للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ من آلاف السنين قام قايين علي أخيه هابيل وقتله حسدا، والقصة تتكرر كل يوم، لقد اغتاظ قايين أن الله قبل تقدمة أخيه هابيل، ولم يقبل تقدمته هو. وعوضا من أن يسأل نفسه لماذا لم يقبل الله تقدمتى ويتوب عن شره، إذا به يغتاظ، ويحقد على أخيه ويقوم عليه ويقتله. وواجهه الله بالسؤال {أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟}. عندما نقرأ هذه الجريمة النكراء ندين قايين كشخص قاسٍ شرير، ولكن هل ماذا لو سألنا الله نفس السؤال: أين أخوك؟. بماذا نجيب؟ هل نقول أني لاخي معين ومحبة وقبول. أم نقول أن أخي مصدر أزعاج وقلق بل وجحيم لي. وهل نحسد نحن أخوتنا الأكثر منا ثراء أو ذكاء أو أفضل حال؟.وهل نرحم أخوتنا ونحبهم ونشاركهم فى أفراحهم وأحزانهم؟.
+ لقد استهان قايين بحياة أخيه هابيل، وإذ به يستهين ويكذب علي الله وهو القاتل وبدلا من أن يقر ويعترف بخطيئه أنكر وكذب وقال له لا أعلم! أحارسا انا لاخي؟. { فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. فَالْآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ!} (تك 9:4-11). لقد رقد هابيل وأستراح لكن دمه البرئ بقي يصرخ فى الأرض يشهد بظلم الإنسان لأخيه. أن كل خطية تصوب نحو أخوتنا تدفعنا للخطأ في حق الله نفسه. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: " ليته لا يحتقر أحدنا الآخر، فإن هذا عمل شرير يعلمنا الاستهانة بالله نفسه. فبالحقيقة إن أزدري أحد بالأخر إنما يزدري بالله الذي أمرنا أن نظهر كل اهتمام بالغير. لقد احتقر قايين أخاه، وفي الحال استهان بالله".
+ ليس المقصود بالأخ فى الكتاب هو الشقيق من الوالدين فقط ، لكنه يمكن أن يشمل كل إنسان على وجه الأرض، بدون تفرقة للجنس أو اللون أو العقيدة؛ فجميعنا أخوة من نسل آدم أبينا الأول ( تك 9:4-13). وهذا ما يدفعنا أن نترفع عن التعصب والعنصرية والتحيز ونحب ونفعل خير مع كل أحد ونحترم حق كل أحد فى الحياة وحرية الرأي أو العقيدة أو الفكر. ونسأل أنفسنا ماذا نشعر عندما نرى أو نتذكر أخانا؟ هل يملأ الغيظ قلبنا؟ هل نحسد أحد لأنه في وضع أفضل منا جسديًا أو روحيًا؟ هل نفرح لسقوط أو أذية أخوتنا ونتمنى في داخلنا أن يفقد ما هو فيه؟ يجب أن نعلم { كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ} (1يو 3 : 15) .يجبنا أن نواجه أنفسنا ونحاسبها ونعاتبها أو نعاقبها قبل أن نقف أمام الله ونعطي حسابا عن كل ما فعلته أيدينا ونعترف حتى بمشاعر الحسد والغيرة الرديئة من جهة أخوتنا لئلا تتطور وتقودنا الي ما هو أسوا {من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يُقرّ بها ويتركها يُرحَم} (أم 28: 13). نحن أعضاء في جسد المسيح الواحد، وفى المجتمع والإنسانية الواحدة وعلى الأعضاء أن تساعد وتكمل وتسند بعضها، ليس أن تتنافس وتحسد بعضها البعض، فلنصلي ليملأ الله قلوبنا بالمحبة الحقيقية لإخوتنا لنتستطيع أن نتمتع بالشركة والعشرة الطيبة مع الجميع {وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْكَرَامَةِ }(رو 12 : 10).
+ هل هناك خصام بينك وبين أخيك؟ اذهب اصطلح مع أخيك؛ سواء كنت أنت المخطئ أو المُخطأ في حقه {فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ. فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.} (مت 32:5-24) التواضع يجعلنا نصالح أخوتنا ولا نحزن أحد، ولا نعطِ إبليس مكانًا ليفسد شركتنا ومحبتنا لأخوتنا {إن أخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما} لا تنتظر أن يأتي هو إليك، ولكن جيب أن نتسلح بنية الغفران الحقيقية، ونتذكر غفران الله لنا في المسيح يسوع ويكون لنا روح الوداعة والمحبة الصادقة، ولدينا الرغبة المخلصة في علاقة الشركة بينا. لقد التهب القديس بولس الرسول بمشاعر صادقة لخلاص أخوته وبنو جنسه حتى قال { لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع..لأجل إخوتي} (رو9: 2، 3).
+ علينا إن نتحمل مسؤليتنا تجاه أخوتنا وخلاصهم ونصلي من أجلهم ونعمل ما فى وسعنا لربحهم وأعلان محبة الله لهم، فنهتم باحتياجاتهم كمقياس لدخولنا للملكوت، محبتنا العملية لاخوتنا لاسيما الجوعي والعطاش والعراه والمرضى والغرباء والمسجونين. لقد أخفي قايين جسد أخيه، لكنه لم يقدر أن يكتم صوت الروح الصارخة إلى الله، والتي عبّر عنها الرب بقوله: { صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض} هذا الصوت الصارخ يتكرر وهو صوت كل إنسان يُظلم من أجل الحق فيُحسب شاهدًا للحق أو شهيدًا، تبقي صرخاته تدوي فوق حدود الأرض والمكان وعبر الزمان. فالظلم أو الضيق والأستشهاد لا يكتم النفس ولا يلجم لسانها بل بالعكس يجعلها بالأكثر متحدة مع كلمة الله الحيّ المصلوب، فيصير لها الصوت الذي لا يغلبه الموت ولا يحبسه القبر. فسر قوة صوت الدم المسفوك ظلمًا هو اتحاده بالمصلوب الحيّ الذى يجازي كل واحد كما يكون عمله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق