معهم واراهم جراحاته التي في يديه وجنبه، فوهبهم فرحًا
فريدًا بحضرته في وسطهم. أراهم يديه وجنبه ليطمئنوا أنه يسوع المصلوب نفسه بذات
الجسد. لقد ترك آثار الجراحات شهادة حية لقيامته، وتبقى هذه الجراحات في الأبدية
مصدر فرح ومجد، كعلامة حب إلهي عجيب لا ينقطع لخلاص البشرية. لقد وضع حجابًا على
بهاء مجد جسده القائم من الأموات حتى يمكنهم معاينته والتحدث معه. يبقى السيد
المسيح يبسط يديه ويكشف عن جنبه ويحتضننا بحبه ويروينا من ينبوع دمه العجيب، فنعلم
أنه مادام هو حي فنحن بصليبه أحياء. لن يقدر الموت أن يحطمنا. جراحات صليبه هي لغة الحب القادرة أن تنزع منا
الخوف من العالم، وتهبنا فرحًا داخليًا فائقًا.إنه دومًا يفتح بصيرتنا بجراحات
صليبه، فندرك أننا لسنا نتمتع برؤياه فحسب، بل نتمتع بحضرته في وسطنا.
ثم ظهر لهم أكثر من مرة طوال الاربعين يوم حتى
صعوده يعرفهم أسرار ملكوت الله . وفى احدى ظهورات السيد المسيح، ظهر لأكثر من
خمسمائة { بعد ذلك ظهر دفعة واحدة لاكثر من خمس مئة اخ اكثرهم باق الى الان لكن بعضهم قد رقدوا} (1كو 15 : 6).ليؤكد
للمؤمنين قيامة المجيده ويرفع قلوبنا الى السماء لنقوم معه { فان كنتم قد قمتم مع
المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله} (كو 3 : ). هذا هو إيمان الكنيسة الذي لخّصه الرسول
بولس في عبارته الموجزة: "الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل
تبريرنا" (رو 4: 25). وكما يرى الدارسون أن هذه العبارة تمثل حجر الزاوية في
قانون الإيمان الكنسي في عصر الرسول.
نتائج قيامة
المسيح فى حياة المؤمنين..
الإيمان والأنتصار .. كما نرتل فى ايام القيامة
ونقول " المسيح قام من بين الاموات، بالموت داس الموت ووهب الحياة للذين فى
القبور". فقد قام السيد المسيح واعطى المؤمنين نعمة القيامة كوعده الصادق
فقوى الرب إيمان تلاميذه ومؤمنيه فى كل زمان وهذه هى الغلبة التى تغلب العالم { لان
كل من ولد من الله يغلب العالم وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا} (1يو 5 :
4) . فان كان لنا رجاء فى هذه الحياة فقط فنحن أشقى جميع الناس ولكن على رجاء
المكأفاة والسعادة الابدية نجاهد ونحتمل ونصبر { لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة
فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة
الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} (يو 28:5-29).
الرجاء
المبارك فى الحياة الابدية .. لقد وهبت لنا
قيامة الرب يسوع المسيح الرجاء المبارك فنعيش
ونموت على رجاء القيامة. واصبح لنا فرح برجاء القيامة لذلك بولس يقول عن الرب (انه
باكورة الراقديين) لهذا وجدنا شهوة القديسين هى الانتقال من الحياة ليس كراهية
فيها ولكن ابتغاء لحياة أفضل { لي اشتهاء
ان انطلق واكون مع المسيح ذاك افضل جدا} (في 1 : 23). هذا أصبح الموت هو الجسر
الذهبى الموصل للابدية للمؤمنين للالتقاء
بالله وبالملائكة والقديسين{ كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} (1يو
3 : 3).
الفرح الروحى والقوة .. لقد بدلت قيامة السيد حزن
التلايمذ الى فرح { ولما قال هذا اراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب} (يو 20 :
20). وتحول خوفهم الى قوة وسلام وإيمان راسخ ومجاهرة بالإيمان { فاجابهم
بطرس ويوحنا وقالا ان كان حقا امام الله ان نسمع لكم اكثر من الله فاحكموا. لاننا
نحن لا يمكننا ان لا نتكلم بما راينا و سمعنا} أع 19:4-20. وعندما هددوهم لم يخاف
الرسل بل رفعوا الامر لله وجالوا مبشرين بكلمة الله كما ارسلهم السيد الرب ليكرزوا
{ والان يا رب انظر الى تهديداتهم و امنح عبيدك ان يتكلموا بكلامك بكل مجاهرة }(اع 4 :
29). أخذ المؤمنين من الرب قوة ووعود من الرب بانه سيكون معنا الى الانقضاء
فان كان الرب معنا فمن علينا { فاذهبوا وتلمذوا
جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما
اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين}( مت 19:28-20).
حياة السلام القلبى والثبات فى الرب .. من الثمار الحلوة للقيامة
المجيدة { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم
ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب} (يو 14 :
27). السلام الذى ينبع من الاحساس بوجود الله فينا ومعنا وقائداً لمسيرتنا
وسفينة حياتنا {وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم و افكاركم في المسيح يسوع
}(في 4 : 7). لقد بددت قيامة الرب يسوع شكوك التلاميذ وخوفهم وشك توما وعدم إيمانه
ووهبت لنا الطوبى لاننا آمنا دون ان نرى { قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى
للذين امنوا ولم يروا }(يو 20 : 29). فنحن واثقين بمن آمنا ولدينا يقين ثابت لا يتزعزع ان الله حى وعادل وامين
وقادر ان يحفظ وديعة حياتنا الى النفس الأخير.
قوة قيامة السيد المسيح هى التى الهبت قلوب التلاميذ
والرسل للعمل الكرازى والشهادة حتى الاستشهاد، وهى مصدر العزاء للمؤمنين فى ضيقات وتجارب
الحياة وهى التى هزمت الشيطان وقيدت سلطانه واصبح لا سلطان له على ابناء الله
السالكين حسب الروح .
الروح القدس وحلول .. وبقيامة الرب من بين
الأموات وصعوده الى السموات وجلوسه عن يمين الآب ارسل لنا الروح القدس{ لكني اقول
لكم الحق انه خير لكم ان انطلق لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي ولكن ان ذهبت
ارسله اليكم }(يو 16 : 7).وهكذا حل الروح القدس على الرسل يوم الخمسين { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم
و تكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 :
8). ومنحهم قوة الإيمان والعمل والكرازة، كما يحل على المؤمنين ويقدسهم ويقويهم
ويقودهم ويقيمهم فى اليوم الأخير. فهنيئاً لنا نحن المؤمنين قيامة ربنا من بين
الأموات ولنعش قوة القيامة وثمارها ونتائجها فى حياتنا ونكرز ونشهد بمن نقلنا من
عالم الظلمة الى نوره العجيب. فكل عاما وحضراتكم تحيون فى ثمارونتائج القيامة
الطيبة فى حياتكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق