للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ لقد خلق الله آدم وجعله فى الفردس وخلق له حواء معين نظيره وجعله فى الفردوس ولم يكن ينقصهما شئ،لكن آدم سمع لصوت وغواية الشيطان وتباعد عن الله وظن أنه أبتعد عن الله، أو إن الله لا يراه. لكن الله بادر بالحب وسأل آدم أين أنت؟ { فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»}(تك 9:3-10) أختفي آدم بعد السقوط ولم يقدر أن يعاين الرب لا لأن الرب مرعب ومخيف وإنما لأن الإنسان في شره يفقد صورة الله الداخلية التي تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر، فيصير الله بالنسبة ديان مخيف. لقد تعلل آدم بعريه كسبب لخوفه، هذا العري الذي نجم عن فقدانه للفضيلة التي تستره، فالفضيلة والبر هي ملبس إلهي. لهذا يطلب منا الكتاب أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور {قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ} (رو 13 : 12): {البسوا أحشاء رآفات}(كو 3: 12)، أي زينوا أنفسكم بسلوك الرأفة والرحمة. يجب أن نصلي ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا ويكون لنا سلوك المسيح الطاهر وفكر المسيح المقدس كدعوة الكتاب لنا { بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ} (رو 13 : 14).
+ الإنسان الخاطي يبتعد عن الله من حيث المكان فلا يوجد فى حضرة الله أو بيته ويبتعد بارادته عن الله الذى يريد خلاصنا ومعرفتنا ومحبتنا له. لهذا فلنلاحظ أنفسنا والي أين نحن نحب ان نسيري وأين نحب أن نجلس هل فى بيت الله أو فى مجالس الأشرار؟ ومن حيث الزمان هل يومنا وساعاته مقدسة لله أم أن الله عنا بعيد؟ مع أن الله عنا ليس ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد، فاين نهرب من الله حتى إن أحب الإنسان أن يبعد عن الله { أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟.إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ.فَهُنَاكَ أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي. فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي!.الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ. لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي.} (مز 7:139-13). الإنسان الخاطئ والضمير المذنب يكون مثقل حتى أنه يعاقب نفسه بنفسه دون قاضٍ وينفصل عن الله ويود أن يتغطى لكنه يكون عاريا أمام الله، فالخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلي وتدخل به في حالة من الخوف والقلق.
+ الإنسان الذى يطلب المعرفة خلال خبرة الشر من خلال القراءة او المشاهدات والعلاقات الخاطئة يبعد ويختبأ من وجه الرب ويبتعد عن معرفة الله النقية. { حَوّلوا نحوي القفا لا الوجه} (إر 2: 27). ولكن العلاج موجود فى كل وقت مادامنا على الأرض لنرجع الي الله بالتوبة والأعتراف والندم والأقلاع عن الخطية والرجوع الى الأحضان الأبوية {إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ }(1يو 1 : 9). نطلب ونصلى أن يرحمنا الله ويغسلنا بدمه من خطايانا{ اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ }(مز 51 : 1). نتبرر ببره ونأتى اليه ولا نهرب منه بل نتأمل فى محبته ونقول مع النبي {حيّ هو الرب الذي أنا واقف أمامه} (2 مل 5: 16).
+ الله يفتش على كل واحد وواحدة منا ويسالنا أين أنت من معرفتى ووصاياي ومحبتى وخلاصنى، لماذا تتباعد عني وأنا قد فديتك ودعوتك باسمك {لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلَهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي} (اش 41 : 10). فلنأتي الي الله ونعترف بذنوبنا وبعدنا وخطايانا. ونرجع اليه ونحبه ونسير فى وصاياه ونصلى ليحل بالإيمان فينا ونقول له تعالي ايها الرب وأفتقدنا بخلاصك ولا تطردنا من أمام وجهك بل برحمتك الإلهية أقبلنا اليك وبنعمتك الغنية أشملنا وبمحبتك القوية أجمعنا تحت ظلال عنايتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها. ولا تقل أني لا أعرفكم بل عرفنا ذاتك فننمو فى محبتك. طهر يارب حواسنا وقدس أفكارنا ونقي نياتنا وعواطفنا فنحبك من كل القلب والفكر والنفس ونسير فى مخافتك كما يحق للدعوة المقدسة التي دعينا اليها، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق