للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ الرجولة الروحية ... يدعونا الكتاب أن نكون رجال، ولا يقصد هنا الرجال فقط بل أن يكون لنا كمؤمنين رجال أو نساء صفات الرجولة الروحية من الجدية والشهامة والحكمة والصبر والثبات على الإيمان والمبادي الفاضلة، كما أن الرجولة تعني البعد والترفع عن الصغائر والشهوات والأنانية أو التمركز حول الذات وأن يكون لنا القدرة على أتخاذ القرارات الصعبة وتنفيذها فى مختلف الظروف { اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوُّوا }(1كو 16 : 13). علينا أن نحرص وندقيق كجنود صالحين لله على خلاص نفوسنا لان لنا أعداء شياطين يسعوا الي هلاكنا فيجب أن نقاومهم ثابتين فى الإيمان المستقيم نقف ضد التيارات الفكرية ولا ننساق وراء التعاليم المنحرفة { كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ} (اف14:4).
النضح الروحي للمؤمن يعنى ان يكون لديه الحس الروحي والحكمة والتمييز بين الخير والشر وأتباع الخير وكلام البر فيكون لنا خبرة روحية والتزام روحي بتبعيه الله ورفض الشر وعمل الخير مع الجميع لاسيما خاصتنا وأهل الإيمان والمحتاجين { لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ،. وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ} ( عب 13:5-14).
+ الحكمة وضبط النفس.. عندما أراد فرعون مصر قديما رجلا يدير ويدبر أقتصاد مصر ويعبر بها سنوات القحط والغلاء قال له مشيريه { فَالآنَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلاً بَصِيراً وَحَكِيماً وَيَجْعَلْهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ} (تك 41 : 33) فاجاب الملك قائلا { فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: "هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هَذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ؟"} (تك 41 : 38). لقد أختير يوسف كمدبر لأقتصاد مصر وكان ناجحا متميزا لان الرب كان معه وهو كشاب تميز فى غربته بالعفة والأمانة ورفض الشر حتى لو تعرض للسجن والظلم ولهذا رفعه الله وأنقذ به مصر وأهله من الجوع. ونحن فى العهد الجديد أخذنا روح التبني والحكمة الذى يهبنا حكمة وفهم ومعرفة ومخافة الرب { رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ } (اش 11 : 2). ويجب علينا أن لا ننقاد وراء شهوات العالم أو نشاكل أهل هذا الدهر بل نكون أقوياء فى الإيمان وننقاد لروح الله ونتمم مقاصده وأرادته فى حياتنا, ونتحكم فى حواسنا ونضبط السنتنا وعيوننا { إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضاً }(يع 3 : 2).
+ الجدية ورفض الشر ... يطوب الكتاب الرجولة الروحية التى ترفض الشر فلا يسلك المؤمنين فى مشورة الأشرار وطرقهم ومشورتهم بل تكون مسرتهم فى كلام الله فتنجح طريقهم ويثمروا ثمر البر فى وقته بعكس الأشرار الذين سريعا ما يتبددوا ويهلكوا { طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَاراً وَلَيْلاً. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ.} مز 1:1-3). فى رجولة روحية يعمل ويجتهد المؤمن فى تواضع ووداعة ويعمل على أستثمار وزناته ووقته وعمله وماله {أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُجْتَهِداً فِي عَمَلِهِ؟ أَمَامَ الْمُلُوكِ يَقِفُ. لاَ يَقِفُ أَمَامَ الرَّعَاعِ!} (ام 22 : 29).
+ الحلم والشجاعة فى روح الصلاة ... من مميزات الرجولة الروحية الحقة الحلم والوداعة والتواضع فى شجاعة وحكمة وقوة ولقد أختار الرب قديما موسي النبي ليقود الشعب عبر الصحراء فى مسيرة طويلة لحلمة ووداعته { وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيماً جِدّاً أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ} (عد 12 : 3). وفى ثبات أما قوي الشر أختار الله نحميا النبي ليرمم اسوار أورشليم والهيكل ووقف نحميا أمام تحدى ألاعداء وطلب من الله أن يقويه ورفض الهروب أو التوقف عن العمل والبناء { لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعاً يُخِيفُونَنَا قَائِلِينَ: قَدِ ارْتَخَتْ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْعَمَلِ فَلاَ يُعْمَلُ. فَالآنَ يَا إِلَهِي شَدِّدْ يَدَيَّ. وَدَخَلْتُ بَيْتَ شَمَعْيَا بْنِ دَلاَيَا بْنِ مَهِيطَبْئِيلَ وَهُوَ مُغْلَقٌ فَقَالَ: لِنَجْتَمِعْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِلَى وَسَطِ الْهَيْكَلِ وَنُقْفِلْ أَبْوَابَ الْهَيْكَلِ لأَنَّهُمْ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ. فِي اللَّيْلِ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ. فَقُلْتُ: أَرَجُلٌ مِثْلِي يَهْرُبُ؟ وَمَنْ مِثْلِي يَدْخُلُ الْهَيْكَلَ فَيَحْيَا! لاَ أَدْخُلُ.} ( نح 9:6-11). ان الله يطلب رجال العمل والصلاة. ولقد عاتب الله قديما الشعب فى زمن السبي لانهم فعلوا الشر وتباعدوا عن الله ووصاياه وطلب منهم حتى ولو رجلاً يرمم الثغرة ويصلي من أجل الشعب ويقوده فلم يجد { وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَاراً وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا, فَلَمْ أَجِدْ!. فَسَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ. أَفْنَيْتُهُمْ بِنَارِ غَضَبِي. جَلَبْتُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ } ( حز 30:22-23). نعمل مع الرب ونخدمه بامانة على وزناته المتنوعة ونقول مع أشعياء النبي {هَئَنَذَا أَرْسِلْنِي} (اش 6 : 8). الرجولة الروحية تعنى الشهامة والوقوف مع الحق والعطاء { فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ وَلاَ نُرْضِيَ أَنْفُسَنَا }(رو 15 : 1). فى رجولة نعمل ولا ننتظر مدح من الناس بل ننتظر المجازاة من الله الذي يعطي كل واحد حسب عمله { فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ }(مت 16 : 27).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق