السبت، 3 يناير 2015
أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ
أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ
(رؤ 19:2)
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
معرفة الله الغير محدودة
+ الله كلي الحكمة والمعرفة وهو عارف بخفايا وظواهر قلوب وأفكار وأعمال بنى البشر وليس شئ غير مكشوف أمامه يقول لكل واحد وواحدة منا { أنا عارف أعمالك}. ان عيني الله كلهيب نار تخترقان أستار الظلام { ليس خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا} (عب 4 : 13). وهكذا قال لملاك كنيسة ثياتيرا { أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإِيمَانَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى.} (رؤ 19:2). وهو يقول لكل واحد منا أنا عارف أعمالك ومحبتك وخدمتك وإيمانك وصبرك، فهل أعمالنا ترضى الله؟ وهل محبتنا لله كاملة ؟. وهل نخدم الله ومن حولنا أو نخدم ونرضي أنفسنا؟. وهل نحيا الإيمان العامل بالمحبة؟ وان كان إيماننا ضعيف فهل نصلى لننمو فى الإيمان؟. وهل نصبر فى الضيقات والتجارب ونصلى، أم نفقد أعصابنا وسلامنا ونشتكي أو نتذمر الي الله والناس؟.
+ لقد أختبر رجال الله القديسين معاملات الله الطيبة وعبروا عن إيمانهم بحضورة الدائم معهم ومعرفته الشاملة لاحوالنا، وقدرته وحكمته التى تدير الكون كله وقد قال داود النبي { لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. عَجِيبَةٌ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ فَوْقِي. ارْتَفَعَتْ لاَ أَسْتَطِيعُهَا. أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ فَهُنَاكَ أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: «إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي». فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي! الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا النُّورُ} (مز4:139-12). كما سبحت سوسنة العفيفة الرب قائلة { أَيُّها الإِلهُ الأَزَليُّ البَصيرُ بِالخَفايا والعالِمُ بِكُلِّ شَيءٍ قَبل أَن يَكون} (دا 13 :42). ودانيال النبي يعلن أن الله هو الذى يكشف لاتقيائه الاسرار ويهبهم حكمة ومعرفة { لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ. وَهُوَ يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالأَزْمِنَةَ. يَعْزِلُ مُلُوكاً وَيُنَصِّبُ مُلُوكاً. يُعْطِي الْحُكَمَاءَ حِكْمَةً وَيُعَلِّمُ الْعَارِفِينَ فَهْماً. هُوَ يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ وَالأَسْرَارَ. يَعْلَمُ مَا هُوَ فِي الظُّلْمَةِ وَعِنْدَهُ يَسْكُنُ النُّورُ.} (دا20:2-22).
+ ورغم أدراكنا بمعرفة الله كخالق وحاضر في كل زمان ومكان وعارف لأفكارنا وعواطفنا وأعمالنا الا ان البعض يتجاهل وجود الله أو يكفر به أو يجحده بالقول والفعل والعمل، والبعض يهمل الدعوة الإلهية أو هموم وغرور العالم والغني تجعله يبتعد عن الله. البعض فى شروره ينحرف الى المادية واهتمامات العالم أو الشهوات. والله كأب وخالق كلى الرحمة ينظر الينا بعين الرحمة والشفقة والحب ويدعونا الى التوبة { عِنْدِي عَلَيْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى. فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى، وَإِلا فَإِنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إِنْ لَمْ تَتُبْ.} (رؤ 4:2-5). والله في عدله وحكمته يعطي كل واحد كحسب أعماله { أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبَ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.} (رؤ23:2). ان الله في محبته يصبر علي كل نفس لكي ترجع اليه وتستريح فيه وتثمر به. وفى المسيح يسوع ربنا يجب ان يكون لنا ثقة ورجاء وأمل فهو يقوى الضعيف ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح وعلي أسمه يكون رجاء الأمم { قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ.} (مت 20:12). وهو يدعونا الى التوبة والرجوع الي الله لنحيا الأستعداد الدائم لملاقاة الرب لان الوقت { وَقَالَ لِي: «لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ... وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعاً وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ.}(رؤ 10:22،12).
ماذا يريد منا الله..
+ المسيحي وعمل الخير.. المسيحي مدعو ان يقتدى بسيده يجول يصنع خير ويعلن لا باللسان أو بالكلام بل بالعمل والحق عن إيمانه العامل بالمحبة. أن الله يريد خلاصنا ونجاتنا وقداستنا { يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). وكما ان الله قدوس فانه يريد ان نكون قديسين أمامه { لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا } (1تس 4 : 3). لقد خلقنا الله لنقوم باعمال صالحة { لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10). هكذا علينا ان نتعلم من مخلصنا الصالح ونقتدي به { فمن يعرف ان يعمل حسنا ولا يعمل فذلك خطية له}(يع 4 : 17). فلا نكل ولا نمل فى عمل الخير بل نثق أن من يزرع خير لابد أن يحصد خير فى حينه { فلا نفشل في عمل الخير لاننا سنحصد في وقته ان كنا لا نكل }(غل 6 : 9). وليكن كل يوم فى حياتنا فرصة متجدده لعمل الخير والصالح نحو جميع الناس وكلما وجدنا الفرصة فلنقدم من وقتنا وجهدنا وأموالنا خير للجميع { فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان} (غل 6 : 10).
+ المسيحي والمحبة الباذلة ... المحبة هى أعظم وصية فى الكتاب المقدس. أن نحب الله من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ونحب قريبنا كنفوسنا. وكما بذل السيد المسيح ذاته من أجل خلاصنا، علينا أن نبذل أنفسنا من أجل خلاص أخوتنا وراحتهم وسعادتهم { اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.} (رو8:5). أعمال المحبة والرحمة كثيرة وتحتاج لقلوب محبة تعمل مع المسيح لأعلان محبته لكل أحد، للخطاة الذين أحتملهم الرب ودافع عنهم، وللمضطهدين كما صبر الله عليهم وغيرهم، لمحبى المال الذين حررهم الرب ودعاهم لخدمته، نعلن محبتنا للجميع للقريبين والبعيدين لان المسيح الهنا رجاء للجميع. أن أعمالنا يجب أن تقاس بما فيها من محبة للخير ولعمل الخير ولهذا وجدنا السيد المسيح يقول عن المرأة الخاطئة ان خطاياهاغفرت لها لانها أحبت كثيرا.
+ الإيمان العامل بالمحبة.. الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون وها هو الله يطلب فعلة لحصاده. والدعوة موجهه لكل واحد وواحدة أن نعمل فى حقل الرب ونخدم ونسعى لخلاص النفوس، وندعو للتوبة والإيمان. ان البار بالإيمان يحيا، الإيمان بالله ومحبته وقدرته وخلاصه وعمله الدائم معنا والإيمان بخلاص الله المعلن فى الكتاب المقدس والذى عاشته الكنيسة عبر أجيال كثيرة، واستطاعت ان تقدم الى السماء جوقات من القديسين. فهكذا قدم القديس بولس الرسول نفسه في ضيقات وأسفار وأخطار وميتات مرارا وقال { لست احتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى اتمم بفرح سعيي والخدمة التي اخذتها من الرب يسوع لاشهد ببشارة نعمة الله (اع 20 : 24). فلنثق يا أحبائى ان الله يراقب جهادنا ويقوى إيماننا ويعمل معنا ويدعونا برحمته أن نعمل وننجح ولا نفشل { من اجل ذلك اذ لنا هذه الخدمة كما رحمنا لا نفشل} (2كو 4 : 1). وعلينا أن نسهر ونجاهد { اسهروا اثبتوا في الايمان كونوا رجالا تقووا }(1كو 16 : 13)
+ صبر القديسين.. أننا نحتاج الى الصبر والمثابرة وضبط النفس حتى النفس الأخير، فمن يصبر الي المنتهي فهذا يخلص { بصبركم اقتنوا انفسكم}(لو 21 : 19). وفى جهادنا الروحي وتعاملاتنا اليومية نقتدى بالمسيح يسوع ربنا ورئيس إيماننا { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم} (عب 12 :2- 3). وفي كل أمور حياتنا نصبر حتى نصل بسفينة حياتنا الى شاطئ الأبدية السعيدة { لانكم تحتاجون الى الصبر حتى اذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد} (عب 10 : 36). كما نستمد القوة من سحابة الشهود والقديسين الذين سبقونا { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا} (عب 12 : 1) ونثق ان صبرنا له أجر والصبر والمثابرة تثمر فى حياتنا ثقة وإيمان ورجاء ومحبه لنصل الى الكمال المسيحي { واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} (يع 1 : 4).
أسندنى فاخلص...
+ ربي والهي أنت تعرف أعمالي وليس شئ مخفي لديك، وتعرف يارب قوة أعدائى الخفيين والظاهرين، وضعف طبيعتى أن تعلمه يا خالقى فاسترني بجناحي محبتك لئلا أغفل وأنام وقت الزرع والعمل وياتى زمن الحصاد وانا خالي الوفاض. بل أجعلنى أزرع خير وأثمر ويدوم ثمرى. علمنى يارب ان أحبك من كل قلبى وأنر لي طريقى ودربى وأهدنى وكن أنت عريس نفسي ومحبتي.
+ يارب أجعلني أمين في خدمتى لك ونحو الجميع، أنسي ما هو وراء وأمتد لما هو قدام. يا يسوع المسيح، الله الكلمة المتجسد لاجل خلاصنا والذى جاء ليخدم ويبذل نفسه من أجل حياة العالم كله، وجال يصنع خير وستبقى تعمل من أجل خيرنا وخلاصنا. علمنا ان نخدم بروح المحبة وبقوة نعمتك العاملة معنا نسلك بالإيمان ونشهد لفضل من نقلنا من عالم الظلمة الي السلوك في النور. ساعدنا إن نخدم بنشاط وأختيار ومحبة لا عن أضطرار أو تذمر أو عدم رضا ولا كمن يسود على الأنصبة بل بك يارب نقتدى ومنك نتعلم واليك في الضيق نلتجي ومن أجلك نصبر وعلى رجاء نجاهد لنمسك بالحياة الأبدية التى دعينا اليها، أمين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق