" قد أعاقنا الشيطان " ( 1 تس 2 : 18 )
طبيعة الحياة الدنيا ، أنها مملوءة بمعوقات وعقبات وأزمات كثيرة ، فى كل زمان ومكان ، ولكل مراحل عمر الإنسان . ولا تظل الحياة تسير على وتيرة واحدة ، سواء من التعب أو الراحة ، فما بين صحة ومرض ، وجو حار وبارد ، وفضيلة ورزيلة ، وشباب وشيخوخة ، وحرب وسلام ، ويُسر وعُسر .. الخ . وقد سمح الله لإبليس بأن يضع العوائق والعقبات فى وجه المؤمن ، ليتشدد ويتقوى ويستفيد من المصاعب والمتاعب والمصائب " جيد للرجل أن يحمل النير منذ صباه " ( مراثى 3 : 27 ) حتى يتصلّب ويشتد عوده من طفولته إلى باقى مراحل العمر . وقال مار إسحق السريانى " إن التجارب أبواب للمواهب " .
وإن كان عدو الخير يضع العقبات ، فى طريق السائر للملكوت ، لكن الرب يضع مع التجربة المنفذ منها . وتحدث القديس بولس الرسول عن عقبات وضعها الشيطان فى طريق خدمته : " لذلك كنت أعاق المرار الكثيرة " ( رو 15 : 22 ) .
وقال قداسة البابا شنودة : " إن الأشياء التى تأتى بالساهل ، ليس لها مكافأة ، كالتى تأتى بصعوبة ، ولا تنساها النفس بسهولة ، خاصة بعد حياة حافلة بالجهاد والأنتصارات من أجل الله ومعونته ، فيحس المجاهد بنعمته ويزداد حبه لربه " .
وتعلمنا من أجدادنا وآبائنا ، أن التربية القبطية للنشء ، تقوم على الجدّية ، والجهاد المستميت فى طريق الملكوت الضيق ، الملئ بالمحاربات والمعاناة من أجل الله . وتكون الأكاليل على قدر التعب ، وأن احتمال المرض والتعب الجسدى ، يدل على درجة روحانية أكبر ، مثل ابراهيم ويوسف وداود وبولس وباقى الرسل . ولم تحول عقبة الوضع الإجتماعى لزكا من الوصول للمسيح ، بطريقة طفولية ، ولم تحول العقبات الطقسية ( لليهود ) من نيل الكنعانية مُرادها ، كما لم يمنع المرض والتعب الجسدى لكثيرين ، من الإحتمال والتقرب بشدة إلى الله ، ونالوا الشفاء بعد سنوات طويلة . وتأمل تخطى عزرا ونحميا عقبات كبيرة ومكائد كثيرة ، حتى تحققت الآمال ، كما لم يَحوُل البحر الأحمر وفرعون خلف بنى إسرائيل من عبورهم ونجاتهم .
ونقرأ فى كتب التاريخ ، عن عظماء هزموا اليأس وكثرة العقبات ، فهم كانوا من ذوى الاحتياجات البدنية الخاصة ، لكنهم انتصروا على كل عوامل الفشل ، بل تفوقوا ووصلوا للقمة ، حتى حققوا آمالهم ، ومن أمثال هؤلاء ، طه حسين وهلين كلير والقديس ديديموس الضرير وغيرهم كثيرين .فلا تتعقد ( يا أخى / يا أختى ) من الظروف الصعبة أو العقبات والعراقيل ، واعتبرها بركات ، ودروس هامة ولازمة لحياتك لتتعلم منها المفيد .
وثق أنه إذا وضع عدو الخير أمامك عراقيل كثيرة ، وعثرات متعددة ، فثق بروح الإيمان والرجاء ، أن معونة الله سوف تسندك كما قال الرسول بولس : " إن كان الله معنا ، فمن علينا ؟ " . وأقرأ سير القديسين الذين عانوا من العراقيل الآدمية والشيطانية ، وكيف تغلبوا عليها – بمعونة الله – ونالوا فى النهاية ما أعده الله لهم فى ملكوته ، مما لم تره عين ، ولم تسمع به أذن ، ولم يخطر على قلب بشر ، من متع روحية ، وسعادة مؤكدة وخالدة . وقد دعانا القديس موسى الأسود للتأمل فى سير التائبين - وكيف تغلبوا على كل العراقيل- لكى ما تأخذنا الغيرة المقدسة ، ونتوب مثلهم ، ونكون معهم ، فى عالم المجد والسعد ، ولا نُطيع شيطان التأجيل ، فيحل بنا الندم والحزن والويل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق