الأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
من هم الأرمن ..
أننا نتذكر بكل تقديس وأحترام وتقدير شهدائنا في العصر الحديث من الأرمن وغيرهم من الأقباط والسريان الذين قدموا ذواتهم قربانا مقدسا لله وحافظوا لنا على وديعة الإيمان وذلك بمناسبة مرور مائة عام على ذكرى مذبحة اخوتنا الأرمن الأرثوذكس فمن هم الأرمن الأرثوذكس ولماذا تمت أضطهادهم وقتلهم وتهجيرهم من قبل الأتراك العثمانيين؟
الأرمن هم مواطنوا دول أرمينيا الواقعة في الاجزاء الوسطى والشرقية من اسيا الصغرى وقد دخلتها المسيحية عن طريق القديس تداوس والقديس برثلماوس الرسولين وقبلت المسيحية كديانة رسمية للدوله فى عام 301م علي يد القديس أغريغوريوس المنير والغالبية العظمى للأرمن مسيحيين أرثوذكس مشرقيين كالأقباط والسريان والاحباش ولهم لغتهم والتى حافظوا عليها عبر التاريخ الذى حفل بصرعات ومآسي نتيجة لوقوعهم بين الامبراطورية الفارسية والرومانية ولقد تناوب الجانبان على احتلال أرمينيا كمنطقة تصارع قوى. وفي القرن الخامس الميلادي احتلها الفرس، وقد عرف في تلك الفترة أميرها فارتان ماميكونيان الذي حارب الفرس لأنه رفض السجود للنار وقد قتل في هذه المعركة مائتين الف أرمني. ثم أحتلها العثمانيون وقد نشط الارمن فى الصناعات اليدوية والتجارة والهندسة وأندمجوا فى الحياة الأجتماعية والأقتصادية فى الأمبراطورية العثمانية وكان الأرمن خاضعين لجيرانهم الأتراك والأكراد الذين أرهقوهم بالضرائب التي رافقتها في كثير من الأحيان حالات الأختطاف والتهديد والسرقة وفي بعض الأحيان كانوا يرغمونهم على اعتناق الإسلام وفي حال الرفض كان يتم القضاء عليهم مع نوع من التجاهل وعدم التدخل لهذه الحالات من قبل السلطات .
شهداء الإيمان والأوطان ...
كان العداء يذداد للمسيحيين فى الأمبراطورية العثمانية وقد أعتبر الأرمن المسيحيين أعداء للدولة العثمانية وبدأت عمليات التصفية للأرمن بين سنتي 1894-1896 وهي المعروفة بـ”المجازر الحميدية”، حيث أثار “عبد الحميد الثاني” القبائل الكردية لكي يهاجموا القرى المسيحية في تلك الأنحاء، ويتهم “عبد الحميد الثاني” بكونه أول من بدأ بتنفيذ المجازر بحق الأرمن وغيرهم من المسيحيين الذين كانوا تحت حكم الدولة العثمانية، ففي عهده تم قتل مئات الآلاف من الأرمن واليونانيين والأشوريين لأسباب اقتصادية ودينية متتعدة.
وخلال فترة الحرب العالمية الأولى تعاون الأتراك مع عشائر كردية لإبادة سكان مئات القرى الأرمنية شرقي البلاد في محاولة لتغيير ديموغرافية تلك المناطق لاعتقادهم أن هؤلاء قد يتعاونون مع الروس ، كما أجبروا القرويين على العمل كحمالين في الجيش العثماني، ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد انهاكهم.
في 24 أبريل عام 1915 جمع العثمانيون المئات من أهم الشخصيات الأرمنية في إسطنبول وتم إعدامهم في ساحات المدينة، وبعدها أمرت جميع العوائل الأرمنية في الأناضول بترك ممتلكاتها والانضمام إلى القوافل التي تكونت من مئات الالآف من النساء والأطفال في طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة، وغالبا ما تم حرمان هؤلاء من المأكل والملبس، فمات خلال حملات التهجير هذه حوالي معظم ممن شارك بها، وترك الباقون في صحاري بادية الشام.
يقول أحد المرسلين الأمريكيين المواكب للحدث: “خلال ستة أسابيع شاهدنا أبشع الفظائع تقترف بحق الآلاف الذين جاؤوا من المدن الشمالية ليعبروا من مدينتنا، قتل جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة، بعدها تم الأعتداء على النسوة والفتيات بالضرب والسرقة وخطف بعضهن، لم تكن هذه مجرد روايات بل شاهدنا بأم أعيننا هذا الشيء يحدث علنا في الشوارع”.
يعتبر 24 أبريل عام 1915 رسميًا بداية لإبادة الأرمن الجماعية، لكن استمر القتل الجماعي في فترة حكم “مصطفى كمال أتاتورك” حتى عام 1922، حين دخلت القوات التركية مدينة إزمير في سبتمبر عام 1922، ورافقت عملية الاستيلاء على المدينة مجزرة السكان من الأرمن واليونايين، فحرقت الأحياء الأوروبية للمدينة تمامًا، واستمرت المجزرة 7 أيام، وتسببت في مقتل نحو 100 ألف شخص. ورغم مرور مائة عام علي مذابح الأرمن إلا أن تركيا تنفي وقوع المجازر التي تؤكدها الأمم المتحدة، وفي السنوات الأخيرة وجهت الأمم المتحدة دعوات متكررة لتركيا للاعتراف بالأحداث بأنها إبادة جماعية، لكن أنقرة ترى أن سبب وفاة الأرمن هي ظروف الحرب والتهجير.
الاعتراف الدولي بمذابح الأرمن ...
ردا على استمرار إنكار الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الدولة التركية، دفع ذلك العديد من الناشطين في مجتمعات الشتات الأرمني من أجل الاعتراف الرسمي من الإبادة الجماعية للأرمن من مختلف الحكومات في جميع أنحاء العالم. وقد اعترفت العديد من الدول بالإبادة الأرمنية كحدث تاريخي ووصف الاحداث بالإبادة الجماعية.كما اعترفت بها المنظمات الدولية رسميا كالامم المتحدة، البرلمان الأوروبي، مجلس أوروبا، مجلس الكنائس العالمي، منظمة حقوق الانسان، جمعية الشبان المسيحيين. وفى قرار مجلس الجمعية البرلمانية الأوروبية، 24 أبريل جاء 1998: اليوم الذكرى السنوية لما يطلق عليه أول إبادة جماعية في القرن 20، ونحن نحيي ذكرى ضحايا الأرمن كجريمة بحق الانسانية.
الذكرى المئوية للشهداء الأرمن...
يأتى هذا العام أحتفال الكنيسة الأرمنة الشقيقة بمرور مائة عام على ذكرى الشهداء وأعتبار من استشهدوا قديسين وشهداء الإيمان فى الكنيسة بحضور رؤساء دول ورؤساء كنائس من مختلف أنحاء العالم ومن أبرزهم ابينا غبطة البطريرك تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ومار أغناطيوس أفرايم بطريرك السريان الأرثوذكس وغيرهم كأكبر تكريم لهؤلاء القديسين الذين سيقوا للذبح ظلما بسبب الدين والعرق كشاهد حي على ظلم الأنسان لاخية وكدرس يجب ان نتعلم منه ان لا نعيد أخطاء الماضى ونحرص على العيش الكريم لكل انسان مهما كان دينه ولونه وعرقه ووطنه وجنسه. كما أن هذه الذكرى شهادة حية ومتجدده تكرم فيها الكنيسة شهدائها ومازال الشهداء أحياء فى السماء وقلوب الأبناء وهم يصلوا فى السماء مطالبين بالعدل {ولما فتح الختم الخامس رايت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض. فاعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم ان يستريحوا زمانا يسيرا ايضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم واخوتهم ايضا العتيدون ان يقتلوا مثلهم.}(رؤ 9:6-11).
أننا نطلب شفاعة هؤلاء القديسين من أجل سلام العالم والكنيسة وبلادنا ونصلى من أجل حاضر آمن يحل فيه السلام فى ربوع منطقتنا وعالمنا وان ننعم بمستقبل أفضل يتعاون فيه الجميع من أجل القضاء على الجهل والفقر والتخلف والأمراض ومن أجل أحترام كرامه الإنسان وحياته وعرضه وأرضه. وعلينا أن نعمل كل فى موقعه ومسئوليته من أجل العيش الكريم للجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق