للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ تختار الدول سفرائها لدى غيرها من الدول بمواصفات وشروط خاصة ويجب ان يكونوا على ثقافة عاليه ومعرفة بمصادر قوة دولتهم وظروفها ولغة بلدهم الأم والدولة التي يذهبوا اليها فهو يمثلوا حلقة الوصل بين الدولتين ويعملوا على تقوية العلاقات بين الدولتين ويجب أن يكون السفير لدية الحكمة والوعي والخبرة الكافية لتمثيل دولته كصاحب مركز سامي يتمتع بامتيازات دبلوماسية وعليه واجبات تجاه دولته ونقل الصورة كاملة فى الدولة التى هو سفير فيها لدولته. والمؤمنين عامة والخدام والرعاة بصفة خاصة يمثلوا دور السفراء عن المسيح {إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ} (2كو 5 : 20). يسعوا لنقل صورة طيبة، حلوه عن السماء للذين على الأرض. ويحيوا حياة فاضلة منزة عن كل عيب تليق بأهل السماء والقديسين وأناس ذوى مكانة رفيعة ومقام سامى. أن كثيرين مما نعيش بينهم لا يقرأون الإنجيل ولكن يرواه فى أقوالنا وأعمالنا وحياتنا بينهم، فما هي النتائج والتأثير الذى يخرجون به بعد مقابلاتنا ومعاملاتنا معهم؟. وهل نعكس نحن فكر المسيح ومحبته وتواضعه ووداعته ونحبب الناس فيه؟ يجب أن يكون ذلك من مهامنا علي الأرض.
+ لقد أختارنا الله لنمثله كسفراء علي الأرض لا لفضل فينا وعلينا أن ننمي وزناتنا ونتاجر بها ونربح. فنكون على صلة دائمة بالله الذى نمثله ومنه نأخذ مهامنا ومسئولياتنا ونصلى من أجل الأرض ومن عليها ولاسيما الدولة التي نعيش على أرضها ونأكل من خيرها ونكون أوفياء للسماء ونخجم مجتمعنا وكنيستنا ونطلب عن المسيح من الناس ليتصالحوا مع الله بالتوبة وهذه رسالة المسيح الخلاصية { قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ} (مر 1 : 15). وكسفراء لم نأتى للنزهة على الأرض أو لمنفعة خاصة بنا مع تعهد الله بنا لنكون فى وضع متميز ومسؤليته تجاه سلامتنا. نحن نسعى لتقوية العلاقات بين السماء والأرض كرسل للسيد المسيح نعالج بالحكمة كل ما يطرأ من خلل على الأرض بالصلاة والصوم والخدمة الباذلة {اَلرَّسُولُ الشِّرِّيرُ يَقَعُ فِي الشَّرِّ وَالسَّفِيرُ الأَمِينُ شِفَاءٌ} (ام 13 : 17).
+ كسفراء نقضى فترة زمنية مؤقتة على الأرض فطبيعة عمل السفير تدفعه للعمل بعيداً عن وطنه بصفة موقته، وطالما كان يعمل سفيراً، فإنه دائماً غريب في أي بلد كان. يتنقل من دولة الي أخرى حتى يرجع الى وطنه الأم { أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ} (1بط 2 : 11) وكسفراء عن ربنا يسوع المسيح فإننا نعمل تحت قوانين مختلفة يضعها هذا العالم الذي نعيش فيه نحترم ونلتزم بالقوانين بامانة لكن لا نشاكل أهل هذا الدهر فى تصرفاتهم { وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ }(رو 12 : 2). وحتى أن أختلفت وظائفنا وأعمالنا ومكانتنا في العالم، نستخدم وقتنا وطاقتنا وأموالنا لخدمة وطننا السمائى ونمثل من أحبنا { الَّذِي لأَجْلِهِ أَنَا سَفِيرٌ فِي سَلاَسِلَ، لِكَيْ أُجَاهِرَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ }(اف 6 : 20) فيكون سلوكنا متسم بالعفة والقداسة وكسفراء نحن مسئولون أمام المسيح الذي سيعطي كل واحد كما يكون عمله. فنكون مستعدين للرجوع الي وطننا الحقيقي فوظيفة السفير لا تعني أنه سيستمر هكذا بلا نهاية، فقد يستدعي السفير إلى بلاده في أية لحظة لظروف التقاعد والسن، أو لأية أسباب أخرى. وعند ذلك تنتهي إرساليته ويعود لوطنه. أن الله لا يترك مؤمناً واحداً على الأرض إلى الأبد. وعندما تنتهي وظيفتنا هنا على الأرض، فإننا لحظتها نُستدعى إلى وطننا الأصيل. ونسمع ذلك الصوت المفرح { ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ للَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ }(مت 25 :34).
الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015
الأحد، 27 سبتمبر 2015
المسيحية والصليب
للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
{ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا}
(رو 8 : 37)
الصليب شعار المسيحية وقوتها....
المسيحية والصليب هما أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان . فأينما وحينما يٌرى الصليب مرفوعا أو معلقا، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية، بل هو قلبها وعمقها واعلان لعظمة محبة الله للبشر. فلقد تأسست المسيحية على أساس محبة الله المعلنة لنا بالفداء على الصليب ، وعندما نتكلم عن قوة الصليب لا نقصد قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب من أجل خلاص البشر جميعا، ثم قام واقامنا معه وصعد بمجد ليصعدنا الى السماء وما صحب ذلك من بركات مجانية، أنعم بها على البشرية ، وما زالوا ينعمون بها حتى نهاية الدهر{لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 : 16). الفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال . لكن للصليب وجهين، وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته وانتصاره على الشر ةالخطية والشيطان، ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات، ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين، بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته وعليه يبنى إيمانه، وبقوة من صلب علي الصليب يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها، وهذا ماقصده القديس بولس الرسول بقولـه : { ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى . فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم } ( عب 12 : 2 ،3).
+ ان ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة. هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم . ولم يكن مسلك هؤلاء الرافضين سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم { نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله } ( 1 كو 1 : 23 ،24). ان الصليب هو رمز التضحية والمحبة والبذل والتواضع والعطاء وقوة الاحتمال وليس ضعفا او خوفا او مهانة { واما من جهتي فحاشا لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وانا للعالم }(غل 6 : 14).
الكنيسة والصليب...
ان الصليب لا يصف حقبة من حياة الكنيسة او المؤمنين مضت وانتهت، انه هو حاضر الكنيسة وحياتها ومستقبلها المعاصر، وقوة وخلاص كل مؤمنيها فى كل جيل. لقد حملت الكنيسة الصليب واحتضنته وبه انتصرت على كل قوى الشر التى واجهتها وهذا هو نداء الرب يسوع المسيح للكنيسة بان تتبعه فتحمل صليبها كل يوم{ وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم و يتبعني} (لو 9 : 23). فمن لا يقبل بحمل الصليب ويسير مع المسيح لا يقدر ان يكون له تلميذا. فنحن نحمل بفخر الصليب { ومن لا يحمل صليبه و ياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا }(لو 14 : 27) . ان الكنيسة والمؤمنين يشهدوا للمصلوب والصليب وسط عالم وضع فى الشرير. وقد عاشت الكنيسة ومؤمنيها كحملان بين ذئاب ففى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم { اذهبوا ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب } ( لوقا 10 : 3 ). والحملان صورة للمؤمنين بالمسيح فى وداعتهم وبساطتهم . أما الذئاب فرمز لأهل العالم فى غدرهم وشرهم. إن الحمل صورة للرب يسوع الذى قيل عنه إنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته. صورة للمسيح الوديع الذى دعانا أن نتعلم منه الوداعة وتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا . المسيح حمل الله الذى بلا عيب يدعو كل من يتبعونه أن يكونوا حملان . هكذا يقدمهم للعالم والعجيب ، أنه فى النهاية كما يقول القديس أغسطينوس حولت الحملان الذئاب وجعلت منهم حملان ويعنى أغسطينوس بذلك الشعوب الوثنية التى آمنت بالمسيح وتغيرت طبيعتها بفضل هذه الحملان. ويصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم { مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين } ( رومية 8 : 29 ). وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر، والفداء استلزم الألم والصليب، وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده.
الصليب فى حياة المسيح ... تنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح قائلا أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 )، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة . ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف. نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع ( لو 2 : 7 ). نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ). وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) . ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه { لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر} (1 بطر 2 : 21 ، 22 ). وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) . وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) . وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى . ( يو 6 : 42 ) .وحين وجه اليهود إليه شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 )، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ).وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ).
وكمبدأ عام فى حياة المؤمنين قال لنا الرب يسوع المسيح { اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق } ( لو 13 : 24 ). {لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه} (مت 7 : 13 :14). أما عن تعليمه بخصوص الضيقات فقد قال :{ فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم } ( يو 16 : 33 ) بل قال لنا {تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله . وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى . لكنى قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنى أنا قلته لكم } ( يو 16 : 2 – 4 ). هكذا يناصب الشيطان العداوة لابناء الله {وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمى . ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك . بصبركم اقتنوا أنفسكم } ( لو 21 : 16 – 19 ). لكن لمن يحملون الصليب هناك ايضا الوعد بالنصرة على الشيطان والعالم والتعزية والسلام الداخلى والدخول الى ملكوت السموات.
تحت ظلال الصليب....
ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب، ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا فيه وبه.
ان كانت كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر يرفضونها غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب بان يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية مريداً ان يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه. فنحن نعم نؤمن بالصليب وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم . وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة المجيد’
انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه ، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنى يارب ان نجاهد ضد الخطية وان نحمل صليبك بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى وتستعلن لنا قوة الصليب والفداء.
{ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا}
(رو 8 : 37)
الصليب شعار المسيحية وقوتها....
المسيحية والصليب هما أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان . فأينما وحينما يٌرى الصليب مرفوعا أو معلقا، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية، بل هو قلبها وعمقها واعلان لعظمة محبة الله للبشر. فلقد تأسست المسيحية على أساس محبة الله المعلنة لنا بالفداء على الصليب ، وعندما نتكلم عن قوة الصليب لا نقصد قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب من أجل خلاص البشر جميعا، ثم قام واقامنا معه وصعد بمجد ليصعدنا الى السماء وما صحب ذلك من بركات مجانية، أنعم بها على البشرية ، وما زالوا ينعمون بها حتى نهاية الدهر{لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 : 16). الفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال . لكن للصليب وجهين، وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته وانتصاره على الشر ةالخطية والشيطان، ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات، ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين، بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته وعليه يبنى إيمانه، وبقوة من صلب علي الصليب يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها، وهذا ماقصده القديس بولس الرسول بقولـه : { ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى . فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم } ( عب 12 : 2 ،3).
+ ان ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة. هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم . ولم يكن مسلك هؤلاء الرافضين سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم { نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله } ( 1 كو 1 : 23 ،24). ان الصليب هو رمز التضحية والمحبة والبذل والتواضع والعطاء وقوة الاحتمال وليس ضعفا او خوفا او مهانة { واما من جهتي فحاشا لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وانا للعالم }(غل 6 : 14).
الكنيسة والصليب...
ان الصليب لا يصف حقبة من حياة الكنيسة او المؤمنين مضت وانتهت، انه هو حاضر الكنيسة وحياتها ومستقبلها المعاصر، وقوة وخلاص كل مؤمنيها فى كل جيل. لقد حملت الكنيسة الصليب واحتضنته وبه انتصرت على كل قوى الشر التى واجهتها وهذا هو نداء الرب يسوع المسيح للكنيسة بان تتبعه فتحمل صليبها كل يوم{ وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم و يتبعني} (لو 9 : 23). فمن لا يقبل بحمل الصليب ويسير مع المسيح لا يقدر ان يكون له تلميذا. فنحن نحمل بفخر الصليب { ومن لا يحمل صليبه و ياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا }(لو 14 : 27) . ان الكنيسة والمؤمنين يشهدوا للمصلوب والصليب وسط عالم وضع فى الشرير. وقد عاشت الكنيسة ومؤمنيها كحملان بين ذئاب ففى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم { اذهبوا ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب } ( لوقا 10 : 3 ). والحملان صورة للمؤمنين بالمسيح فى وداعتهم وبساطتهم . أما الذئاب فرمز لأهل العالم فى غدرهم وشرهم. إن الحمل صورة للرب يسوع الذى قيل عنه إنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته. صورة للمسيح الوديع الذى دعانا أن نتعلم منه الوداعة وتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا . المسيح حمل الله الذى بلا عيب يدعو كل من يتبعونه أن يكونوا حملان . هكذا يقدمهم للعالم والعجيب ، أنه فى النهاية كما يقول القديس أغسطينوس حولت الحملان الذئاب وجعلت منهم حملان ويعنى أغسطينوس بذلك الشعوب الوثنية التى آمنت بالمسيح وتغيرت طبيعتها بفضل هذه الحملان. ويصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم { مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين } ( رومية 8 : 29 ). وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر، والفداء استلزم الألم والصليب، وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده.
الصليب فى حياة المسيح ... تنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح قائلا أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 )، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة . ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف. نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع ( لو 2 : 7 ). نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ). وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) . ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه { لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر} (1 بطر 2 : 21 ، 22 ). وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) . وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) . وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى . ( يو 6 : 42 ) .وحين وجه اليهود إليه شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 )، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ).وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ).
وكمبدأ عام فى حياة المؤمنين قال لنا الرب يسوع المسيح { اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق } ( لو 13 : 24 ). {لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه} (مت 7 : 13 :14). أما عن تعليمه بخصوص الضيقات فقد قال :{ فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم } ( يو 16 : 33 ) بل قال لنا {تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله . وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى . لكنى قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنى أنا قلته لكم } ( يو 16 : 2 – 4 ). هكذا يناصب الشيطان العداوة لابناء الله {وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمى . ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك . بصبركم اقتنوا أنفسكم } ( لو 21 : 16 – 19 ). لكن لمن يحملون الصليب هناك ايضا الوعد بالنصرة على الشيطان والعالم والتعزية والسلام الداخلى والدخول الى ملكوت السموات.
تحت ظلال الصليب....
ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب، ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا فيه وبه.
ان كانت كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر يرفضونها غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب بان يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية مريداً ان يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه. فنحن نعم نؤمن بالصليب وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم . وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة المجيد’
انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه ، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنى يارب ان نجاهد ضد الخطية وان نحمل صليبك بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى وتستعلن لنا قوة الصليب والفداء.
السبت، 26 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 97- { أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. }
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ السيد المسيح هو النور الحقيقى الذى يضئ العالم بطبيعته النورانية وتعاليمة ومحبته وخلاصة. وبإيماننا بالمسيح ومحبتنا له وطاعتنا لكلامه وبقوة علاقتنا وعشرتنا له نستنير ويتحقق فينا قوله: {أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ،بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ} (مت 14:5-16). والمسيحى يشبّه بالنور الذى من وظائفه أن ينير للآخرين ويرشدهم فى طريق حياتهم كاشفا لهم الشر وما يضرهم ليبتعدوا عنه ومساعدا لهم على عمل الخير. ولهذا يحيا المسيحى حياة روحية ساميه كمدينة مبنية على جبل، لا يمكن إخفاء نورها. المؤمن كالقمر الذى يضىء ليلا فى العالم بنوره العاكس لضوء الشمس التى هى الله. بحياتنا الصالحة ننير العالم كله، وكلما أزداد الشر من حولنا زادت الحاجة إلى النور وأحتجنا بالأكثر الى نور القداسة كقول الكتاب { لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ }(في 2 : 15). إن ضوء لمة كهرباء يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها، هكذا القديسين ينيروا للغير فى ظلمة العالم الشرير.
+ الله نور وساكن في النور وتسبحه ملائكة من نور. وتنبأ أشعياء قديما عن السيد المسيح { أنا الرب قد دعوتك للبرّ، فأمسك بيدك وأحفظك، وأجعلك عهدًا للشعب، ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمي، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن، الجالسين في الظلمة} (إش ٤٢: ٦–٧). والسيد المسيح له المجد يشبه حياة الإنسان برحلة وسط عالمٍ مظلمٍ، يحتاج إلى النور الحقيقي ليشرق عليه ويرافقه فلا يتعثر في الطريق. فيليق بنا أن نتبعه الرب ونسترشد به في كل أمور حياتنا. إنه النور الحقيقي الذي نجد فيه سلامنا ويكون سراجًا ليس لعيوننا فقط بل ولقلوبنا وعقولنا وأرواحنا يقودنا في هذا العالم ويرفعنا بروحه القدوس إلى السماء فنتمتع أخيرا معه باورشليم السمائية { المدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها. لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها}(رؤ21: 23). أما الجحيم والبعد عن الله فهو الظلمة { والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان} (مت25: 30).
+ أن النور يشير إلى الإيمان ومعرفة الله والحق، والظلمة تشير إلى عدم الإيمان والجهل {الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ والَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلَّا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَعْمُولَةٌ.} ( يو 18:3-21). لهذا قال الرب { أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ} (يو8: 12). الإنسان الجاهل يسلك فى الظلام وينال الحياة الحقيقة في الله {أما الجاهل فيسلك في الظلام} (جا2: 14).
+ وكما أنه لا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل فلا يمكن أن يخفي نور المؤمن الذى
يشبّه مصباح فى بيت، الهدف منه إنارة هذا البيت، ولهذا يوضع على منارة أو مكان مرتفع ليصل نوره إلى كل أرجاء البيت؛ ومن غير المنطقى أن يوضع فوق السراج مكيال ليخفى ضوءه. فلا يسمح المؤمن للماديات وهموم العالم أو شهواته أن تمنع انطلاق نور الروح القدس فيه بل يلتصق بالله ويسير فى هدي وصاياه ويكون قدوة صالحة لغيره فيروا المسيح فينا، وعمل روحه القدّوس، فيمجدوا الله وينجذبوا للحياة معه، وبالطبع لا يكون غرض المؤمن من الأعمال الصالحة الكبرياء أومديح الناس ومجد نفسه بل يسلك في البر من أجل الله
فيظهر من خلال حياته وأقواله وسلوكه نور المسيح.
+ السيد المسيح هو النور الحقيقى الذى يضئ العالم بطبيعته النورانية وتعاليمة ومحبته وخلاصة. وبإيماننا بالمسيح ومحبتنا له وطاعتنا لكلامه وبقوة علاقتنا وعشرتنا له نستنير ويتحقق فينا قوله: {أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ،بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ} (مت 14:5-16). والمسيحى يشبّه بالنور الذى من وظائفه أن ينير للآخرين ويرشدهم فى طريق حياتهم كاشفا لهم الشر وما يضرهم ليبتعدوا عنه ومساعدا لهم على عمل الخير. ولهذا يحيا المسيحى حياة روحية ساميه كمدينة مبنية على جبل، لا يمكن إخفاء نورها. المؤمن كالقمر الذى يضىء ليلا فى العالم بنوره العاكس لضوء الشمس التى هى الله. بحياتنا الصالحة ننير العالم كله، وكلما أزداد الشر من حولنا زادت الحاجة إلى النور وأحتجنا بالأكثر الى نور القداسة كقول الكتاب { لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ }(في 2 : 15). إن ضوء لمة كهرباء يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها، هكذا القديسين ينيروا للغير فى ظلمة العالم الشرير.
+ الله نور وساكن في النور وتسبحه ملائكة من نور. وتنبأ أشعياء قديما عن السيد المسيح { أنا الرب قد دعوتك للبرّ، فأمسك بيدك وأحفظك، وأجعلك عهدًا للشعب، ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمي، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن، الجالسين في الظلمة} (إش ٤٢: ٦–٧). والسيد المسيح له المجد يشبه حياة الإنسان برحلة وسط عالمٍ مظلمٍ، يحتاج إلى النور الحقيقي ليشرق عليه ويرافقه فلا يتعثر في الطريق. فيليق بنا أن نتبعه الرب ونسترشد به في كل أمور حياتنا. إنه النور الحقيقي الذي نجد فيه سلامنا ويكون سراجًا ليس لعيوننا فقط بل ولقلوبنا وعقولنا وأرواحنا يقودنا في هذا العالم ويرفعنا بروحه القدوس إلى السماء فنتمتع أخيرا معه باورشليم السمائية { المدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها. لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها}(رؤ21: 23). أما الجحيم والبعد عن الله فهو الظلمة { والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان} (مت25: 30).
+ أن النور يشير إلى الإيمان ومعرفة الله والحق، والظلمة تشير إلى عدم الإيمان والجهل {الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ والَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلَّا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَعْمُولَةٌ.} ( يو 18:3-21). لهذا قال الرب { أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ} (يو8: 12). الإنسان الجاهل يسلك فى الظلام وينال الحياة الحقيقة في الله {أما الجاهل فيسلك في الظلام} (جا2: 14).
+ وكما أنه لا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل فلا يمكن أن يخفي نور المؤمن الذى
يشبّه مصباح فى بيت، الهدف منه إنارة هذا البيت، ولهذا يوضع على منارة أو مكان مرتفع ليصل نوره إلى كل أرجاء البيت؛ ومن غير المنطقى أن يوضع فوق السراج مكيال ليخفى ضوءه. فلا يسمح المؤمن للماديات وهموم العالم أو شهواته أن تمنع انطلاق نور الروح القدس فيه بل يلتصق بالله ويسير فى هدي وصاياه ويكون قدوة صالحة لغيره فيروا المسيح فينا، وعمل روحه القدّوس، فيمجدوا الله وينجذبوا للحياة معه، وبالطبع لا يكون غرض المؤمن من الأعمال الصالحة الكبرياء أومديح الناس ومجد نفسه بل يسلك في البر من أجل الله
فيظهر من خلال حياته وأقواله وسلوكه نور المسيح.
الجمعة، 25 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 96- { أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ }
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ شبه المسيح المسيحيين بالملح فقال: { أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.} ( مت 13:5). فهل يمكننا أن نستطعم الأكل بدون ملح؟ الا يصبح عادم بدون طعم أو مذاق؟ هكذا العالم بدون المؤمنين الحقيقيين لا طعم ولا مذاق له تراه يسير فى الشر والكراهية والأنانية والبعد عن الله أما المسيحي الحقيقى فيعطي مذاقا أفضل للمجمتع حوله. المسيحى يؤثر فى الآخرين فيحيوا حياة أفضل، ولا يفقدهم شخصياتهم الخاصة. والملح يستخدم أيضا فى حفظ الأطعمة من الفساد كما أن وجود المؤمنين الأتقياء فى مجتمع ما هو سبب لاستمطار مراحم الله على هذا المجتمع ورفع غضبه عنهم، هكذا راينا الله يقول لأبينا أبراهيم أنه لن يهلك مدن سادوم وعمورة حتى لو وجد فيها عشرة أبرار { فَقَالَ: "لاَ يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ عَشَرَةٌ". فَقَالَ: "لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعَشَرَةِ" }(تك 18 : 32). المسيحى الحقيقي يصلي ويطلب الرحمة لمجتمعه ومن هم حوله ليتوبوا ويرجعوا الي الله ويحفظ نفسه من الشر ويثبت ويشجع من حوله للحياة مع الله.
+ من الصفات الهامة فى المؤمنين التواضع كاساس يبنى عليه المسيحي حياته حتى يقوى بنائه الروحي، لهذا دعانا السيد المسيح أن نتعلم منه التواضع والوداعة { اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ } (مت11:29) { لِذَلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً} (يع 4 : 6). الملح كسلعة رخيصة ومنتشرة مثل المسيحى المتضع الذى تنتشر خدمته لكل إنسان. والملح لونه أبيض كيرمز لحياة النقاوة والطهارة والبر. كما أن المحبة ميزة هامة للمسيحيين تجعلهم يبذلوا حياتهم محبة في الله ولخلاص الغير كالملح الذي يوضع في الطعام، أنه يذوب ويتلاشى ويختفى المؤمنين ليعلنوا مجد الله وخلاص الناس. ولكن بالرغم من تواضع المؤمنين إلا أن تأثيرهم يكون قويًا. وبالرغم من بذل المؤمن لأنفسه إلا أنه لا يضيع، بل على العكس كما قال المخلص {مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا}(مت 10 : 39). الذات والأنانية من أقوى معطلات عمل الله في حياة الإنسان فهي تعطّل خلاصه وتعطّل عمل الله فيه. بينما يتمجد الله كثيرًا من خلال النفوس المحبة الباذلة، كما تمجد الآب من خلال ذبيحة أبنه الوحيد على الصليب الذي تألم من أجل خلاصنا كما قال الرب لتلاميذه القديسين { اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ} (يو 12 : 24)
+ لكن علينا أن نحترس كابناء وبنات لله لانه متى فسد الملح الذى يعطي طعم ومذاق وحفظ للعالم فبماذا يملح؟ ولكن كيف يفسد الملح؟ يفسد الملح إذا اختلط بمواد غريبة، فيضعف تأثيره، مثل اختلاط المسيحى بالأشرار وتأثره بهم. كما أنه متى ترطب أو أختط بالتراب تفسد ملوحته كرمز لحياة التنعم والشهوات والبرودة الروحية التي تفسد حرارة الإيمان وإذا اختلط الملح بالماء أو مر عليه تيار كهربائى، يتحول إلى مواد ضارة مثل الصودا الكاوية، وهذا يرمز لخضوع المسيحى لقوى العالم الشريرة، مثل التعلق بمحبة المال والشهوات المختلفة، فتملأ قلبه وتغيّره عن طبعه، ويصبح ضارا ومفسدا للمحيطين به الذين يرونه قدوة، فيصبح مُعثرا لهم. وماذا نصنع بهذا الملح الفاسد؟ إنه فقد عمله وهدف وجوده فى الحياة، فلا ينتظره إلا أن يُلقي ويعانى آلام الدوس من الناس والتعب على الأرض وعدم الراحة ويلاقي الهلاك والعذاب والسحق الذى لا ينتهى. فعلينا أن نعمل أن نكون ملحا جيداً يعطي مذاقة روحية لاسرته وكنيسته ومجتمعه مصلين من أجل خلاص الكل { لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحاً بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ انْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ }(كو 4 : 6)، أمين.
الخميس، 24 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 95- { اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ لما كان الصليب هو علامة محبة الله وفدائه وبذله وخلاصه المقدم للبشرية، فقد جعله المسيحيين شعار لهم يضعونه أعلى كنائسهم ومؤسساتهم ويفتخرون به ويعلقونه على صدرهم ويحملونه كرمز لإيمانهم. فالصليب حياة وقيم روحية وروح وعقيدة {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17). كما أن حمل الصليب وتبعية المصلوب فى طريق البذل والعطاء والمحبة والتواضع والصبر من وأجبات التلمذة للمسيح ودعوته الخلاصية { تَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ} (مر21:10). وان كانت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وعثرة فان الإيمان بالصليب والمصلوب عليه هو سبب خلاصنا ونجاتنا من طوفان العالم الشرير{ فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18). الصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي لأن تأثيره الفعال يمتد في الحاضر والمستقبل. لأن الصليب مرتبط بالمصلوب عليه وهو حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا وقداسة وبرًا وفداء. بالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية.
+ يدعونا السيد المسيح الى أنكار الذات وحمل الصليب { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني} (لو 9 : 23). أنكار الذات يعنى أن نتمم مشيئة الله فى حياتنا ليكون لسان حالنا { لتكن لا إرادتي بل إرادتك} (لو24: 22). المؤمن يصلب شهواته من أجل الله كشهادة صادقة على تبعيته للمسيح يسوع ربنا ليقوم معه فى جدة الحياة ويقول مع القديس البولس الرسول { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20: 2). لقد مات المسيح عنا لكي نعيش من أجله وكشهود لمحبته { وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام} (2كو15: 5). ونحن في الصلاة الربانية نصلي :{لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض} (مت10: 6). فهل نحن نعيش لانفسنا أم من أجل من مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية؟ وهل نصنع مشيئة الله في حياتنا؟.
+ حمل الصليب بشكر سواء صليب الخدمة أو المرض او الحاجة أو الاضطهاد أو الصوم والنسك أو الطاعة يدخل بنا الى أفراح القيامة ومسرة الله { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله } (عب 12 : 2) عندما نحمل الصليب يحتضننا المصلوب فننفذ من خلال الصليب إلى أحشاء رأفات الله، وتحتضن أحشاؤه الحانية نفوسنا الخائرة لتحميها وتطمئنها، فتبدو الصورة في الظاهر أننا نحمل الصليب ولكن في الواقع نجد الصليب يحملنا بل المصلوب يحمينا ويحتوينا. ونرى كفة الميزان الخفية التي توازن ثقل الصليب بثقل مجد أبدي، كما رآها القدس بولس الرسول قائلاً: {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى. لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية} (2كو17: 4،18). من أجل السرور الموضوع أمامنا والأبدية السعيدة التى نجاهد من أجلها فاننا نحمل الصليب بشكر وفرح وننال منه البركة والحكمة والقوة على رجاء المجد العتيد أن يستعلن فينا.
السبت، 19 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 94- {انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ فى مسيرتنا نحو الكمال المسيحي علينا دائما أن ننمو فى النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كوصية الكتاب المقدس { وَلَكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. } (2بط 3 : 18) ننسي ما هو وراء ونمتد الي ما هو قدام {اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو} (مز 92 : 12). ونمتد في المحبة لنذوق عمق محبة الله ولا نقف عند حد معين أو نتراجع الوراء الي وحتى إن تعثَّرنا يجب أن ننهض ونقوم بسرعة ونحيا حياة التدقيق والنمو الدائم الى أن نصل لي قياس قامة ملء المسيح { إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ} (اف 4 : 1). نلتصق بالله ونتعلم منه ونحبة من كل القلب والفكر والنفس والقدرة ونتحد به فى بالتناول من الأسرار المقدسة وبالمحبة والإيمان والصلاة الدائمة. جاء عن القديس يوحنا المعمدان أنه كان {ينمو ويتقوى بالروح} (لو 1: 80). كما جاء عن الرب يسوع المسيح فى تجسده { كان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة، عند الله والناس} (لو 2: 52). فالنمو والإثمار كل الحياة علامة اتصال حقيقي للغصن بالكرمة أي للمؤمن في الرب، وهو دليل يُفرح قلب المؤمن ويحثه على دوام التقدُّم، كما أنه شهادة أمام العالم علي صحة إيماننا وعلى نور المسيح الذى فينا.
+ نمونا الروحي يحتاج منا الى الجهاد الروحي والتغصب { وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.}(1كو 9 : 25). والي أي حد من الجهاد الروحي ضد الشيطان وأغراءته والخطية؟. نحن مطالبين الي البذل حتى الدم فخير لنا أن نموت فى الجهاد من أن نحيا في الكسل والخطية {لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ} (عب 12 : 4). ومع التغصب في الحياة الروحية نكتسب الفضائل ويتحول عمل الخير والصلاة الي عادات صالحة فى حياتنا وباستمرارنا فى النمو نجد مسرتنا فى النمو وسعادتنا فى محبة الله وراحتنا أن نعمل وصاياه وننمو فى معرفته وتسندنا وتقودنا نعمة روحه القدوس لنكون حارين فى الروح { غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ }(رو 12 : 11). نمونا الروحي يعني أن إيماننا المسيحي حي مثمر، وأن معرفتنا بالرب تزداد، وأيضاً محبتنا وفهمنا لكلمة الله وتمسُّكنا بالحياة مع الله وثبات عيوننا على الحياة الأبدية. نمونا وثباتنا ورسوخنا فى الإيمان يُجنِّبنا تأثير الرياح والأعاصير المضادة والتي تخف وطأتها كلما مضينا نحو العمق. ونتقدم فى حياة المحبة والفرح والسلام لنحيا مذاقة الملكوت على الأرض. ننمو فى النعمة والحكمة والقامة لدي الله والناس ويستمر نمونا حتى الساعة الأخيرة: { أيضاً يُثمِرون في الشيبة، يكونون دِساماً وخُضْراً} (مز 92: 14). كما أن الرب يُتابع الغصن المثمر فيُنقِّيه بالتأديب والمساندة فيأتي بثمر أكثر (يو 15: 2). وفي مَثَل الوزنات، نري السيد الرب يمَدَح مَن تاجروا وربحوا ويصفهم بالصلاح والأمانة ويدعوهم للدخول الي الفرح الأبدي.
+ نحن ندرك أننا لا نستطيع أن ننمي أنفسنا: {مَن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدة؟} (مت 6: 27؛ لو 12: 25). الغصن يستمد حياته ونموه من ثباته في الكرمة. نمونا الروحي في طبيعته عمل إلهي {الرب ينميكم ويزيدكم} (1تس 3: 12). وفي هذا يقول القديس بولس عن خدمته: {أنا غرست وأبُلُّوس سقى، ولكن الله كان يُنْمِي. إذاً ليس الغارس شيئاً ولا الساقي، بل الله الذي يُنمِي} (1كو 3: 7،6). والرب سبق وقال لنا: { بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً} (يو 15: 5). من أجل هذا من يريد أن ينمو يبتعد عن معطلات النمو ويقدم توبة صادقة ويثبت فى المسيح بالصلاة والتضرع الي الله والتناول من الأسرار المقدسة والتأمل فى كلامه والشهادة للإيمان المستقيم بالخدمة الروحية والعطاء ومحبة الله والغير وعمل الخير مع التواضع والوداعة الجهاد والأنقياد لروح الله. للمؤمن دور إيجابي وفعال للتجاوب مع نعمة الله والخضوع للروح القدس الذي يُنقِّي القلب ويضبط السلوك، ويُبعده عن الحرفية والشكلية والمظهرية ويقوده لمعرفة المسيح والنمو في محبته، والالتصاق به، ننمو في المحبة لله والقريب، بما يتطلَّبه من الاستمرار في الخروج من الذات، وتعمُّق الشركة مع الله واتساع القلب بالغفران والمحبة حتى للأعداء. ننمو في الإيمان، والثقة في شخص المسيح والاتكال على ذراعه الرفيعة وتسليم الحياة له وقبول التجارب والآلام بالشكر، لنذداد في كل عمل صالح (2كو 9: 8). نصلى من أجل أنفسنا وأخوتنا دائما{ لْيَمْلَأْكُمْ إِلَهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ} (رو 15 : 13). أمين
+ فى مسيرتنا نحو الكمال المسيحي علينا دائما أن ننمو فى النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كوصية الكتاب المقدس { وَلَكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. } (2بط 3 : 18) ننسي ما هو وراء ونمتد الي ما هو قدام {اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو} (مز 92 : 12). ونمتد في المحبة لنذوق عمق محبة الله ولا نقف عند حد معين أو نتراجع الوراء الي وحتى إن تعثَّرنا يجب أن ننهض ونقوم بسرعة ونحيا حياة التدقيق والنمو الدائم الى أن نصل لي قياس قامة ملء المسيح { إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ} (اف 4 : 1). نلتصق بالله ونتعلم منه ونحبة من كل القلب والفكر والنفس والقدرة ونتحد به فى بالتناول من الأسرار المقدسة وبالمحبة والإيمان والصلاة الدائمة. جاء عن القديس يوحنا المعمدان أنه كان {ينمو ويتقوى بالروح} (لو 1: 80). كما جاء عن الرب يسوع المسيح فى تجسده { كان يتقدَّم في الحكمة والقامة والنعمة، عند الله والناس} (لو 2: 52). فالنمو والإثمار كل الحياة علامة اتصال حقيقي للغصن بالكرمة أي للمؤمن في الرب، وهو دليل يُفرح قلب المؤمن ويحثه على دوام التقدُّم، كما أنه شهادة أمام العالم علي صحة إيماننا وعلى نور المسيح الذى فينا.
+ نمونا الروحي يحتاج منا الى الجهاد الروحي والتغصب { وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.}(1كو 9 : 25). والي أي حد من الجهاد الروحي ضد الشيطان وأغراءته والخطية؟. نحن مطالبين الي البذل حتى الدم فخير لنا أن نموت فى الجهاد من أن نحيا في الكسل والخطية {لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ} (عب 12 : 4). ومع التغصب في الحياة الروحية نكتسب الفضائل ويتحول عمل الخير والصلاة الي عادات صالحة فى حياتنا وباستمرارنا فى النمو نجد مسرتنا فى النمو وسعادتنا فى محبة الله وراحتنا أن نعمل وصاياه وننمو فى معرفته وتسندنا وتقودنا نعمة روحه القدوس لنكون حارين فى الروح { غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ }(رو 12 : 11). نمونا الروحي يعني أن إيماننا المسيحي حي مثمر، وأن معرفتنا بالرب تزداد، وأيضاً محبتنا وفهمنا لكلمة الله وتمسُّكنا بالحياة مع الله وثبات عيوننا على الحياة الأبدية. نمونا وثباتنا ورسوخنا فى الإيمان يُجنِّبنا تأثير الرياح والأعاصير المضادة والتي تخف وطأتها كلما مضينا نحو العمق. ونتقدم فى حياة المحبة والفرح والسلام لنحيا مذاقة الملكوت على الأرض. ننمو فى النعمة والحكمة والقامة لدي الله والناس ويستمر نمونا حتى الساعة الأخيرة: { أيضاً يُثمِرون في الشيبة، يكونون دِساماً وخُضْراً} (مز 92: 14). كما أن الرب يُتابع الغصن المثمر فيُنقِّيه بالتأديب والمساندة فيأتي بثمر أكثر (يو 15: 2). وفي مَثَل الوزنات، نري السيد الرب يمَدَح مَن تاجروا وربحوا ويصفهم بالصلاح والأمانة ويدعوهم للدخول الي الفرح الأبدي.
+ نحن ندرك أننا لا نستطيع أن ننمي أنفسنا: {مَن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدة؟} (مت 6: 27؛ لو 12: 25). الغصن يستمد حياته ونموه من ثباته في الكرمة. نمونا الروحي في طبيعته عمل إلهي {الرب ينميكم ويزيدكم} (1تس 3: 12). وفي هذا يقول القديس بولس عن خدمته: {أنا غرست وأبُلُّوس سقى، ولكن الله كان يُنْمِي. إذاً ليس الغارس شيئاً ولا الساقي، بل الله الذي يُنمِي} (1كو 3: 7،6). والرب سبق وقال لنا: { بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً} (يو 15: 5). من أجل هذا من يريد أن ينمو يبتعد عن معطلات النمو ويقدم توبة صادقة ويثبت فى المسيح بالصلاة والتضرع الي الله والتناول من الأسرار المقدسة والتأمل فى كلامه والشهادة للإيمان المستقيم بالخدمة الروحية والعطاء ومحبة الله والغير وعمل الخير مع التواضع والوداعة الجهاد والأنقياد لروح الله. للمؤمن دور إيجابي وفعال للتجاوب مع نعمة الله والخضوع للروح القدس الذي يُنقِّي القلب ويضبط السلوك، ويُبعده عن الحرفية والشكلية والمظهرية ويقوده لمعرفة المسيح والنمو في محبته، والالتصاق به، ننمو في المحبة لله والقريب، بما يتطلَّبه من الاستمرار في الخروج من الذات، وتعمُّق الشركة مع الله واتساع القلب بالغفران والمحبة حتى للأعداء. ننمو في الإيمان، والثقة في شخص المسيح والاتكال على ذراعه الرفيعة وتسليم الحياة له وقبول التجارب والآلام بالشكر، لنذداد في كل عمل صالح (2كو 9: 8). نصلى من أجل أنفسنا وأخوتنا دائما{ لْيَمْلَأْكُمْ إِلَهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ} (رو 15 : 13). أمين
الجمعة، 18 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 93- { مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ ؟.}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ كم مرة هاجت علينا رياح التجارب والضيقات فخفنا وضعف إيماننا؟ فهل عندما نواجه الرياح والأمواج نصلي بدموع وعمق الي الله ليسكت الريح وأمواج التجارب أم نلجأ الي الشكوى والتذمر؟. ذات مرة أنطلق السيد المسيح مع التلاميذ ليلا عبر بحيرة طبرية والمعروفة بالعواصف العنيفة المفاجئة وهبت عليهم الريح وهاجت الأمواج وكان السيد نائما فاضطرب التلاميذ وأيقظوه خوفا من الغرق فقام وأنتهر الريح وأسكت البحر{ فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! ابْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟» فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!} ( مر38:4-41). أن السفينة هي صورة مصغرة للكنيسة التى تتعرض لعواصف شديدة يثيرها الشيطان ضدها، أو مثال لكل نفس بشرية تقبل المسيح داخلها وتؤمن به فيثير الشيطان ضدها رياح التجارب. لكن علينا أن نتشجع ونتشدد ونتقوى فى الإيمان ولا نخاف أو نضطرب بل نصرخ ونصلى لله وهو قطعاً لن يسمح للسفينة أن تغرق وكيف تغرق وهو بداخلها. إذاً لنصرخ للمسيح دون أن يضعف أو نفقد إيماننا، ولا نشك ولو للحظة أن السفينة ستغرق، وإلاّ سنسمع توبيخ السيد المسيح ما بالكم خائفين يا قليلى الإيمان؟.
+ الخوف هو طاقة مدمرة تشل التفكير السليم وتفقدنا القدرة على العمل المناسب فى الوقت المناسب. وقد جاء السيد المسيح ليحررنا من العبودية الخوف المرضى من الشيطان والضيقات والموت ويهبنا حرية مجد ابناء الله. والكتاب المقدس مملوء بوعود الله الصادقة والمعزية واعماله القوية مع ابنائه والتى تعطي الاطمئنان والسلام الداخلى وعدم الخوف. لقد تكررت كثيراً عبارة "لا تخف" فى الكتاب المقدس مرات كثيرة جداً لكى نحيا فى سلام وعدم خوف. أن الله كاب لنا يرعى ابنائه ولن ينسانا حتى ان نسيت الام رضيعها. وحتى فى الظروف والاحداث الصعبة فان المؤمن لا يخاف فمادام الله معنا فمن علينا، انه الذى جاز بالفتية فى اتون النار وسد افواه الاسود وقاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل يجعل كل الاشياء تعمل معنا للخير للذين يحبون الله.
+ مع الإيمان لا خوف من مستقبل او مرض او اضطهاد او حتى استشهاد فالله ربنا القادر على كل شئ سيقودنا فى موكب نصرته. لن يستطيع شئ ان يؤذينا الا بسماح منه ولفائدتنا ومهما حصل من احداث لا ينبغي أن تؤثر على سلام المؤمن الداخلى { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 27). ان الله ليس عنا ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد وهو قادر ان يدافع عنا ويعطينا الشجاعة والقوة والنجاح { لان الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح (2تي 1 : 7) . ولنا وعوده الصادقة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك واعنتك وعضدتك بيمين بري. انه سيخزى ويخجل جميع المغتاظين عليك يكون كلا شيء مخاصموك ويبيدون. تفتش على منازعيك ولا تجدهم يكون محاربوك كلا شيء وكالعدم.لاني انا الرب الهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف انا اعينك} (اش 10:41-13).
+ قد نواجه المشاكل ونظن أن الله لا يسمع أو أنه لا يستجيب. ربما ذلك يحدث حتى نكتشف طبيعتنا الضعيفة ونشعر باحتياجنا للمخلص وحاجتنا للصلاة. وقد تكون الضيقات بسماح من الله لنتعلم ويقوى عودنا فالبحر الهادئ لا يصنع ربان ماهر. وقد نواجه المشكلات بسبب قرارات خاطئة أتخذناها وترتب عليها نتائج صعبة وتحتاج للتقويم والأصلاح وقد يكون تأخر الإستجابة فرصة لشفائنا ولإصلاح شأننا، المهم أن تهدأ نفوسنا المضطربة حتى قبل هدوء الرياح والأمواج من حولنا، ولنعلم أنه طالما نحن فى الجسد، وطالما كانت الكنيسة على الأرض فهناك عواصف فالعالم مضطرب. لكن لنطمئن ونثق فى المسيح الحال بالإيمان معنا وفينا فلن نغرق، ولكن وجود الله معنا لا يمنع التجارب وعلينا أن نركز أنظارنا على المسيح ونحو السماء فلا نخاف، بل ننال سلام وهدوء وسط التجربة. حتى ان واجهت سفينة حياتنا التحديات فان الرب قادر وقاهر التحديات {امنوا بالرب الهكم فتامنوا }(2اخ 20 : 20). وامامنا وعود الرب الصادقة { تشددوا و تشجعوا لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم لان الرب الهك سائر معك لا يهملك و لا يتركك } (تث 31 : 6). {من يغلب فساعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا ايضا وجلست مع ابي في عرشه }(رؤ 3 : 21).
+ كم مرة هاجت علينا رياح التجارب والضيقات فخفنا وضعف إيماننا؟ فهل عندما نواجه الرياح والأمواج نصلي بدموع وعمق الي الله ليسكت الريح وأمواج التجارب أم نلجأ الي الشكوى والتذمر؟. ذات مرة أنطلق السيد المسيح مع التلاميذ ليلا عبر بحيرة طبرية والمعروفة بالعواصف العنيفة المفاجئة وهبت عليهم الريح وهاجت الأمواج وكان السيد نائما فاضطرب التلاميذ وأيقظوه خوفا من الغرق فقام وأنتهر الريح وأسكت البحر{ فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! ابْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟» فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!} ( مر38:4-41). أن السفينة هي صورة مصغرة للكنيسة التى تتعرض لعواصف شديدة يثيرها الشيطان ضدها، أو مثال لكل نفس بشرية تقبل المسيح داخلها وتؤمن به فيثير الشيطان ضدها رياح التجارب. لكن علينا أن نتشجع ونتشدد ونتقوى فى الإيمان ولا نخاف أو نضطرب بل نصرخ ونصلى لله وهو قطعاً لن يسمح للسفينة أن تغرق وكيف تغرق وهو بداخلها. إذاً لنصرخ للمسيح دون أن يضعف أو نفقد إيماننا، ولا نشك ولو للحظة أن السفينة ستغرق، وإلاّ سنسمع توبيخ السيد المسيح ما بالكم خائفين يا قليلى الإيمان؟.
+ الخوف هو طاقة مدمرة تشل التفكير السليم وتفقدنا القدرة على العمل المناسب فى الوقت المناسب. وقد جاء السيد المسيح ليحررنا من العبودية الخوف المرضى من الشيطان والضيقات والموت ويهبنا حرية مجد ابناء الله. والكتاب المقدس مملوء بوعود الله الصادقة والمعزية واعماله القوية مع ابنائه والتى تعطي الاطمئنان والسلام الداخلى وعدم الخوف. لقد تكررت كثيراً عبارة "لا تخف" فى الكتاب المقدس مرات كثيرة جداً لكى نحيا فى سلام وعدم خوف. أن الله كاب لنا يرعى ابنائه ولن ينسانا حتى ان نسيت الام رضيعها. وحتى فى الظروف والاحداث الصعبة فان المؤمن لا يخاف فمادام الله معنا فمن علينا، انه الذى جاز بالفتية فى اتون النار وسد افواه الاسود وقاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل يجعل كل الاشياء تعمل معنا للخير للذين يحبون الله.
+ مع الإيمان لا خوف من مستقبل او مرض او اضطهاد او حتى استشهاد فالله ربنا القادر على كل شئ سيقودنا فى موكب نصرته. لن يستطيع شئ ان يؤذينا الا بسماح منه ولفائدتنا ومهما حصل من احداث لا ينبغي أن تؤثر على سلام المؤمن الداخلى { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 27). ان الله ليس عنا ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد وهو قادر ان يدافع عنا ويعطينا الشجاعة والقوة والنجاح { لان الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح (2تي 1 : 7) . ولنا وعوده الصادقة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك واعنتك وعضدتك بيمين بري. انه سيخزى ويخجل جميع المغتاظين عليك يكون كلا شيء مخاصموك ويبيدون. تفتش على منازعيك ولا تجدهم يكون محاربوك كلا شيء وكالعدم.لاني انا الرب الهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف انا اعينك} (اش 10:41-13).
+ قد نواجه المشاكل ونظن أن الله لا يسمع أو أنه لا يستجيب. ربما ذلك يحدث حتى نكتشف طبيعتنا الضعيفة ونشعر باحتياجنا للمخلص وحاجتنا للصلاة. وقد تكون الضيقات بسماح من الله لنتعلم ويقوى عودنا فالبحر الهادئ لا يصنع ربان ماهر. وقد نواجه المشكلات بسبب قرارات خاطئة أتخذناها وترتب عليها نتائج صعبة وتحتاج للتقويم والأصلاح وقد يكون تأخر الإستجابة فرصة لشفائنا ولإصلاح شأننا، المهم أن تهدأ نفوسنا المضطربة حتى قبل هدوء الرياح والأمواج من حولنا، ولنعلم أنه طالما نحن فى الجسد، وطالما كانت الكنيسة على الأرض فهناك عواصف فالعالم مضطرب. لكن لنطمئن ونثق فى المسيح الحال بالإيمان معنا وفينا فلن نغرق، ولكن وجود الله معنا لا يمنع التجارب وعلينا أن نركز أنظارنا على المسيح ونحو السماء فلا نخاف، بل ننال سلام وهدوء وسط التجربة. حتى ان واجهت سفينة حياتنا التحديات فان الرب قادر وقاهر التحديات {امنوا بالرب الهكم فتامنوا }(2اخ 20 : 20). وامامنا وعود الرب الصادقة { تشددوا و تشجعوا لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم لان الرب الهك سائر معك لا يهملك و لا يتركك } (تث 31 : 6). {من يغلب فساعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا ايضا وجلست مع ابي في عرشه }(رؤ 3 : 21).
الأربعاء، 16 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 92- { فكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ لقد طلب منا الله ان نكون كاملين، ويريد منا ان نتشبه ونقتدى به { فكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.} (مت5: 48). الله الرحوم لا يطلب منا شئ مستحيل علينا ان نقوم به. وبينما يظن الكثيرين ان الكمال غاية صعبة المنال فى ظل متغيرات العصر الحديث وصرعاته المتلاحقة. الا ان هذه الدعوة تبدو سهلة لنا لو عرفنا واستخدمنا كل الامكانيات المتاحة لنا من الله ووسائط الخلاص ولو عرفنا ان وصايا السيد المسيح تتجه بالمؤمن نحو السماء، عندما يتجه الانسان الى الإرض وشهواتها تتجه سيرته الى أسفل ويهبط فى تصوراته وأفكاره الى الفساد والفناء ولكن اذ يولد الانسان من فوق بالماء والروح ويصير مسكنا لروح الله القدوس فيجعل وجهته السماء ورسالته على الارض هي أن يكون سفيرا لله فان مسيرة حياته تتجه الى أعلى ويعلو فى تصوراته وافكاره وسلوكه وروحياته حتى يصل الى الله الذى هو روح وقدسة وكمال.
+ نحن لا نقفز الى الكمال دفعة واحدة وانما كسلم روحى نصعد درجة تلو الاخرى فى نمو ويسر. ان المؤمن لديه من القدرات المخبؤة والامكانيات الخلاقة ما قد لا يخطر على بال بشر. وما يبدوا لنا صعب ومحال مع العزيمة والصدق والاستجابة لعمل نعمة الله الغنية نصل اليه فى فرح ويسر. والسعى نحو الكمال المسيحى هو راحة للنفس وسعادة للروح. واجبنا أن نسعى إلي الكمال، فى توبة صادقة ونمو روحي مستمر، فالكمال درجات كلما يصل الإنسان إلي واحدة منها، يجد كمالاً آخر أعلي وأبعد في انتظاره { لست أحسب إني قد أدركت أو قد صرت كاملاً، ولكن أسعى لعلي أدرك. افعل شيئاً واحداً، أنسى ما هو وراء، وأمتد إلي ما هو قدام} (في 12:3-15). فإن كان القديس بولس العظيم لا يحسب أنه قد صار كاملاً، إنما يسعى لعله يدرك، فماذا نقول نحن؟ ومع ذلك فإن بولس يقول بعد ذلك مباشرة { فليفتكر هذا جميع الكاملين منا} إن الله يدعونا للنمو الروحي المستمر، باستخدام كل وسائط النعمة لكي نصل إلى { قياس قامة ملء المسيح} (أف4: 13). هذا الوضع الروحي المرتفع يتم بعمل النعمة في النفس المجاهدة.
+ الله يريدنا ان نتوب ونقلع عن الخطية ولا نعود اليها ثم ننمو فى معرفة الله لنصل الى المحبة الكاملة { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال } (كو 3 : 14). الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. ان بنائنا الروحى يجب ان يقوم على المحبة التى شبهها الاباء القديسين مع التواضع بالمادة الاساسية التى تربط البناء الروحى كله متماسك معا كالمؤنه بالنسبة للحائط تجعله متماسك وحدة واحده ولقد اكد السيد المسيح على أهمية المحبة لانها لب وجوهر كلام الناموس والانبياء (مت 35:22-40). اننا بالتقدّم في الفضيلة نتشبّه بالله، حيث يمنحنا الرب نعمة المحبة كثمرة من ثمار الروح القدس لنحب حتى اعدائنا ككمال لوصية المحبة ونصلّي من أجل الجميع.
+ الكمال هو نمو روحي فى جهاد تسنده النعمة بعدم إكتفاء بالوضع الروحي الذي يكون فيه المؤمن المجاهد الآن، لأن الطموح الروحي بلا حدود، فمع أن الرسول بولس قد نال بركات روحية عظيمة، لكنه لم يشبع من المسيح أبداً، بل أعلن أنه ظل يسعى للمزيد باستمرار، حتى نال اكليله. وغايته أن يموت إنسانه العتيق ويحيا المسيح بالإيمان فيه { مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي} (غل 2 : 20). الجهاد الروحي يكون في كل المجالات الروحية، وضد كل الخطايا، اننا لكى نصل إلى الكمال الروحى المطلوب منا.
+ السير فى الكمال والقداسة يعني تكريس القلب كاملا لله، فالقلب فى هو مركز الحياة الروحية ويقصد به الانسان الداخلى بما فيه من عواطف ومشاعر وانفعالات ودوافع وارادة وهو الموجهه للانسان نحو الخير ومحبة الله والبعد عن الشر لهذا يوصينا الانجيل بان يكون قلبنا كاملاً فى محبته لله { فليكن قلبكم كاملا لدى الرب الهنا اذ تسيرون في فرائضه وتحفظون وصاياه كهذا اليوم} (1مل 8 : 61). ان الله يريد ان نعطيه قلوبنا ونسير فى طريقه وهو فى امانته يقوى هؤلاء السائرين فى طريق الكمال معطيا لهم سعادة وبركة { لان عيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه} (2اخ 16 : 9). فعلينا ان نعطى قلوبنا ومحبتنا لله ونحب الجميع حبا فى الله. وعلي السائر فى طريق الكمال أن يحيا فى تواضع يحفظه من السقوط ويمنع عنه الكبرياء والسقوط وادانه للغير ولا يتكل على ذاته أو أمواله أو على ذراع بشر، لكن على نعمة الله. والسير فى طريق الكمال يحتاج الى صبر فمن يصبر الى المنتهى فهذا يخلص { واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} (يع 1 : 4).
+ المؤمن يحيا فى أستعداد دائم، لكي يوجد في ذلك اليوم بلا لوم (1 تس 3: 12- 13). نواصل التقدم فى الكمال والقداسة بنعمة من دعانا من الظلمة الي نوره العجيب. وكما تحتاج سفينة الفضاء الى صاروخ يدفعها لتخرج من دارة الجاذبية الارضية كذلك نحتاج نحن الي من قال { وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ} (يو 12 : 32). نصلى ليجذبنا الرب بقوته ومحبته ونعمته ووسائط الخلاص من كتاب مقدس وصلاة وصوم وتناول من الاسرار وتأمل روحى وخلوة مع الله وتغصب حتى ندخل فى دائرة المحبة الإلهية ولا نخرج منها بل ننطلق لنصل الي الأبدية السعيدة.
الجمعة، 11 سبتمبر 2015
أَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
الكنيسة القبطية وتقويم الشهداء ...
+ التقويم القبطي هو التقويم الفرعونى القديم يرجع لعام 4241 قبل الميلاد، عندما تمكن العلامة "توت" من وضع التقويم النجمي بعد ملاحظات ودراسات دقيقة لحركة الافلاك وارتباطها بجريان النيل، وقد وجد ان مياه الفيضان تصل إلي هليوبوليس، مركز العلوم الفلكية، في نفس اليوم الذي تظهر فيه نجمة الشعرى اليمانية، فى سماء مصر بعد فيضان النيل وان هذه الرحلة السنوية تستغرق 365 يوما وربع يوم، فقسم السنة إلي اثني عشر شهرا كل منها ثلاثون يوما، ثم اضاف خمسة أيام في نهاية السنة واطلق عليها اسم "الشهر الصغير" وكان مخصصا للاحتفالات بعد الفراغ من الحصاد. وأستمر المصريين يستعملون هذا التقويم حتى بعد إيمان مصر كلها بالمسيحية نظراً لارتباط السنة بالمواسم الزراعية المختلفة حتى جاء الإمبراطور دقلديانوس في العصر المسيحي وأستشهد فى عصره أكثر من مليون مصرى مسيحى؛ فاتخذ أقباط مصر بداية عهده الموافق 284 ميلادية بداية لتقويم سنة الشهداء. مع الاحتفاظ باسماء الشهور ومواسمها الزراعية وتحديد الأعياد المسيحية وفقا لها.
+ أننا نتذكر أجدادنا وآبائنا القديسين الذين بذلوا حياتهم من أجل الرب الاله الذى أحبنا وبذل ذاته فداءا عنا ومن أجل حفاظهم وتمسكهم بايمانهم الأقدس، هؤلاء الذين إرتوت بدمائهم أرضنا الطيبة منذ القرن الاول الميلادي عندما تخضبت شوارع الاسكندرية بالدماء الطاهرة لكاروز ديارنا المصرية القديس مار مرقس الرسول لنصل الي شهدائنا الابرار فى العصر الحديث فى الكشح بصعيد مصر وشهداء كنيسة ابو قرقاص بالمنيا وشهداء كنيسة القديسين بالاسكندرية وشهداء ماسبيروا الذين إختلطت دمائهم بنهر النيل حتى شهداء سيناء الابرار، هذه الدماء البريئة الثمينة جدا لدى الله وعندنا ايضا وهى تصرخ الي السماء كما دم هابيل البار مطالبة بالعدل { صوت دم اخيك صارخ الي من الارض} (تك10:4). الله ليس بظالم لكي ينسي تعب ودم المظلومين. الله هو الديان العادل الذى يجازى كل واحد حسب عمله { اذ هو عادل عند الله ان الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقا }(2تس 1 : 6). أننا نفتخر بكل سحابة الشهود الذين رفضوا ان ينكروا إيمانهم من أجل تمتع وقتي بملاذ العالم وإقتبلوا العذاب والاستشهاد بمحبة وصبر من اجل محبتهم فى الملك المسيح ومن أجل الحياة الابدية التي اليها دعينا.
+ نسير علي خطى أبائنا القديسين حاملين الصليب فى محبة وشكر وصبر، وأذ نقدم حياتنا رائحة بخور ونصبر ونصلي من أجل المسيئين الينا، ولا نقابل الشر بالشر. بل نرفع شكوانا لله ونطالب بسيادة القانون والمساواة والعدل رغم الجراح الصعبة التى يعانيها بعض المؤمنين من أخوة لنا فى الوطن ينبغي أن يتعاونوا معنا فى الملمات ونشترك معا ظروف العيش وينبغى أن نعمل معا لمحاربة الجهل والتطرف والفقر والمرض. أننا نصلى لكي يفيق المتشددين والمتعصبين من غيهم ويعودوا الى رشدهم ويرجعوا الى ربهم. فنحن المصريين جميعا فى مركب واحد ومصيرنا المشترك يحتم علينا ان نتحد ونعمل بجد ونشاط وتعاون لتصل سفينة حياتنا وبلادنا الى حاضر مستقر ومستقبل أفضل.
سنة الرب المقبولة ..
+ نصلى ليكون العام الجديد عاما مقدسا ومقبولا متذكرين قول الرب { رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ.} ( لو 18:4-19). نصلي أن يقودنا روح الرب ويعمل الله ويبشر المساكين بالخلاص من الشر والخطية والجهل والتعصب. ويشفى الذين أنكسرت قلوبهم من الظلم والضعف أو المرض أو الحزن. أننا نصلى ليعمل الله بقوة ليفك الماسورين والمقيدين فى أسر إبليس والخطية ويهب البصر لمن فقدوا الرجاء في حياة أفضل ويعطي إيمان قوى لمن ضعف إيمانهم ليروا محبة الله ورحمته وقوته. نصلى ونطلب ان يكون العام القبطي الجديد عام توبة ورجوع الى الله، تندحر فيه قوى الشر والظلام ويحل الأمان والسلام فى ربوع بلادنا ومنطقتنا بل وعلى المسكونة كلها.
+ نقدم الشكر الدائم لله الرحوم الذى أعطانا فرصة حياة لنأتى الى نهاية العام وقد أبقى لنا حياة فى العام الجديد حتى ننقى حياتنا ومسيرتنا من كل ما لا يرضى الله ونتوب ونقلع عن الخطايا والذنوب ونحيا مع الهنا المحبوب ونتغذى بالاسرار المقدسة وبكلمة الله المحيية وبالصلاة والجهاد الروحي نثمر ثمر الروح حتى لا نتعرض للقطع والأحراق {وَقَالَ هَذَا الْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَراً وَلَمْ يَجِدْ فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَراً فِي هَذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا! لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضاً؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُ اتْرُكْهَا هَذِهِ السَّنَةَ أَيْضاً، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلهَا وَأَضَعَ زِبْلاً. فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَراً، وَإِلاَّ فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا}( لو 6:13-9). أننا نصلي ليعطينا الله أن نكون أعضاء حية فى كنيسته المقدسة ونتاجر ونربح بالوزنات المعطاة لنا ونثمر على رجاء وفى ثقة بمواعيد الله ومكأفاته للابرار.
بارك هذة السنة بصلاحك يارب..
+ أننا نصلى لتكون هذه السنة القبطية الجديدة 1732ش. سنة خير وسلام وإستقرار وأمان لشعبنا وكنيستنا. نصلى ونطلب لكل أحد حياة مقدسة مباركة كريمة، نتخلص فيها من كل أخطاء الماضي فى توبة مستمرة ومقبولة ونعمل على إكتساب العادات الصالحة ونحيا حياة الفضيلة والبر، وان كان الله قد وهب لنا فرصة لنحيا هذه السنة ونثمر فعلينا ان نجعلها سنة تحرر من الخطايا والأخطاء، وسنة للثمر الروحي المتكاثر لحساب الملكوت، نعمل على النمو فى مختلف المجالات رغم التحديات والمشكلات فاله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى، واذ يرى الله أمانتنا فى القليل فانه لن يتركنا وسيقيمنا على الكثير، ونحن نضع ثقتنا فى الله القادر على كل شئ، ونضع عليه رجائنا وقادر ان يبارك حياتنا ويشترك معنا فى كل عمل صالح.
+ نصلى ونطلب سلاما وبنيانا لكنيسة الله المقدسة الجامعة الرسولية وكل مؤمنيها، رعاة ورعية، لكي ينظر الله الينا بعين الرحمة والمحبة ويبنى ويقيم ويرمم حجارتها ونثق أن الذى وعد أمين {على هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها }(مت 16 : 18). نطلب عن كل نفس في بلادنا لاسيما المحتاجين والفقراء والمظلومين والمرضى والضعفاء، لكي ما يعصب الله الجريح ويرد الضال ويجبر الكسير، ويحفظ شعبنا ويهبنا الحكمة والنعمة والبركة.
+ نرفع صلواتنا من أجل سلام العالم ولاسيما الشرق الأوسط وبخاصة بلادنا المحبوبة مصر ليقودنا الله نحو الأستقرار والأمن والسلام والعدل والرخاء ويحفظ جنودنا وخاصة فى سيناء ويدحر الأرهاب وقوى الشر عن بلادنا بلا رجعة وينعم علي سوريا المحبوبة وشعبها الجريح بالسلام والاستقرار وتتوقف دائرة القتل والدمار هناك ونصلى من أجل العراق الشقيقة لكي تندحر قوى الشر وينعم شعبها بالسلام والامن والحرية ويعود المهجرين الى ديارهم وتضمد جراحهم. نصلى من أجل ليبيا الجريحة وشعبها الذى يعانى من الفرقة والتناحر وغياب الأمن وتفكك الدولة. نصلى من السلام فى اليمين والسودان والصومال ومن أجل كل نفس تعاني ليعطي الله حكمة لجميع القادة والمسئولين ويمنحنا الوعى والأحترام والتعاون معا من أجل حاضر يجد فيه كل انسان الأمن والسلام والحرية والعداله والعيش الكريم ولبناء عالم أفضل للجميع، أمين.
الخميس، 10 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 91- { لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟.}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ يتسأل البعض فى الضيقات ويظنوا أن الله عنهم بعيد أو مختفى فيقولوا { يَا رَبُّ لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيداً؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟.}( مز 1:10). هذا السؤال هو جوهر سفر أيوب تمادى الشرير فى شره ومعاناة الأبرار. لكن نرى فى السفر ايضا عاقبة صبر الأبرار خير، لقد صبر أيوب إلى أن رد الله له ما فقده أزيد مما كان، وعوضه بالنسل الصالح، والعمر الطويل، والأبدية السعيدة، ليكون مثالاً في الصبر والعمل الصالح والسيرة الحسنة. هذا التساؤل يدل على نفاذ صبر المؤمن أو ثقل التجربة. ولكن السيد المسيح يقول لنا {من يصبر إلى المنتهى فذاك يخلص}. فعندما نرى ظلم الأشرار والضيقات تحيط بالصديقين والمؤمنين فلنصبر، ونصلي ونطلب تدخل الله في الوقت المناسب { إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِياً يُلاَحِظُ وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا.} (جا5: 8). التجارب والضيقات بسماح من الله هي لمنفعتنا فبها يزداد إيماننا وصبرنا ورجاؤنا ويشتد عودنا ونتعلم الكثير. أن الله لا يبتعد عنا وقت الضيقة لكن لضعف إيماننا نشعر ببعد الله عنا فنشكو.أن الله يحيط بنا وقت ضيقتنا ويراقب جهادنا ويقوى إيماننا وحينما تكتشف النفس وجود الله تنتهي حالة القلق والاضطراب والشك.
+ كثيرون يقولون لماذا يارب الضيقة؟. ويصارعو بمفردهم، علْهم يجدوا الحلول أو يلجاوا لحلول بشرية خاطئة وغير مدروسة، البعض يهرب من مشكلاته ويتعثر والبعض يلجأ إلى الهروب أو التأجيل، غيرهم يقعوا في التذمر أو الشكوى، والبعض ينطوي على ذاته أو يقع في اليأس. لكن المؤمن المتضع يصلى ويشكر الله ويطلب الصبر والتعزية، وبالعمل الإيجابي والإيمان يصل الى أفضل الحلول لما يواجهه من ضيقات فيرى يد الله تحمله فى الضيقات وترفعه فوق الأحداث، ويلجأ إلي الله بالركب المنحنية والأيدي المرفوعة والكتاب المقدس المفتوح والتوبة الدائمة. لقد تساءلت النفس البشرية أو الكنيسة قديماً وقالت قد تركنى الله ونسينى فاتها الجواب من الله مطمئناً: { وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ وَسَيِّدِي نَسِينِي».هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ.هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِماً.}(إش 49: 14-16).
+ القديس بولس الرسول كمثال أمامنا رغم قداسته فلم يمنع الله عنه الألم والضيقات والتجارب لكن في ضعفه ويأسه لم يكن متروكًا بل قال: { وَلَكِنْ لَنَا هَذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ لِلَّهِ لاَ مِنَّا. مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لَكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لَكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. مُضْطَهَدِينَ، لَكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لَكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضاً فِي جَسَدِنَا.} (2كو7:4-10). ورغم أن القديس بولس بصلواته شفي الكثيرين من أمراضهم إلا أنه قد أُعطي شوكة في الجسد. {أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ، لِيَلْطِمَنِي لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ. مِنْ جِهَةِ هَذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. لِذَلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاِضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ.} (2كو7:12-9) .
+ الله يعمل دائمًا من أجل خلاصنا وأبديتنا، الأشجار المعمرة عندما تتعرض للرياح تزداد جذورها امتدادا في التربة، فتثبت وتتأصل، والنخيل العالي الثمر يتعرض للقذف بالأحجار فيلقي بأطيب الثمر. إن كنا خطاه فبالتجارب نتنقى، وإن كنا ضعفاء فبالتجارب نتقوى، وإن كنا صديقين فبالتجارب تزداد أكاليلنا ومكأفاتنا لدى الله {ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف} (يع11: 5). فلنطلب الله بثقة في ضيقاتنا {اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب} (اش 55: 6) هل نحتمل التأديب ونقول أن كل ما يقع علينا هو بسماح منه ولفائدتنا وخلاصنا؟. أم نتذمر ونشتكي؟ { أن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأي ابن لا يؤدبه أبوه} (عب7: 21). بعين الإيمان نري أن صبرنا له أجر تام واحتمالنا وشكرنا في الضيق ينشئ لنا ثقل مجد أبدي.
+ يتسأل البعض فى الضيقات ويظنوا أن الله عنهم بعيد أو مختفى فيقولوا { يَا رَبُّ لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيداً؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟.}( مز 1:10). هذا السؤال هو جوهر سفر أيوب تمادى الشرير فى شره ومعاناة الأبرار. لكن نرى فى السفر ايضا عاقبة صبر الأبرار خير، لقد صبر أيوب إلى أن رد الله له ما فقده أزيد مما كان، وعوضه بالنسل الصالح، والعمر الطويل، والأبدية السعيدة، ليكون مثالاً في الصبر والعمل الصالح والسيرة الحسنة. هذا التساؤل يدل على نفاذ صبر المؤمن أو ثقل التجربة. ولكن السيد المسيح يقول لنا {من يصبر إلى المنتهى فذاك يخلص}. فعندما نرى ظلم الأشرار والضيقات تحيط بالصديقين والمؤمنين فلنصبر، ونصلي ونطلب تدخل الله في الوقت المناسب { إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِياً يُلاَحِظُ وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا.} (جا5: 8). التجارب والضيقات بسماح من الله هي لمنفعتنا فبها يزداد إيماننا وصبرنا ورجاؤنا ويشتد عودنا ونتعلم الكثير. أن الله لا يبتعد عنا وقت الضيقة لكن لضعف إيماننا نشعر ببعد الله عنا فنشكو.أن الله يحيط بنا وقت ضيقتنا ويراقب جهادنا ويقوى إيماننا وحينما تكتشف النفس وجود الله تنتهي حالة القلق والاضطراب والشك.
+ كثيرون يقولون لماذا يارب الضيقة؟. ويصارعو بمفردهم، علْهم يجدوا الحلول أو يلجاوا لحلول بشرية خاطئة وغير مدروسة، البعض يهرب من مشكلاته ويتعثر والبعض يلجأ إلى الهروب أو التأجيل، غيرهم يقعوا في التذمر أو الشكوى، والبعض ينطوي على ذاته أو يقع في اليأس. لكن المؤمن المتضع يصلى ويشكر الله ويطلب الصبر والتعزية، وبالعمل الإيجابي والإيمان يصل الى أفضل الحلول لما يواجهه من ضيقات فيرى يد الله تحمله فى الضيقات وترفعه فوق الأحداث، ويلجأ إلي الله بالركب المنحنية والأيدي المرفوعة والكتاب المقدس المفتوح والتوبة الدائمة. لقد تساءلت النفس البشرية أو الكنيسة قديماً وقالت قد تركنى الله ونسينى فاتها الجواب من الله مطمئناً: { وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ وَسَيِّدِي نَسِينِي».هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ.هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِماً.}(إش 49: 14-16).
+ القديس بولس الرسول كمثال أمامنا رغم قداسته فلم يمنع الله عنه الألم والضيقات والتجارب لكن في ضعفه ويأسه لم يكن متروكًا بل قال: { وَلَكِنْ لَنَا هَذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ لِلَّهِ لاَ مِنَّا. مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لَكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لَكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. مُضْطَهَدِينَ، لَكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لَكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضاً فِي جَسَدِنَا.} (2كو7:4-10). ورغم أن القديس بولس بصلواته شفي الكثيرين من أمراضهم إلا أنه قد أُعطي شوكة في الجسد. {أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ، لِيَلْطِمَنِي لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ. مِنْ جِهَةِ هَذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. لِذَلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاِضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ.} (2كو7:12-9) .
+ الله يعمل دائمًا من أجل خلاصنا وأبديتنا، الأشجار المعمرة عندما تتعرض للرياح تزداد جذورها امتدادا في التربة، فتثبت وتتأصل، والنخيل العالي الثمر يتعرض للقذف بالأحجار فيلقي بأطيب الثمر. إن كنا خطاه فبالتجارب نتنقى، وإن كنا ضعفاء فبالتجارب نتقوى، وإن كنا صديقين فبالتجارب تزداد أكاليلنا ومكأفاتنا لدى الله {ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف} (يع11: 5). فلنطلب الله بثقة في ضيقاتنا {اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب} (اش 55: 6) هل نحتمل التأديب ونقول أن كل ما يقع علينا هو بسماح منه ولفائدتنا وخلاصنا؟. أم نتذمر ونشتكي؟ { أن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأي ابن لا يؤدبه أبوه} (عب7: 21). بعين الإيمان نري أن صبرنا له أجر تام واحتمالنا وشكرنا في الضيق ينشئ لنا ثقل مجد أبدي.
الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 90- { حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ }
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ علينا أن نعبد الرب بقلب مستقيم غير منقسم، لا يعرج بين محبة الله ومحبة العالم وشهواته وأمواله، لهذا راينا إيليا النبي قديما يوبخ الشعب من عبادة الأوثان ويقول لهم:{ حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ.} (1مل21:18). قال النبي العظيم إيليا هذه الآية للشعب على جبل الكرمل لأن الشعب كان يريد أن يجمع بين عبادة الله والبعل، وزاغوا عن عبادة الله الحي كما يريد البعض الله اذ يسمع كلامه ويدخل معه في إختبارات ويريد الخطية لأنه يجد بها متعته الوقتية فهي تجعله يحيا فى التراخي والخطية. ولهذا يحذرنا السيد المسيح من العبودية لله وللمال ويقول: { لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (لو 16 : 13). من يحب الله يجعل المال خادم جيد له وليس سيد قاس، ومن يريد الله يبتعد عن محبة العالم وشهواته { أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّواً لِلَّهِ} (يع 4 : 4). من يريد الله يجب أن يحبه من كل القلب والفكر والنفس ويترك الخطية ويثبت قلبه نحو السماء ويطلب ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب. التعريج بين الفرقتين يدل على ان القلب غير ثابت فى محبة الله أو أن التوبة غير صادقة وغير كاملة.
+ يجب أن لا ينقسم القلب أو الفكر أو الوقت أو الأرادة إلى أجزاء تخدم الله والخطية. فالله لا يقبل الله إلاَّ أن يستلم القلب كلُّه وليس أجزاء منه ونعطيه حياتنا كلها، فلا نطلب من الله حنانه ورحمته ومحبته ونترك الوصايا وألصوم والصلاة فنصل إلى خدمة الله بشفاهنا وقلوبنا مبتعدة عنه { يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً} (مت 15 : 8). لهذا أوصى داود النبي أبنه سليمان الملك قائلا{ وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي اعْرِفْ إِلَهَ أَبِيكَ وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِلٍ وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ, لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ, وَإِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ }(1اخ 28 : 9). من يثبت في المسيح يأتي ويدوم ثمره {اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ} (يو 15 : 4). نثبت فى محبته لانه أحبنا وبذل ذاته فداء عنا { كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي }(يو 15:9). المؤمن يحيا حر من العبودية للشيطان أو الخطية أو العادات الرديئة ولا يرتبك بمحبة العالم{ فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ }(غل 5 : 1).
+ نحن مطالبين أن نعبد الرب بكمال وأمانة وبكل تواضع القلب كما لقد طالب يشوع الشعب قديما قائلا: { فَالآنَ اخْشُوا الرَّبَّ وَاعْبُدُوهُ بِكَمَالٍ وَأَمَانَةٍ, وَانْزِعُوا الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمْ فِي عِبْرِ النَّهْرِ وَفِي مِصْرَ, وَاعْبُدُوا الرَّبَّ. وَإِنْ سَاءَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا الرَّبَّ, فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ: إِنْ كَانَ الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ, وَإِنْ كَانَ آلِهَةَ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِي أَرْضِهِمْ. وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ»} (يش14:24-15). والذي يقسم قلبه يعاقب ولا ينجح { قَدْ قَسَمُوا قُلُوبَهُمْ. الآنَ يُعَاقَبُونَ. هُوَ يُحَطِّمُ مَذَابِحَهُمْ يُخْرِبُ أَنْصَابَهُمْ} (هو 10 : 2). ومن يعرج بين عبادة الله والعالم لا يجد سلام ويحيا في قلقل{ رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ} (يع 1 : 8). {اِقْتَرِبُوا إِلَى اللَّهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ} (يع 4 : 8). لهذا يحيا المؤمنين فى حرص وتوبة شاملة ومخافة لله بقلب غير منقسم و تصل بهم الي المحبة والعشرة القوية والصلاة العميقة والخدمة الصادقة وتكريس القلب والوقت والحياة لله حتى نصل الي الكمال المسيحي.
+ علينا أن نعبد الرب بقلب مستقيم غير منقسم، لا يعرج بين محبة الله ومحبة العالم وشهواته وأمواله، لهذا راينا إيليا النبي قديما يوبخ الشعب من عبادة الأوثان ويقول لهم:{ حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ.} (1مل21:18). قال النبي العظيم إيليا هذه الآية للشعب على جبل الكرمل لأن الشعب كان يريد أن يجمع بين عبادة الله والبعل، وزاغوا عن عبادة الله الحي كما يريد البعض الله اذ يسمع كلامه ويدخل معه في إختبارات ويريد الخطية لأنه يجد بها متعته الوقتية فهي تجعله يحيا فى التراخي والخطية. ولهذا يحذرنا السيد المسيح من العبودية لله وللمال ويقول: { لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (لو 16 : 13). من يحب الله يجعل المال خادم جيد له وليس سيد قاس، ومن يريد الله يبتعد عن محبة العالم وشهواته { أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّواً لِلَّهِ} (يع 4 : 4). من يريد الله يجب أن يحبه من كل القلب والفكر والنفس ويترك الخطية ويثبت قلبه نحو السماء ويطلب ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب. التعريج بين الفرقتين يدل على ان القلب غير ثابت فى محبة الله أو أن التوبة غير صادقة وغير كاملة.
+ يجب أن لا ينقسم القلب أو الفكر أو الوقت أو الأرادة إلى أجزاء تخدم الله والخطية. فالله لا يقبل الله إلاَّ أن يستلم القلب كلُّه وليس أجزاء منه ونعطيه حياتنا كلها، فلا نطلب من الله حنانه ورحمته ومحبته ونترك الوصايا وألصوم والصلاة فنصل إلى خدمة الله بشفاهنا وقلوبنا مبتعدة عنه { يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً} (مت 15 : 8). لهذا أوصى داود النبي أبنه سليمان الملك قائلا{ وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي اعْرِفْ إِلَهَ أَبِيكَ وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِلٍ وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ, لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ, وَإِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ }(1اخ 28 : 9). من يثبت في المسيح يأتي ويدوم ثمره {اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ} (يو 15 : 4). نثبت فى محبته لانه أحبنا وبذل ذاته فداء عنا { كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي }(يو 15:9). المؤمن يحيا حر من العبودية للشيطان أو الخطية أو العادات الرديئة ولا يرتبك بمحبة العالم{ فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ }(غل 5 : 1).
+ نحن مطالبين أن نعبد الرب بكمال وأمانة وبكل تواضع القلب كما لقد طالب يشوع الشعب قديما قائلا: { فَالآنَ اخْشُوا الرَّبَّ وَاعْبُدُوهُ بِكَمَالٍ وَأَمَانَةٍ, وَانْزِعُوا الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمْ فِي عِبْرِ النَّهْرِ وَفِي مِصْرَ, وَاعْبُدُوا الرَّبَّ. وَإِنْ سَاءَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا الرَّبَّ, فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ: إِنْ كَانَ الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ, وَإِنْ كَانَ آلِهَةَ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِي أَرْضِهِمْ. وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ»} (يش14:24-15). والذي يقسم قلبه يعاقب ولا ينجح { قَدْ قَسَمُوا قُلُوبَهُمْ. الآنَ يُعَاقَبُونَ. هُوَ يُحَطِّمُ مَذَابِحَهُمْ يُخْرِبُ أَنْصَابَهُمْ} (هو 10 : 2). ومن يعرج بين عبادة الله والعالم لا يجد سلام ويحيا في قلقل{ رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ} (يع 1 : 8). {اِقْتَرِبُوا إِلَى اللَّهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ} (يع 4 : 8). لهذا يحيا المؤمنين فى حرص وتوبة شاملة ومخافة لله بقلب غير منقسم و تصل بهم الي المحبة والعشرة القوية والصلاة العميقة والخدمة الصادقة وتكريس القلب والوقت والحياة لله حتى نصل الي الكمال المسيحي.
السبت، 5 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 89- { مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ يتعرض المؤمن فى حياته لأغراءات كثيرة. لاسيما فى عصر السموات المفتوحة والنت والدش والتلفزيون، وما أكثر العثرات التى تقابلنا كل يوم من الشيطان والأشرار والبيئة الخاطئة وعلينا أن نحب الله ونحفظ وصاياه ونرفض الشر ومشورة إبليس أو أصدقاء السوء ونلتصق بالخير ونسلك بحكمة لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة. نشبع بعشرة لله ونحب أخوتنا محبة روحية تبنيهم. ونرفض الأغراء ولا نقبل السقوط. لقد خدعت الحية والشيطان أمنا حواء : { فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ.} ( تك 5:3-6). هنا راينا الله يبادر بالبحث عن أبوينا ويسأل أمنا حواء {فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ.} ( تك 13:3) كان قصد الله بالسؤال أن تعترف حواء بخطيتها ولكن هذا لم يحدث، بل بررت نفسها وألقت اللوم علي الحية كما القي آدم باللوم علي حواء. وربما يكون جواب حواء أفضل من جواب آدم إذ هي تقر بأنها خدعت ولكن آدم وهو رأس المرأة أختبأ وراء إمرأة كان المفروض أنها هي تمتثل به وتتعلم منه.
+ أن ابوينا آدم وحواء سقطا فى خطايا عديدة يذكر العديد منها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالت فى كتابه عن آدم وحواء ومنها العصيان ومخالفة فالله أنذرهم وخالفوا الوصية بمعرفة وليس عن جهل. كما أنها خطية المعاشرات الرديئة فى الحوار مع الحية وقبول كلامها، وتستمر حواء في الحوار بينما الحية تشكك في كلام الله. فسقطت أمنا حواء في خطية الشك في الله ومحبته. وإنقادت حواء للحية وآدم لحواء. كما أنهما في ضعف إيمان قبلا كلام الحية أكثر من كلام الله وأستسلما لخطية الشهوة فالشجرة صارت فى عينيهما جيدة للأكل وبهجة للعيون وشهية للنظر. كما أنهما سقطا في خطية الكبرياء، أذ أرادا أن يصيرا مثل الله " وهي نفس سقطة الشيطان (أش 14:14). ووقعا فى خطية عدم القناعة فكان أمامهم كل شجر الجنة ولم يكتفوا به. وقعت أمنا حواء فى خطية إعثار الآخرين وأعطت رجلها أيضاً. وحاولا تبرير النفس بالقاء التبعية علي الغير بما يحمل من مشاعر عدم المحبة فآدم يرجع السبب في خطيته لله ولحواء، وحواء ترجع السبب الي الحية وبعد السقوط قاما بتغطية الخطية بأوراق التين كمحاولة للتستر من الخارج ولا فائدة للتغطية سوي بدم المسيح. وهربا آدم وحواء من الله في جهل بقدرة الله والظن أنهما حين يختبئان لا يراهما الله. ونحن لسنا فى حال أفضل من أبوينا بل كثيرا ما نبتعد عن وصايا الله ونسمع لمشورة الشيطان ونقع فى نفس الخطايا ونتسبب فى العثرات لغيرنا وويل لمن تأتى من قبله العثرات.
+ الله يسأل كل منا عقب كل خطية ويبكتنا بروحه القدوس قائلا{ مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟} لكي نرجع اليه ونعترف بخطيئتنا، فهل نلقى باللوم على الشيطان أو الغير أو البيئة الخاطئة ونقدم الأعزار والتبريرات أم نعترف بخطيئتنا وذنوبنا {من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم}(ام 28 : 13). الأفضل أن نسأل أنفسنا قبل الشروع فى العمل هل هذا الفكر أو العمل يرضى الله أم لا؟ وكل فكر أو عمل لا يرضى الله لا نفكر فيه ولا نعمله. وعلينا أن نسرع بالتوبة عن الخطية متى فعلنا شئ لا يرضى الله ونترك الخطية ونعترف بجهلنا وضعفنا ونطلب الغفران { ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه والى الهنا لانه يكثر الغفران} (اش 55 : 7). علينا أن ننقاد لروح الله فى كل عمل صالح ونحيد عن الشر ونصنع الخير حينئذ يكون لنا المدح من الله {لانه يجازي الانسان على فعله وينيل الرجل كطريقه }(اي 34 : 11). {فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16 : 27). علينا أن نصلح ما قد أفسدناه ونتعلم من خبرات الماضي والأخرين ونحيا حياة الإيمان العامل بالمحبة ونثمر ثمر البر. جيد أن لا نخطئ وأن أخطئنا نسرع الى التوبة ونشكر الله على محبته فهو لا يشاء هلاك الخاطئ مثلما يرجع فتحيا نفسه { فاذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا (حز 18 : 21- 22).
+ يتعرض المؤمن فى حياته لأغراءات كثيرة. لاسيما فى عصر السموات المفتوحة والنت والدش والتلفزيون، وما أكثر العثرات التى تقابلنا كل يوم من الشيطان والأشرار والبيئة الخاطئة وعلينا أن نحب الله ونحفظ وصاياه ونرفض الشر ومشورة إبليس أو أصدقاء السوء ونلتصق بالخير ونسلك بحكمة لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة. نشبع بعشرة لله ونحب أخوتنا محبة روحية تبنيهم. ونرفض الأغراء ولا نقبل السقوط. لقد خدعت الحية والشيطان أمنا حواء : { فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ.} ( تك 5:3-6). هنا راينا الله يبادر بالبحث عن أبوينا ويسأل أمنا حواء {فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ.} ( تك 13:3) كان قصد الله بالسؤال أن تعترف حواء بخطيتها ولكن هذا لم يحدث، بل بررت نفسها وألقت اللوم علي الحية كما القي آدم باللوم علي حواء. وربما يكون جواب حواء أفضل من جواب آدم إذ هي تقر بأنها خدعت ولكن آدم وهو رأس المرأة أختبأ وراء إمرأة كان المفروض أنها هي تمتثل به وتتعلم منه.
+ أن ابوينا آدم وحواء سقطا فى خطايا عديدة يذكر العديد منها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالت فى كتابه عن آدم وحواء ومنها العصيان ومخالفة فالله أنذرهم وخالفوا الوصية بمعرفة وليس عن جهل. كما أنها خطية المعاشرات الرديئة فى الحوار مع الحية وقبول كلامها، وتستمر حواء في الحوار بينما الحية تشكك في كلام الله. فسقطت أمنا حواء في خطية الشك في الله ومحبته. وإنقادت حواء للحية وآدم لحواء. كما أنهما في ضعف إيمان قبلا كلام الحية أكثر من كلام الله وأستسلما لخطية الشهوة فالشجرة صارت فى عينيهما جيدة للأكل وبهجة للعيون وشهية للنظر. كما أنهما سقطا في خطية الكبرياء، أذ أرادا أن يصيرا مثل الله " وهي نفس سقطة الشيطان (أش 14:14). ووقعا فى خطية عدم القناعة فكان أمامهم كل شجر الجنة ولم يكتفوا به. وقعت أمنا حواء فى خطية إعثار الآخرين وأعطت رجلها أيضاً. وحاولا تبرير النفس بالقاء التبعية علي الغير بما يحمل من مشاعر عدم المحبة فآدم يرجع السبب في خطيته لله ولحواء، وحواء ترجع السبب الي الحية وبعد السقوط قاما بتغطية الخطية بأوراق التين كمحاولة للتستر من الخارج ولا فائدة للتغطية سوي بدم المسيح. وهربا آدم وحواء من الله في جهل بقدرة الله والظن أنهما حين يختبئان لا يراهما الله. ونحن لسنا فى حال أفضل من أبوينا بل كثيرا ما نبتعد عن وصايا الله ونسمع لمشورة الشيطان ونقع فى نفس الخطايا ونتسبب فى العثرات لغيرنا وويل لمن تأتى من قبله العثرات.
+ الله يسأل كل منا عقب كل خطية ويبكتنا بروحه القدوس قائلا{ مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟} لكي نرجع اليه ونعترف بخطيئتنا، فهل نلقى باللوم على الشيطان أو الغير أو البيئة الخاطئة ونقدم الأعزار والتبريرات أم نعترف بخطيئتنا وذنوبنا {من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم}(ام 28 : 13). الأفضل أن نسأل أنفسنا قبل الشروع فى العمل هل هذا الفكر أو العمل يرضى الله أم لا؟ وكل فكر أو عمل لا يرضى الله لا نفكر فيه ولا نعمله. وعلينا أن نسرع بالتوبة عن الخطية متى فعلنا شئ لا يرضى الله ونترك الخطية ونعترف بجهلنا وضعفنا ونطلب الغفران { ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه والى الهنا لانه يكثر الغفران} (اش 55 : 7). علينا أن ننقاد لروح الله فى كل عمل صالح ونحيد عن الشر ونصنع الخير حينئذ يكون لنا المدح من الله {لانه يجازي الانسان على فعله وينيل الرجل كطريقه }(اي 34 : 11). {فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16 : 27). علينا أن نصلح ما قد أفسدناه ونتعلم من خبرات الماضي والأخرين ونحيا حياة الإيمان العامل بالمحبة ونثمر ثمر البر. جيد أن لا نخطئ وأن أخطئنا نسرع الى التوبة ونشكر الله على محبته فهو لا يشاء هلاك الخاطئ مثلما يرجع فتحيا نفسه { فاذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره الذي عمل يحيا (حز 18 : 21- 22).
الجمعة، 4 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 88- {أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟}
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ من آلاف السنين قام قايين علي أخيه هابيل وقتله حسدا، والقصة تتكرر كل يوم، لقد اغتاظ قايين أن الله قبل تقدمة أخيه هابيل، ولم يقبل تقدمته هو. وعوضا من أن يسأل نفسه لماذا لم يقبل الله تقدمتى ويتوب عن شره، إذا به يغتاظ، ويحقد على أخيه ويقوم عليه ويقتله. وواجهه الله بالسؤال {أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟}. عندما نقرأ هذه الجريمة النكراء ندين قايين كشخص قاسٍ شرير، ولكن هل ماذا لو سألنا الله نفس السؤال: أين أخوك؟. بماذا نجيب؟ هل نقول أني لاخي معين ومحبة وقبول. أم نقول أن أخي مصدر أزعاج وقلق بل وجحيم لي. وهل نحسد نحن أخوتنا الأكثر منا ثراء أو ذكاء أو أفضل حال؟.وهل نرحم أخوتنا ونحبهم ونشاركهم فى أفراحهم وأحزانهم؟.
+ لقد استهان قايين بحياة أخيه هابيل، وإذ به يستهين ويكذب علي الله وهو القاتل وبدلا من أن يقر ويعترف بخطيئه أنكر وكذب وقال له لا أعلم! أحارسا انا لاخي؟. { فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. فَالْآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ!} (تك 9:4-11). لقد رقد هابيل وأستراح لكن دمه البرئ بقي يصرخ فى الأرض يشهد بظلم الإنسان لأخيه. أن كل خطية تصوب نحو أخوتنا تدفعنا للخطأ في حق الله نفسه. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: " ليته لا يحتقر أحدنا الآخر، فإن هذا عمل شرير يعلمنا الاستهانة بالله نفسه. فبالحقيقة إن أزدري أحد بالأخر إنما يزدري بالله الذي أمرنا أن نظهر كل اهتمام بالغير. لقد احتقر قايين أخاه، وفي الحال استهان بالله".
+ ليس المقصود بالأخ فى الكتاب هو الشقيق من الوالدين فقط ، لكنه يمكن أن يشمل كل إنسان على وجه الأرض، بدون تفرقة للجنس أو اللون أو العقيدة؛ فجميعنا أخوة من نسل آدم أبينا الأول ( تك 9:4-13). وهذا ما يدفعنا أن نترفع عن التعصب والعنصرية والتحيز ونحب ونفعل خير مع كل أحد ونحترم حق كل أحد فى الحياة وحرية الرأي أو العقيدة أو الفكر. ونسأل أنفسنا ماذا نشعر عندما نرى أو نتذكر أخانا؟ هل يملأ الغيظ قلبنا؟ هل نحسد أحد لأنه في وضع أفضل منا جسديًا أو روحيًا؟ هل نفرح لسقوط أو أذية أخوتنا ونتمنى في داخلنا أن يفقد ما هو فيه؟ يجب أن نعلم { كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ} (1يو 3 : 15) .يجبنا أن نواجه أنفسنا ونحاسبها ونعاتبها أو نعاقبها قبل أن نقف أمام الله ونعطي حسابا عن كل ما فعلته أيدينا ونعترف حتى بمشاعر الحسد والغيرة الرديئة من جهة أخوتنا لئلا تتطور وتقودنا الي ما هو أسوا {من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يُقرّ بها ويتركها يُرحَم} (أم 28: 13). نحن أعضاء في جسد المسيح الواحد، وفى المجتمع والإنسانية الواحدة وعلى الأعضاء أن تساعد وتكمل وتسند بعضها، ليس أن تتنافس وتحسد بعضها البعض، فلنصلي ليملأ الله قلوبنا بالمحبة الحقيقية لإخوتنا لنتستطيع أن نتمتع بالشركة والعشرة الطيبة مع الجميع {وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْكَرَامَةِ }(رو 12 : 10).
+ هل هناك خصام بينك وبين أخيك؟ اذهب اصطلح مع أخيك؛ سواء كنت أنت المخطئ أو المُخطأ في حقه {فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ. فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.} (مت 32:5-24) التواضع يجعلنا نصالح أخوتنا ولا نحزن أحد، ولا نعطِ إبليس مكانًا ليفسد شركتنا ومحبتنا لأخوتنا {إن أخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما} لا تنتظر أن يأتي هو إليك، ولكن جيب أن نتسلح بنية الغفران الحقيقية، ونتذكر غفران الله لنا في المسيح يسوع ويكون لنا روح الوداعة والمحبة الصادقة، ولدينا الرغبة المخلصة في علاقة الشركة بينا. لقد التهب القديس بولس الرسول بمشاعر صادقة لخلاص أخوته وبنو جنسه حتى قال { لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع..لأجل إخوتي} (رو9: 2، 3).
+ علينا إن نتحمل مسؤليتنا تجاه أخوتنا وخلاصهم ونصلي من أجلهم ونعمل ما فى وسعنا لربحهم وأعلان محبة الله لهم، فنهتم باحتياجاتهم كمقياس لدخولنا للملكوت، محبتنا العملية لاخوتنا لاسيما الجوعي والعطاش والعراه والمرضى والغرباء والمسجونين. لقد أخفي قايين جسد أخيه، لكنه لم يقدر أن يكتم صوت الروح الصارخة إلى الله، والتي عبّر عنها الرب بقوله: { صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض} هذا الصوت الصارخ يتكرر وهو صوت كل إنسان يُظلم من أجل الحق فيُحسب شاهدًا للحق أو شهيدًا، تبقي صرخاته تدوي فوق حدود الأرض والمكان وعبر الزمان. فالظلم أو الضيق والأستشهاد لا يكتم النفس ولا يلجم لسانها بل بالعكس يجعلها بالأكثر متحدة مع كلمة الله الحيّ المصلوب، فيصير لها الصوت الذي لا يغلبه الموت ولا يحبسه القبر. فسر قوة صوت الدم المسفوك ظلمًا هو اتحاده بالمصلوب الحيّ الذى يجازي كل واحد كما يكون عمله.
+ من آلاف السنين قام قايين علي أخيه هابيل وقتله حسدا، والقصة تتكرر كل يوم، لقد اغتاظ قايين أن الله قبل تقدمة أخيه هابيل، ولم يقبل تقدمته هو. وعوضا من أن يسأل نفسه لماذا لم يقبل الله تقدمتى ويتوب عن شره، إذا به يغتاظ، ويحقد على أخيه ويقوم عليه ويقتله. وواجهه الله بالسؤال {أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟}. عندما نقرأ هذه الجريمة النكراء ندين قايين كشخص قاسٍ شرير، ولكن هل ماذا لو سألنا الله نفس السؤال: أين أخوك؟. بماذا نجيب؟ هل نقول أني لاخي معين ومحبة وقبول. أم نقول أن أخي مصدر أزعاج وقلق بل وجحيم لي. وهل نحسد نحن أخوتنا الأكثر منا ثراء أو ذكاء أو أفضل حال؟.وهل نرحم أخوتنا ونحبهم ونشاركهم فى أفراحهم وأحزانهم؟.
+ لقد استهان قايين بحياة أخيه هابيل، وإذ به يستهين ويكذب علي الله وهو القاتل وبدلا من أن يقر ويعترف بخطيئه أنكر وكذب وقال له لا أعلم! أحارسا انا لاخي؟. { فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. فَالْآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ!} (تك 9:4-11). لقد رقد هابيل وأستراح لكن دمه البرئ بقي يصرخ فى الأرض يشهد بظلم الإنسان لأخيه. أن كل خطية تصوب نحو أخوتنا تدفعنا للخطأ في حق الله نفسه. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: " ليته لا يحتقر أحدنا الآخر، فإن هذا عمل شرير يعلمنا الاستهانة بالله نفسه. فبالحقيقة إن أزدري أحد بالأخر إنما يزدري بالله الذي أمرنا أن نظهر كل اهتمام بالغير. لقد احتقر قايين أخاه، وفي الحال استهان بالله".
+ ليس المقصود بالأخ فى الكتاب هو الشقيق من الوالدين فقط ، لكنه يمكن أن يشمل كل إنسان على وجه الأرض، بدون تفرقة للجنس أو اللون أو العقيدة؛ فجميعنا أخوة من نسل آدم أبينا الأول ( تك 9:4-13). وهذا ما يدفعنا أن نترفع عن التعصب والعنصرية والتحيز ونحب ونفعل خير مع كل أحد ونحترم حق كل أحد فى الحياة وحرية الرأي أو العقيدة أو الفكر. ونسأل أنفسنا ماذا نشعر عندما نرى أو نتذكر أخانا؟ هل يملأ الغيظ قلبنا؟ هل نحسد أحد لأنه في وضع أفضل منا جسديًا أو روحيًا؟ هل نفرح لسقوط أو أذية أخوتنا ونتمنى في داخلنا أن يفقد ما هو فيه؟ يجب أن نعلم { كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ} (1يو 3 : 15) .يجبنا أن نواجه أنفسنا ونحاسبها ونعاتبها أو نعاقبها قبل أن نقف أمام الله ونعطي حسابا عن كل ما فعلته أيدينا ونعترف حتى بمشاعر الحسد والغيرة الرديئة من جهة أخوتنا لئلا تتطور وتقودنا الي ما هو أسوا {من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يُقرّ بها ويتركها يُرحَم} (أم 28: 13). نحن أعضاء في جسد المسيح الواحد، وفى المجتمع والإنسانية الواحدة وعلى الأعضاء أن تساعد وتكمل وتسند بعضها، ليس أن تتنافس وتحسد بعضها البعض، فلنصلي ليملأ الله قلوبنا بالمحبة الحقيقية لإخوتنا لنتستطيع أن نتمتع بالشركة والعشرة الطيبة مع الجميع {وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْكَرَامَةِ }(رو 12 : 10).
+ هل هناك خصام بينك وبين أخيك؟ اذهب اصطلح مع أخيك؛ سواء كنت أنت المخطئ أو المُخطأ في حقه {فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ. فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.} (مت 32:5-24) التواضع يجعلنا نصالح أخوتنا ولا نحزن أحد، ولا نعطِ إبليس مكانًا ليفسد شركتنا ومحبتنا لأخوتنا {إن أخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما} لا تنتظر أن يأتي هو إليك، ولكن جيب أن نتسلح بنية الغفران الحقيقية، ونتذكر غفران الله لنا في المسيح يسوع ويكون لنا روح الوداعة والمحبة الصادقة، ولدينا الرغبة المخلصة في علاقة الشركة بينا. لقد التهب القديس بولس الرسول بمشاعر صادقة لخلاص أخوته وبنو جنسه حتى قال { لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع..لأجل إخوتي} (رو9: 2، 3).
+ علينا إن نتحمل مسؤليتنا تجاه أخوتنا وخلاصهم ونصلي من أجلهم ونعمل ما فى وسعنا لربحهم وأعلان محبة الله لهم، فنهتم باحتياجاتهم كمقياس لدخولنا للملكوت، محبتنا العملية لاخوتنا لاسيما الجوعي والعطاش والعراه والمرضى والغرباء والمسجونين. لقد أخفي قايين جسد أخيه، لكنه لم يقدر أن يكتم صوت الروح الصارخة إلى الله، والتي عبّر عنها الرب بقوله: { صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض} هذا الصوت الصارخ يتكرر وهو صوت كل إنسان يُظلم من أجل الحق فيُحسب شاهدًا للحق أو شهيدًا، تبقي صرخاته تدوي فوق حدود الأرض والمكان وعبر الزمان. فالظلم أو الضيق والأستشهاد لا يكتم النفس ولا يلجم لسانها بل بالعكس يجعلها بالأكثر متحدة مع كلمة الله الحيّ المصلوب، فيصير لها الصوت الذي لا يغلبه الموت ولا يحبسه القبر. فسر قوة صوت الدم المسفوك ظلمًا هو اتحاده بالمصلوب الحيّ الذى يجازي كل واحد كما يكون عمله.
الخميس، 3 سبتمبر 2015
فكرة لليوم وكل يوم 87- «أَيْنَ أَنْتَ؟».
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ لقد خلق الله آدم وجعله فى الفردس وخلق له حواء معين نظيره وجعله فى الفردوس ولم يكن ينقصهما شئ،لكن آدم سمع لصوت وغواية الشيطان وتباعد عن الله وظن أنه أبتعد عن الله، أو إن الله لا يراه. لكن الله بادر بالحب وسأل آدم أين أنت؟ { فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»}(تك 9:3-10) أختفي آدم بعد السقوط ولم يقدر أن يعاين الرب لا لأن الرب مرعب ومخيف وإنما لأن الإنسان في شره يفقد صورة الله الداخلية التي تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر، فيصير الله بالنسبة ديان مخيف. لقد تعلل آدم بعريه كسبب لخوفه، هذا العري الذي نجم عن فقدانه للفضيلة التي تستره، فالفضيلة والبر هي ملبس إلهي. لهذا يطلب منا الكتاب أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور {قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ} (رو 13 : 12): {البسوا أحشاء رآفات}(كو 3: 12)، أي زينوا أنفسكم بسلوك الرأفة والرحمة. يجب أن نصلي ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا ويكون لنا سلوك المسيح الطاهر وفكر المسيح المقدس كدعوة الكتاب لنا { بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ} (رو 13 : 14).
+ الإنسان الخاطي يبتعد عن الله من حيث المكان فلا يوجد فى حضرة الله أو بيته ويبتعد بارادته عن الله الذى يريد خلاصنا ومعرفتنا ومحبتنا له. لهذا فلنلاحظ أنفسنا والي أين نحن نحب ان نسيري وأين نحب أن نجلس هل فى بيت الله أو فى مجالس الأشرار؟ ومن حيث الزمان هل يومنا وساعاته مقدسة لله أم أن الله عنا بعيد؟ مع أن الله عنا ليس ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد، فاين نهرب من الله حتى إن أحب الإنسان أن يبعد عن الله { أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟.إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ.فَهُنَاكَ أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي. فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي!.الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ. لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي.} (مز 7:139-13). الإنسان الخاطئ والضمير المذنب يكون مثقل حتى أنه يعاقب نفسه بنفسه دون قاضٍ وينفصل عن الله ويود أن يتغطى لكنه يكون عاريا أمام الله، فالخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلي وتدخل به في حالة من الخوف والقلق.
+ الإنسان الذى يطلب المعرفة خلال خبرة الشر من خلال القراءة او المشاهدات والعلاقات الخاطئة يبعد ويختبأ من وجه الرب ويبتعد عن معرفة الله النقية. { حَوّلوا نحوي القفا لا الوجه} (إر 2: 27). ولكن العلاج موجود فى كل وقت مادامنا على الأرض لنرجع الي الله بالتوبة والأعتراف والندم والأقلاع عن الخطية والرجوع الى الأحضان الأبوية {إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ }(1يو 1 : 9). نطلب ونصلى أن يرحمنا الله ويغسلنا بدمه من خطايانا{ اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ }(مز 51 : 1). نتبرر ببره ونأتى اليه ولا نهرب منه بل نتأمل فى محبته ونقول مع النبي {حيّ هو الرب الذي أنا واقف أمامه} (2 مل 5: 16).
+ الله يفتش على كل واحد وواحدة منا ويسالنا أين أنت من معرفتى ووصاياي ومحبتى وخلاصنى، لماذا تتباعد عني وأنا قد فديتك ودعوتك باسمك {لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلَهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي} (اش 41 : 10). فلنأتي الي الله ونعترف بذنوبنا وبعدنا وخطايانا. ونرجع اليه ونحبه ونسير فى وصاياه ونصلى ليحل بالإيمان فينا ونقول له تعالي ايها الرب وأفتقدنا بخلاصك ولا تطردنا من أمام وجهك بل برحمتك الإلهية أقبلنا اليك وبنعمتك الغنية أشملنا وبمحبتك القوية أجمعنا تحت ظلال عنايتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها. ولا تقل أني لا أعرفكم بل عرفنا ذاتك فننمو فى محبتك. طهر يارب حواسنا وقدس أفكارنا ونقي نياتنا وعواطفنا فنحبك من كل القلب والفكر والنفس ونسير فى مخافتك كما يحق للدعوة المقدسة التي دعينا اليها، أمين.
+ لقد خلق الله آدم وجعله فى الفردس وخلق له حواء معين نظيره وجعله فى الفردوس ولم يكن ينقصهما شئ،لكن آدم سمع لصوت وغواية الشيطان وتباعد عن الله وظن أنه أبتعد عن الله، أو إن الله لا يراه. لكن الله بادر بالحب وسأل آدم أين أنت؟ { فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»}(تك 9:3-10) أختفي آدم بعد السقوط ولم يقدر أن يعاين الرب لا لأن الرب مرعب ومخيف وإنما لأن الإنسان في شره يفقد صورة الله الداخلية التي تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر، فيصير الله بالنسبة ديان مخيف. لقد تعلل آدم بعريه كسبب لخوفه، هذا العري الذي نجم عن فقدانه للفضيلة التي تستره، فالفضيلة والبر هي ملبس إلهي. لهذا يطلب منا الكتاب أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور {قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ} (رو 13 : 12): {البسوا أحشاء رآفات}(كو 3: 12)، أي زينوا أنفسكم بسلوك الرأفة والرحمة. يجب أن نصلي ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا ويكون لنا سلوك المسيح الطاهر وفكر المسيح المقدس كدعوة الكتاب لنا { بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ} (رو 13 : 14).
+ الإنسان الخاطي يبتعد عن الله من حيث المكان فلا يوجد فى حضرة الله أو بيته ويبتعد بارادته عن الله الذى يريد خلاصنا ومعرفتنا ومحبتنا له. لهذا فلنلاحظ أنفسنا والي أين نحن نحب ان نسيري وأين نحب أن نجلس هل فى بيت الله أو فى مجالس الأشرار؟ ومن حيث الزمان هل يومنا وساعاته مقدسة لله أم أن الله عنا بعيد؟ مع أن الله عنا ليس ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد، فاين نهرب من الله حتى إن أحب الإنسان أن يبعد عن الله { أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟.إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ.فَهُنَاكَ أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي. فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي!.الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ. لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي.} (مز 7:139-13). الإنسان الخاطئ والضمير المذنب يكون مثقل حتى أنه يعاقب نفسه بنفسه دون قاضٍ وينفصل عن الله ويود أن يتغطى لكنه يكون عاريا أمام الله، فالخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلي وتدخل به في حالة من الخوف والقلق.
+ الإنسان الذى يطلب المعرفة خلال خبرة الشر من خلال القراءة او المشاهدات والعلاقات الخاطئة يبعد ويختبأ من وجه الرب ويبتعد عن معرفة الله النقية. { حَوّلوا نحوي القفا لا الوجه} (إر 2: 27). ولكن العلاج موجود فى كل وقت مادامنا على الأرض لنرجع الي الله بالتوبة والأعتراف والندم والأقلاع عن الخطية والرجوع الى الأحضان الأبوية {إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ }(1يو 1 : 9). نطلب ونصلى أن يرحمنا الله ويغسلنا بدمه من خطايانا{ اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ }(مز 51 : 1). نتبرر ببره ونأتى اليه ولا نهرب منه بل نتأمل فى محبته ونقول مع النبي {حيّ هو الرب الذي أنا واقف أمامه} (2 مل 5: 16).
+ الله يفتش على كل واحد وواحدة منا ويسالنا أين أنت من معرفتى ووصاياي ومحبتى وخلاصنى، لماذا تتباعد عني وأنا قد فديتك ودعوتك باسمك {لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلَهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي} (اش 41 : 10). فلنأتي الي الله ونعترف بذنوبنا وبعدنا وخطايانا. ونرجع اليه ونحبه ونسير فى وصاياه ونصلى ليحل بالإيمان فينا ونقول له تعالي ايها الرب وأفتقدنا بخلاصك ولا تطردنا من أمام وجهك بل برحمتك الإلهية أقبلنا اليك وبنعمتك الغنية أشملنا وبمحبتك القوية أجمعنا تحت ظلال عنايتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها. ولا تقل أني لا أعرفكم بل عرفنا ذاتك فننمو فى محبتك. طهر يارب حواسنا وقدس أفكارنا ونقي نياتنا وعواطفنا فنحبك من كل القلب والفكر والنفس ونسير فى مخافتك كما يحق للدعوة المقدسة التي دعينا اليها، أمين.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)